Skip to main content

الدرس الثامن والستون: حياة الصلاة

عندما ابتدأنا بدراستنا لهذه الدروس العقائدية في تعاليم الكتاب المقدس لاحظنا أن غاية الإنسان الرئيسية هي أن يصل إلى معرفة الله وليمجده تعالى اسمه في الحياة. ورأينا أيضاً أن الوصول إلى هذه الغاية السامية يتوقف على الاعتراف بخطايانا العديدة التي تفصلنا عن الله وتحجبه عن بصرنا الروحي. وكذلك تعلمنا أنه يجب على الإنسان أن يقبل الخلاص الوحيد من الخطايا والآثام بقبوله لطريقة الله للخلاص ألا وهي بواسطة الإيمان بالسيد يسوع المسيح وبعمله الكفاري والفدائي على الصليب. ورأينا أيضاً أنه من المنتظر من الذين اختبروا الخلاص والتحرر من الخطية أن يظهروا حياتهم الجديدة بواسطة الأعمال الصالحة التي تشير إلى أن إيمانهم هو إيمان حقيقي لا خيالي. يعلمنا الكتاب أن طابع الحياة المتجددة والمتحررة المميز هو حياة الشكر والامتنان التي يحياها المؤمنون في حضرة الله. وهذه الحياة تظهر بأعمال الصلاح والخير التي يقوم بها المؤمنون لمجد الله وخير الناس أجمعين.

ولكننا لا نكون قد انتهينا من الكلام عن حياة الشكر والامتنان، عن حياة الخير والصلاح إن اقتصرنا على مواضيع دروسنا السابقة في تعاليم الكتاب المقدس لأنه هناك موضوع ذو أهمية عظمى ألا وهو موضوع: حياة الصلاة التي هي جزء لا يتجزأ من حياة المؤمنين. فالصلاة هي تاج الحياة الروحية وذروة حياة الامتنان والشكر التي يحياها المؤمنون. كما أنه لا يمكننا الكلام عن الخلاص بدون الإيمان هكذا أيضاً لا يمكننا الكلام عن حياة الخالصين إن لم نتكلم عن حياة الصلاة والتعبد لله تعالى.

وهكذا بعد أن انتهينا من دروسنا في وصايا الله نأتي الآن إلى البحث في موضوع حياة الصلاة. ونحن نتضرّع إلى الله تعالى اسمه أن يعطينا بأن نكون من ممارسي الصلاة حسب مفهومها الكتابي، لأن غاياتنا الرئيسية في دراسة تعاليم الكتاب هي أن نكون من العاملين بمشيئة الله ومن العائشين بمقتضى تعاليم كلمته الخلاصية.

عندما نصلي إلى الله نظهر أننا ننظر إليه في جميع احتياجاتنا وننتظر منه العون والنجاة طالبين منه أن يعطينا ما يعدنا به في إنجيله وأن يمكّننا من العيش بمقتضى تعاليم وصاياه وأحكامه. الصلاة هي المحك الذي يبرهن وجود أو عدم وجود إيمان حي في حياتنا، فكما أنه من المستحيل أن يكون هناك إيمان حي إن لم يظهر في أعمال مبنية على ذلك الإيمان هكذا أيضاً من المستحيل أن يكون الإيمان حياً إن لم يكن مقروناً بحياة الصلاة والتضرّع إلى الله خالقنا وفادينا ومجدّدنا.

ونتعلم من الكتاب ومن اختبارات رجال الله المؤمنين الأتقياء أن الصلاة هي ضرورة قصوى لحياة المؤمن: فنحن عندما نعيد إلى ذاكرتنا جميع التعاليم التي وقفنا عليها أثناء دراستنا لمحتويات المعتقدات الكتابية لا بد لنا من الشعور بضرورة الحصول شخصياً على جميع ما يعدنا به الله في إنجيله المقدس. فالمواضيع التي يتكلم عنها الإنجيل هي مواضيع هامة للغاية، إنها تمس صميم الحياة، إنها تتكلم عن الحياة والموت، عن غفران الذنوب، عن الحرية والعبودية، هذه مواضيع تُهم كل إنسان ولاسيما المؤمن. أفمن المعقول إذن أن يبقى المؤمن بدون رغبة في الابتهال لله بأن يهبه باستمرار جميع ما يعدنا به في الإنجيل وبواسطة الروح القدس؟

عندما أفهم كمؤمن بأن الله يضع قوته اللا محدودة في حياتي ويعتني بي اعتناء تاماً وعندما أرى كيف أن مخلّصي السيد المسيح يبقى أميناً إلى النهاية وعندما اختبر عمل الروح القدس في حياتي وهو يجددني ويقويني للعيش في طرق القداسة والطهارة، من المستحيل لي كمؤمن أن أبقى صامتاً ولا أتضرع إلى الله بأن يهبني جميع هذه الأمور العظيمة بصورة دائمة. عندما أطلب من الله يهبني هذه الأمور العظيمة الواردة في الإنجيل أكون ممارساً للصلاة.

وكذلك عندما نعيد إلى ذاكرتنا تعاليم وصايا الله وخلاصه الوصايا ونرى كيف أننا لا نحيا بصورة تامة حسب هذه التعاليم أليس من البديهي لنا كمؤمنين أن نطلب إلى الله ونتوسل إليه بأن يعطينا القوة والمقدرة والرغبة الدائمة لنقوم بإطاعة وصاياه، عندما نطلب من الله القوة والمقدرة ليمكننا من الحياة حسب مشيئته المقدسة وبواسطة روحه القدوس نكون أيضاً ممارسين للصلاة.

وأخيراً نذكر أننا بالإيمان نتحد مع يسوع المسيح ونصبح كرمة واحدة كما علمنا تمجد اسمه في الإنجيل حسب يوحنا فإن صرنا أغصاناً في كرمته وأعضاء في جسده (حسب تعاليم الرسول بولس) من المستحيل لنا ألا نصلي. فالمسيح يسوع هو رئيس حياتنا ومثالنا الأسمى وكما كانت حياته حياة الصلاة والالتجاء إلى الله هكذا هي حياة الذين يسمون باسمه المجيد. فالصلاة إذن هي الجو الروحي الطبيعي الذي يحيا فيه كل مؤمن، فلنصلي دوماً إلى الله ونطلب منه أن يجعلنا عائشين لمجده ولخيرنا الدائمين.

  • عدد الزيارات: 3184