Skip to main content

الفصل الحادي عشر - الملك المتعظم - الوحش الطالع من البحر

الصفحة 5 من 6: الوحش الطالع من البحر

الوحش الطالع من البحر

"ويفعل الملك كإرادته ويرتفع ويتعظم على كل إله ويتكلم بأمور عجيبة على إله الآلهة وينجح إلى إتمام الغضب لأن المقضي به يجري، ولا يبالي بآلهة آبائه ولا بشهوة النساء وبكل إله لا يبالي لأنه يتعظم على الكل. ويكرم إله الحصون في مكانه وإلهاً لم تعرفه آباؤه يكرمه بالذهب والفضة وبالحجارة الكريمة والنفائس. ويفعل في الحصون الحصينة بإله غريب. من يعرفه يزيده مجداً ويسلطهم على كثيرين ويقسم الأرض أجرة" (دانيال 11: 35 - 39).

تنتقل النبوة من الحديث عن أنتيوخوس أبيفانس إلى الحديث عن الملك المتعظم.. هذا الملك يوصف بهذه الصفات:

/1/- إنه ملك أوتوقراطي "يفعل الملك كإرادته" عدد 36

/2/- إنه ملك متعظم على كل إله عدد 36

/3/- إنه ملك مجدف على الله عدد 36

/4/- إنه ملك ناجح في إتمام هدفه "ينجح في إتمام الغضب" عدد 36

/5/- إنه ملك لا يبالي بآلهة آبائه عدد 37

/6/- إنه ملك لا يبالي بشهوة النساء عدد 37

/7/- إنه ملك يكرم إله الحصون وإله لم تعرفه آباؤه عدد 38

لم تنطبق هذه الأوصاف على أنتيوخوس أبيفانس، ولكنها تنطبق على الحاكم العالمي القديم، الوحش الطالع من البحر، إنسان الخطية، الأثيم. (2 تسالونيكي 2: 3 - 11)

وقبل أن نستطرد في الحديث عن هذا الملك الأوتوقراطي القادم، علينا أن نميز بين الوحش الطالع من البحر الحاكم العالمي القادم، وبين الوحش الطالع من الأرض النبي الكذاب.

الوحش الطلع من البحر (رؤيا 13: 1 - 8) سيكون أممياً، بينما الوحش الطالع من الأرض سيكون يهودياً، لأنه سيكون نبياً كذاباً واليهود لن يقبلوا نبياً ليس من وسطهم (رؤيا 13: 11 - 17)

الوحش الطالع من البحر سيكون ملكاً سياسياً.

الوحش الطالع من الأرض سيكون قائداً روحياً... فهو الذي سيقوم بالترويج للوحش الطالع من البحر والمناداة به إلهاً (رؤيا 13: 12 - 15). وسيكون الوحش الطالع من الأرض "النبي الكذاب" (رؤيا 19: 20) من سبط دان كما قال يعقوب في نبوته "يكون دان حية على الطريق أفعواناً على السبيل" (تكوين 49: 17) ويسميه يوحنا ضد المسيح. (1 يوحنا 4: 3)

وحديث نبوة دانيال خاص بالوحش الطالع من البحر، وبالحاكم العالمي القادم، وهي نبوة ستتم بحرفيتها في وقت الضيقة العظيمة، وهذا واضح من الكلمات "وفي ذلك الوقت يقوم ميخائيل الرئيس العظيم القائم لبني شعبك ويكون زمان ضيق لم يكن منذ كانت أمة إلى ذلك الوقت" (دانيال 12: 1).

فالوقت الذي سيظهر فيه هذا الملك الأوتوقراطي المتعظم هو زمان الضيق العظيم.. وخلال هذا الزمان سيظهر ذلك الملك وسينتهي.

يصفه دانيال بقوله "ويفعل الملك كإرادته ويرتفع ويتعظم على كل إله..."

هو إذاً "نبوخذ نصر" آخر سيتمتع بحكم أوتوقراطي، ويفعل كإرادته بلا دستور، أو برلمان، أو قوة قضائية رادعة.

"ويرتفع ويتعظم على كل إله ويتكلم بأمور عجيبة على إله الآلهة وينجح في إتمام الغضب لأن المقضي به يجري" (دانيال 11: 36)

وكلمات النبوة هنا تنطبق تماماً على كلمات النبوة في سفر الرؤيا كما تنطبق على كلمات النبوة التي سجلها بولس في رسالته الثانية للتسالونيكيين.. وبهذا نعرف أن الملك الذي تحدث عنه دانيال، هو نفسه الوحش الطالع من البحر الذي تحدث عنه يوحنا، وهو نفسه إنسان الخطية الأثيم الذي تحدث عنه بولس. [اقرأ رؤيا 13: 1 – 8 و2 تسالونيكي 2: 3 - 12].

والآن تعال معي لنقرأ كلمات يوحنا في سفر الرؤيا.

"ثم وقفت على رمل البحر. فرأيت وحشاً طالعاً من البحر له سبعة رؤوس وعشرة قرون وعلى قرونه عشرة تيجان وعلى رؤوسه اسم تجديف. والوحش الذي رأيته كان شبه نمر وقوائمه كقوائم دب وفمه كفم أسد وأعطاه التنين قدرته وعرشه وسلطاناً عظيماً... وأعطى فماً يتكلم بعظائم وتجاديف وأعطى سلطاناً أن يفعل اثنين وأربعين شهراً. ففتح فمه بالتجديف على الله ليجدف على اسمه وعلى مسكنه وعلى الساكنين في السماء. وأعطى أن يصنع حرباً مع القديسين ويغلبهم وأعطى سلطاناً على كل قبيلة ولسام أمة. فسيسجد له جميع الساكنين على الأرض الذين ليست أسماؤهم مكتوبة منذ تأسيس العالم في سفر حياة الخروف الذي ذبح" (رؤيا 13: 1 - 8).

هنا نرى أنه كما أن "الملك المتعظم" في دانيال "يتعظم على كل إله ويتكلم بأمور عجيبة على إله الآلهة" أي يتكلم بعظائم وتجاديف على الله.. هكذا الوحش الطالع من البحر "فتح فمه بالتجديف على الله وعلى اسمه".

وكما أن الملك المتعظم في دانيال سينجح إلى إتمام الغضب، أي إلى الوقت المحدد من الله للضيقة العظيمة، كذلك الوحش الطالع من البحر "أعطى سلطاناً أن يفعل اثنين وأربعين شهراً" وهو الوقت المحدد للأوجاع الرهيبة في فترة الضيقة.

"ولا يبالي بآلهة آبائه ولا بشهوة النساء وبكل إله لا يبالي لأنه يتعظم على الكل" (دانيال 11: 37).

من عبارة "ولا يبالي بآلهة آبائه" نرى أن هذا الملك ليس يهودياً بل أممياً كان آباؤه يؤمنون بآلهة كثيرة.. لأن اليهود لا يؤمنون إلا بإله واحد "اسمع يا إسرائيل. الرب إلهنا رب واحد" (تثنية 6: 4).

وعبارة "شهوة النساء" أعطيت لها عدة مفاهيم. قال بعض المفسرين أن كل امرأة إسرائيلية كانت أن يولد منها المسيح "مشتهى كل الأمم" (حجي 2: 7) وهذا الملك المتعظم لا يبالي بالمسيح. وقال آخرون أن "شهوة النساء" كانت الإله تموز معبود النساء كما نقرأ في حزقيال "وقال لي بعد تعود تنظر رجاسات أعظم هم عاملوها. فجاء بي إلى مدخل باب بيت الرب الذي من جهة الشمال وإذا هناك نسوة جالسات يبكين على تموز" (حزقيال 8: 13 و 14) وقال آخرون أن "شهوة النساء" هي الحب كما قال داود وهو يرثي يوناثان "محبتك لي أعجب من محبة النساء" (2صموئيل 1: 26) وقال آخرون أن "شهوة النساء" هي الشهوة الجنسية كما نقرأ في أشعياء "شهوتك وجدت لذلك لم تضعفي" (أشعياء 57: 10).

وفي اعتقادي أن هذه العبارة تصور هذا الملك المتعظم خال من كل عواطف الحب الإنساني الطبيعي وهو "بكل إله لا يبالي" فهو لا يعبأ بأي إله مهما كان "لأنه يتعظم على الكل".

وتعظمه على الكل يأتي بنا إلى نبوة بولس الرسول في رسالته الثانية إلى التسالونيكيين، فقد كتب بولس يقول:

"ثم نسألكم أيها الأخوة من جهة ربنا يسوع المسيح واجتماعنا إليه. أن لا تتزعزعوا سريعاً عن ذهنكم ولا ترتاعوا لا بروح ولا بكلمة ولا برسالة كأنها منا أي أن يوم المسيح قد حضر. لا يخدعنكم أحد على طريقة ما. لأنه لا يأتي إن لم يأت الارتداد أولاً ويستعلن إنسان الخطية ابن الهلاك. المقاوم والمرتفع على كل ما يدعى إلهاً أو معبوداً حتى أنه يجلس في هيكل الله كإله مظهراً نفسه أنه إله" (2 تسالونيكي 2: 1 - 4).

"ويكرم الله الحصون في مكانه وإلهاً لم تعرفه آباؤه يكرمه بالذهب والفضة وبالحجارة الكريمة والنفائس" (دانيال 11: 38).

بينما هذا الملك المتعظم "بكل إله لا يبالي" عدد 37، نقرأ عنه هنا "يكرم إله الحصون".. وفي اعتقادنا أن إله الحصون هنا هو إله الحرب ليس "مارس" إله الحرب.. بل الحرب باعتبارها الإله الذي يؤمن به.. الحرب التي مركزها الحصون، والقوة العسكرية.

"وإله لم تعرفه آباؤه يكرمه بالذهب والفضة".. من هو هذا الإله الذي لم تعرفه آباؤه؟ أن هذا الحاكم المستبد لا يبالي بالآلهة فكيف يكرم هذا الإله الذي لم تعرفه آباؤه بالذهب والفضة؟ هل هذا الإله هو إله الحرب الذي وضع عند قدميه كل ميزانية دولته؟ أو هو إله من ابتكار عقله المريض؟!

إن هذا الملك المتعظم أوجد إلهاً لم تعرفه آباؤه، ليس من آلهة المصريين، ولا من آلهة اليونان، ولا من آلهة الرومان... وكم من أناس صنعوا لأنفسهم آلهة من الجنس، أو المال، أو السلطة.. أما هذا الملك فهو سيكرم إلهاً لم تعرفه آباؤه. وهنا يجدر بنا أن نلاحظ أن الإنسان لا يمكن أن يعيش بغير إله، فإما أن يتعبد الله الحي الحقيقي الذي يحرره من الخطية ويجدد قلبه بروحه، ويطهر حياته بدم المسيح الكريم، وإما أن يتعبد لإله من صنعه، إله يبتكره من خياله المريض... والإنسان بإيمانه في أي إله تجد لديه الاستعداد في إكرام هذا الإله بالذهب والفضة وبالحجارة الكريمة والنفائس (خروج 32: 2 و 3).

"ويفعل في الحصون الحصينة بإله غريب. من يعرفه يزيده مجداً ويسلطهم على كثيرين ويقسم الأرض أجرة" (دانيال 11: 39).

باعتناقه الحرب عقيدة وإلهاً يقوم الملك المتعظم بالسيطرة على الحصون. ومن يقف إلى جواره ويعرفه ويعترف بإلهه يزيده مجداً، ويضعه في مركز السلطة على جزء من مملكته، لأنه "يقسم الأرض أجرة".

لقد بدا واضحاً أن هذا الملك المتعظم سيتصف حكمه بالمادية، والقوة العسكرية، وعبادة الإله الغريب. وهنا تظهر الحكومة العالمية الموحدة تحت سلطته.

الشرق الأوسط في وقت النهاية
الصفحة
  • عدد الزيارات: 24391