Skip to main content

الروح القدس "البارقليط"

والآن لنرجع إلى ذلك الحق السامي. لقد رأينا في (يو 14 و 15 و 16) أن ربنا يسوع يعلن عمن سيخلفه في حضوره الشخصي على الأرض، وهو "بارقليط" إلهي حقيقي ندعوه الأقنوم الثالث الأقدس. وبهذه المناسبة أقول أنني لا أحبذ كلمة، أقنوم ثاني أو ثالث، لأن ذلك يفهم منه وجود تفاوت في اللاهوت الأمر الذي لا يقول به الكتاب. إننا قد ندخل التشبيه الإنساني في الموضوع ونتكلم عن ابن وعن كيفية خضوعه لأبيه ولكن مثل هذا التشبيه يخفى تحت طياته خطراً جاثماً عظيماً طالما استغله إبليس، فالكتاب المقدس يرينا أن الآب هو الله والابن هو الله والروح القدس هو الله وأنهم إله واحد متساوون في كل شيء. فإدخال التفاوت في اللاهوت إنما هو آلة لهدم اللاهوت الخاص بالابن وبالروح القدس. على أن فكرة التفاوت تصح عندما نتأمل في المركز الإنساني الذي تنازل الابن وأخذه، أو في الوظيفة التي يشغلها الروح القدس الآن لمجد الابن، على مثال ما عمله الابن، إذ خدم الله الآب وسيملك على الأرض لمجده تعالى.

ولكن لنرجع أيضاً إلى تلك الإصحاحات العجيبة من إنجيل يوحنا حيث يخبرنا ربنا يسوع في واحد منها أنه كان خيراً أن يمضي إلى الآب فيقول له المجد "لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي ولكن إن ذهبت أسله إليكم. ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة. أما على خطية فلأنهم لا يؤمنون بي. وأما على بر فلأني ذاهب إلى أبي ولا ترونني أيضاً. وأما على دينونة فلأن رئيس هذا العالم قد دين". ولست أقصد أن أذكر أية ملاحظة عن هذه الآيات بل قصدت إيراد الحق بوجه عام. ومنها ندرك الغرضين اللذين لأجلهما جاء الروح القدس. فقد أثبت أن العالم تحت الخطية وأنه لا يوجد أي بر إلا في ذلك الشخص الكامل الموجود مع الآب وأن رئيس هذا العالم قد دين – ولو أن الدينونة لم تنفذ فيه فعلاً إلا أنه قد دين. لقد كان للعالم رجاء بواسطة اليهود أما الآن فبالنظر إلى ما صرح به شخص ربنا للتلاميذ عن انطلاقه وعن مجيء الروح القدس فواضح أن العالم قد هلك وأن الروح القدس قد صار موبخاً له. ثم أن الروح القدس هو الذي كان عتيداً أن يرشد التلاميذ إلى الحق ويأخذ مما للمسيح ويخبرهم ممجداً إياه. ومن هنا يتضح لنا أنه توجد علاقة مزدوجة للروح القدس، أولها العالم كنظام خارجي وهذا قد دين. وثانيها القديسون الذين سيرشدهم ويخبرهم عن أمور عتيدة لا بل وعن كل ما يختص بالمسيح وبمجده العظيم. هذا هو التعليم الواضح السهل الذي يكتبه لنا الرسول يوحنا عن الروح القدس.

  • عدد الزيارات: 6288