محبة الإنسان
الاهتمام بالإنسان و مساعدته في ضيقه أو كربه ليس ميزة مسيحية بل واجب إنساني، فإن البلاد الإسلامية، وغير المسيحية يتراكض مواطنوها لنجدة بعضهم بعضا عند حلول الأزمات كزلزال في الباكستان مثلا، أو مجاعة في الهند. حبذا لو كان للبلاد المسيحية اهتمام أكثر شمولا، وأعمق شعورا مع الإنسان من أولئك. حبذا لو استطاع العالم المسيحي أن يعكس شعور سيده المسيح و محبته و اهتمامه لأنه "عندما رأى الجموع تحنن عليهم، إذ كانوا منزعجين و منطرحين كغنم لا راعي لها " ثم قال لتلاميذه " الحصاد كثير و لكن الفعلة قليلون. فاطلبوا من رب الحصاد أن يرسل فعلة إلى حصاده"(متى 9، 36-38)
وردت كلمة تحنن في الأصل اليوناني القديم للعهد الجديد أربع مرات فقط، وهي كلمة قوية جدا، تعني الاهتمام العميق، الاهتمام الذي تفتت على المصاب أو المنكوب وقد وردت في متى
(14، 4) فلما خرج يسوع أبصر جمعا كثيرا فتحنن عليهم و شفى مرضاهم هل وقفت في شارع مدينة كبيرة و شاهدت الجماهير تروح وتجيء، تشتري وتبيع؟ ما من مرة شاهد ربنا الجموع على هذه الحال إلا وانفطر قلبه حنانا عليهم و شعروا معهم، فقد رآهم " كغنم بلا راع" سقماء مرضى، لا حول لهم ولا قوة فتحنن عليهم " وذاب قلبه في داخله شفقة عليهم " فأتى إليه أبرص جاثيا و قائلا له إن أردت تقدر أن تطهر فيَِِ فتحنن يسوع ومد يده و لمسه و قال له أريد فأطهر (مرقس1، 40-42) وللحال شفي وطهر.
ما قولك في جراح يرفض أن يلغي موعد سينما لإسعاف طفل مضطر إلى عملية جراحية؟ هذا التشبيه ينطبق علينا المسيحيين اليوم. بليون ونصف البليون من أساس ثلاثة بلايين من العالم لم يسمعوا عن يسوع بعد، و المسيحيون غير مبالين بهذه المأساة ألسنا كذلك الطبيب في دار السينما بينما الطفل يصرخ مستغيثا. فلو كانت فينا ذرة حنان، أو تفهم لمعنى الحياة بدون المسيح، أو اهتمام ضئيل بتلك النفوس الهالكة لما سمحنا لأنفسنا بهذه الراحة واللامبالاة؟
نظرة واحدة إلى ما كتبه فريدريك أنكل F. Engel عن حالة التعاسة، و الفاقة التي كان يعيشها العمال في القرن الماضي في بريطانيا تكفي لتوضح لنا إهمال الكنيسة لهم، و شعورها باللامبالاة نحوهم، و حاجتهم الماسة إلى الحنان الذي كان في قلب سيدها. عبث التطوع للعمل في الحقل التبشيري في بلاد غريبة إذا لم يمتلئ قلب العامل بالمحبة المسيحية المضحية لأجل البشر، و عبث العمل لملء فراغ فقط وأما أن نسمح لأنفسنا بالراحة و اللامبالاة بينما يهلك ألوف من البشر كل يوم فأمر يدعو للقلق و التفكير العميق لتصحيح ما هو خطأ في حياتنا الروحية.
- عدد الزيارات: 14662