Skip to main content

الفصلُ الثامِن نُبُوَّةُ حبقُّوق - رِسالة حبقُّوق

الصفحة 3 من 5: رِسالة حبقُّوق

رِسالة حبقُّوق

تَصَوَّروا دهشَةَ الشعبِ عندما أعلَنَ لهُم حبقُّوق أنَّهُ سَمِعَ شيئاً من الله وهُوَ في مرصَدِه. يا لِهذا الأُسلُوب الذَّكي والمُحَيِّر الذي إختارَهُ هذا النَّبِيُّ لرسالتِهِ في الوقتِ المُناسِب. لقد وعظَ حبقُّوقُ أنَّ اللهَ أجابَهُ على أسئلتِه (وأسئِلتِهم.) فعلى الرُّغمِ من أنَّ اللهَ كانَ يستخدِمُ أُمَّةً شِرِّيرةً لكي يُؤدِّبَ خطايا شعبِ يهوَّذا، أجابَ اللهُ حبقُّوق أنَّ البابِليِّينَ لن يستمرُّوا بالبقاءِ طويلاً كأمبراطُوريَّةٍ عالمية. فلقد بقِيَ البابِليُّونَ سبعينَ سنةً فقط.

أخبَرَ اللهُ حبقُّوق أنَّ بُذُورَ دمارِ البابِليِّين تكمُنُ في قُلوبِهم. فكتبَ يقولُ أنَّ اللهَ أخبَرَهُ أن البابِليِّينَ كانُوا مُعوجِّي القُلُوب. كانَ جوهَرُ ما قالَهُ اللهُ لحبقُّوق هو ما نجدُهُ في قولِ يسوع "الذي يأخُذُ بالسيف، فبالسيفِ يُوخَذ." (متى 26: 52). لهذا سوفَ يُدمَّرون بشُرورِهم القاسِيَة والفظَّة: "هُوَّذا مُنتَفِخَةٌ غَيرُ مُستَقيمَةٍ نفسُهُ فيهِ. والبارُّ بإيمانِهِ يحيا. وحقَّاً إنَّ الخَمرَ غادِرَةٌ. الرجُلَ مُتَكبِّرٌ ولا يهدَأ. الذي قد وسَّعَ نفسَهُ كالهاوِية وهُوَ كالمَوتِ فلا يشبَعُ بل يجمَعُ إلى نفسِهِ كُلَّ الأُمَم ويضُمُّ إلى نفسِهِ جميعَ الشُّعوب." (2: 4-5).

كانت بابِل بالطبع هي "المُتَكبِّر" الذي تكلَّمَ اللهُ عنهُ هُنا، لأنَّ قُلوبَهُم كانت شرِّيرَةً غيرَ مُستَقيمَةً أمامَ الله. ولكن وحدَهُ البارُّ سوفَ يحيا بالإيمان. أولئكَ الذين يعرِفُونَ الله ويعيشُونَ مواعيدَهُ بالإيمان سوفَ يحيُون. (4)

"البارُّ بالإيمانِ يحيا". هذه الجُملة لها تفسيرٌ واحد وتطبيقاتٌ مُتعدِّدة. حرفيَّاً، من خِلالِ هذا الجواب على إستفهامِ حبقُّوق، كانَ اللهُ يعِدُ بمُستقبَلِ رجاء ليهُوَّذا. فإذا كانَ لديهم الإيمان الكافِي ليُصدِّقُوا الأنبِياء، أمثال إشعياء، وخاصَّةً إرميا، فسوفَ يَحيُونَ كشَعبٍ وسوفَ يرجِعونَ إلى أرضِهم. كانَ هذا هوَ الرجاء المقصُود بكونِ أمَّة بابِل الشرِّيرَة لن تكونَ مُنتَصِرَةً في النِّهاية. ولكن الأبرارَ سيَحيُون، إن كانَ لهُم إيمانٌ ليثِقُوا بمواعيدِ اللهِ التي سمِعوها من خلالِ أنبِيائِهم الأُمناء.

هُناكَ تطبيقٌ ديناميكيٌّ ثانَويّ، نجدُهُ في العهدِ الجديد، حيثُ يُقتَبَسُ هذا العدد من حبقُّوق ثلاثَ مرَّاتٍ. فالإصلاحُ الإنجيليُّ وُلِدَ عندما إكتَشَفَ كاهِنٌ كاثُوليكيٌّ هذا العدد في الإصحاحِ الأوَّل من رسالةِ بُولُس إلى أهلِ رُومية، بينما كانَ يقومُ بتأمُّلاتِهِ الصباحِيَّة (رُومية 1: 17). إن لاهُوتَ الإصلاح قد عُبِّرَ عنهُ في تفاسيرِ لُوثر حولَ رسائل بُولُس إلى أهلِ رُومية، وكذلكَ إلى أهلِ غلاطية حيثُ نجدُ هذا العدد مرَّةً أُخرى (غلاطية 3: 11). المكانُ الثالِثُ الذي يُقتَبَسُ فيهِ هذا العدد في العهدِ الجديد(عبرانِيِّين 10: 38)، يُوفِّرُ إطاراً للإصحاح العظيم عن الإيمان في الكتابِ المقدَّس، أي عِبرانِيِّين 11. 

نَشيدُ حبقُّوق
الصفحة
  • عدد الزيارات: 12352