Skip to main content

الدرس الحادي عشر: الإيمان الكتابي

تعلمنا حتى الآن إن الخلاص العظيم الذي أتمه السيد المسيح إنما هو خلاص مجاني وإن الإنسان يحصل عليه بالإيمان. وكذلك رأينا أن التأكد من صحة هذه التعاليم لا يتم بدون الرجوع إلى كلمة الله أي إلى الكتاب المقدس. وتعلمنا أن الإنسان يحتاج إلى تغيير شامل في حياته، تغيير هكذا كبير حتى أن الكتاب يدعوه بالولادة الجديدة أو الثانية أو السماوية. ونظرا لأهمية موضوع الإيمان لابد لنا من معالجته بصورة مطولة.

أول ما يخطر على بالنا عندما نتكلم عن موضوع الخلاص هو كيف يمكن لي أنا الإنسان أن أحصل على هذا الخلاص الذي يقدمه إليَّ الله في إنجيله؟ هل عليَّ القيام بأعمال البطولة أو الحياة حياة التقشف لنيل هذا الخلاص؟ جواب الكلمة الإلهية هو: يحصل الإنسان على الخلاص بواسطة الإيمان بنعمة مخلصنا يسوع المسيح. وهذه هي بعض الشواهد الكتابية التي تَدْعم هذه العقيدة، عقيدة الخلاص المجاني بنعمة السيد المسيح وبواسطة الإيمان:

" فاعملوا لا للطعام الذي يبيد بل للطعام الذي يبقى للحياة الأبدية الذي يعطيه لكم ابن الإنسان، لأن هذا هو الذي ختمه الآب، الله. فقالوا له: ماذا علينا أن نصنع حتى نعمل أعمال الله؟ أجاب يسوع وقال لهم: هذا هو عمل الله: أن تؤمنوا بالذي أرسله هو" (الإنجيل حسب يوحنا 6: 27و 28).

وكتب الرسول بولس عن هذا الموضوع في رسالته إلى أهل أفسس قائلا:

" فإنكم بالنعمة مُخَلصون، بواسطة الإيمان، وهذا ليس منكم، بل هو عطية الله، وليس هو بالأعمال كي لا يفتخر أحد" (2: 8و 9).

وقد قال يوحنا المعمدان لتلاميذه عن هذا الموضوع:

" فمن يؤمن بالابن فله الحياة الأبدية ومن لا يطيع الابن فلن يرى الحياة بل يستقر عليه غضب الله" (الإنجيل حسب يوحنا 3: 36).

ونظرا لأهمية موضوع الإيمان الخلاصي لبد من البحث في تعاليم الكتاب المقدس التي بمجموعها تُعطينا التعريف الكتابي للإيمان أي ذلك الإيمان الذي بواسطته يحصل الإنسان على الخلاص. وهذا هو التعريف الذي نصل إليه والذي سندعمه بآيات كتابية:

" ما هو الإيمان الصحيح الذي يُخلّص الإنسان؟ الإيمان الصحيح هو :

أولا: المعرفة الأكيدة والثابتة والتي بواسطتها أَعُدُّ صحيحا وحقيقيا كل ما أوحاه لنا الله في كتابه المقدس.

ثانيا: الثقة القلبية التي يوجدها فيَّ الروح القدس بواسطة الإنجيل والتي تؤكد لي بصورة شخصية بأن الله يود إعطائي أنا وليس فقط للآخرين غفران خطاياي والبر والسعادة الأبدية، وذلك فقط لنعمة واستحقاقات السيد المسيح له المجد.

المعرفة الحقيقية هي غير كافية كما كتب يعقوب الرسول:

" أنت تؤمن أن الله واحد فَنِعِم ما تفعل، والشياطين يؤمنون أيضا ويرتعدون" (2: 19).

وكون الإيمان الصحيح الخلاصي أكثر من معرفة عقلية نراه من تأملنا في الآيات الكتابية التالية:

" فأجاب يسوع وقال له: طوبى لك يا سمعان بن يونا فإن اللحم والدم لم يكشفا لك هذا، بل أبي الذي في السموات" (الإنجيل حسب متى 16: 17).

وكتب الرسول بولس: " فإني لست أستحي بالإنجيل لأنه قوة الله لخلاص كل من يؤمن، لليهودي أولا ثم لليوناني لأن بر الله معلن فيه بإيمان إلى إيمان، كما هو مكتوب: أما البار بالإيمان فيحيا" ( رومية 1: 16- 17).

وكذلك كتب الرسول في رسالته إلى رومية: " فالإيمان إذن من الخبر والخبر بالمناداة بكلمة المسيح" (10: 17).

وفي رسالته إلى أهل أفسس كتب الرسول عن الخلاص قائلا:

" حتى حين كنا أمواتا بالذنوب أحيانا مع المسيح، فبالنعمة أنتم مُخلصون، وأقامنا معه وأجلسنا معه في علياء السموات في المسيح يسوع، لِيُظْهِر في الدهور الآتية غِنى نعمته الفائق باللطف بنا، في المسيح يسوع" (2: 5- 7).

أما في رسالته إلى غلاطية فإن بولس كتب عن موضوعنا قائلا:

" فإذا علمنا أن الإنسان لا يبرَّر بأعمال الناموس بل بالإيمان بالمسيح يسوع، آمنا نحن أيضا بالمسيح يسوع لكي نبرر بالإيمان بالمسيح، لا بأعمال الناموس، لأنه بأعمال الناموس لا يبرر بشر ما " (2: 16).

ماذا يلزمنا للحصول على ثقة حقيقية بالله وعلى الخلاص الذي أعده للعالم؟ نستخلص من تعاليم الكتاب أنه يكفينا أن نصل إلى معرفة الله معرفة اختبارية كما نجدها في يسوع المسيح الذي يُظهر لنا أن الله هو أبونا السماوي ومنقذنا من الخطية.

" وهذه هي الحياة الأبدية: إن يعرفونك أنت الإله الحقيقي الوحيد ويسوع المسيح الذي أرسله" (الإنجيل حسب يوحنا 17: 3).

والأمور الرئيسية التي يجب علينا أن نؤمن بها هي واردة في كلمة الله المقدسة وقد لُخِّصت في قانون الإيمان. وهذه محتويات هذا القانون المبني على تعاليم الوحي:

" أؤمن بإله واحد آب ضابط الكل الخالق السماء والأرض وكل ما يرى وما لا يرى. وبرب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد، المولود من الآب قبل كل الدهور، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، مساو الآب في الجوهر الذي به كان كل شيء، الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نـزل من السماء وتجسد بالروح القدس ومن مريم العذراء وصار إنسانا وصُلِب أيضا عنا على عهد بيلاطس البنطي تألم وقبر، وقام في اليوم الثالث كما في الكتب، وصعد إلى السماء وجلس عن يمين الآب، وسيأتي بمجد ليدين الأحياء والأموات الذي ليس لملكه انقضاء.

وأؤمن بالروح القدس الرب المحيي المنبثق من الآب والابن الذي هو مع الآب والابن يُسجد له ويُمجد، الناطق بالأنبياء. وأؤمن بكنيسة واحدة مقدسة جامعة ورسولية واعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا وأترجى قيامة الموتى والحياة في الدهر الآتي، آمين".

  • عدد الزيارات: 3601