نداء شخصي من بولس إلى أولاده الغلاطيين (4: 12- 20)
بعدما فرغ الرسول من تعنيفه الغلاطيين انتقل إلى استعطافهم بطريقة اللطف فقال: "أتضرع إليكم أيها الإخوة" وهو أرق ما يكون من التوسل "كونوا كما أنا" متمتعين بنعمة الله في المسيح وحده " لأني أنا أيضاً كما أنتم" أي قد نبذت الامتيازات اليهودية وتنازلت عنها وجعلت نفسي معادلاً للأمم أمام الله. انظر رومية 3: 19 "إنكم لم تظلموني قط" فشكواي ليست شخصية لأني لما كنت بينكم كانت معاملتكم لي خالية من كل شائبة "لا بل تعلمون أني بضعف الجسد بشّرتكم قبلاً" انظر 1 كورنثوس 2: 1- 3 ويظهر أن الإشارة هي إلى مصيبة جسدية. تُرى كيف عامله الغلاطيون في تلك الأحوال؟ قال: "وبليتي التي في جسدي" والتي أشعر أنها تجربة من الشيطان. انظر 2 كو 12: 7 و8 "لم تحتقروها ولا تأففتم منها" كما كان ينتظر طبعاً "بل قبلتموني كملاك من الله مُرسل من قِبل المسيح" بل "كالمسيح يسوع" نفسه. "فأين إذاً اغتباطكم؟" الذي كان ظاهراً عليكم في تلك الأيام السعيدة المباركة حتى أنكم كنتم مستعدين أن تفعلوا كل شيء لأجلي "فإني أشهد لكم أنه لو أمكن لقلعتم عيونكم وأعطيتمونيها"- لعل هذا يدل على أن البلية التي أشار إليها بولس في عينيه- "فهل صرت إذاً عدواً لكم لأني أصْدقكم؟" لأن فاتنيكم قد أثاروا حقدكم عليّ وهم يحاولون اجتذابكم إليهم "إنهم يغارون عليكم لا غيرة حسنة" أي لا لخيركم أو لمجد الله "بل يريدون أن يعزلوكم" عني وعن الكنيسة الروحية "حتى تغاروا عليهم" بانفصالكم عن الآخرين بحيث ينجلي حب هؤلاء لذواتهم. على أنه "حسن أن يُغار عليكم غيرة حسنة في كل حين" وهذا القول يدل على أن غيره بولس لم تكن شخصية "لا وقت حضوري عندكم فقط" أي أنني لا أريد أن أحتازكم كما لا أريد أن يحتازوك هم. انظر 1 كورنثوس 16: 12 "يا أولادي الذين أتمخض بكم ثانية" بعد أن تمخضت بكم عند ولادتكم إلى الحياة الجديدة "إلى أن يتشكل المسيح فيكم" أي إلى أن تنمو حياتكم الروحية إلى شكل المسيح كما ينمو الجنين ويتخذ بالتدريج شكلاً بشرياً (أفسس 4: 13). هذه هي الروح الرعوية الصحيحة. إنها حياة محض مستديم للنفوس سواء كان عند ميلادها أو في أثناء نموها. وهكذا كانت محبة الله في المسيح وقد انجلت في خادمه بولس هنا قد حداه اضطرابه من أجلهم أن يتبع خطة أخرى فلا يدع وسيلة لردهم إلا ويستعملها. إن كتاب الشريعة نفسها يعلّم أن المستقبل هو لموعد النعمة. فقال:
- عدد الزيارات: 1821