Skip to main content

الفصل السادس: بدعة رقاد النفوس بعد الموت والخلود المشروط

الصفحة 1 من 3

في عام 1856 حدث انشقاق في صفوف السبتيين فانفصلت جماعة لقبوا أنفسهم الأدفنتست المسيحيين يعتقدون برقاد نفوس الأموات الأشرار والأبرار (في حالة عدم وعي أو شعور) ويعتقدون بالخلود المشروط وهاتان العقيدتان نادى بهما شخص يدعى "جورج ستورز" (1796 – 1879) وقد قوبل ادخالهما بمعارضة شديدة من رائد السبتيين "ملر" الذي كان يؤمن بوجود العذاب الأبدي رؤيا "حيرام إدسون" فيما يختص بتربة القدس سنة 1844 وافقت على كل آراء "جورج ستورز" بخصوص رقاد نفوس الأموات كما وافقت على فكرة ملاشاة الأشرار. واضطر ملر الذي وجد نفسه أمام شخصية أقوى من شخصيته أن يسلم لما تقوله النبية كما سبق وسلم لها نفسه فيما يختص بحفظ السبت. إنهم بحسب ظنهم يؤيدون اعتقاداتهم "بالمكتوب" كما حدث عندما جرب الشيطان الرب يسوع أجابه بقوله "مكتوب أيضاً". إن أقوال الكتاب المقدس لا تفهم على وجهها الصحيح إلا في مكانها وطبقاً لقرينتها. لأن الروح القدس لن يكون متعارضاً مع كلماته. كما قال الرسول عن الأقوال الموحى بها "التي نتكلم بها أيضاً لا بأقوال (بكلمات) "not in words" تعلمها حكمة إنسانية بل بما يعلمه الروح القدس قارنين الروحيات بالروحيات" (1 كو 2: 13) لكن المبتدعين عادة يستعملون "كلمات معزولة" يستخدمونها بعيداً عن قرينتها لتثبيت مبادىء لا تمت إليها بأية صلة. وبذلك يضعون الأقوال التي علّم بها الروح القدس موضع التعارض مع الروح القدس الذي علّم بها.

ومثال ذلك لتأييد هرطقاتهم أن أقوال الكتاب المقدس لا تؤخذ بحرفيتها "لأن الحرف يقتل" (2 كو 3: 6). إن هذا التفكير يجعل النصوص الكتابية تعني أي شيء يوافق هوى المفسر ومزاجه. وما يجدر ملاحظته أن الرسول نفسه الذي يشهد عن "كلماته" بأنها من تعليم الروح القدس، هو ذاته الذي يخبرنا أن الحرف يقتل وإذا لم نأخذ هذا النص منعزلاً فإن القرينة تدلنا أن الحرف يقتل وإذا لم نأخذ هذا النص منعزلاً فإن القرينة تدلنا على معناه الصحيح. نجد هذا النص مع القرينة السابقة (ع 5) هكذا "ليس أننا كفاة من أنفسنا إن نفتكر شيئاً كأنه من أنفسنا بل كفايتنا من الله جعلنا كفاة لأن نكون خدام عهد جديد لا الحرف بل الروح. لأن الحرف يقتل ولكن الروح يحيي".

إن الرسول كان يتكلم عن خدمة الناموس التي هي خدمة موت منقوشة بأحرف في حجارة معطاة لبني اسرائيل على يدي موسى وواضح أن ما يقصده الرسول هو أن الناموس (الحرف) يقتل. لأن خدمة الناموس هي خدمة موت. وفي هذا يقول الرسول في مكان آخر "لما جاءت الوصية (الناموس) عاشت الخطية فمت أنا" (رومية 7: 9). أما خدمة الإنجيل فهي "خدمة البر" أي أنه يقدم البر لا أن يطالب به. وهكذا كان الإنجيل حياة للنفوس وليس موتاً.

ورقاد النفس بدعة هرطوقية سببها انكار أن الإنسان ذو كيان ثلاثي "روح ونفس وجسد" ويعتبرون أن الجسد هو كل الإنسان لكن كثيرين ممن يسلمون بوجود النفس بعد الموت لا يسلمون بوعيها ويتمسكون بما يسمونه "رقاد النفس" مع أن الكتاب المقدس لا يذكر على الإطلاق ما يسمى "رقاد النفس" وكل ما يذكره الكتاب هو رقاد الجسد. ولأجل ذلك سنرى ماذا يقول الكتاب:

الإنسان كائن ثلاثي: روح ونفس وجسد

هذا ما تقوله كلمة الله في العهد القديم والعهد الجديد. وتذكر الثلاثة معاً في عدد واحد (1تس 5:23) " وإله السلام نفسه يقدسكم بالتمام ولتحفظ روحكم ونفسكم وجسدكم كاملة بلا لوم ..."وواضح أن طلبة الرسول لأجل المؤمنين هو لأجل تقديس كل واحد منهم بجملته (أو كلية) لله، أن تقديس الإنسان كله معناه حفظ "الروح و النفس والجسد" بلا أمام الله. وفي هذا الترتيب تأتي الروح أولاً ثم النفس وهي حلقة الاتصال بين الروح والجسد .ومن هنا كما في فصول أخرى نفهم أن الروح الإنسانية هي الجزء الأسمى في الإنسان ، وهي التي جعلت الإنسان إنساناً مميزاً عن الخلائق الأدنى غير العاقلة لأنها نفخة القدير " لكن في الناس روحاً ونسمة القدير تعقلهم " (أيوب32: 8) فالروح الإنسانية هي التي جعلت الإنسان في علاقة مع الله. فمن ناحية جعل الله الإنسان سيداً على الخليقة الأدنى كممثل لله ومن ناحية أخرى مسؤولاً أمام الله لأجل طاعته وعبادته. فإنه بواسطة الروح يُعبد الله. كما قال بولس في (رو 9:1 ).

لكن الهراطقة مثل شهود يهوه السبتيين بعضهم يعتبر أن جسد الإنسان هو كل الإنسان وبعضهم يعتبر أن الإنسان هو نفس وجسد فقط مثل الحيوان أي أنهم يسقطون من الإنسان ما جعله إنساناً وأعني به الروح . ولكن إذا كانت الروح هي التي جعلته إنساناً فلماذا يقال " صار آدم نفساً حيةً " (تك 7:2 ) ولا يقال " صار روحاً "؟ السبب هو أن الملائكة أرواح عاقلة فتمييزاً للإنسان عن الملائكة يقال عنه أنه " نفس حية " ولكنه هو أكثر من ذلك إذ هو يتميّز عن الحيوان بالروح التي تعقل . والإنسان وهو على قيد الحياة يسمى "نفساً " كما قيل في (أع 14:7 )" فأرسل يوسف واستدعى أباه يعقوب وجميع عشيرته خمسة وسبعين نفساً" لكن في حالة انفصال الروح عن الجسد بالموت فالتعبير عن الإنسان هو أنه "روح " كما قيل عن قديسي العهد القديم الذين رقدوا أنهم "أرواح أبرار مكملين" ( عب 23:12 ) كما قال الرسول بطرس عن الناس الأشرار الذين هلكوا بدينونة الطوفان، أنه قبل الطوفان جاهد معهم الروح القدس بواسطة كرازة نوح لكن بسبب عصيانهم هم الآن " أرواح في السجن " أي في هاوية العذاب مقر أرواح الأشرار (ا بط 19:3).

وظائف النفس والروح
الصفحة
  • عدد الزيارات: 12408