مَن هوَ الكفؤ ليقود؟ - دعوة جدعون
دعوة جدعون:
لكي نقوّي في أذهاننا هذه الحقيقة الضرورية المطلقة، المتعلقة بكفاية الله، دعونا ندرس حالة رجل آخر كان على وشك أن يدعوه الله. نقرأ عن المعارك الكبرى التي خاضها جدعون وخرج منها منتصراً. إنه، بحفنة من الرجال، دحر جيوش العدو وأرغمها على الفرار. فهل كان دائماً هكذا- مقداماً شجاعاً لامعاً باسلاً؟ لم يكن هكذا دائماً.
لقد كان بنو إسرائيل يتعذّبون تحت وطأة المديانيين، فقد كانوا يختبئون في الكهوف والمغاور في الجبال، وكان المديانيون يغزون أراضيهم فيجمعون محصولاتهم، ويستولون على مواشيهم. كان المديانيون يحلّون حلول الكارثة، ينتشرون كالجراد ويستهلكون كل شيء عند عبورهم الأرض. أما معضلة بني إسرائيل فكانت خطيئتهم. "وعمل بنو إسرائيل الشرّ في عيني الرب، فدفعهم الرب ليد مديان سبع سنين" (قضاة 6 : 1).
وفي إحدى الليالي، بينما كان جدعون يخبط حنطة في المعصرة لكي يهرِّبها من المديانيين. ظهر له ملاك الرب، وطلب منه أن يكون الأداة لكي يخلِّص الله بها شعبه من يد المديانيين.
وكان ردَ جدعون مما ألف الله سماعه: "فقال جدعون أسألك يا سيدي بماذا أخلّص إسرائيل؟ ها عشيرتي هي الذلَّى في منسىّ وأنا الأصغر في بيت أبي" (قضاة 6: 15).
ومرة أخرى تطرَّق الله إلى لبّ الموضوع مع الرجل الذي اختاره للعمل "فقال له الرب، إني سأكون معك، وستضرب المديانيين كرجل واحد" (قضاة 6: 16).
وهنا نستطيع ملاحظة التشابه مع ما قاله الله لموسى من وسط العلَّيقة المشتعلة. لقد قال الله لجدعون ما معناه: لا يهمّ إن كانت عشيرتك العظمى أو الذلّى في منسىَّ، أو كنت أنت الأكبر أو الأصغر في بيت أبيك. ليس المهمّ من تكون أنت، بل المهمّ أني سأكون معك. إن ما ستعتمد عليه ليس ضعفك بل قوَّتي، لأني سأعمل من خلالك.
إذن، إذا دعاك الله للقيام بواجب، وشعرت بالضعف والعجز، فلا تتحيَّر بل استبشر لأنك أصبحت برفقة الله. لقد شعر رجال الله خلال القرون الماضية الشعور ذاته، ولكنهم آمنوا بأن الله كفؤ للقيام بالعمل الذي دعاهم إليه.
- عدد الزيارات: 11481