الفصلُ الثالِث عشَر الهمساتُ السبع - سَلْبُ الله
الهمسَةُ السادِسَة: سَلْبُ الله (3: 8- 12)
الهَمسَةُ التالِيَة للقلبِ الذي تبرُدُ محبَّتُهُ تِجاهَ الله هي إتِّهام ملاخي للكهنة ولشعبِ يهُوَّذا بأنَّهُم يسلُبُونَ الله. فكانَ جوابُ الشعب الإستنكاري، "متى سَلَبنا الله؟" فكانَ الجوابُ للشعب أنَّهُم يسرُقُونَ اللهَ عندما لا يُقدِّمُونَ لهُ عُشورَهُم.
الكلمة "عُشر" تعني" عشرة بالمائة." ومعنى العُشر هو أنَّهُ كانَ أوَّل عشرة بالمائة من كُلِّ ما يُحصِّلُهُ المُؤمِنُ التقيُّ في الحياة. كانَ العُشرُ فُرصَةً للمؤمِن ليتعلَّمَ ومن ثمَّ ليَقِيسَ إلى أيَّةِ درجة كانَ يُساهِمُ بمبدأ "الله أوَّلاً" الذي نراهُ على صفحاتِ الكِتابِ المقدَّس. عندما إجتاحَ الشعبُ أرضَ الموعِد، كانَت غنائمُ أوَّلِ مدينَةٍ كُلُّها لله، حتَّى الأبكار.
فوقَ العُشُور، علَّمَ نامُوسُ الله المُؤمِنَ أن يُقدِّمَ تقدِماتٍ وذبائح. عرَّفَ داوُد الذبيحَةَ عندما قالَ: "لا أُصعِدُ للرَّبِ إلهي مُحرَقاتٍ مَجَّانِيَّة." إن معنى وُجهَة نظَر ملاخي حولَ العُشرِ هو أنَّ العُشرَ الأوَّل من كُلِّ ما حصَّلوهُ كانَ للرَّب، ولهذا فالإحتِفاظُ بهِ يعني أنَّهُم كانُوا يسلُبُونَ الله ويسرُقُونَهُ ما لهُ.
تأمَّلُوا بإطارِ هذه الهمسة السادِسة للقَلبِ الذي تبرُدُ محبَّتُهُ تجاهَ الله، وسوفَ تُقدِّرُونَ خُطورَةَ التطوَّر التدريجيّ السريع نحوَ الإرتِداد، كما أبرزَهُ هذا النبي: لم يَعُد هُناكَ تعبيرٌ تعبُّدي عن المحبَّةِ للَّه؛ فأعمالُهُم لا تُظهِرُ تقديراً لمن وما هُوَ الله، وما يستَحِقُّهُ؛ هُناكَ إلتِزامٌ مكسُورٌ تجاهَ الله. فكسرُ الإلتزام نحوَ الله سيتبَعُهُ كسرُ الإلتِزام نحوَ الناس؛ وسوفَ تتبَعُ النِّسبيَّةُ الأخلاقيَّة لِكَي تُداوي فُقدانَ هؤُلاء لصدقِهم وإستِقامتِهم.
عندما أصغَينا لهذه الهمسات الخمس الأُولى، صارَ بإمكانِنا أن نتوقَّعَ أن يمتَنِعَ الشعبُ عن تقديمِ عُشُورِهِ وتقدِماتِه. وبما أنَّ هذه الهمسة السادِسة تأتي مُتأخِّرَةً في هذه السلسِلة، وبما أنَّ النبيَّ يُوجِّهُ رِسالتَهُ أوَّلاً إلى الكهنة الفاسِدين، نستطيعُ أن نظُنَّ أنَّهُ يقصُدُ أنَّ الكهنةَ يَختَلِسُونَ هذه العُشُور والتقدِمات.
- عدد الزيارات: 14495