الطاعة
لقد بحثنا مطولا بالسببين الأساسين لبقاء الرب يسوع على الأرض فترة أربعين يوما ما بين قيامته وصعوده – وهما أولا. أن يتحقق و يتأكد التلاميذ أن الرب حقا قام والثاني أن يفهموا و يعوا مسؤوليتهم لنشر البشارة إلى أقصى الأرض. وهذا الأمر الثاني يتناوله الكتاب المقدس مرارا و تكرارا وينبه كل مؤمن لواجبه المسيحي نحو الرب. فلا يمكننا أن ندعي الإيمان و المحبة للمسيح و نحن لا نطيع أوامره، وهو القائل " الذي يحبني يحفظ وصاياي " (يوحنا 14، 15) اذكر جملة قبلت في مراسيم و هي " ارسمه يا يسوع بيدك المثقوبة" ومع أن سني عملي الأخيرة في الخدمة كانت سعيدة إلا أن الأولى كانت عكس ذلك. وما كان إبقائي في العمل غير عقيدتي و إيماني أن الله وضعني في هذا المكان المعين، وأن رسامتي كانت بيده هو المثقوبة لا غيره. إذا اكتشفنا أن العالم لا يريد أن يسمعنا، ولا يأبه لخدمتنا فليس علينا الطاعة. الطاعة العمياء هي التي تبقينا أمناء للرب. فالطاعة إذا هي سلاحنا الأول.
قال أحد المسلمين لصموئيل زويمر " لقد قضيت سنين طويلة بيننا، ولم ترى واحدا منا تغير فلم لا ترحل؟" أجاب زويمر قائلا " لأن قائدي أرسلني إلى هنا ولن أرحل إلا بأمره لا ينتظر الرب من كل واحد أن يغادر بلاده وبيته و يذهب إلى بلاد غريبة للتبشير، ولكنه يدعو كل فرد لحمل الرسالة و نشرها في المكان الذي يقطنه، ويتجول في أرجائه، لأن خطته هي أن يبشر العالم كله و تحمل البشارة " إلى أقصى الأرض".
مجد الرب هو الهدف الأول
وبينما بولس ينتظرهما في أثينا احتدت روحه فيه إذ رأى المدينة مملوءة أصناما
(أعمال 17، 16) ومن التاريخ نعلم أن أثينا في أيام بولس الرسول لم تكن محط العلم و الثقافة و حسب، بل كانت أيضا مقر العبادات و الأصنام وفي كل شارع تجد عدة معابد لعدة آلهة حتى قيل أته أسهل على المرء أن يجد إلها في أثينا من أن يجد رجلا.
عندما شاهد بولس هذه الآلهة في أثينا احتدت روحه و احتدم غيظا. اغتاظ لإلهه وود لو استطاع أن يربح هذه المدينة ليسوع و يرى اسمه على كل معبد، وفي كل شارع و قاده غيظه هذا إلى المحاجة و العمل الفوري. فكان يكلم في المجمع اليهود المتعبدين و الذين يصادفونه في السوق كل يوم (أعمال 17، 17) تبدو هذه الغيرة لتمجيد اسم الله واضحة في المزمور السادس و التسعين :
حدثوا بين الأمم بمجده
بين الشعوب بعجائبه
لأن الرب عظيم و حميد جدا
مهوب على كل الآلهة
لأن كل آلهة الشعوب أصنام
أما الرب فقد صنع السموات
مجد وجلال قدامه
العز والجمال في قدسه
قدموا للرب يا قبائل الشعوب
قدموا للرب مجدا وقوة
قدموا للرب مجد اسمه
ارتعدي قدامه يا كل الأرض
قولوا بين الأمم الرب قد ملك"
(مزمور 96، 3-10)
زرت مرة القيروان في تونس، وذهبت لأرى الجامع الكبير وسط البلدة و كان قد بني من حجارة الكنائس التي هدمها المسلمون أمام فتوحاتهم. لفت نظري على أحد الحجارة وأنا أصعد إلى المئذنة صورة سمكة صغيرة ذكرتني بالمقابر المسيحية تحت الكنائس التي كان يجتمع فيها المسيحيون سرا، وكيف حفرت على حجارتها هذه السمكة، و صورة السمكة وضعت كعلامة على كل بيت، أو معمل، أو مصنع، مسيحي ليعرف أهله أو أصحابه مسيحيون. وعلامة السمكة هذه في حروفها اليونانية الأصلية إذا جمعت تعطي بيتا شعريا هذه كلماته " يسوع، مسيح الله، ابن الله، المخلص" وقد رأيتها على كثير من حجارة الآثارات الرومانية أو اليونانية في شمالي إفريقيا فما هو معنى وجود هذه السمكة على حجر من حجارة المئذنة في الجامع؟ يصعد المؤذن ليدعو المسلمين إلى الصلاة كل يوم وهو يدوس كل يوم تحت أقدامه اسم ابن الله المخلص، و يفخر أنه منذ ثلاثة قرون دمر المسلمون الكنيسة، وقتلوا أساقفها الذين بلغ عددهم حوالي خمس مائة يومئذ. يا حبذا لو أرى اليوم الذي فيه يدافع عن حق ابن الله و يرى مجده. نحن نعلم أنه رب وإله و لكن الملايين يجهلون هذه الحقيقة.
- عدد الزيارات: 4190