Skip to main content

النظامان يمثّلان في قصة سارة وهاجر واسحق وإسماعيل (4: 21- 5: 1)

"قولوا لي أنتم الذين تريدون أن تكونوا تحت الشريعة" مهما يكن من أمر وذلك لشدة محبتكم للعبودية "هل تصغون للشريعة؟" وصوت الشريعة نفسها ضدكم "فإنه مكتوب" في سفر التكوين "أنه كان لإبراهيم ابنان واحد" وهو إسماعيل "من الجارية" هاجر "وآخر" وهو اسحق "من الحرة" أي من سارة "غير أنه إذ كان الذي من الجارية قد وُلد حسب الجسد" أي بالطريقة الطبيعية بطلب سارة لا بأمر الله ولا بإرشاده تعالى "فالذي من الحرة (وُلد) بالموعد" بأمر الله ووعده أي طريقة روحية. "فأمثال هذه" الحقائق الواقعة "رموز" أي أنها تشير إلى مغاز سامية "لأن هاتين الامرأتين هما عهدان" عقدهما الله في زمنين مختلفين "واحد من جبل سيناء" على يد موسى "يلد للعبودية وهو هاجر" ولماذا نقول أن "سيناء" يماثل "هاجر" في تطبيق المثل؟ ذلك "لأن سيناء جبل في بلاد العرب" وهاجر أم إسماعيل هي أم العرب فيجوز إذاً تشبيه هاجر بسيناء مجازاً. وجبل سيناء "يقابل أورشليم الحالية" مدينة اليهود المتعصبين المتمسكين بالشريعة الموسوية "لأنها في العبودية" الروحية "مع أولادها" اليهود الذين كانوا أولاداً هاجر روحياً أكثر من كونهم أولاد سارة "وأما أورشليم العليا" بيعة أولاد إبراهيم المؤمنين. انظر رؤيا 21: 2 "فإنها حرّة وهي أمنا" فإنها كنيسة الله التي عقد لها العهد الآخر عهد الموعد. وهي أم المؤمنين الخارجين عن عبودية الشريعة. والدليل على صحة أمومتها ما جاء في الكتب "لأنه مكتوب (افرحي أيتها العاقرة التي لا تلد. اهتفي واصرخي أيتها التي لا تتمخض لأن كثيرة هي أولاد المهجورة أكثر من أولاد ذات البعل)" وهذه الآية مأخوذة من سفر أشعياء 54: 1 ومعناها أن الأمة اليهودية أُعطيت جميع الفرص فكان عددها كبيراً ولكن العنصر الروحي فيهم كان عقيماً. وأما الآن فإن العاقر ستلد أولاداً أكثر من الأخرى. وهكذا حدث. فإن المسيحيين الذين كانوا محتقرين في أول أمرهم يملأون اليوم العالم حالة أن اليهود هم قليلون جداً. والحقيقة أن المسيحيين هم الإسرائيليون الحقيقيون روحياً "فأنتم أيها الإخوة" وهنا يستعطف بولس القوم بعد محاجتهم "نظير اسحق أولاد الموعد" لا نظير إسماعيل. فلستم إذاً تحت الشريعة "على أنه" وهو استدراك لفكر آخر "كما كان المولود حسب الجسد يضطهد حينئذ المولود حسب الروح" انظر تكوين 21: 9 لأنه كما كانت هاجر تحتقر سارة (تكوين 16: 5) هكذا كان ابنها يحتقر اسحق "فهكذا الآن أيضاً" لأن اليهود الذين هم أولاد هاجر روحياً كانوا يضطهدون أولاد الموعد "لكن ماذا يقول الكتاب؟" بخصوص هذا الاضطهاد؟ "اُطرد الجارية وابنها لن يرث مع ابن الحرة". تكوين 21: 10 والكلام هو ازدراء إسماعيل. ومعنى ذلك الكلام أن الخضوع لشريعة موسى يجب أن يُبطل وأن الذين يلّحون في وجوب التمسك بالشريعة يجب نبذهم كما نبذ الله إسرائيل من أجل صلبهم للمسيح "إذاً أيها الإخوة لسنا أولاد جارية" أي عبيداً للشريعة "بل أولاد الحرة" وهي جماعة المؤمنين التي هي أمنا روحياً "فالحرية" هذه "التي حررنا بها المسيح اثبتوا فيها ولا تعودوا تتعرضون لنير العبودية" باستيعادكم للختان وغيره من الطقوس العتقية.

ولابد هنا من كلمة ختامية. ألّا يتضح لنا مما مضى وجوب تطبيق مغزى الكلام؟ تُرى أمُّ مَنْ كانت جاهر؟ أمُّ إسماعيل. ومن كان إسماعيل؟ أبو العرب. ومن كان ذلك العربي الذي جاء بشريعة أخرى وحاول إرجاع أولاد الموعد وجميع الناس إليها؟ وما هو السيطرة التي يثيرها دائماً إتباع تلك الشريعة على غيرهم. حقاً إن "أمثال هذه رموز"! إن بولس ساوى بين اليهود والإسماعيليين بطريقة التأويل فقال أنهم متساوون روحياً. أما مساواة الإسماعيليين بالمسلمين فليست روحية فقط بل طبيعية أيضاً- ظاهراً وباطناً. وما الذي نجده اليوم؟ إن إتباع تلك الشريعة "يضطهدون" أولاد الموعد ولكنهم لن يرثوا مع أولاد إبراهيم الأحرار المجموعين من سائر أقطار العالم. فيلا غلاطيي هذا الزمن! احترسوا لئلا تتقهقروا وتستعبدوا لشريعة أخرى! يا أولاد إسماعيل تعالوا مع الأمم واليهود إلى نسل إبراهيم الموعود به! إن ما تفاخرون به من الامتيازات لا قيمة لها في نظر الله فانبذوها وتقدموا إلى الأمام. تعالوا لنكون جميعاً أتباعاً للمسيح ووارثين مواعيد الله لإبراهيم وأولاد الوطن السماوي!

  • عدد الزيارات: 1951