الفصل الثالث: الرد على الافتراءات فيما يختص بإنسانية الرب يسوع المسيح
بعد أن استعرضنا أقوال الناس وحكمتهم البشرية، نأتي إلى أقوال الله الصادقة الأمينة بخصوص "تعليم المسيح" كما يقول الرسول بولس عن الكلمة الموحى بها "التي تتكلم بها أيضاً لا بأقوال تعلمها حكمة إنسانية بل بما يعلمه الروح القدس" (1 كو 2: 13) نأتي أولاً إلى شهادة الرسل الثلاثة: بولس وبطرس ويوحنا عن أمجاد الرب يسوع في الناسوت وأن الخطيئة بالنسبة له كانت مستبعدة تماماً. لأن المسيح لم يتخذ الناسوت في حالة الإنحراف البتة بل بحالة فريدة استثنائية غير قابلة للخطأ. وشهادات الرسل تأتي مرتبطة مع عمله الفدائي لأنه لو كان فيه ذرة من الخطية لما أمكن أن يكون فادياً للخطاة. والفداء هو أساس كل البركات التي نالها المؤمنون به.
1- شهادة بولس عن شخص الرب يسوع "أنه لم يعرف خطية" (2 كو 5: 19، 20) "أن الله كان في المسيح مصالحاً العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم وواضعاً فينا (أي الرسل) كلمة المصالحة، إذاً نسعى كسفراء عن المسيح كأن الله يعظ بنا نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله ( وما هو أساس المصالحة؟ ) لأنه جعل الذي لم يعرف خطية خطية (أي ذبيحة خطية) لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه" فلو أن المسيح عرف خطية ما كان أهلاً أن يجعل ذبيحة خطية، وما كان في إمكانه أن يكون مصالحاً للناس مع الله. في الرمز في العهد القديم في سفر اللاويين تكلم عن ذبيحة الخطية وذبيحة الإثم أكثر من كل الذبائح الأخرى وهي التي كانت تقدم عن خطايا الإنسان: يشدد أنها بلا عيب ويذكر أربع مرات أنها "قدس الأقداس" (لاويين 4، 5).
والنتيجة ليست فقط مصالحة الخاطئ مع الله، ولكن هذا الخاطئ بالإيمان يصبح متحداً مع المسيح، يصبح "بر الله في المسيح" ويا لها من نتيجة مباركة.قال الرسول بولس للكورنثيين "ومنه أنتم بالمسيح يسوع أو (به أنتم في المسيح يسوع) الذي صار لنا حكمة من الله وبراً وقداسة وفداء. حتى كما هو مكتوب من افتخر فليفتخر بالرب" (1 كو 1: 30، 31). نحن المؤمنين عند إيمان رفضنا حكمتنا وبرّنا لأن المسيح هو حكمتنا وهو برنا أمام الله. لكن السبتيين يسلبون أمجاد الرب يسع كما يسلبون أفراح المؤمنين بالمسيح كبرّهم أمام الله وليست أعمالهم.
2- شهادة بطرس الرسول عن شخص الرب يسوع "انه لم يفعل خطية" غذ يقول في رسالته الأولى "الذي لم يفعل خطية ولا وجد في فمه مكر... الذي حمل هو في نفسه خطايانا في جسده على الخشبة (الصليب) لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبر (1 بط 2: 22 -24) لأنه لو فعل خطية ما كان في إمكانه أن يحمل خطايانا على خشبة الصليب. ويقول بطرس أيضاً عن دم المسيح كمن هو ثمن فدائنا "عالمين (إذ قد علمتم) أنكم قد أفديتم لا بأشياء تفنى بفضة أو ذهب ... بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس،دم المسيح معروفاً سابقاً قبل تأسيس العالم" (1 بط 1: 18 – 20). كما يقول أيضاً عن المسيح أنه "تألم مرة واحدة (لا تحتاج إلى تكرار) من أجل الخطايا. البار من أجل الأثمة لكي يقربنا إلى الله" (1 بط 3: 18).
إن جميع بني البشر هم الأثمة وهو الوحيد البار. فما أعظم الفرق بينه وبيننا نحن الذين نولد وارثين للخطية ثم نفعلها "هاأنذا بالإثم صورت وبالخطية حبلت بي أمي" (مز 51: 5) لكنه هو الوحيد الذي قيل عنه قبل ولادته "القدوس" (لوقا 1: 35). جميع بني البشر هم المديونون، لا فرق بين مديون بخمسمائة دينار ومديون بخمسين: الاثنان لم يكن لهما مايوفيان (لوقا 7: 41، 42) أما المسيح فهو المداين وهو الذي في سلطانه أن يسامح ويغفر الخطايا لكل من يؤمن على أساس الدم المسفوك. نعم لقد وفّى الدّين كاملاً للعدل الإلهي. "لكي يكون الله باراً (عادلاً) ويبرر من هو من الإيمان بيسوع" (رو 3: 26).
3-شهادة يوحنا الرسول عن شخص الرب يسوع "ليس فيه خطية" إذ يقول "وتعلمون أن ذاك (المسيح) أظهر لكي يرفع خطايانا وليس فيه خطية" (1 يو 3: 5) لأنه لو كان فيه خطية لما أمكن أن يرفع خطايانا.
ما هي الكيفية التي بها دخل ابن الله إلى العالم؟ إن طريقة دخوله كانت بالولادة من مريم العذراء وليس بخليقة خاصة كآدم. كانت ولادته المعجزية موضوع بشارة خاصة لمريم بيد الملاك الذي أعلن لها في عذراويتها "الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك ولذلك أيضاً القدوس المولود منك يدعى ابن الله" (لو 1: 35). لقد كان هو ابن الله قبل ولادته وبعد ولادته. إن كيفية تظليل العلي لمريم لا تدرك والكتاب لم يصفها ومريم نفسها تقول بالروح القدس "إن القدير صنع بي عظائم" لذلك كان ميلاده لا مثيل له في تاريخ البشرية. والآية العظيمة هي أن قدوس الله ولد بلا أثر للخطية من امرأة هي نفسها ولدت بالخطية نظير بني البشر واحتاجت إلى المخلص وقد وجدته وابتهجت به (لو 1: 47) "لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس" (مت 1: 20) فبقوة تأثيره المقدس وتظليله الشامل أبعد كل ظل للخطية وتجنب كل أثر للأثم. وبلغة الرموز كان الدقيق النقي ملتوتاً بالزيت (أي حبل به بالروح القدس) ثم مسكوباً عليه الزيت أي مسح بالروح القدس. فعند معموديته من يوحنا في نهر الأردن انفتحت السماء له وصوت من السموات قائلاً هذا هو ابني الحبيب به سررت. وروح الله نزل من السماء مثل حمامة وأتى عليه. وفي معموديته إشارة إلى موته عن الخطاة الذين يتوبون ومسرة الله به كمن سيقوم بهذا العمل لمجد الله وخلاص التائبين، كما قال "لهذا يحبني الآب لأني أضع نفسي لآخذها أيضاً (أي يضع نفسه بالموت ويأخذها بالقيامة). ليس أحد يأخذها مني بل أضعها أنا من ذاتي (أي يموت بإرادته). لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن آخذها أيضاً هذه الوصية قبلتها من أبي " (يو 10: 17 ،18).
كان معيناً أن يأتي من امرأة (لكي يسحق رأس الحية أي إبليس –تكوين 3) وكان معّيناً أن يُحبل به من الروح القدس. الأمر الذي لم يكنه آدم ولا خلافه هكذا هيأ الله جسداً للابن لكي يكون في الطبيعة الناسوتية هو الوحيد قدوس الله. هذا شيء كان لابد منه وخلافه ما كان يليق بالبن بصفته موضوع مسرة الآب طيلة أيام جسد كالإناء الكامل اللائق لقوة الروح القدس في الخدمة وكذبيحة الخطية في آخر خدمته على الأرض. وما أعظم الفرق بيننا نحن المؤمنين وبينه، نحن الذين حتى عند ولادتنا من الله نُمسح بالروح القدس لكن على أساس دمه الكريم. أما جسده هو فكان هيكل الله بغير حاجة دم.
إن الروح القدس وهو الحارس لمجد الرب يسوع، عند الكلام عن تجسد الرب يسوع يقول "فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضاً كذلك فيهما" (عب 2: 14)وهناك اختلاف واضح بين كلمة "تشارك Partake وفي الأصل اليوناني koinoneo وبين كلمة اشترك took a part وفي الأصل اليوناني meteko أي أنه له المجد أخذ نصيباً في اللحم والدم. عن الرب يسوع ولو أنه تجسّد لكي يموت - لكنه في تجسده يقف فريداً أيضاً. لقد اشترك في اللحم والدم ولم يتشارك – جميع البشر متشاركين على قدم المساواة. وجميع البشر جاءوا إلى العالم ليس بإرادتهم. أما هو فقد جاء إلى العالم بإرادته.وُلد بإرادته ومات بإرادته كما سبقت الإشارة (يوحنا 10: 17، 18) عند معموديته يقول متى البشير "وإذا السموات قد انفتحت له" (مت 13: 16) ، the heavens were opened to him.and Io وإذا and Io معناها انتبه أيها القارئ لمن انفتحت السموات؟ إن السموات لم تنفتح لإنسان ما تكريماً إلا هو فقط. والروح القدس نزل عليه وصوت من السموات قائلاً "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" تنبيهاً للجميع أن هذا الشخص يختلف عن باقي البشر الخطاة. فإنه هو "البار" الوحيد ابن الله.
وبخلاف الشهادة له عند العمودية هناك شهادة أخرى عن نتيجة التجربة من إبليس. لقد أصعده الروح القدس إلى البرية لكي يجرّب من إبليس. كان ينبغي أن يجرّب من إبليس كما جرّب دم في جنة عدن. لكن الرب يسوع جُرّب في ظروف قاسية بعكس الظروف التي كان آدم محاطاً بها. لم يكن آدم جائعاً عندما كسر الوصية وأكل من الشجرة التي منعه الله من الأكل منها امتحاناً لطاعته وكان له أن يأكل من ثمر شجر الجنة. أما الرب يسوع فقد أصعده الروح إلى البرية المقفرة وكان صائماً وجائعاً، نلاحظ أن الله هو الذي أصعده لكي يجرّب من إبليس. كان ينبغي أن الله يعطي برهاناً لنا إن رجل مشوراته المعيّن أن يقدم ذبيحة عن ذنب البشر لا يمكن أن يهزم لأنه قدوس وأنه الوحيد الذي يغلب المجرب. وقد غلبه بكلمة الله. كان انتصاره على الشيطان أكيداً، وذلك لأنه لم يكن للشيطان في المسيح شيء كما قال له المجد "رئيس هذا لعالم يأتي وليس له فيّ شيء" (يو 14: 30). ليس فقط لا يمكن أن يهزم بل ويستحيل أن يخطئ. من أجل ذلك "قد أُظهر لكي يرفع خطايانا وليس فيه خطية" (1يو 3: 5) ليس فقط لكي "يحملها" كما سبقت الإشارة (1بط 2: 24) بل لكي يرفعها. لقد أتمّ الأمرين بعملية واحدة إتماماً كاملاً. هذه العملية استغرقت ثلاث ساعات فيها أظلمت الشمس عندما كان ابن الله على الصليب لكي يكفّر عن خطايانا. في نهاية الساعات الثلاث صرخ تلك الصرخة الرهيبة "إلهي إلهي لماذا تركتني" أي صرخة الكفارة. لم يصرخ عدما دُقت المسامير في يديه ورجليه ولكنه صرخ عندما شب الكأس الرهيبة التي ملأتها خطايانا. لقد شربها كلها بالنيابة عنا ولم يبق لنا شيئاً.
إن حياته هنا على الأرض أي "في أيام جسده" معطاة لنا في الأناجيل الأربعة (شهادة للعالم في أربعة أطراف الأرض). حياته كالإنسان الذي عاش على أرضنا كان مرموزاً إليها في سفر اللاويين بتقدمة الدقيق. والتقدمات في (لاويين2) توصف بأنها قداس أقداس. وفي التقدمة نرى نقاوته وقداسته التي كانت معرضة للتجارب المحرقة كإنسان هنا على الأرض بكيفية تختلف عن كل إنسان آخر. والتقدمة التي تعمل على صاج (لاويين 6: 19-22) تُشير إلى التجارب المحرقة التي أتت على الرب يسوع ليس في السر بل علانية أمام الجميع وكان تأثيرها أن نشرت رائحة البخور العطرة التي ملأت السماء حينئذ. وفي حياته احتمل إهانات البشر وبصفة خاصة ليلة آلامه. احتقر بكل أنواع الاحتقار كما لم يحتقر انسان من قبل. كانت النار تستعر فيه على مرأى من الناس. لكن في تجاربه سطع نور سماوي. نعم كان ينبغي أن يختبر هما على الأرض قبل أن يقدم قرباناً وذبيحة لله رائحة طيبة. وفي الأناجيل الأربعة نرى الذبائح الأربع. في يوحنا نرى المحرقة التي فيها شبع قلب الله الآب "الكأس التي أعطاني الآب ألا أشربها" (يو 18: 11) وفي انجيلي متى ومرقس نرى ذبيحة الإثم وذبيحة الخطية "إلهي إلهي لماذا تركتني" وفي لوقا نرى ذبيحة السلامة (قارن لو 15: 23). إن الروح القدس يضع أسواراً عالية وحراسة مشددة حول ناسوت الرب يسوع لئلا تمتهن كرامته بسبب اتضاعه وصيرورته انساناً. لذلك حتى في الرمز مشدّداً أن الذبيحة تكون "بلا عيب" ففي ذبيحة الخطية وذبيحة الإثم اللتين تصوران لنا المسيح كمن حمل خطايانا يقول عنها "إنها قدس الأقداس" (لاويين 6: 17، 25) وعن المحرقة يقول "فللرضا عنكم يكون ذكراً صحيحاً من البقر أو الغنم أو المعز، كل ما كان فيه عيب لا تقربوه لأنه لا يكون للرضا عنكم" (لاويين 22: 19، 20) لأن المحرقة تعلن لنا سرور الله في المسيح كمن قدّم نفسه لمجد الله وفي قبول ذبيحة المسيح قبول المؤمنين به الذين أصبحوا متحدين معه. ونشكر الله لأننا نحن المؤمنين صرنا مقبولين أمام الله وقد رضي الله عنا ليس بسبب صلاح فينا ولكن بسبب إيماننا بالمسيح كما جاء في رسالة أفسس أن الله أنعم علينا في المحبوب (أف 1: 6) أي جعلنا مقبولين مرضياً عنا لأننا "في المسيح".
كان هو الذبيحة الحقيقية التي كل الذبائح لم تكن إلا رمزاً له. وكان هو الكاهن الحقيقي وكان هرون رمزاً له. وعن صفته كرئيس كهنة يشهد الروح القدس قائلاً "لأنه كان يليق بنا رئيس كهنة مثل هذا قدوس بلا شر ولا دنس قد انفصل عن الخطاة وصار أعلى من السموات... فإن الناموس يقيم أناساً بهم ضعف رؤساء كهنة وأما كلمة القسم التي بعد الناموس فتقيم ابناً مكملاً إلى الأبد" (عب 7: 26 – 28).
في الإصحاح الأول من رسالة كولوسي يتكلم الروح القدس عن مجد الرب يسوع في الخليقة "فإنه فيه قد خلق الكل (أي بمقتضى سلطانه) ما في السموات وما على الأرض، ما يرى وما لا يرى (كل الأشياء كبيرها وصغيرها) سواء كان عروشاً أم سيادات أم رياسات أم سلاطين. الكل به (أي بواسطته) وله (أي لأجل مجده) قد خلق ... وفيه يقوم الكل" (كو 1: 16) لقد تكلم في (ع 14) عن مجده في الفداء "الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا" ثم في (ع 19) "لأنه فيه سر أن يحل كل الملء" كان هو الله منذ الأزل ولما تجسد حل فيه كل ملء اللاهوت جسدياً ولا يزال يحل فيه إلى الأبد. نلاحظ أن الفعل يحل dwells هو في صيغة المضارع الذي يفيد الاستمرار. نعم إن الملء الإلهي حل في جسد مهيأ له. كامل وقدوس وغير قابل للخطأ. وقال عنه "هيأت لي جسداً" وذلك عند دخوله إلى العالم، ليكون الذبيحة التي بها يتمجد الله، "لأنه لا يمكن أن دم ثيران وتيوس يرفع خطايا. لذلك عند دخوله إلى العالم يقول: ذبيحة وقرباناً لم ترد لكن هيأت لي جسداً" (عب 10: 5) جسد مهيأ بقوة الروح القدس بلا ذرة من الخطية (لوقا 1: 35).
هذه الأقوال وغيرها كثير هي بمثابة الامتحان الأول لأجل الأرواح التي تكلم عنها يوحنا الرسول في رسالته (1 يو 4: 1) "أيها الأحباء لا تصدقوا كل روح بل امتحنوا الرواح هل هي من الله لأن الأنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم. ومن الأقوال السابقة يتضح كذب أقوال السبتيين عن المسيح "أنه لبس طبيعة بشرية خاطئة مثل كل أبناء آدم" (كتاب يسوع وانتظار الإنسانية صفحة 54، وكتاب "الكتاب يتكلم" صفحة 197)
وكما جدفوا على شخصه المعبود يجدفون وينكرون "كمال كفارته على الصليب" وهنا ننتقل إلى النقطة الثانية من تعليمهم بخصوص الكفارة.
متى تمت الكفارة لخطايا المؤمنين؟
كانت بداية السبتيين تفسيراً مضللاً عن نبوة دانيال (ص8: 14) كما سبقت الإشارة في الفصل الأول. والأساس المضلل بنوا عليه تعليماً تجديفياً به ينكرون كمال كفارة المسيح التي تمت على الصليب. قالوا أنه في سنة 1844 حدث حادثٌ سماوي دُعى "تطهير القدس" (كتاب اعترافات الإيمان فقرة 13، وكتاب مأساة العصور صفحة 364).
أما ما هو هذا الحادث الذي حدث سنة 1844 وقد أخفاه الرب هذه ال 1800 سنة عن المؤمنين ولم يعلنه للرسل المؤسسين أمثال بطرس ويوحنا وبولس، مع أن الرب قال للتلاميذ في ليلة آلامه "لا أعود أسميكم عبيداً لأن العبد لا يعلم ما يعمل سيده لكني سميتكم أحباء لأني أعلمتكم بكل ما سمعته من أبي" (يوحنا 15: 15) ولكن كما سبقت الإشارة، أن الأنبياء الكذبة يعطون أقوالاً غامضة قالوا "أن المسيح خلا الثمانية عشر قرناً كان يمارس رسالته في المكان الأول من القدس ... ونتيجة لذلك توضع بالإيمان خطايا كل اللذين يتوبون عن المخلص وذلك في القدس السماوي، لذلك يجب تطهير القدس السماوي تطهيراً حقيقياً بإبعاد الخطايا المسجلة فيه" (كتاب مأساة العصور صفحة 413).
ويفهم من ذلك حسب اعتقادهم أن الكفارة لم تتم على الصليب وهذا ما قاله صريحاً أحدهم الذي قال "أن الكفارة أو المصالحة لم تتم كاملاً على الصليب لأن موت المسيح والكفارة ليسا هما شيئاً واحداً !! وأن المسيح لم ينجز عمل الكفارة كاملاً حين أراق دمه على الصليب" (إريان سميث في كتابه عن " القدس" صفحة 181).
أليس هذا شيئاً عجيباً فما الذي عمل المسيح في الصليب وما الذي لم يعمله إن لم يكن عمله كاملاً ؟ وهو الذي قيل عنه "بعدما صنع بنفسه تطهيراً لخطايانا جلس في يمين العظمة في الأعالي" جلوسه عبد اليمين برهان كمال تطهير خطايا المؤمنين (عب 1: 3) كما جاء في نفس الرسالة (ص 10:12) "بعدما قدّم عن الخطايا ذبيحة واحدة جلس إلى الأبد عن يمين الله". في عمل المسيح على الصليب قد أُبعدت جميع خطايا المؤمنين على مدى العصور – أُبعدت إلى الأبد – وذلك بعكس الكاهن في العهد القديم الذي يقوم كل يوم يخدم ويقدم مراراً كثيرة تلك الذبائح عينها التي لا تستطيع البتة أن تنزع الخطية. ولم يكن للكاهن في العهد القديم كرسي يجلس عليه. على نقيض ذلك كان الأمر مع المسيح الذي بعدما قدم ذبيحة واحدة (ذبيحة نفسه) من أجل الخطايا جلس. لقد قدّم الذبيحة وانتهى الأمر لكن السبتيين يقولون كلا ! إن الكفارة في الصليب لم تكن كاملة لكن "ليكن الله صادقاً وكل إنسان كاذباً" !.
وما هو أردأ من ذلك أن "مسز هوايت" نبية السبتيين في تفسيرها لما جاء في سفر اللاويين (أصحاح 16) تقول عن "تيس عزازيل" أنه رمز للشيطان وتقول في كتابها (مأساة العصور صفحة 713) "حين يرفع رئيس الكهنة بقوة دم الذبيحة الخطايا عن القدس كان يضعها على التيس المرسل (تيس عزازيل) هكذا يسوع باستحقاق دمه سيبعد خطايا شعبه من القدس السماوي في نهاية خدمته وسيضعها على الشيطان، الذي سيحمل القصاص الأخير". هذا ما يعلّم به السبتيون، يعلّمون تعليماً تجديفياً مفاده أن الشيطان في النهاية سيصبح ذبيحة كفارية عن الخطايا. فهل يوجد تجديف أفظع من هذا ؟ لكن هذا ما سبق وأنبأ به الروح القدس "لكن الروح يقول صريحاً أنه في الأزمنة الأخيرة يرتد قوم عن الإيمان تابعين أرواحاً مضلة وتعليم شياطين" (1 تى 4: 1).
- عدد الزيارات: 4012