الأصحاح الثامن والعشرون
إن ذوي الضمائر المثقلة بالإثم؟ هم أكثر الناس جبناً؟ تفزعهم أفكارهم ويخافون من الظل. والعدد الأول يتحدث عنهم في مفارقة بينهم وبين الصديقين.
1. الشرير يهرب ولا طارد أما الصديقون فكشبل ثبيت.
الخطية تجعل الناس في رعب دائم؟ لكن شعور القديس بأنه يسعى لإرضاء الله ويسلك بالبر قدامه وقدام الناس؟ يوحي بالثقة المقدسة والشجاعة غير الطبيعية. فما من أسد كان أشجع في مقاومة أعدائه؟ من أولئك الرجال والنساء الضعفاء؟ وهم يواجهون الاستشهاد من أجل المسيح. قارن أليشع وجيش الأراميين (2مل6: 8-17 و7: 6؟7).
2. لمعصية أرض تكثر رؤساؤها. لكن بذي فهم ومعرفة تدوم.
أعتقد أن المعصية هنا هي التمرد ضد السلطات الشرعية. فإذا رفض شعب ما أن يعترف بأن السلطات الكائنة هي مرتبة من الله؟ فهو عرضة للحركات الشريرة التي يقوم بها الزعماء؟ كل منهم يغار من الآخر. ومن هنا يكثر رؤساؤهم لاستمرار تغيرهم. ولكن؟ بالمباينة مع حالة الفوضى هذه؟ كم هو سعيد الشعب الذي يحكمه متسلط حكيم ذو فهم؟ أمضى في كرسي الحكم زمناً مديداً. والواقع أنه لن يتقدم شعب أو مملكة؟ وهو معرّض لتغيرات كثيرة في السلطة التنفيذية. ولنا مثال في حالة يهوذا بعد سبي صدقيا؟ كما في معظم تواريخ القضاة.
2. الرجل الفقير الذي يظلم فقراء هو مطر جارف لا يُبقي طعاماً.
إن بعض الفقراء الذين لا ذكر لهم؟ حين يرقون إلى مراكز عالية؟ معرضون لأن يكونوا قساة على الطبقة التي خرجوا منها. وأقسى من الأشخاص الذين ولدوا في بيئة أخرى. فهم يكونون مجردين من العطف والشفقة؟ يشبهون المطر الجارف الذي بدلاً من أن يساعد الزرع على النضوج فإنه يكتسح كل البذور ولا يبقي طعاماً. وذلك هو الذي جعل العشارين في أيام سيدنا مكروهين من المواطنين. فمع أنهم كانوا من الجنس المختار؟ وأبغضتهم السلطة الرومانية واحتقرتهم؟ ومع ذلك كانوا يخدمونها ويستخدمون مراكزهم لمضايقة مواطنيهم. انظر زكا واعترافه بأنه لم يكن يتصرف طبقاً للعرف المصطلح عليه (لو8: 19).
4. تاركو الشريعة يمدحون الأشرار وحافظو الشريعة يخاصمونهم. 5. الناس الأشرار لا يفهمون الحق وطالبو الرب يفهمون كل شيء.
طبيعي أن الناس الذين يتركون الشريعة يمتدحون الذين يسلكون في ذات مسلكهم الملتوي. وحيث تجد إنساناً يبرر الظلم في الآخرين فاعلم أن ضميره قلق من جهة طرقه. أما السالكون بالاستقامة فهم قادرون على توبيخ من لا يتمثلون بهم. ذلك أن بين حناياهم حالة أدبية تمكنهم من وزن الأمور وزناً صحيحاً. إن الناس الأشرار عميان عن العدالة الحقة بسبب إثم حياتهم. أما الذين يجعلون الرب أمامهم في كل حين والذين يتدربون على مراعاة مجده؟ فلهم القدرة على فهم كل شيء؟ أي كل ما له صلة باستقامة الحياة وصواب الحكم. انظر 1يوحنا2: 20؟27.
6. الفقير السالك باستقامة خير من معوج الطرق وهو غني.
إن الفقير الأمين يجد عزاء في تقدير الله له؟ إذ هو في عينيه تعالى؟ أفضل من الغني المعوج. صحيح أن الفقر تجربة قاسية وغالباً ما تقترن بالألم؟ لكنه لا يعادل شقاء الغني الفاسد الذي يزرع الريح ليحصد العاصفة. قارن الغني ولعازر (لو16: 19-31).
7. الحافظ الشريعة هو ابن فهيم وصاحب المسرفين يخجل أباه.
إنه فرح لا يقدَّر حقاً؟ ذلك الذي يجده أب يباركه الرب بابن أمين يسعى لحفظ وصايا الله وخدمة الناس النافعة من أجل الرب. هو بذلك يظهر فطنة صحيحة. أما أبو الصبي العنيد الذي يتخير أصدقاءه من بين المسرفين؟ فإنه يخجل من مسلك ابنه الشرير. وما أغنى النعمة التي حملت الأب في لو 15 على أن يخرج ويلاقي مثل هذا الابن «إذ كان لم يزل بعيداً» إنها صورة غالية للفرح الذي يملأ قلب الآب في الأعالي؟ حينما يرجع إليه ضال مسكين؟ طالما جلب العار على الله الذي أوجده. وذلك بحياته الخاطئة البائسة.
8. المكثر ماله بالربا والمرابحة فلمن يرحم الفقراء يجمعه.
إن الاغتصاب والطمع؟ كلاهما كريه في نظر الله. وتشغيل الأموال بالربا؟ والمطالبة بفوائد مرتفعة تقصم الظهر؟ عملية قد تبدو حسنة ومربحة في عيني من لا مبدأ له؟ غير أن كنـزاً محصلاً بهذه الوسيلة لن ينفع أصحابه؟ فإنهم يؤخذون في نصف أيامهم ويتركونه ويعطى للذين يرحمون الفقراء. انظر يعقوب1: 5-6؟ إر17: 11.
9. من يحوِّل أذنه عن سماع الشريعة فصلاته أيضاً مكرهة.
إن الله لم يَعِد قط بسماع الصلاة إذا كان القلب ليس مستقيماً أمامه. وها هو المرنم يقول «إن راعيت إثماً في قلبي لا يستمع لي الرب» (مز66: 18). والعدد الذي أمامنا يؤيد هذه الحقيقة الخطيرة. فباطلاً يتوقع الإنسان استجابة صلاته إذا كان يرفض الطاعة لما كتبه الله لتعليمنا. فقد أعلن مشيئته المقدسة في كلمته؟ وفيها كل ما هو ضروري لتعليم المؤمن في البر. وإذا كانت النفس تخشاه خشية حقيقية؟ فإن كلمته يكون لها الوزن الصحيح. والمؤمن الخاضع يرتب خطواته بحسبها. وإذ تكون الحال هكذا؟ فإن الصلاة تكون مقبولة وتنال جواباً حاضراً. ولكن رفض الكلمة أو احتقارها؟ يجعل الصلاة مكرهة عند الرب. اقرأ رسالة حزقيال لشيوخ إسرائيل الذين جاءوا ليسألوا الرب (حز20: 1-3).
10. من يضل المستقيمين في طريق رديئة ففي حفرته يسقط هو. أما الكملة فيمتلكون خيراً.
راجع 26: 27. إن المحاولة العمدية لتحويل خطوات الصديقين عن طريق الاستقامة؟ تجلب السخط الإلهي بصورة خطيرة. ومرة قال الرب يسوع «من أعثر أحد هؤلاء الصغار المؤمنين بي فخير له أن يعلق في عنقه حجر الرحى ويغرق في لجة البحر» (مت18: 6). وما أشنع إثم القلب حينما يحاول الإنسان أن يدبر عامداً كل حيلة لتحويل غيره عن الطاعة لصوت الرب. ومع ذلك فكثيرون أعثروا غيرهم؟ ومن ثم فإنهم عرفوا واختبروا سخط الإله القدوس الذي يهب خيرات للكاملين؟ ولكنه يقضي بالدينونة على مَنْ يحاول تضليلهم. وقد كان بلعام مجرماً من هذا النوع؟ وكان قضاؤه محققاً كاسحاً (عد31: 16؟ رؤ14: 2).
11. الرجل الغني حكيم في عيني نفسه والفقير الفهيم يفحصه.
إن الثروة غالباً ما تدعو إلى الكبرياء والغرور (راجع الفقرة الأولى من ص10: 15). ذلك أنها توحي لصاحبها بقدر من الإحساس بالطمأنينة والاستقلال عن الله؟ وعن بيئته؟ الأمر الذي يخرب النفس غير المتضعة. لكن الفهم أكثر قيمة من المقتنيات. وذو الفهم؟ ولو كان فقيراً؟ أرقى من جاره الجاهل العائش في بحبوحة الحياة. فليس العظماء ولا الأغنياء ولا الأقوياء ولا الشرفاء هم الذين اختارهم الله. بل «فقراء هذا العالم أغنياء في الإيمان» (1كو 1: 26-28).
12. إذا فرح الصديقون عظم الفخر وعند قيام الأشرار تختفي الناس.
راجع ص11: 10؟ 29: 2؟ ع28 من هذا الأصحاح. إذا انتصر الصديقون يكون فرح وفخر عظيم؟ ذلك أن نصرة الصديقين توحي بالغبطة والثقة في صدور الناس الذين يعنون باستقرار الدولة ورخائها. أما إذا تسلط الأشرار فهناك الخوف والقلق؟ الأمر الذي يجعل الأشخاص الجديرين بالثقة يخفون أنفسهم حتى لا يكونوا هدفاً للكراهية والعداء السياسي.
ولقد طال على الناس أنينهم وانتظارهم لنصرة البار الذي يسير الفخر الكثير في ركب ملكوته يوم تتبارك الأرض كلها. وإلى أن يأتي ذلك الوقت؟ فلابد لهذا العالم من أن يخضع للثورات والارتباكات؟ وذلك بسبب رفض الملك الحقيقي. في مُلْك شاول الردىء صورة للوقت الحاضر؟ وفي مُلْك داود وسليمان صورة جميلة؟ ولو باهتة ضئيلة لمُلْك المسيح المجيد.
13. من يكتم خطاياه لا ينجح ومن يقرّ بها ويتركها يُرحَم.
إن محاولة الإنسان كتم خطيته ومعصيته؟ هي غلطة كبيرة وخطيرة. على أن الناس ينفرون من الاعتراف الصريح بحالتهم وتصرفاتهم. ويبدو أنه من الطبيعي للإنسان الساقط (منذ محاولة أبوينا إخفاء عريهما خلف مآزر أوراق التين) أن يحاول إخفاء عاره؟ ظناً منه أن ذلك يجنبه نتائج خطاياه. غير أن كلمة الله تعلن هذه الحقيقة بوضوح؟ وهي أن من يبرر نفسه؟ سيدينه الله في النهاية. أما الذي يقف إلى جانب الله ويدين نفسه؟ فهو الذي يتبرر من كل شيء.
أما الاعتراف؟ فهو الوسيلة المرتبة من الله لضمان راحة الضمير. ونقصد الاعتراف لله؟ وليس الاعتراف لوسيط بشري. ومكتوب «إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم» (1يو1: 9). والأساس هو كفارة ربنا يسوع المسيح؟ لأنه في غنى نعمته حمل خطايانا على الصليب وسفك دمه الكريم لينـزع الخطية. ولذلك يستطيع الله أن يكون باراً ويبرر من هو من الإيمان (رو26: 3).
وليس معنى الاعتراف الإقرار العمومي بأن الحياة مليئة بالخطايا والآثام؟ إقراراً يُقصَد به راحة النفس وتهدئتها؟ فإن الاعتراف الصحيح المخلص ينطوي على التوبة الحقيقية والحكم على الذات ومن هنا يقول الحكيم «من يقرّ بها ويتركها يُرحَم». والشخص التائب لا يعود يتمسك بالسلسلة التي تقيده أو يتعلق بها؟ بل يتوق إلى الخلاص منها نهائياً. فهو يأتي إلى الله بنفس معترفة اعترافاً صادقاً بطرقه غير المقدسة وأفكاره وأقواله؟ طالباً نعمة للكفّ عنها والسلوك باستقامة قدام الرب. على أنه لا يقدر أن يفعل ذلك من نفسه؟ وإنما إذا اعتمد في إيمان بسيط على عمل المسيح الذي أُكمل على الصليب؟ وسلّم ذاته لله كإنسان حيّ الآن ومقام مع المسيح؟ عندئذ فقط يستطيع أن يتسامى على خطاياه التي لطخت حياته في الماضي. وفي داود صورة كريمة للتغيير الذي يطرأ على الإنسان حين يكف عن إخفاء خطاياه وكتمانها؟ ويخرج إلى نور حضرة الله معترفاً بها قدامه. ومثل هذا الشخص هو وحده الذي يعرف غبطة غفران الإثم وستر الخطايا؟ مغنياً «طوبى للذي غُفِرَ إثمه وسترت خطيته؟ طوبى لرجل لا يحسب له الرب خطية ولا في روحه غش» (مز32: 1).
وحينما يحاول الإنسان أن يستر ويكتم خطيته فهو إنما يضاعف بنود القائمة المرعبة؟ لأنه يأبى أن يخضع للوصية الصادرة لجميع الناس في كل مكان أن يتوبوا (أع17: 30). ولكن حين يستر الله الخطية؟ فهو يسترها بالتمام وينساها إلى الأبد.
14. طوبى للإنسان المتقي دائماَ. أما المقسي قلبه فيسقط في الشر.
راجع ص23: 17. هذا العدد لاحق بالضبط للعدد السابق. فالقديس المغفور الإثم؟ والذي يُسرّ بمعرفة غفران خطاياه؟ صارت عليه مسئولية أن يعمل ويسلك في خوف وتقوى الله. أما الشخص الذي يعيش بلا تفكير وبلا صلاة؟ الذي يهمل كلمة الله؟ أو يقسي قلبه ضد التأديب مصراً على طريقه الخاصة؟ فإنه يسقط في مشقة وحزن لأن «من يحبه الرب يؤدبه».
لكن المتقي دائماً ينجو من الغرور والثقة في الذات. إنه يسير طبقاً لمشيئة الله المعلَنة. وإذ هو لا يخشى الدينونة فيما بعد؟ فإنه يخشى أن يحزن روح الله الذي فيه؟ أو يهين اسم ذاك الذي يسره أن يعترف به مخلصاً ورباً. وهذا الخوف النافع هو الذي حفظ يوسف حينما تعرض لتجربة كان يمكن أن تغلب شخصاً واثقاً في ذاته (تك39: 9).
15. أسد زائر ودب ثائر المتسلط الشرير على شعب فقير. 16. رئيس ناقص الفهم وكثير المظالم. مبغض الرشوة تطول أيامه.
راجع ع12. إن المتسلط الشرير هو الذي لا يعترف بسلطة الله العليا التي أعطته أن يشغل هذا المركز الجليل. وهو لا يعنى إلا بإشباع نـزعاته؟ كما فعل آخاب يوم امتلك ظلماً كرم نابوت (1مل21). وإذ هو يظلم الفقير؟ ويعوِّج القضاء؟ فإن رئيساً مثل هذا يشبه وحشاً مفترساً انطلق من مكمنه إلى أماكن العمران. وإذ ينقصه الفهم؟ فإنه لا يقدر أن يعرف أن ضمان عرشه مرتبط برخاء رعايا ملكه. ومن هنا تراه يجري الحكم بيد ثقيلة؟ فتتجنبه كل القلوب وتبعد عنه. إن الطمع والرغبة في تعظيم الذات هي منشأ هذا الخُلق. والشخص الذي يكره أن تسيطر عليه هذه العواطف الشريرة يكفل استقرار بيته وتطول أيامه.
17. الرجل المثقل بدم نفس يهرب إلى الجب لا يمسكنه أحد.
إن الإحساس بجريمة إهلاك أو إتلاف شخص برئ؟ عبء ثقيل على الضمير؟ يدفع صاحبه إلى الانتحار. وهكذا الحال بوجه خاص مع إسرائيل. فإن القاتل الذي لا يجد مدينة ملجأ يهرب إليها؟ يفضل أن يقتل نفسه؟ على أن يلاقيه ولي الدم. وفي يهوذا الخائن الشقي صورة لهذا العدد (مت27: 3-5).
18. السالك بالكمال يخلص والملتوي في طريقين يسقط في إحداهما.
ليس المقصود هنا خلاص النفس من الدينونة. فالسلوك بالاستقامة لن يمحو الخطية الماضية؟ ولن يبرر صاحبه أمام الله. إنما المقصود هو النجاة اليومية من الفشل والخطية مع ما يتبعهما من أوجاع وأحزان. فالقديس الذي يتمسك بالرب بعزم القلب؟ والسالك بالكمال قدامه؟ يخلص من متاعب كثيرة. ومن يرفض توبيخ وتقويم كلمة الله ويسلك بالاستقلال في كبرياء قلبه يسقط فجأة. وانحرافه يؤدي إلى كارثة غير متوقعة. وكم من قديس جاز هذا الاختبار. ولكن بالأسف؟ ما أبطأنا في التعلم؟ سواء مما أعلنه الله؟ أو من سقطات الآخرين. وبين الأنبياء نرى دانيال ويونان على طرفي نقيض لتصوير هذه الثنائية.
19. المشتغل بأرضه يشبع خبزاً وتابع البطالين يشبع فقراً.
راجع ع 7 وص12: 11. إن الاجتهاد يشبع صاحبه بما هو ضروري ولازم لبنائه؟ وبغباوة الآخر وإهماله يشبع ويلات ويفتقر؟ بينما يثرى قريبه. وليس الحظ أو الصدفة سبب نجاح الواحد وخيبة الآخر. إنما الفارق هو بين المثابر على أداء الواجب؟ وبين تابع البطالين التافهين المجردين من كل قيد. ومن حولنا نرى هذين الصنفين من الناس.
ونحن نراهما أيضاً في الدائرة الروحية. فهذان شابان يعترفان بالمسيح. أحدهما ينفصل عن العالم منذ يوم تعرفه على الرب؟ العالم بكل صوره المختلفة؟ ويكرِّس حياته للاشتغال والتفليح في حقول كتابه المقدس؟ والنتيجة هي نموه في النعمة والمعرفة؟ وشبع نفسه. وإذ يشبع خيراً يكون له أن يعطي من له احتياج. أما الآخر وله نفس الفرص؟ فإنه يساير العالم وتبع صحابته البطالة؟ ويهمل الكتاب ويتضور جوعاً روحياً؟ وأخيراً تتحطم تلمذته؟ ولا يفكر في شيء لله. ومن هنا ينشأ الشك الخطير في أنه شخص حصل على الخلاص. والناس تأخذهم الدهشة إزاء الفارق بين الاثنين. لكن لا يتحيّر إنسان الله الذي يلاحظ المسلكين. إن الشخص (النصف عالمي) لا يمكن تطويره إلى شخص مثل تيموثاوس. لكن الشاب الأمين الحازم؟ هو الذي يصبح قوة في يد الله وتشبع نفسه بالخير.
20. الرجل الأمين كثير البركات والمستعجل إلى الغنى لا يُبرأ.
انظر ص4: 23؟ 22: 1؟16؟ 27: 24. ليس من المحتمل أن يجمع الرجل الأمين ثروة ضخمة في عالم كهذا إنما هو غنى في الكنـز السماوي؟ وله فيض من البركات حتى في الناحية الزمنية؟ لأن من يعمل لله يستطيع أن يثق بأن الله يعمل له. أما إذا كان الحصول على الغنى هو هدف حياة الإنسان؟ فإنه لن يبرأ حين يُطلب منه أن يقدم حساباً عن أساليبه وتصرفاته الكاذبة. إن خطط الكذب والخديعة قد تبدو ناجحة ومنتصرة على المثابرة الرصينة؟ لكن العاقبة تثبت قيمة الأمانة وتفاهة الكذب والخداع. فالغنى العاجل هو في الغالب دليل على الظلم في ناحية ما؟ والمسيحي الحقيقي ينفر من مسلك كهذا. فإن الفقر نسبياً مع الاحتفاظ بالضمير الصالح؟ أفضل من التعجل وراء الثروة وفقدان التمتع بالشركة مع الله. انظر رسالة إشعياء إلى الرأسماليين في أيامه؟ الذين بلا ضمير؟ والذين كانوا يعرفون عن نظام الائتمان ما يعرفه محبو المال في أيامنا؟ فيما له صلة بمنافعهم (إش 5: 8-10). راجع أيضاً ع22 من هذا الأصحاح.
21. محاباة الوجوه ليست صالحة فيذنب الإنسان لأجل كسرة خبز.
راجع ص18: 5. إن من يحابي الوجود خائن ولا مبدأ له؟ لأنه لا ينظر إلا لمكسبه؟ ويدوس أهداف العدالة لأتفه الأمور؟ ما دام ذلك لصالحه ولأجل «فتات من الخبز» كانت البنات الكاذبات بين شتات الإسرائيليين يحابين الوجوه في رسائلهن؟ لذلك قيل لحزقيال أن يتنبأ عليهن (حز13: 17-23).
22. ذو العين الشريرة يعجل إلى الغنى ولا يعلم أن الفقر يأتيه.
راجع ع20؟ ص20: 21. العين الشريرة؟ هي العين الطماعة؟ وهي دليل على القلب الطماع. ومثل هذا الإنسان المستعجل نحو الغنى؟ ينسى النكبات التي من المحقق أن تأتيه طبقاً لسياسة الله العادلة. تأمل ميخا6: 12 ومتى19: 23؟34.
23. من يوبخ إنساناً يجد أخيراً نعمة أكثر من المطري باللسان.
راجع ص19: 25؟ 20: 19؟ 26: 28؟ 27: 6. إن المطري قد يرضي من يطريه إلى لحظة؟ لكن الأمين في التوبيخ؟ له قيمة أعظم إذا تفكر الإنسان؟ فليس من الإشفاق أن تشعر أخاك بأن أخطاءه غير ظاهرة؟ وتتركه مطمئناً وهو يعمل الخطأ. ولكن القديس الذي يذهب إلى أخيه فاعل الشر؟ يحمل في ذهابه إليه خوف الله؟ وهو يقصد لفت نظره إلى طرقه غير المقدسة. قد يثير الغضب والسخط في بادئ الأمر؟ لكن الوقت والضمير يقفان في جانبه؟ فإنه يجد نعمة أكثر من ذاك. لقد استطاع بطرس أن يكتب «أخونا الحبيب بولس» بعد التجربة التي اجتازها في أنطاكية (2بط3: 15).
24. السالب أباه أو أمه وهو يقول لا بأس فهو رفيق لرجل مخرِّب.
راجع ص19: 3و26. إن الشاب الذي ينفق كل شيء على نفسه؟ مدعياً أن له الحق في ممتلكات والديه؟ أو أنه غير مسئول عن العناية بهما؟ ويعلن في جرأة أنه بريء من المعصية؟ هو كالمجرم تماماً الذي يخرب ما للآخرين. ولقد كان الفريسيون في تدينهم يكسرون وينقضون حرف وروح هذه الكلمة عن طريق شريعة قربانهم (مر7: 11).
25. المنتفخ النفس يهيّج الخصام والمتكل على الرب يسمَّن. 26. المتكل على قلبه هو جاهل والسالك بحكمة هو ينجو.
راجع ص13: 10؟ 18: 12. إن المنتفخ النفس يهيج الخصومة؟ إذ هو متصلف؟ فإنه يعادي أشخاصاً يُعتمد عليهم أكثر منه؟ ولن يدعهم في طمأنينة ما لم ينفذ طريقه. وفي كبريائه لم يتعلم أنه لا ثقة في الجسد. وبروحه المتصلبة وطرقه المتعسفة يخلق أذى كبيراً بين شعب الله. وهو عكس الشخص الذي تعلم من ذاك الوديع والمتواضع القلب؟ ويبرز في حياته أنه شخص روحي مكَرَس للرب. هو وحده الذي يعرف القلب البشري ولا يثق فيه مطلقاً (إر17: 9؟10). إن الشخص السالك بالتواضع؟ يسلك بالحكمة وينجو من كل الشراك. انظر تقدير الرب للقلب البشري (يو2: 23؟25).
27. من يعطي الفقير لا يحتاج ولمن يحجب عنه عينيه لعنات كثيرة.
راجع ع8؟ 14: 21؟ 21: 13. من علامات تدخل العناية الإلهية في شئون الناس؟ أن من يشفق على المحتاج لن يكون خاسراً؟ بينما الذي يرفض أن يرثي لحالهم المحزنة؟ ويدخر كل مقتنياته لنفسه؟ يجدها سبب حزن وتنهد في آخر الأمر. والله يجعل ذاته؟ تعالى؟ مسئولاً أن يرد بسخاء للمحسن كل ما بذله للفقير. فقد ترك الفقراء في هذا العالم ليكونوا امتحاناً لأولئك الذين هم في ظروف أفضل. على رأس المحسن بركة؟ وإنما لعنة على الإنسان الذي لا يفكر إلا في تمتعاته؟ ويترك الآخرين يعانون ويقاسون العوز الذي في إمكانه أن يخلصهم منه؟ لو أن له قلباً يفكر فيهم. انظر الرئيس الشاب الغني (لو18: 18-27)؟ وقارن معه ص11: 25.
28. عند قيام الأشرار تختبئ الناس. وبهلاكهم يكثر الصديقون.
راجع ع12. حينما يتبوأ عرش الحكم أناس أشرار؟ تكون الحياة والمقتنيات غير مأمونة؟ ويسعى رجال السلام والهدوء إلى الاختباء؟ خشية ظهورهم علناً؟ ولكن حينما يتحطم الأشرار؟ يكثر المستقيمون في كل مكان؟ مطمئنين إلى سلامة عائلاتهم وممتلكاتهم. انظر حالة الإسرائيليين في أيام سيادة الفلسطينيين؟ وحالتهم حينما قهر يوناثان مقاوميهم الأشرار (1صم13: 6 و14: 22).
- عدد الزيارات: 3881