Skip to main content

الفصل الثالث: المسيحية والصراع النفسي - الحيلة السادسة: الإبدال

الصفحة 7 من 7: الحيلة السادسة: الإبدال

الحيلة السادسة: الإبدال

وتسمى هذه بالانجليزية Substitution.... والإبدال نوعان: إعلاء Sublimation وتعويض Compesation.

أما الإعلاء فهو التعبير عن الدوافع التي لا يقبلها المجتمع بوسائل يقرها المجتمع ويرتضيها. فالمرء الذي لا يستطيع إشباع دافعه الجنسي قد يقوم بإعلائه عن طريق رسم اللوحات الفنية، أو قرض الشعر، أو غير ذلك من الأساليب.

ولا جدال في أن في الإعلاء تصريف للطاقة الجنسية، وإنقاص من حدة التوتر، ومع ذلك فهذا التصريف وهذا الإنقاص ليسا كاملين... ذلك لأن الإشباع الجنسي لا يحقق الدافع الجنسي وحده، وإنما يحقق كذلك كثيراً من الدوافع الأخرى المرتبطة به، مثل الحاجة إلى الرفيق، والرغبة في الاتكال على الغير، وعاطفة الأبوة، وهذه الدوافع لا يمكن إشباعها بالسلوك البديل الذي أعلينا به الدافع الجنسي.

وأما التعويض فهو محاولة الفرد النجاح في ميدان من ميادين النشاط بعد أن أخفق في ميدان آخر مختلف عنه أو مرتبط به فالطالب الذي يفشل في الألعاب الرياضية، قد يعوض عن فشله هذا بالدراسة والجد ليصيب من التقدير في الفصل ما لم يتحقق له في الألعاب، وواضح أن التعويض هنا قد تم في ميدان مخالف للميدان الأول.

وقد يغالي الفرد في التعويض ليثبت تفوقه وامتيازه في الميدان الذي خلق ضعيفاً فيه، قليل الاستعداد له، وقد شهد التاريخ أن هتلر وموسوليني وفرانكو وستالين كانوا على شاكلة نابليون من قصر القامة، وأنهم عمدوا إلى تحصيل قوة الشخصية، وجمع النفوذ السياسي في أيديهم بعد أن عز عليهم أن يغيروا ما وهبتهم الطبيعة إياه من أجسام وقامات.

هذه هي الحيل التي يستخدمها الفرد لتخفيف التوتر الناشئ عن الصراع النفسي، وهي حيل تحقق للفرد نوعاً من الراحة النفسية بسبب ما يشعر من تخفيف مؤقت للتوتر! لكن هناك من الناس من يقوم بأنماط من السلوك الشاذ المنحرف الذي يظهر في المرض النفسي والعقلي. ومن هذه الأمراض النفسية والعقلية نكتفي بذكر ما يلي:

[1] الوساوس المتسلطة: أي تسلط أفكار من نوع خاص على تفكير المرء تدفعه قسراً إلى القيام بأعمال وحركات رغم شعوره التام بأن ما يصدر عنه من أعمال وحركات وتصرفات أمور لا يقبلها العقل ولا يقرها المنطق السليم.

ولهذا المرض صور متعددة من أهمها الخوف من النجاسة فتجد المريض لا يكاد يلمس أحداً أياً كان حتى يسارع إلى غسل يديه ويضيع الأوقات في محاولات للتطهير بالماء والصابون أو المطهرات، وهناك ظاهرة ثانية هي عدم النوم قبل التأكد من إغلاق الأبواب والنوافذ مع أن المريض يكون قد أغلقها.

[2] النيوراستينا: وهذا المرض يشبه القلق النفسي وأهم أعراضه الشعور الدائم بإجهاد زائد، وعدم النوم المريح وعدم القدرة على مواصلة التفكير في موضوع معين.

[3] الهستيريا: وهو مرض تبدأ أعراضه بإنهاك في القوى الجسمية بسبب الصدمات العاطفية، ويعتقد فرويد أن مرض الهستيريا ينشأ نتيجة الصراع بين الذات وبعض الرغبات الغريزية الجنسية التي ترجع إلى أيام الطفولة المبكرة والمكبوتة في اللاشعور وفي الواقع أن معظم الأعراض الهستيرية على اختلاف أنواعها ما هي إلا وسائل دفاعية يستعملها المريض للهرب من موقف يشعر بينه وبين نفسه أنه غير قادر على مواجهته بعد ما أصاب شخصيته من انحلال نتيجة للصراع العقلي الذي تحدثه تلك الصدمات النفسية المتعاقبة وما يتبع ذلك من كبت وإجهاد.

وهناك أعراض لمرض الهستيريا هي (1) الشلل (2) التشنجات العصبية (3) الارتعاش من الخوف (4) التقلصات العضلية (5) فقدان القدرة على تذكر الخبرات الماضية.

[4] السكيزوفرينيا Schizophrenia: والمريض بهذا المرض يتميز بغرابة الأطوار، والاستنتاج غير المطابق للعقل، وهذيان العظمة والاضطهاد، وتشتت التفكير والإنتباه والوهم واضطراب الشعور.

[5] السلوك السيكوباتي Psychopathic: والمريض بهذا المرض يتميز بنشاط عشوائي اندفاعي مضاد للمجتمع، مستمر، ومتكرر لكسب وهمي غير محسوس، وهو فريد في قصوره وعوجه والتواء أحكامه وعدم استبصاره وزيغ أهدافه وفجاحته وتقلبه وسخفه وحماقاته وقسوته وقلة جدواه، لا ينضج أصحابه من التجربة ولا يرتدعون من العقاب، ولا يثبتون على هدف، ولا يصلون إلى قدر ما من التكيف مع المجتمع ولا يعرفون الندم ولا يحسون العار، ولا يختبرون الشعور بالخطيئة ولا يجعلون لتعاملهم مع الحياة إلا شعاراً واحداً هو "أن يأخذوا كل ما يستطيعون، من أي إنسان يستطيعون وبأية وسيلة يستطيعون".

والشخص السيكوباتي لا يعرف من الزمن إلا الحاضر، إلا اللحظة التي يعيش فيها وحسب، مقطوع الصلة بما كان، معدوم الارتباط بما سوف يكون.

ويرجع سبب هذا المرض النفسي إلى نوع من الاستعداد الموروث يتصل عادة بتفوق ظاهر في النواحي العقلية يدفعه إلى المغامرة والإقدام وحب الظهور، يقابله نوع من المقاومة تعرض على الفرد أيام طفولته المبكرة والمتأخرة، وكثيراً ما تقترن معاملته بالقسوة فينشأ الطفل ناقماً على المجتمع. وعندما تكتمل رجولته سرعان ما يعبر بشكل لا شعوري وبطرق شتى من الانحراف عما يخالج نفسه من نـزعات مكبوتة دون أي اعتبار للقيم والمعايير الأخلاقية.

وإذن فالصراع النفسي، صراع رهيب جبار، فشلت كل العلاجات في القضاء عليه، وهو سبب الكثير من الاضطرابات والأمراض النفسية التي تصيب الشخصية الإنسانية!

أجل وبكل يقين!!

فالمسيحية تعالج الصراع النفسي من جذوره. وتجتثه من أصوله فتنادي بضرورة الميلاد الثاني.... الميلاد من فوق... الميلاد من الروح القدس!!

والميلاد الثاني يعنى بخلق الإنسان من جديد، خلقه خليقة خالية من الأمراض العقلية والنفسية التي أصابت شخصيته بالانحلال والتدهور، وبدون الميلاد الثاني يبقى الإنسان في صراعه بائساً مسكيناً وحيداً يضارب الهواء، ولا يصل في صراعه إلى نجاح.

لقد قال ربنا له المجد لنيقوديموس "الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله" يو 3: 3 "المولود من الجسد هو جسد والمولود من الروح هو روح" يو 3: 6.

وبهذه الكلمات أكد السيد المسيح له المجد أن رؤيا ملكوت الله متعذرة بدون الميلاد الثاني بل هي مستحيلة!!

وما هو ملكوت الله؟ يجيبنا الرسول بولس قائلاً "لأن ليس ملكوت الله أكلاً وشرباً. بل هو بر وسلام وفرح في الروح القدس" رو 14: 17.

فالميلاد الثاني هو وسيلة التمتع بالبر والسلام والفرح في الروح القدس.

وفي الإصحاح الرابع من إنجيل يوحنا، نرى الرب وهو يتعامل مع المرأة السامرية، وهي امرأة ذات ماض، امرأة منحلة الشخصية، يطاردها الإحساس بالإثم، غارقة في أوحال ونجاسة الأرض، اندفعت مع غرائزها بشكل رهيب، فكان لها خمسة أزواج والرجل الذي كان معها حين كانت تتحدث إلى المسيح لم يكن زوجاً شرعياً لها، ومع ذلك فقد تحدث السيد إلى هذه المرأة التي تعتبر من سقط المتاع، بحقائق ثمينة، فكلمها عن الماء الحي وأثار في قلبها الرغبة إلى الارتواء منه، وأكد لها أنها لن تشبع بملذاتها الجسدية أبداً، وناداها بالكلمات "كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضاً. ولكن من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا فلن يعطش إلى الأبد. بل الماء الذي أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية" يو 4: 13 و 14.

وإذ تطلب المرأة أن تشرب من هذا الماء يكشف لها الرب بطريقته الفذة الستار عن ماضيها، قائلاً لها "اذهبي وادعي زوجك وتعالي إلى ههنا" يو 4: 16.

إن أعظم محلل نفسي لا يستطيع أن يصل إلى غور النفس البشرية كما فعل ربنا المبارك، وبغير جدال أنه لكي يصل المحلل إلى اعتراف صريح من مريضه فإنه يحتاج إلى جلسات وجلسات، أما يسوع له المجد، فهو في دقائق قليلة بل في سرعة خاطفة يصل إلى هدفه، ويدفع المريضة المعذبة إلى الاعتراف دون أن يسئ إلى شخصيتها وكرامتها.

أصغ إلى الحديث الذي دار بينه وبينها:

المرأة السامرية: يا سيد أعطني هذا الماء لكي لا أعطش ولا آتي إلى هنا لأستقي.

المسيح له المجد: اذهبي وادعي زوجك وتعالي إلى هنا.

المرأة السامرية: ليس لي زوج.

المسيح له المجد: حسناً قلت ليس لي زوج. لأنه كان لك خمسة أزواج والذي لك الآن ليس هو زوجك. هذا قلت بالصدق.

المرأة السامرية: [تعترف] يا سيد أنك نبي.

وفي كلمات المرأة "يا سيد أرى أنك نبي" اعتراف أكيد بخطيتها، أنها قد سلمت أسلحتها، وكشفت النقاب عن خطيتها، واعترفت بماضيها الأسود البغيض، ويقول يوحنا الرسول "إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم" 1 يو 1: 9.

وقد نالت المرأة السامرية البركتين، بركة غفران الخطايا، وبركة التطهير من كل إثم.... لقد ولدت من جديد وصارت أهلاً لعبادة الله عبادة حقيقية كما قال السيد "يا امرأة صدقيني أنه تأتي ساعة لا في هذا الجبل ولا في أورشليم تسجدون لما لستم تعلمون. أما نحن فنسجد لما نعلم لأن الخلاص هو من اليهود. ولكن تأتي ساعة وهي الآن حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح الحق. لأن الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له. الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا" يو 4: 21- 24.

أجل ولدت المرأة ذات الماضي ولادة جديدة.

ولدت من فوق.

ولدت من الله.

وأعلن لها السيد نفسه كالمسيا الآتي لخلاص العالم وقال لها "أنا الذي أكلمك هو" يو 4: 26.

فتركت المرأة جرتها ومضت إلى المدينة وقالت للناس "هلموا انظروا إنساناً قال لي كل ما فعلت. ألعل هذا هو المسيح فخرجوا من المدينة وأتوا إليه" يو 4: 28- 30.

لقد صارت المرأة النجسة سيدة قديسة، وصارت مبشرة ناجحة أنهضت مدينة بأسرها.

ويقيناً أن فرح السماء قد ملأ قلبها، فالإنسان حين يولد من الله يختبر السعادة الحقيقية... إن قوة جديدة تخلق في حياته وتساعده في صراعه الجبار، ويغمره فرح عظيم حتى يختبر كلمات بطرس الرسول القائلة "الذي وإن لم تروه تحبونه. ذلك وإن كنتم لا ترونه الآن لكن تؤمنون به فتبتهجون بفرح لا ينطق به ومجيد" ا بط 1: 7 و 8.

حدثنا مسيحي غير معروف في كتاب له بهذه القصة، تقابلت فتاة ذكية كانت تحب العالم مع مس مارش، فحدثتها الأخيرة عن خلاص نفسها فقالت الفتاة المحبة للعالم لمس مارش "هل تريدين مني أن أترك كل شيء في العالم، أن أعطي كل شي ء.....؟" فأجابتها مس مارش قائلة: كلا بالتأكيد: إنني أطلب منك أن تأخذي كل شيء في المسيح يسوع.

وأول بركة ينالها المولود من الله هي بركة غفران الخطايا.

غفران الخطايا!

إن هذه البركة وحدها هي نبع لا ينضب من ينابيع السعادة، كتب ملك من الملوك العظام، أغنية فرح عميقة المعاني، كان هذا الملك قد أخطا ضد الله، وضد التاج، وضد الشعب، وضد الضمير، وضد أوريا الحثي، وضد امرأة أوريا الحثي، ولكنه تاب توبة صادقة ورجع إلى الله... كان أعظم ملوك أيامه، وكان يملك كل شيء يمكن أن يجعل الإنسان سعيداً. قصر عظيم... غنى عظيم... جيش عظيم.. هدوء واستقرار من كل وجه، ولكنه في أغنية الفرح التي كتبها، لم يقل "سعيد هو الرجل الغني" ولم يقل "سعيد هو الملك المحبوب من شعبه" كلا: بل كتب قائلاً "طوبى [أي سعادة] للذي غفر إثمه وسترت خطيته. طوبى [أي سعادة] لرجل لا يحسب له الرب خطية ولا في روحه غش" مز 32: 1 و 2.

وكل من ينال بركة الغفران لا بد أن يرنم من قلب سعيد فرحان لأن الله غفر إثمه وستر خطيته.

إن الميلاد الثاني ليس معناه قلب صفحة جديدة بل معناه الخليقة الجديدة كما يقول بولس للكورنثيين "إذاً إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة. الأشياء العتيقة قد مضت هو ذا الكل قد صار جديداً" 2 كو 5: 17.

إن معناه أن يولد الإنسان من الله في أسرة الله، لقد كان نيقوديموس إنساناً، وكان فريسياً مدققاً، وكان رئيساً لليهود، وكان معلماً لإسرائيل، وكان باحثاً عن الحق، ولكنه احتاج أن يولد من الله... أن يولد من كلمة الله التي أشير إليها في حديث المسيح بالماء، كما يقول يعقوب الرسول "شاء فولدنا بكلمة الحق لكي نكون باكورة من خلائقه" يعقوب 1: 18 وكما يقول بطرس الرسول "مولدين ثانية لا من زرع يفنى بل مما لا يفنى بكلمة الله الحية الباقية إلى الأبد" 1 بط 1: 23.

أجل إن يولد الإنسان من كلمة الله بعمل روح الله

والله لا يغفر لي خطاياي فقط حينما أقبل المسيح مخلصاً ولكن روح الله يسكن فيّ، يمتلكني، ويمتلك قلبي، وحياتي، وعواطفي، ورغباتي، يسوع المسيح يسكن فيّ بروحه القدوس.

هذا شيء عجيب وحلو!

لقد قال ربنا لتلاميذه "وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد. روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه. وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم ويكون فيكم. لا أترككم يتامى. إني آتي إليكم... في ذلك اليوم تعلمون إني أنا في أبي وأنتم في وأنا فيكم" يو 14: 16- 20.

هذا هو السر العظيم لسعادة المسيحي، إنه يحمل في جسده سمات الرب يسوع المسيح غلا 6: 17 وروح الله نفسه يسكن فيه.

إن هناك كثيرين قد ولدوا من الله، لكن حياتهم حياة العلو والهبوط، إنهم كثيراً ما يسقطون، إنهم مسيحيون مرضى، ضعفاء... وبدلاً من أن يكونوا جنوداً للسيد نراهم مرضى في مستشفى الروح، وهم لا يستمتعون إلا بفرح قليل في الرب، وربما لا فرح عندهم، ولذا فهم يلجأون للبحث عن السعادة في المسرات العالمية.

ولكن لكي تكون مسيحياً سعيداً، وتستمتع بفرح الرب، فيجب أن تكون دائم الإحساس بسكنى الرب يسوع المسيح في قلبك. إنه لا يزرع الفرح في قلبك. إنه هو نفسه الساكن فيك، ينبوع سلامك وسعادتك وفرحك.

إن المسيحي المولود من الله يحب الأشياء التي يحبها الله، ويرغب في الأشياء التي يرغب فيها الله، ويكره الأشياء التي يكرهها الله. إنه لا يستطيع أن يخطئ وهو مرتاح القلب، بل يحس بالتعاسة والشقاء حين يخطئ.

إن سعادته القصوى في إرضاء مخلصه الذي فداه. إن المسيحي المولود من الله يرضى بمشيئة الله مهما كانت صعبة بالنسبة إليه.

حدثنا كاتب جليل بهذه القصة: كان الأخ "ساند" يزور مدينة لندن ويرى الأشياء الغريبة التي كان يسمع عنها وهو صغير، وكان يتكلم مع الناس عن الرب يسوع المسيح مخلص الخطاة وفي أحد الأيام زار مدرسة غريبة. تلاميذها كلهم من الصم البكم [الذين لا يسمعون ولا يتكلمون] ولما دخل الأخ "ساند" تلك المدرسة أشار إلى ولد صغير ليأتي إلى السبورة وكتب له هذا السؤال:

-من خلق الأرض؟

وأعطى الطباشير للولد فكتب:

-في البدء خلق الله السموات والأرض.

ثم كتب له السؤال الثاني:

-لماذا جاء المسيح إلى العالم؟

فلمع وجه الولد بالسعادة عندما كتب هذه الإجابة:

-"صادقة هي الكلمة ومستحقة كل قبول. إن المسيح يسوع جاء إلى العالم ليخلص الخطاة" 1 تي 1: 15.

وقد سر الأخ "ساند" من إجابة الولد، فكتب له السؤال الثالث:

-لماذا أنت مولود أصم وأبكم بينما أنا أستطيع أن أسمع وأتكلم؟

فكتب الولد العزيز بسرعة:

-"نعم أيها الأب لأن هكذا صارت المسرة أمامك" مت 11: 26 بعد ذلك سالت دموع الأخ "ساند" فمسحها وهو ينظر مسروراً إلى هذا الولد الذي يفيض وجهه بالفرح والسعادة، والذي يسلم لمشيئة الله بفرح وسرور.

وكل مسيحي مولود من الله يجب أن يسلم هكذا لمشيئة الله:

من بين القصص المؤثرة التي قرأتها في مجلة كبرى هذه القصة الرائعة: "دام زواجهما عشرين عاماً، دون أن ينعم الله عليهما بمولود، ولهذا كان فرح الزوجين عظيماً حين علما أن جنيناً في طريقه إليهما.

وجاء يوم الوضع، ولشد ما تألم قلب الطبيب حين وجد أن الطفلة بذراع واحدة، وإن الذراع الأخرى اقتصرت على نصف ذراع ينتهي بكتلة من اللحم. ولم يجد الطبيب مفراً من أن يخبر الزوج بهذا النبأ السيئ، وعرض عليه أن يقوم هو- الطبيب- بإخبار الزوجة بالأمر، غير أن الزوج أسرع وقال:

- كلا، فأنا الذي يجب أن أنقل إليها هذا النبأ.

ودخلا معاً، والطبيب يحمل الطفلة، ووضعها إلى جانب أمها على الفراش الذي كانت راقدة عليه، فراحت الأم تتحسس وجهها بأصابع الأم الرءوم ثم نظرت إلى زوجها وقالت:

- إنها رائعة؟ أليست كذلك؟

غير أن شيئاً في عيني زوجها أنذرها وأوقفها عن إتمام الحديث، وفي بطء راحت ترفع الغطاء عن الطفلة حتى رأت تلك الذراع المشوهة، فأدارت وجهها إلى زوجها ثانية وقالت في هدوء وفي رقة!

- إن شاء الله المحب يعلم أين يرسل هذه الطفلة. إنه يعلم مبلغ حاجتنا إليها، ومبلغ حاجتها إلينا، ولذا فقد أرسلها لنا هكذا لنسبغ عليها عنايتنا ومحبتنا وعواطفنا. وتلاشى الألم من عيني الزوج حين رأى كيف تلقت زوجته هذه الصدمة.

لقد تلقتها بالإيمان بالله. وبالتسليم الكامل لمشيئة الله. والإيمان بالله هو ترياق الهموم، هو سر السعادة في هذه الأرض.

أما الحيل اللاشعورية كالتبرير، والإسقاط، والتقمص، وانعدام الترابط، والكبت، والإبدال!! فهي لا تستطيع أن تعالج النفسية المريضة، أو توقف الصراع الدائر في الحياة النفسية الداخلية أو تحمي الإنسان من الأمراض النفسية والعقلية.

الصفحة
  • عدد الزيارات: 25577