Skip to main content

الفصلُ الخامِس وَصَفاتٌ لِلتَّواصُلِ معَ النَّاس - مبادِئُ بُولُس في الإتِّصال

الصفحة 6 من 6: مبادِئُ بُولُس في الإتِّصال

مبادِئُ بُولُس في الإتِّصال

بَينَما نتأمَّلُ بِنَوعِيَّةِ التواصُل الذي ينبَغي أن نُقدِّمَهُ كهِبَةٍ للآخرين، علينا أن نتأمَّلَ ببعضِ الكلمات التي كتبَها بُولُس للأفسُسِيِّين، عندما علَّمَهُم أن يكُونُوا قنواتٍ لتوصيلِ نعمَةِ اللهِ في كُلِّ مرَّةٍ يفتَحُونَ فيها أفواهَهُم. لقد شجَّعَهُم بُولُسُ على إستخدامِ الكلمات التي تَبنِي، أو على بُنيانِ الشخص الذي يتلقَّى إتِّصالَهُم. ولقد شجَّعَهُم أيضاً على لا يدعُوا أيَّةَ كلمةٍ فاسِدة تخرُجُ من أفواهِهم، ولا ما يُؤذِي الذين يُكلِّمُونَهُم (أفسُس 4: 29).

هُناكَ بضعُ مقاطِع عميقة في رسالَةِ بُولُس الرَّسُول الثانِيَة إلى الكُورنثُوسيِّين، التي تُبرِزُ البُعدَين الأكثَر أهمِّيَّةً وحيويَّةً في تواصُلِ العَطاءِ والأخذ. مثلاً، كتبَ بُولُس يقُولُ ما معناهُ، "لقد كلَّمناكُم بِصَراحَةٍ وحُرِّيَّة أيُّها الكُورنثُوسيُّون، وفتحنا قُلُوبَنا بإتِّساعٍ لكُم. ونحنُ لا نحبِسُ عنكُم عطفَنا، ولكن هذا ما تفعَلُونَهُ أنتُم. وبناءً على مبدأ المُعامَلَة بالمِثل – أتكلَّمُ كما لأولادي- إفتَحُوا أنتُم أيضاً قُلُوبَكُم لنا." (2 كُورنثُوس 6: 11- 13).

لِكَي نُفَسِّرَ ونُلَخِّصَ هذا المقطَع الكِتابِيّ، يَقُولُ بُولُس للكُورنثُوسيِّين، ولكَ ولِي تطبيقيَّاً، أنَّهُ وكَأَنَّ لنا أبواب إتِّصال على قُلُوبِنا. يَقُولُ بُولُس للكُورنثُوسيِّين أنَّ بابَ قَلبَهُ مفتُوحٌ على مِصراعَيهِ تجاهَهُم، أمَّا أبوابَ قُلُوبِهم فمُغلَقَةٌ تجاهَهُ، ولقد أدارُوا لهُ القفا.

بالنسبَةِ للرَّجُلِ والمَرأَةِ اللذين جمَعَهُما اللهُ وجعلَهُما واحداً، وبالنسبَةِ لنا كمُؤمنين ينبَغي أن يكُونُوا واحِداً في المسيح، يُريدُ اللهُ أن تكُونَ أبوابُ قُلُوبِنا مفتُوحَةً دائماً. للأسَف، الحقيقَةُ هي أنَّنا نقضِي الكثيرَ من وقتِنا كشُركاء زَوجِيِّين، وكإخوة وأخواتٍ في المسيح، ونحنُ نُديرُ ظُهُورَنا لِبَعضِنا البعض، وأبوابُ قُلُوبِنا مُقفَلَةً تجاهَ بعضِنا البَعض.

يقُولُ بُولُس أيضاً: "لأنَّهُ إن كُنتُ أُحزِنُكُم أنا فمَن هُوَ الذي يُفَرِّحُني إلا الذي أحزَنتُهُ؟" (2كُورنثُوس 2: 2) هذا المقطَع يُمكِنُ أيضاً أن يُطَبَّقَ على مَجَالَي تواصُلِ العَطاء والأخذ في علاقَةٍ ما. إن كُنتَ تُعطي وتتلقَّى التَّواصُلَ بإستمرار، بطريقةٍ تُحبِطُ الآخَرين، فمن تَظُنُّهُ سيرفَعُ معنَويَّاتِكَ؟ قد تقضِي ثُلثَي حياتِكَ معَ زوجَتِكَ، وسوفَ تقضِي الأبَديَّة معَ إخوتِكَ وأخواتِكَ في الرَّبّ. من هُنا إلى الأبديَّة، من الجَيِّدِ أن تعمَلَ على تواصُلٍ جَيِّدٍ معَ أُولئكَ الذين تُحِبُّهم الآن وسوفَ تُحِبُّهم إلى الأبد.

إنَّ شَريكَةَ حياتِكَ وإخوتَكَ المُؤمنين قد أُلقِيَت عليهم مسؤُوليَّةُ التواصُلِ معَكَ بطريقَةٍ تُساهِمُ بسعادَتِكَ الشَّخصِيَّة، وأنتَ مَسؤُولٌ عن بُنيانِهم.

يُشارِكُ بُولُس بنَظرَةٍ أُخرى عنِ التَّواصُلِ معَنا، والتي ينبَغي أن تُطَبَّقَ في تواصُلِنا كمُؤمنين معَ شُركائِنا الزَّوجِيِّين. يُخبِرُ بُولُس هؤلاء الكُورنثُوسيِّين أنَّهُ رفضَ خفايا الخِزِي، ويرفُضُ أن يسلُكَ في مَكرٍ في تواصُلِهِ معَهُم (2كُورنثُوس 4: 2). ويَحُضُّهُم أن يعمَلُ الشيءَ ذاتَهُ في تواصُلِهم معَهُ.

هُنا، ينبَغي أن أذكُرَ كلمة تحذِير. من المُمكِن أن تسحقَ زوجَتَكَ، أو أيَّ مُؤمِنٍ آخر بإسمِ الإستِقامَة، بينما أنتَ تتعامَلُ معَ مُشكِلَةِ ذنبِكَ الشَّخصِيّ. هُنا نَجِدُ مثلاً: سألَنا مرَّةً زوجانِ إن كانَ ينبَغي عليهما أن يتكلَّما بالحقيقَةِ بمحبَّةٍ، وأن يُخبِرا إبنَتَهُما أنَّها قد حُبِلَ بِها قبلَ أن يتزوَّجا. أجبتُ بِسُؤالِهِما عمَّا إذا كانَ يُلَبِّيانِ حاجةَ إبنَتِهما بمعرِفَةٍ أمرٍ ما، أم إن كانَ يُعالِجانَ ذنبَهُما الشخصي. بإمكانِنا أن نعمَلَ الأمرَ نفسَهُ معَ شريكِنا الزَّوجِي أو المُؤمن الآخر بإسم الإستِقامَة أو الصِّدق.

هُناكَ أوقاتٌ يتوجَّبُ فيها علينا الإحتِفاظ بِمعلُوماتٍ صادِقة وإخفائِها عن الآخرين، لَرُبَّما لأنَّهُم يُعانُونَ من مُشكِلَةٍ صِحِّيَّةٍ كمرضِ القَلبِ مثلاً. وقد يكُونُ لديهم مشاكِلَ عاطِفيَّة ويكُونُونَ غير مُستَقِرِّين عاطفيَّاً بشكلٍ لا يسمَحُ لهُم بتحمُّلِ صدقنا. فينبَغي علينا أن نُمَرِّرَ شُعُورَنا بالذَّنبِ، أو حاجَتَنا لنُعرَفَ كأشخاصٍ صادِقين، من خلالِ عدَسَةِ محبَّتِنا للآخرين،  وإلتِزامِنا بِخَيرِهم وسلامَتِهم، قبلَ أن نسحَقَهُم بصِدقِنا.

بعدَ أن ذكرتُ هذه الهُمُوم، يتوجَّبُ على المُؤمنينَ الأصِحَّاء والمُستَقِرِّينَ جسديَّاً ورُوحيَّاً وعاطِفيَّاً أن يسعُوا نحوَ علاقاتٍ صادِقة ومُنفَتِحَة. فما أسمَيتُهُ "بكتِيريا"، يُسمِّيهِ الرَّسُول بُولُس، "خَفايا الخِزي"، و"السلوك في المَكر." أنا أُسمِّي السلوك في المَكر "المُراوَغة والمُناوَرة في التواصُل، أو اللَّعِب على الكلام." عندما نتأكَّدُ من كونِنا نتعامَلُ معَ سلامَةِ الآخرين بدلَ أن نهتَمَّ بشُعُورِنا بالذَّنب، وعندما تكُونُ لدينا الشجاعَةُ للتواصُل، علينا أن نُسلِّطَ الضَّوءَ على خفايا الخِزِي، ونَكِفَّ عن السُّلُوكِ في المكرِ عندما نتواصَلُ معَ الآخرين.

الصفحة
  • عدد الزيارات: 10432