Skip to main content

الفصل الثالث: المسيحية والصراع النفسي - الحيلة الرابعة: انعدام الترابط

الصفحة 5 من 7: الحيلة الرابعة: انعدام الترابط

الحيلة الرابعة: انعدام الترابط

وتسمى هذه الحيلة بالانجليزية Dissociation وتعني تلاشي الوحدة والانسجام بين التفكير والوجدان والأفعال.

ولكي نوضح ذلك نقول: أن من طبيعة الإنسان أن تكون أفعاله ومشاعره وأفكاره بحيث ترتبط بعضها ببعض، فعندما تدرك أن هناك من يسيء إليك فإنك تغضب وتقابل الإساءة بمثلها... فتفكيرك، غضبك، وحركاتك العضلية كلها أجزاء في كل واحد متناسق، ولكن هذه الوحدة كثيراً ما تنعدم بفعل التربية المبكرة وما يترتب عليها من صراع، فنحن نعلم الطفل منذ سن مبكرة ألا يدفعه الغضب إلى الضرب، فإن تصادف بعد ذلك أن أغضبه أحد أبويه نجد لا يستطيع أن يرد العدوان لأن ذلك لا يرضيه كما أنه يشعره بالإثم ونراه يحاول وهو يصارع بين إحساسه بالغضب، وتجنبه الشعور بالإثم، وقد أسعفه انعدام الترابط بين مشاعره من ناحية وأفكاره وأفعاله من ناحية أخرى، يقضي ساعة أو ساعتين في رسم الطائرات أو التحدث عن المعارك، ومعنى هذا أنه لم يتخلص من غضبه بانعدام الترابط، وإنما انفصلت مشاعر الغضب عنده عن أبويه وعبرت عن نفسها بطريقة رمزية على هيئة صور وقصص عن الحرب والقتال.

ويتخذ انعدم الترابط الكثير من الصور سنتحدث هنا عن صورتين منها.

(1) الحركات القسرية:

وهي حركات يجد الفرد نفسه مضطراً إلى إتيانها ثم إلى إعادة إتيانها، وتدل هذه الحركات على أنها قد انسلخت عن الوجدانات الخاصة بها.. ونحن نلاحظ هذه الحركات في سلوك الكثيرين من الناس، على هيئة لزمات أو حركات هي أشبه بالطقوس الدينية، والحركات القسرية تصدر عن الفرد بطريقة أوتوماتيكية ودون أن يصحبها شيء كثير من الانفعال فيخيل للمرء عندئذ أنه ليس وراءها وجدانات قوية تدفع إليها على حين أن الحيلولة بين الشخص وبين إتيانها يؤدي إلى انفعالات عنيفة مما يدل على أنها سلوك تدفع إليه دوافع قوية.

ومن المكن تفسير هذه الحركات القسرية بأنها تقوم مقام أنواع أخرى من السلوك لا يدري الشخص نفسه طبيعتها فمثلاً اهتزاز رمش العين قد يرمز إلى رغبة الشخص في النظر إلى مشهد تحرم رؤيته وإلى تحرجه في ذات الوقت من إتيان هذا الفعل، وفوق ذلك فإن هذه الحركات القسرية حين يقوم بها الفرد في غير انفعال تصبح بمثابة تأكيد للفرد بأنه لن يقوم بتنفيذ الأفعال التي قامت الحركات القسرية مقامها، وأنه بالتالي لن يستشعر الإثم والخطيئة نتيجة ذلك.

وهنا لا بد أن نقول أن المرء يجب أن لا يفزع إن وجد في سلوكه شيء مما ذكرنا، فإن في سلوك الناس جميعاً شيئاً من الحركات القسرية مثل الترنم بنغمة معينة لمدة طويلة أو قرض الأقلام، ومثل هذا السلوك يساعدهم على الشعور بشيء من الراحة ويخفف من حدة توترهم في حياتهم اليومية العادية.

(2) الإكثار من التفكير النظري:

الإكثار من التفكير النظري صورة أخرى من صور انعدام الترابط، يحل فيها التفكير في الشيء والتحدث عنه محل ما كان ينبغي أن يؤدى من الأفعال وذلك لئلا يؤدي عجز الشخص عن القيام بالأفعال المطلوبة إلى شعوره بالنقص والذلة.

الحيلة الخامسة: الكبت
الصفحة
  • عدد الزيارات: 25580