الفصل الثامن: الإرساليات و مصروفاتها
مصروفات المرسل وكلفته لاسيما في هذه الأيام باهظة حتى قبل خروجه من بلاده. هنالك حاجات معيشية كثيرة تتطلب نفقات كبيرة – كالسفر و الغذاء و تعليم الأولاد و الإيجار و تعلم اللغة الأجنبية وغيرها. و بالإضافة إلى هذه فإن عمل المرسل يتطلب أيضا مصروفات عديدة منها التنقلات جوا من بلد إلى آخر، و استعمال استوديوهات الراديو، والمراسلات، و المدارس و المستشفيات. فلا عجب إذا أن تجد الإرساليات نفسها تعاني عجزا ماليا.
لا يفترض في كل مسيحي أن يخدم في حقل تبشيري خارج بلاده، و لكن يستطيع كل مسيحي أن يساهم في عمل التبشير، أو نشر الرسالة بوسائل عديدة منها الصلاة و العطاء، على أن لا يكون هذا العطاء أو التبرع بالمال لأجل حاجة الإرسالية فحسب لأن الله بموارده غير المحدودة لا يعجز عن تبشير العالم كله دون عطائك و عطائي وهو يقول " لأني لي حيوان الوعر و البهائم على الجبال ألا يعرف... إن جعت فلا أقول لك لأني لي المسكونة و ملؤها " (مزمور 50، 11و12) و لكنه يتنازل إلى مستوانا و يقبل عطايانا لإتمام قصده. ونحن إذ نعطي نستفيد أكثر مما نفيد في نشر الكلمة، و امتداد ملكوت الله. و ليست عطايانا إلا دليلا واضحا عن نفسياتنا، و شعورنا نحو الله، ومدى محبتنا له، ماذا نعطي؟ كيف نعطي؟ كم نعطي؟ لمن نعطي؟ هذه جميعها ليست إلا صورة عما نشعر به في أعماقنا نحو الله.
كيف تقيس الكرم؟ ماذا لنا لم نأخذه من الله؟ هل البركات الروحية تدفع إلى العطاء المادي؟ هل العطاء المادي هو الذي يجلب البركة الروحية؟ كيف علينا أن نعطي؟ سنجيب عن بعض الأسئلة في هذا الفصل.
1- ممتلكات الله :
قال موسى " عند خروجي من المدينة أبسط يدي إلى الرب فتنقطع الوعود و لا يكون البرد أيضا لكي تعرف أن للرب الأرض (خروج 9، 29) " الأرض لا تباع بتة، لأن لي الأرض " (لاويين 25، 23) " ولكن من أنا ومن هو شعبي حتى نستطيع أن ننتدب هكذا
(أخبار الأيام الأول 29، 14) " للرب الأرض وملؤها، المسكونة و كل الساكنين فيها"
(مزمور 24، 1) "......و أزلزل كل الأمم و يأتي مشتهى كل الأمم فأملأ هذا البيت مجدا قال رب الجنود لي الفضة و لي الذهب يقول رب الجنود " (حجي 8,7,2) "... هكذا يقول الرب خالقك و جابلك...... لا تخف لأني فديتك. دعوتك باسمك. أنت لي " (أشعياء 1,43) "اعلموا أن الرب هو الله. هو صنعنا و نحن له شعبه و غنم مرعاه " (مزمور 3,100).
يعيد الكتاب المقدس, و يكرر و يؤكد هذه الحقيقة أن الأرض كلها, و الأشياء كلها و البشر جميعهم, ملك لله, و جميعها له لأنه خلقها. ومهما ساورنا من أفكار بخصوص وكالتنا في هذه الحياة يجب أن ننطلق من هذه الحقيقة.
2-ممتلكاتنا نحن:
يشدد المسيحيون اليوم على تقديم العشور للرب، و ذلك لأن العهد القديم يعلمنا ذلك. هل إذا العشر للرب و تسعة أعشار لنا؟ إن عشنا فللرب نعيش وإن متنا فللرب نموت. فإن عشنا و إن متنا فللرب نحن(رومية 14، 8) ".... إنكم لستم لأنفسكم لأنكم قد اشتريتم بثمن (1كو6،19و20).
" فأطلب إليكم أيها الأخوة برأفة الله أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مرضية عند الله عبادتكم العقلية."(رومية 12، 1) هل من اللائق بعد هذه التعليمات الكتابية أن يعتقد المرء، ولو في العقل الباطني أن تسعة أعشار مما يقتنيه له، لنفسه، و عشر واحد فقط للرب؟ إن الرسول بولس يردد وصفه لنفسه أنه " عبد" و العبد شخص لا يملك شيئا واحدا على الأرض بل هو مملوك – أي ملك غيره لا يحكم على شيء حتى نفسه. هذه حقيقة ثابتة علينا أن نفهمها في حياتنا و تبشيرنا.
3- ما هو العطاء في الكتاب:
لنقتبس مقطعا من العهد القديم و آخر من العهد الجديد للإجابة على هذا السؤال " فقال أرونة لماذا جاء سيدي الملك إلى عبده؟ فقال داود لأشتري منك البيدر لكي أبني مذبحا للرب فتكف الضربة عن الشعب. فقال أرونة لداود فليأخذه سيدي الملك و يصعد ما يحسن في عينيه انظر. البقر لمحرقة و أدوات البقر حطبا. الكل دفعه أرونة إلى الملك. وقال أرونة للملك الرب إلهك يرضى عنك. فقال الملك لأرونة لا بل أشتري منك بثمن و لا أصعد للرب إلهي محرقات مجانية. فاشترى داود البيدر و البقر بخمسين شاقلا من الفضة و بنى داود هناك مذبحا للرب و أصعد محرقات و ذبائح سلامة و استجاب الرب من أجل الأرض فكفت الضربة عن اسرائيل ".
(2صموئيل 24، 21-25) و جلس الرب يسوع تجاه الخزانة و نظر كي يلقي الجمع نحاسا في الخزانة.وكان أغنياء كثيرون يلقون كثيرا، فجاءت أرملة فقيرة و ألقت فلسين قيمتهما ربع. فدعا تلاميذه و قال لهم " إن هذه الأرملة الفقيرة قد ألقت أكثر من الذين ألقوا في الخزانة. لأن الجميع من فضلتهم ألقوا. وأما هذه فمن أعوازها ألقت كل ما عندها كل معيشتها "(مرقس 12، 41-44) نرى في هذين المقطعين أن الرب ينظر إلى قيمة التقدمة و ما تتركه من أثر. هذه الأرملة قدمت كل معيشتها و داود علم أن ذبيحة للرب لا يجوز أن تكون مجانية، ولذلك دفع الثمن الكامل.
لقد اعتاد التلاميذ أن يشاهدوا هؤلاء الأغنياء يضعون من أموالهم في الخزانة و كان ذلك أمر طبيعي و عادي و لكن عندما كان الرب يسوع معهم، علمهم حضوره درسا مهما جدا و أساسيا، درسا كانوا يجهلونه، بين الذين ألقوا كميات كبيرة من الذهب و الفضة ظهرت امرأة فقيرة، ألقت فلسين، أصغر قطعة من العملة المستعملة آنذاك – فقال الرب أنها ألقت أكثر منهم جميعا منطقيا هذا القول هراء غير معقول و الحق أن مقاييسنا البشرية هي الهراء غير المعقول " لأن الجميع من فضلتهم ألقوا وأما هذه فمن أعوازها ألقت " لن نعرف الكمية التي ألقيت في الخزانة ذلك النهار و لكن الرب يسوع لم يهتم ولم يعلن عن الكمية مع العلم أن صيانة الهيكل ترتكز عليها، إنما ما استرعى انتباهه هو أنهم من فضلتهم ألقوا ما لا يحتاجون إليه، ما لا يضرهم فقدانه. فإذا ليس في عطائهم أي نوع من التضحية – ولا قيمة له أين نحن اليوم من هذا التعليم؟
لننظر الآن إلى مقطع آخر من العهد القديم :
" هكذا قال رب الجنود قائلا : هذا الشعب قال أن الوقت لم يبلغ وقت بناء بيت الرب " ثم جاءت كلمة الرب على فم حجي النبي قائلا " هل الوقت لكم أنتم أن تسكنوا في بيوتكم المغشاة و هذا البيت خراب؟"(حجي 1، 2-4).
لقد انتقد النبي الشعب لسكنهم في بيوت فخمة مغشاة و تركهم بيت الرب خرابا. أما الشعب فلم يرى داعيا للنقد و التوبيخ، ظنا منهم أن هذا حقهم. ماذا كان يقول حجي عنا لو شاهد بيوتا اليوم و قارنها بالوكالة التي أعطيت لنا؟ لأكون أمينا مع نفسي لأسأل نفسي " ماذا كلفني عطائي للرب؟ مم حرمت نفسي كي أقدم لعمل الرب؟ هل أعطيت من فضلتي أم من أعوازي؟ هل أعطيت أكثر مما أبقيت؟".
بهذا المقياس نرسب جميعنا لأننا لم نفهم بعد معنى التضحية المسيحية و لم نمارسها.
4- كم علي أن أعطي : أكثر من جميع الذين ألقوا في الخزانة
كم علينا أن نعطي للرب و نحن نعلم ن كل ما عندنا له؟ و لكن علي أن أزود نفسي بضروريات الحياة. لقد اعتدت أن أعشر مدخولي مهما عسرت الأحوال و قست الأيام. تقديم العشور ضروري جدا. هنالك في بعض الأحيان يبدو العشر كثيرا جدا على بعض المسيحين المعمدين، بينما للأثرياء المتنعمين تقديم العشر يبدوا مهزلة، كان المقدم ينظر إلى الرب كأجير ينتظر النفحة (بقشيش) و هو ملك الملوك و رب الأرباب، يملك الجبال و كل حيوانها، و هكذا أحب.... حتى بذل ابنه الوحيد.
كم علينا أن نعطي؟ الله وحده يعطينا الجواب عن هذا السؤال. فإن كنا نعطي من فضلاتنا فما هو فضلنا؟ و مهما كبرت الكمية التي نقدمها تبدو صغيرة و حقيرة في عيني الرب و مقياس العهد الجديد ولو بدت كريمة جدا في أعين الناس.
5- هل السخاء في العطاء نتيجة البركات الروحية :
يعد الإصحاح الثاني من سفر أعمال الرسل، إصحاحا عظيما جدا. فهو يصور الكنيسة الأولى يوم ولادتها، ثم يفصل كيف عاش أعضاؤها، غير عابئين بالممتلكات المادية. كان ذلك نتيجة حلول الروح عليهم و جميع الذين آمنوا كانوا معا وكان عندهم كل شيء مشتركا و الأملاك و المقتنيات كانوا يبيعونها و يقسمونها بين الجميع كما يكون لكل واحد احتياج (أعمال 2، 44و45) " و كان جمهور الذين آمنوا قلب واحد ونفس واحدة. ولم يكن أحد يقول أن شيئا من أمواله له بل كان عندهم كل شيء مشتركا. و بقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع و نعمة عظيمة كانت على جميعهم. إذ لم يكن فيهم أحد محتاجا لأن كل الذين كانوا أصحاب حقول كانوا يبيعونها و يأتون بأثمان المبيعات و يضعونها عند أرجل الرسل فكان يوزع على كل واحد كما يكون له احتياج (أعمال 4، 32-35)
في هذه الأعداد نرى السخاء في العطاء تبع البركة الروحية تباعا فوريا. لأنه قبل أيام عدَ هؤلاء المؤمنون مقتنياتهم المادية – أراضيهم، أمتعتهم، مالهم – عدوها أشياء يستحيل الاستغناء عنها و لكن عندما نالوا البركة الروحية باعوها لكي يوزعوا على المحتاجين، قد لا يطلب منا الله أن نقتفي خطواتهم تماما، و نعمل كما عملوا تماما و لكن المبدأ واضح- و هو أن السخاء في العطاء المادي يتبع البركة الروحية. و يذكر بولس عطاء كنيسة تسالونيكي في رسالته الثانية إلى أهل كورنثوس فيقول :
" ثم نعرفكم أيها الأخوة نعمة الله المعطاة في كنائس مكدونية. إنه في اختبار ضيقة شديدة فاص و فور فرحهم و فقرهم العميق لغنى سخائهم. لأنهم أعطوا حسب الطاقة أنا أشهد و فوق الطاقة من تلقاء أنفسهم، ملتمسين منا بطلبة كثيرة أن نقبل النعمة و شركة الخدمة التي للقديسين و ليس كما رجونا بل أعطوا أنفسهم أولا للرب و لنا بمشيئة الله (2كورنثوس 8، 1-5) لدينا حادثة أخرى تختص بالرب و العطاء، و ذلك عندما جاءت المرأة بقارورة الطيب عند أقدام يسوع فأجاب يسوع و قال له يا سمعان عندي شيء أقوله لك فقال قل يا معلم " كان لمداين مديونان، على الواحد خمسمئة دينار و على الآخر خمسون و إذا لم يكن لهما ما يوفيان سامحهما جميعا فقل أيهما يكون أكثر حبا له؟ " فأجاب سمعان و قال أظن الذي سامحه بالأكثر. فقال له بالصواب حكمت. ثم التفت إلى المرأة و قال لسمعان أتنظر هذه المرأة، إني دخلت بيتك و ماء لأجل رجلي لم تعط. وأما هي فقد غسلت رجلي بالدموع و مسحتها بشعر رأسها. قبلة لم تقبلني و أما هي فمنذ دخلت لم تكف عن تقبيل رجلي. بزيت لم تدهن رأسي. وأما هي فقد دهنت بالطيب رجلي. من أجل ذلك أقول لك قد غفرت خطاياها الكثيرة لأنها أحبت كثيرا. و الذي يغفر له يحب قليلا " (لوقا 7، 40-47)
فإن كان عطاؤنا لعمل الرب بدون سخاء و غير تلقائي فذلك دليل على حاجتنا الماسة إلى اختبارات روحية و بركات روحية.
6- هل السخاء في العطاء لعمل الرب يضمن دوام الثروة؟
لا يسمح الله لنفسه أن يكون مديونا لأحد. فإن أعطيته بسخاء فهو يغدق عليك عطاه. فإن قمنا بواجبنا نحو الله ألا يقوم هو بواجبه؟ أيهملنا؟ أليس المفروض فينا أن نضع الله أولا في حياتنا؟ أليس كل ما لنا ملك له؟ هل السخاء في العطاء ضمان للثروة؟ هل من إنسان ضحى أو أعطى من نفسه و مقتنياته أكثر من بولس؟ و ماذا كتب هذا؟ إلى هذه الساعة نجوع ونعطش و نعرى و نلكم و ليس لنا إقامة. و نتعب عاملين بأيدينا..." (كورنثوس4، 11و12) ضحى بولس في سبيل الرب يسوع، فاعتنى به، وسد احتياجاته و لكنه لم يجعله ثريا يحيا برفاهية و بذخ.
إن طلبنا أولا ملكوت الله و بره فالأمور المادية كلها تزاد لنا (متى 6، 33) يعد الله بسد حاجاتنا، و لكن الثروة و الغنى ليسا شرطا أما البخل فيحجب بركات الرب ومن يمسك أكثر من اللائق وإنما للفقر (أمثال 11، 24).
" وهل الوقت لكم أنتم أن تسكنوا في بيوت مغشاة و هذا البيت خراب و الآن فهكذا قال رب الجنود. اجعلوا قلبكم على طرقكم. زرعتم كثيرا و دخلتم قليلا. تأكلون و ليس إلى الشبع. تشربون ولا ترون. تكتسون و لا تدفؤون. والآخذ أجرة يأخذ أجرة لكيس منقوب "(حجي 1، 4-6).
7-هل السخاء بالعطاء مصدر البركات الروحية :
" النفس السخية تسمن، و المروى هو أيضا يروى " (أمثال 11، 25) قد لعنتم لعنا وإياي أنتم سالبون هذه الأمة كلها. هاتوا جميع العشور إلى الخزنة ليكون في بيتي طعام، وجربوني في هذا قال رب الجنود أن كنت لا أفتح لكم قوى السموات و أفيض عليكم بركة حتى لا توسع"(ملاخي 3، 9-10).
" أعطوا تعطوا كيلا جيدا ملبدا مهزوزا فائضا.... "(لوقا 6، 38) هذا وإن من يزرع بالشح بالشح أيضا يحصد، ومن يزرع بالبركات أيضا يحصد. كل واحد كما ينوي بقلبه ليس عن حزن أو اضطرار. لأن المعطي المسرور يحبه الله (2كورنثوس 9، 6و7).
مهما كان استنتاجنا عن مكافأة الله المادية فإن بركاته الروحية تغدق علينا بسخاء وقد يكون عدم تمتعنا بعطاياه الروحية هو أننا لم نشركه في مقتنياتنا. ولا غروى في قول الرسول بولس " ليس أني أطلب العطية بل أني أطلب الثمر المتكاثر لحسابكم (فيلبي 4،17) وجد بولس لرسول علاقة وثيقة بين العطاء المادي و النمو الروحي في المسيحيين الأسخياء. ليتنا نفهم هذا المبدأ و نتدرب عليه.
8- كيف أعطي للإرساليات الأجنبية :
الكتاب المقدس صريح جدا في معالجة هذا الموضوع فاسمع مثلا كلمات الرب يسوع" فمتى صنعت صدقة فلا تصوت قدامك بالبوق كما يفعل المراؤون في المجامع و في الأزقة لكي يمجدوا من الناس، الحق أقول لكم أنهم قد استوفوا أجرهم. وأما أنت فمتى صنعت صدقة فلا تعرف شمالك ما تفعل يمينك لكي تكون صدقتك في الخفاء. فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية (متى 6، 2-4).
" اشفوا مرضى، طهروا برصا، أقيموا موتى، أخرجوا شياطين، مجانا أخذتم مجانا أعطوا "
(متى 10، 8) من هذا القول حث بولس الرسول الكنائس جميعها على العطاء، العطاء بسخاء.
و أما من جهة الجمع لأجل القديسين فكما أوصيت كنائس غلاطية هكذا افعلوا أنتم أيضا وكل أول أسبوع ليضع كل واحد منكم عنده، خازنا ما تيسر حتى إذا جئت لا يكون جمع حينئذ، ومتى حضرت فالذين تستحسنونهم أرسلهم برسائل إلى أورشليم (1كورنثوس 16، 1-3).
" كل واحد كما ينوي في قلبه ليس من حزن أو اضطرار لأن المعطي المسرور يحبه الله "
(2كورنثوس 9، 7).
من هذه المقاطع الكتابية الثلاثة نستنتج ما يلي :
1- يريدنا الله أن نعطي بفرح و سرور لا عن اضطرار و حزن لأن القلب الحزين يفقد شيء دفعه عن اضطرار بعكس الحزن على الوجه و التصرفات. إنه امتياز عظيم لنا أن نشترك في حساب الأخذ و العطاء مع الرب.
2- استمرار العطاء، يطلب بولس من كل واحد أن يضع جانبا ما تيسر وما قرر عليه – كم؟ ليس مهم- المهم أن نقرر مبلغا معينا، نضعه جانبا بشكل منظم و مستمر.
3- ليكن العطاء سريا. لا تعلم شمالك ما تفعل يمينك، العطاء لله و ليس لاكتساب مدح الناس و ثنائهم. إذ بهذه الوسيلة ينالون أجرهم كما قال الرب يسوع، ولكن من الناس لا من الله.
المؤمن إذا يشترك مع الله في العمل فإما أن يكون خادما عاملا، أو مصليا لأجل العمال، أو يساهم ماديا لعمل الرب. كثيرا ما يتعطل عمل الرب لعدم توفر المال، ويا حبذا لو أعطى المؤمنون بسخاء. ألم يفعل ذلك بولس مرارا؟ ألم يستحث الكنائس على مساعدة بعضهم بعضا ماديا؟ والآن لنسأل أنفسنا هل محبتي لله صادقة؟ أمستعد أنا أن أساهم ماديا و أعطي من مدخولي؟ أيظهر عطائي حقيقة اهتمامي بعمل الرب؟
قد يسهل العطاء عندما تتوفر المادة و يتوفر المال، أما في أيام الضيق فذلك أمر صعب. علينا أن نبدأ بالعطاء و علينا أن نتدرب عليه في حداثتنا خصوصا أيام الدراسة حين ستكون فينا عادات كثيرة. لتكن هذه إحداها – لنعط بسخاء- لنهتم بعمل الرب المرسلي في البلاد الغريبة عن بلادنا – لنعط لخدام الرب كي تنشر رسالته في كل العالم و إلى أقصى الأرض.
- عدد الزيارات: 4657