الفصلُ الثالِث عشَر الهمساتُ السبع - نَقضُ الإلتِزام معَ الله
الهَمسَةُ الثالِثة: نَقضُ الإلتِزام معَ الله (1: 13)
بعدَ أن يكونَ القائِدُ الرُّوحِيُّ أو المُؤمِنُ التقيُّ قد كفَّ عن التعبيرِ عن علاقة محبَّة شخصيَّة معَ الله في العبادَةِ الفرديَّة، وعندما يُظهِرُ بأعمالِهِ أنَّهُ يحتَقِرُ من وما هو الله، ستكونُ الهمسَةُ التالية في قلبِهِ أنَّهُ سيجدُ عملَ اللهِ صعباً جِداً. لقد لمَّحَ مَلاخي بسُؤالٍ آخر للكهنة في هذه المرحلة من نُبُوَّتِه. السؤالُ هو: "هل أنتُم مُنهَكُوا القُوى، أم أنَّكُم يُعوِزُكُم الدافِع؟" إنَّهُ الآنَ يتحدَّى الكهنة، الذين كانُوا يتذمَّرُونَ ويُدمدِمُونَ قائِلينَ أن عملَ اللهِ صعبٌ للغاية، يتحدَّاهُم ملاخي بهذهِ القضيَّة: "هل عملُ اللهِ هو حقَّاً صعبٌ جداً، أم أنَّكُم تركتُم محبَّتَكُم الأُولى ولم تعُودوا تُحبُّونَ الله من كُلِّ كيانِكُم؟"
أُذَكِّرُكُم الآن بكلمتَين شدَّدنا عليهما في نُبُوَّةِ حَجَّي، ونجدُهما عبرَ صفحاتِ الكتابِ المقدَّس: "اللهُ أوَّلاً!" من سفرِ التكوين إلى سفرِ الرُّؤيا، يُوضَعُ أمامنا التحدِّي بأن نضعَ اللهَ أَوَّلاً وأن نعبُدَهُ وحدَهُ. عندما يخدُمُ قائِدٌ روحيٌّ اللهَ بقَلبٍ مُجزَّأ، لن يطولَ الوقتُ إلى أن يجدَ هذا الشخصُ أن عملَ اللهِ هو في غايةِ الصُّعُوبة. الأشخاصُ الأكثَرُ بُؤساً على الأرض هُم القادَةُ الرُّحِيُّونَ أو المُؤمِنونَ الأتقياء الذي يخدُمونَ اللهَ بإلتزامٍ غير كُلِّي.
أنظُرْ إلى جوهَر هذه الحقيقة في الكتابِ المقدَّس: "إن كانَ اللهُ يعني أيَّ شيءٍ لكَ، فهذا يعني أنَّهُ كُلُّ شيء. لأنَّهُ، إلى أن يُصبِحَ اللهُ كُلَّ شيءٍ بالنسبةِ لكَ، فهوَ لا يعني لكَ شيئاً." لاحِظْ إيليَّا عندما تحدَّى شعبَ الله على جبلِ الكرمل بهذا السؤال: "إلى متى تُعرِّجُونَ بينَ الفِرقَتَين؟ إن كانَ الربُّ هوَ الله، فاتبعُوه، وإن كانَ البعلُ هو الله، فاتبَعُوه." أصغِ أيضاً إلى المسيح الحَي القائِم من الأموات، وهوَ يقولُ لِكنيسةِ لاوُدكيَّة: "أنا عارِفٌ أعمالَكَ،K
أنَّكَ لستَ بارِداً ولا حارَّاً. ليتَكَ كُنتَ بارِداً أو حارَّاً. هكذا لأنَّكَ فاتِرٌ ولستَ بارِداً ولا حارَّاً أنا مُزمِعٌ أن أتقيَّأَكَ من فَمِي"(رُؤيا 3: 15، 16).
ويُخبِرُنا يعقُوب أنَّ الرجُلَ ذا الرأيين هو مُتقَلقِلٌ في جَميعِ طُرُقِهِ. وكما أشرتُ سابِقاً، علَّمَ يسوعُ أنَّ الفكرَ المُوحَّد، أو النظرة المُوحَّدة، يقودانِ إلى حياةٍ ملؤُها السعادة، بينَما "إزدِواجِيَّة الرُّؤيا الروحيَّة" تقودُ إلى ظُلمَةٍ دامِسة، وإلى إنعدامِ السعادة (متى 6: 22، 23). إن كلمةَ الله مملووءَةٌ بالأعداد التي تحضُّنا على خدمةِ اللهِ بقَلبٍ غيرِ مُجزَّأ.
مُواصَفاتُ كاهِن (2: 5- 9)
إذ يرسُمُ مَلاخي الإطار الذي فيهِ سيُقدِّمُ إتَّهامَهُ الرابِع في الإصحاحِ الثاني، يُعطينا وصفاً بَليغاً لما كانَ ينبَغي أن يكونَ عليهِ كاهِنُ الله الحقيقيّ. ويقتَبِسُ كلمات قالَها مُوسى عن لاوِي، أبي الكَهنة: "شَريعَةُ الحَقِّ كانَت في فيهِ وإثمٌ لَم يُوجَدْ في شَفَتَيه. سلكَ معي في السلامِ والإستقامَةِ وأرجَعَ الكثيرينَ عن الإثم" (ملاخي 2: 6؛ تثنية 33: 10).
قامَت بعضُ الكنائِس، تكريماً لرُعاتِها المُكرَّسِينَ بشكلٍ فوق إعتِيادي، والذين خدموها لسنواتٍ طِوال، بِحفرِ وتسجِيلِ كلماتِ مُوسى وملاخي هذه على لوحةٍ وُضِعَت في مكانٍ بارِزٍ في هذه الكنائس، لكي تقرأَها الأجيالُ الطالِعة.
يُتابِعُ ملاخي بقولِهِ لنا في مُواصفاتِهِ للكاهِن: "لأنَّ شَفَتي الكاهِن تَحفَظانِ مَعرِفَةً ومن فَمِهِ يطلُبُونَ الشَّرِيعَةَ لأنَّهُ رَسُولُ رَبِّ الجُنُود" (2: 7). ثُمَّ يُقارِنُ ملاخي بينَ هذا النموذَج عما ينبَغي أن يكونَ عليهِ الكاهِنُ، معَ الكهنة الفاتِرين المُرتَدِّين والفاسِدين الذين وجَّهَ لهُم إتَّهامَهُ الرابِع، ومُعظَمَ نُبُوَّتِه.
- عدد الزيارات: 14547