الفصل الثالث - الرجال الذين قالوا للملك "لا" - الزائر السماوي
الزائر السماوي
"حينئذ تحير نبوخذ نصر الملك وقام مسرعاً فأجاب وقال لمشيريه ألم نلق ثلاثة رجال موثقين في وسط النار. فأجابوا وقالوا للملك صحيح أيها الملك. أجاب وقال ها أنا ناظر أربعة رجال محلولين يتمشون في وسط النار وما بهم ضرر ومنظر الرابع شبيه بابن الآلهة" (دانيال 3: 24- 25).
لهيب النار الذي قتل جبابرة القوة في جيش الملك نبوخذ نصر لم يؤثر في الرجال الثلاثة. والأتون المحمى سبعة أضعاف لم يحرقها.. كل ما فعلته النار أنها أحرقت وثقهم.. وهذا ما يحدث دائماً.. كلما قام اضطهاد نارى على أولاد وبنات الله.. نجد أن الاضطهاد يحرق قيودهم، ويفطمهم عن العالم، ويزيد قربهم من إلههم. فتنتعش الكنائس، ويزداد عدد اجتماعات الصلاة، ويمتلئ المؤمنون بشوق زائد لدراسة كلمة الله.
"ها أنا أربعة رجال محلولين يتمشون في وسط النار وما بهم ضرر ومنظر الرابع شبيه بابن الآلهة" (دانيال 3: 25).
ولكن من هو الرابع شبيه ابن الآلهة؟
في اعتقادنا أن هذا الرابع كان الرب يسوع المسيح في إحدى تجلياته الكثيرة للإنسان قبل تجسده من مريم العذراء. [اقرأ (تكوين 18: 1) و (يشوع 5: 13- 15) و (قضاة 13: 2- 23)].
لقد جاء يتمشى في وسط النار مع الرجال الثلاثة إتماماً لوعده "والآن هكذا يقول الرب خالقك يا يعقوب وجابلك يا إسرائيل. لا تخف لأني فديتك. دعوتك باسمك. أنت لي. إذا اجتزت في المياه فأنا معك وفي الأنهار فلا تغمرك. إذا مشيت في النار فلا تلذع واللهيب لا يحرقك" (أشعياء 43: 1- 2).
وقد يخطر ببالنا السؤال: لماذا لم يخرجهم الرب من النار؟ لماذا تمشى معهم وسط الأتون المتقد؟
والجواب إن الرب لم يخرج الرجال الثلاثة من وسط الأتون وتمشى معهم فيه ليعطى فرصة للملك نبوخذ نصر ليرى مدى قدرته الإلهية في حفظ أولاده، ومدى سلطانه على كل عناصر الطبيعة.
وهم لم يخرج هؤلاء الرجال الثلاثة من النار بل تمشى معهم ليكون له فرصة للحديث معهم.
ترى عن ماذا كلمهم الرب وهم يتمشون معه؟
هل كلمهم عن ميلاده العذراوي لإتمام الفداء؟ أو كلمهم عن مجيئه الثاني لتأسيس ملكوته السعيد؟
يقيناً إن الحديث الذي تحدث به الرب للرجال الثلاثة كان ممتعاً، وإنهم تمنوا أن يطول وجودهم وسط الأتون المتقد بالنار طالما كان الرابع شبيه ابن الآلهة سائراً معهم.
لقد أحرقت النار وثقهم، وأعطتهم فرصة ذهبية للتمتع بالحديث مع إلههم، وبالرفقة مع مخلصهم.
فمرحباً بالاضطهادات .. ومرحباً بالآلام .. مرحباً بالأحزان .. مرحباً بالأتون المحمي سبعة أضعاف مادام ابن الله المبارك يرافقنا وسط ضيقنا وأحزاننا.
- عدد الزيارات: 25454