Skip to main content

إنذار واجتناب الذين يسلكون بلا ترتيب

في 1 تسالونيكي 5: 14 يرد القول "ونطلب إليكم أيها الإخوة أنذروا الذين بلا ترتيب". فإذا كان شخص غير خاضع للترتيب وللنظام الكتابي الخاص بالكنيسة، بل في عصيان على كلمة الله يسير حسب إرادته الذاتية، فإنه يجب إنذاره بواسطة الإخوة المهتمين بحالة النفوس في الكنيسة. فشخص مثل هو شخص جسدي، غير متنبه لما يمكن أن يقوده إليه سلوك كهذا. لكن ذلك معروف لدى الإخوة النظار الذين هم مسئولون عن إسماعه جرس الإنذار حتى يمكن تجنب النتائج الوخيمة التي سيؤدي إليها مسلكه هذا. ونحن، كإخوة في المسيح، مطالبون بأن نكون مشحونين صلاحاً ومملوئين كل علم قادرين أن ينذر بعضنا بعضاً (رو 15: 14).

إن الأخ ذا الذهن الروحي، هو شخص ذو بصيرة وفطنة يقدر أن ينذر من متاعب مقبلة. وإذا لم يكن المؤمنون يتصرفون في ترتيب تقوي، فإن مسئولية أشخاص كهؤلاء، أقامهم الله كأساقفة أو نظار، في الكنيسة، إنما هي إنذار الذين بلا ترتيب وإطلاعهم على النتائج المرة لسلوكهم هذا، وتحريضهم على تغيير طرقهم لكي يتصرفوا في خضوع لكلمة الله. مثل هذا الإنذار قد يتم بواسطة أخوة أفراد، أو عن طريق النظار[1] بين الجماعة. والنتيجة متروكة لله الذي ينبغي أن نصلي إليه ليستخدم الإنذار والتحريض لبركة النفس المعنية.

أما إذا لم يصل الإنذار لغايته، فالأمر يستلزم خطوة أبعد، وهي التي وردت في الرسالة الثانية إلى تسالونيكي 3: 6 "ثم نوصيكم أيها الإخوة باسم ربنا يسوع المسيح أن تتجنبوا كل أخ يسلك بلا ترتيب وليس حسب التعليم الذي أخذه منا". فالشخص الذي يسلك بلا ترتيب، أو "يخرج عن الصف" كما يقولون، ولا يستجيب للإنذار ولا للتحريض المقدم إليه، ينبغي أن نتجنبه.

ثم في نفس الإصحاح عدد 14 و 15 يضيف الرسول قائلاً "وإن كان أحد لا يطيع كلامنا بالرسالة فسموا مثل هذا، ولا تخالطوه، لكي يخجل. ولكن لا تحسبوه كعدو بل انذروه كأخ". فمؤمناً يسلك ضداً لكلمة الله هو مؤمن سالك بلا ترتيب، ويجب أن يكون معروفاً لدى المؤمنين ويتجنبوه حتى يحس بخطئه ويخجل من مساره. فلا بد من الامتناع عن كل المعاملات الاجتماعية مع مثل هذا الشخص، أعني أن كل تعبيرات الشركة يجب ألا تمارس معه، والكنيسة يجب ألا تسلم عليه، بالرغم من أنه لا زال مسموحاً له بالشركة على مائدة الرب، فليس هناك بعد ما يكفي لإبعاده عن الكنيسة كشخص خبيث. أما الغرض من هذا التجنب فهو إصلاحه حتى تنكسر إرادته وينحني راجعاً إلى الرب مستعيداً مكانه في الكنيسة فلا ينبغي أن نحسبه كعدو بل أن ننذره كأخ. ومع ذلك، إذا لم تحدث توبة وتغيير في السلوك، فإن مثل هذه الحالة ستنتهي حتماً بالعزل.

وجدير بالذكر أن الحالة الخاصة للسلوك بلا ترتيب والتي وجدت في تسالونيكي كانت هي عدم الاشتغال، والتداخل في شئون الآخرين (الفضولية) كما قيل "لأننا نسمع أن قوماً يسلكون بينكم بلا ترتيب، لا يشتغلون شيئاً بل هم فضوليون" (2 تس 3: 11).ربما كانوا يعيشون عالة على بعض القديسين، ولا يشتغلون لمعيشتهم الخاصة، وإذ هم عاطلون فقد قادهم الفراغ أن يتداخلوا في شئون الآخرين، وأصبحوا ثرثارين ونمامين. وفي 1 تيموثاوس 5: 13 نجد أيضاً تحذيراً من وقوع الأرامل الحدثات في مثل هذه الخطية "يتعلمن أن يكن بطالات، يطفن في البيوت، ولسن بطالات فقط، بل مهذارات أيضاً وفضوليات، يتكلمن بما لا يجب". إن الشخص الذي بلا عمل سرعان ما يصبح آلة في يد الشيطان لينشر بواسطته المتاعب بين القديسين وذلك بتداخله في شئون الآخرين، ونشر القيل والقال. وطالما لاقت الجماعة المتاعب الكثيرة من أمثال هؤلاء الفضوليين النمامين. أمثال هؤلاء هم يسلكون بلا ترتيب. ويجب أن ينذروا بل وأن يتجنبوا، إذا لم يغيروا من مسلكهم.

ولكن ليست هذه هي الصورة الوحيدة للسلوك بلا ترتيب، فهناك صور أخرى نجدها في الارتباطات الحادثة، والصداقات المحتفظ بها، والأماكن المتردد عليها، والتي تظهر الدليل على أن أسلوب الحياة ليس بحسب إنجيل المسيح ولا كلمته. إن ما ورد في رسالتي تسالونيكي يعطي لنا مبدءاً عاماً يغطي كل حالات السلوك بلا ترتيب، ويعلمنا صورة التأديب الذي ينبغي أن يمارس في مثل هذه الحالات.


[1] ما كان أخطر مسئولية الرقيب في العهد القديم (حز 33: 1 _ 9). فإنه إذا لم ينفخ في البوق ولم يحذر الشعب من السيف المقبل، فإن أي نفس تموت بالسيف يطلب دمها من الرقيب. هكذا في العهد الجديد هناك المرشدون الذين يسهرون على النفوس، كما يسهر الذي يحمل مسؤولية سوف يقدم حساباً عن قيامة بها (عب 13: 17) (المعرب).

  • عدد الزيارات: 4004