الفصل الثامن - الملك الجافي الوجه - مدة الألفين وثلاث مئة صباح ومساء
مدة الألفين وثلاث مئة صباح ومساء
"فسمعت قدوساً واحداً يتكلم فقال قدوس واحد لفلان المتكلم إلى متى الرؤيا من جهة المحرقة الدائمة ومعصية الخراب لبذل الجند والقدس مدوسين. فقال لي إلى ألفين وثلاث مئة صباح فيتبرأ القدس" (دانيال 8: 13- 14\\\9\ز
تنتقل الرؤيا الآن من الصور المرئية إلى الأصوات المسموعة. فقد سمع دانيال "قدوساَ واحداَ يتكلم"، هذا القدوس هو ملاك من الملائكة القديسين (اقرأ متى 25: 31)، ونحن نجد حديثاً مماثلاً في سفر زكريا "فأجاب ملاك الرب وقال. يا رب الجنود إلى متى أنت لا ترحم أورشليم ومدن يهوذا التي غضبت عليها هذا السبعين سنة" (زكريا 1: 12). تكلم هذا الملاك وإذا بملاك آخر يسأله عن الزمن الذي تستغرقه حوادث الرؤيا، وإبطال المحرقة الدائمة، ودياسة جند الرب؟
وقد رد الملاك لا على الملاك الذي سأله بل على دانيال قائلاً "إلى ألفين وثلاث مئة صباح ومساء فيتبرأ القدس" (دانيال 8: 14). هذه هي المدة التي حددتها النبوة لاضطهاد انطيوخوس ابيفانس للشعب القديم وحرمانه من عبادة إلهه.
كثيرون من المفسرين تخبطوا في شرحهم في هذه المدة. فقال بعضهم إن ال 2300 صباح ومساء هي 2300 سنة باعتبار أن اليوم سنة. وهؤلاء المفسرون حاولوا أ يربطوا نبوة دانيال من وقت وجوده بالأيام الأخيرة التي تسبق المجيء الثاني للمسيح.
لكن الكلمة العبرية لهذه الحقبة الزمنية تحرسنا من الوقوع في هذا الخطأ إذ ترينا أن المدة هي أيام حرفية فهي حرفياً 2300 صباح ومساء وهي بالقطع تشير إلى المدة التي توقفت خلالها المحروقات التي كانت تقدم على المذبح كل صباح ومساء يومياً في العبادة الطقسية اليهودية.
وهذه المدة ألفان وثلاث مئة صباح ومساء هي مدة اضطهاد انطيوخوس ابيفانس للشعب القديم، وقد أعطى انطيوخوس لنفسه اسم ابيفانس الذي معناه "المجيد" وقد استمر الاضطهاد من سنة 171 قبل المسيح إلى سنة 165 قبل الميلاد. وانتهت مدة الاضطهاد بثورة اليهود التي قادها كاهن شيخ اسمه ماتاسياس . وقد صار أولاد ماتاسياس القادة العسكريين لهذا التمرد ولاسيما يهوذا الذي لقب باسم يهوذا المكابى ومعناه "المطرقة"، وقد عرف إتباع يهوذا المكابى في التاريخ باسم المكابيين.
في سنة 165 ق.م. طرد يهوذا المكابى الغزاة الوثنيين، وطهر الهيكل، واحتفل بهذا الحادث بتأسيس عيد التجديد لذكراه، وهو العيد المذكور في زمن العهد الجديد خلال مدة خدمة ربنا يسوع المسيح على الأرض (يوحنا 10: 22).
ولقد مات انطيوخوس ابيفانس بمرض خطير جاء كعقاب من الله وتمت فيه كلمة النبوة " وبلا يد ينكسر" (دانيال 8: 25).
لقد أطلق بعض المفسرين على انطيوخوس ابيفانس اسم "الدكتاتور العالمي للعهد القديم" وذلك لتشابه أفعال وتصرفاته لأفعال وتصرفات الدكتاتور القادم المذكور في (رؤيا 13: 1- 8). ولكن علينا أن لا نخلط بين الشخصيتين.
- عدد الزيارات: 28944