الفصل الثالث: المسيحية والصراع النفسي - الحيلة الثالثة: التقمص
الحيلة الثالثة: التقمص
في الإسقاط ينسب المرء صفاته القبيحة إلى غيره من الناس، أما في التقمص فهو يتخذ لنفسه بعض ما يجد عند غيره من الصفات الحميدة.
وهناك شبه كبير بين التقمص والتقليد، وإن كان هناك بعض نواحي الاختلاف ، ففي التقليد يتخذ المرء لنفسه مثالاً يحتذيه، ولكن الفرد لا يتقمص الشخص الذي يقلده إلا إذا كان يحمل له الحب في قلبه، كما أن التقمص الحق لا يقتصر على تقليد شخصي، وإنما يتضمن شعور الشخص بأنه قد أصبح- في الخيال والوهم- نفس الشخصية المتقمصة، فيصبح وإياه شيئاً واحداً، يحس بنحاحه وفشله ويشعر بفرحه وأسفه.
والتقمص هو الذي يجعل للمسرح والروايات والأفلام السينمائية جاذبية وإمتاع، فالمرء يضع نفسه حين قراءة الروايات أو مشاهدة المسرحيات أو الأفلام وضع الأبطال، ويصبح وكأنه يقوم بما يقومون به من مخاطرات وأعمال، وكذلك يتقمص قارئ الرواية البوليسية دور رجل البوليس الذي يقوم في النهاية بالكشف عن فاعل الجريمة ويشعر القارئ عندئذ بشيء من الارتياح والاستعلاء واحترام الذات لأنه قد تقمص شخصية البطل الجدير بالإعجاب.
والتقمص لازم من أجل نمو الشخصية، والفتاة التي تكون قد نجحت في تقمص شخصية أمها هي التي تستشعر الغبطة والسعادة حين تقوم بعد ذلك بدور الأم. أما الفتاة التي كانت قد اقتصرت على تقليد أمها فإنها لا تصل إلى أكثر من معرفة الدور الذي يطلب إليها القيام به، ثم تقوم بأداء دورها دون أن تعيش فيه وتشعر به.
- عدد الزيارات: 26265