الفصل الثالث: المسيحية والصراع النفسي - الحيلة الخامسة: الكبت
الحيلة الخامسة: الكبت
وتسمى هذه الحيلة بالانجليزية Repression، وهناك فرق بين القمع Supression والكبت، فالقمع معناه أن يقوم الإنسان بضبط نفسه وحبسها عما تشتهيه وتندفع إليه من الأمور المحرمة، وفي أن الإنسان يكون على علم بهذه النوازع وبأنه يحول بينها وبين أن تبدو للناس. كما يقول بولس الرسول " وكل من يجاهد يضبط نفسه في كل شيء... أما أولئك فلكي يأخذوا إكليلاً يفنى وأما نحن فإكليلاً لا يفنى. إذاً أنا أركض هكذا كأنه ليس عن غير يقين هكذا أضارب كأني أضارب الهواء. بل أقمع جسدي وأستعبده حتى ما كرزت للآخرين لا أصير أنا نفسي مرفوضاً" 1 كو 9: 25- 27.
أما الكبت فلا يتضمن وعي الفرد بما يكبته من دوافع.
وفي حالة القمع تكون الدوافع محرمة في نظر الجماعة وغير مقبولة لديها، أما في حالة الكبت فتكون من النوع الذي لا يقره ضمير الفرد ولا يسمح به.
فكأن الكبت نوع من تهذيب الذات للذات، على حين أن القمع عبارة عن خضوع النفس لنواهي المجتمع وحرماته.
والشخص الذي تربى في مجتمع نظم سلوك أفراده على القمع، أخوف ما يخافه هو أن يلحقه العار والخزي بين أهله ومواطنيه.
أما الشخص الذي تربى في مجتمع نظم سلوك أفراده على الكبت فإن م يحول بين الفرد فيها وبين أن يسوء سلوكه هو الخوف من أن يستشعر الإثم والندم وعذاب الضمير .
وترجع غلبة القمع على الكبت أو الكبت على القمع إلى تفاوت الأفراد نتيجة التربية المنـزلية وسيطرة الدين على النفوس، ودرجة السمو الروحي، والنضج الفكري.
والكبت الكامل يؤدي إلى النسيان أي اختفاء الدوافع غير المقبولة اختفاء تاماً من وعي الفرد وإدراكه، وزوال ما يترتب على هذه الدوافع من سلوك.
ولكن الكبت لا يكون كاملاً في معظم الأحوال، ولذا تلتمس الدوافع وسائل أخرى غير مباشرة تعبر بها عن نفسها، فتلجأ إلى كثير من الحيل الدفاعية التي سبق الحديث عنها.
وقد نجح الباحثون أخيراً في إجراء دراسات تجريبية، أظهرت لهم أن أظهر ما يتميز به الكبت هو أن الفرد يكون قد صادف نوعاً من الفشل والإخفاق أنقص من احترامه لنفسه واعتباره لذاته، وبذلك تسوء قدرته على تذكر هذه الخبرات.
- عدد الزيارات: 26261