الفصل السابع: القصاص الأبدي والادعاء بملاشاة الأشرار - تلخيص مختصر لسفر الرؤيا
تلخيص مختصر لسفر الرؤيا
يقول الرب يسوع في (ص 1: 19) ليوحنا "فاكتب (1) ما رأيت" و(2) "ما هو كائن" و(3) "ما هو عتيد أن يكون بعد هذا".
(1) ما رأيت: أي ما رآه يوحنا، أي منظر الرب يسوع كابن الإنسان في وسط السبع المنائر الذهبية – التي هي السبع الكنائس أو الكنيسة في كل تاريخها على الأرض.
(2) ما هو كائن: أي رحلة الكنيسة على الأرض، مصورة في إصحاحي (2، 3) بداية من العصر الرسولي ممثلة في كنيسة أفسس حتى سنة 167م. ثم ممثلة في كنيسة سميرنا أي عصر الاستشهاد من سنة 167 حتى سنة 313م عندما أمر الإمبراطور قسطنطين رفع الاضطهاد. ثم كنيسة برغامس عندما أصبحت الكنيسة متحالفة مع الحكومة. وكان ذلك تمهيداً لظهور ضلالات كثيرة واشهرها بدعة أريوس التي تمس لاهوت المسيح ومجده كالابن الأزلي – وقد تصدى الأمناء لذلك مثل اثناسيوس الرسولي أسقف الإسكندرية الشهير في مجمع نيقية.
ثم كنيسة ثياتيرا التي تمثل العصور الوسطى المظلمة عندما تسلطت البابوية بعنف (مشبهة بالمرأة ايزابل) – وهذا هو الدور الرابع من تاريخ الكنيسة النبوي في سفر الرؤيا. ثم كنيسة ساردس التي بعدما أخذت معرفة الحق الذي نادى به المصلحون أمثال لوثر وزونجلي وكلفن لكنها لم تستفد به وهذا الدور يمثل البروتستانتية حتى مجيء الرب. ثم كنيسة فيلادلفيا التي تمثل النهضة المباركة في أوائل القرن التاسع عشر إذ تأسست جمعية التوراة لنشر الكتاب المقدس بلغات كثيرة وأثمان زهيدة وكذلك نهضة الإرساليات للبلاد الوثنية. وهي الكنيسة الوحيدة التي يمتدحها الرب وأخيراً كنيسة لاودكية التي لا نجد فيها إلا الكبرياء والإدعاء وصورة التقوى بدون قوتها وهي التي تمثل الحالة الحاضرة. ومن هنا نفهم أننا الآن في نهاية تاريخ الكنيسة على الأرض – لكن ليست نهاية العالم.
رأينا أن كنيسة فيلادلفيا هي الكنيسة الوحيدة التي يمتدحها الرب. ومعنى اسمها "المحبة الأخوية". وكما رأينا بدأت بنهضة روحية في أوائل القرن التاسع عشر وأبرزها حركة الأخوة الذين نادوا بمجيء الرب "لأجل المؤمنين" لتغيير الحياء وإقامة الراقدين منهم أي "القيامة الأولى" وملاقاتهم للرب "في الهواء" (1 تسالونيكي 4) وبعد ذلك يتعامل الرب مع شهبه القديم أي اليهود لتتميم مواعيده للآباء (رومية 9 – 11). هذه الكنيسة يقول لها الرب "هنذا قد جعلت أمامك باباً مفتوحاً..." لأنك حفظت كلمتي ولم تنكر اسمي (رؤيا 3: 8) لكن الشيطان الذي منذ أيام الرسل كانت مهمته أنه عندما يفتح الرب باباً فإنه يقاوم ذلك، كما قال الرسول بولس "لقد انفتح لي باب عظيم فعّال ويوجد معاندون كثيرون" (1 كورنثوس 16: 9) وفعلاً لقد أقام الشيطان معاندين وحركات مضادة وقد أعطانا الرب صفاتهم، وهي عكس صفات الأمناء. صفة الأمناء "حفظت كلمتي ولم تنكر اسمي" أما صفة هؤلاء فهي عدم حفظ كلمة الله بل أضافوا إليها رؤى وإعلانات كاذبة وشوهوا معناها بتفسيراتهم المغلوطة كما حذفوا منها الحق الإلهي الخاص بالرب يسوع ومجده. وأنكروا اسم الرب يسوع إذ قالوا عنه أنه "اشترك في طبيعة بشرية خاطئة مثل كل بني آدم كما قالوا عنه أنه هو "الملاك ميخائيل" – أما صفتهم الثانية التي سبق وأنبأ بها الروح القدس هي "أنهم يقولون أنهم يهود وليسوا يهوداً بل يكذبون" (لأن اليهود هم فقط من كانوا من ذرية يعقوب وينتسبون لأحد أسباط بني اسرائيل الاثني عشر) "بل هم مجمع الشيطان" (رؤيا 3: 9) مجمع الشيطان الذي يجمع كل الجماعات الهرطوقية أمثال – لكن ليس بين كل هذه الجماعات من ينطبق عليه القول "يقولون أنهم يهود وليسوا يهوداً بل يكذبون" إلا جماعة السبتيين الأدفنتست – إذ هم يقولون عن أنفسهم أنهم هم وحدهم المقصودون ب "ال 144000 مختوم من أسباط اسرائيل الاثني عشر المذكورين في سفر الرؤيا (رؤيا 7: 1 – 8) هذا هو اعترافهم في كتابهم (مأساة العصور صفحة 689، 690) علاوة على أنهم يضعون أنفسهم تحت الناموس الذي هو لليهود فقط وليس للأمم، من جهة تحريم بعض الأطعمة وحفظ يوم السبت كما سبقت الإشارة. وهكذا نرى أن هذا الثوب الذي يرتدونه لا يناسب أية جماعة من عشرات الطوائف المسيحية إلا هم فقط موضوع هذا الكتاب – وليس ذلك فقط بل قالوا عن جميع الطوائف المسيحية الذين يقدسون يوم الأحد – يوم الرب – أن يوم الأحد هو "سمة الوحش" المذكور في سفر الرؤيا (ص 13).
رأينا في (ص 2، 3) من سفر الرؤيا رحلة الكنيسة على الأرض كما سبق وأعطى الروح القدس نبوياً تاريخياً لها ونحن الآن في زمن لاودكية أي من نهاية الرحلة – في زمن النهاية – ليس نهاية العالم ولكن نهاية الكنيسة على الأرض وهذا من شأنه أن يجعل المؤمنين الآن أن يرفعوا رؤوسهم لأن الاختطاف عن قريب.
(3) ما هو عتيد أن يكون بعد هذا
هذا ما يقوله بداية من (ص 4) ويصعد يوحنا بالروح إلى السماء ويرى 24 شيخاً جالسين على 24 عرشاً في السماء صورة رمزية لمؤمني العهد الجديد مع مؤمني العهد القديم. ومن هنا نفهم أن الأحياء من مؤمني العهد الجديد قد تغيرت أجسادهم وأقيم الراقدون من مؤمني العهد القديم والعهد الجديد في أجساد ممجدة على صورة جسد مجد المسيح أي أن قيامة الأبرار قد تمت. وهنا يبدأ الأسبوع الأخير من أسابيع دانيال – سبع سنين: نصفها الأول مصور في ستة ختوم هي مبتدأ الأوجاع – تكلم الرب يسوع عنها في (متى 24) قائلاً "سوف تسمعون بحروب وأخبار حروب (مت 24: 6) وكلام الرب يسوع هنا غير موجه للمسيحيين لأن الكنيسة تكون قد اختطفت كما سبق الكلام. ولكن كلامه موجه للذين يؤمنون من اليهود الذين يكونون قد رجعوا إلى أرضهم وسبق الكلام عن رجوعهم وبناء الهيكل. كما أنبأ الرب عن مجاعات وأوبئة وزلازل ال 42 شهراً الأولى – ثم بعد ذلك الضيقة العظيمة (مت 24: 21) مصورة في سبعة أبواق يمهد لها الختم السابع (رؤيا ص 8) – ويعاصرها سبعة جامات غضب تنسكب على الأرض.
(في رؤيا 6) عند فتح الختم الأول نرى حادثاً هاماً بعد اختطاف الكنيسة ألا وهو ظهور الرئيس الروماني زعيم الدول الأوروبية العشر المتحدة تحت زعامته. وهو مصور براكب الفرس الأبيض وقد أعطى إكليلاً ويحرز انتصارات سليمة مثل التي أحرزها هتلر في بداية الحرب العالمية الثانية. لكن بعد ذلك تحدث حروب أهلية (فرس أحمر) تعقبها مجاعات (فرس أسود) ويعقب ذلك أوبئة وموت (فرس أخضر أو باهت) وهذا ما سبق وأنبأ به الرب يسوع وبنفس الترتيب (مت 24) وقد أنبأ الرب يسوع عن استشهاد يهود أتقياء يؤمنون به بعد اختطاف الكنيسة" حينئذ يسلمونكم إلى ضيق ويقتلونكم (مت 24: 9) والذين يقتلون نرى الكلام عنهم عند فتح الختم الخامس (رؤيا 6: 9) .
فبل أن يبدأ النصف الثاني من أسبوع الضيقة والذي تعطى تفاصيله في سفر الرؤيا (إصحاحات 8- 19) نجد في (إصحاح 7) ضماناً يعطى من الله للأمناء الذين يجتازون الضيقة العظيمة. وهو وضع ختم الله على جباه الأمناء من اليهود ويذكر عددهم 12000 من كل سبط من أسباط إسرائيل الاثني عشر وبالطبع هو عدد رمزي ووضع الختم عليهم هو لضمان حفظهم في زمن الضيقة. هؤلاء سوف يضطهدون وسوف يتشتتون مبشرين ببشارة الملكوت (ليس بشارة الإنجيل كما في الوقت الحاضر) أي يخبرون عن المسيح الذي سيأتي ويدين الأحياء ويملك على الأرض. هؤلاء سوف يعولون هؤلاء المبشرين في زمن الاضطهاد والجوع – والذين يقبلون البشارة من الأمم هم المعبّر عنهم بالخراف عن يمين الملك والذين يرفضون البشارة هم المعبّر بالجداء عن يسار الملك في دينونة الأحياء (مت 25: 31 – 46) أما اليهود المبشرون لهم فهم "أخوة الرب الأصاغر" – اليهود المؤمنون هم المعبر عنهم ب ال 144000 مختوم. والأمم المؤمنون الذين فبلوا البشارة هم المعبر عنهم بالجميع الكثير الذي لم يستطع أحد أن يعده من كل الأمم والقبائل والشعوب والألسنة (رؤيا 7: 9 – 17) – والغريقان اليهود والأمم هم فقط الذين يدخلون الملك الألفي بأجسادهم الطبيعية. يأكلون ويشربون ويزوجون ويتزوجون. والجالس على لعرش يحلّ فوقهم. وسوف يعيشون الألف سنة بطولها. وطبعاً سوف تتغير أجسادهم الطبيعية بعد الألف سنة وتصبح أجساداً روحانية. لا يأكلون ولا يشربون ولا يتزوجون بل يكون كملائكة الله.
في الملك الألفي سيكون إسرائيل المؤمن بأسباطه الاثني عشر في أرضه في الحدود من مدخل حماه في الشمال إلى قادش في الجنوب وسيكون سبط دان في أقصى الشمال وسبط جاد في أقصى الجنوب كما في (حزقيال 48: 1 – 29).
أما من يتبقى من المسيحيين بعد اختطاف المؤمنين الحقيقيين (الكنيسة) فهم مسيحيون بالاسم. هم زوان وليسوا حنطة (متى 13: 24 – 30) وسوف يبادون بالضربات في مدة سبع سنوات الضيقة ولن يكون واحد منهم من رعايا الملك الألفي وسوف يقامون في قيامة الدينونة ليسمعوا الحكم بطرحهم في بحيرة النار بداية من (إصحاح 8) من سفر الرؤيا وحتى (ص 19) نجد حوادث ضيقة العظيمة والذي قادنا إلى هذا الإيضاح هو ادّعاء السبتيين الأدفنتست أنهم هم المقصودون وحدهم دون غيرهم ب ال 144000 مختوم {كتابهم مأساة العصور صفحة 666} وواضح أن هذا كذب مكشوف "يقولون أنهم يهود وليسوا يهوداً ل يكذبون" (رؤيا 3: 9) – لأن هؤلاء المختومين على جباههم كما هو واضح من كلمة الله هم إسرائيليون كما شهد يوحنا "وسمعت عدد المختومين مئة وأربعة وأربعين ألفاً مختومين من كل سبط من بني إسرائيل" (رؤيا 7: 4)ثم يذكر الأسماء وحزقيال النبي يحدد حدود كل سبط في أرض الموعد (حزقيال ص 48) – فهل يوجد غموض في هذه الأقوال ؟ هل الله يعطي أقوالاً غامضة لتضليل الناس ؟ أم أن الضلال يأتي من التفسير الشيطاني لأقوال الله الصادقة ؟. أن أساس كل ضلال هو عدم معرفة كلمة الله والاكتفاء بالقشور. كما قال الرب للصدوقين "أليس لهذا تضلّون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله" (مرقس 12: 24). في (ص 11) نرى قياس الهيكل والمذبح والساجدين فيه – والختم والقياس في كلمة الله يفيدان الملكية "يعلم الرب الذين هم له" (2 تيموثاوس 2: 19) – أما الدار التي هي خارج الهيكل (إشارة إلى اليهود المرتدين الذين لا يعترف بهم الرب) فاطرحها ولا تقسها" (رؤ 11: 1، 2).
في تلك الأيام سيقيم الرب شهادة له من الأمناء مرموزا لهم بالشاهدين ورغم أن ظروف الشهادة ستكون صعبة جداً لكن لا بد أن يتمما شهادتهما. ثم يكون آخر عمل شرير للوحش الصاعد من الهاوية أن يصنع معهما حرباً ومع أن الوحش سيغلبهما أي يقتلهما – لكن في الحقيقة أمام الله الذي يموت شهيداً هو الغالب الحقيقي وليس القاتل (رؤيا 15: 2).
في (ص 12) نرى المرأة تصرخ متمخضة ومتوجعة لتلد الابن الذكر العتيد أن يرعى جميع الأمم بعصاً من حديد أي المسيح (مزمور 2: 7 – 12) والمرأة هي الأمة الإسرائيلية التي أعدها لكي يأتي منها المسيح حسب الجسد كما قيل عن اليهود "ومنهم المسيح حسب الجسد" (رومية 9: 5) ومن سبط يهوذا على وجه التحديد (رؤيا 5: 5) والمخاض والأوجاع هي التأديبات التي أوقعها الله على الأمّة لأنه اختارها دون بقية الأمم لكي تكون "خاصته" (خروج 19: 4، 5) ويقول الرب لهم بفم عاموس النبي (ص 3: 2) "إياكم فقط عرفت من جميع قبائل الأرض لذلك أعاقبكم على جميع ذنوبكم" وهنا نرى طرح الشيطان إلى الأرض في منتصف الأسبوع وبه غضب عظيم. وسوف يركّز الشيطان اضطهاده على البقية اليهودية المؤمنة المعبّر عنهم بالقول "ذهب ليصنع حرباً مع باقي نسلها" (ص 12: 7) – وكلمة باقي هي نفسها كلمة "بقية" وهي التي يتكلم عنها بولس الرسول في (رومية 9: 27) "و إشعياء يصرخ من جهة إسرائيل وأن كان عدد بني إسرائيل كرمل البحر فالبقية ستخلص – لأن الأغلبية التي كرمل البحر سترتد وراء نبيهم الكذاب (الوحش الطالع من الأرض) ولكن البقية التي ستخلص ستكون هي إسرائيل الحقيقي التي قيل عنها "وهكذا سيخلص جميع إسرائيل" (رومية 11: 26) ثم يقتبس بولس ما جاء في (إشعياء 1: 9) "لولا أن رب الجنود أبقي لنا بقية صغيرة لصرنا مثل سدوم وشابهنا عمورة" لقد أبيدت سدوم و عمورة وليس لهما بقية.
والعجيب في هؤلاء السبتيين الأدفنتست أنهم يعتبرون أنفسهم أنهم هم المقصودون "بباقي نسلها" (ع 17) {كتابهم مأساة العصور صفحة 636} مع أنه كما سبق الكلام أن هؤلاء يهود وليسوا مسيحيين – أن كل البركات الخاصة بالبقية اليهودية في الأيام الأخيرة نسبوها لأنفسهم لهم وحدهم دون جميع الطوائف المسيحية أي أنهم يصممون على ارتداء هذا الثوب الذي يناسبهم دون غيرهم أي تلك الصفة التي سبق أن أنبأ عنها الوحي النبوي في (رؤيا 3: 9) "يقولون أهم يهود (والحقيقة أنهم ) ليسوا يهوداً بل يكذبون".
في (ص 13) نرى الوحش الطالع من البحر (الأمم ) هو نفسه المعبّر عنه بالقرن الصغير في (دانيال ص 7) رأس الدولة الرومانية في صورتها الأخيرة. والذي سيكون زعيماً للدول الأوربية الغربية العشر المتحدة. وفي نفس الوقت يتحالف مع النبي الكذاب رئيس الدولة اليهودية (الوحش الطالع من الأرض) الذي سيدّعى أنه هو المسيح. ويجلس في هيكل أورشليم بهذه الصفة وسيسجد له كل اليهود غير المؤمنين.
بعد ذلك نرى الدينونات التي ستنصب على العالم الذي يدعي مع الأسف "العالم المسيحي" والذي ليس هو إلا مسيحية مرتدة عن المسيح.
- عدد الزيارات: 10410