الجزءُ الثاني
القسم الأول
في تفصيل أسفار العهد القديم وفيهِ مقدمة وأربعة فصول وتتمَّة
المقدَّمة
في تقسيم أسفار العهد القديم
قد تقدم القول بأن الكتاب المقدس ينطوي على جزءَين متميزين وهما العهد القديم والعهد الجديد. فالأول يشتمل على إعلان إرادة الله المتوالية إلى العبرانيين قبل ميلاد المخلص. والآخر يشتمل على الأقوال الموحى بها من الله إلى الإنجيليين والرسل. وكلاهما يجمعان ستة وستين سفراً. فمنها تسعة وثلثون سفراً مندرجة في العهد القديم. وقد قسمتها اليهود القدماءُ إلى أربعة وخمسين قسماً منها أقسام كبيرة ومنها صغيرة فكان يُقرأُ منها كل يوم سبتٍ قسمٌ من الكبار وقسمٌ من الصغار. وهكذا كان يُقرأُ في المجامع كل العهد القديم مرة في السنة. وقد قسمتها أيضاً إلى ثلثة أقسام وهي الناموس والأنبياءُ والمكتوبات المقدسة. فالناموس يحتوي كتب موسى الخمسة. والأنبياءُ على قسمين أوائل وأواخر. فالأوائل تتضمن سفر يشوع والقضاة وسفري صموئيل وسفري الملوك. والأواخر تحيط بنبوة اشعيا وارميا وحزقيال وبقية النبوات الاثنتي عشرة الصغار من هوشع إلى ملاخي. وكانت تُعَدُّ كتاباً واحداً. والمكتوبات المقدسة هي الزبور
والأمثال وأيوب ونشيد سليمان وراعوث ومراثي إِرْمِيَا والجامعة واستير ودانيال وعزرا ونحميا وسفر الايام
ثم ان هذه الأسفار المحوية في الكتب المقدسة لم يُرَتَّب وضعها على حسب الأزمنة التي كُتِب فيها كل واحدٍ منها. لكن المسلَّم من ذلك بوجه العموم ان سفر التكوين هو أول العهد القديم ونبوة ملاخي أخرهُ ما عدا ان سفر أيوب ربما تممهُ موسى في أثر زمان سفر التكوين
وأما الاسفار غير القانونية التي تسمَّى الابوكريفا فسيأتي الكلام عنها في الجزءِ الثالث من هذا الكتاب
الفصل الأول
في أسفار موسى الخمسة ويُقال لها الناموس
ان الأسفار الخمسة التالية قد كتبها موسى النبي كليم الله إلا الاصحاح الأخير من سفر التثنية فإنهُ أُضيف لأجل ختام التاريخ. وقيل أنهُ ليشوع بن نون. وهي القسم الأول من العهد القديم الذي كان يُسمَّى عند اليهود ناموس موسى لو 24: 44. وهذه الأسفار تحوي تاريخ مدَّة 2553 سنة من خَلْق العالم إلى وصول الإسرائيليين إلى حدود أرض كنعان سنة 1451 ق م فيكون موسى قد كتب حوادث 2433 سنة قبل ولادتهِ. ولا ريب بأنهُ كان يعرف حقيقة هذه الحوادث كما هي وقد توصل إلى معرفتها
أولاً من الآباءِ أسلافهِ الموحَى إليهم. فإن كنيسة الله على الأرض مع أنها كانت ضعيفة من بدءِ الخليقة لم تتلاشَ ولم يكن وقت فيهِ قويت عليها أبواب الجحيم. وسلسلة شعب الله الخالصين لم تنقطع البتة بل كان سبحانهُ يقيم من وقتٍ إلى آخر أناساً أُمناءَ يُعلِن لهم إرادتهُ لكي يعبدوهُ بالروح والحق ويعلموا غيرهم بذلك. فإذاً لا بد من ان معرفة الإله الحقيقي وحوادث الأجيال القديمة كانت محفوظةً عند العبرانيين في مصر في أيام موسى وكانوا يتداولونها ويعلمون بها.
ونتعلم من تاريخ هذه الأسفار بأنهُ كان بين آدم وموسى خمسة أجيال أو أشخاص ما عداهما وهؤلاءِ الأشخاص كانوا من المعتبرين الذين لا بد من أنهُ بواسطتهم قد تسلسل الخبر من آدم إلى موسى بكل أمانةٍ. فالأول منهم متوشالح وهو قد عاش معاصراً لآدم مايتين وثلاثاً وأربعين سنة. والثاني سام وهو قد عاش معاصراً لمتوشالح ثماني وتسعين سنة. والثالث اسحق وهو قد عاش معاصراً لسام خمسين سنة. والرابع لاوي وهو قد عاش معاصراً لاسحق أربعاً وثلاثين سنة. والخامس قَهات بن لاوي وأبو عَمرام الذي كانت سنو حياتهِ 133 سنة ويحتمل أنهُ قد عاصر موسى أو ان أباهُ لاوي قد عاصر ابنهُ عمرام الذي قد عاصر موسى انظر خر 6: 16 إلى 21 لأنهُ كان من موت لاوي إلى ولادة موسى 42 سنة وكان بينهما شخصان من طوال الأعمار وهما قَهات الذي عاش 133 سنة وعَمْرام ابنهُ الذي عاش 137 سنة
ثانياً من كتابات الآباءِ. فإن كثيرين من أشهر الباحثين يعتقدون بأن الآباءَ كانوا يعتنون بكتابة الحوادث ولا بد من أنهم كانوا يبذلون الجهد في كتابة وضبط هذه الأمور التي قد تركوا بسببها أوطانهم وتاهوا في أرضٍ غريبة ساكنين الخيام طول حياتهم وعدم وصول شيءٍ من هذه المكتوبات إلينا لا ينافي هذا الرأي. وإما صناعة الكتابة فلا شك بأنها كانت معروفة في أيامهم كما نستدلُّ على ذلك من ان يهوذا كان لهُ خاتم تك 38 وإن صناعة نقش الخواتم كانت معروفة عند العبرانيين خر 28 وحيثما كانت هذه الصناعة فلا بدَّ من وجود صناعة الكتابة أيضاً هناك
ثالثاً من الوحي. أنهُ فضلاً عمَّا قد تقرَّر نقول ان جلَّ اعتمادنا في صحة هذه الأسفار وغيرها من أسفار الكتاب المقدَّس على الوحي ولولا هذا ما كنا نقبلها كقانون لإيماننا ولو كان لها ألوف من البينات على صدق حوادثها. وإما الأدلَّة على ان الله قد أوحى بها إلى موسى النبي فهي. أولاً شهادة الأمم القديمة كأُمَّة اليهود الذين استُؤْمِنوا على هذه الأسفار وغيرها من أسفار العهد القديم والسمرة
الذين هم من أقدام الطوائف الباقية إلى الآن. فإن جميع هؤلاءِ كانوا يقبلون هذه الأسفار بموجب هذا الاعتقاد من قديم الزمان وكانوا يوقرونها للغاية ويحافظون عليها بغيرة حارَّة ولم يزالوا كذلك إلى وقتنا الحاضر. ثانياً شهادة الكنيسة المسيحية التي قد قبلتها بموجب هذا الاعتقاد من حين تأسيسها إلى الآن
ثالثاً شهادة كتب العهد القديم فإنهُ كثيراً ما تذكر هذه الأسفار في أجزائها المتنوعة منسوبةً إلى موسى ومحسوبةً أسفاراً قانونية انظر يش ص1 وقض 3: 4 و2 مل 23: 25 و2 أي 30: 16 وعز 3: 2 ونح 8: 14 ودا 9: 11 وهلم جرّاً
رابعاً شهادة المخلص ورسله الأطهار التي يوردونها في ذكر هذه الأسفار كقانونية منسوبةً إلى موسى وفي الاقتباس منها في مواضع شتى من العهد الجديد انظر مت 4: 4 و7 و5: 21 و27 و31 و33 و8: 4 و15: 4 و19: 4 إلى 9 ولو 2: 22 و24 و39 و16: 29 الخ و24: 27 ويو 1: 45 و5: 45 الخ و1ع 15: 21 و26: 22 ورو 10: 5 و19 واكو ص10 و2 كو 3 والرسالة إلى العبرانيين كلها ولا حاجة لتكثير الشواهد أكثر من ذلك. ولا شك بأن هذه الشهادات المتقدّم ذكرها قاطعة جدّاً وكافية بذاتها لإقناع كل مرتاب ومنكر
ويتضح جليّاً من مطالعة هذه الأسفار بأن كاتباً ما بعد موسى إما يشوع أو صموئيل أو عزرا قد أدخل بالوحي بعض جمل تفسيرية وأضاف خبرية موت المشترع ودفنه تث ص34. وأما اعتراض البعض بأن استعمال هذه العبارة كما كلم الرب موسى وما شاكل ذلك يدلُّ على عدم صحة انتسابها إلى موسى فلا يقوى على هذه البراهين المقررة آنفاً بل ليس لهُ أدنى قوة في ذاتهِ إذ ان هذا الاستعمال هو بغاية اللياقة والأدب في أسفار قد كُتِبَت لإفادة كل الجنس البشري في جميع الأجيال إلى منتهى العالم على ان استعمالاً كهذا قد ورد نظيرهُ في أشهر المكتوبات كتاريخ يوليوس قيصر الشهير الذي هو مقبول عند جميع الأمم ولم يعارض أحد في نسبتهِ إليهِ لأجل هذا السبب
واعلم ان صحة هذه الأسفار تتضح بنوعٍ فائق من اتفاقها العجيب مع تاريخ
العالم ومطابقتها الحقائق المعروفة والاكتشافات الطبيعيَّة والجيولوجيَّة المستجدَّة. فإذا نظرنا مثلاً إلى علم الجيولوجيا نرى بأنهُ يجب ان نتقهقر أجيالاً شتَّى حتى نصل إلى بدءِ تاريخ خلق العالم وأما هذه الأسفار فتخبرنا ان هذه الخليقة قد حدثت في البدءِ وتترك ذلك البدءَ سرّاً مجهولاً. وقد تقرَّر عند علماءِ هذا الفن أنهُ بعد إيجاد مادة الأرض توالت ست مدَّات حصلت فيها تغيُّرات معلومة استعداداً لخلق الإنسان وتوطئَةً لجعل هذا العالم مسكناً مناسباً لهُ. وإما هذه الأسفار فلا يوجد فيها ما يناقض هذه الحقيقية المقرَّرة في هذا الفن البتة بل بالعكس أي تجد بها ما يؤَيد ذلك ويثبتهُ
وإما قصد الله الخصوصي في هذه الأسفار فهو أمران جوهريان جدّاً. الأول تهذيب البشر الساقطين في الفساد والضلال وتعليمهم طريق العبادة الإلهية الوحيد المعين من الله خالقهم. والثاني إرشادهم بواسطة الذبائح وسائر الرسوم الرمزية إلى يسوع المسيح فاديهم الذي بدمهِ فقط تُمَحى خطاياهم ويفوزون بالمصالحة مع الله. وقد أشار إلى هذا الرسول بولس بقولهِ في غل 3: 24 إذاً قد كان الناموس مؤَدّبنا إلى المسيح لكي نتبرَّر بالإيمان. انظر أيضاً غل ص3 كلهُ وعب ص8 وص9. وهذا الأمر كما هو مقرَّر عند المسيحيين الآن هكذا كان عند شعب الله من اليهود الذين لم ينتظروا الخلاص من هذه الطقوس بل من رحمة الله بواسطة المرموز إليهِ بها. انظر 1 صم 15: 22 ومز 40: 6 إلى 11 و50 كلهُ و51: 16 و17 واش 1: 11 إلى 20 وار 7: 21 إلى 23 وحب 2: 4 ويو 5: 46 واع 26: 22
الأول سفر التكوين
وهو يشتمل على تاريخ مدَّة 2369 سنة من خلق العالم إلى موت يوسف
هذا هو أول أسفار العهد القديم. وهو يُسمَّى هكذا لأنهُ يتضمَّن أخبار تكوين جميع الموجودات بكلمة الله القدير وتعمير الشعوب للأرض ببركتهِ وعنايتهِ
تعالى. وهو أقدم كتاب في العالم. وهو الذي يتضمن الخبر الوحيد الصحيح الذي لنا عن خلق الإنسان على صورة الله وعن سقوطهِ وعن فساد كل الجنس البشري بهذا السقوط وعن ظهور هذا الفساد عاجلاً من قتل قايين أخاهُ هابيل وهربهِ من حضرة الرب الذي أنتج بعد قليل انقسام العائلة البشرية إلى فيئَتين عبدة الله وفجَّار
وفي هذا السفر خمسون اصحاحاً ولكن لا يحوي كلٌّ منها مضموناً مستقلاً تامّاً في نفسهِ أحياناً يكون الاصحاح جزءَ فصلٍ منقسمٍ إلى اصحاحاتٍ كثيرة. وجملة الفصول الموجودة في هذا السفر أحد عشر
الأول يتضمن أعجب تاريخٍ عن خلق جميع الموجودات في السماء والأرض ص1 وص2
الثاني يتضمن سقوط والدنيا الأولين آدم وحوَّاءَ من حال القداسة والسعادة بمخالفتهما أمر الله وطردهما من الفردوس ليعيشا بالكدّ والحزن حتى الموت ثم الوعد بالمسيح مخلّصاً ص3
الثالث يتضمن تاريخ آدم وذريتهِ إلى زمان نوح وسلسلة البطاركة ص4 وص5
الرابع يتضمن زيادة الشرور على الأرض وهلاك جنس البشر بأسرهِ ما عدا نوحاً وأهل بيتهِ ص6 وص7
الخامس تعمير العالم ثانيةً بعشيرة نوح ص8 إلى ص10
السادس العزم الفاسد على بناءِ برج بابل وبلبلة الألسنة وتشتيت جنس البشر على الأرض ص11
السابع تاريخ إبراهيم ص12 إلى ص25
الثامن تاريخ اسحق ص26 وص27
التاسع تاريخ يعقوب ص28 إلى ص35
العاشر قصة يوسف وإخوتهِ ص37 إلى ص40
الحادي عشر تاريخ سعادة يوسف في مصر واحسانهِ إلى أبيهِ واخوتهِ حتى موتهِ ص41 إلى ص50
وفي هذا السفر أمورٌ كثيرة يجب على كل أحدٍ ملاحظتها وتذكُّرها ولا سيما المحدثين في السنّ. وقد أفرزنا منها تسع قضايا لا يستطيع أيُّ كتابٍ آخر ان يخبرنا عنها خبراً صحيحاً
الأولى خلق جميع الموجودات بكلمة الله القدير
الثانية سقوط أبوينا الأولين من عصمتهما وسعادتهما بمخالفتهما أمر الله وصيرورة كل الناس بذلك خطاةً مستعدين للمرض والألم والموت
الثالثة وعد الله الرأُوف بمخلصٍ
الرابعة العمر الطويل الذي عاشهُ الناس الأوائل في مدَّة العالم السالفة
الخامسة هلاك العالم بالطوفان لأجل خبث جنس البشر ورداءَتهِ العمومية
السادسة تبليل الألسنة في بابل وهو أصل اختلاف اللغات بين الناس
السابعة دعوة إبراهيم من بين الكلدانيين عباد الأصنام لأجل استبقاء الديانة الحقيقية في العالم ولأجل إفراز ذريتهِ من بين كل الشعوب حيث صدر الوعد بأن المسيح يتسلسل منهُ
الثامنة رغبة الناس في القديم وكثرة شوقهم بأن يكون لهم أولاد ذكور كما نرى خصوصاً في بيت إبراهيم ويعقوب. وهذا كان ناتجاً من الفكر بأن الله سيقيم مخلصاً للعالم من البشر ولا سيما من نسل إبراهيم الذي وعدهُ بذلك. ويتضح هذا الأمر جليّاً من أفكار حواءَ إذا اعتبرت قايين أكثر من هابيل. وسارة بإعطائها هاجر أمتها لإبراهيم رجلها لكي تُرزَق منها بنين. ورفقة في اجتهادها على إعطاء البركة ليعقوب. وامرأتي يعقوب في غيرتهما من جهة الأولاد الذكور. فكل هذا كان يدلُّ على إيمانهنَّ وجودة القصد عندهنَّ مع ان البعض منهنَّ قد استعملنَ وسائط غير مناسبة
التاسعة سلسلة الآباء التي كانت تحتوي على عشرين شخصاً من آدم إلى
إبراهيم وهذه هي أسماؤُهم مع ذكر أعمارهم:
|
|
|
سنين |
|
|
|
سنين |
(1) |
آدم |
عاش |
930 |
(12) |
أَرفَكْشاد |
عاش |
438 |
(2) |
شيث |
// |
912 |
(13) |
شالَح |
// |
433 |
(3) |
أَنوش |
// |
905 |
(14) |
عابر |
// |
464 |
(4) |
قينان |
// |
910 |
(15) |
فَالَج |
// |
239 |
(5) |
مَهْلَلْئيل |
// |
895 |
(16) |
رَعُو |
// |
239 |
(6) |
يارد |
// |
963 |
(17) |
سَرُوج |
// |
230 |
(7) |
أخنوخ |
// |
365 |
(18) |
ناحور |
// |
148 |
(8) |
متوشالح |
// |
969 |
(19) |
تارَح |
// |
205 |
(9) |
لامَك |
// |
777 |
(20) |
ابراهيم |
// |
175 |
(10) |
نوح |
// |
950 |
(21) |
اسحق |
// |
180 |
(11) |
سام |
// |
600 |
(22) |
يعقوب |
// |
147 |
وما عدا ذلك قد كان يوجد في أوائل أزمنة العالم أناسٌ لهم شرفٌ مشهور مثل آدم وحواءَ اللذَين هما أساس الجبلة البشرية. وهابيل الذي قتلهُ قايين أخوهُ الخبيث. واخنوخ الذي بعد ان سار مع الله سيرة مرضية انتقل إلى السماء حيّاً. ومتوشالح الشيخ الذي عاش تسع مئَة وتسعاً وستين سنة. ونوح الذي نجا من غريق العالم. وإبراهيم الذي بالإيمان قرَّب ابنهُ اسحق حسب أمر الله. ويوسف الذي باعتهُ اخوتهُ عبداً وبعد ذلك صار قهرمان أرض مصر وسيدها
فمن هذا الخبر الإلهي عن الخليقة والعناية الإلهية اللتين هما أجلٌّ الأشياء وأعظمهما اتخذ أكثر القدماء من الفلاسفة والمنجمين والمؤرخين رواياتهم التي كتبوها وجميع التعاليم المتأخرة والفنون الصحيحة قد أفادت لإثبات الحوادث التي شرحها موسى. فإن واقعة الطوفان العظمى (ونترك كل ما عداها) لم تتحقق فقط ببواقي الحيوانات البحرية الكائنة في كل جزء من الكرة بل يثبتها أيضاً
مؤرخون كثيرون من الوثنيين القدماء. والحاصل أنهُ لو لم يكن يوجد هذا التاريخ المحويُّ في العهد العتيق لكان العالم في أشدّ ظلمةٍ لا يعرف من أين أتى ولا إلى أين يذهب. وأن الإنسان ربما يتعلم من أول صفحةٍ منهُ في برهة ساعةٍ أكثر مما تعلمتهُ بدونهِ كل الفلاسفة في مدَّة أربعة آلاف سنة
فيا أيها القاري انك الآن حاصلٌ على أقدم تواريخ العالم وأصحها. التاريخ الذي يتضمن أول مكتوبٍ كشف الله بهِ ذاتهُ لجنس البشر وأعلن لهم حكمتهُ وسلطانهُ وصلاحهُ وعنايتهُ التي أنت وكل البشر مشمولون بها تماماً. وهو وحدهُ يعلّمك كم أنت مديونٌ لهُ لأجل هذا الكشف الجليل ويجعل قلبك يشعر بممنونيتك لحكمتهِ ورحمتهِ. ان الله قد خلقك وخلق جميع الكائنات وهو يتسلط على كل شيءٍ كمشيئَتهِ. وطالما دمت تحت هداية هذا التدبير لا تستطيع ان تضلّ. وطالما دمت تحت ظل مشيئتهِ لا تشقى. فسلم نفسك لتعليمهِ واخضع لقدرتهِ فإنهُ بعد ان يهديك هنا بتدبيرهِ يصطفيك أخيراً إلى مجدهِ المؤَبَّد
واعلم ان السيد المسيح ورسلهُ الأطهار كثيراً ما يراجعون من أسفار العهد القديم جملاً برمَّتها وأحياناً يقتبسون منها معاني بدون نظر إلى ألفاظها. ولا ريب ان ملاحظة هذه المراجعات تفيد القارئَ جدّاً إذ تكشف كثيراً من المعاني العويصة وتبرهن لهُ صحة هذه الأسفار من اعتماد المسيح ورسلهِ عليها ودرسهم إياها بكل رغبة ولذَّة وشهادتهم لها بأنها إلهية قانونية لخلاصنا وحياتنا. ولأجل إرشاد القاري لذلك قد جمعنا هذه المراجعات في آخر كلامنا عن كل سفرٍ بمفردهِ
مراجعة شواهد من سفر التكوين
ص ع |
ص ع |
1: 1 مع عب 11: 3 |
3: 15 مع يو 8: 44 |
3: 4 مع 2 كو 11: 3 |
3: 15 مع مت 1: 23 |
3: 6 مع 1 تي 2: 14 |
3: 15 مع 1 بو 3: 8 |
سفر الخروج 69
ص ع |
ص ع |
4: 4 مع عب 11: 4 |
18: 12 مع 1 بط 3: 6 |
4: 8 مع 1 يو 3: 12 |
19: 25 مع 2 بط 2: 6 |
5: 24 مع عب 11: 5 |
19: 26 مع لو 17: 32 |
6: 12 مع 1 بط 3: 2 |
22: 1 إلى 10 مع عب 11: 17 |
6: 14 مع عب 11: 7 |
22: 1 إلى 10 مع يع 2: 21 |
7: 4 مع مت 24: 37 و38 |
25: 33 مع عب 12: 16 |
12: 1 مع عب 11: 8 |
48: 15 مع عب 11: 21 |
14: 18 مع عب 7: 1 |
49: 10 مع مت 3: 6 |
15: 6 مع رو 4: 3 |
49: 10 مع لو 1: 32 و33 |
15: 6 مع يو 2: 32 |
50: 34 مع عب 11: 22 |
16: 15 مع غل 4: 22 |
|
الثاني سفر الخروج
وهو يشتمل على تاريخ مدَّة 145 سنة وذلك من موت يوسف إلى ولادة موسى 64 سنة ومن ولادة موسى إلى الخروج 80 سنة والسنة الأولى بعد الخروج التي أقاموها عند طور سينا وهي تمتدُّ من موت يوسف سنة 2369 بعد الخليقة إلى إقامة المسكن سنة 2514 أي 1490 ق م
وقد لُقِّب هذا السفر بالخروج لأنهُ يخبر عن خروج بني إسرائيل من مصر تحت رياسة موسى كاتبهِ والمقصود بهِ ان يخبرنا عن أربعة أمور. الأول خلاص الإسرائيليين العجيب من شدائد العبودية المصرية. الثاني صيرورتهم جماعةً دينيَّةً في البرية لأجل حفظ عبادة الله الدائمة. الثالث أصل رسومهم الدينية والسياسية الإلهي وفضلها بحيث تنازل الله رحمةً منهُ ليكون لهم ملكاً واباً. الرابع اتمام النبوات بالتدقيق وإنجاز المواعيد التي وُعِد بها إبراهيم خصوصاً التي توجد
في تك ص15 وهي أنهُ سوف تكتنف ذريتهُ مصائب في بلادٍ غريبة ومن هناك يخرجون بأموالٍ عظيمة في الجيل الرابع. وفي هذا السفر أربعون اصحاحاً متضمنة في ثمانية فصول كبيرة
الأول يتضمن نموَّ الإسرائيليين العجيب من موت يوسف إلى ولادة موسى وابتداءَ ضيقتهم وذلك في مدَّة 64 سنة ص1
الثاني ازدياد ضيقتهم من ولادة موسى إلى خروجهم من أرض مصر تحت يدهِ مدَّة 80 سنة ص2 إلى ص12
الثالث خروجهم من مصر ووصولهم إلى طور سينا في مدة شهر ونصف ص13 إلى ص18
الرابع اعطاءُ الله إياهم أولاً الشريعة الأدبيَّة أي الوصايا العشر وثانياً الشريعة السياسيَّة وذلك في برهة بعض أيامٍ ص19 إلى ص23
الخامس اعطاؤُهم أيضاً الشريعة الطقسيَّة في برهة 40 يوماً ص24 إلى ص31
السادس تأديب وقصاص الإسرائيليين لأجل عصاوتهم وعبادتهم العجل في غياب موسى على الجبل وذلك في برهة بعض أيام ص32 إلى ص33
السابع صعود موسى إلى الجبل وبقاؤُهُ أيضاً هناك 40 يوماً ص34
الثامن بناءُ خيمة الاجتماع وعمل كلّ أدوات الخدمة لممارسة الطقوس في برهة 7 أشهر ص35 إلى ص40
وفي هذا السفر ما يستحق أخصَّ التذكر لمن يطالعهُ ويرينا عناية الله بشعبهِ وهو تسعة أمور
الأول ازدياد شعب إسرائيل المتتابع رغماً عن اجتهاد فرعون على تقليلهم
الثاني حفظ موسى العجيب من غائلة فرعون وإعدادهُ قائداً للإسرائيليين
الثالث الضرَبات العشر التي أنزلها الله على المصريين الأشرار لقصاصهم وبيان بطلان آلهتهم
الرابع تعيين الفصح تذكاراً لخلاص الإسرائيليين من عبودية المصريين
ورمزاً إلى يسوع المسيح فصحنا الذي يخلصنا من عبودية الشيطان والخطية
الخامس شقُّ البحر الأحمر إلى شطرين لعبور الإسرائيليين وخلاصهم وانطباقهُ على فرعون والمصريين لهلاكهم
السادس اعطاءُ الله إياهم المن من السماء لإعالتهم الذي بقوا يقتانون بهِ أربعين سنة وهم في البرية
السابع حضور الله الرهيب على الجبل لإعطاء الناموس الأدبي
الثامن سفاهة بني إسرائيل في تركهم الله عاجلاً وعبادتهم الأصنام وخصوصاً العجل الذهبي الذي صنعوهُ كإلهٍ يُعبَد
التاسع نظام الطقوس النفيس المرموز بهِ عن طريق الخلاص بيسوع المسيح
بيان ذكر الضَرَبات التي اكتنفت مصر وأهلها والكلام فيما يتعلق بها على وجه الاختصار
الضربة الأولى تحويل الماءِ إلى دم
ان كهنة المصريين كانوا يكرهون رؤْية الدم مع أنهم كانوا يلعبون بدماءِ الإسرائيليين الاسارى لأنهم كانوا يطرحون أولادهم في النهر. وكانوا يسجدون لنهر النيل ويسمُّونهُ الأوقيانس أي البحر المحيط. ولا ريب ان تحويل مائهِ إلى دمٍ زادهم كراهةً ونفوراً. وفضلاً عن ذلك مات سمكهم وتدنَّس إلههم فشملتهم الحيرة والخجل
الثانية ضربة الضفادع
ان الضفادع كانت مُفرَزة لإله المصريين المسمَّى أوسيرس وكانت الكهنة تزعم ان انتفاخها كنايةٌ عن وحيٍ إلهي. فتأَدَّبوا لأجل هذا الوسواس الخبيث بتدنيس نيلهم بكراديس من هذه الضفادع قد فاضت حتى ملأَت الأرض ودخلت بيوتهم وأواني أطعمتهم. وبذلك عمَّت أضرارها جميع المصريين
الثالثة ضربة البعوض أو القمل
ان طقوس العبادة الصنمية في مصر كانت نجسة مكروهة إلى الغاية لكنها كانت تلبس هيئَة الطهارة من خارج ولا سيما بالنظر إلى الكهنة لأنهم كانوا على غاية الاحتراس من ان يوجد القمل على ملابسهم. فلا ريب ان هذه الضربة قد أزعجتهم وغشيت الشعب والكهنة بعارٍ عظيم
الرابعة ضربة الذُبَّان
ان المصريين كانوا يعبدون إلهةً كثيرة ممن كانت وظيفتهم طرد الذُبان وكانوا في أمكنةٍ كثيرة يقرّبون ثوراً كاملاً ذبيحة لإله هذه الهوام الحقيرة. وكان بعلزبوب إله عقرون 2 مل 1: 2 اله ذبان. فلذلك كانت هذه الضربة أغمَّ ما يكون عندهم لأنها أهانت هذا الإله المعتبر بينهم
الخامسة موت المواشي
ان أهل مصر كانوا يتخذون إلهةً كثيرة من الحيوانات وكانوا يعتقدون القداسة في بعض الوحوش كالأسد والذئب والكلب والسنور والميمون والماعز ولا سيما الثور والكبش. وكانوا يعتقدون ان روح إلههم أوسيرس توجد في الثور المسمَّى ابيس. وإذ لم يكن لاوسيرس ولا لغيرهِ من آلهتهم قدرةٌ على خلاص حيوانات مصر حينئذٍ من الهلاك كان ذلك خجلاً وحزناً لهم
السادسة ضربة الدمامل والبثور
ان المصريين كان لهم آلهة كثيرةٌ أطباءُ وكانوا يقربون لها أناساً احياءً لأسبابٍ تعرض لهم. وقيل أنهم كانوا يأخذون هؤلاء الناس من الإسرائيليين ويحرقونهم على مذبحٍ عالٍ ويذرون رمادهم في الهواءِ لكي تنزل مع كل ذَرَّةٍ بَرَكةٌ. ولذلك أخذ موسى رماداً من التنور وذراهُ في الجوّ فنثرتهُ الرياح هباءً على كل الأرض ونزل على الكهنة والشعوب بلعناتٍ وآلامٍ بالقروح والبثور وبذلك خجلت آلهتهم المعظّمة
السابعة ضربة البَرَد
إذ كان لا يقع برَدٌ في مصر ولا يصيبها مطرٌ إلا قليلاً كانت هذه الضربة هائلة جدّاً عندهم ولا سيما أنها أفسدت كثيراً من الشجر والزروع فضاقت معيشتهم وخسرت تجارتهم في الكتاب الذي هو أعظم ما يكون في البضائع المصرية
الثامنة ضربة الجراد
ان هذا الطائر المفسد يكثر جدّاً في افريقية حتى أنهُ يغطي أحياناً قطعة من الأرض بمساحة ماية ميل. ويجلب القحط الفظيع على البلاد لأنهُ في ليلةٍ واحدة يمحو منها كل نباتٍ أخضر. فحصل حينئذٍ مثل هذا الخراب الشنيع في أرض مصر حتى لا أسيس ولا سيرابيس ولا جميع آلهة الأرض قدرت ان تخلصهم من قضيب موسى الذي كان علامة رسالتهِ من الله
التاسعة ضربة الظلام
ان المصريين كانوا يعبدون الظلام على سبيل أنهُ أصل آلهتهم. واورفيوس أقدم شعراء اليونانيين الذي اقتبس آراءَهُ من مصر قال في إحدى قصائدهِ أني أرتل للَّيل أبي الآلهة والناس الذي هو أصل كل الأشياء. فغشيتهم حينئذٍ ظلمةٌ كثيفةٌ يكاد اللمس يدركها ولم تقدر آلهتهم على كشفها. وفضلاً عن ذلك كانوا يتعذبون بالحسد حين رأَوا النور في جميع منازل الإسرائيليين
العاشرة قتل الأبكار
ان المصريين كانت عادتهم ان يولولوا في مناحة موتاهم أكثر من سائر الشعوب فلما أصابتهم هذه الضربة الأخيرة تضاعف عويلهم وصراخهم. وكان نزولها عليهم انتقاماً من جورهم القاسي على شعب إسرائيل. ومع ان يوسف الإسرائيليَّ استبقاهم أمَّةً ظلموا قبيلتهُ واستعبدوها وأهلكوا ذكورها فحلَّ عليهم انتقام الله المهول وضُرِب كل بيتٍ من بيوتهم بالعدل
مراجعة شواهد من سفر الخروج
ص ع |
ص ع |
2: 2 مع عب 11: 23 |
16: 15 مع 1 كو 1: 3 |
2: 11 مع عب 11: 24 |
17: 6 مع 1 كو 10: 4 |
2: 11 مع اع 7: 24 |
19: 6 مع 1 بط 2: 9 |
3: 2 مع اع 7: 30 |
19: 12 مع عب 12: 18 إلى 20 |
12: 7 مع عب 12: 24 |
24: 6 و8 مع عب 9: 19 إلى 22 |
14: 22 مع 1 كو 10: 2 |
26: 35 مع عب 9: 2 |
14: 22 مع عب 11: 29 |
32: 6 مع 1 كو 1: 7 |
16: 15 مع يو 6: 31 و39 و49 |
|
الثالث سفر اللاويين
وهو يشتمل على تاريخ شهرٍ واحد وهو الشهر الأول من السنة الثانية لخروجهم من أرض مصر انظر خر 40: 7 مع عد 1: 1
وقد دُعِي بهذا الاسم لأنهُ يتضمن الشرائع والنظامات المختصة باللاويين والكهنة والذبائح. واليهود يدعونهُ شريعة الكهنة. والقسم الأول منهُ يشرح بالتدقيق الذبائِح المتنوعة والقرابين لأجل المحرقة والسلامة والخطية والاثم والخطايا التي لأجلها تُقدَّم وكيفية تقديمها وأما كثرة التدقيق في هذه فلا تدلُّ على ضروريَّة تقديم العبادة لله فقط بل تنهى أيضاً عن الزيادة والتغيير في الرسوم الإلهية التي تُفضي إلى العبادة الوثنية. وكان هذا النظام ظلَّ الخيرات العتيدة أي رمزاً إلى الخروف الذي بروحٍ أزليٍّ قدَّم نفسهُ بلا عيب. وأفضل تفسيرٍ لهُ هو الرسالة إلى العبرانيين
ويتلو هذا القسم الخبر المدقق عن تكريس هرون وبنيهِ كهنةً مختوماً بحادثة
موت ناداب وابيهو المؤَثّرة. ثم بعدهُ الشرائع المتعلقة بالتطهيرات الجسدية المتنوعة التي كانت تذكّرهم دائماً بنجاسة الخطية وقداسة الله. ثم الكلام عن يوم الكفارة العظيم. ثم التحذير لليهود من التفاؤُل والعبادة الوثنية ونجاسات الكنعانيين وما أشبه ذلك. ثم الشرائع المتعلقة بالآداب والصحة والنظام السياسيّ. ثم الأمر برعاية الأعياد الممتازة والشرائع عن السبت وسنة اليوبيل والنذور والعشور. ثم يُختَم بتنبيهاتٍ ومواعيد غايتها تحويل أفكارهم نحو المستقبل واتحادهم جميعاً في خدمة إلههم المتعهدين معهُ
وفي هذا السفر سبعة وعشرون اصحاحاً تجمعها أربعة فصول كبار
الأول يتضمَّن رسوم أنواع الذبائح العديدة ص1 إلى ص7
الثاني الشرائع والقوانين لتقديس اللاويين ص8 إلى ص10
الثالث السنن المتعلقة بالنجاسات والتطهيرات المختلفة ص11 إلى ص22
الرابع سنن الأعياد المتنوعة ص22 إلى ص27
ويحوي عدا ذلك جملة أحكام أدبيَّة وسياسيَّة وطقسيَّة. وقد أوضح الله فيهِ بأسلوبٍ جليّ بأن قصدهُ في كل ما ذُكِر من جهة النجاسات الجسديَّة والتمييز بين الحيوانات وما أشبه تعليمهم التمييز بين الخير والشرّ والجيد والردي وقد جعل هذه الفرائض مثالاً لهم لكي يرشدهم بها إلى اقتناء طهارة القلب ونقاوتهِ أمام الله لكي يعرفوا طريق القداسة ويكونوا قديسين كما ان الله قدوس. ونظراً إلى حسن آداب السنن المذكورة فيهِ وحكمة أوامرها وعدلها وجودتها وبساطة طقوسها ورتبتها وروحها ليس لها نظيرٌ. وهي بأجمعها شريعةٌ لائقةٌ بواضعها الإلهي. وجميع الطقوس التي فيهِ تشير صريحاً إلى قداسة مصنّفها وخطأ الإنسان والحاجة إلى كفَّارةٍ وإلى حال السعادة السموية التي رحمة الخالق ونعمتهُ ترفعان النفس البشرية إليها. وتتضمَّن أيضاً انجيل ابن الله وتشير إليهِ ومنهُ تتخذ كمالها. لأن الذبائح والمحرقات كانت رمزاً على كفارة المسيح. وكيفيات هذه الذبائح الضرورية كانت رمزاً على صفاتهِ الجليلة. والقانون الموضوع لتقريب
هذه القرابين والطقوس المرتَّبة لها كانت رسوماً رمزية قد جُعلَت لإنارة أذهان اليهود وإعدادهم لقبول الإنجيل. وإما تعيين الكهنوت فهو رمزٌ عن يسوع المسيح لأنهُ هو الكاهن الأعظم ولهُ هذه الوظيفة العتيدة التي بها يستطيع ان يخلّص كل من أتى إلى الله بهِ. وهكذا الطقس اللاوي قد هدى العبرانيين الأتقياءَ إلى ان ينظروا حمل الله الذي يرفع خطية العالم
ان الرسالة إلى العبرانيين هي شرحٌ مُوحىً بهِ على كتاب اللاويين. ومنها نتعلم ان كتاب الطقوس العبراني كان إنجيل المسيح تحت رموزٍ أو وراءَ حجابٍ. ومن أشهر ما في الطقوس اللاويَّة ترتيب الذبائح اليومية والسنويَّة كفَّارةً لخطايا الشعب انظر صفحة 42
وأشهر الحوادث المذكورة في سفر اللاويين قضاءُ الله على ناداب وابيهو ابنَي هرون لسفاهتهما
مراجعة شواهد من سفر اللاويين
ص ع |
ص ع |
4: 21 و22 مع عب 13: 11 |
19: 15 مع يع 2: 1 |
12: 6 مع لو 2: 21 إلى 24 |
19: 17 مع مت 18: 15 |
14: 4 مع مت 8: 4 |
19: 18 مع غل 5: 14 |
16: 14 إلى 16 مع عب 9: 13 |
20: 10 مع يو 8: 5 |
16: 17 مع لو 1: 10 |
22: 34 إلى 36 مع يو 7: 2 إلى 27 |
18: 5 مع رو 10: 4 و5 |
26: 12 مع 2 كو 6: 16 |
الرابع سفر العدد
وهو يشتمل على تاريخ 38 سنة و9 أشهرٍ قابل عد 1: 1 مع تث 1: 3
وقد دُعي بهذا الاسم لأنهُ يبتدئُ بذكر عدّ أسباط الإسرائيليين بعد إقامة خيمة الشهادة وهو يتضمن عدا ذلك خبر قيامهم من طور سيناءَ وتيهانهم في
البريَّة إلى ان وصلوا إلى عربات موآب عند تخوم الأرض المقدَّسة. وفي هذا السفر ستة وثلاثون اصحاحاً تجمعها ثلثة فصولٍ كبار
الأول يحيط بتاريخ السنة الثانية من خروج الإسرائيليين من مصر إلا الشهر الأول منها ص1 إلى ص14. وهو يتضمَّن خبر عدّ الشعب ثانيةً وإتمام تجهيزهم للسفر وإيضاح كيفية حلولهم وارتحالهم ووصولهم إلى قادش برنيع الواقعة على التخم الجنوبي من أرض الميعاد وإرسال جواسيس ليتجسَّسوا البلاد وقضاء الله عليهم لأجل عصاوتهم بأن يبقوا أربعين سنة في البرية إلى ان يبيد كلُّ ذلك الجيل المتمرّد
الثاني يحيط بتاريخ سبع وثلاثين سنة وستة أشهر وذلك يمتدُّ إلى وصول الإسرائيليين إلى أرض موآب شرقي الأردن ص15 إلى ص21. وليس لنا إلا أخبارٌ قليلة عنهم في كل هذه المدَّة التي صرفوها في البرية كفتنة قورح وأصحابهِ وفتنة مريم وتذمرهم في تبعيرة ونحو ذلك وأيضاً موت مريم في اليوم الأول من السنة الأربعين وموت أخيها هرون في اليوم الأول من الشهر الخامس في تلك السنة ذاتها
الثالث يحيط بتاريخ ثلاثة أشهر أو أربعة وهم مقيمون في سهول موآب ص22 إلى ص36. وهو يتضمَّن خبر بلعام ومحاولتهُ ليلعن الشعب ومُلخَّص سفراتهم وتكرار شرائع وأحكام متنوعة
ومن أشهر الأشياء المذكورة في هذا السفر خمسة أمور
الأول الأسلوب العجيب الذي كان الله يعول بهِ الإسرائيليين في البرية بالطعام والشراب مدَّة أربعين سنة. وقد كان ذلك رمزاً على بركات الإنجيل المبذولة بيسوع المسيح للمؤْمنين في سياحتهم إلى السماءِ
الثاني كثرة تذَمُّر الشعب العديم الإيمان
الثالث قضاءُ الله الهائل عليهم وإهلاكهُ العصاة منهم ليكونوا عبرةً لنا
الرابع آلام معسكر الإسرائيليين عند ما لدغتهم الحيَّات المحرقة فكادوا
يموتون وشفاؤُهم العجيب بنظرهم إلى الحيَّة النحاسية كما أمر الله
الخامس عزم بالق ملك موآب على لعن شعب إسرائيل عن يد يلعام النبي الخبيث
وأشهر الأشخاص المذكورين في هذا السفر يشوع بن نون خادم موسى الذي بعد وفاة سيدهِ عيَّنهُ الله قائداً للإسرائيليين إلى أرض كنعان الموعود بها. وقورح وداثان وابيرام الذين ابتلعتهم الأرض حين شقَّتها تلك الزلزلة النادرة الوقوع بسبب عصيانهم على الله. وبلعام النبي الخبيث الذي طغاهُ حبُّ المال حتى عزم بكل رغبةٍ على خدمة ملك موآب الوثني بلعنهِ شعب إسرائيل
وفي هذا السفر يظهر لطف الله. فان جميع تصرفاتهِ معهم في البرية وصرامته في إجراء حكمهِ على شعبهِ تشهد لأحكام عدلهِ الرهيب ورحمتهِ العظيمة وتبيّن في جميع الأوجه اتفاق المقاصد الإلهية وصحة الناموس الذي ثبَّتهُ
جدولٌ يتضمن رحلات بني إسرائيل منذ خروجهم من أرض مصر إلى وصولهم إلى أرض كنعان
أولاً من مصر إلى سيناءَ |
||
|
انظر سفر الخروج ص 12 إلى ص 19 |
انظر سفر العدد ص 22 |
|
من رعمسيس 12: 37 |
من رعمسيس ع 3 |
1 |
سُكُّوت 12: 37 |
سكوت ع 5 |
2 |
ايثام 13: 20 |
ايثام ع 6 |
3 |
فم الحيروث 14: 2 |
فم الحيروث ع 7 |
4 |
عبورهم البحر الأحمر 14: 12 ومسيرهم ثلثة أيام إلى برية شور 15: 22 |
عبورهم البحر الأحمر ومسيرهم ثلثة أيام في برية ايثام ع 8 |
5 |
مارَّة 15: 23 |
مارَّة 8 |
6 |
إِيليم 15: 27 |
إِيليم 9 |
7 |
|
على بحر سوف 10 |
8 |
برية سين 16: 1 |
برية سين 11 |
9 |
|
دُفقة 12 |
10 |
|
الوش 13 |
11 |
رفيديم 17: 1 |
رفيديم 14 |
12 |
برية سيناءَ 19: 1 |
برية سيناءَ 15 |
ثانياً من سيناء إلى قادش ثاني مرة |
||
|
عد ص10 إلى ص20 |
عد ص22 |
|
من برية سيناءَ 10: 12 |
من برية سيناءَ ع 16 |
13 |
تبعيرة 11: 3 وتث 9: 22 |
|
14 |
قبروت هتأَوة 11: 34 |
قبروت هتأَوة ع 16 |
15 |
حضيروت 11: 35 |
حضيروت ع 17 |
16 |
قادش في برية فاران 12: 16 و13: 26 وتث 1: 2 و19 ومنها راجعوا وتاهوا 38 سنة عد 14: 25 إلى 36 |
|
17 |
|
رثمة ع 18 |
18 |
|
رمون فارص 19 |
19 |
|
لبنة 20 |
20 |
|
رسَّة 21 |
21 |
|
قهيلانة 22 |
22 |
|
جبل شافر 23 |
23 |
|
حرادة 24 |
24 |
|
مقهيلوت 25 |
25 |
|
تاحت 26 |
26 |
|
تارَح 27 |
||
27 |
|
مثقة 28 |
||
28 |
|
حشمونة 29 |
||
29 |
|
سيروت 30 |
||
30 |
|
بني يعقان 31 |
||
31 |
|
حور الجدجاد 32 |
||
32 |
|
يطبات 33 |
||
33 |
|
عبرونة 34 |
||
34 |
|
عصيون جابر 35 |
||
35 |
رجوعهم إلى قادش عد 20: 1 |
قادش 36 |
||
ثالثاً من قادش إلى الأردن |
||||
|
عد ص20 وص21 وتث ص1 وص2 وص10 من قادش عد 20: 22 |
عد ص22 من قادش ع 37 |
||
36 |
آبار بني يعقان تث 10: 6 |
|
||
37 |
جبل هور عد 20: 22 أو موسيرتث 10: 6 وهناك مات هرون |
جبل هورع 37 |
||
38 |
الجدجود تث 10: 7 |
|
||
39 |
يطبات تث 10: 7 |
|
||
40 |
طريق بحر سوف عد 21: 4 على ايلة وعصيون جابر تث 2: 8 |
|
||
41 |
|
صلمونة ع 41 |
||
42 |
|
فونون ع 42 |
||
43 |
اوبوث عد 21: 10 |
اوبوت ع 43 |
||
44 |
عبي عباريم عد 21: 11 |
عبي عباريم أو عييم ع 44 و45 |
||
45 |
وادي زارد عد 21: 12 وتث 2: 13 و14 |
|
46 |
وادي ارنون عد 21: 13 وتث 2: 24 |
|
47 |
|
ديبون جاد ع 45 وتُدعَى الآن زيبان |
48 |
|
علمون دبلاتايم ع 46 |
49 |
بير في البرية عد 21: 16 و18 |
|
50 |
متانة 21: 18 |
|
51 |
نحليئيل 21: 19 |
|
52 |
باموت 21: 19 |
|
53 |
الفسجة وهي أحد رؤُوس جبال عباريم عد 21: 20 |
جبال عباريم امام نبو 47 |
54 |
في طريق باشان إلى عربات موآب من عبر اردن أريحا عد 21: 33 |
عربات موآب على اردن أريحا ع 48 |
مراجعة شواهد من سفر العدد
ص ع |
ص ع |
8: 16 مع لو 2: 23 |
20: 8 مع 1 كو 10: 4 |
9: 17 إلى 19 مع 1 كو 10: 1 |
21: 5 و6 مع 1 كو 10: 9 |
11: 4 مع 1 كو 10: 6 |
21: 9 مع يو 3: 14 |
12: 7 مع عب 3: 2 |
22: 21 إلى 28 مع 2 بط 2: 15 |
14: 27 مع 1 كو 10: 10 |
22: 21 إلى 28 مع يه: 11 |
14: 29 مع عب 3: 17 |
22: 23 مع 2 بط 2: 16 |
19: 3 مع عب 13: 11 |
24: 14 مع رؤْ 2: 14 |
25: 9 مع 1 كو 10: 8 |
28: 9 مع مت 12: 5 |
26: 65 مع 1 كو 10: 5 |
|
الخامس سفر التثنية
وهو يشتمل على تاريخ الشهرين الأخيرين من السنة الأربعين من خروج الإسرائيليين من مصر وهم في عربات موآب تث 1: 3. وهما الأخيران أيضاً من حيوة موسى
وقد دُعي بهذا الاسم لأنهُ يحتوي على الخُطَب والمواعظ الدينية التي قدمها موسى للإسرائيليين بالوحي في البرهة المذكورة آنفاً التي تتضمَّن تكرار الشرائع والأوامر المذكورة في الثلاثة أسفار السابقة بالاختصار مع شروحٍ عديدة عليها والحثّ على طاعتها والتهديد بقصاص الله المخيف المرتب على مخالفتها. ويتضمن أيضاً وداع موسى رجل الله المحترم لأجل سنهِ واختبارهِ الذي يودّع بهِ الشعب وهو عتيدٌ ان يدخل عن قليل باب السماءِ ويباركهم مقدّماً لهم النصائح الأبويَّة ويذكر لهم أيضاً معاملة الله وتصرُّفاتهِ معهم مبيّناً لهم الأسباب الموجبة لمحبتهِ تعالى ومرشداً إياهم إلى عبادتهِ. وهذا الوداع مملوءٌ من العبارات التي تدلُّ على رقَّة قلب موسى ورغبتهِ في خيرهم ومن الحِكَم المفيدة والتنبيهات المؤَمّنة التي تُرِي محبة وغيرة هذا النبي الشهير لشعب الله الذي قد حملهُ على قلبهِ جزءاً طويلاً من حياتهِ. وفي هذا السفر أربعة وثلاثون إصحاحاً تجمعها أربعة فصولٍ كبار
الأول يتضمَّن ذكر معاملة الله للإسرائيليين منذ خروجهم من أرض مصر مدة نحو أربعين سنة ص1 إلى ص3
الثاني يتضمن تثنية وتفسير الشرائع المتعددة التي أُعطِيَت لآباءِ الجيل الذي كان حينئذٍ قد اقترب من الدخول إلى أرض كنعان ص4 إلى ص26
الثالث يتضمن تأكيد الشريعة الأدبية ونصائح كثيرة في أمر الطاعة ص27 إلى ص30
الرابع يتضمن إقامة يشوع خليفةً لموسى ومخاطبات الوداع التي تكلم بها هذا النبيُّ الأمين خادم الله ص31 إلى ص34
وأشهر ما في هذا السفر أربعة أمور
الأول النبوة العجيبة عن مجيءِ السيد المسيح 18: 15 إلى 19
الثاني النشيد النبويُّ الذي ألَّفهُ موسى لفائدة شعب إسرائيل قاصداً بهِ ان يُبقِي لهم نصحاً عن تركهم الرب إلههم وعبادتهِ المفروضة ص32
الثالث بركة موسى أسباط إسرائيل وتنَّبيهِ عن أحوالهم المزمعة ص33
الرابع حسن سيرة موسى رجل الله وموتهُ الغريب ص34
مراجعة شواهد من سفر التثنية
ص ع |
ص ع |
6: 13 مع مت 4: 10 |
18: 1 مع يو 1: 45 |
6: 16 مع مت 4: 7 |
18: 18 مع أع 3: 22 |
8: 3 مع مت 4: 4 |
18: 18 مع أع 7: 37 |
10: 17 مع أع 10: 34 |
24: 1 مع مت 5: 31 |
10: 17 مع رو 2: 11 |
24: 1 مع مت 19: 7 |
10: 17 مع كو 3: 25 |
24: 1 مع مر 10: 4 |
10: 17 مع أف 6: 9 |
25: 4 مع 1 كو 9: 9 |
17: 6 مع عب 10: 28 |
27: 26 مع غل 3: 10 |
18: 1 مع 1 كو 9: 13 |
30: 12 ـ 14 مع رو 10: 6 إلى 9 |
إلى هنا ينتهي ناموس موسى المحويُّ في الأسفار الخمسة المذكورة وهو تصنيفٌ لائقٌ بالله مصنفهِ في كل شيءٍ وفي الفوائد يقارب العهد الجديد سنَّة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح وإنجيلهِ. فإن قدميَّتهُ تفضّلهُ على كل مصنَّفات العالم ومضامينهُ الكثيرة تجعلهُ أثمن وأنفس ما يكون. وتاريخهُ وجغرافيتهُ وأخبار أيامهِ تؤَهّلهُ
لاعتبار كل قبائل الجنس البشري. وتعاليمهُ في اللاهوت والدين تعطي برهاناً واضحاً على الوحي بهِ من الله
الفصل الثاني
في الأسفار التاريخية الاثني عشر التالية
ان الاثني عشر سفراً التالية من يشوع إلى استير تتضمَّن تاريخ الإسرائيليين في نحو ألف وست سنين من موت موسى 1451 ق م إلى إصلاح الشعب على يد نحميا سنة 445 ق م. وهي مشحونة بالرموز والنبوات والتلميحات عن مجيءِ الرب يسوع وصفاتهِ ووظائفهِ. ويُذكَر فيها أيضاً سلسلتهُ بغاية الضبط والتدقيق. ومنها نستمدُّ الخبر الأخير الأكيد الموحى بهِ في العهد القديم عن عناية الله بشعبهِ طول هذه البرهة وخصوصاً العائلة التي كان المخلص مزمعاً ان يأتي منها
وتتضمَّن عدا ذلك كثيراً من التعزيات والمواعيد لشعب الله والنصائح للخطاة غير التائبين والتهديدات المريعة للمتمردين. فروحها وحسن الآداب المطلوبة بها وما تتضمنهُ من الحثّ على الخضوع لله ومدح الطائعين لهُ تعالى ولوم العصاة عليهِ وذكر كل نوع من الرذائل والشرور بالكراهة تؤكّد لنا بأنها أسفار إلهيَّة مكتوبة بوحيٍ من الله
الأول سفر يشوع
وهو يشتمل على تاريخ نحو 31 سنة من موت موسى وقيام يشوع خليفةً لهُ سنة 1451 ق م إلى موت العازار بن هرون سنة 1420 ق م وذلك بعد موت يشوع بنحو ست سنين
ان الرجل الذي يُدعَى هذا السفر باسمهِ هو يشوع بن نون المشهور الذي خلف موسى قائداً للعبرانيين. وكان اسمهُ أولاً هوشع عد 13: 8 و16. وهو
الذي أقطع الإسرائيليين الأردن وقهر الكنعانيين وامتلك أرض الميعاد وقسمها بين الأسباط. وأول ذكرهِ قائداً للإسرائيليين كان حين حارب إسرائيل عماليق في رفيديم خر 17: 8 إلى 16. ولما عبر الأردن كان ابن أربع وثمانين سنة وعاش بعد ذلك ستّاً وعشرين سنة وكان طول هذه المدة يمارس وظيفتهُ المعينة من الله فإنهُ كان أولاً قائداً للإسرائيليين ثم قضى لهم في تمنة سارح أرض ملكهِ ومات سنة 1426 ق م. وقبل موتهِ جمع أسباط إسرائيل في شكيم وخاطبهم بمعاملة الله إياهم وجودهِ عليهم وجدَّد العهد بينهم وبينهُ تعالى وهكذا ختم حياتهُ الكريمة التي لم يتلطخ ذكرها بلومٍ في الأسفار الإلهية لأنهُ قد خدم الرب طول حياتهِ بأمانة خاصَّة. ولم يشاهد إنسانٌ آياتٍ أكثر أو أعظم ممَّا شاهد هو. ويوجد مشابهة في أمورٍ كثيرة بين حياتهِ وحيوة رئيس جند الرب العظيم الذي يدخل شعبهُ إلى أرض الميعاد الحقيقيَّة
وهذا السفر يتضمَّن خبر كل هذه الأمور التي ذكرناها آنفاً وهو ملحقٌ مفيدٌ بأخبار شعب الله المذكورة بأسفار موسى. وعلاقتهُ بتلك الأسفار كعلاقة سفر أعمال الرسل بالأناجيل. وقد اعتُقِد ان كاتبهُ يشوع ذاتهُ ما عدا الأعداد الخمسة الأخيرة منهُ وقصة الدانيين المذكورة في ص 19: 47 انظر أيضاً قض ص18 التي أدرجها أحد الأنبياءِ الذين بعدهُ بوحي الروح القدس 2 تي 3: 16. وقد ظنَّ البعض ان أحد المُلهمَين كتبهُ بعد موتهِ ببرهةٍ وجيزة
وكان القصد بهِ الدلالة على صدق الله في إتمامهِ المواعيد التي وعد بها الآباءِ الأولين وعلى عدلهِ المنتقم من أمم كنعان المجرمين الأشرار. وهو يشتمل على أربعة وعشرين اصحاحاً تجمعها ثلثة فصول كبار
الفصل الأول يتضمن خبر افتتاح يشوع أرض كنعان ص1 إلى ص11
الثاني يتضمن تقسيم الأرض بين أسباط إسرائيل الاثني عشر ص12 إلى ص22
الثالث يتضمن النصائح المهمَّة التي تكلَّم بها يشوع في وداعهِ عند وفاتهِ ص23 وص24
وأشهر ما في هذا السفر خمسة أمور تستحق التأَمُّل والاعتبار
الأول انقسام نهر الأردن لأجل عبور الكهنة والشعب إلى وسط الأرض ص3
الثاني ظهور يسوع المسيح ليشوع بشبه رئيس جند الرب ليحرّضهُ على افتتاح كنعان ص5
الثالث انهدام أسوار أريحا عند النفخ المعهود في أبواق الهتاف ص6
الرابع وقوف الشمس والقمر يوما كاملاً بكلمة يشوع ص10
الخامس الرمز بصفات يشوع على يسوع المسيح مع اتفاق الاسم بينهما. فإنهُ في اللغة العبرانية بالشين المعجمة وفي اليونانية بالسين المهملة ومعنى كليهما المخلص. فكما ان يشوع خلَّص الإسرائيليين وحماهم من أعدائهم وقادهم إلى أرض كنعان هكذا يسوع رئيس خلاصنا يقود كل شعبهِ من مضائق هذه الحيوة ومن مهاوي الموت أيضاً إلى كنعان السمويَّة
مراجعة شواهد من سفر يشوع
ص ع |
ص ع |
1: 5 مع عب 13: 5 |
6: 20 مع عب 11: 30 |
2: 1 مع عب 11: 31 |
6: 23 مع عب 11: 31 |
2: 1 مع يع 2: 25 |
14: 1 و2 مع أع 13: 19 |
2: 19 مع مت 27: 25 |
24: 32 مع أع 7: 16 |
3: 14 مع أع 7: 44 و45 |
|
الثاني سفر القضاة
وهو يحيط بتاريخ مدَّة 305 سنين من موت يشوع سنة 1426 ق م إلى موت شمشون 1120 ق م
ان القضاة كانوا قوَّاداً لشعب إسرائيل في المدَّة المتوسطة بين موت يشوع وقيام شاول الملك الأول. وكان الداعي لقيامهم هو ان الإسرائيليين لم يُنفِذوا أمر الله بإبادة الكنعانيين بل استبقوا منهم كثيرين وهؤلاءِ صاروا عثرةً لهم وعدوى بسمّ وثنيتهم ورذائلهم. فإن قصة ميخا وخبر اللاوي وشراهل جبعة الفظيع الذي آل إلى دمار سبط بنيامين مع أنها مذكورة في آخر سفر القضاة ص17 إلى ص21 قد حدثت بعد موت يشوع بزمانٍ قصير. وهي تُرِي حال الإسرائيليين الشقيّ وسرعة ارتدادهم عن إلههم. فلأجل تأديبهم ترك الله الشعوب بين النهرين والموآبيين والعمونيين والكنعانيين والمديانيين والفلسطينيين ان يضايقوهم بالتداول. وذلك بإذلالهم وبلصهم وتجشيمهم بالأمور الشاقَّة ولكن متى صرخوا إلى الله من الضيقة كان يشفق عليهم ويقيم لهم قواداً ذوي أهلية ولياقة في الحرب والسياسة وكان يزيّنهم بشجاعةٍ وحكمةٍ لكي ينقذوهم من هذه الضيقات ويكونوا ولاة أمورهم. وكان أول هؤلاءِ القضاة عثنيئيل وعدد المذكورين منهم في الكتاب المقدَّس أربعة عشر. وقد ابتدأَ حكمهم بعد موت يشوع بنحو عشرين سنة ودام إلى تتويج شاول الملك الأول. وهذه المدة كانت بموجب رأي الأكثرين نحو 310 سنين
وكان هؤلاءِ القضاة يمارسون وظائفهم إلى آخر حياتهم غير ان خلافتهم بعضهم بعضاً لم تكن متَّصلة دائماً بل أحياناً كان يتأخَّر قيام الواحد بعد موت سالفهِ برهةً طويلة فتطول مدة عبوديتهم وضيقاتهم ويصرخون ولا مخلّص. وأحياناً كان يعاصر بعضهم بعضاً. ومع ان الله دائماً يعيّن القضاة كان الشعب أحياناً ينتخبون البعض منهم من ذوي القدرة والأهلية لهذه الوظيفة. وبما ان الضيقات التي كانت تضطرهم لقيام قاضٍ كانت غالباً محصورة في قسمٍ من البلاد فسلطة ذلك القاضي لم تكن عمومية بل مقتصرة على ذلك القسم. وأشدُّ الضيقات وأكثرها كانت في شرقي الأردن وهناك قام أهود ويفتاح وايلون ويائير. وقام في الشمال باراق وتولع. وفي أواسط البلاد عبدون. وفي
جنوبيها ابصان وشمشون
وسلطة هؤلاءِ القضاة كانت دون سلطة الملوك قليلاً فلم يكن لهم سلطان ان ينظموا شرائع جديدة أو يضعوا أثقالاً على الشعب. وكانوا يحامون عن الشرائع والديانة وينتقمون من المجرمين ولا سيَّما في العبادة الوثنية. ولم يكن لهم وظائف أو أجور من الشعب ولا شرف خصوصيّ. وكانوا أيضاً بدون حَرَس وتَبَع وحَشَم ومهمات حربيَّة ولم يكلفوا أحداً بخدمتهم إلا على نفقة أنفسهم بحسبما كانت تقتضي أحوالهم الخصوصيَّة
وكان هؤلاءِ القضاة رمزاً عن يسوع المسيح مخلصنا وتخليص الشعب عن يدهم من العبودية الزمنية رمزاً عن تخليصهِ شعبهُ من عبودية الخطية والشيطان
وهذا السفر يتضمن تاريخ الإسرائيليين تحت حكم اثني عشر قاضياً منهم وكثيراً ما يشار إليهِ في أسفار العهد القديم والجديد انظر 1 صم 12: 9 و10 و11 ومز 83: 9 واع 13: 30. وهو يُري عناية الله بشعبهِ وطول أناتهِ على المجرمين منهم والتأديبات الزمنية التي يجلبها عليهم. وأما عصر القضاة فيُحسَب من أزمنة النجاح للإسرائيليين وإن كانت إصابتهم بهِ تلك الضيقات. وفيهِ عناية الله تمّمت كلمتهُ القائلة ان أبيتم وتمرَّدتم تؤْكلون بالسيف كما قد قرَّرت أيضاً قولهُ ان شئتم وسمعتم تأكلون خير الأرض اش 1: 19 و20
والظاهر من هذا السفر أنهُ قد كُتِب قبل ما تغلَّب داود على صهيون انظر ص 1: 21 ولكن بعد قيام حكم الملوك كما نستنتج من ص 17: 6 و18: 1 و21: 25. وكاتبهُ مجهول غير ان أكثر المدققين ينسبونهُ إلى صموئيل والبعض يظنون ان عزرا قد جمعهُ ورتبهُ كما هو الآن. وفيهِ واحد وعشرون اصحاحاً تجمعها ثلثة فصول كبار
الفصل الأول يتضمن خبراً مختصراً عن الإسرائيليين في مدة حيوة المشايخ الذين بقوا بعد يشوع وفساد الجيل الثاني ص1 وص2
الثاني يتضمن تضايق الإسرائيليين من أعدائهم الذين سمح الله لهم ان
يضايقوهم لأنهم أخطأُوا أمامهُ بعبادة الأوثان. ويخبر أيضاً عن نجاتهم العجيبة مراراً كثيرة حين تابوا إلى الرب عن يد قضاتهم من عثنيئيل إلى شمشون الذي بهِ يُختَم التاريخ العمومي ص3 إلى ص16
الثالث يتضمن الاصحاحات الخمسة الأخيرة التي تُعتَبر كملحقٍ بهذا السفر وهي تشتمل على حوادث مختلفة متعلقة بأزمنة الجزء السابق منهُ انظر ص 17: 6 وص 18: 1 وص 19: 1 وقابل ص 20: 18 مع يش 24: 33. ومن هذه الحوادث مواظبة شعب إسرائيل على عبادة الأصنام وفسادهم حالاً بعد وفاة يشوع والمصيبة المهولة التي حلَّت بسبط بنيامين لأنهُ حمى فاعلي الشر ص17 إلى ص21
ويُظهِر هذا السفر على أسلوبٍ محزن النتائج الفظيعة الصادرة من شرور الشعوب والبلايا التي لا بد ان تصدر من الفتن التي تحدث بين أبناءِ الوطن. وهو أدلُّ التواريخ على طول أناة الله وصبرهِ على الإسرائيليين. ومنهُ يتضح لنا عدلهُ ورحمتهُ اللذان كانا يظهران على التوالي إذ كان عند ما يخطب الشعب يؤَدّبهُ وعندما يتوب يغفر لهُ. ولا شك ان هذه الأمور كُتِبَت تحذيراً لنا. فلا يتكبر أحدٌ لأن الله منتقم ولا ييأَس لأن الله رحيم
وفي هذا السفر أيضاً من جملة الأمور العجيبة أخبار جدعون وباراق ويفتاح وشمشون. وفيهِ يُراجَع العدد السادس عشر من الاصحاح الثاني مع العدد العشرين من الاصحاح الثالث عشر من الأعمال. وأفعال القضاة مذكورة بالاختصار في الاصحاح الحادي عشر من الرسالة إلى العبرانيين ﻋ32 إلى ﻋ40
جدولٌ يتضمن أسماءَ القضاة المذكورين في هذا السفر مع القاضيين الأخيرين المذكورين في سفر صموئيل الأول وسنة قيامهم والأمم التي حاربوها الخ
|
|
سنة قيامهم ق م |
الأول |
عثنيئيل بن قنازاخو كالب من سبط يهوذا. خلصهم من يد كوشان رشعتايم ملك ارام النهرين بعد ان استعبدوا لهُ ثماني سنين. واستراحت الأرض بعد ذلك أربعين سنة 3: 8 إلى 11 |
1394 |
الثاني |
اهود بن جيرا البنياميني رجل أعسر. خلصهم من عجلون ملك مواب بعد ان استعبدوا لهُ ثماني عشرة سنةً. واستراحت الأرض بعدهُ ثمانين سنة 3: 12 إلى 30 |
1336 |
الثالث |
شمجر بن عناة يُحتَمل أنهُ من سبط دان. خلصهم من الفلسطينيين وقتل ستماية رجل بمنساس البقر 3: 31 |
|
الرابع |
باراق بن ابينوعم من نفتالي ومعهُ دبورة النبيَّة. خلصهم من يد يابين ملك كنعان الذي ملك في حاصور بعد ان ضايقهم عشرين سنةً. وكان لهُ تسعماية مركبة من حديد واسم رئيس جيشهِ سيسرا. واستراحت الأرض بعد ذلك أربعين سنة ص4 وص5 |
1296 |
الخامس |
جدعون بن يوآش الابيعزري ويقال لهُ برُبَّعل من منسى. خلصهم من يد مديان بعد ان أذلَّهم سبع سنين بثلاث ماية رجل. واستراحت الأرض أربعين سنة في أيامهِ وفي سنة موتهِ حدثت فتنة ابيمالك ابنهِ الذي ترأس على إسرائيل ثلث سنين. وفي أيام هذا القاضي ذهب رجل من بيت لحم يهوذا اسمهُ اليمالك إلى بلاد |
|
|
موآب هو وعائلتهُ وتزوج ابناهُ بامرأتين من هناك اسم الواحدة منها راعوث التي يُنسَب إليها السفر الذي يتلو سفر القضاة ص6 إلى ص9 |
1249 |
السادس |
تولع بن فواة بن دودو من يساكر. قضى لإسرائيل ثلاثاً وعشرين سنة في شامير من جبل افرايم ودُفِن هناك 10: 1 و2 |
1206 |
السابع |
يائير الجلعادي من منسى الشرقي. قضى لإسرائيل اثنتين وعشرين سنةً وكان لهُ ثلثون ولداً ولهم ثلاثون مدينةً في أرض جلعاد 10: 3 إلى 5 |
1183 |
الثامن |
يفتاح الجلعادي من منسى الشرقي خلَّصهم من يد بني عمون بعد ان استعبدوا لهم ثماني عشرة سنة. وقضى لإسرائيل ست سنين 10: 6 الخ وص11 و12: 1 إلى 7 |
1143 |
التاسع |
ابصان من بيت لحم. ويُظَنُّ أنهُ كان من سبط زبولون انظر يش 19: 15. قضى لإسرائيل سبع سنين وكان لهُ ثلاثون ابناً وثلاثون ابنة 12: 8 إلى 10 |
1137 |
العاشر |
ايلون الزبولوني. قضى لإسرائيل عشر سنين. ودُفِن في أيَّلون من سبط زبلون 12: 11 و12 |
1130 |
الحادي عشر |
عبدون بن هِلّيل الفرعتوني يستنتج أنهُ من سبط افرايم. قضى لإسرائيل ثماني سنين وكان لهُ أربعون ابناً وثلاثون حفيداً. ودُفِن في فرعتون في أرض افرايم 12: 13 إلى 15 |
1120 |
الثاني عشر |
شمشمون بن منوح من سبط دان. خلصهم من |
|
|
الفلسطينيين بعد ان استعبدوا لهم أربعين سنة. وقضى لإسرائيل عشرين سنة ص 13 و14 و15 |
1140 |
الثالث عشر |
عالي الكاهن. قضى لإسرائيل أربعين سنة. ولم يكن لهُ مداخلة في ما يتعلق بالحرب بل كانت سلطتهُ مقتصرة على سياسة الشعب في مصالحهم الخصوصية. وكان في آخر حياتهِ معاصراً لشمشمون 1 صم ص1 وما بعدهُ |
1183 |
الرابع عشر |
صموئيل النبي. قضى للشعب في ما يتعلق بمصالحهم السياسية الخصوصية نظير عالي وكان معاصراً لشمشون ولعالي في أول حياتهِ 1 صم ص1 وما بعدهُ |
1141 |
الثالث سفر راعوث
يُدعَى هذا السفر هكذا لأنهُ يذكر تاريخ امرأةٍ موآبيَّةٍ مسمَّاة بهذا الاسم. فإن عشيرةً من الإسرائيليين التجأَت إلى بلاد موآب في أيام المجاعة التي حدثت كما يُظَن في أيام جدعون انظر قض 6: 1 إلى 6 و11 وتزوَّج رجلٌ منها بهذه المرأة وبعد وقتٍ وجيز مات هذا الرجل فغلبت على زوجتهِ محبة أمّهِ التي كان اسمها نُعي وديانتها الحقيقية فرجعت معها إلى بيت لحم واتَّخذت مع شعب إله إسرائيل. ثم تزوَّجت برجلٍ ذي قرابة لنعمي اسمهُ بوعز ومنهما ولد عوبيد الذي صار جَدّاً لداود الملك الذي أتى المسيح من نسلهِ
وهذا السفر محسوب عند المسيحيين ضميمةً إلى سفر القضاة. والقدماءُ من آباءِ اليهود قد ألحقوهُ بهِ كجزءٍ منهُ. وهو مدخلٌ حسنٌ إلى سفري صموئيل الأول والثاني. وقد كُتِب لأمرين الأول لكي يدلَّ على بعض أشخاصٍ وثنيين في سَلَف المسيح ويتتبع سلسلتهُ إلى داود الملك. والثاني لكي يظهر حرص العناية الإلهية على الذين يهابون الرب ويتكلّمون عليهِ بالحقيقة. وهو يشير إلى دعوة
الأمم والوثنيين في المستقبل إلى كنيسة المسيح وامتداد الإنجيل بينهم وقد كانت راعوث رمزاً وعربوناً على ذلك. فعسى الله ان يهبك أيها القاري روحهُ القدوس ليعينك على الاقتداءِ بيسوع المسيح واتباعهِ كما تبعت راعوث حماتها نعمي
وفي هذا السفر أربعة اصحاحات وهي تتضمن هذا التاريخ على أسلوبٍ بسيطٍ ومؤَثّر جدّاً. وقيل ان كاتبهُ صموئيل النبي. وهو يذكر في افتتاحهِ ان الحوادث التي يخبرنا عنها جرت في وقت حكم القضاة ويذكر في خاتمتهِ اسم داود وهذا يدلُّ على ان حكم القضاة كان قد انتهى حين كتابتهِ وانهُ لم يُكتَب قبل أيام داود
مراجعة شواهد من سفر راعوث
ص ع |
ص ع |
4: 5 و6 مع مت 22: 24 |
4: 18 مع لو 3: 31 إلى 33 |
4: 18 مع مت 1: 3 |
|
الرابع سفر صموئيل الأول ويقال لهُ سفر الملوك الأول
وهو يحيط بتاريخ مدة 115 سنة من ميلاد صموئيل سنة 1171 ق م إلى موت شاول سنة 1056 ق م
ان سفرَي صموئيل الأول والثاني هما في الأصل سفرٌ واحد غير ان المترجمين اليونانيين المنسوبة إليهم الترجمة السبعينية قد قسموهُ إلى اثنين لأجل المناسبة فقط حتى يختموا الأول بموت شاول ويفتتحوا الثاني بجلوس داود على تخت المملكة. وقد دُعي هذا السفر أصلاً باسم صموئيل أولاً لأنهُ يبتدئُّ بتاريخ ولادتهِ وأعمالهِ. وثانياً لأن صموئيلِ كما يُظنُّ هو المبتدئُ بكتابتهِ. وبعد ان قُسِم إلى اثنين صار كلٌّ من جزئَيهِ يُدعَى بهذا الاسم أيضاً إلا ان الترجمة السبعينية قد سمَّتهما سفرَي الملوك الأول والثاني لأنها كانت تتخذ أسماءَ الأسفار من الأمور
التي تتضمنها
وهذان السفران هما أيضاً جزءٌ من سلسلة تاريخ شعب الله الخاص المتصلة. فيبتدئَان من آخر خدمة عالي الكاهن كقاضٍ حيث ينتهي تاريخ سفر القضاة وينتهيان في آخر ملك داود حيث يبتدئُ سفر الملوك الأول. وهما يتضمَّنان تاريخ أبهج العصور الذي بهِ قد تحول الحكم إلى ملكيٍّ وصار تكليل الملكَين الأولَين على مملكة إسرائيل وهما شاول وداود بتعيين الله إياهما. وقد جرى هذا التغيير على أسلوبٍ بهِ أوضح الله لهم جليّاً حكمهُ الملكيّ المطلق عليهم إذ أنهُ أولاً أعطى الحكم لشاول ولكن لمَّا أَبَى ان يطيع أوامرهُ تعالى عزلهُ وأقام مكانهُ داود بن يسَّى ولم يقرّر الحكم لنسلهِ حتى ظهرت طاعتهُ لله بالامتحان الكافي
وأما كاتب هذين السفرين فهو غير معلوم غير ان البعض يظنُّون ان صموئيل قد كتب الأربعة والعشرين اصحاحاً الأولى من أولهما وان جاد وناثان النبيين كملاهما انظر 1 أي 29: 29 و30 حيث يقال وأمور داود الملك الأولى والأخيرة هي مكتوبة في أخبار صموئيل الرائي وأخبار ناثان النبي وأخبار جاد الرائي مع كل ملكهِ وجبروتهِ والأوقات التي عبرت عليهِ وعلى إسرائيل وعلى كل ممالك الأرض. وعلى افتراض ان الكاتب كان غير هؤلاءِ لنا أساس للظنّ أنهُ قد استمدَّ كثيراً من كتبهم المشار إليها هنا. ولكن بما ان النبيين جاد وناثان بقيا في خدمتهما إلى آخر ملك داود يُرَحَّج ان يكون واحد منهما قد أكمل كتابة هذين السفرين. وإما كونهما قد أُكمِلا بعد موت داود فيتضح من أنه يُذكَر فيهما سنو ملكهِ 2 صم 5: 4 و5. وأيضاً كلماتهُ الأخيرة 2 صم 23: 1. وممَّا يستحق الملاحظة أنهُ لم يُذكَر فيهما خبر موتهِ وربما كان سبب ذلك أنهما كُتِبا بعد موتهِ بزمانٍ يسير ولم يكن داعٍ لذكر هذه الحادثة لشهرتها حينئذٍ. ثم ان وصف الحوادث المتصمنة في هذين السفرين الوارد بأجلى بيانٍ والتدقيق في ذكر الحوادث الجزئيَّة ترينا ان الذين كتبوها كانوا معاصرين ومشاهدين
وأما الأول من سفري صموئيل الذي نحن في صددهِ الآن فهو يتعلق
بالقاضِيين الأخيرين من قضاة بني إسرائيل وهما عالي وصموئيل وبالملكين الأولين من ملوكهم وهما شاول وداود. وفيهِ واحد وثلثون اصحاحاً منقسمة إلى ثلثة فصول كبار
الفصل الأول يخبر عن عالي الذي كان قاضياً وكاهناً وعن ابنيهِ الفاسدين وميلاد صموئيل ص1 إلى ص4
الفصل الثاني يتضمن تاريخ صموئيل ودعوتهِ من الله ان يكون نبيّاً وقاضياً ص5 إلى ص12
الفصل الثالث يتضمن تاريخ شاول الذي عيَّنهُ الله ان يكون أول ملوك إسرائيل ص13 إلى ص31
وهذا السفر يشتمل على أمور كثيرة ذكرها يفيد القارئَ. أشهرها تقوى حنة أم صموئيل وصلاتها الحارة بإيمانٍ وطيد برحمة الله. وسيرة صموئيل المستقيمة أمام الله والناس طول حياتهِ الذي هو قدوة حسنة للشبان والشيوخ في كل جيل. وفجور أولاد عالي الشنيع المخيف وموتهم. وإحادة شاول عن عبادة الله واضطهادهُ لداود بعنفٍ وغباوةٍ وهلاكهُ ودمار أهل بيتهِ. وفي كل ذلك عبرة وموعظة وتهذيبٌ مفيدٌ جدّاً للفتيان
فما كان أعظم الفرق بين كل واحدٍ من أولاد عالي وصموئيل وبين شاول وداود. وما أعظم المباينة التي تسبّبها التقوى بين أخلاق الناس والتمييز بين الأبرار الناجحين والأشرار الخاسرين. ونرى من ابنَي عالي وشاول ونابال ان الفضيحة والشقاءَ والموت هي أمرُّ ثمرات الخطية وأشقى أجرتها
وقد اعتُبِر داود دائماً أنهُ رمزٌ جليلٌ عن المسيح في المشقَّات الكثيرة التي حصلت لهُ في ارتقائهِ إلى الكرسي وفي ظَفَرهِ بأعدائهِ. فعسى ان يكون اعتمادنا دائماً على ابن داود ملكنا وربنا العظيم وعسانا نتمتع ببركات ملكوتهِ الأبدي
مراجعة شواهد من سفر صموئيل الأول
ص ع |
ص ع |
3: 1 مع لو 1: 46 |
16: 7 مع 2 كو 10: 7 |
8: 3 مع 1 تي 3: 3 |
21: 6 مع مت 12: 3 و4 |
13: 14 مع أع 13: 22 |
21: 6 مع مر 2: 25 و26 |
15: 22 مع مر 12: 33 |
21: 6 مع لو 6: 3 و4 |
الخامس سفر صموئيل الثاني ويقال لهُ سفر الملوك الثاني
وهو يحيط بتاريخ أربعين سنة وذلك من موت شاول وقيام داود مكانهُ سنة 1056 ق م إلى أواخر ملك داود انظر 2 صم 5: 4 و5
كلّ ما يقتضي ذكرهُ بخصوص هذا السفر متضمن في كلامنا عن سفر صموئيل الأول الذي كان هذا في الأصل جزءاً منهُ كما أنهُ لم يزل إلى الآن محسوباً هكذا عند العبرانيين فليُراجَع في محلهِ. وأما الأخبار التي يتضمنها فهي تاريخ ملك داود الذي أُقيم ملكاً على يهوذا بعد موت شاول وعلى كل الأسباط بعد قتل اسباسوت ابنهِ الذي كان بعد ذلك بسبع سنين ونصف
وفي هذا السفر أربعة وعشرون اصحاحاً تندرج في ثلاثة فصولٍ كبار
الفصل الأول يتضمن ذكر انتصار سلطنة داود وإقبالها ص1 إلى ص10
الثاني يتضمن ذكر الاضطرابات التي حصلت لداود لأجل خطيتهِ قدام الله بعد ان كان ممتازاً بظهور الرأفة الإلهية نحوهُ ص11 إلى ص19
الثالث يتضمن ثبات داود على كرسي الملك ثانياً بعد توبتهِ الصادقة ويُخبر عن السنين الأخيرة من ملكهِ ص20 إلى ص24
وأشهر ما في هذا السفر خطية داود أمام الله في قضية أوريَّا وزوجتهِ وتوبة داود وتواضعهُ وما يفوق الطبيعة من عصيان ابشالوم بن داود المحبوب عندهُ وموتهُ الشنيع لما كان ساعياً في إعدام حيوة أبيهِ المحب الرأوف
فمن سقطة داود نرى قوة الفساد البشري حتى في رجال الله الأطهار ان لم تمسكهم يدهُ القوية وتؤَثّر في قلوبهم نعمتهُ الإلهية. ومن عقوق ابشالوم نرى خبث القلوب البشرية وعدم الوفاءِ والشكر عندهم نحو الله والناس
مراجعة شواهد من سفر صموئيل الثاني
ص ع |
ص ع |
3: 39 مع 2 تي 4: 14 |
12: 24 مع مت 1: 6 |
7: 12 مع أع 13: 36 |
15: 23 مع يو 18: 1 |
7: 16 مع يو 12: 34 |
20: 9 مع لو 22: 47 |
السادس سفر الملوك الأول ويُقال لهُ سفر الملوك الثالث
وهو يتضمن تاريخ 126 سنة من مسح سليمان ملكاً سنة 1015 ق م إلى وفاة يهوشافاط سنة 889 ق م. ويحيط بتاريخ خمسة ملوك. الأول سليمان ملك 40 سنة والثاني رحبعام ملك 17 سنة والثالث ابيام ملك 3 سنين والرابع آسا ملك 41 سنة والخامس يهوشافاط ملك 25 سنة
ان سفرَي الملوك الأول والثاني هما أصلاً سفرٌ واحد كسفري صموئيل. وقد أجمع رأي الأكثرين ان كاتباً واحداً قد كتبهما في وقتٍ واحد. وأما قسمتهما إلى اثنين فهي أصلاً من المترجمين اليونانيين الذين قد سمَّوهما سفرَي الملوك الأول والثاني باعتبار مضمونهما كما قد تقدَّم في الكلام عن سفرَي صموئيل. وقد قيل ان سليمان وحزقيَّا كتبا تواريخ ملكهما المذكورة في هذين السفرين. وأن الأنبياء ناثان وجاد وأشعياءَ ويعدو وآخرين كتبوا تواريخ أزمنتهم. وأن جميع هذه التواريخ نظمها على ترتيبها الموجود الآن عزرا النبي غير ان التلموديين من اليهود يزعمون بموجب تقليدهم ان إِرْمِيَا كتب كتابهُ أي نبواتهِ وكتاب
الملوك والمراثي. وهذا التقليد غير بعيد عن الاحتمال على أننا لا نقدر ان نتأَكَّد ان كان هو الكاتب أو نبيٌّ آخر من الذين عاشوا مدَّة السبي. وهذان السفران يحتويان على تاريخ يهوذا وإسرائيل من آخر ملك داود إلى موت يهوياكين في بابل وذلك يحيط بمدة تنوف عن أربعماية وخمسين سنة (انظر التاريخ على حاشية الكتاب المقدس بالشواهد)
إن كاتب هذين السفرين في كلامهِ عن تاريخ مملكة يهوذا يشير دائماً إلى سفر أخبار الأيام لملوك يهوذا انظر 1 مل 14: 29 و15: 7 إلا في قصة سليمان فإنهُ يذكر سفر أمور سليمان 1 مل 11: 41. وفي كلامهِ عن تاريخ مملكة إسرائيل يشير أيضاً إلى سفر أخبار الأيام لملوك إسرائيل 1 مل 14: 19. وقد أورد ذلك على طريقة يُرِي بها ان هذين السفرين المشار إليهما هنا كانا ممتازين الواحد عن الآخر وأنهُ قد اقتطف منهما كلَّ ما يوافق مرامهُ. وأما دلالتهُ القارئَ عليهما وتصريحهُ باسميهما فلأجل زيادة التدقيق في الكلام لا غير. ويجب التمييز بين هذين وسفرَي أخبار الأيام الموجودين بين أسفار الكتاب المقدس القانونية اللذين كُتِبا بعد هذا الوقت. وهما أيضاً يشيران إلى مطولات في هذا الموضوع كما سيأتي في الكلام عليهما. ولا يوجد داعٍ للبحث عن صحة ما يتضمَّنهُ هذان السفران أي سفرا الملوك من الأخبار لأن الأمر موكَّد ان كاتبهما كان مُلهماً من الله ولم يذكر إلا ما كان حقيقيّاً
ان كاتب سفرَي الملوك يذكر بكل أمانة وبدون محاباة خطايا الملوك الأتقياءِ كما يذكر أعمال الملوك الأشرار التي كانت بحسب الظاهر جيدة وآئلة إلى خير الشعب. وهو لا يقتصر على النظر إلى صورة الحوادث والأمور بل ينظر أيضاً إلى أسبابها ونتائجها وينسب نجاح شعب الله إلى بركتهِ تعالى ومصائبهم إلى لعنتهِ بحسبما كان قد كلَّم آباءَهم
وبما ان أكثر الطرق التي بموجبها يتصرف الله مع جميع الشعوب في كل الأجيال والبلدان هي غير متغيرة فيُعتَبر هذا التاريخ المختص بهاتين
المملكتين أي يهوذا وإسرائيل كمرآة جلية يمكن رؤساءُ العصر الحاضر ان ينظروا إليها إذا أرادوا ويروا عاقبتهم ونصيب كلٍّ منهم. فانهم بالبرّ ومخافة الله فقط يقدرون ان يحصلوا على الحريَّة الصحيحة والنجاح. ولا شكَّ بأنهُ لغطٌ فظيعٌ الاعتقاد أنهم بازدياد قوَّتهم الخارجيَّة وغناهم يحصلون على سعادةٍ دائمة وطمأنينةٍ حال كونهم يحتقرون كلمة الله ويكسرون شريعتهُ ويجُرون أحكامهم بموجب قوانين ومبادٍ غير عادلة. والذين يتوغَّلون بذلك سيُنبَّهون بعد وقتٍ قصيرٍ أو طويلٍ من هذه الغفلة المهلكة بعناية الله الملك العادل ويعلمون من اختيارهم المرّ ان البرَّ يرفع شأن الأمَّة وعار الشعوب الخطيَّة 1 م 14: 34
ثم ان السفر الأول من هذين الذي هو موضوع كلامنا الآن فيهِ اثنان وعشرون اصحاحاً تندرج في فصلين كبيرين
الفصل الأول يتضمن خبراً مفصلاً عن خلافة سليمان داود أباهُ في كرسي إسرائيل بينما كان داود لم يزل في الحيوة وعن وعظم سعادتهِ وإجلالهِ ملكاً على أرض كنعان ص1 إلى ص11
الثاني يخبر عن انقسام شعب إسرائيل إلى مملكتين بسبب كبرياءِ رحبعام بن سليمان وسوءِ تصرفهِ. وتاريخ هاتين المملكتين يمتدُّ إلى وفاة يهوشافاط ملك يهوذا ص12 إلى ص22
ويُذكَر في هذا السفر أخبارٌ وأمورٌ غريبة من أعظمها خمسة
الأول بناءُ هيكل سليمان وتقديسهُ الذي تمَّ بناؤُهُ بأعظم أسلوبٍ على مثالٍ أعطاهُ الله نفسهُ وبمباشرة ذوي الحذاقة من أرباب الصناعة المشهورين بهذا العمل
الثاني مُلْك سليمان السعيد الذي كان رمزاً على مُلْك المسيح المبارك الهادي
الثالث انقسام الأمَّة إلى مملكتين
الرابع انحطاط شرف إسرائيل عاجلاً حين أخذ شيشق ملك مصر مدينة أورشليم وسلب ذهب الهيكل والقصر وكنوزهما. وكانت هذه النكبة بعد ملك
رحبعام بخمس سنين وأنزلها عليهِ الله المنتقم من الخطاة عقاباً لهُ عن شرّهِ وشناعتهِ في تركهِ عبادتهُ تعالى وتقريرهِ عبادة الأصنام 1 مل 14: 21 إلى 28 و2 أي 12: 1 إلى 11
الخامس خدمة ايليا العجيبة وقتل كهنة البعل الوثنيين
مراجعة شواهد من سفر الملوك الأول
ص ع |
ص ع |
2: 10 مع اع 2: 29 |
10: 1 مع لو 11: 31 |
2: 10 مع اع 13: 36 |
13: 6 مع اع 8: 24 |
7: 6 إلى 12 مع يو 10: 23 |
17: 1 إلى 9 مع لو 4: 25 و26 |
7: 6 إلى 12 مع اع 3: 11 |
18: 42 مع يع 5: 17 و18 |
8: 46 مع 1 يو 1: 8 إلى 10 |
19: 10 إلى 18 مع رو 11: 43 |
10: 1 مع مت 12: 42 |
21: 10 مع اع 6: 11 |
السابع سفر الملوك الثاني ويقال لهُ سفر الملوك الرابع
وهو يحيط بتاريخ مدة 300 سنة من وفاة يهوشافاط 889 ق م إلى خراب أورشليم وهيكلها سنة 588 ق م
وبما ان هذا السفر هو في الأصل جزءٌ من سفر الملوك الأول فلا حاجة لتكرار ما قد قلناهُ هناك
وفيهِ خمسة وعشرون اصحاحاً تندرج في فصلين كبيرين
الفصل الأول يتضمن تاريخاً متتابعاً عن طائفتي إسرائيل ويهوذا إلى خراب مملكة إسرائيل لما استأْسر الآشوريين الشعب جميعهُ سنة 721 ق م ص1 إلى ص17
الثاني يتضمن بقيَّة تاريخ مملكة يهوذا إلى افتتاح نبوخذ ناصَّر اليهودية ودمار أورشليم وأسر الأحياءِ من الشعب إلى بابل إلا بعض الفلاَّحين
سنة 588 ق م ص18 إلى ص25
وأشهر ما في هذا السفر خمسة أمور
الأول ختم خدمة ايليا بانتقالهِ إلى السماء في مركبة من نار
الثاني خدمة اليشع النبي
الثالث خراب مملكة إسرائيل عموماً بسبب شرها الباهظ
الرابع خراب مدينة أورشليم وهيكلها
الخامس أسر اليهود في بابل لأجل تركهم عبادة الله وسجودهم للأصنام وارتكابهم فواحش الوثنيين
ومما يُلاحَظ هنا ان الأسباط العشرة ملك عليهم تسعة عشر ملكاً وكانوا جميعهم خبثاءَ كُفَّاراً. وبسوءِ تدبيرهم ازداد اثم الشعب إلى ان حصل أخيراً على الهلاك. وكذلك كان ليهوذا ملوك كثيرون أشرار ولكن كان منهم من يخشى الرب ولأجل اهتمامهم في إصلاح الشعب توقَّف الانتقام الإلهي زماناً ما
مراجعة شواهد من سفر الملوك الثاني
ص ع |
ص ع |
1: 8 مع مت 3: 4 |
4: 42 إلى 44 مع لو 9: 13 إلى 17 |
1: 10 مع لو 9: 54 |
5: 14 مع لو 4: 27 |
4: 29 مع لو 10: 4 |
6: 22 مع رو 12: 20 |
4: 34 مع اع 20: 10 |
|
102 الجزءُ الثّاني
جدولٌ
يتضمن أسماءَ ملوك يهوذا وإسرائيل وسني ملكهم وقيامهم والأنبياءَ المعاصرين لهم الخ
الملوك الذين قاموا قبل انقسام المملكة
|
|
سنة قيامهم |
الأول |
شاول بن قيس من سبط بنيامين ملك 40 سنة. مسحهُ صموئيل بأمر الله وإذ أنهُ لم ينفذ أمرهُ تعالى بإبادة العمالقة رذلهُ 1 صم ص9 الخ |
1095 |
الثاني |
داود بن يسَّى من يهوذا ملك 40 سنة. اختارهُ الرب ومسحهُ عن يد صموئيل وهو صغير السن في أيام شاول الذي كان يضايقهُ إلى آخر حياتهِ ولما مات ملك داود أولاً على يهوذا 7 سنين و6 أشهر ثم على جميع الأسباط نحو 33 سنة 2 صم 5: 4 و5 وحارب جميع الأمم حولهُ واخضعهم. وإذ كان قلبهُ مستقيماً أمام الرب سُرَّ بهِ ووعدهُ بأنهُ يثبّت كرسيهُ ويعطي الملك لنسلهِ وبأن المسيح يأتي منهُ. وكان معاصراً لهُ من الأنبياءِ ناثان وجاد |
1055 |
الثالث |
سليمان بن داود ملك 40 سنة. بنى الهيكل المشهور وكان ملكاً ظافراً وغنيّاً وحكيماً أكثر من جميع ملوك الأرض لكنهُ اتخذ لنفسهِ نساءً كثيرة وسقط بالعبادة الوثنية ثم ند ورجع إلى الله. وكان في أيام ملكهِ من الأنبياءِ ناثان واخيَّا الشيلوني ويعدو |
1015 |
ملوك يهوذا وإسرائيل بعد انقسام المملكة
|
ملوك يهوذا |
سنة قيامهم |
|
ملوك إسرائيل |
|
بيت داود |
|
|
1 بيت يربعام |
1 |
رحبعام بن سليمان ملك 17 سنة. في أول ملكهِ انشقت المملكة إلى اثنتين. وفي السنة الخامسة صعد شيشق ملك مصر ونهب أورشليم والهيكل. وكانت حرب بينهُ وبين يربعام كل الأيام. وعمل الشر في عيني الرب 1 مل 14: 25 الخ. وكان معاصراً لهُ النبي شمعيا |
975 |
1 |
يربعام بن نباط من افرايم ملك 22 سنة. كان شريراً. عمل عجلي ذهب واحداً في بيت ايل والآخر في دان ومنع الشعب عن الصعود إلى أورشليم للعبادة. وفي أيامهِ حدثت قصة النبي الذي من يهوذا المذكورة في 1 مل ص13 |
2 |
ابيام بن رحبعام ملك 3 سنين. سار في جميع خطايا أبيهِ وكان حرب بينهُ وبين يربعام طول حياتهِ 1 مل 15: 1 إلى 8 |
958 |
|
|
3 |
آسا بن ابيام ملك 41 سنة. كان قلبهُ كاملاً مع الرب وعمل المستقيم. وكانت حرب بينهُ وبين بعشا ملك إسرائيل كل |
955 |
|
|
954 |
2 |
ناداب بن يربعام ملك سنتين. سار في طريق أبيهِ وفي خطيتهِ. قتلهُ بعشا واباد كل آل يربعام 1 مل 15: 25 إلى 31 |
|
ملوك يهوذا |
سنة قيامهم |
|
ملوك إسرائيل 2 بيت بعشا |
|
أيامهما. وأقام عهداً مع بتهدد ملك أرام 1 مل 15: 9 الخ |
953 |
3 |
بعشا بن أخيا من يساكر ملك 24 سنة. سار في طريق يربعام وفي خطبتهِ 1 مل 16: 1 إلى 7. وكان ياهو بن حناني النبي في أيام ملكهِ |
|
|
930 |
4 |
ايله بن بعشا ملك سنتين. قتلهُ عبدهُ زمري وهو يسكر وأفنى كل بيت بعشا |
|
|
929 |
5 |
زمري ملك 7 أيام. قتل بعشا وحاصرهُ عمري فلمَّا غُلب أحرق على نفسهِ البيت ومات |
|
|
|
|
4 بيت عمري |
|
|
929 |
6 |
عمري ملك 12 سنة. سار في خطيَّة يربعام وكان أشر من جميع الذين قبلهُ. وهو بنى مدينة السامرة |
4 |
|
918 |
7 |
آخاب بن عمري ملك 22 سنة. كان أشر ملوك إسرائيل. وتزوَّج ايزابل ابنة ملك الصيدونيين وادخل إلى إسرائيل عبادة بعل وعشتاروت |
يهوشافاط بن آسا ملك 25 سنة. سار في طريق أبيه وعمل المستقيم في عيني الرب واباد المابونيين. |
914 |
|
ملوك يهوذا |
سنة قيامهم |
|
ملوك إسرائيل |
|
وكان صلح بينهُ وبين ملك إسرائيل 1 مل 22: 41 ـ 50 وكان معاصراً لهُ ياهو بن حناني الرائي |
|
|
من صيدا 1 مل 16: 26 الخ. وفي أيام ملكهِ ظهر ايليا النبي التشبي من جلعاد واليشع وميخا بن يملة وآخرون |
5 |
يهورام بن يهوشافاط ملك 8 سنين. سار في طريق ملوك إسرائيل وتزوَّج عثليا أخت اخآب 2 مل 8: 16 إلى 24 2 مل 8: 16 إلى 24 |
892 |
8 |
أَخَزْيا بن اخآب ملك سنتين. سار في طريق أبيهِ وأمهِ ويريعام 1 مل 22: 51 الخ. وكان معاصراً لايليا واليشع |
|
|
896 892 |
9 |
يهورام بن اخآب ملك 12 سنة. سار في طريق يربعام وكان عهد بينهُ وبين يهوشافاط 2 مل 3: 1 إلى 3 |
6 |
أَخَزْيا بن يهورام ملك سنة واحدة. سار في طريق بيت اخآب وانطلق مع يورام بن اخآب لمقاتلة حزائيل ملك ارام. قتلهُ ياهو بن نمشي 2 مل 8: 25 الخ |
885 |
|
|
|
|
|
|
5 بيت باهو |
|
عَثَلْيا ام أَخَزْيا اغتصبت |
884 |
10 |
ياهو بن نمشي ملك 28 سنة. |
|
ملوك يهوذا |
سنة قيامهم |
|
ملوك إسرائيل |
|
الملك لنفسها وملكت 6 سنين. أبادت جميع النسل الملكي ما عدا يوآش ابن ابنها اخزيا الذي أنقذتهُ عمتهُ. ماتت قتلاً 2 مل 11: 1 ـ 16 |
|
|
انفذ أمر الله بإبادة بيت اخآب لكنهُ سار في طريق يربعام 2 مل ص9 وص10 |
7 |
يوآش بن اخزيا كان ابن 7 سنين وملك 40 سنة. أُقيم ملكاً بعناية يهوياداع الكاهن وعمل المستقيم كل الأيام التي عاصرهُ بها ومات قتلاً بيد عبيدهِ 2 مل ص12 |
878 |
|
|
856
|
11
|
يهوآحاز بن ياهو ملك 17 سنة. كان شريراً وفي أيامهِ أسلم الرب إسرائيل ليد حزائيل ملك ارام وابنهِ 2 مل 13: 1 إلى 10 |
||
|
|
840 |
12 |
يوآش بن يهوآحاز ملك 16 سنة. كان شريراً. وكانت حروب بينهُ وبين ملوك ارام وامصيا ملك يهوذا وانتصر عليهم 2 مل ص12 وص14. وفي أيامهِ مات اليشع |
8 |
امصيا بن يوآش ملك 29 سنة. كان ملكاً صالحاً. انتصر على ادوم لكن غلب عليهِ بهوآش ملك إسرائيل. ثم فتنوا عليهِ في أورشليم وقتلوهُ 2 مل 14: 1 إلى 22 |
838 |
||
9 |
عزريا بن امصيا ملك 52 سنة. كان صالحاً. ضربهُ الرب بالبرص |
825 |
13 |
بربعام الثاني وهو ابن يوآش ملك 41 سنة. كان شريراً وقد خلص إسرائيل واسترجع دمشق وحماة 3 مل 14: 23 الخ. وفي أيامهِ يذكر يونان النبي وهوشع وعاموس |
|
ملوك يهوذا |
سنة قيامهم |
|
ملوك إسرائيل |
|
وبقي إلى آخر حياتهِ 2 مل 15: 1 إلى 7. وفي أيام ملكهِ قام النبيُّ اشعيا وهوشع وعاموس |
784
|
|
حدث فترة بقوا بها بدون ملك نحو 12 سنة |
|
|
772 |
14 |
زكريا بن يربعام ملك 6 أشهر. سار في طريق أبيهِ وقتلهُ شلوم بن يابيش |
|
|
|
|
6 بيت شلوم |
|
|
772 |
15 |
شلُّوم بن يابيش ملك شهراً واحداً وقتلهُ منحيم بن جادي 2 مل 15: 13 إلى 15 |
|
|
|
|
7 بيت منحيم بن جادي |
|
|
771 |
16 |
منحيم بن جادي ملك عشر سنين. كان شريراً. وفي أيامهِ أتى فول ملك آشور فدفع لهُ ألف وزنة فضة 2 مل 15: 17 إلى 22 |
|
|
760 |
17 |
فَقَحيا بن منحيم ملك سنتين. كان شريراً وقتلهُ فقح بن رَمَلْيا ثالثهُ 2 مل 15: 23 إلى 26 |
|
|
|
|
8 بيت فقح |
10 |
يوثام بن عزّيا وهو عزريا ملك 16 سنة. سار في طريق أبيهِ وعمل المستقيم في عيني الرب 2 مل 15: 32 الخ. |
758 |
18 |
فقح بن رمليا ملك 20 سنة. سار في طريق يربعام وفي أيامهِ جاءَ ثغلت فلاصر ملك آشور وسبى الجزءَ الشمالي من مملكة إسرائيل. وقتلهُ هوشع بن أيلة 2 مل 15: |
|
ملوك يهوذا |
سنة قيامهم |
|
ملوك إسرائيل |
|
وكان معاصراً للنبي اشعيا وميخا |
|
|
27 إلى 30. وكان من أنبياءِ عصرهِ ميخا المورشتيّ |
11 |
آحاز بن يوثام ملك 16 سنة. كان شريراً جدّاً. عبَّر ابنهُ بالنار وصنع مذبحاً شبه مذبحٍ رآهُ في دمشق وأوقد عليهِ وسلب هيكل الرب. ولما حاربهُ ملك ارام وملك إسرائيل التجأ إلى ملك آشور 2 مل ص16. وكان معاصراً لهُ النبي اشعيا |
741 |
|
|
738 |
|
فترة بقوا بها بدون ملك نحو 10 سنين |
||
|
|
|
|
9 بيت هوشع |
|
|
729 |
19 |
هوشع بن رمليا ملك 9 سنين. كان شرهُ دون شر ملوك إسرائيل. دفع الجزية لشلمناصر ملك آشور وفي آخر ملكهِ سُبِيت السامرة 2 مل 17: 1 إلى 6 |
12 |
حزقيا بن آحاز ملك 29 سنة. كان من أتقى ملوك يهوذا. نزع العبادة الباطلة من البلاد. وفي أيامهِ صعد ملوك آشور إلى يهوذا 2 مل ص18. وكان معاصراً لهُ النبي اشعيا |
726 |
|
|
721 |
|
صعد شلمناصر ملك آشُّور إلى السامرة فأسلم الرب بيدهِ إسرائيل بسبب خطاياهم فسباهم إلى آشور وهكذا انقرضت مملكة العشرة أسباط ولم يُسمَع ذكرهم بعد. ثم أتى ملك آشور بقوم من بلادهِ وأسكنهم مدن السامرة ومن هؤلاءِ قامت طائفة السمرة 2 مل ص17. وكانت المدَّة التي قامت بها هذه المملكة 254 سنة |
ملوك يهوذا بعد انقراض مملكة إسرائيل
|
سنة قيامهم ق م |
13 منسى بن حزقيا ملك 55 سنة. كان أشرَّ ملوك يهوذا. أدخل إلى البلاد جميع العبادات الباطلة التي كان أبادها أبوهُ حزقيا وغيرها وعبَّر ابنهُ في النار. وفي أيامهِ تكلم الرب بالأنبياءِ عن خراب يهوذا وقد أسلمهُ أسيراً بيد ملك بابل 2 مل ص21 |
697 |
14 آمون بن منسى ملك سنتين. سلك في طريق أبيهِ الشرير وقتلهُ عبيدهُ 2 مل 21: 19 إلخ |
642 |
15 يوشيَّا بن آمون مُسِح وهو ابن 8 سنين وملك 31 سنة. كان مستقيماً أمام الله. رمَّم بيت الرب وأحيى الديانة في البلاد وطهرها من العبادة الباطلة. وتاريخ حياتهِ يلذُّ القاري جدّاً. قتلهُ نخو ملك مصر 2 مل ص22 وص23. وكان معاصراً لهُ من الأنبياءِ خلدة النبيَّة وارميا وصفنيا |
640 |
16 يهوآحاز بن يوشيَّا وهو المسمى في نبوة إِرْمِيَا ص 22: 11 شلُّوم ملك 3 أشهر. كان شريراً. أسرهُ فرعون نخو إلى مصر ومات هناك وملَّك أخاهُ عوضاً عنهُ 2 مل 23: 31 إلى 34 |
609 |
17 يهوياقيم بن يوشيَّا ملك 11 سنة. كان شريراً. دفع الجزية لملك مصر وفي أيامهِ صعد نبوخذ ناصر ملك بابل 606 ق م وسبى قسماً من الشعب وهذا هو السبي الأول 2 مل 24: 1 إلى 5 |
609 |
18 يهوياكين بن يهوياقيم ملك 3 أشهر. سار في طريق أبيهِ. وفي أيامهِ صعد نبوخذناصر إلى أورشليم واستأسرهُ هو وآلهُ ورؤساءَهُ وقسماً من الشعب وسلب الهيكل وهذا هو السبي الثاني وكان حدوثهُ 8 سنين بعد الأول 2 مل 24: 8 إلى 17 |
598 |
19 صدقيا بن يوشيا ملك 11 سنة. كان شريراً. وفي أيام ملكهِ حاصر نبوخذناصر أورشليم وأسرهُ إلى بابل بعد ان أذلَّهُ وأحرق المدينة |
598 |
والهيكل وسبى كل شعب يهوذا ما عدا مساكين الأرض إلى بابل 2 مل ص25. وهذا هو السبي الثالث والأخير. وهكذا انقرضت هذه المملكة سنة 588 ق م بعد ان بقيت 387 سنة بعد انفصال مملكة إسرائيل عنها في أول ملك رحبعام سنة 975 ق م وكان عدد ملوكها 19 كما رأيت ما عدا عَثَلْيا وجميعهم من سلالة داود وكانوا يستولون على الملك بخلافة أحدهم الآخر. وعند قيام أحدهم كان يمسحهُ نبيّ الله أو الكاهن العظيم بدهن المسحة ويضع التاج على رأسهِ والصولجان أي القضيب بيدهِ انظر تث 17: 15 و18 إلى 20 و1 صم 10: 1 و1 مل 1: 39 و2 مل 9: 1 إلى 6 و11: 12 ومز 21: 3 |
|
الثامن والتاسع سفر الأيام الأول والثاني
وهما يشتملان على مُختَصر التواريخ المقدسة بترتيب الزمان من ابتداء الخليفة إلى رجوع اليهود من الأسر البابليّ وذلك يحيط بمدة 3468 سنة
إنهُ لأمرٌ مسلَّم بهِ عند الجمهور ان سفرَي الأيام قد كُتِبا بعد رجوع اليهود من سبي بابل وكاتبهما هو عزرا الذي إليهِ ينسب اليهود برأيٍ واحد تكميل وترتيب أسفار العهد القديم القانونيَّة. وهذان السفران هما الأخيران بالترتيب في المصحف العبراني. وهما في الأصل سفرٌ واحد ويقال في قسمتهما إلى اثنين كما قيل في سفرَي صموئيل والملوك
ان كاتبهما عزرا يقتبس كثيراً من سفرَي صموئيل وسفرَي الملوك ولكن الأمر واضح أنهُ لم يعتمد في كتابتهما على هذه الأسفار فقط لأنهُ يذكر أموراً كثيرة لا توجد فيها. ولا بدَّ من أنهُ قد جمع أخباراً كثيرة من سجلاَّت مملكتي يهوذا وإسرائيل كما قد فعل أيضاً كاتب سفري الملوك. وهو يذكر فيهما بعض تآليف قد اقتبس منها وهي أخبار صموئيل الرائي وناثان النبي وجاد الرائي 1 أي 29: 29 ونبوة أخيَّا الشيلوني 2 أي 9: 29 ورؤَى يعدو الرائي التي تذكر بأسماءٍ مختلفة
2 أي 9: 29 و12: 15 و13: 22 واخبار شمعيا النبي 2 أي 12: 15 واخبار ياهو بن حناني 2 أي 20: 34 ومكتوبات اشعيا النبي 2 أي 26: 22 و32: 32 واخبار الرائين 2 أي 33: 19 ولكن لا يمكننا ان نتحقق ما قد أضافهُ من هذه المكتوبات إلى هذين السفرين
انهُ يوجد بعض اختلافات بين سفري الملوك والايام التي قد حدثت من غفل النُّسَّاخ وأكثرها في الأمور التاريخية لا تنكّد على صحة هذه الأسفار. وأما ما يظهر فيهِ عدم مطابقة بينهما فناتج من اختصار ذكر الحوادث فيهما ومن ان أحد المؤَلّفَين في ذكر حادثةٍ ما يذكر الظروف والأحوال التي يتركها الآخر
ان المقصود من هذين السفرين ذكر أخبار متوالية عن التاريخ القديم الصحيح وإيضاح قضايا كثيرة مُهِمَّة عن أشخاص وأشياءَ غير مذكورة في كتب التواريخ الأخرى الموحى بها. أما التسعة اصحاحات الأولى من أولهما فتشتمل خصوصاً على جداول أنساب وربما كان القصد بها الدلالة على أنساب وأوطان القبائل والعشائر المتنوعة قبل السبي ومساعدة الذين راجعوا من بابل على استرجاع ميراثهم القديم وإقامة عبادة الله بموجب رسمهِ. وبيان أيضاً أنهُ كان من جملة ما قد قُصِد بها ان ترينا أصل الجنس البشري. أي ان كل البشر متسلسلون من آدم وحواءَ كما يُذكَر في سفر التكوين. وأن مخلصنا لهُ المجد هو ابن داود ابن يهوذا ابن إبراهيم وذلك طبق ما تعلمنا إياهُ النبوات المذكورة في الكتب المقدسة. وهذه الأنساب والتي بعدها كانت محفوظةً عند اليهود بكل اعتناءٍ وكانت ولم تزل محسوبةً ضروريةً للغاية التي كُتِبت لأجلها. وهي تذكر أولاًَ نسل آدم إلى إبراهيم ثم نسل إبراهيم فقط إلى داود ثم نسل داود الذي أتى منهُ المسيح. وأما مراجعة تاريخ الإسرائيليين فيبتدئُ من الاصحاح العاشر
وفي هذين السفرين أهم شرحٍ عن مقاصد الله نحو شعبهِ. والفوائد التي لا تُحصَى الناتجة للشعب من تقوى ملوكهم كما يبان من أحوال داود ويهوشافاط وحزقيا. والشرور المزعجة الصادرة من فساد الشعوب ونفاقهم
ان هذين السفرين يشتملان على خمسة وستين اصحاحاً تندرج في أربعة فصولٍ كبار
الفصل الأول يتضمن جداول نسلية من آدم إلى عزرا 1 أي ص1 إلى ص9
الثاني يتضمن تاريخ شعب إسرائيل في ملك ملكهم الأول شاول ص10
الثالث يتضمن تاريخ المملكة المتَّحدة تحت حكم داود وسليمان 1 أي ص11 إلى 2 أي ص9
الرابع يتضمن تاريخ سبط يهوذا تحت ملوكٍ كثيرة منذ افتراق الأسباط العشرة إلى الأسر البابلي 2 أي ص10 إلى ص36
وأشهر ما يذكر في هذين السفرين الجداول النسلية ولا سيما تلك التي نرى منها ان المسيح كان من نسل إبراهيم
مراجعة شواهد من سفر الأيام الأول
ص ع |
ص ع |
17: 14 مع لو 1: 33 |
29: 11 مع مت 6: 13 |
23: 13 مع عب 5: 4 |
29: 11 مع 1 تي 1: 17 |
29: 2 مع رؤْ 21: 18 إلى 21 |
29: 11 مع رؤْ 5: 13 |
29: 9 مع 2 كو 9: 7 |
29: 12 مع رو 11: 36 |
مراجعة شواهد من سفر الأيام الثاني
ص ع |
ص ع |
3: 14 مع مت 27: 51 |
18: 15 مع لو 6: 27 و28 |
3: 14 مع عب 9: 3 |
18: 15 مع رو 12: 20 |
12: 6 مع يع 4: 10 |
19: 7 مع رو 2: 11 |
15: 6 مع مت 24: 7 |
36: 15 إلى 17 مع مت 23: 34 |
16: 14 مع يو 19: 39 و40 |
|
العاشر سفر عزرا
وهو يشتمل على تاريخ مدة نحو 80 سنة من خروج امر كورش لرجوع اليهود الأول من أرض بابل وبناءِ الهيكل سنة 536 ق م إلى رجوعهم الثاني وإصلاحهم عن يد عزرا سنة 456 ق م
انهُ لأمرٌ مؤَكد ومسلَّم بهِ بأن كاتب هذا السفر هو عزرا الكاهن الملقَّب بالكاتب لشهرتهِ ومهارتهِ بهذه الصناعة انظر عز 7: 6. وهو جزءٌ من تاريخ شعب اليهود متصل مع ما قبلهُ ويتضمن مختصر تاريخ هذا الشعب من رجوعهم إلى فلسطين تحت يد زرُبَّابل ويشوع سنة 536 ق م الذي كان 70 سنة بعد السبي الأول و52 سنة بعد السبي الأخير وخراب المدينة والهيكل إلى صعود عزرا كاتبهِ ورفقائهِ إلى أورشليم سنة 457 ق م الذي كان 80 سنة بعد الرجوع الأول. ويُختَم بخبر الاصلاح الذي جرى عن يدهِ بخصوص اختلاط اليهود مع الأمم المجاورين لهم في أمر الزيجة
ويوجد في هذا السفر بعض أجزاءٍ تتضمن بنوعٍ خصوصي كتابات وأوامر من ملك بابل من جهة إعادة بناءِ الهيكل والخدمة الرسمية بهِ بحسب ترتيبها وكلُّها مكتوبة باللغة الكلدانيَّة وهي من ص 4: 8 إلى ص 6: 18 و7: 12 إلى 26
وفي هذا السفر عشرة اصحاحات تنقسم إلى فصلين كبيرين
الفصل الأول يخبر عن رجوع اليهود الأول إلى اليهودية تحت يد واليهم زربابل وإعادة بناءِ هيكل أورشليم بعد موانع كثيرة ص1 إلى ص6
الثاني يذكر عن رجوعهم الثاني تحت يد عزرا الكاهن إلى أورشليم وإصلاحهِ الرسوم الدينية على مُقتَضَى سنن موسى ص7 إلى ص10
وإطلاق أسر اليهود كان بواسطة مناداة كورش القاهر الفارسي إذ خَلَف خالهُ داريوس على كرسيهِ ملكاً على بلاد فارس وبابل. وأشهر الوقائع في هذا السفر فعل العناية الإلهية التي جعلت كورش يتفضَّل على اليهود الأسرى
بإطلاقهم وبردُّ أواني الذهب والفضة التي نُهِبَت من هيكل الله في أورشليم. وكان ذلك الإطلاق والردُّ كما يُظَنُّ بواسطة دانيال النبي لاشتهار حكمتهِ وصلاحهِ وتقواهُ في ديوان بابل. ولا سيما لما طُرِح في جبّ الأسود ولم تفترسهُ. فإن الملك زاد في إكرامهِ ورفْع شأنهِ وبذلك انتصر على مكايد أعدائهِ
وقد قيل ان دانيال أرى الملك نبوات إِرْمِيَا واشعيا حيث يُتنبَّأُ عن خلاص اليهود وحيث يُذكَر اسم كورش مفتتح بابل ويظهر ان كورش اعتبر تلك النبوات من مناداتهِ قائلاً جميع ممالك الأرض دفعها لي الربُّ إله السماءِ وهو أوصاني ان أبني لهُ بيتاً في أورشليم عز 1: 2
وتتضح غيرة عزرا وتقواهُ من أعمالهِ جميعها. وكان اليهود دائماً يحترمون ذكرهُ ويعتبرونهُ في مقام موسى. وكان الله قد أقامهُ لأجل إرجاع الدين إلى صحتهِ القديمة وترتيب أسفار الكتاب المقدس. فإنهُ جمعها وقابلها بغاية الضبط وأضاف إليها سفرَي أخبار الأيام مع تاريخهِ الذي قيل ان نحميا كمَّلهُ. ويقال ان عزرا الكاهن المذكور تُوفّي في أورشليم وكان قد بلغ من العمر ماية وعشرين سنة. ومنهم من يقول أنهُ رجع إلى بابل وتُوفي هناك
مراجعة شواهد من سفر عزرا
ص ع |
ص ع |
1: 5 مع في 2: 13 |
9: 6 مع رؤْ 18: 5 |
3: 7 مع أع 12: 20 |
9: 14 مع يو 5: 14 |
8: 22 مع رو 8: 28 |
9: 15 مع رو 3: 19 |
الحادي عشر نحميا
وهو يحيط بتاريخ 12 سنة من مجيء نحميا من بلاد الفرس إلى أورشليم سنة 446 ق م إلى ان عاد إلى هناك ورجع إلى أورشليم ثانيةً سنة 434 ق م انظر نح 1: 1 و2: 1 و13: 6
ان هذا السفر يُدعَى باسم كاتبهِ نحميا ص 1: 1 وهو الأخير من أسفار الكتب المقدسة التاريخية المتتابعة التي تتعلق بشعب الله. وكاتبهُ هذا كان واحداً من أسرى اليهود وهو رجلٌ شريف اختارهُ الملك ارتحشتسا العجميّ من بينهم ليكون ساقياً لهُ. وكانت هذه الوظيفة عظيمة عندهم في الغاية. ثم أرسلهُ إلى أورشليم بوظيفة والٍ لكي يبني أسوارها ويرتب أمور ولاية اليهودية وذلك كان بعد رجوع عزرا بثلث عشرة سنة قابل عز 7: 6 و7 ومع نح 1: 1 و2: 1 إلى 9. وبعد ان تولَّى على اليهود اثنتي عشرة سنة كما يظهر من مقابلة ص 13: 6 و7 مع 2: 1 إلى 9 رجع إلى ارتحشستا فقلَّدهُ منصباً آخر ورجع بهِ إلى أورشليم وتولى على اليهوديَّة أربع عشرة سنة كما يُظَنُّ. وفي هذه البرهة جرت الحادثة التي يُختَم بها هذا السفر وهي طرد واحدٍ من بني يوباداع بن الياشيب الكاهن العظيم لأنهُ قد تزوج ابنه سنبلَّط الحوروني أحد أعداءِ اليهود
وهذا السفر يشتمل على أفضل الأخبار عن التهذيب الذي حصل في مدينة أورشليم والاصلاح الذي صار في الشعب باهتمام نحميا حاكمهم. وبهِ يختُم تاريخ العهد القديم عند وفاة مصنفهِ في سنة 3584 بعد الخليقة وسنة 420 ق م
وفي هذا السفر ثلثة عشر اصحاحاً تندرج في أربعة فصول كبار
الفصل الأول يتضمن ذكر ارتحال نحميا إلى أورشليم من شُوشَن متقلداً وظيفة الدولة ص1 وص2
الثاني يذكر بناءَ أسوار أورشليم ص3 إلى ص6
الثالث يخبر عن إصلاح قواعد الدين وختم العهد بعبادة الله ص7 إلى ص12
الرابع يخبر عن الإصلاح الثاني بين الشعب ص13
وأشهر ما ذُكِر في هذا السفر الفضائل النادرة التي كان متَّصفاً بها مؤَلّفهُ من استقامة السيرة وحبّ الوطن وحسن التدبير والمرؤَة والشجاعة والحلم والغيرة وما شاكل ذلك من المناقب التي تدل على رصانة العقل وتمتُّع النفس بشركة غامضة مع الله. وبذلك تتخلَّد شهرتهُ بين أعظم رجال الأمَّة اليهودية. ولا ريب أنهُ مَثَلٌ صالحٌ يجب على كل محبٍّ لوطنهِ ان يبذل جهدهُ في الاقتداءِ بهِ
مراجعة شواهد من سفر نحميا
ص ع |
ص ع |
3: 1 مع يو 5: 2 |
9: 13 مع رو 7: 12 |
8: 6 مع 1 كو 14: 16 |
9: 19 مع 1 كو 10: 1 |
8: 6 مع 1 تي 2: 8 |
9: 29 مع غل 3: 12 |
9: 6 مع رؤْ 14: 7 |
|
الثاني عشر سفر استير
وبهِ يُؤَرَّخ حوادث 26 سنة فالتسعة اصحاحات الأولى تحيط بتاريخ مدة 12 سنة انظر اس 1: 1 إلى 3 و2: 16 و3: 7 و12 و13 و9: 1 والاصحاح الأخير يتعلَّق بتاريخ مدة أربع عشرة سنة كما يُظنُّ
هذا السفر يُدعَى باسم المرأة التي يُذكَر فيهِ تاريخها. وهو يخبر عن استيلاءِ صبيَّة يتيمة بدون أبٍ ولا أم من أسرى اليهود على صاحب كرسي بلاد فارس ونجاة اليهود عن يدها. ويظهر فيهِ الأسلوب العجيب الذي بهِ انقرضت مكيدة هامان الاجاجي لإبادة اليهود في كافة مملكة فارس وتحوَّلت إلى نجاحهم وكرامتهم
ان كاتب هذا السفر الذي هو مجهول عندنا يجتهد على إيضاح هذا الخلاص
بأنهُ كان بعناية الله إجابةً لصلوات اليهود. ويتصرف بذلك على طريقة يجعل بها الحوادث المُخبَر عنها تتكلم عن ذاتها. نعم أنهُ لا يُذكَر اسم الله ولا مرةً في كل هذا السفر ولكنهُ يظهر بنوع عجيب من كيفية مجرى الحوادث المذكورة فيهِ طبيعتهُ تعالى وحكمهُ المطلق على الكون. وأن الأمور الكلية والجزئيَّة هي تحت سلطتهِ وهو يجريها على أسلوب بهِ تأول لخلاص شعبهِ وهلاك أعدائهِ وأعدائهم ويحوّل غضب الإنسان لكي يأُول لمجدهِ. ويُظَنُّ ان هذه النجاة الغريبة حصلت في أيام زَرُبابل وقيل ان احشويروش المذكور في هذا السفر هو داريوس المذكور في سفر عزرا الذي أخرج الأمر ببناء الهيكل بعد ان كان قد توقف العمل نحو 14 سنة
وفي هذا السفر عشرة اصحاحات مندرجة في ثلثة فصول كبار
الفصل الأول يتضمن انتقال استير من ذلّ العبودية إلى ملك بلاد فارس والخير الذي استفادهُ الملك من مردخاي عمّها ص1 وص2
الثاني يذكر تقدُّم هامان وحيلتهُ الخبيثة في استئصال اليهود ص3 إلى ص5
الثالث يذكر انقراض حيلة هامان وهلاكُه الشنيع الذي استحقهُ ص6 إلى ص10
وقد رُسِم عيد الفوريم المذكور في هذا السفر تذكاراً لنجاة اليهود وما زالوا يعيّدونهُ إلى عصرنا هذا
مراجعة شواهد من سفر استير
ص ع |
ص ع |
3: 8 مع اع 16: 20 |
5: 3 مع مر 6: 23 |
وبما ان الحوادث المذكورة في سفر استير قد جرت قبل البعض من الحوادث المذكورة في سفري عزرا ونحميا قد وضعنا هذا الجدول المتضمن ترتيب الحوادث المذكورة في هذه الأسفار الثلثة بحسب الزمان
الحوادث |
محل ذكرها |
تاريخها ق م |
نداءُ كورش بإطلاق اليهود |
عز 1: 2 |
536 |
تأسيس الهيكل |
عز 3: 8 إلى 13 |
535 |
مقاومة أعداءِ اليهود عملهم في بناءِ الهيكل |
عز 4: 5 |
534 |
أمر الملك ارتحشستا المسمى في التواريخ كمبيس بتوقيف العمل |
عز 4: 17 إلى 25 |
529 |
حث النبيين حجي وزكريا اليهود على العمل |
عز 5: 1 |
520 |
صيرورة استير ملكة |
اس ص1 وص2 |
519 |
مقاومة الأعداء أيضاً وردعهم بأمر الملك احشويرش وهو داريوس هستاسب |
عز ص5 وص6 |
519 |
تكميل الهيكل وتدشينهُ |
عز ص6 |
515 |
حيلة هامان على إبادة شعب اليهود |
اس ص3 وص4 |
510 |
ارسال عزرا والياً على اليهوديَّة |
عز ص7 |
467 |
ارسال نحميا إلى أورشليم |
نح ص2 |
445 |
تنبئُ ملاخي آخر الأنبياءِ الذي كان معاصراً لنحميا |
|
415 |
الفصل الثالث
في الأسفار الشِّعريَّة
ان الأسفار السابقة من كتب العهد القديم إلا قليلاً منها قد كُتِبَت نثراً. وأما الأسفار الخمسة التالية وهي سفر أيوب والمزامير والأمثال والجامعة ونشيد الانشاد مع مراثي إِرْمِيَا واقسام أُخر كثيرة من أسفار النبوات فإنها كُتِبَت شعراً باللغة العبرانية. وهي ذات معانٍ دينية أتمُّ مما قبلها ومفيدةٌ لكنيسة المسيح أكثر
مما سواها لأجل ما تحويهِ من التعاليم الخصوصية. وفيها من جواهر الآداب والحِكَم ما يدعو إلى قراءَتها بتأَملٍ بليغ. وكل واحدٍ من هذه الأسفار يمتاز بفضليةٍ مخصوصة. فإن سفر أيوب يمتاز بالتهذيب والمزامير بالتعبُّد والنبوَّة والأمثال بالحكمة والجامعة بالتندُّم والنشيد بالخبرة. فعليك يا أيها المطالع ان تمارسها وتمعن النظر في معانيها كمسيحيٍّ بالحق إلا بالاسم فقط. ونحن بمشيئَة الله نفصّل لك هذه الأسفار واحداً فواحداً.
الأول سفر أيوب
ان هذا السفر يُدعَى باسم الرجل الذي يُذكَر بهِ تاريخهُ. وهو يخبر عن تقواهُ وغناهُ وصبرهِ وبليَّتهِ وشقائهِ. ويوجد اقتباسات كثيرة منهُ في الأسفار الإلهية المكتوبة بعدهُ وخصوصاً في سفر المزامير فإن المرنّم يقول في مز 118: 5 من الضيق دعوت الرب فأجابني من الرحب وهذه العبارة توجد في سفر أيوب 36: 16. وكذلك الرسول بولس يقول في 1 كو 3: 19 لأنهُ مكتوب الآخذ الحكماء بمكرهم وهذه العبارة توجد في أي 5: 13. وحزقيال الذي كان بعد أيوب بنحو ألف وأربعماية سنة حسب رأي الأكثرين يذكرهُ كإنسانٍ مشهورٍ لأجل تقواهُ حز 14: 14 ويعقوب الرسول يذكر أيضاً تجربتهُ وغاية الله بها يع 5: 11. فإذاً هذا السفر كان مقبولاً عند اليهود والمسيحيين نظير سائر الأسفار القانونيَّة المُوحَى بها من الله
أما موطن أيوب فكان أرض عوص التي يُظَنُّ أنها كانت جزءاً من جبل سعير أو بلاد أدوم الواقعة بين اليهودية جنوباً وبلاد العرب شمالاً ولكن لا تقدر نوكّد ذلك. وقد ظنَّ البعض ان أيوب هو عوص بكرناحور أخي إبراهيم تك 22: 20 و21. وذهب غيرهم إلى أنهُ هو يوباب ابن حفيد عيسو المذكور في 1 أي 1: 44 وانهُ عاش بعض سنوات قبل موسى أو بالقرب منهُ.
وقال كثيرون من الشُّرّاح أنهُ كان قبل إبراهيم بأكثر من ماية سنة وهم يعتبرونهُ حلقةً في سلسلة كنيسة الله بين نوح وإبراهيم. وعندنا ان أيوب كان من جيل البطاركة أسلاف إبراهيم كما يتضح ممَّا سيأتي
أولاً من طول حياتهِ. فإن عمرهُ لا يوافق أعمار الذين عاشوا في عصر موسى ولا الذين عاشوا في عصر إبراهيم لأن حيوة إبراهيم كانت 175 سنة وأيوب كان لهُ وقت امتحانهِ سبعة بنين وثلاث بنات وربما كان جميعهم أو أكثرهم قد بلغوا أشدَّهم وانفردوا عنهُ ص 1: 4 وإذ ذاك لا بدَّ من أنهُ كان حينئذٍ ابن ثمانين سنة أو أكثر وقد عاش بعد ذلك 140 سنة أي 42: 16 فتكون حياته أطول من حيوة تارحِ أبي إبراهيم الذي عاش 210 سنين
ثانياً من بساطة العوائد المذكورة في سفرهِ واقتصار أهل عصرهِ في العبادة على تقديم الذبائح والصلوة بدون التفاف إلى غير ذلك من الطقوس. فإنهُ لا يوجد في هذا السفر شيءٌ يدلُّ مثلاً على الكهنوت اللاويّ أي ان الكهنوت كان محصوراً بعائلة واحدة بل يبان منهُ بالعكس أي أنهُ كان لم يزل بين آباءِ العيال وأيوب ذاتهُ كان كاهناً في بيتهِ كملكي صادق وغيرهِ من الآباءِ لأنهُ كان يصعد محرقات عن أولادهِ كلَّ الأيام
ثالثاً ان اليهو لمَّا ذكر بعض طرق الإعلانات الإلهيَّة لم يخبر شيئاً عن اعطاء الشريعة الموسوية. ولا ريب بأنهُ لو كان أيوب في أيام موسى أو بعدهُ لكان ذكر هو أو واحد من أصحابهِ شيئاً من الطقوس التي وضعها وعجائب الله المذكورة في أسفارهِ التي حدثت في عصر إبراهيم أو في عصرهِ كخراب سدوم وشق البحر الأحمر وإخراج شعب إسرائيل من مصر وتيهانهم أربعين سنة في البرّيَّة لأنهم يراجعون كثيراً من عجائب الله التي كانت قبل ذلك العصر كخلق العالم والملائكة ص 38: 4 إلى 7 والطوفان ص 22: 15 إلى 17 ونحو ذلك. وإذ أنهُ لا توجد إشارة في كل هذا السفر إلى ما تقدم آنفاً ولا إلى شيءٍ من التاريخ اليهوديّ من إبراهيم فصاعداً يُرجَّح الاعتقاد بأن أيوب قد عاش قبل موسى
وقبل إبراهيم أيضاً
رابعاً نتوصل إلى هذه النتيجة أيضاً من أنهُ لا يُذكَر في هذا السفر من العبادة الوثنية إلا عبادة الإجرام السمويَّة وهذه العبادة كما نعلم هي من أقدم العبادات
وهذه الملاحظات التي تؤَيِّد ان أيوب كان من جيل البطاركة لا تدلُّ بالضرورة على ان سفرهُ قد كُتِب في ذلك الجيل إذ يُحتَمل ان الكاتب قد كتب الحوادث التي جرت قبل عصرهِ. وقد رجَّح البعض ان أيوب كان واحداً من المشايخ أو الأمراء بين العرب يسكن بالقرب من طور سيناءَ وأن موسى لما وصل إلى هناك مع شعب الله أما أنهُ وجد هذا السفر بأيدي الناس مكتوباً بإنشاءِ أيوب نفسهِ وبالوحي كمَّلهُ وضمهُ إلى أسفار الكتاب المقدس المُوحَى بها أو أنه سمع خبر هذا الرجل منهم ورأى بعض مكتوباتٍ عنهُ فكتب قصتهُ بوحيٍ من الله. ولغة هذا السفر عبرانية خالصة. وأسلوب كتابتهِ يدلُّ على ان الكاتب لم يكن مترجماً بل مؤَلّفاً وإنه كان ذا معرفة جيدة بعوائد المصريين والعرب ولذلك نسبهُ الأكثرون إلى موسى
أما القصد بهذا السفر فيظهر من ملاحظة ترتيبهِ. فإن أيوب المُخبَر عنهُ بهِ الذي فاق الآخرين في استقامتهِ وتقواهُ قد اشتكى عليهِ الشيطان بأن غايتهُ في عبادة الله الربح الدنيويّ ولأجل إيضاح فساد هذه التهمة الافترائيَّة أَذِن الله للشيطان بأن يُعدِم أيوب كلَّ مقتنياتهِ وأولادهِ ثم ضربهُ بمرضٍ شديد وكربه فصار عادماً الراحة ولذَّة هذه الحيوة بالكلية ومع ذلك بقي هذا البطريرك متمسكاً بكمالهِ وبارك الله. ولمَّا أتى أصحابهُ الثلاثة لعيادتهِ وتعزيتهِ ورأوا عظم بليَّتهِ اندهشوا وتحيروا وقعدوا معهُ على الأرض سبعة أيام بلياليها ساكتين. وبعد ذلك سبَّ أيوب يوم ميلادهِ وأمامهم بعباراتٍ مملؤَة من الحزن والجزع والحميَّة. فغضب أصحابهُ لأجل كلامهِ الذي حسبوهُ دليلاً على وجود روح العصيان فيهِ. فشرعوا يجادلونهُ بكل حميَّة بانين كلامهم على أساسٍ فاسد وهو ان البلايا الخصوصية تصيب البشر كقصاصٍ على خطاياهم الخصوصية وبالنتيجة
تكون بيّنةً على شرّ الذي نعتريهِ متوهمين ان الله لا يمتحن عبيدهُ الأبرار كما امتحن أيوب. ولذلك افتروا عليهِ بأنهُ شرير ولاموهُ بعنفٍ ونصحوهُ بأن يتوب إلى الله عن خطاياهُ السالفة ويطلب منهُ الغفران متيقنين بأن هذا يكون كافياً لإزالة بلاياهُ. فأخذ يقاومهم على هذه التهمة الافترائيَّة ويدحض سفسطاتهم مسنداً كلامهُ على المشاهدات والمتواترات حال كونهِ واثقاً بكمالهِ متخذاً مقدماتهِ من اعتقادهِ بأن البلايا بموجب ترتيب الله غير المفحوص تصيب الأخيار والأشرار على حدٍّ سوى ويطلب من الله برغبةٍ ان يريهُ لماذا سمح بحلول هذه المصائب عليهِ. وكان أحياناً يعبر عن خوفهِ بأنهُ سيهبط سريعاً إلى القبر تحت أحزانهِ الثقيلة ولا يرى خيراً بعد. ولمَّا أبكم أصحابهُ الثلاثة بذكر عدة حوادث لم يقدروا ان يناقضوهُ بها صرَّح بيقينهِ بأن عاقبة المرائين تكون هلاكاً ص27. مبيناً ان حكمة الله التي يسوس بها هذا العالم هي فوق إدراك البشر وأن حكمة الإنسان تقوم بمخافة خالقهِ وطاعتهِ ص28. ثم يقابل بلاياهُ الحاضرة مع نجاحهِ السابق ص29 وص30. ويختم كلامهُ بإشهار كمالهِ ص31. غير ان عبارات كثيرة من كلامهِ تشعر بأنهُ كان يحبُّ ان يبرّئَ نفسهُ ليس من جهة أصحابهِ فقط بل من جهة الله أيضاً
وكان هناك شابٌّ اسمهُ اليهو يسمع أحاديث أيوب وأصحابهِ لكنهُ بقي ساكتاً ومتأَمّلاً بما كان بينهم إلى ان انتهت مفاوضاتهم فشرع يتكلم كقاضٍ بينهم وجعل يلوم أيوب على افتراط كلامهِ ويلوم أصحابهُ لأجل افترائهم عليهِ بخلاف الحق. فاتَّخذ مقدمةً لكلامهِ ان البلايا تصيب البشر من الله لأجل تأديبهم وأخذ يبرهن أنهُ يجب عليهم والحالة هذه ان يشعروا بغلطهم وضعفهم وأنهُ إذا احتملوا كلَّ ما يصيبهم بالصبر والخضوع لله ملتجئين إليهِ تعالى بالتوبة والصلوة لأجل إزالتها تنتهي بنجاحٍ جديدٍ يفوق نجاحهم الأول. وإذ قصد ان يظهر حماقة الذين يتهمون الرب بعدم الإنصاف أخذ يتكلَّم بوضوحٍ عن عظمتهِ تعالى غير
المتناهية وسلطانهِ الفائق. ومن المعلوم ان اليهو لم يُدرِك سبب امتحان أيوب الخصوصي لكنهُ كان مصيباً في رأيهِ من جهة بلايا البشر بوجه العموم. ولا ريب في ان عاقبتها للإنسان الصالح تكون تماماً كما صار لأيوب إذ ذلَّل نفسهُ أمام صانعهِ. وذلك يوافق ما شرحهُ اليهو
وبعد ان جرى كلُّ ما تقدم خاطب الله أيوب من الزوبعة ووبخهُ لأجل تجاسرهِ في الكلام مبرهناً برارتهُ سبحانهُ في تصرّفاتهِ مع البشر من إظهار كمالاتهِ غير المحدودة التي تُرى في خلق العالم وسياستهِ وإنهُ لجَهالةٌ وجسارة فظيعة ان الإنسان يحاكم الله إلى منبر قضاءِ العقل الإنساني. فاذعن أيوب لقولهِ تعالى وذلَّل نفسهُ أمام إلههِ فبرَّرهُ سبحانهُ علانيةً أمام أصحابهِ الثلاثة مقرراً لهم أنهُ قد تكلَّم عنهُ بالصواب أكثر منهم ص 42: 8. ولا يَخفَى ان الله لم يُشِر بذلك إلى الروح الذي بدا من أيوب لأنهُ قد وبَّخهُ عليهِ بصرامة بل إلى أساس كلامهِ من جهة تصرفات الله مع الإنسان. ثم بأمرهِ تعالى قدَّم أصحاب أيوب الثلاثة ذبائح وهو صلَّى من أجلهم وردَّ لهُ الله كلَّ ما كان لهُ وزاد عليهِ ضعفين
فمن فحوى هذا السفر وترتيبهِ يتضح ان القصد بهِ كان تعليمنا ان الله في سياستهِ لا يجري المجازاة على البشر في هذه الحيوة بحيث يكون البارُّ معفيّاً من المصائب والشرير عُرضةٌ لذلك نظير قصاص لخطاياهُ بل بموجب ترتيبهِ غير المفحوص يسمح بأن البلايا الزمنيَّة تعتري البار والشرير على حدٍّ سوى. غير أنهُ يقصد دائماً بآلام الأبرار خيرهم ويحولها أخيراً إلى نجاحٍ عظيمٍ وسعادةٍ فائقة
وفي هذا السفر اثنان وأربعون إصحاحاً يجمعها خمسة فصولٍ كبار
الأول يذكر تقوى أيوب وأملاكهُ وأهلهُ وضيقاتهِ وأصحابهِ ص1 إلى ص2
الثاني يذكر المفاوضات الجدالية بين أيوب وأصحابهِ الثلثة ص3 إلى ص31
الثالث يتضمن أقوال الحكمة التي نطق بها اليهو أصغر أصحاب أيوب ص32 إلى ص37
الرابع يتضمَّن مخاطبة الله السامية الرهيبة مع أيوب من العاصفة ص38 إلى
الخامس يذكر خضوع أيوب لله وشفاءَهُ ومُحرَقتهُ وصلاتهُ لأجل أصحابهِ بسبب افترائهم واسترداد أهلهِ وأصحابهِ وأملاكهِ ص42
فيجب على كل مطالعٍ من المسيحيين ان يتأَمَّل بانتباهٍ في المفاوضات الدينيَّة التي جرت بين هؤلاءِ الرجال التي نستفيد منها أموراً كثيرة أدبيَّة نخصُّ بعضها بالذكر هنا
أولاً تواضع اليهو الذي كان قادراً ان يتكلم أفضل من جميع أصحابهِ لكنهُ لم يتكلم إلا بعد الجميع فهو بهذا قدوةٌ حسنة للشبان
ثانياً أننا وقت الجدال نحتاج مساعدة عظيمة من الحكمة السموية لكي ترشدنا إلى التكلم بالصواب فإن أيوب ذاتهُ قد سقط بالغلط في ذلك
ثالثاً أنهُ من الواجب علينا ان نفحص قلوبنا ونقرَّ بذنوبنا وحقارتنا. فإن أيوب الذي اشتهر بكمالهِ شعر بذلك في قلبهِ وكره نفسهُ وقال ها أنا حقير ص 40: 4 و42: 1 إلى 6. ولا ريب ان الإنسان كلما تقدَّم في معرفة ذاتهِ يحتقر نفسهُ ويحتسب ذاتهُ دون الآخرين
ثم ان المضامين الشريفة السامية التي في هذا السفر تحقّق لنا ان أعظم قواعد الإيمان الحقيقي كانت مقرَّرة منذ زمانٍ قديم. ومن جملة التعاليم المذكورة في سفر أيوب التي ترينا ان إيمان القدماءِ كان نظير إيماننا الإنجيليّ هذه الأمور الآتية وهي عشرة
الأول خلق الوجود بأسرهِ من واحدٍ علويّ جبَّار سرمدي
الثاني حكمهُ على العالم بالعناية الإلهية القديرة العامة الأبدية
الثالث وجود الملائكة
الرابع ان البعض من هؤلاءِ الخلائق الشريفة قد سقطوا من استقامتهم ورتبتهم وسعادتهم وان رئيسهم الشيطان
الخامس ان هذه الخلائق العظيمة جميعها رديئَةً كانت أم جيدة تحت أمر
خالقها ولا بُدَّ من إعطاءِ حسابٍ في وقتٍ معلوم
السادس ان كل جبلةٍ بشرية متسلسلة من آدم لها شركةٌ معهُ في سقوط الطبيعة وهي مولودةٌ في الخطية
السابع ان الله قد يتراءَف على الخطاة بواسطة ذبيحة كفَّارة للاثم
الثامن ان الله قد يجلب أحياناً على أفضل عبادهِ بلايا شديدة امتحاناً لإيمانهم ومحبتهم وذلك يكون لتمجيدهِ ولفائدتهم الروحية
التاسع ان كثيرين ممَّن هم خارج حدود أرض كنعان كانوا ينتظرون المسيح الموعود بهِ
العاشر ان الصالحين استخرجوا تعزيةً جوهرية من الاعتقاد بقيامةٍ جامعة من الموت وحالة سعيدة بعد ذلك للأبرار
وممَّا يستحقُّ الذكر أيضاً ان أيوب حينما يتكلم عن القيامة والدينونة العتيدة في ص 19: 25 إلى 29 ينظر إلى الفادي الموعود بهِ ويصرّح باتكالهِ عليهِ وإيمانهِ بهِ. وهذا يرينا اتفاق إيمان شعب الله في كل الأجيال فإن أيوب وإبراهيم وداود والأنبياءَ جميعهم قد استمدوا سعادتهم من هذا الينبوع كالمولودين ضمن الديانة المسيحيَّة
مراجعة شواهد من سفر أيوب
ص ع |
ص ع |
1: 7 مع 1 بط 5: 8 |
4: 18 مع 2 بط 2: 4 |
1: 7 مع رؤْ 12: 9 و10 |
5: 13 مع 1 كو 3: 19 |
1: 21 مع 1 تي 6: 7 |
5: 17 مع عب 12: 5 |
1: 21 مع اف 5: 20 |
5: 19 مع 1 كو 10: 13 |
1: 21 مع 1 تس 5: 18 |
12: 10 مع اع 17: 28 |
2: 10 مع يع 5: 11 |
14: 12 مع اع 3: 21 |
ص ع |
ص ع |
19: 25 مع 2 تي 1: 12 |
22: 6 و7 مع مت 25: 42 |
19: 26 و27 مع في 3: 20 و21 |
27: 8 مع مت 16: 26 |
19: 26 و27 مع 1 يو 3: 2 |
33: 27 مع لو 15: 10 و21 |
19: 26 و27 مع 1 كو 13: 12 |
42: 8 مع يع 5: 16 |
الثاني سفر المزامير
ان هذا السفر هو مجموع ترنيماتٍ ونشائد ومزموراتٍ وقصائد وتسابيح وأغانيَّ مقدَّسة مكتوبة بوحيٍ من الله يُعبَّر بها عن أشواقٍ وعواطف دينيةٍ قد نُظِمت لكي يُرَنَّم بها وقت العبادة. وقيل انها في الأصل مؤَلَّفة من كل نوعٍ يمكن نظمهُ من أشعار العبرانيين. وهي تشتمل على مواضيع شتَّى وتُعبّر عن اختبارات وتعاليم روحية كثيرة العدد
وهذا السفر يحوي كنزاً من التسابيح المقدَّسة للكنيسة لا يفرغ مدى الأجيال. وهو يُدعَى مزامير داود تغليباً أي تسميةً للكل باسم البعض لأن داود مرنّم إسرائيل الحلو 2 صم 23: 1 قد نظم أكثرهُ. وأما الباقي منهُ فقد نظم بعضهُ موسى وبعضهُ هامان وكذلك آساف ويدوثون وأنبياءُ آخرون كانوا في مدة الأسر البابليّ وبعضهم بقي إلى ما بعدهُ. فثلاثة وسبعون مزموراً منهُ منسوبةً صريحاً إلى داود وكذلك المزمور التسعون إلى موسى. ويظهر من مضامين بعض المزمورات أنها قد كُتبَت في وقت السبي وبعضها في وقت الرجوع. ويوجد مزمورات كثيرة لم يتَّفق علماءُ المفسّرين على كاتبيها ولا على تاريخ كتابتها
وأما ترتيب المزمورات في هذا السفر بعضها مع بعض فهو منسوب عند الأكثرين إلى عزرا. وهي تقسم عند اليهود إلى خمسة كتب كل واحدٍ منها يُختَم بتسبيحة كما ترى بذيل كل مزمور اخير منها. فالكتاب الأول من مز 1 إلى مز 41. والثاني من مز 42 إلى 72. والثالث من مز 73 على 89.
والرابع من مز 90 إلى مز 106 والخامس من مز 107 إلى مز 150
ويوجد مزمور واحد يرد مرتين في هذا السفر مع فرقٍ قليلٍ قابل مز 14 مع مز 53. وبعض المزمورات ترد أيضاً كأجزاءِ في غيرها فإن مز 70 مثلاً هو جزءٌ من مز 40. وبعضها توجد في أسفار الكتاب المقدَّس التاريخية قابل مز 18 مع 2 صم ص22 ومز 96 مع 1 أي 16: 23 إلى 33 ومز 105: 1 إلى 15 مع 1 أي 16: 8 إلى 22
ان أكثر المزمورات لها عنوانات تتضمَّن اسم الناظم وسبب نظمها وبعض هذه العنوانات تتضمن غير ذلك أيضاً مما سيأتي بيانهُ
القسم الأول ما يتضمن أسماءَ أشخاص معلومين. ومن ذلك قولهُ لامام المغنّين وهذه العبارة ترد في خمسة وخمسين مزموراً وهي تعني ان كلاًّ من هذه المزمورات قد أُهدِي لرئيس جماعة المنشدين في الخيمة أو الهيكل لكي ينشدهُ وقت العبادة في الاجتماع العموميّ. وقد تُردَف هذه العبارة في بعض المزمورات (1) بقولهِ لبني قورح والأرجح ان هذه الأخيرة هي بدل بَداءٍ أو إضراب من الأولى أي ان الناظم ذكر أولاً أمام المغنين ثم بدا لهُ شيءٌ فعدل إلى ذكر بني قورح. وبما ان بني قورح هم المنشدون في الهيكل لا بدَّ من ان امام المغنّين كان واحداً منهم انظر 1 أي 6: 1 إلى 29 وص25. غير ان البعض يظنون ان هذه العبارة الأخيرة تشير إلى ان ناظم ذلك المزمور هو واحدٌ من بني قورح (2) بقولهِ على يدوثون مز 62 و77. أو ليدوثون مز 39 فعلى الأول يكون المراد بيدوثون نسل هذا الشخص 1 أي 25: 3 ويكون المعنى ان ذلك المزمور مُهدىً لامام المغنين المترأّس على قبيلة يدوثون. وعلى الثاني يكون المراد بيدوثون جَدُّ هذه القبيلة 1 أي 16: 41 ويكون قولهُ ليدوثون بدلاً من امام المغنّين
الثاني العنوانات التي تشير إلى نوع المزمور المُعنْوَن بها أو مضمونهِ أو غايتهِ ومن ذلك. (1) مزمور ويُراد بهِ قصيدة قد نُظمَت لكي يُرنَّم بها. (2) مزمور. تسبيحة مز 65 و75 و76. أو تسبيحة. مزمور مز 83 و108.
أو تسبيحة مزمورٍ مز 66 و88. أو مزمور تسبيحةٍ مز 87 و92. أو تسبيحة مز 145. أو ترنيمة مز 46. أو ترنيمة محبة مز 45. فجميع المزمورات التي لها هذه العنوانات هي ترنيمات فرحٍ وشكر ما عدا مز 83 و88 (3) ترنيمة المصاعد وهي ترد في عنوانات 15 مزموراً متتابعاً تبتدئُ من مز 120 فصاعداً والأرجح ان هذه المزمورات لُقِّبَت بذلك لأنها نُظِمَت لكي ينشدها الإسرائيليون وهم صاعدون إلى أورشليم في الأعياد الكبيرة انظر تث 16: 15. (4) صلوة مز 17 و90 و102 و142. وتسبيحة مز 145. ومزمور تسبيحة ليوم السبت مز 92. وتدشين البيت مز 30. وكل ذلك معناهُ واضح لا يحتاج إلى تفسير. (5) مُذَهَّبة مز 16 و56 إلى 60. ومعناها ان تلك القصيدة المعنونة بها هي ثمينة كالذهب وفائقة القيمة أو أنها مكتوبة بالذهب. واللفظة العبرانية المترجمة عنها هي مِخْتَم وهي قد تعني أيضاً قصيدة انظر مز 16 حاشية أو كتابة كما هي مترجمة في اش 38: 9. (6) شجويَّة لداود مز 7 انظر أيضاً حب 3: 1. وهي منسوبة إلى الشجو وهو الحزن والهمُّ فيكون المعنى ترنيمة محزنة. واللفظة العبرانية المترجمة عنها هي شِجَّبُون قيل ان أصل هذه المادَّة يدلُّ على التيه والضلال وعلى العظمة والجلال. فعلى الأول يكون المعنى ترنيمة في تيه داود. وعلى الثاني تكبيرة أو تمجيدة أي ترنيمة تعلن مجد الله وجلالهُ
ثالثاً الألقاب التي تشير إلى الكيفية التي يُجرَى عليها اللحن بحسب اصطلاح الموسيقى. ومن ذلك سِلاهْ وهي قد وردت 73 مرة في المزامير ومرَّتين في نبوة حبقوق. وأصحُّ ما قيل فيها أنها علامة لجماعة المنشدين ان يسكتوا أو يقفوا قليلاً لكي تشتغل الآلات وحدها أو ان يقف المنشدون والآلات معاً. وذلك لكي يمكنهم التأَثُّر من الدور الذي كانوا قد أنشدوهُ. وهذه اللفظة توجد مطلقاً في آخر الدور من المزمور وهو قطعة مستقلة من الشغل مركَّبة من بيتين فصاعداً. ألا ترى ان هذه الكلمة في المزامير لا ترد إلا عند تمام المعنى
رابعاً الألقاب التي يُظَنُّ أنها تشير إلى الآلات الموسيقيَّة أو إلى
التلحين أو إلى كيفية إنشاد الألحان ومنها. (1) قولهُ على ذوات الأوتار وهي آلات موسيقيَّة تتعلَّق بمعرفة الألحان يُشدُّ عليها وترٌ وقد يُشدُّ عليها سلك أو شعر خيل ونحوهِ. والمراد بهذه العبارة هنا ان المزمور المعنون بها يُنشَد على هذه الآلات. انظر مز 4 و54 و55 و61 و67 و76. وكذلك قولهُ في مز 5 على ذوات النفخ وهي أيضاً آلات موسيقية تتعلق بمعرفة الألحان يتم العمل عليها بواسطة النفخ. (2) قولهُ على العود وهو آلة موسيقية من ذوات الأوتار يُشدُّ عليهِ سبعة أزواج من الوتر مختلفة الغلظ والدقة. والإشارة بهِ هنا إلى ان ذلك المزمور يُرنَّم به على هذه الآلة مز 53 و88. (3) قولهُ على القرار مز 6 و12. وعلى الجواب مز 46. اعلم ان الصوت بحسب طبيعتهِ يُقسَم إلى مراتب غير متناهية بالقوة وإن تناهت بالفعل. والمرتبة تُقسَم إلى سبع درجات الواحدة منها تعلق الأخرى يُسمُّونها أبراجاً. وكل مرتبة في اصطلاح الموسيقيين هي جوابٌ لما دونها وقرارٌ لما فوقها وربما كانت هنا الإشارة بهاتين الكلمتين من هذا القبيل. (4) قولهُ على الجَتِّيَّة وهذه الكلمة إما منسوبة إلى جَتّ وهي مدينة للفلسطينيين 1 صم 5: 8 أو كلمة عبرانية معناها معصرة خمر. وبناءً على هذين الاحتمالين ظنوا أولاً إما انها تدلُّ على آلة موسيقيَّة أُتِي بها من جَتّ حيث كان داود متغرباً من وجه شاول 1 صم 27: 1 إلى 7 أو تشبه معصرة الخمر في شكلها. وإما أنها تدلُّ على لحن أو ترتيل خصوصي أُتِي بهِ من جَتّ أو كان يُستَعمل عند دوس معصرة الخمر انظر مز 8 و81 و84. (5) قولهُ على السُّوسَن أو على سوسن الشهادة مز 6 حاشية أو على السوسن. شهادة. والسوسن نبات من الرياحين طيب الرائحة وهو المعروف بالزنبق. والمراد بهذه الكلمة هنا إما آلة موسيقية سُمّيت بذلك من هيئتها أو ترنيمة خصوصيَّة. وقد ظن البعض أنها كلمة اصطلاحيَّة يُشار بها إلى مضامين المزمور المعنون بها انظر مز 45 و69 و80. (6) قولهُ على موت الابن. قال بعضهم أنهُ يشير إلى موضوع المزمور أو سبب نظمهِ ولكن رأي الأكثرين أنهُ كان يشير إلى اللحن الذي كان يُنشَد
عليهِ انظر مز 9 (7) قولهُ لا تُهلِكْ. وقد ذهب بعضهم إلى أنها تشير إلى لحن قصيدة كانت مشهورة عند العبرانيين. وذهب آخرون إلى أنها كانت تشير إلى مضامين المزمور المعنون بها انظر مز 57 و58 و59 و75. (8) قولهُ للتذكير وهي ترد في عنوان مز 38 و70 وهما لداود. قيل المراد بها الدلالة على مضمونها أي ان داود كان يتلوهما أمام الله لكي يُذكّرهُ بنفسهِ ويذكر أمامهُ أحزانهُ وضيقاتهِ المصاب بها والمواعيد الإلهية التي لهُ. (9) قولهُ على أيَّلة الصبح مز 22 وهذه العبارة أما لقب لداود ناظم هذا المزمور الذي بهِ يشكو ضيقاتهِ أمام الله أو للمسيح الذي كان هذا المزمور يشير إليه أيضاً نش 2: 17. (10) قولهُ على الحمامة البكماءِ بين الغرباء مز 56. قيل ان هذه العبارة لقبٌ لداود وهي تشير إلى برارتهِ وضعفهِ وعدم استطاعتهِ على المحاماة عن نفسهِ وهو بين الغرباءِ في جَتّ إذ كان بأيدي الفلسطينيين كالحمامة المصادة بأيدي الناس
ويُعتَبر سفر المزامير أنه يحتوي بالإجمال من الكتاب المقدَّس كل ما يوافق للعبادة. والمراد بهذا التأليف تهذيب الكنيسة ومساعدة الأتقياء في السجود لله على الوجه المقبول المفيد. وكان اليهود يترنَّمون بها في طقوس عبادتهم. وكان أناس الله يتخذونها دائماً على أنها وسيلةٌ لائقةٌ للاتحاد مع أبي الأرواح في العبادة العامَّة والخاصَّة جميعاً. وقيل انهُ في الأجيال القديمة كانوا يتعلمون كل هذا السفر غيباً وكان الترنُّم بهِ يُستعمَل في كلّ مكانٍ لأجل اضرام الحيوة الروحية في أوقات الاجتماع وتخفيف أتعاب هذه الحيوة. وقد قال بعضهم ان هذا السفر يستطيع ان يعلمنا كل أمرٍ روحيٍّ معرفتهُ ضروريَّة لنا. فلا يُوجد حزن أو بلوى أو مرضٌ يعرض لنفس الإنسان إلا ولهُ في هذا الكنز الثمين علاجٌ نافع في كل الأجيال
ثم انهُ وان يكن لهذه المزامير معنى ظاهر يتعلق بأحوال كاتبيها فقد كانت غايتها الكبرى إظهار المخلص وإيضاح اختبارات المؤمنين المختلفة. فإن داود كان رمزاً عن المسيح بكونهِ ملكاً عظيماً وكاهناً ونبيّاً في إسرائيل. وطائفة اليهود رمزاً
عن شعب الله الصادق. وأعداؤُهم رمزاً أعداءِ الكنيسة. وغلبتهم رمزاً عن غلبة المؤمنين
وقراءة هذه المزامير على وجه الإفادة ينبغي لها أولاً معرفة الأسفار المقدسة القديمة ولا سيما تاريخ داود كما هو في سفري صموئيل الأول والثاني والسفر الأول من أخبار الأيام. ثانياً امعان النظر جيداً في توجيه مقاصد المزامير إلى يسوع المسيح وإلى الكنيسة كما وجَّهها كتبة العهد الجديد. ثالثاً استجداد عقلٍ روحيٍّ فإنهُ بقدر ما يزداد المؤمن في التقوى يستعد أفضل استعدادٍ لمطالعة فضائل المزامير الإلهية واستجلاب التعزية السموية الصادرة عنها
والمؤمن النادم المعترف بذنوبهِ يجد معونةً لهُ على ذلك في المزمور الحادي والخمسين. وتضطرم تقواهُ بالمزمور السابع والستين عند التماسهِ اتساع الكنيسة وانضمام الوثنيين إلى خلاصها. وتتعظم نفسهُ بالمزمور الثالث بعد الماية عند تقدمتهِ المديح لله. وتبتهج حواسهُ عند صلاتهِ لأجل النعمة وتعظيمهِ لله لأجل كتابهِ المقدس بالمزمور التاسع عشر بعد الماية. ويلتهب فؤادهُ في تضرعهِ إلى الله لأجل تقدُّم الكنيسة ونجاحها بالمزمور الماية والثاني والعشرين
وعدَّة هذه المزامير ماية وخمسون مزموراً. وهي على ستة أنواع
الأول مزامير الصلوات. أولاً لأجل الرحمة والصفح عن الخطية(1). ثانياً عند التوبة(2). ثالثاً عند التأخر عن الحضور إلى العبادة لمانعٍ(3). رابعاً عند المصيبة(4). خامساً عند الاضطراب أو الضيقة(5)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مز 6 و25 و28 و51 و130 (2) مز 6 و32 و51 و102 و130 و143 (3) مز 42 و43 و62 و74 (4) مز 2 و13 و22 و69 و77 و88 و123 و143 (5) مز 4 و5 و28 و41 و44 و55 و64 و79 و80 و83 و109 و120 و140 إلى 142 (6) مز 9 و30 و34 و40 و72 و75 و103 و108 و116 و118 و138 و144 و145
المراحم نحو الكنيسة والأمم(7)
النوع الثالث مزامير التعظيم. أولاً لجلالة الله ومجده وكمالاتهِ(8). ثانياً لعناية الله بحفظ عبادهِ الصالحين(9)
النوع الرابع مزامير التعليم. أولاً عن فضيلة الكتب المقدسة(10). ثانياً عن زوال الإنسان بكونهِ مائتاً(11). ثالثاً عن مزايا الصالحين والطالحين(12)
النوع الخامس المزامير النبوية المتعلقة بيسوع المسيح خاصةً(13)
وهذا القسم يتضمَّن نبواتٍ شتَّى تشير إلى مجيءِ المخلص وزمان غلبة ديانتهِ وتوضح جليّاً العلاقة الكائنة بين العهدين القديم والجديد وتلقي نوراً إنجيليّاً على النظام الموسويّ إذ تكشف عن معانيهِ الداخليَّة كما سترى
فإن مز 40: 6 و7 يتضمَّن نبوة عن مجيء المخلص إلى هذا العالم بطبيعتنا ليبطل النظام الموسويّ الذي كان يقوم بنوع خصوصيّ بالذبائح والقرابين انظر عب 10: 5. ومز 132: 11 يتضمن نبوة عن المسيح بأنهُ سيكون من بيت داود انظر اع 2: 3. ومز 45: 6 و7 يصرّح بلاهوت المخلّص انظر عب 1: 8. ومز 118: 22 ينبئُ عن رفض أمة اليهود للمخلص وهو مراجع في العهد الجديد في ستة أماكن. ومز 22 ينبئُ عن آلامهِ على الصليب. ومز 16: 9 إلى 11 ينبئُ عن قيامتهِ انظر اع 2: 27. ومز 68: 18 ينبئُ عن صعودهِ إلى السماءِ وإرسال روحهِ القدوس انظر اف 4: 8. ومز 69 و109 يتضمنان نبواتٍ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(7) مز 46 و48 و65 و66 و68 و76 و81 و85 و98 و105 و116 و117 و124 و126 و127 و129 و135 و136 و149 (8) مز 8 و19 و24 و29 و33 و47 و50 و65 و66 و76 و77 و89 و93 و96 و99 و105 و111 و113 و114 و115 و136 و139 و148 و150 (9) مز 23 و34 و36 و91 و100 و102 و107 و117 و121 و145 و146 (10) مز 19 و119 (11) مز 39 و49 و90 (12) مز 1 و5 و7 و9 إلى 13 و15 إلى 17 و24 و32 و34 و36 و37 و50 و52 و58 و73 و75 و84 و91 و92 و94 و112 و119 و121 و125 و127 و128 و133 (13) مز 2 و8 و16 و22 و40 و45 و68 و82 و87 و109 و110 و118
عن قصاص الله المهول الذي كان عتيداً ان يحلَّ على يهوذا وأمَّة اليهود كما فسر ذلك الرسولان بطرس وبولس بإلهام الروح القدس انظر اع 1: 20 ورو 11: 9 و10. ومز 117 يخبر عن دعوة الأمم انظر رو 15: 11. ومز 72 ينبئُ عن غلبة مملكة المسيح أخيراً وامتدادها إلى أقاصي الأرض. ومز 110 يشير جميعهُ إلى المسيح بصريح النص على أعجب أسلوب
ثم ان داود كان يتَّصف بحنو قلبهِ على أعدائهِ وميلهِ إلى المغرفة لهم كما يتبرهن جليّاً من 1 صم 24: 4 إلى 10 و26: 7 إلى 13 و2 صم 1: 17 إلى 27 و4: 8 إلى 12 و19: 16 إلى 23 غير أنهُ في بعض المزمورات ينطق بلعناتٍ مرَّةٍ على أعدائهِ وأشهر المزمورات التي تتضمَّن ذلك مز 69 و109 ولكن قد تقدم آنفاً ان الرسولين بولس وبطرس أوضحا لنا أنهما يتضمنان نبوات قد تمَّت في قصاص يهوذا وأمة اليهود. ومن هنا نتعلم ان اللعنات المتضمنة في المزامير هي قصاصاتٌ مقضيٌّ بها من قِبَل الله على الخطاة القساة القلوب وغير التائبين قد أنبأَ عنها بفم أنبيائهِ. ويجب علينا عند تلاوة ذلك ان نشعر بقداسة إلهنا المهيب وعدلهِ في قصاص الخطاة الرهيب
النوع السادس المزامير التاريخية(1)
ومما يستحقُّ الانتباه إليهِ في هذا القسم هو ان الحوادث التاريخيَّة المتعلقة بداود سواءً كانت بحروبهِ أو بغلباتهِ وبشعب اليهود هي رموزٌ ونبوات عن يسوع المسيح وكنيستهِ. فإن داود عند ما يصف أعداءَهُ وضيقاتهِ وغلبتهُ يوسع أفكارهُ ويبالغ بعباراتهِ إلى حدٍّ بهِ تصير موافقة لأحوال المسيح وصفاتهِ الذي كان رمزاً سامياً عنهُ حتى ان مخلصنا لهُ المجد قد دُعي باسمهِ مراتٍ كثيرة في الأسفار الإلهيَّة
وبناءً على هذا يتضح بسهولةٍ بطلان الاعتراضات التي يمكن تقديمها ضدّ استعمال الصلوات اليهوديَّة في المحافل المسيحيَّة. فربما يقول إنسانٌ ما لنا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مز 78 و105 و106 و135 و126
ولداود أو لإسرائيل وماذا يعنينا من التابوت والهيكل وهما غير موجودَين. فهل ينبغي بعد ان نصعد إلى أورشليم ونسجد في صهيون وهما خرابٌ. وهل نحن ملتزمون بأن نذبح الثيران بموجب الناموس وهذه الطقوس قد زالت وبطلت إلى الأبد وهل يوجد داعٍ الآن إلى الصلوة لأجل الغلبة على موآب وادوم وفلسطين أو لأجل النجاة من بابل وهذه الأمم والأماكن ليس لها وجود في العالم. فنجيب أننا عندما نستعمل هذه العبارات في صلواتنا أمام الله نعني بها أورشليماً سمويَّة وصهيوناً روحيَّة وكذلك هيكل وتابوت وشريعة وذبائح روحيَّة وغلبات روحيَّة على أعداءٍ روحيَّة جميعها موصوفة باستعمال الأسماء القديمة التي لم تزل محفوظة إلى الآن مع ان الأشياء القديمة قد زالت وكل شيءٍ صار جديداً. فإذا اتَّخذنا المسيح عوضاً عن داود والإنجيل عوضاً عن الشريعة الموسويَّة والكنيسة المسيحية عن كنيسة اليهود واعتبرنا أعداءَ هذه كنايةً عن أعداءِ تلك نرى ان سفر المزامير هو لنا كما كان لليهود
ويوجد منها نحو خمسين مزموراً قد أُخِذَت آياتٌ منها أو أُشير إليها في العهد الجديد. فعليك بمطالعة ما سيأتي من المواضع المعينة
مراجعة شواهد من سفر المزامير
ص ع |
ص ع |
2: 1 مع اع 4: 25 و26 |
16: 10 مع اع 13: 35 |
2: 7 مع اع 13: 33 |
18: 49 مع رو 15: 9 |
2: 7 مع عب 1: 5 |
19: 4 مع رو 10: 18 |
2: 7 مع عب 5: 5 |
22: 4 مع مت 27 |
8: 2 مع مت 21: 16 |
22: 4 مع مر 15 |
8: 4 مع عب 2: 6 |
22: 4 مع لو 23 |
14: 1 و3 مع رو 3: 12 |
16: 4 مع يو 19 |
ص ع |
ص ع |
31: 5 مع لو 23: 46 |
95: 11 مع عب 4: 7 |
32: 12 مع رو 4: 6 إلى 8 |
109: 8 مع اع 1: 20 |
40: 6 مع عب 10: 5 |
110: 50 مع مت 22: 44 |
41: 9 مع يو 13: 18 |
110: 50 مع لو 20: 42 |
44: 22 مع رو 8: 36 |
117: 1 مع رو 15: 11 |
45: 6 مع عب 1: 8 |
118: 22 مع مت 21: 42 |
48: 18 مع اف 4: 8 |
118: 22 مع اع 4: 11 |
69: 21 مع يو 19: 29 |
118: 22 مع اف 2: 20 |
69: 22 و23 مع رو 11: 9 و10 |
118: 22 مع 1 بط 2: 4 و7 |
78: 2 مع مت 13: 35 |
132: 5 مع اع 7: 46 |
91: 11 مع مت 4: 6 و7 |
138: 8 مع في 1: 6 |
95: 11 مع عب 3: 9 و15 |
|
انهُ ليس لنا سبيلٌ إلى الوصول بالتحقيق لمعرفة الظروف والأحوال التي نُظمت فيها المزامير أو الأسباب التي نُظمت لأجلها ما خلا قليلاً منها. ولكن قد وضعنا هذا الجدول المتضمّن ذلك معتمدين فيهِ على رأي أشهر الباحثين في هذا الأمر
جدولٌ
مزمور |
ما يوافقهُ من النصوص الإلهية |
الظروف والأحوال التي نُظِم بها |
سنة ق م |
1 |
نح 13: 3 |
كتبهُ عزرا مقدَّمةً لسفر المزامير |
444 |
2 |
1 أي 17: 27 |
اعطاءُ العهد لداود عن يد ناثان. وهو نبوة عن ملكوت المسيح |
1044 |
3 |
2 صم 15: 29 |
هرب داود من وجه ابشالوم |
1023
|
4 |
2 صم 17: 29 |
في مدة هرب داود من وجه ابشالوم |
|
5 |
2 صم 17: 29 |
في مدة هرب داود من وجه ابشالوم |
|
6 |
1 أي 28: 21 |
كُتب في أواخر حيوة داود |
1015 |
7 |
2 صم 16: 5 |
سخرية كوش البنياميني بداود ويُظَن أنهُ شمعي |
1023 |
8 |
1 أي 28: 21 |
كُتِب في أواخر حيوة داود |
1015 |
9 |
2 صم ص21 |
ظفر داود بالأمم |
1019 |
10 |
دا 7: 28 |
في مدة الأسر البابلي |
0539 |
11 |
1 صم 19: 3 |
لمَّا أُشير على داود بأن يهرب إلى الجبال |
1062 |
12 |
1 أي 28: 1 |
كتب في أواخر حيوة داود |
1015 |
13 14 15 |
|
لداود ظروفها مجهولة |
|
16 |
1 أي 17: 27 |
إعطاءُ العهد لداود عن يد ناثان |
1044 |
17 |
1 صم 22: 19 |
قتل دواغ الكهنة |
1060 |
18 |
2 صم 22: 51 |
ختام حروب داود |
1019 |
مزمور |
ما يوافقهُ من النصوص الإلهية |
الظروف والأحوال التي نُظم بها |
سنة ق م |
19 |
1 أي 28: 21 |
كُتب في أواخر حيوة داود |
1015 |
20 21 |
2 صم 10: 19 |
حرب العمونيين والسوريين |
1036 |
22 |
1 أي 17: 27 |
إعطاءُ الوعد لداود عن يد ناثان |
1044 |
23 24 |
1 أي 28: 21 |
كتب في أواخر حيوة داود |
1015 |
25 26 27 |
|
ربما كُتِبَت في أواخر حيوة داود |
1017 |
28 29 |
1 أي 28: 21 |
كتب في أواخر حياة داود |
1015 |
30 |
1 أي 21: 30 |
تدشين بيت داود |
1042 |
31 |
1 صم 23: 12 |
اضطهاد شاول لداود |
1060 |
32 33 |
2 صم 12: 15 |
غفران خطية داود الفظيعة |
1034 |
34 |
1 صم 21: 15 |
لداود عندما طردهُ اخيش من جتّ |
1060 |
35 |
1 صم 22: 19 |
اضطهاد دواغ لداود |
1060 |
36 37 |
|
لداود ظروفهما مجهولة ربما نظمها في أواخر حياتهِ |
1020 |
مزمور |
ما يوافقه من النصوص الإلهية |
الظروف والأحوال التي نُظِم بها |
سنة ق م |
38 39 40 41 |
أي 28: 21 |
في أواخر حيوة داود |
1015 |
42 43 |
2 صم 17: 29 |
هرب داود من وجه ابشالوم ابنهِ |
1023 |
44 |
2 مل 19: 7 |
عند تجديف ربشاقى |
0710 |
45 |
1 أي 17: 27 |
إعطاءُ الوعد لداود عن يد ناثان |
1044 |
46 |
2 أي 20: 26 |
غلبة يهوشافاط على أعدائهِ |
0896 |
47 |
2 أي 7: 10 |
نقل التابوت إلى الهيكل |
1004 |
48 |
عز 6: 22 |
تدشين الهيكل الثاني |
0515 |
49 50 |
دا 7: 28 |
في مدة الأسر البابلي |
0539 |
51 |
2 صم 12: 15 |
اعتراف داود بخطيتهِ الفظيعة وقتل أوريَّا |
1024 |
52 |
1 صم 22: 19 |
اضطهاد دواغ الأدوميّ لداود |
1060 |
53 |
|
لداود ظروفهُ مجهولة |
|
54 |
1 صم 23: 23 |
غدر أهل زيف بداود |
1060 |
55 |
2 صم 17: 29 |
هرب داود من وجه ابشالوم ابنه |
1023 |
56 |
1 صم 21: 15 |
عندما أخذ الفلسطينيون داود في جتّ |
1060 |
57 |
1 صم 24: 22 |
عند هرب داود من قدام شاول في المغارة |
1058 |
مزمور |
ما يوافقهُ من النصوص الإلهية |
الظروف والأحوال التي نُظِم بها |
سنة ق م |
58 |
1 صم 24: 22 |
عند هرب داود من قدام شاول في المغارة |
1058 |
59 |
1 صم 19: 17 |
عندما أرسل شاول رسلاً إلى بيت داود ليقتلوهُ |
1061 |
60 |
1 مل 11: 20 |
ظفر يوآب بالأدوميين |
1040 |
61 |
1 أي 28: 21 |
في أواخر حيوة داود |
1015 |
62 |
2 صم 17: 29 |
اضطهاد ابشالوم لداود |
1023 |
63 |
1 صم 23: 14 |
لما كان داود في بريَّة يهوذا |
1058 |
64 |
1 صم 22: 19 |
اضطهاد شاول لداود |
1060 |
65 |
1 أي 28: 21 |
في أواخر حيوة داود |
1015 |
66 |
عز 3: 13 |
تأسيس الهيكل الثاني |
0535 |
67 |
دا 7: 28 |
في مدة الإسرائيلي البابليّ |
0593 |
68 |
2 صم 6: 12 |
نقل داود التابوت من بيت عوبيد ادوم |
1045 |
69 |
أي 28: 21 |
في أواخر حيوة داود |
1015 |
70 71 |
2 صم 17: 29 |
عصيان ابشالوم |
1023 |
72 |
1 أي 29: 19 |
ملك سليمان عوضاً عن أبيهِ |
1015 |
73 |
|
مجهول |
|
74 |
ار 39: 10 |
خراب المدينة والهيكل |
0588 |
75 76 |
2 مل 19: 35 |
هلاك سخاريب |
0710 |
مزمور |
ما يوافقهُ من النصوص الإلهيَّة |
الظروف والأحوال التي نظم بها |
سنة ق م |
77 |
دا 7: 28 |
في مدّة الأسر البابلي |
0539 |
78 |
1 أي 28: 21 |
في أواخر حيوة داود |
1018 |
79 |
ار 39: 10 |
خراب المدينة والهيكل |
0588 |
80 |
دا 7: 28 |
في مدَّة الأسر البابلي |
0589 |
81 |
عز 6: 22 |
تدشين الهيكل الثاني |
0515 |
82 |
2 أي 19: 5 |
إقامة يهوشافاط قضاة في مدن يهوذا |
0897 |
83 |
ار 39: 10 |
خراب أورشليم |
0588 |
84 |
عز 3: 13 |
تأسيس الهيكل الثاني |
0535 |
85 |
عز 1: 4 |
امر كورش برجوع اليهود |
0536 |
86 |
1 أي 28: 21 |
في أواخر حيوة داود |
1015 |
87 |
عز 3: 7 |
الرجوع من الأسر البابلي |
0536 |
88 |
خر 2: 25 |
مضايقة الإسرائيليين في مصر |
1531 |
89 |
دا 7: 28 |
في مدة الأسر البابلي |
0539 |
90 |
عد 14: 45 |
التأمل بسرعة زوال البشر |
1489 |
91 |
1 أي 28: 10 |
بعد مشورة داود لسليمان |
1015 |
92 93 |
دا 7: 28 |
في مدة الأسر البابليّ |
0539 |
94 |
ار 39: 10 |
خراب المدينة والهيكل |
0588 |
95 |
1 أي 28: 21 |
في أواخر حيوة داود |
1015 |
96 |
1 أي 16: 43 |
نقل داود التابوت من بيت عوبيد ادوم |
1051 |
مزمور |
ما يوافقهُ من النصوص الإلهيّة |
الظروف والأحوال التي نظم بها |
سنة ق م |
97 98 99 100 |
2 أي 7: 10 |
نقل التابوت إلى الهيكل |
1004 |
101 |
1 أي 28: 21 |
في أواخر حيوة داود |
1015 |
102 |
دا 9: 27 |
عند نهاية الأسر البابلي |
0538 |
103 |
2 صم 12: 15 |
غفران خطية داود الفظيعة |
1034 |
104 |
1 أي 28: 21 |
في أواخر حيوة داود |
1015 |
105 106 |
1 أي 16: 43 |
نقل التابوت من بيت عوبيد ادوم |
1051 |
107 |
عز 3: 7 |
رجوع اليهود من الأسر البابلي |
0536 |
108 |
1 مل 11: 16 |
غلبة داود على ادوم بيد يوآب |
1040 |
109 |
2 صم 22: 19 |
اضطهاد دواغ لداود |
1060 |
110 |
1 أي 17: 27 |
إعطاءُ الوعد لداود بيد ناثان |
1044 |
111 112 113 114 |
عز 3: 7 |
رجوع اليهود من الأسر البابلي |
0536 |
115 |
2 أي 20: 26 |
انتصار يهوشافاط على أعدائهِ |
0896 |
مزمور |
ما يوافقهُ من النصوص الإلهية |
الظروف والأحوال التي نظم بها |
سنة ق م |
116 117 |
عز 3: 7 |
رجوع اليهود من الأسر |
0536 |
118 |
1 أي 17: 27 |
إعطاءُ الوعد لداود عن يد ناثان |
1044 |
119 |
نح 13: 3 |
تأمُّلات روحيَّة |
0444 |
120 121 122 |
1 أي 28: 21 |
في أواخر حيوة داود |
1015 |
123 |
دا 7: 28 |
في مدَّة الأسر البابليّ |
0539 |
124 |
1 أي 28: 21 |
في أواخر حيوة داود |
1015 |
125 |
عز 3: 7 |
بعد الرجوع من الأسر البابلي |
0536 |
126 |
عز 1: 4 |
أمر كورش برجوع اليهود |
0536 |
127 |
|
لسليمان ظروفهُ مجهولة |
|
128 |
عز 3: 7 |
عند رجوع اليهود من الأسر |
0536 |
129 |
عز 4: 24 |
مضادة السمرة لليهود في بناءِ الهيكل |
0535 |
130 |
دا 7: 28 |
في مدَّة الأسر البابلي |
0539 |
131 |
1 أي 28: 21 |
في أواخر حيوة داود |
1015 |
132 |
2 أي ص 5 |
نقل سليمان التابوت إلى الهيكل |
1004 |
133 |
1 أي 28: 21 |
في أواخر حيوة داود |
1015 |
134 |
عز 3: 7 |
عند رجوع اليهود من الأسر |
0536 |
مزمور |
ما يوافقهُ من النصوص الإلهية |
الظروف والأحوال التي نظم بها |
سنة ق م |
135 136 |
2 أي 7: 10 |
نقل التابوت إلى الهيكل |
1004 |
137 |
دا 7: 28 |
في مدة الأسر البابلي |
0539 |
138 |
|
لداود ظروفهُ مجهولة |
|
139 |
1 أي 13: 4 |
صلوة داود عندما ملك على كل إسرائيل |
1048 |
140 |
1 صم 22: 19 |
اضطهاد دواغ لداود |
1060 |
141 |
1 صم 27: 1 |
صلوة داود وهو مطرود من شاول |
1055 |
142 |
1 صم 22: 1 |
صلوة داود وهو في المغارة |
1060 |
143 |
2 صم 17: 29 |
عصيان ابشالوم على داود |
1023 |
144 |
2 صم 17: 29 |
انتصار داود على ابشالوم |
1023 |
145 |
1 أي 28: 10 |
تأمُّلات داود في ظروف حياتهِ |
1015 |
146 147 148 149 150 |
عز 6: 22 |
تدشين الهيكل الثاني |
0515 |
الثالث سفر الأمثال
ان هذا السفر مؤَلَّف من أقوالٍ حكميَّة موحىً بها من الله تُسمَّى أمثالاً. والمَثل هو قول حكمةٍ مركب من كلماتٍ قليلة ليسهل حفظهُ. وهو مكتوب في العبرانيَّة على طريقة السجع ولهُ تعلُّق بكل نوعٍ من الفروض الدينيَّة والأدبيَّة. وبما ان أكثر هذه الأمثال كتبها سليمان الحكيم ملك إسرائيل نُسِبت إليهِ.
انظر 1 مل 4: 32 وام 1: 1 و10: 1 و25: 1
وهذا السفر يشتمل على قوانين وحِكَم وشرائع مفيدة لأجل نظام الحيوة وكافية لتجعل من يعتمد عليها حكيماً مدة غربتهِ على الأرض وإلى الأبد. وهو بالحقيقة معدن فوائد لا يقدر الإنسان ان يستوعبها ولو درسهُ طول حياتهِ. وكلما درسنا هذا السفر بتأَمُّلٍ وصلوةٍ لأجل الإرشاد من الله لفهم معانيهِ وروَّضنا أنفسنا في ممارسة أوامرهِ يظهر لنا غنى فوائدهِ الإلهية أكثر فأكثر. ولا ريب في ان هذه التعاليم التي بهِ قد وضعت لعالمٍ موجود لا وهميٍّ وهي توافق احتياجات جميع البشر في كل ظروف الحيوة وأحوالها. وكانت الكنيسة تعتبر هذا السفر من الزمان القديم كأنهُ خزانة حكمةٍ تعلمنا كيف نسير مع الله في سبيل القداسة. ولا شك ان الذي يثابر على درسهِ ويرتّب حياتهُ بموجب تعاليمهِ ينجح ويصير حكيماً وسعيداً بالحقيقة. وأما الذي يتصرف بخلاف ذلك فلا بدَّ من ان يحتمل جزاءَ عنادهِ ويقرَّ أخيراً بحماقتهِ
ان القصد الأخص بهذا السفر تعليم الشبان عند دخولهم في اشغال هذه الحيوة وأتعابها لكي يعرفوا حكمة وأدباً لإدراك أقوال الفهم الخ ص 1: 2 إلى 4. وهذه الأمثال التي فيهِ مقدَّمة لهم نظير نصائح بكل محبةٍ ولجاجة لكي يتخذوها دائماً دستوراً لحياتهم ويعملوا بموجبها. وعلى كل قارئ ان يعرف جيداً ان سليمان كاتبهُ يضع أساساً لكل تعاليمهِ قولهُ مخافة الرب رأس الحكمة. يعني أنهُ لا يمكن ان تكون فضيلة في كل تصرفاتنا مع اخوتنا البشر ما لم تكن مخافة
الرب هي الداعي المحرّك لعملها
ولا ينبغي ان ننتظر دائماً في هذا السفر علاقةً معنوية أو لفظية بين عباراتهِ. فإن سائر أسفار الكتاب المقدس كمعدنٍ غنيٍّ تجري منهُ الجواهر الكريمة في قناة متّصلة. وأما هذا فهو ككومة لآلئَ ثمينة غير منظومة في سلكٍ واحد ولكنها ليسَت لأجل ذلك أقلَّ قيمةً من الأولى
وأما تفسير هذه الأمثال فيستدعي الانتباه التام وجودة التأمل فإن بعضها بحسب الظاهر معناهُ مقيَّدٌ بأمرٍ ما والحال أنهُ قد يصدق على أمر آخر أيضاً. مثلاً يُقال في ص 10: 1 الابن الحكيم يسرُّ أباهُ والابن الجاهل حزن أمّهِ فإنهُ يصدق أيضاً القول ان الابن الحكيم يسرُّ أباهُ وأمهُ والابن الجاهل حزن كليهما. وبعضها قد يظهر ان معناهُ مُطلَق فإن اعتبرنا معناهُ الروحي فالحال هكذا هو بدون ريب ولكن ان نظرنا إلى معناهُ الظاهر فالأمر ليس كذلك كما سترى من الأمثلة الآتية
(1) ام 10: 15 هلاك المساكين فقرهم. فمع ان هذا هو الحال لأن الفقر يعرّض المساكين للأضرار والإهانات قد يكون أحياناً الفقر سبباً لوقايتهم كما يبان من حادثة القصاص المهول الذي قضى بهِ الله على اليهود بواسطة نبوخذ ناصر فإن هذا الملك قد أحرق كل بيوت العظماءِ بالنار وسبى أصحاب الأملاك ولكن أبقى مساكين الأرض ليكونوا كرّامين وفلاحين الخ 2 مل 25: 9 إلى 12
(2) ام 10: 27 مخافة الرب تزيد الأيام. أما سنو الأشرار فتقصر. وهذا الأمر أكيدٌ فإن الملحوظ غالباً ان التقوى تكون سبباً لطول الحيوة وسعادتها. ولكن هابيل قُتِل وقايين طالت حياتهُ. وابيَّا حياتهُ كانت قصيرة 1 مل 14: 13 إلى 17 وأما أبوهُ الشرير فملك اثنتين وخمسين سنة. ومع ان دانيال حُفِظ دا 6: 13 نابوت صار ذبيحةً لطاعتهِ 1 مل 21: 3 لا 25: 23. ويوناثان التقي وشاول المُلحِد هلكا في واقعةٍ واحدة 1 صم ص31. فإن الحنطة تُقلَع مع
العشب ولكن قد يكون القصد جيداً. فإن الله أحياناً يقضي بالقصاص ليُرِي أنهُ هو الذي يحكم الآن على العالم وأحياناً يتغاضى ليُرِي أنهُ هو الذي يدين في ما بعد
(3) ام 16: 7 إذا أرضت الرب طرق الإنسان جعل أعداءَهُ أيضاً يسالمونهُ. ان الوعد بالنجاح الدنيوي في العهد القديم جزاءً على الطاعة كان أغلبيّاً كما يتضح جليّاً من تاريخ الإسرائيليين خر 34: 24 ويظهر هذا الأمر خصوصاً في حال سليمان ويهوشافاط وآسا الخ. ولكن طرق داود أرضت الرب وشاول لم يسالمهُ. والرسول ينذر تيموثاوس بأن كل الذين يحبون ان يحيوا بالتقوى بيسوع المسيح يُضطَّهَدون 2 تي 3: 12
(4) ام 18: 22 من يجد زوجةً يجد خيراً وينال رضىً من الرب. فإن الأمر هكذا كان مع منوح قض 13: 23 ولكن لم يكن كذلك مع اخآب 1 مل 21: 25 ولا مع أيوب أي 2: 10 ولا مع يهورام 2 مل 8: 18
(5) ام 22: 6 ربِّ الولد في طريقهِ فمتى شاخ أيضاً لا يحيد عنهُ. فإن الذين يربون أولادهم بالتقوى قلما يخيب سعيهم. ومن أمثال ذلك موسى وصموئيل وتيموثاوس. ولكن آحاز الشرير هو المثال الأخوف الذي يُذكَر في الكتب المقدسة لأجل خطيتهِ والقصاص الذي اعتقبها وهو كان ابن أب تقيٍّ وأبا ابنٍ تقيٍّ. وحزقيَّا التقي كان ابن أبٍ شريرٍ وأبا ابنٍ شريرٍ. ويربعام الشرير كان لهُ ولدٌ صالح اسمهُ ابيَّا. وصموئيل الذي اشتهر لأجل استقامتهِ كان ابناهُ يوئيل وابيَّا يعوّجان القضاءَ
وفي هذا السفر واحد وثلاثون اصحاحاً تنقسم إلى خمسة أقسام
الأول يتضمن إنذارات ونصائح للشبان وحثّاً على درس الحكمة وهو كمقدمة للأقسام التالية ويوجد علاقة بين أجزائهِ أكثر ممَّا يوجد بها واسلوب كتابتهِ نفيس جدّاً ص1 إلى ص9
الثاني مُفتَتَح بهذا العنوان أمثال سليمان 10: 1 وقد لُقِّب بذلك لأنهُ يحتوي
على أمثال وحِكَم متنوعة وهي مركبة بغاية الانتظام والبساطة وكل واحدٍ منها مستقلٌّ بذاتهِ ومتضمن تعليماً خصوصيّاً من تعاليم الحكمة السمويَّة لأجل إصلاح القلب ونظام السيرة ص 10 إلى ص 22: 16
الثالث يحتوي على إنذارات وحثٍّ على درس الحكمة على سبيل الحديث ويوجد علاقة بين أجزائهِ. وهو نظير القسم الأول ص 22: 17 إلى ص 24
الرابع مُفتَتَح بهذا العنوان أمثال سليمان التي نقلها رجال حزقيا ملك يهوذا أي أنها جُمِعَت بأمر هذا الملك. وربما كانت غايتهُ بذلك ان يستفيد منها هو والآخرون وانها قد نُقِلت من بعض مؤَلَّفات مطوّلة لسليمان بيد أحد الأنبياءِ الذين كانوا متوظفين عند حزقيا الملك لنسخ الكتب الدينيَّة. وهذا القسم هو نظير القسم الثاني لا توجد علاقة بين أجزائهِ ص25 إلى ص29
الخامس يشتمل على الاصحاحين الأخيرين أي ص30 وص31 وهو كمُلحَقٍ للأقسام السابقة. فالاصحاح الأول منهما يتضمن كلام أجور ابن متَّقية مسَّا التعليمي إلى تلميذيهِ ايثيئيل وأُكَّال. والثاني يتضمَّن كلام لموئيل ملك مسَّا المفيد الذي علمتهُ إياهُ أُمهُ وهو يعبّر عن أجمل وأكمل وصفٍ للمرأة الفاضلة
والمشهور في هذا السفر هو الدعوات والمشورات لجنس البشر من الحكمة التي اعتبرها البعض أنها كناية عن السيد المسيح كما في الاصحاح الثامن منهُ
مراجعة شواهد من سفر الأمثال
ص ع |
ص ع |
1: 20 مع يو 7: 37 |
10: 12 مع يع 5: 20 |
3: 11 و12 مع عب 12: 5 و6 |
11: 30 مع يع 5: 3 |
3: 34 مع يع 4: 6 |
17: 27 مع يع 1: 19 |
3: 34 مع 1 بط 5: 5 |
|
الرابع سفر الجامعة
ان المراد بالجامعة هو سليمان بن داود ملك إسرائيل كما يظهر من هذا السفر عينهِ قابل 1 مل 3: 12 مع جا 1: 13 و16 و1 مل 10: 21 و27 مع جا 3: 4 إلى 9 و1 مل 11: 3 و4 مع جا 7: 26 و28. والتاءُ في هذا الاسم ليست للتأنيث بل للمبالغة كما في الرواية للكثير الروايات
وهذا السفر كتبهُ سليمان بحسب رأي الأكثرين سنة 977 ق م وذلك في أواخر حياتهِ بعد ما طغتهُ نماؤُهُ الوثنيات. وهو علامة ندامتهِ الصادقة ورجوعهِ إلى الله بخلوص النيَّة. وموضوعهُ بطلان هذا العالم وعدم الثقة بهِ كنصيبٍ كافٍ لأنفسنا. وهو يتضمَّن وصايا عديدة ومتنوعة لأجل نظام الحيوة طمعاً في التخلُّص من شرورها بقدر ما يمكن وتحصيل الفوائد العظمى من بركاتها
وقد اعتُبِر هذا السفر كعظةٍ من إنسانٍ تائبٍ ينذر بهِ الآخرين بعد ان اختبر بالامتحان الكافي ملذات هذا العالم وكلَّ ما فيهِ يجمع أحوالهِ ووجد الكلَّ باطلاً وزائلاً ورأى ان الخطية تنتج الشقاءَ في هذا العالم وفي العالم الآتي وأنتج من ذلك ان الأفضل للإنسان التمتع ببركات الله الحاضرة بسرور وبمخافتهِ تعالى الذي سيحضر كلَّ عملٍ للدينونة وهو يقرّر فيه أمر الدينونة العتيدة بكل وضوحٍ ويتكلَّم عن الحيوة كما صرَّح بها مخلصنا لهُ المجد بقولهِ يأتي ليلٌ لا يستطيع أحد ان يعمل يو 9: 4 أي ان خدمة الله في هذا العالم والتمتع ببركاتهِ الأرضية تنتهي عند الموت. وهو أيضاً يختصر مضمون هذا السفر بهذه الكلمات الجوهريَّة فلنسمع ختام الأمر كلهِ اتَّقِ الله واحفظ وصاياهُ لأن هذا هو الإنسان كلهُ ص 12: 13
وفيهِ أمثولة مفيدة للشبان لكي يحترسوا من شرّ وخطر التسليم لتصورات قلوبهم ويذكروا خالقهم في أيام حداثتهم لأن الشيخوخة على افتراض أنهم وصلوا إليها لا تكون زماناً مناسباً للشروع بأمرٍ جليل كخلاص النفس. وما أحسن قول بعض الفضلاء استعمل الأشياءَ الزمنيَّة ولكن اطلب الأبديَّة لأن الذي يطلب الله يبتغي الحيوة والذي يجدهُ يحظى بالسعادة
وهذا السفر يشتمل على اثني عشر اصحاحاً والمقصود بهِ أمران
الأول ان يقرّر ويثبت من اختبار ملكٍ حكيمٍ ان جميع الأملاك والكرامات واللذات الأرضية لا تقوم البتَّة بحاجة نفس الإنسان
الثاني ان ينهى الناس عن جهدهم في طلب الحطام الدنيوية متوهمين أنها أعظم خيراتهم ويهديهم إلى خوف الله والاشتراك معهُ لأن هذا هو أفضل مقاصد الإنسان وأعلى سعادتهِ وكرامتهِ
وأشهر ما يحوي هذا السفر هو التعبيرات الحسنة التي يُعبَّر بها عن مناظر الطبيعة وتركيب الجسد البشري وميلهِ للانحلال والتلاشي
مراجعة شواهد من سفر الجامعة
ص ع |
ص ع |
1: 2 مع رو 8: 20 |
8: 12 مع مت 25: 34 إلى 41 |
3: 17 مع 2 كو 5: 10 |
11: 9 مع رو 2: 6 |
6: 12 مع يع 4: 14 |
12: 14 مع 2 كو 5: 10 |
7: 20 مع رو 3: 23 |
|
الخامس نشيد الانشاد
هذا السفر كتبهُ سليمان أيضاً انظر 1 مل 4: 32 وهو من أطهر الإنشادات لأنهُ بحسبما اعتبرهُ شُرَّاح الإنجيل تلميح سرّي عن يسوع المسيح واتحادهِ مع الكنيسة الصالحة المستقيمة. ومعنى هذا الاسم أي نشيد الانشاد لسليمان أنفس النشائد المشار بها روحيّاً إلى سليمان السماويّ وعروسهِ الكنيسة كما فسَّرتهُ اليهود في قديم الزمان. وهذه النشائد مبنيَّة على معنى هذا القول لأن بعْلكِ هو صانعكِ اش 54: 5. وهو نظير قولهِ العروس امرأة الخروف رؤْ 21: 9. وهذا الفكر يوجد بالقوة في أسفار موسى الخمسة حيث يُعبَّر عن العبادة الاصناميَّة
بالزنا الروحيّ انظر خر 34: 15 وتث 31: 16. ونرى ذلك أوضح في مز 45 الذي كُتِب على الأرجح في عصر سليمان وهو يُراجَع صريحاً في الرسالة إلى العبرانيين كنصٍّ عن المسيح. وهذه الاستعارة توجد بكثرة في أقوال الأنبياء وأسفار العهد الجديد ولا سيما سفر الرؤْيا(1)
وأما ما كان ظاهرهُ فيهِ كأنهُ عشقٌ بين عريسٍ وعروسٍ فهو رمزٌ عن فرط محبة المسيح لكنيستهِ لأنهُ بمنزلة عريسٍ وبعل سمويٍّ لها. فتكون العروس كنايةً عن الكنيسة وأصحاب العريس كنايةً عن خدام الإنجيل وأصحاب العروس كنايةً عن المجتهدين في طلب الشركة مع الكنيسة
وهذا السفر ليس كقصيدة واحدة لا يُفهَم المراد منها بدون تلاوة جميعها بل هو مجموع قصائد وقطع كل واحدة منها تحتوي على استعاراتٍ وتشبيهات وكناياتٍ تمثّل المراد بها تماماً. وموضوع جميعها هو افتراق العروس أي الكنيسة عن عريسها المسيح بسبب خطاياها واتحادها معهُ ثانيةً بواسطة توبتها. وفي البحث عن مضمون هذه الاستعارات يكفي النظر إلى غايتها الكبرى بدون اعتبار الأمور الدقيقة التي فيها. فإن خصب الكنيسة مثلاً يشار إليهِ بجنة مملوءَة من الطيّبات والأثمار الشهيَّة ولكن لا يلزم توهُّم معنى عميق في كل ثمرة على حدةٍ والبحث عنهُ
وممَّا ينبغي ان يُذَكَر هنا ان من كان شهوانيّاً ليس من أهل التقوى لا يقدر ان يدرك مقاصد هذا السفر بالحقيقة. وإنما يدركها من كان لهُ عقلٌ سمويٌّ ويقول عن المسيح حقّاً هذا هو حبيبي وهذا هو قريني
وفي هذا السفر ثمانية اصحاحات ولأجل مساعدة القارئ في درسهِ قد علَّقنا هنا مضامين كلٍّ منها بمفردهِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مز 45 واش 62: 5 وار 2: 2 و3: 12 إلى 14 وهو 2: 14 إلى 23 ومت 9: 15 و22: 2 و25: 1 إلى 13 ويو 3: 29 و2 كو 11: 2 واف 5: 23 إلى 27 ورؤْ 19: 7 إلى 9 و21: 2 إلى 9 و22: 17
الاصحاح الأول ع 1 محبة الكنيسة للمسيح 5 اعترافها بعدم جمالها 7 صلاتها لكي تُرشَد إلى قطيعهِ 8 ارشاد المسيح إياها إلى خيام الرعاة 9 إظهار محبتهِ لها 11 إعطاؤُهُ إياها مواعيد نفيسة 12 التبجيل المتبادل بين الكنيسة والمسيح
الاصحاح الثاني 1 المحبة المتبادلة بين المسيح وكنيستهِ 8 رجاءُ الكنيسة 10 دعوة المسيح إياها 14 عناية المسيح بها 16 اعتراف الكنيسة بإيمانها ورجائها
الاصحاح الثالث 1 محاربة الكنيسة وقت التجربة وغلبتها 6 افتخار الكنيسة بالمسيح
الاصحاح الرابع 1 إيضاح المسيح نِعَم الكنيسة 8 إظهار محبتهِ لها 16 صلوة الكنيسة لكي تُؤَهَّل لحضورهِ
الاصحاح الخامس 1 إيقاظ المسيح الكنيسة بزيارتهِ إياها 2 مرض الكنيسة من عمق شعورها بمحبة المسيح 9 وصف المسيح بذكر بعض فضائلهِ
الاصحاح السادس 1 اعتراف الكنيسة بإيمانها بالمسيح 4 ابانة المسيح نِعَم الكنيسة 10 ومحبتهُ لها
الاصحاح السابع 1 وصف نِعَم الكنيسة أيضاً 10 اعتراف الكنيسة بإيمانها بالمسيح ورغبتها فيهِ
الاصحاح الثامن 1 محبة الكنيسة للمسيح 6 حرارة المحبة 8 دعوة الأمم 14 صلوة الكنيسة لأجل مجيءِ المسيح
مراجعة شواهد من نشيد الانشاد
ص ع |
ص ع |
1: 4 مع يو 6: 44 |
2: 3 مع رؤْ 22: 1 و2 |
1: 4 مع في 3: 12 و13 |
4: 7 مع اف 5: 27 |
ص ع |
ص ع |
4: 15 مع يو 4: 10 |
7: 1 مع اف 6: 15 |
4: 15 مع يو 7: 38 |
8: 11 مع مت 21: 33 إلى 43 |
5: 2 مع يو 2: 20 |
8: 14 رؤْ 22: 17 و20 |
الفصل الرابع
في أسفار الأنبياءِ
ان الأنبياءَ كانوا رتبةً من رجال الله قد قاموا خصوصاً في زمن العهد القديم. وكانوا يخبرون بالوحي عن مقاصدهِ الخصوصية في الأزمنة المستقبلة ويعلنون إرادتهُ تعالى للبشر من جهة الواجبات المطلوبة منهم والحوادث المشهورة التي ستُجرَى بينهم. فكانوا بهذا الاعتبار سفراءَ الله لدى البشر
أما أنبياءُ العهد القديم فكانوا فعلة الله الخصوصيين على الأرض ومن أعلى طبقات خدامهِ. وكانوا يُدعَون الرائين 1 صم 9: 9 و1 أي 29: 29 و2 أي 33: 19 واش 30: 1 ورجال الله تث 33: 1 و1 صم 9: 6 و1 مل 13: 1 ورُقَباءَ ار 6: 17 وحز 3: 17. وهم كانوا علماءَ أمة اليهود يدرسونهم في اللاهوت ويهذّبونهم في الدين والفضيلة. وكان سبحانهُ يقيمهم ويرسلهم بحسب مقتضى الحال لكي يحرّضوا الناس على واجباتهم ويبكتوهم على خطاياهم ويدعوهم إلى التوبة والإصلاح. وأيضاً لكي يهذبوا الملوك وينبئُوا بأحكام الله على الشعوب 2 مل 17: 13 وار 25: 4. وكانوا مُعِينين للكَهَنَة واللاويين بتعليم الديانة وخصوصاً في مملكة إسرائيل 2 مل 4: 23. وكانوا أيضاً مساعدين للملوك في الأمور الشائعة التي تأُول إلى ازدياد التقوى والفضائل
وكان هؤلاءِ الأنبياءُ متواضعين أمناءَ زُهَّاداً منكرين لأنفسهم ومبتعدين عن شهوات ولذَّات هذه الحيوة 2 مل 5: 15. وكانوا غالباً مضطهدين ومُذَلّين وكثيرون منهم قُضِي عليهم بالموت بطرق متنوعة مت 23: 34 إلى 37
وعب 11: 32 الخ ويع 5: 10. ولكنهم كانوا ذوي شجاعةٍ وإقدام وكان لهم سطوة كشهود الله 2 مل 1: 8 وزك 13: 4 ومت 3: 4. وبعض هؤلاءِ الأنبياءِ كانوا قبل دعوتهم إلى هذه الوظيفة فلاحين أو رُعاة مواشٍ 1 مل 19: 20 وعا 7: 14 وزك 13: 5
وكان عند اليهود مدارس للأنبياءِ وأول ذكرها كان في أيام صموئيل. وهذه المدارس كانت مقامة في جبعة ونايوت وبيت ايل والجلجال واريحا حيث كانت الشبَّان تجتمع لكي تتعلَّم الأمور الدينيَّة وتستعد لتعليم الشعب بذلك 1 صم 10: 5 و19: 20 و2 مل 2: 3 و5 و4: 38. وكان تلامذيها يُسمَّون بني الأنبياءِ. وكثيرون منهم صاروا معلّمين وتقلَّدوا أيضاً الوظيفة النبويَّة بوحي الله ما عدا عاموس الذي هو يستثني نفسهُ منهم عا 7: 14 و15
وأما أنبياءُ العهد الجديد فكانوا مُجهَّزين لهذه الوظيفة بقوة فائقة الطبيعة ومحسوبين في ثاني درجةٍ من الرسل. فإن بولس يقول في 1 كو 12: 28 وضع الله أناساً في الكنيسة أولاً رسلاً ثانياً أنبياءَ انظر أيضاً اف 2: 20 ورؤْ 18: 20. وكان هؤلاءِ الأنبياءُ يتكلمون عن الحوادث العتيدة ويكشفون عن مقاصد الروح ولا سيَّما في النصوص الإلهيَّة. والظاهر أنهم كانوا ينطقون بذلك حالما يأتيهم الوحي انظر 1 كو 11: 4 و5 و14: 1 و30 الخ. وقد أُشير إلى هؤلاءِ الأنبياءِ في سفر الأعمال حيث يقال أنهُ كان في الكنيسة هناك أنبياءُ ومعلمون وأن يهوذا وسيلا كانا نبيين انظر اع 13: 1 و15: 32 و21: 9
وقام أيضاً في الكنيسة عدة نبيَّات ومنهنَّ مريم ودبورة وخلدة في العهد القديم وحنة واليصابات ومريم وبنات فيلبس الأربع في العهد الجديد
وكان جميع هؤلاءِ الأنبياءِ يقبلون رسالاتهم من الله أحياناً بالرؤَى والأحلام وأحياناً وهم في حالة السُبات أو الغيبة انظر عد 24: 2 إلى 16 ويؤ 2: 28 واع 10: 11 و12 ورؤْ 1: 1 إلى 20 وكانت هذه الإعلانات أحياناً تُصحَب بظهورات العظمة الإلهية الرهيبة المدهشة انظر اش ص6 ودا 7: 15
و10: 7 إلى 10 ورؤْ 1: 17. وأحياناً كانت تسري خفيةً إلى عقولهم بفعل الروح القدس. وإما هم فكانوا يوصلون هذه الرسالات بكل أمانةٍ إلى الملوك والرؤساء والكهنة المرسلة إليهم خصوصاً أو لعموم الشعب إما كتابةً أو شفاهاً في الأماكن المشهورة. وكانوا يجرون عند ذلك آياتٍ وأعمالاً رمزيَّة لأجل تقرير هذه الرسالات وإيضاح كيفية إتمامها اش ص20 وار 7: 2 وص19 وحز ص3 وص4 وص5
ولا يخفى ان يسوع الذي كل الأنبياء تشهد لهُ لو 24: 27 و44 واع 10: 43 و1 بط 1: 10 و11 هو نبيُّ كنيستهِ العظيم في كل الأجيال تث 18: 15 إلى 19 واع 3: 22 إلى 24 وهو الذي أعلن لها بواسطة عبيدهِ المُوحَى إليهم وبشخصهِ وبروحهِ القدوس كلَّ ما تعرفهُ عن الله وخلود النفس
واعلم ان اسم نبيٍّ قد يُستَعمل أحياناً بمعنىً أوسع ممَّا تقدَّم فإنهُ يُقال عن هرون أنهُ كان نبيَّ موسى أي معيَّناً لكي يوصل إلى الشعب الرسالات التي قبلها موسى من الله خر 7: 1. ويقال عن المغنين الأغاني المقدسة أنهم يتنبأُون 1 أي 25: 1. وبولس اتباعاً لعادة اليونانيين يدعو الشاعر ارانُس الكريتي نبيّاً حيث يقول في تي 1: 12 قال واحد منهم (أي من الكريتين) وهو نبيٌّ لهم خاص. ثم ان الكتب المقدسة لم تمنع هذا الاسم عن الخدَّاعين مع أنهم كانوا يدَّعون كذباً بأن لهم الوحي ويفتخرون بذلك باطلاً. وبما ان أنبياءَ الله بالحق لما كانوا يمتلئون من قوة الروح القدس كان ينتج عنهم حركات خصوصية تدلُّ على حماستهم وغيرتهم على إبلاغ كلمة الله إلى قلوب الشعب فحركات مثل هذه متى بدت من الأشخاص المملوئين من الروح الشرير كان يُقال عنهم أنهم يتنبَّأُون 1 مل 18: 28 و29
ان الأسفار الستة عشر التالية هي أقوال الأنبياء العبرانيين المُوحَى إليهم من الله مع المراثي التي تُعَدُّ تذييلاً قد ألحقهُ إِرْمِيَا بنبوتهِ. والظاهر ان أقدم الأنبياءِ كناثان وإيليا واليشع وميخا بن يملة وغيرهم لم يكتبوا شيئاً. ولكن الذين توشَّحوا بروح النبوَّة السامي لكي ينطقوا بالنبوات المزمعة ان تكمل بعد زمان
طويل أما أنهم كتبوها وإما أنهم كانوا سبباً لكتابتها
أن النبوة هي مدرَجة في كل جزء من الكتاب المقدس من سفر التكوين إلى الرؤْيا ولكن قد امتاز هذا القسم من الأسفار الإلهية بهذا الاسم مع أنهُ يتضمَّن أموراً تاريخية كثيرة العدد لأن موضوعهُ الخصوصيّ هو النبوة
أما ترتيب هذه الأسفار باعتبار وضعها بعضها مع بعضٍ فيتضح ممَّا قيل في مقدمة هذا الجزء. وهو ان اليهود كانوا يقسمون أسفار العهد القديم إلى ثلاثة أقسامٍ وهي الناموس والأنبياءُ والمكتوبات المقدسة. وان الأنبياءَ كانت تنطوي عندهم على قسمين أوائل وأواخر. فالأوائل هي من يشوع إلى الملوك. والأواخر هي الأسفار التي تصدق عليها هذه التسمية. وهي كانت عندهم أيضاً قسمين كباراً وهي إِشَعْيَاء وارميا وحزقيال وصغاراً وهي الاثنا عشر سفراً الباقية من هوشع إلى ملاخي. أما الكبار مع دانيال الذي كان محسوباً عند اليهود من المكتوبات المقدَّسة فهي مرتبة بالنظر إلى زمان كتابتها كما يتضح من الكلام عن كل سفرٍ بمفردهِ. وهذه القسمة إلى كبارٍ وصغار هي باعتبار مقدار الأسفار فقط بدون نظرٍ إلى قانونيتها أو فضلها بعضها على بعض لأنها جميعها أجزاءُ تأليفٍ واحد لمؤَلفٍ واحد هو روح الله القدوس الذي قسم لكلّ إنسانٍ من مواهبهِ بحسبما شاءَ
أما المدَّة التي قام بها الأنبياءُ كتبة هذه الأسفار فهي نحو أربعماية سنة. وهي تمتدُّ من نحو سنة ستماية بعد إعطاءِ الشريعة على سيناءَ إلى سنة أربعماية تقريباً قبل المسيح. وإذا قابلنا هذه الأسفار مع الأسفار التاريخية التي كُتِبَت في هذه المدَّة نراها توضح بعضها بعضاً
ان النبوات المتضمنة في هذه الأسفار تقسم باعتبار الزمان الذي كُتبت فيهِ إلى أربعة أقسام كما ترى في الجدول الآتي
جدولٌ
|
النبوات |
أسماء الكاتبين |
الأول |
النبوات التي كتبت قبل سبي الأسباط العشرة الذي حدث سنة 721 ق م |
يونان وعاموس وهوشع ويوئيل واشعيا وميخا |
الثاني |
التي كتبت بين ذاك الوقت وسبي يهوذا إلى بابل سنة 606 ق م |
ناحوم وصفنيا وارميا وحبقوق وعوبديا |
الثالث |
التي كتبت مدَّة السبي |
ارميا وحزقيال ودانيال |
الرابع |
التي كتبت بعد الرجوع من السبي |
حجي وزكريا وملاخي |
أما موضوع النبوات العظيم فهو ربُّنا يسوع المسيح رؤْيا 19: 10. وهي تتضمَّن معاني واسعة عن مجيئهِ إلى العالم وافتدائهِ البشر وقيام ملكوتهِ وفي ما يخصُّ أمة اليهود وكنيستهُ إلى انقضاءِ العالم. وفيها أيضاً أخبارٌ عن الممالك والشعوب كما كانوا وكما يكونون في تعلُّقاتهم بكنيسة الله في أمور كثيرة إلى آخر الزمان. وعباراتها سجعيةٌ تشتمل على كثيرٍ من الاستعارات والكنايات التي تحتاج إلى دقَّة النظر وإطالة الامعان من القارئِ. فتُستعار مراراً الشمس والقمر والكواكب للملك والملكة والرؤساء ويُكنَى عن الممالك والمدن بالجبال والآكام وعن عهد الله بالزيجة المحلَّلة وعن ترك عبادتهِ بالفسق
وكثيرٌ من النبوات يحتاج الإنسان إلى معرفة التواريخ لكي يفهمهُ. وبعضها مغلقةٌ بعيدة الإدراك لأنها لم تكمل بعد فلا يستطيع حلَّها إلا الزمان فقط
وينبغي ان تطالع دائماً بخضوع العقل
ويجب على كل من يقرأُ هذه الأسفار النبوية ان يعتبر جيداً ما ذكرهُ بطرس الرسول حيث يقول عالمين هذا أولاً ان كل نبوة الكتاب ليست من تفسيرٍ خاص. لأنهُ لم تأتِ نبوة قطُّ بمشيئة إنسانٍ بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس 2 بط 1: 20 و21
الأول إِشَعْيَاءُ
تنبأَ نحو 60 سنة. من سنة 759 ق م إلى 700 ق م تقريباً
ان إِشَعْيَاء بن آموص هو أحد الأنبياءِ العبرانيين الأعظم شهرةً وقيل أنهُ كان من نسب الملوك. والظاهر أنهُ صرف حياتهُ في أورشليم. ومع أنهُ كان مشهوراً جدّاً وتنبَّأَ زماناً طويلاً لسنا نعرف عن تاريخ حياتهِ. ولكن نستدلُّ من سفرهِ عن البعض من صفاتهِ. فإنهُ كان ذا روحٍ منكسرة وقلبٍ منسحق ص 6: 5. وكانت أحشاؤُهُ تحنُّ على بني شعبهِ ص 21: 3 بل على الأمم وأعدائهِ أيضاً الذين كان يتكلَّم عن دمارهم ص 16: 9. فنتعلم من هذا ان الروح الذي كان فيهِ هو ذات الروح الذي كان في المسيح
وقد شرع هذا المغبوط بالتنبي في أورشليم بحسب رأي الأكثرين في السنة الأخيرة من حيوة عُزِّيَّا ملك يهوذا (وهو عزريا) كما يُستنتَج من ص 6: 1 وذلك كان سنة 759 ق م. واستمرَّ في هذه الوظيفة مدة حكم ثلاثة ملوك من يهوذا وهم يوثام وآحاز وحزقيا انظر ص 1: 1. ولنا خبرٌ صريح من هذا السفر ومن أسفار الملوك والأيام بأنهُ بقي يتنبأُ إلى السنة الرابعة عشرة من ملك حزقيا قابل 2 مل 18: 2 مع 2 مل 20: 6 وهذه المدَّة كانت نحو 47 سنة كما يتضح من مقابلة 2 مل ص15 إلى ص20 و2 أي ص26 إلى ص32. ولكن يُحتَمل أنهُ عاش بعد ذلك مدَّةً طويلة. وقد ذُكِر في تقاليد التلموديين وغيرهم من آباءِ اليهود
أنهُ بقي يتنبّأُ إلى أيام منسَّى وأنهُ قتل منشوراً بأمر هذا الملك عندما كان متمرّغاً في حمأة الفواحش. وقد ظنَّ البعض ان بولس أشار إلى ذلك في عب 11: 37. وإذا كان الأمر كذلك يكون قد مارس هذه الوظيفة مدَّةً تنوف عن ستين سنة. وهذا التقليد مُدرَج في كتابٍ غير قانونيٍّ يُسمَّى صعود أشعياءَ. ولكن ليس لهُ أساسٌ في الكتاب المقدس
وأما الأنبياءُ الذين قاموا قبلهُ أو بعدهُ ولكن كانوا معاصرين لهُ مدةً ما فهم هوشع وعاموس وميخا كما يتضح من مقدمات أسفارهم
ويمتاز إِشَعْيَاء بكثرة مواضيعهِ المتنوعة الجوهرية التي كان يتكلم عنها وخصوصاً بالتدقيق في إعلاناتهِ التي هي عن مجد الأيام الأخيرة حتى أنهُ فاق جميع أنبياءِ العهد القديم بكثرة نبواتهِ التي هي في شأن ميلاد ربّنا يسوع المسيح وخدمتهِ وآلامهِ وموتهِ وأزمنة الإنجيل الشريف. ولذلك قد اقتبست كَتَبَة العهد الجديد من سفرهِ أكثر ممَّا سواهُ. وكانت آباءُ الكنيسة المسيحيَّة تسمّيهِ النبيَّ الإنجيليَّ وتُسمي سفرهُ إنجيل اشعياءَ. ويتضمَّن هذا السفر عدا ذلك نبواتٍ شتَّى عن أممٍ عديدة وكثيراً من التعاليم التي تفيد التهذيب والتعزية الروحية للمؤمنين ولا سيما السبعة والعشرون اصحاحاً الأخيرة. وكان المقصود بهِ ثلثة أمورٍ
الأول اطلاع اليهود على عظمة شرورهم
الثاني تنبيه كلّ رتبةٍ منهم على التوبة
الثالث تعزية الذين يخشون الرب بمواعيد العون الإلهيّ وبتأكيد مجيءِ المسيح وترغيبهم في انتظار الخلاص المستقبل ومجد الكنيسة الذي لا يزول
أما صدق نبوات إِشَعْيَاء المتعلقة بالأزمنة البعيدة كالتي كانت تشير إلى الرجوع من بابل وزمان الإنجيل فقد أثبتت بإتمام بنواتهِ المتعلقة بزمانٍ قريب كإنبائهِ عن غلبة آشُّور على أرام وإسرائيل قبل ان يعرف ولدهُ ان يدعو يا أبي ص 8: 4. وعن فناءِ مجد قيدار في مدَّة سنةٍ ص 21: 16. ومجد موآب في ثلاث سنين ص 16: 14. ومجد افرايم في مدة خمس وستين سنةً ص 7: 8. ومجد
صور بعد سبعين سنةً ص 33: 15. فتمام هذه النبوات في أوقاتها المعيَّنة يثبت صدق النبيّ ويقرّر غاية النبوة العظمى وهي ان يحفظ البشر في عقولهم الاعتقاد الصحيح بعناية الله في العالم والشعور الدائِم بالافتقار إلى ذلك
وفي هذا السفر ستة وستون اصحاحاً تندرج في ستة فصولٍ كبار
الفصل الأول يتضمن أخباراً ونبواتٍ في ملك عزِّيَّا ص1 إلى ص5
الثاني يحوي نبواتٍ في ملك يوثام وآحاز ص6 إلى ص12
الثالث يحوي نبواتٍ عن البابليين والآشُّوريين وأممٍ أخر ممَّن أضرَّ ظلمهم وطغيانهم بشعب إسرائيل ص13 إلى ص23
الرابع يحوي نبواتٍ عن آفاتٍ عظيمة تكتنف شعب الله واستبقاء الله برحمتهِ بقيةً منهم ورجوعهم وميلهم إلى المسيح حين تهلك أعداؤهم الذين من جملتهم ضدُّ المسيح ص25 إلى ص35
الخامس يذكر غزو سنحاريب اليهودية وهلاك جيشهِ إجابةً لصلوة حزقيا ومرض حزقيا وشفاءَهُ العجيب ص36 إلى ص39. وهذا القسم هو تاريخيّ
السادس يتضمَّن نبوات متتابعة نطق بها هذا النبي حين قرب ختام وظيفتهِ. وهذا الفصل أحسن أجزاءِ العهد القديم وأهمُّها لأجل معانيهِ الإنجيلية. وأعظم مضامين النبي فيهِ هو إرجاع الكنيسة إلى الله وازديادها عدداً ومجداً. وقد يُتَّخَذ الخلاص من بابل رمزاً على الفداء الروحي بالمسيح ص40 إلى ص66
ويُقسم أيضاً هذا السفر طبعاً إلى قسمين كبيرين
الأول يتضمن أموراً تاريخية ونبواتٍ عديدة متنوعة نطق بها النبيُّ في ظروف وأحوال خصوصية ص1 إلى ص39
الثاني يتضمن نبواتٍ كتبها النبيُّ في شيخوختهِ بعد هلاك جيش سخاريب. وكان موضوع هذا القسم الأهمُّ مجيءَ المسيح في العالم وقيام ملكوتهِ وامتدادهُ إلى أقاصي الأرض وكان ذلك لأجل تعزية وتشجيع شعب الله في كل الأجيال العتيدة كما يتضح من مقدمتهِ ص 40: 1 حيث يقول عزُّوا عزُّوا شعبي يقول
إلهكم. والظاهر من نبوات هذا القسم ان النبيَّ لم ينطق بها لأجل أسبابٍ ودواعٍ حاليَّة كما في القسم الأول ص40 إلى ص66
وأنفع نبوات إِشَعْيَاءَ وأشهرها تتعلق بثلاثة أمور
الأول أسر اليهود في بابل من أجل خطاياهم وإنقاذهم المشهور من تلك المدينة الوثنية بواسطة كورش الفاتح الفارسي الذي تنبأَ إِشَعْيَاءُ مصرّحاً باسمهِ قبل وجودهِ بنحو ماية وثمانين سنة ص 44: 28 و35: 1 إلى 4 و13
الثاني الحوادث الدقيقة في شأن ميلاد المسيح وخدمتهِ وآلامهِ وموتهِ كفَّارةً للخطاة. وقد وصف هذا النبي كثيراً من هذه الحوادث وصفاً مُدقَّقاً كأنهُ قد رآها وشاهدها تماماً انظر ص 4 و35 و53 و65
الثالث اتساع الكنيسة النامي في زمان الإنجيل وزيادتها في العدد والسعادة حتى تغشي الأرض معرفة الرب بملءِ مجد الألف سنة ص 2 و9 و11 و66
وهاكَ ما يذكرهُ في شأن المسيح وكنيستهِ بالتفصيل من ميلاد المخلص إلى الزمن المجيد الذي بهِ تصير كل ممالك العالم لربّنا ومسيحهِ
(1) طبيعة المسيح الإلهية ص 7: 14 و9: 6. (2) نَسبهُ بحسب الجسد ص 11: 1 (2) وظائفهُ الثلاث وهي وظيفة نبيٍّ ص 42: 1 و6 و7 و49: 1 الخ و55 و4 و5. ووظيفة كاهن ص 53: 12. ووظيفة ملك ص 9: 6 و7 و32: 1 و2. (4) مناداة يوحنا المعمدان بمجيئهِ قابل ص 40: 3 و4 مع مت 3: 3 الخ (5) تعيينهُ مبشراً ص 61: 1 و2. (6) آياتهُ ص 35: 5. (7) رفض اليهود إياهُ كمبشّرٍ ص 6: 9 إلى 12 و53: 3 انظر مت 13: 14 إلى 17 و54 الخ. (8) آلامهُ لأجل خطايانا ص 50: 6 و53: 4 إلى 11. (9) موتهُ ودفنهُ وظروفهما العجيبة ص 53 إلى 12. (10) غلبتهُ على الجحيم ص 25: 8 و53: 10 إلى 12. (11) رفضهُ اليهود ص 65: 2 إلى 7. (12) دعوة عالم الأمم ص 49: 5 إلى 12 و65: 1. (12) نمو ملكوتهِ وكمالهُ ص 9: 7 و11: 4 إلى 10 و59: 16 الخ
وفي هذا السفر توجد أيضاً إشارة إلى عمل الروح القدس مع ان المقرَّر هو ان إعلان وظيفتهِ الكامل وقوة تأثيرهِ محفوظان إلى أزمنة الإنجيل المجيدة ص 32: 15 و35: 6 و44: 3
ان النبيَّ إِشَعْيَاءَ يتعرَّض كثيراً لذكر الأمم والتنبي عن أحوالهم المستقبلة وقضاء الله الهائل في دمار بعضهم وانقراضهم وكل ذلك لا يخلو من إفادة أدبيَّة روحيَّة لأمَّة اليهود وشعب الله في كل جيل كما سيتضح. فإنهُ في ص 20: 5 يتنبَّأُ عن سبي مصر وكوش والشقاءِ العتيد ان يحلَّ عليهما فكان ذلك إرهاباً لليهود بقضاءِ الله المخوف على كوش رجائهم ومصر فخرهم بحسب يقينهم الفاسد كما يُذكَر في هذه النبوة وبالنتيجة كان ذلك تبكيتاً لهم لأجل جهالتهم في التجائهم إليهما دون الله لأجل الحماية. وفي ص17 يتنبأُ عن دمار دمشق قصبة ارام أو سورية ويدعوها حصن افرايم لأن العشرة الأسباط المكنيّ عنهم بافرايم كانوا قد وضعوا كلَّ اتّكالهم عليها كأنهم لا يعرفون الله. والنبوات المشهورة عن خراب أدوم ص34 وبابل ص14 وص21 و8: 4 كان القصد بها تعزية الأتقياءِ من اليهود في الضيقات التي كانوا عتيدين ان يحتملوها من هذه الأمم بسبب آثام أبناءِ وطنهم. وهي تتضمَّن أيضاً تحذيراً للأشرار في كل جيلٍ من نتائج الخطيَّة المهولة
وفي هذا السفر تُذكَر وقائع كثيرة تستحقُّ ملاحظة خصوصية. ومنها خبر حصار أورشليم بجيش الآشُّوريين وقتل ملاك الرب منهم في ليلةٍ واحدة 185000 نفرٍ. ومرض حزقيا المزعج وشفائهِ العجيب وإطالة عمرهِ خمس عشرة سنة ص 37: 36
وفي قراءَة هذا السفر وغيرهِ من أسفار الأنبياءِ يجب الانتباه الكليّ إلى الخطايا الخصوصية التي كان الشعب يُسخِط الله بها لكل نجتنبها. فإنهُ ما عدا الخطايا المهولة المذكورة في هذا السفر كسفك الدم والظلم وذبح الأولاد في الأودية وشقوق الصخور تُذكَر أيضاً فيهِ خطايا كثيرة مخوفة تستدعي انتباه شعب الله إليها لأجل الاحتراس التام منها لأنها ذات سطوةٍ واستيلاءٍ على قلب
كلّ بشرٍ. ومنها البخل ص 5: 8. وعدم التمييز بين الخير والشر ص 5: 20. والاعتداد بالذات ص 5: 21. وعدم الاكتراث بعناية الله ص 5: 12 و29: 15. وسكر القلب وخمارهُ من النجاح وتسليمهُ للذَّات الدنيوية ص 47: 8 و22: 13 وقد ذُكِر من هذا القبيل أيضاً شرُّ الافتخار في بابل ص 14: 13. وموآب ص 16: 6. وصور ص 23: 9. وافرايم ص 28: 3. وشبنا ص 22: 16 إلى 19. وسنحاريب ص 37: 23. وممَّا يلذُّ شعب الله التأَمُّل بهِ في هذا السفر التصريح بالبركة الناتجة من التواضع ص 57: 15. فقد قال بعض الفضلاءِ ان الفلسفة البشرية تزعم بأن وجود التواضع مع بقية الفضائل غير لائق وأما الكتاب المقدس فيصرّح بأن كلَّ الفضائل بدونهِ هي نقائص ورذائل
مراجعة شواهد من نبوة اشعياءَ
ص ع |
ص ع |
1: 9 مع رو 9: 29 |
21: 9 مع رؤْ 18: 2 |
5: 1 و2 مع مت 21: 33 |
22: 22 مع رؤْ 3: 7 |
6: 9 و10 مع يو 12: 40 و41 |
25: 8 مع 1 كو 15: 54 |
6: 9 و10 مع مر 4: 11 و12 |
28: 16 مع رو 9: 33 |
7: 14 مع مت 1: 23 |
28: 16 مع 1 بط 2: 6 إلى 8 |
8: 14 مع 1 بط 2: 8 |
29: 13 مع مت 15: 8 و9 |
8: 18 مع عب 2: 13 |
35: 5 و6 مع مت 11: 5 و15 و30 |
9: 1 و2 مع مت 4: 16 |
40: 3 مع مت 3: 3 |
9: 7 مع لو 1: 32 و33 |
40: 3 مع لو 3: 4 |
11: 10 مع رو 15: 12 |
40: 6 مع 1 بط 1: 24 |
13: 10 مع مت 24: 29 |
40: 11 مع يو 10: 11 |
13: 10 مع مر 13: 24 |
42: 1 إلى 4 مع مت 12: 18 إلى 21 |
ص ع |
ص ع |
44: 3 مع يو 7: 38 و39 |
53: 12 مع عب 7: 25 |
45: 9 مع رو 9: 20 |
54: 1 مع غل 4: 27 |
45: 23 مع رو 14: 11 |
54: 13 مع يو 6: 45 |
45: 24 مع 1 كو 1: 30 |
58: 7 مع مت 25: 35 |
49: 6 مع اع 13: 47 |
59: 30 مع رو 11: 26 |
51: 6 مع 2 بط 3: 10 إلى 13 |
61: 1 مع لو 4: 18 |
52: 7 مع رو 10: 15 |
63: 1 و2 مع رؤْ 19: 13 |
53: 5 مع مت 8: 17 |
65: 1 مع رو 10: 20 |
53: 5 مع 1 بط 2: 24 |
66: 24 مع مر 9: 44 |
53: 10 مع 2 كو 5: 21 |
|
الثاني إِرْمِيَا
تنبَّأَ في اليهودية نحو 40 سنة من سنة 628 ق م إلى سنة 588 ق م. ثم تنبأَ مدَّةً وجيزة في أرض مصر
بما ان هذا السفر يتضمَّن كثيراً من الأخبار عن مؤَلّفهِ الذي كان أحد أنبياءِ العهد القديم العظام يمكننا ان نجمع ترجمةً مدقَّقة عن حياتهِ وأعمالهِ. فإن هذا النبيَّ كان من نسل الكهنة سكان عناثوث في أرض بنيامين وهي واقعة في الشمال الشرقي من أورشليم على بعد نحو أربعة أميال منها. وقد تكرَّس من الله لهذه الوظيفة قبل ولادتهِ ودُعِي إليها في حداثتهِ بالقرب من الوقت الذي قام بهِ صفنيا النبي صف 1: 1. وتنبَّأَ في أرض وطنهِ من السنة الثالثة عشرة ليوشيا ملك يهوذا سنة 628 ق م إلى تمام السنة الحادية عشرة لصدقيا ابنهِ وخراب أورشليم سنة 588 ق م انظر ص 1: 1 إلى 6. وكانت هذه المدَّة نحو 41 سنة كما يتضَّح من 2 مل ص22 إلى ص25. ثم تنبَّأَ مدَّةً بعد ذلك في أرض مصر ص43 وص44
أن أمانة هذا النبي جعلتهُ عُرضةً لمشقَّات كثيرة وألقت حياتهِ في الخطر يوماً فيوماً. لأنهُ عاش في جيلٍ شرير فاسق وتوظَّف من الله لكي يوبّخ الرؤَساءَ الأشرار وشعب يهوذا على خطاياهم وينذرهم بأحكامهِ تعالى العتيدة ان تكتنفهم. فأثار جميعهم عليهِ اضطهادات شديدة ولا سيَّما أهل بلدتهِ 11: 18 الخ. وكان من جملة مضطهديهِ الملوك الأشرار المعاصرون لهُ. غير ان يوشيا بما أنهُ كان صالحاً لا بدَّ من أنهُ ساعدهُ كثيراً في إصلاح الشعب ولكن يهوياقيم ابنهُ طرح درجهُ في النار وطلب ان ينزع حياتهُ ص36. وصدقيا مع أنهُ كان يستشيرهُ ص38 ويطلب منهُ ان يصلي لأجلهِ ص37 ويسمع منهُ التهديد بالضيقات المزمعة ان تحلَّ على شعبهِ العقوق وعن سبيهم سبعين سنة ص21 وص29 لم يستفد شيئاً من ذلك. ولمَّا تغلَّب نبوخذ ناصَّر على أورشليم كان هذا النبيُّ في السجن فأطلقهُ نبوزرادان رئيس الشُّرَط بأمر الملك وعرض عليهِ السكن في بابل فلم يرضَ بذلك بل اختار ان يبقى في أرض يهوذا مع البقيَّة من اليهود الذين لم يُسبَوا مع اخواتهم ص39 وص40. ثم نقله هؤلاءِ العصاة عنوةً إلى مصر بعد وقتٍ وجيز 43: 3 إلى 7 وكان ذلك سنة 586
ان أحوال هذا النبيّ وظروف حياتهِ والخدمة التي باشرها بأمر الله أي انباءَهُ بخراب بلادهِ وقضاءِ الله الهائل على شعبهِ وتتابع الاضطهادات المؤْلمة التي اكتنفتهُ من أمَّتهِ جعلتهُ بحالةٍ خصوصية من جهة القهر والحزن والنوح والبكاءِ 9: 1. فلأجل ذلك ولكون ما كتبهُ شجيّاً مؤَثّراً دُعِي النبيَّ البَكَّاءَ. ومع أنهُ كان بالطبع حليماً لطيفاً وديعاً حسَّاساً متزهّداً لم يقصّر عن الجهاد في سبيل الله وإنفاذ أوامرهِ تعالى ولا أنثني عزمهُ ممَّا صادفهُ من الخطوب والنكبات من قومهِ. فالتهديدات المريعة لم تُصمتهُ عن الكلام والإهانات السمجة لم تطرحهُ في بالوعة اليأْس ولا عافتهُ عن السعي في إتمام واجباتهِ. ومع أنهُ شعر بالأَلَم الشديد من ضيقاتهِ وكل ما قُذِف بهِ من الخزي والعار تجلَّد على بلاياهُ ورغماً عن كل ما أصابهُ واعتراهُ ثبت بكل شجاعةٍ وحزم أمام كل المخاطر كَهَدَفٍ متين يتحمَّل
من أبناءِ وطنهِ كلَّ ما يرشقونهُ بهِ بكل حنوٍّ وشفقةٍ عليهم ويكابد كل ما يصيبهُ منهم بالصبر الجميل. وأخيراً اشترك معهم بالمصائب التي لم يستطع ان يحرّكهم على الفرار منها وصار بذلك نموذجاً حسناً للمصابين من بني جنسهم. وما زال هذا النبي متمسكاً بكمالهِ أميناً لله وغيوراً على شعبهِ يلومهم على خطاياهم ولا سيَّما في عبادتهم الأوثان وينصحهم ان يرجعوا إلى الله حتى مات. وقيل انهُ ختم صدق خدمتهِ بدم الشهادة إذ رجمتهُ اليهود في مصر. فمن هذه القساوة التي عاملهُ بها أهل بلادهِ وأمتهُ نستوضح العداوة الطبيعة التي في قلب الإنسان غير المتجدّد نحو الله وخدامهِ الأُمناءِ
أما مضامين هذا السفر فهي على الغالب رسائل توبيخٍ وإنذاراتٍ كان يبلغها النبي إلى المُرسَلة إليهم بروح الحنون والمحبة. فإن مكتوبات إِرْمِيَا وإن كانت لا تتضمَّن نبواتٍ عن المستقبل مشجّعة ومعزية لشعب الله بقدر ما يحوي سفر إِشَعْيَاءَ هي غنية في المثائل والنموذجات التي تعلمنا إياها صريحاً عن الارتباط الشديد بين فجور الأمم ودمارهم. وهي تُعتَبر كمرآةٍ جليَّة لأجيال العالم المستقبلة يَرَى بها الشعوب الأشرار هلاكهم الذي لا بدَّ منهُ. وقد يعبّر هذا النبي أحياناً في هذا السفر عن انتظاراتهِ المبهجة للخير المحفوظ لشعب الله في الأيام الأخيرة كما يتضح خصوصاً من ص30 إلى ص33
وفي نبوات إِرْمِيَا ثلثة مقاصد كبار
الأول إنذار اليهود بالخراب الذي كان عتيداً ان يصيب هيكلهم العظيم لأجل نجاستهِ بأوثانهم وخراب مدينتهم أيضاً لأجل استئصال كفرهم وشرورهم
الثاني دعاءُ الشعب إلى التوبة بواسطة مواعيد لهم بالغفران الإلهي والخلاص من بابل بعد مضي سبعين سنة
الثالث تعزية الأتقياء بتأكيدٍ جديد عن ميلاد المسيح وبركات ملكوتهِ
وفي هذا السفر اثنان وخمسون اصحاحاً ومع ان النبوات المتنوعة والرسائل الإلهية التي فيهِ غير مرتَّبة بحسب الزمان ويتعذّر علينا الوصول إلى ذلك تماماً
يمكننا ان نقسمها تقسيماً طبيعيّاً قريباً من الصواب إلى أربعة أقسامٍ
القسم الأول نبواتٌ نطق بها في ملك يوشيا الصالح ص1 إلى ص12
(لا يوجد نبواتٌ نطق بها إِرْمِيَا في المدَّة الوجيزة التي ملك بها شلوم أو يهوآحاز بن يوشيا الثاني وخليفتهُ في الملك)
الثاني نبواتٌ في ملك يهوياقيم بن يوشيا الأكبر ص13 إلى ص20 و22 و23 و25 و26 و27 أو 35 و36 و45 إلى 48 و49: 1 إلى 33
(لا يوجد نبوات نطق بها النبيُّ في مدة ملك يكنياهو الوجيزة وهو يهوياكين أو كنياهو بن يهوياقيم وخليفتهُ)
الثالث نبوات في ملك صدقيا بن يوشيا الأصغر وآخر ملوك يهوذا ص21 و24 و27 و34 و37 و39 و49: 34 إلى 39 وص 50 و51
الرابع نبواتٌ في حكم جدليا من افتتاح أورشليم إلى هرب الشعب إلى مصر والنبوات التي تنبَّأَ بها لليهود في مصر ص40 إلى ص44
وقيل ان الاصحاح الثاني والخمسين أضافهُ عزرا فاتحةً لسفر المراثي وهو يتضمَّن خبراً تاريخيّاً مختصراً عن أخذ أورشليم. وهذا الاصحاح يتَّفق حرفيّاً مع 2 مل 24: 18 إلى 20 وص 25 انظر ار 51: 64
وأشهر ما ذُكر في هذا السفر ثلثة أمور
الأول تتابع الاضطهاد والمشقَّة التي تحمَّلها إِرْمِيَا النبي في ممارسة خدمتهِ الأمينة حال كونهِ رسول الله
الثاني الكناية اللطيفة التي تنبَّأ بها عن المسيح كوسيطٍ بقولهِ أُقيم لداود غصن برٍّ وقولهُ في مكان آخر واسمهُ الرب برُّنا ص 23: 5 و6. وهذا الاسم (أي الربُّ) قد دُعِي بهِ المسيح أيضاً في غير هذا السفر انظر اش 40: 10 و48: 17 وهو 1: 7 ومل 3: 1
الثالث البركات الروحية الأبدية بركات عهد الرب الممنوحة للكنيسة كثمر برّ المسيح وذبيحتهِ ص 31: 31 إلى 36 و33: 8 و14 إلى 16 انظر أيضاً
عب 8: 8 إلى 13 و10: 14 الخ
ويتضح لنا من هذا السفر وغيرهِ من المكتوبات النبوية ان الأنبياءَ وهم تحت ظلّ الشريعة الموسوية رأوا زوالها واقتنعوا بأن الغرض منها كان إعداد العالم لقبول الإنجيل الشريف. فإن هذا النبيَّ يتكلم عن التابوت بأنهُ يزول وينسى ولا يُذكَر بعدُ. وعن انتساخ العهد الموسوي وإقامة عهدٍ جديدٍ وديانة أكثر روحيةً. ويتنبَّأُ أيضاً عن دعوة الأمم وإرجاع إسرائيل الأخير انظر ار 3: 15 إلى 18 وص21 خصوصاً ع 31 إلى 34 مع عب 10: 15 الخ
مراجعة شواهد من نبوة إِرْمِيَا
ص ع |
ص ع |
2: 13 مع يو 4: 14 |
18: 6 مع رو 9: 20 |
2: 21 مع مت 21: 33 |
23: 6 مع 1 كو 1: 30 |
2: 21 مع مر 12: 1 |
29: 7 مع 1 تي 2: 2 |
2: 21 مع لو 20: 9 |
31: 15 مع مت 2: 17 و18 |
2: 30 مع اع 7: 52 |
31: 32 مع عب 8: 8 إلى 10 |
6: 16 مع مت 11: 29 |
31: 32 مع عب 10: 16 و17 |
7: 11 مع مت 21: 23 |
33: 16 مع 1 كو 1: 30 |
9: 23 و24 مع 1 كو 1: 29 إلى 31 |
|
سفر مَراثي إِرْمِيَا وهو السادس من الأسفار الشِعريَّة
كُتِب بعد خراب أورشليم والهيكل سنة 588 ق م
المراثي جمع مَرْثاة وهي قصيدة يُناح بها على الميت. وهذه المراثي نظمها إِرْمِيَا النبي الذي كان ذلك من دأْبهِ 2 أي 35: 25 لمَّا رأى أورشليم قد
صارت هي وهيكلها تلال خرابٍ وشعبهُ يهوذا قد سُبِي وحل عليهِ الشقاءُ والويل وعبادة الله الحقيقية انكسف نورها. وهذه المراثي معتبرة جدّاً لأجل أسلوب كتابتها الخصوصيّ والمعاني المُحتواة بها ولأجل ما تتضمَّنهُ من الأدلَّة على عواطف وسجايا هذا النبي كالحنو ورَّقة القلب والاخلاص ومحبة الوطن وإنكار الذات وتكريس النفس لله. فجميع هذه المزايا التي كانت فيهِ يُعبَّر عنها في هذا السفر على وجهٍ جميلٍ جدّاً
ان مضامين هذه المراثي وأسلوب كتابتها محزنٌ ومؤَثّر إلى الغاية حتى ان الذين يقرأونها بتمعُّنٍ من قديم الزمان كانوا يشعرون بأن كل حرفٍ منها كُتِب بدمعةٍ وأن كلَّ كلمةٍ هي زفرة قلبٍ منكسر. ومع شدَّة هذه المضايقة التي يبديها النبيُّ يشير صريحاً إلى يقينهِ بأن الله المقيم العهد مع شعبهِ هو المالك على هذا الكون والمعتني بالجميع
وكان من جملة مقاصد النبي في هذا السفر تهذيب أبناءِ وطنهِ وتعليمهم ان لا يحتقروا تأديب الرب ولا يخوروا إذا وبَّخهم بل يرجعوا إليهِ بندامة قلبيَّة ويتكلوا عليهِ وحدهُ لأجل نجاتهم. وهذا السفر مفيد جدّاً للمصابين ولا سيَّما الاصحاح الثالث منهُ. ومتى لاحظنا معاملة أبناءِ وطن إِرْمِيَا لهُ والروح الذي يبدو منهُ هنا نرى إيضاحاً عجيباً لفعل الروح القدس في قلوب عبيد الله بالحقيقة. وفي هذا السفر خمسة اصحاحات
فالاصحاحان الأولان يشرحان بنوع خصوصي البلايا التي أصابت أورشليم عند حصارها
والثالث يتضمَّن نوح إِرْمِيَا وتأَوُّهاتهِ بسبب ضيقاتهِ
والرابع يتضمَّن ترديد الأسف على دمار المدينة وخراب الهيكل وشقاءِ الملك صدقيا. ويُختَم بتهديداتٍ على ادوم لأجل ما أبدوهُ من القساوة بحق اليهود وهم في حالة الذلّ والمسكنة. وبتعزياتٍ لشعب الله
والخامس يتضمَّن صلوة النبي لأجل اليهود في السبي
والأربعة الاصحاحات الأولى كلّ واحدٍ منها اثنان وعشرون بيتاً أو عدداً مرتبةً في أوائلها على حروف الهجاء العبرانيَّة الموافقة هذا العدد على النسق الطبيعيّ. وكل بيتٍ منها يتضمَّن ثلاثة مصاريع. وجميع الأبيات فيها على طول واحد تقريباً إلا الاصحاح الثالث فإن كل ثلثة أبيات متوالية منهُ مُفتَتَحة بحرفٍ واحد من حروف الهجاءِ وأبياتهُ ستة وستون. والاصحاح الخامس يتضمَّن اثنين وعشرين بيتاً قصيراً ولكنهُ غير مرتَّب مثل الأولى على حروف المعجم
وموضوع هذا السفر هو المصائب التي حدثت لليهود من قساوة العساكر البابليَّة عليهم. وقد يُستَفاد منها أنها تنبئُ أيضاً بالبلايا العظيمة التي اكتنفتهم لما هدمت الجنود الرومانية مدينة أورشليم وهيكلها بقضاء الله الرهيب عليهم لأنهم صلبوا ربّ المجد
مراجعة شواهد من المراثي
ص ع |
ص ع |
2: 1 مع مت 11: 23 |
3: 45 مع 1 كو 4: 13 |
3: 33 مع عب 12: 10 |
4: 13 مع مت 23: 31 إلى 37 |
الثالث حزقيال
تنبَّأَ عشرين سنة من سنة 595 ق م إلى سنة 575 ق م
كان حزقيال بن بوزي أحد اليهود المسبيين القاطنين على نهر خابور الذين نُقِلوا إلى بابل مع يهوياكين الملك في السبي الثاني سنة 600 ق م. وكان من الطغمة الكهنوتيَّة نظير إِرْمِيَا وقد شرع بالتنبي في السنة الخامسة من سبي يوياكين ص 1: 1 إلى 3 وهي الخامسة أيضاً من ملك صدقيا أي سنة 595 ق م وتنبَّأَ عشرين سنة أي إلى سنة 575 ق م وهي السنة الرابعة عشرة بعد سبي أورشليم الأخير ص 40: 1. وكان معاصراً لارميا في الثماني السنين الأولى من
المدة التي تنبَّأَ بها. وإما دانيال فإنهُ كان موجوداً في هذا العصر أيضاً حز 14: 14 و16 و28: 3 لكن أكثر نبواتهِ كتبها في ما بعد
أما قول حزقيال في ص 1: 1 في السنة الثلاثين ففي توجيههِ خلافٌ. فقد ذهب بعض العلماءِ إلى ان هذا التاريخ يبتدئُ إما من السنة الثامنة عشرة ليوشيا ملك يهوذا وهي السنة التي بها جدَّد هذا الملك العهد مع الله ورمَّم الهيكل وارجع العبادة إليهِ بعد ان صارت منسيَّةً عند الجمهور. أو من السنة التي قام بها نبابولاصَّر أبو نباخذناصَّر لأن هاتين الحادثتين جرتا في سنةٍ واحدة قبل قيام النبي بثلاثين سنة. ورجحوا الاحتمال الثاني لأن نبابولاصر قد حرر بابل من سلطة الآشوريين تلك السنة التي قام فيها ومن المُحتمل أنهم صاروا يؤَرّخون من هذه الحادثة. وذهب الجمهور إلى ان المراد بذلك هو السنة الثلاثون من عمر النبيّ وهو أقرب إلى الصواب
وكان حزقيال نبيَّ السبي الخصوصي. فإن دانيال معاصرهُ قد أُوحِي إليهِ بإعلاناتٍ كثيرة جليلة تتعلق بأحوال شعبهِ وملكوت الله على الأرض في المستقبل لكنهُ كان مدّبر أمور ولاية بابل ورئيس الشِحَن على جميع حكمائها ومارس هذه الوظيفة نظير داود الملك عند الاقتضاء فقط. وأما حزقيال فنظير سالفيهِ إِشَعْيَاءَ وارميا دُعِي صريحاً من الله وتكرَّس لهذه الخدمة الجليلة التي كانت تقوم خصوصاً بإيصال أوامرهِ تعالى وأحكامهِ إلى الشعب وإنذارهم بقضائهِ
بما ان الله دعا هذا النبي ليتنبَّأَ على أمةٍ متمرَّدة عليهِ وبنين قساة القلوب وصلاب الوجوه ص 2: 3 و4 قد جهَّزهُ سبحانهُ لهذه الوظيفة بروحٍ جريئَة غير مرتابة. فكان ذا إقدام وعزم وغيرة حارة لأجل مجد الرب وثبت بكل رزانة وبسالة لدي كل المقاومات والتعبيرات التي صار عُرضةً لها لأجل أمانتهِ في خدمة الله
أما سفر حزقيال فيمتاز بأسلوب كتابتهِ الخصوصي الدالّ على حماستهِ
الذي يستطيع القارئُ ان يميزهُ من أول وهلة. وأيضاً بكثرة الخصائص المشحون بها التي منها ترديد الحقائق وتكرارها لأجل تأثيرها في عقول الناس
ان هذا النبي يذكر في سفرهِ كثيراً من التمثيلات والرموز التي كان يستعملها كسائر الأنبياء المتأخرين. وبما ان هذه تكون على الغالب مبهمةً قد علَّقنا هنا كلاماً وجيزاً عن رسومها والمبادي التي تساعد القارئَ على الكشف عن معانيها فنقول
ان التمثيل هو التعبير عن حادثة سالفة أو نبوة عتيدة بطريق التشبيه والاستعارة. كما ورد في ص 17: 1 إلى 10 من هذا السفر حيث يصف حزقيال حادثةً سالفة على هذا السبيل. فيشبّه بها نبوخذناصَّر وفرعون بالنسرين الكبيرين. ويهوياكين بفرع الأرز. ونقلهُ إلى بابل عن يد نبوخذناصر بقصف راس خراعيب فرع الأرز المشار إليهِ ونقلهِ إلى أرض كنعان. ثم يذكر المُشبَّه بهِ ويترك المشبَّه. وكذلك في ص 24: 11 يعبّر على هذا الأسلوب عن نبوَّةٍ بأحكام الله العتيدة ان تُجرَى على أورشليم لأجل تطهيرها بإحماءِ قدرٍ من نحاس لأجل إحراق قذرها وفناء زنجارها
أما الرمز والإشارة فهو فعلٌ أو شجٌ مقصودٌ بهِ تمثيل أمرٍ كليٍّ على أسلوب مدهش ومؤَثّر. كما ورد في ص 4: 1 إلى 3 فإن اللِبنة التي رسم عليها النبيُّ أورشليم وحولها الأبراج والمترسة والجيوش والمجانق هي الشبح الرمزيّ. وتثبيت وجههِ نحوها على هيئَة محاصر هو الفعل. والرموز النبوية هي نوعان
الأول عمليٌّ وهو ما يتمُّ بإجراءِ النبي عملاً ما أمام عيون شعبهِ كما ورد في حز 37: 16 و17 حيث يقرن النبي عصوين معاً إشارةً إلى انضمام مملكتي يهوذا وإسرائيل أيضاً
الثاني نظريّ وهو ما يتمُّ بالنظر في الرؤيا فقط كمنظر الكروبيم المذكور في الاصحاحين الأول العاشر. والتنبي على العظام اليابسة ص 37: 1 إلى 10. وقياس أورشليم الجديدة مع هيكلها ص40 وما بعدهُ
وقد نجد أحياناً صعوبةً في تعيين الرموز ان كانت عمليّةً بالفعل أو نظريةً بالرؤْيا فقط كالتي توجد في حز 3: 1 إلى 3. ولكن على كل حالٍ يكون المعنى واحداً والفائدة لا تختلف
وفي تفسير هذه الرموز يجب الاعتماد أولاً على الإيضاحات التي يمكننا ان نستمدَّها من الكاتب ذاتهِ. وإن لم يكن لنا ما يكفي من هذا القبيل فينبغي تدقيق النظر وإطالة الامعان في دقائق هذه الأمور والقرائن المرتبطة معها والظروف والأحوال الحادثة فيها مع استمداد روح الله المُلهِم بكتابتها
ولنرجع الآن إلى كلامنا عن هذا السفر فنقول. ان المقصود من نبوات حزقيال كان تهذيب المأْسورين. لأن القوم الأولين الذين سُبُوا إلى بابل لمَّا لم يشاهدوا خراب أورشليم حسب نبوَّة إِرْمِيَا تأَسَّفوا على أنفسهم بخضوعهم للكلدانيين. ولذلك شرع حزقيال في نبواتهِ قاصداً بها أربعة أمور
الأول إثبات صحة ما تنبَّأَ بهِ إِرْمِيَا عن دمار أورشليم الأكيد العاجل لأجل إصرار الشعب على عبادة الأوثان وارتكاب الفواحش
الثاني توبيخ المسبيين من اليهود لأجل تذمُّرهم وإصرارهم على خطاياهم وعدم توبتهم
الثالث دعوتهم إلى التوبة وتسلية الأتقياء منهم بتحقيق رجوعهم المستقبل ونزول القضاء الإلهي على أعدائهم البغاة
الرابع البشارة بانتظام حال الكنيسة وسعادتها في أيام المسيح
وفي هذا السفر ثمانية وأربعون إصحاحاً تندرج في أربعة فصول كبار
الفصل الأول يتضمن دعوة حزقيال وإرسالهُ نبيّاً ص 1 إلى ص 2: 21
الثاني يتضمن نبوات متنوعة عن القضاء المزمع ان يحلَّ على اليهود بسبب شرورهم وانعكافهم على العبادة الصنمية ص 3: 22 إلى ص24
الثالث يخبر بأحكامٍ ثقيلة مهدّدة للطوائف المختلفة المحيطة باليهود التي كانت أعداءً لهم وجائرةً عليهم ص25 إلى ص23
الرابع يتضمن وصف رجوع اليهود المستقبل وسعادتهم الروحية ولا سيما في زمان المسيح وهلاك أعدائهم ص33 إلى ص48
ومن أشهر الأشياءِ في هذا السفر ما أُعلن لحزقيال بطريق الرؤْيا التي عرضت لهُ مراراً. ومن ذلك ثلثة أمور تشغل لا محالة قلوب كل المطالعين في هذا السفر
الأول رؤْيا قيام العظام اليابسة التي تأويلها إطلاق شعب إسرائيل. وهي توضح لنا أيضاً الواسطة الوحيدة التي بها تنتقل أنفسنا من الموت بالخطية إلى الحيوة بالبر ص37 مع اف 1: 19 الخ و2: 1. ولا يخفى أنهُ وإن يكن الله هو العامل فينا ان نريد وإن نعمل من أجل المسرَّة في 2: 13 يجب علينا ان نطلب نعمتهُ بصلواتنا الحارَّة حز 36: 26 و27 و37. وإن نتقدم إليهِ بالتوبة لأنهُ تعالى لم يستمع لشيوخ إسرائيل لأجل إصرارهم في قلوبهم على آثامهم ص 14: 1 إلى 4 ومز 66: 18
الثانية رؤْيا الأمواه المقدسة التي كانت كنايةً عن البركات الروحية التي كان الإنجيل مزمعاً ان يفيضها بالتدريج في جميع الشعوب انظر ص47 وراجعهُ مع رؤْ ص22
الثالث النبوات عن المسيح بصفة راعٍ وتلقيبهِ بداود إشارةً إلى أنهُ هو الشخص الذي بهِ تتمُّ كل مواعيد الله لهذا النبي والملك الذي كان رمزاً عنهُ ص 34: 23 و37: 24
وممَّا يستحق التأمُّل بهِ في هذا السفر. أولاً إنكار الذات الذي دُعي إليهِ هذا النبي مع أنهُ كان شهماً شهيراً بين بني جنسهِ ذا عقلٍ ثاقب ورأْيٍ صائب كما نستنتج من سفرهِ ص4 وص 24: 15 و16. ثانياً محبتهُ الحارَّة لأبناءِ وطنهِ ص 9: 8 و11: 13
وكان من جملة الخطايا التي أسخطت الله على اليهود المذكورة في هذا السفر. أولاً فجور أهل أورشليم ونفاقهم قبل دمارهم بوقتٍ وجيزٍ كما يتضح خصوصاً من.
سيرة فلطيا وإرفاقهِ وموتهِ المخيف الذي لم يُؤَثّر فيهم شيئاً ص 11: 1 إلى 13. ثانياً طغيان بيت إسرائيل لذواتهم بالإصرار على فجورهم واعتقادهم ان الله لا يراهم ص 8: 12 و9: 9. ثالثاً العصيان على الوالدين وإهانتهم والظلم وتدنيس يوم السبت ص 22: 7 و8. رابعاً عدم الانتفاع من كلام النبي ص 33: 30 إلى 32. خامساً سيرة الذين بقوا في اليهودية بعد خراب أورشليم. فإنهم عوضاً عن ان يخافوا من هذه النكبات التي اكتنفتهم ويرجعوا إلى الله استمرُّوا على خطاياهم وطمعوا ان يستغنوا بواسطة هلاك اخوتهم ص 33: 21 إلى 24. فهذا هو حال طبيعة الإنسان الفاسد كما يصفهُ روح الله القدوس لأجل إفادتنا
مراجعة شواهد من نبوة حزقيال
ص ع |
ص ع |
10: 5 مع رؤْ 4: 6 |
9: 6 مع 1 بط 4: 17 |
10: 10 مع رؤْ 4: 7 |
12: 22 إلى 27 مع 2 بط 3: 4 |
10: 13 مع رؤ 4: 5 |
18: 7 مع مت 25: 35 |
10: 27 مع رؤْ 1: 13 إلى 15 |
27: 27 مع رؤْ 18: 19 |
10: 28 مع رؤْ 4: 3 |
34: 23 مع يو 10: 11 |
10: 28 مع رؤ 10: 1 |
38: 2 مع رؤْ 20: 8 |
9: 4 مع رؤْ 7: 1 إلى 3 |
47: 1 إلى 8 مع رؤْ 22: 1 و2 |
الرابع دانيال
نُقِل إلى بابل سنة 606 ق م وبقي حيّاً إلى سنة 534 ق م ومارس وظيفتهُ النبوية بنوعٍ خصوصي في العشرين سنة الأخيرة من حياتهِ
إن دانيال (وتأويل اسمهِ الله قاضيَّ) كان نبيّاً مشهوراً من سبط يهوذا ومن المُحتمل أنهُ كان من آل داود الملك ص 1: 3 قام في بابل في مدَّة سبي
اليهود. وقد نُقل إلى هناك في حداثتهِ مع أصحابهِ الفتيان الثلثة حننيا وميشائيل وعَزَرْيا وغيرهم في السبي الأول الذي حدث في السنة الرابعة من ملك يهوياقيم سنة 606 ق م وأُدخِل هو وَرُفقاؤُهُ هؤلاء الثلثة عنوةً إلى خدمة ملك بابل وكان ذلك سبباً لتغيير اسمهِ إلى بَلْطْشاصَّر (وتأويلهُ المُنعَم عليهِ من بعل). واستعداداً للوقوف في قصر الملك تعلَّم كتابة الكلدانيين ولسانهم ص 1: 1 إلى 7
ان حزقيال الذي كان معاصراً لدانيال يتكلم عنهُ في ص 28: 3 كإنسانٍ مشهورٍ في حكمتهِ. وفي ص 14: 14 كمشهورٍ لأجل تقواه. ونعلم من سفرهِ بأنهُ كان ورِعاً دَيِّناً ذا نفسٍ راغبة إلى الله حافظاً شعائر الدين مزيَّناً بالطهارة ومشهوراً بحكمةٍ فائقة قد اختصهُ الله بها وبذلك أعدَّهُ ليكون وسيلةً لإنفاذ مقاصد عنايتهِ الإلهيَّة. ولما كان في سن الحداثة بين 15 و20 سنة أَبى ان يتنجَّس باطائب الملك ويأكل طعاماً بخلاف شريعة إلههِ. ولما صار شيخاً بسن نحو 90 سنة اختار ان يُطرَح في جب الأسود على ان يُسلّم ولو بالظاهر فقط لإنكار إيمانهِ وديانة الله الحقيقيَّة
ان هذا النبي وهو فتىً حصل على مساعدة إلهيَّة وعبَّر حلماً لنبوخذناصَّر تعبيراً مقنعاً لهُ. فنال نعمةً في عيني هذا الملك وسلطهُ على كل ولاية بابل. فكان ارتقاؤُهُ هذا نظير ارتقاءِ سالفهِ يوسف في مصر. ومع أنهُ ليس لنا أخبارٌ عن أحوالهِ وأعمالهِ في أكثر السنين الباقية من السبي من ثمَّ فصاعداً لا نشكُّ في أنه على الدوام لم يقصّر في الاهتمام بخير شعبهِ
ثم نسمع عنهُ أيضاً في آخر السنة السبعين من السبي وذلك عندما قرأَ كتابة اليد على مكُلَّس حائط قصر الملك ونادوا عليهِ أنهُ يكون متسلّطاً ثالثاً في المملكة. وبعد هذه الحادثة بقليلٍ وهو بالغٌ أكثر من 90 سنة من العمر ارتقى إلى أسمى درجة من الكرامة في ملك داريُّوس وكورش وكان ذلك بعد نجاتهِ العجيبة من أفواه الأسود
ونتعلم من ص9 من سفرهِ أنهُ كان في أواخر حياتهِ مهتمّاً جدّاً في صوالح شعبهِ
ورجوعهم من سبيهم إلى أرض آبائهم الذي كان يبان أنهُ صار ممكناً. ولمَّا فَهِم من نبوات إِرْمِيَا ان منتهى السبي قد اقترب صلَّى إلى الله القادر على كلّ شيءٍ باسم شعبهِ وسكب نفسهُ أمامهُ تعالى بتواضعٍ عميق وانكسار قلبٍ لأجل غفران خطاياهم واستمداد الرحمة الإلهية لأجلهم. فآتاهُ الله استجابةً لتوسُّلاتهِ بمواعيد تفوق جدّاً مضمون صلاتهِ وأعلن لهُ رؤَى تتضمَّن نبواتٍ تمتدُّ إلى انقضاء العالم
وقد نال هذا النبي أخيراً البهجة والسرور في ان يرى إتمام مرغوباتهِ الحارَّة في رجوع شعبهِ إلى أرضهم. نعم ان تقدمهُ في سن الشيخوخة لم يأْذَن لهُ بالرجوع مع قومهِ إلى فلسطين لكنهُ لم يفتر البتة من الاهتمامات الحارة والأشواق القلبية نحو خيرهم الأعظم
وفي السنة الثالثة من ملك كورش التي هي الأخيرة مع حيوة دانيال كما يُظَنُّ أُعلِن لهذا النبي عدة رؤَى تتضمن أخباراً مدققة عن أحوال شعبهِ إسرائيل وما سيكابدونهُ من المشقَّات إلى حين افتدائهم الحقيقي بدم الرب يسوع مقرونةً بنصائحِ وتعزيات لهُ لكي يتقدَّم بطمأنينةٍ وسلامٍ إلى مُنتهَى حياتهِ ويتوقَّع بالصبر قيامة الموتى في الأيام الأخيرة انظر ص11 وص12
ثم ان هذا السفر يُلقَّب باسم كاتبهِ دانيال انظر ص 7: 28 و8: 2 و9: 2. وهو يُقسَم طبعاً إلى قسمين أحدهما تاريخيٌّ وهو من ص1 إلى ص6. والآخر نبويٌّ وهو من ص7 إلى ص12. وكلٌّ منهما مُرتَّب بحسب الزمان. وإما موضوعهُ فليس هو الاخبار عن تواريخ اليهود في مدَّة السبي أو عن حيوة دانيال ذاتهِ بل إيضاح الوسائل العجيبة والخارقة العادة التي استخدمها الله في زمن امتحاناتٍ شديدة كانت تأُول إلى دمار هذه الأمة واضمحلالها لكي يُمِدَّ شعبهُ بالعون الإلهي والتعزية ويؤَكَّد لهم أنهُ لم يهملهم بالكليَّة ولم يزل من كثرة رحمتهِ حالاًّ في ما بينهم وإن كانوا بعيدين عن الهيكل وأرض الميعاد. وبهذه الطريقة كان يجعل زمان القصاص لشعبهِ فرصةً مناسبة لنوال البركات الإلهيَّة الغنيَّة. وإما قصدهُ تعالى في العجائب والنبوات المجيدة المذكورة في هذا السفر فهو ان يُعلِن لعالم الأمم ان
إسرائيل وإن يكن مخذولاً ومُذَلاًّ لم يزل أمَّتهُ وشعبهُ الخاصّ الداخل في عهدهِ
أما العجائب المذكورة في دانيال من ص1 إلى ص6 فهي مدهشة ومؤَثّرة جدّاً وهي تشبه في اعتباراتٍ كثيرة تلك التي جرت قديماً في مصر. فإنها كانت من جهةٍ لأجل إقناع مملكة بابل الوثنية التي حسبت أنها بقوتها انتصرت على مملكة اليهود التي قامت بعناية الله لكي تقرَّ أنهُ يوجد فرقٌ جوهريّ بين ممالك هذا العالم ومملكتهِ تعالى. ومن جهةٍ أخرى لأجل إقناع إسرائيل الصلب العنق والعادم الحس بأن قدرة الله لم تزل هي هي كما كانت قديماً قبل خروج آبائهم من أرض مصر
وأما نبوات هذا النبي فهي أغرب وأوسع من كل ما سواها لأنها تتضمن أنباءً عن أحوال العالم عموماً وعن كنيسة الله في زمان الشريعة اليهودية والمسيحية من أيامهِ إلى آخر إتمام كل الأشياءِ. وكان أعظم مقاصد الله بها تعزية الإسرائيليين وتشجيعهم وتوطيد آمالهم على النجاة من عبوديتهم ولا سيَّما ان يشرح لهم غلبة المسيح الأخيرة وملكوتهُ. وقد ظهر هذا القصد بإعلانهِ للنبي أولاً نمو قوات الأمم بأسرها إلى إتمام وتمجيد ملكوت الله في هيئة أربع قوات العالم التي كانت كل واحدةٍ منها تفوق سالفتها في القدرة. وهي البابليَّة والفارسيَّة واليونانيَّة والرومانية. ثم ظهر ملكوت الله أو الحجر الذي قُطِع من جبلٍ على هيئةٍ يدلُّ بها على أنهُ يكون غالباً ومنتصراً على الجميع وانهُ هو المملكة الوحيدة التي تكون أبديَّة وأنه سيتلألأُ في مجدهِ الفائق عند ظهور المسيح كقاضٍ وربٍّ للعالم. ولكن قبل مجيءِ المسيح كان بنو إسرائيل مزمعين ان يكابدوا امتحانات شديدة زماناً معلوماً. وهذه الامتحانات مشروحة بالتدقيق في ص8 وص11 حيث يُشار بها إلى حروب المقابيين التي كانت رمزاً عن الحروب الأخيرة والأشدّ التي ستكابدها مملكة الله على الأرض قبل ان تصير ممالك هذا العالم لربنا ومسيحهِ. ثم أُعلن لهُ أيضاً كميَّة المدَّة المُعيَّنة إلى ان يجيءَ المسيح وهي سبعون أسبوعاً من السنين انظر ص9. وانهُ في أواخر هذه المدَّة يموت (أي المسيح) لأجل التكفير عن الاثم والاتيان
بالبر الأبديّ وتُسلَّم أورشليم مع الهيكل للدمار قصاصاً لها
أما النبوة الشهيرة التي قصدنا إيضاحها الآن بالتفصيل فهي الموجودة في ص 9: 24 إلخ. ولأجل فهمها جيّداً ينبغي ان ننظر بالتدقيق إلى أمرين كبيرين
الأول السبعون أسبوعاً أو 490 يوماً ع 24. ولا ريب في ان المراد في هذه الأيام أيام نبوية أي كل يومٍ هو عوض عن سنة كما ورد في حز 4: 5 و6
الثاني تاريخ ابتداءِ هذه المدَّة وهو معيَّن في ع 25 من خروج الأمر بتجديد أورشليم وبنائها. ولأجل إيضاح ذلك نقول. أنهُ يُذكَر في الكتاب المقدَّس أمران أحدهما خرج من كورش عز 1: 1 والآخر من داريُّوس عز 6: 1 ولكن هذان إنما كانا لأجل بناء الهيكل فقط كما ترى من النظر إلى كلٍّ منهما في محلهِ. وإذ ذاك لا يمكن ان يكون الأمر المشار إليهِ هنا واحداً منهما. ثم إنهُ يُذكَر أيضاً أمرٌ آخَر الذي كان بنوعٍ خصوصيّ لأجل إقامة وتثبيت الناموس والحكومة في اليهودية عز 7: 25 وهذا بموجب رأي أشهر المفسرين هو المراد في هذه الرؤْيا. وكان خروج هذا الأمر حسب رأي أشهر المؤَرّخين نحو سنة 457 ق م وإذا أضفنا إلى هذا التاريخ 33 سنة أي المدة من ميلاد المسيح إلى موتهِ يكون المجموع 490 سنة وهو يساوي المدَّة المعيَّنة في هذه النبوة من خروج الأمر بتجديد أورشليم إلى الوقت الذي فيهِ تصنع كفَّارة الاثم ويُؤْتى بالبر الأبديّ
ثم ان السبعين أسبوعاً المشار إليها تُقسَم بعد ذلك إلى ثلاثة أقسامٍ وهي سبعة أسابيع واثنان وستون أسبوعاً وأسبوعٌ واحد. ففي مدة الأسابيع السبعة أو التسعة والأربعين سنة كان مزمعاً ان يُبنَى السوق والخليج في ضيق الأزمنة ع 25. وأن تجعل أورشليم قصبة اليهودية والبلدان المجاورة لها وتنتظم أمورها الدينيَّة والسياسية عز 7: 25 و26. وفي الاثنين والستين أسبوعاً التي تعتقب الأسابيع السبعة تستمرُّ اليهود على ما كانت استقرَّت عليهِ أحوالهم الدينية والسياسية في المدة الأولى بدون تغييرٍ جوهريٍّ بها وينتظرون فيها مجيءَ المسيح. وأما الأسبوع الأخير أو السبع السنون الباقية فكانت لأجل خدمة يوحنا المعمدان وخدمة
المسيح ذاتهِ وصلبهِ لأنهُ كان مزمعاً ان يُقطَع بعد السبعة الأسابيع والاثنين والستين أسبوعاً (أو بعد تسعة وستين أسبوعاً كنايةً عن 483 سنة) أي في الأسبوع السبعين. وعند البعض ان الأسبوع الأخير يمتدُّ إلى ما بعد صلبهِ أي إلى الوقت الذي فيهِ أُبتدِئَ ان يُبشَّر بالإنجيل للأمم أيضاً. وهذا الرأي مسندٌ عندهم على قولهِ في ع 27 وفي وسط الأسبوع يبطّل الذبيحة والتقدمة. ولكن على كل حالٍ سواءً كان ذلك عند موتهِ أم بعدهُ بوقتٍ وجيز يكون كل شيءٍ قد تمَّ في السبع سنين الأخيرة التي كان النظام الإنجيلي مزمعاً ان يدخل فيها لأجل تثبيت عهد النعمة ودعوة جماهير كثيرة من اليهود والأمم لكي يشتركوا في بركاتهِ
أن الذبيحة الشرعية انتقضت عند موتهِ وبطلت قوتها وفقدت منافعها. أما دينونة اليهود فأنبأَ عنها المسيح ذاتهُ وقرَّرها وصار الاستعداد بعد قليل لإجرائها لكنها لم تكمل تماماً إلا بعد ذلك بنحو أربعين سنة عند ما أتى الرومانيُّون ودمَّروا المدينة المقدسة والهيكل وإبادوا جمهوراً غفيراً من اليهود وشتَّتوا من بقي منهم على وجه الكرة ولم يزل كثيرٌ من نسلهم باقياً إلى يومنا هذا
وبالاختصار نقول ان دانيال تنبأَ أنهُ بعد خروج الأمر بتجديد أورشليم بمدة 490 سنة يأتي المسيح ويموت وتخرب أورشليم والهيكل وأمَّة اليهود تكابد قصاصاً مخيفاً غير محدود. والأمر معلومٌ أنهُ في آخر هذه المدة (أي 490 سنة) ظهر يسوع الناصريُّ بحسبما تنبأَ عنهُ دانيال وغيرهُ من الأنبياءِ وأُسلم إلى الموت كخاطئِ وجماهير كثيرة صاروا تلاميذهُ. والديانة المسيحية قامت في العالم وتغلَّبت. وبعد وقتٍ وجيز خربت أورشليم والهيكل. وحالة اليهود إلى هذا اليوم هي تفسيرٌ باهر وعجيب لهذه النبوة. فإذاً من يستطيع ان ينكر ان دانيال تكلم بالوحي وأن يسوع هو المسيح بالحقيقة
ويوجد في هذا السفر عدا ما تقدَّم ستة أمورٍ مشهورة وهي
الأول طرح الفتيان الثلثة في أتون النار الملتهبة وسلامتهم منهُ
الثاني جنون نبوخذناصَّر الملك لأجل تكبُّرهِ وسوقهُ إلى مرعَى العشب مع البهائِم
الثالث النبوة بقيام أربع ممالك كبيرة وسقوطها وانقسام المملكة الرابعة وهي الرومانية إلى عشر ولايات
الرابع وليمة بيلشاصَّر الواسعة ووقاحتهُ حيث تجاسر ان يشرب لأجل مديح أصنامهِ في الكاسات الذهبيَّة التي نُهِبَت من هيكل الله في أورشليم
الخامس الرؤْيا المهدّدة من الله لبيلشاصَّر بينما كان منهمكاً بسكرهِ في نصف الليل وافتتاح المدينة وقتلهُ مع أعيان دولتهِ
السادس وقوع النوامر على دانيال وبقاؤُه حيّاً في جب الأسود
وهذا السفر هو نظير بقية أسفار العهد القديم مكتوبٌ باللغة العبرانية ما خلا ص 2: 4 إلى آخر ص7 فإنهُ مكتوب باللسان الكلدانيّ الذي كان لغة دانيال الخصوصية
مراجعة شواهد من نبوة دانيال
ص ع |
ص ع |
2: 44 مع 1 كو 15: 24 |
9: 26 مع 1 بط 2: 21 |
4: 37 مع رؤْ 15: 3 |
9: 26 مع مت 24: 2 و15 |
6: 14 مع مر 6: 26 |
9: 27 مع مت 26: 28 |
6: 23 مع عب 11: 33 |
10: 11 مع رؤْ 1: 17 |
7: 10 مع رؤْ 5: 11 |
11: 35 مع 1 بط 1: 7 |
7: 10 مع رؤْ 20: 12 |
12: 1 مع لو 10: 20 |
10: 13 مع مت 24: 30 |
12: 1 مع رؤْ 13: 8 |
9: 17 مع يو 16: 24 |
12: 2 مع مت 25: 46 |
9: 24 مع عب 9: 12 |
12: 2 مع يو 5: 28 و29 |
9: 24 مع 2 كو 5: 21 |
12: 3 1 كو 15: 41 و42 |
الخامس هوشع بن بئيري وهو الأول من الأنبياء الصغار
تنبَّأَ 62 سنة من سنة 786 ق م إلى سنة 724 ق م
ان معرفتنا بأصل هذا النبي وبتاريخ حياتهِ قليلةٌ ولكن نعلم أنهُ قام بين شعب إسرائيل حين كانوا غائصين في لجَّة العبادة الصَنَميَّة. وتنبَّأَ أغلب المدَّة التي تنبَّأَ فيها إِشَعْيَاءُ في يهوذا قابل اش 1: 1 مع هو 1: 1. فإن الأمر واضحٌ ومسلَّم بهِ ان إِشَعْيَاءَ بن آموص شرع بالتنبي أما في السنة الأخيرة من ملك عزّيا أو قبل موتهِ بسنين قليلة وإن هوشع بن بئيري شرع بذلك في أواخر ملك يربَعام الثاني 2 مل 14: 23 الذي مات نحو 26 سنة قبل موت عزيَّا وبالنتيجة أنهُ دُعِي قبلهُ إلى هذه الوظيفة بنحو هذه المدَّة
وإذا فرضنا ان هوشع شرع قبل موت يربعام بسنتين وأضفنا إليهما الستَّ والعشرين سنة الباقية من ملك عزَّيا وست عشرة سنة ملك يوثام وست عشرة سنة ملك آحاز والسنتين الأولَيبَن من ملك حزقيا يكون المجموع اثنتين وستين سنةً. وهي المدة التي تنبَّأَ فيها هوشع. وهي كانت عصر ضيقة لمملكة إسرائيل لأنهُ فيها هجم الآشوريون عليهم ثلاث مرات انظر 2 مل ص15 وص17. وأيضاً قام عليهم أربعة ملوكٍ أشرار بعضهم كانوا قتلة واغتصبوا الملك لأنفسهم. وكان آخر هؤلاءِ الملوك هوشع بن رَمَلْيا الذي أخضعهُ شلمناصر ملك آشُّور ووضعهُ تحت الجزية. وإذ وجد فيهِ خيانة لأنهُ استغاث بسوا ملك مصر ولم يؤَدِّ الجزية قبض عليهِ وأوثقهُ في السجن. ثم صعد إلى السامرة وحاصرها ثلث سنين وتغلَّب عليها وسبى إسرائيل وهكذا قرض هذه المملكة 2 مل 17: 1 إلى 6. وهذا كان في السنة الخامسة لحزقيا ملك يهوذا قابل 2 مل 16: 2 مع 17: 1. ونعلم ان هذا النبي ختم مكتوباتهِ عندما كان هوشع ملك إسرائيل مستغيثاً بسوا ملك مصر وهو لم يزل تحت الجزية لملك آشُّور كما تقدم آنفاً انظر هو 12: 1. فمن مقابلة أخبار هذه الحوادث في المواضع المشار إليها نرى جليّاً ان
هذا كان في السنة الثانية للملك حزقيا وأشعياءُ باقٍ في الحيوة
ويمتاز إِشَعْيَاء عن هوشع في خدمتهِ بأنهُ كان يتكلم كثيراً عن الأمم المحيطة باليهوديَّة ولكن يتنبَّأُ بنوعٍ خصوصيّ على يهوذا. وأما هوشع فلم يتعرَّض لذكر الأمم بأمرٍ خصوصي البتة حتى أنهُ لا يتكلم عن يهوذا إلا عند الاقتضاءِ ووجود داعٍ لذلك فجميع نبواتهِ ما خلا قليلاً منها كانت عن الأسباط العَشَرة الذين يخاطبهم تارةً تحت اسم إسرائيل وطوراً تحت لقب السامرة قصبة المملكة أو افرايم الذي كان أكبر هذه الأسباط ومنهُ قام الملك الأول يربَعام
وأسلوب كتابة هذا السفر هو على سبيل الإيجاز الكليّ. وعباراتهُ مملوءَة من الحكمة وذات تأثيرٍ في قلوب الذين يقرأُونهُ ولو بطريق الاتفاق. ومما يمتاز بهِ اتصال ذكر النسبة الكائنة بين إسرائيل والله المعبَّر عنها فيهِ بعهد الزيجة. وبناءً على هذا يحسب خيانة البشر لله ولا سيَّما في عبادة الأوثان زناً روحيّاً
وكانت خطية إسرائيل الأفظع إقامة العجلين من ذهب في دان وبيت ايل قبل هذا الوقت بنحو 150 سنة التي بسببها طفح الفساد في هذه المملكة وشاع كل نوع من المعاصي بين الكهنة والشعب. فأغاظوا الله بأرجاسهم وأغاروهُ بما ليس إلهاً فحمي غضبهُ تعالى عليهم لإبادتهم. ولذلك ترى هذا النبيَّ يعبر عن ذنوبهم وهلاكهم بأقوى العبارات ويمثّل عبادتهم للأوثان بالفجور والزنا الذي يدلُّ على النكث بالعهود مع الله وزيغانهم عنه. وكان لهُ في نبواتهِ ثلثة مقاصد
الأول ان يُقنِع الإسرائيليين ويؤَكّد لهم فظاعة جهلهم بتركهم الرب إله آبائهم خالق العالم بأسرهِ وسجودهم للأصنام الجامدة التي صنعتها أيديهم. وهذا يعبّر عنهُ النبيُّ بامرأَةٍ لم تحفظ شروط الزيجة
الثاني ان ينصحهم وينذرهم بقضاءِ الله المزعج الذي تهددهم بإنزالهِ عليهم قصاصاً لخطاياهم
الثالث ان يدعو الشعب إلى التوبة للرب بمواعيد الغفران الإلهي ويهديهم إلى الطريق الذي بهِ يرجعون إلى الله الذي تمرَّدوا عليهِ. ويبين لهم بطلان
اتكالهم على الأمم والشقاوة الناتجة عن ابتعادهم من الله إلههم. وإنهم والحالة هذه كمن يزرعون الريح ويحصدون الزوبعة ص 8: 7
وفي هذا السفر أربعة عشر إصحاحاً تندرج في خمسة فصول كبار
الفصل الأول يتضمن توبيخاً شديداً على عبادة الإسرائيليين الوثنية ومواعيد بالعفو عن التائبين منهم ص1 إلى ص3
الثاني تبكيت الشعب على ارتكاب الفواحش وسفك الدماء. ويليهِ مواعيد كثيرة إنجيلية ص4 إلى ص 6: 3
الثالث النبوة على أسر الشعب لأجل كفرهم وبغيهم وعبادتهم للأوثان ص 6: 4 إلى ص8
الرابع يتضمن أخباراً هائلة عن تكرار النقم الإلهية ص9 إلى ص 13: 8
الخامس يحوي دعاءَ الخاطي إلى التوبة وتعليمهُ على أي أسلوبٍ وبأيّ طريقةٍ يرجع إلى الرب ص 13: 9 وص14
وفي الاصحاح السادس والثالث عشر والرابع عشر يدعو النبي الخطاة إلى التوبة ويذكر لهم مواعيدهُ تعالى بالعفو. وهذه الاصحاحات تستحق أشدَّ التبصر فيها فإنهُ قد قصد بها تعزيتنا
أما النبوات الأعظم والأهمُّ التي يتضمنها هذا السفر فهي. الأولى اسر الإسرائيليين وتبددهم ص 5: 5 و7 و11: 3 و6 إلى 11 و10: 5 و6 و13: 16. الثانية خلاص يهوذا من سنحاريب الذي كان رمزاً عن الخلاص العظيم بالمسيح ص 1: 7 مع 2 مل 19: 35. الثالثة خَذْلان اليهود مدةً مستطيلةً ص 3: 4. الرابعة رجوعهم في المستقبل مع الأمم إلى ملكوت المسيح ص 1: 10 و11 و3: 5 مع رو 9: 24 و26. الخامسة دعوة المسيح من مصر ص 11: 1. السادسة قيامة المسيح في اليوم الثالث ص 6: 2 مع 1 كو 15: 4. السابعة فداءُ المسيح شعبهُ أخيراً من سلطة الموت والجحيم ص 13: 14 مع 1 كو 15: 55
مراجعة شواهد من نبوة هوشع
ص ع |
ص ع |
1: 9 و10 مع رو 9: 25 و26 |
6: 6 مع مت 9: 13 |
1: 9 و10 مع 1 بط 2: 10 |
10: 8 مع لو 23: 30 |
2: 7 مع لو 15: 18 |
10: 12 و13 مع رؤْ 6: 16 |
2: 23 مع رو 9: 26 |
10: 12 و13 مع غل 6: 7 و8 |
2: 23 مع 1 بط 2: 9 و10 |
11: 1 مع مت 2: 15 |
5: 6 مع يو 7: 34 |
13: 14 مع 1 كو 15: 54 إلى 56 |
السادس يوئيل بن فثوئيل
شرع بالتنبي سنة 760 ق م كما يُظَنُّ
المشهور ان يوئيل بن فثوئيل مارس وظيفتهُ النبويَّة في عهد إِشَعْيَاء وهوشع وكان شروعهُ بها في ملك عزيَّا سنة 760 ق م ولكن لا يوجد نصٌّ على ذلك في الأسفار المقدسة ولا لنا سبيلٌ للوصول إلى ترجمتهِ وظروف خدمتهِ. ومعرفتنا عن هذا النبي تقتصر على أمورٍ قليلة نستدلُّ عليها من سفرهِ الذي هو صغير الحجم لكنهُ نفيسٌ وثمينٌ جدّاً. فإنهُ يظهر منهُ ان مؤَلِّفهُ كان من سكان يهوذا وعاش في الوقت الذي كان فيهِ الهيكل لم يزل قائماً وعبادة الله تُمارَس فيهِ بحسب العادة ص 1: 14 و2: 1 و15 و32 و3: 1. وكانت جميع نبواتهِ متجهة نحو هذه المملكة فكما كان هوشع نبيَّ إسرائيل الخصوصي هكذا كان يوئيل نبيَّ يهوذا. وكان الداعي إلى قيامهِ ضربة الجراد المخيفة التي يفتتح سفرهُ بها والقحط والضيقة المحزنة التي اعتقبتهُ. (والبعض يظنون ان وصف الجراد المذكور هنا يُشار بهِ أيضاً إلى الكلدانيين والفرس واليونانيين والرومانيين) ولذلك كان لهُ في هذه النبوة ثلثة مقاصد
الأول وعظ اليهود بالتوبة وتهديدهم بقحط وضرباتٍ مخيفة أيضاً ص 1: 15. وهو يصفها بالإطالة في ص 2: 1 إلى 27
الثاني تعليمهم كيف ينبغي لهم ان يرجعوا إلى الرب متذلّلين أمامهُ بالصوم والصلوة ويطلبونهُ من قلوبهم
الثالث تأكيد المغفرة الإلهيَّة لهم عند توبتهم وتحقيق السعادة الروحيَّة في زمن الإنجيل
وهذه النبوة منظومة شعراً وأسلوب كتابتها بليغ إلى الغاية. ومنهُ استدلَّ البعض على أقدميَّة هذا النبي على إِشَعْيَاء وهوشع وعدُّوهُ أوَّل الأنبياءِ الذين كتبوا هذه الأسفار مسندين هذا الرأي على ان بلاغة هذا السفر تدلُّ على ان مؤَلّفهُ عاش في الأزمنة القريبة من عصر يهوشافاط وأسلافهِ الذي امتدت فيهِ العلوم والمعارف بنوعٍ خصوصي
وفي هذا السفر ثلاثة اصحاحات يجب اعتبارها أنها ثلاثة فصول
والمشهور في هذه النبوة الوعد بفيض الروح القدس. وقد تمَّ ذلك في يوم البِنديكُستي قابل ص 2: 28 اله مع اع 2: 16 إلى 21
مراجعة شواهد من نبوة يوئيل
ص ع |
ص ع |
2: 28 و29 مع اع 2: 16 إلى 21 |
3: 17 مع رؤْ 21: 27 |
2: 32 مع رو 10: 13 |
3: 18 مع رؤْ 22: 1 |
السابع عاموس
شرع بالتنبي سنة 787 ق م
ان المعروف من خبر عاموس النبي قليل غير ان المعلوم عنهُ أنهُ دُعِي من الروح القدس إلى وظيفة النبوة من وظيفة رعي المواشي في تقوع وهي قريةٌ
من يهوذا واقعة في الجنوب من أورشليم على بعد اثني عشر ميلاً منها على حدود برية اليهودية 2 أي 20: 20. وبالنتيجة كان هذا النبيُّ من سبط يهوذا ولكن كانت خدمتهُ بين العشرة الأسباط في بيت ايل. وهو يذكر سبب إرسالهِ إلى هناك في ص 7: 12 إلى 15 حيث يصف ذاتهُ أيضاً بأنهُ راعٍ وجاني جُمَّيز
ونعلم أيضاً من ص 1: 1 و7: 10 أنهُ قام في أيام عزيَّا ملك يهوذا ويربعام الثاني ابن يوآش ملك إسرائيل وبالنتيجة كان معاصراً ليونان ويوئيل وهوشع واشعيا. وأشهر آراء العلماء الراسخين أنهُ مارس هذه الوظيفة زماناً أقصر من زمان هوشع. ويؤَرخون قيامهُ سنة 787 ق م فإذاً يكون قد شرع بالتنبي قبل إِشَعْيَاء بنحو 28 سنة
ان عاموس ما تربَّى في مدارس الأنبياء بل دُعِي من وراءِ الضان ص 7: 14 و15 لكن الذي كان يختار خُدَّامهُ من خيام الرعاة أو من قصور الملك أهَّلهُ للواجبات التي دعاهُ إليها 1 كو 1: 27 و29. ويتأكَّد لنا استعدادهُ لهذه الوظيفة من مضامين سفرهِ فإن الأنبياءَ الآخرين لم يصفوا العظمة الإلهية باحترامٍ وإجلالٍ أكثر منهُ. ولا وبخوا الظالمين والمتمردين ولاموا المتمرغين في ملذات هذا العالم بعنفٍ وغيرة أشد من غيرتهِ
أما أسلوب كتابة سفر عاموس فهو غير فصيح لغةً كسفر يوئيل لكنهُ يلذُّ القارئَ جدّاً ببساطتهِ وطلاوتهِ. وهو مشحونٌ بالتشخيصات المأخوذة من أشغال الفلاحين وسكان القرى والبعض منها غريبة ومدهشة جدّاً انظر ص 2: 13 و3: 12 و5: 19 و6: 12 و8: 1 و2 و9: 9
ان عاموس كان معاصراً لهوشع ومماثلاً لهُ أيضاً في توجيه نبواتهِ خصوصاً نحو إسرائيل لكنهُ يتنبأُ أيضاً على يهوذا ويتهدَّد الأمم المحيطة بأرض كنعان كالآراميين والفلسطينيين والصوريين والأدوميين والعمونيين والموآبيين. وهو ينبئُ بصريح الكلام بأسر الأسباط العشرة والبلايا المرّة التي تصحب ذلك ص 8: 8 إلى 14. ويختم كلامهُ بوعد الله الأكيد بأنهُ لا يبيد بيت يعقوب بالكلية
بل بعد ان يغربلهم ويصفيهم بين الأمم يُرفّعهم إلى حالةٍ أسمى وأسعد من حالتهم الأولى وذلك بإدخالهم في ملكوت المسيح قابل ص 9: 18 الخ مع اع 15: 16 و17
وفي هذا السفر تسعة اصحاحات تندرج في ثلثة فصول كبار
الفصل الأول يتضمن التهديد بنزول القضاءِ الإلهي على الآراميين والصوريين والأدوميين والعمونيين والموآبيين والإسرائيليين وغيرهم ص1 وص 2: 3
الثاني يذكر تهديدات الله على اليهود لإصرارهم على شرورهم والنصيحة لهم بالرجوع إلى الرب بخلوص النية وصدق التوبة ص 2: 4 إلى ص 9: 10
الثالث يشتمل على مواعيد إنجيلية للأتقياء تعزيةً لهم ص 9 من ع 11 إلخ
مراجعة شواهد من نبوة عاموس
ص ع |
ص ع |
2: 8 مع 1 كو 8: 10 |
5: 25 إلى 27 مع اع 7: 42 و43 |
3: 7 مع يو 15: 15 |
9: 11 مع اع 15: 15 إلى 17 |
الثامن عُوْبَدْيا
قام سنة 587 ق م على ما يُظَنُّ
إن العلماءَ لم تتفق على زمان عُوْبَدْيا الذي هو الرابع من الأنبياء الصغار. فذهب بعضهم إلى أنهُ هو الرجل الفاضل الذي كان وكيلاً على بيت الملك اخآب الذي أنقذ مائة نبي عندما قطعت ايزابل أنبياءَ الرب إذ خبَّأَهم في مغارتين وعالهم بالطعام 1 مل 18: 3 إلى 10. وذهب آخرون إلى أنهُ كان رجلاً آخر قام في أيام يربعام الثاني. واستدلَّ البعض على قدميَّتهِ بهذا المقدار من اتفاق سفرهِ في أمورٍ كثيرة مع سفر إِرْمِيَا انظر ار 49: 7 إلى 17 إذ يعتقدون
ان إِرْمِيَا اقتبس هذه الأمور من نبوتهِ كما اقتبس كثيراً من نبوات إِشَعْيَاء الأولى قابل اش ص15 وص16 مع ار ص48. وذهب غيرهم إلى أنهُ قام على أثر خراب أورشليم بيد نباخذ ناصَّر وكان معاصراً لارميا وحزقيال اللذين نطقا نظيرهُ بالنبوات المخيفة على دمار الأدوميين. والمُرَجَّح عندنا هو الرأي الأخير ولكن لا يمكننا الحكم لأحد هذه الآراء بأنهُ هو الصواب إذ ليس عندنا نصٌّ إلهي على ذلك
ان موضوع هذا السفر القصير الانباءُ بانتقام الله الرهيب من الأدوميين نسل عيسو وإبادتهم بالكليَّة وذلك لأجل كبريائهم وافتخارهم بحكمتهم وتوهّمهم بأنهم مامونون لأجل سكنهم في محاجئ الصخور وأيضاً لأجل إساءَتهم إلى اليهود بعد خراب مدينتهم أورشليم وشماتتهم بهم مع أنهم أولاد عمهم يعقوب. فمن قضاءِ الله المخيف عليهم نتعلم شدَّة كراهتهِ تعالى لأخلاقٍ سمجة نظير هذه. وما أحسن قول بعض الفضلاءِ ان الذي لا يهمُّهُ هلاك أخيهِ هو خطرٍ عظيم من الهلاك. فكم بالحري الذي يفرح ويشمت بهلاكهِ. وهذه النبوة بموجب رأي البعض تمت بعد ان نطق بها أي بعد خراب أورشليم بنحو خمس سنين
ان الأدوميين نظراً إلى اشتهارهم في عداوتهم لشعب الله انظر حز 25: 12 و35: 5 إلى 15 ويؤ 3: 19 وعا 1: 11 كانوا رمزاً على أعداءِ صهيون في كلّ جيلٍ وغلبة إسرائيل عليهم بالموعود بها كانت رمزاً على غلبة الكنيسة العموميَّة على جميع أعدائها المحفوظة للأيام الأخيرة
وهذا السفر يتضمَّن واحداً وعشرين عدداً تندرج في فصلين
الأول تهددات على الادوميين لأجل تكبُّرهم على اليهود وظلمهم إياهم ﻋ1 إلى ﻋ16
الثاني مواعيد إنجيليَّة لأجل سلوان الأتقياء وتعزيتهم ﻋ17 إلى ﻋ21
والمشهور في هذا السفر تأكيد النبي ان الله وإن أدَّب شعبهُ لا يلاشيهم. وإن الفادي العظيم الذي كلُّ المنقذين في العهد القديم كانوا رمزاً عنهُ سيغلب على كل أعدائهِ
مراجعة شواهد من نبوة عُوْبَدْيا
ص ع |
ص ع |
3 مع رؤْ 18: 7 |
21 مع رؤْ 11: 15 |
21 مع لو 1: 33 |
21 مع رؤْ 19: 6 |
التاسع يونان بن أَمِتَّاي
قام بين 865 و820 ق م
نتعلم من 2 مل 14: 25 ان يونان كان يتنبَّأَ في ملك يربعام الثاني ابن يوآش ملك إسرائيل الذي قام سنة 825 ق م عندما كان عاموس مزهراً في خدمتهِ. ورأى البعض أنهُ كان قد شرع بذلك قبل ذاك الوقت في ملك يهوآحاز عندما كان حزائيل يتمم نبوات اليشع بقساوتهِ على إسرائيل 2 مل 8: 12 و10: 33 و13: 22. ولا نعلم عن تاريخ حيوة هذا النبي أكثر مما يُذكَر في سفرهِ إلا أنهُ كان من جت حافر 2 مل 14: 25 وهي قَريةٌ في سبط زبولون في شمالي الأرض المقدسة يش 19: 13. وسفرهُ يمتاز بأمرين وهما
الأول انهُ وإن كان التاسع في العدد بين أسفار الأنبياءِ محسوبٌ عند الجمهور الأول بالنظر إلى الزمان الذي كُتِب فيهِ. الثاني أنهُ يخبرنا عن يونان الذي كان نبيّاً للأمم. وموضوعهُ رسالة هذا النبي إلى نِيْنَوَى كرسي سلطنة الآشوريين التي كانت حينئذٍ مشهورة في عظمتها وفسادها معاً ونجاحهُ في خدمتهِ بين شعوبها. وبما أنها كانت في ذاك الوقت أكبر من بابل كثيراً يمكننا الاعتقاد بأنها كانت قصبة عالم الأمم
والقصد بأخبار هذا السفر ان يجعل أهل نِيْنَوَى مثالاً لنا لنرى كيف ان الله يطيل حلمهُ وصبرهُ على الخطاة ويصفح عنهم إذا تابوا إليهِ توبةً صادقة. والمُعتَقد عند الجميع ان كاتب هذا السفر هو يونان ذاتهُ. وبما أنهُ يذكر فيهِ عصيانهُ المعيب على الله تعالى نستدلُّ من ذلك على أمانة كَتَبة الأسفار الإلهية
الأمر الذي يبرهن لنا صدق ادّعائهم بالوحي
وفي هذا السفر أربعة اصحاحات تندرج في فصلين
الأول يتضمن عصيان يونان في إرسالهِ الأول وقصاص الله لهُ ص1 وص2
الثاني نجاحهُ في إرسالهِ الثاني وسخطهُ ص3 إلى ص4
ومع صغر هذا السفر يوجد فيهِ بعض أمورٍ شهيرة
الأول مخالفة يونان أمر الله مخافة ان يُحسَب نبيَّ زورٍ إذا تاب أهل نِيْنَوَى وصفح الله عن المدينة
الثاني طرح يونان في البحر وابتلاع الحوت إياهُ بإرادة الرب
الثالث نجاتهُ من بطن الحوت عند ندامتهِ
الرابع النتائج المفيدة من خدمة يونان بين أهل نينوى
ولا ريب ان خلاص هذا النبي من سجنهِ في بطن الحوت كان رمزاً على قيامة مخلصنا من بين الأموات كما فسر ذلك لهُ المجد في مت 12: 39 و40. وهكذا نرى في أول أسفار الأنبياء وأقدمها أن أول حادثةٍ تُذكر فيها هي رمزٌ على موت المسيح وقيامتهِ اللذين هما أساس الديانة المسيحيَّة وجوهرها. وأما اعتراض البعض على ابتلاع الحوت ليونان بأن ذلك من المحال فلا يُعتَدُّ بهِ إذ أنهم نسوا جبروت الرب خالق الجميع وإله يونان الذي خلق حيتاناً متنوعة هائلة الجثث قد يُصطاد منها في هذا العصر وفي بطونها أجساد أناس بملابسهم. وقد أُعتبر إرسال هذا النبي إلى نِيْنَوَى قصبة الأمم رمزاً عن دعوتهم في المستقبل إلى ملكوت المسيح
مراجعة شواهد من نبوة يونان
ص ع |
ص ع |
1: 17 مع مت 12: 39 و40 |
3: 5 مع مت 12: 41 |
1: 17 مع لو 11: 29 و30 |
3: 5 مع لو 11: 32 |
2: 9 مع عب 13: 15 |
|
العاشر ميخا المورشتي
قام سنة 758 ق م وتنبَّأَ نحو 60 سنة
قيل ان ميخا يُدعَى المورشتي نسبةً إلى مورشة أرض ميلادهِ وهي قريةٌ في سبط يهوذا إلى الجنوب الغربيّ من أورشليم قرب تخم الفلسطينيين وهو يدعوها في سفرهِ ص 1: 14 مورشة جتَّ وفي ع 15 مربشة انظر يش 15: 44. وقد ذُكِر في 2 أي 11: 8 أنها كانت من جملة المدن التي حصنها رحبعام. وفي 2 أي 14: 9 إلى 13 ان آسا ملك يهوذا انتصر على زارح الكوشي الذي خرج إليهِ بجيش غفير في وادي صفاتة التي هي بالقرب منها. وبالنتيجة ان هذا النبي كان من يهوذا كما يُؤَيّد ذلك قولهُ في ص 1: 9
أما ملوك يهوذا الذين تنبأَ في أيامهم فهم يوثام وآحاز وحزقيا المعاصرون لفقح وهوشع ملكي إسرائيل الأخيرين ص 1: 1 وار 26: 18. وعند الأكثرين أنهُ شرع في التنبي في أول ملك يوثام واستمرَّ على ذلك إلى نهاية ملك حزقيا أي من سنة 758 ق م إلى سنة 698 ق م. وبالنتيجة أنهُ قام بعد إِشَعْيَاءَ بزمانٍ وجيز وكان معاصراً لهُ في أكثر مدَّة خدمتهِ. وكان هذا النبي يؤكّد نبوات إِشَعْيَاء على يهوذا وإسرائيل جميعاً الذين دعاهم إلى التوبة. وعبارات كثيرة في سفريهما متطابقة تماماً قابل اش 2: 2 إلى 4 مع مي 4: 1 إلى 3 واش 41: 15 مع مي 4: 3. ويتفق هذان النبيَّان كثيراً في طريقة التعبير عن حالة الشعب الأدبيَّة وخصوصاً في كيفية مزج التوبيخ العنيف للشعب على خطاياهم والتهديدات المريعة مع المواعيد المجيدة المختصة بالمسيح وملكوتهِ كما هو دأْب أنبياءِ الله
ان روح المحبة الذي امتاز بهِ كَتَبَة الأسفار المقدسة يظهر جليّاً من شدَّة حزن هذا النبي بسبب البلايا التي تنبَّأَ عنها بأنها تكتنف أمَّتهُ ص 1: 8 ومن تلطيف التهديدات التي نطق بها بمزجها مع مواعيد الرحمة ص 7: 18
ان أمانة هذا النبي وجراءتهُ كانت سبباً لوقاية إِرْمِيَا الذي عاش بعدهُ بنحو
جيلٍ قابل ار 26: 18 و19 مع مي 3: 12
أما أسلوب كتابة هذا السفر فهو ممزوجٌ بالحماسة والبلاغة الكليَّة. وموضوعهُ الخصوصي خطايا يهوذا وإسرائيل معاً وأحكام الله العادلة العتيدة ان تُجرَى عليهم وخراب السامرة وأورشليم. والمُرَجَّح عند الأكثرين ان هذا السفر يتضمن خلاصة نبوات هذا النبي التي خاطب بها سكان يهوذا بنوعٍ خصوصي
وهذا السفر يُعتبَر دائماً أنهُ أهمُّ نبوةٍ في العهد القديم ونبواتهُ أوضح ما يكون في شأْن مولد المسيح وناسوتهِ وبركات ملكوتهِ على الرض
وفي هذا السفر سبعة اصحاحات تندرج في ثلثة فصولٍ كبار
الفصل الأول يتضمَّن نبوات متنوعة في ملك يوثام ص1
الفصل الثاني يتضمَّن نبواتٍ في ملك آحاز ص2 إلى ص4
الفصل الثالث يتضمَّن نبواتٍ في ملك حزقيا ص5 إلى ص7
وقد أنبأَ هذا النبي بصريح الكلام. أولاً عن غلبة شلمناصر ملك آشُّور على السامرة انظر ص 1: 5 إلى 7 مع 2 مل 17: 4 و6. ثانياً عن غلبة سنحاريب على يهوذا ص 1: 9 إلى 16 مع 2 مل 18: 13. ثالثاً عن توقيف النبوة ص 3: 6 و7. رابعاً عن دمار أورشليم بالكلية الذي تمَّ عن يد وسبسيان الرومانيّ ص 3: 12
ولأجل تشجيع الأتقياءِ وتعزيتهم تنبأَ أيضاً. أولاً عن دمار اشُّور التي كانت رمزاً عن أعداءِ الكنيسة المسيحيَّة ص 7: 8 و10. ثانياً عن امتداد ملكوت المسيح من جبل صهيون وعن أثمارهِ النافعة ص 4: 1 إلى 8 مع اش 2: 2 إلى 4. ثالثاً عن المكان الذي يولَد فيهِ المسيح وعن طبيعتهِ الإلهية بقولهِ ان خروجهُ يكون منذ القديم منذ أيام الأزل ص 5: 2 مع مت 2: 6 ويو 7: 42. رابعاً عن انتصار ملكوتهِ وغلبتهِ على كل الأمم قابل ص 4: 2 إلى 7 مع لو 1: 23. وص 5: 5 مع اف 2: 14. وص 7: 18 و20 مع لو 1: 72 و73. فكل هذه النبوات كانت لأجل تعجيل المسرَّة بمراحم الله المجيدة المزمعة ان تُمنَح للعالم
ببشارة الإنجيل
مراجعة شواهد من نبوة ميخا
ص ع |
ص ع |
2: 3 مع اف 5: 16 |
5: 2 مع مت 2: 6 |
2: 10 مع عب 13: 13 و14 |
5: 2 مع يو 1: 1 |
3: 5 مع مت 7: 15 |
5: 2 مع مت 7: 42 |
4: 7 مع لو 1: 33 |
7: 6 مع مت 10: 21 و35 و36 |
4: 7 مع رؤْ 11: 15 |
7: 20 مع لو 1: 72 و73 |
الحادي عشر ناحوم الالقوشي
قام سنة 713 ق م
ليس لنا معرفة عن شخص هذا النبي سوى أنهُ ينسب ذاتهُ في ديباجة سفرهِ إلى القوش وهي كما يُظَنُّ قريةٌ في الجليل. وزعم البعض أنها هي القوش الموجودة الآن على شاطي الدجلة الشرقي على بعد أميالٍ قليلة من موقع نِيْنَوَى ولكن هذا الزعم ليس لهُ أساس
ان ناحوم كان يتنبَّأُ على نِيْنَوَى قصبة مملكة آشُّور كما يتضح لك من هذا السفر كلهِ. وكانت هذه المدينة حينئذٍ في عنفوان قوتها ص 1: 12 و2: 8 و9. وكانت أيضاً قد ضايقت الأمم واهتمت في الغلبة على يهوذا ص 1: 9 و11 و3: 1 و4. ويبان من ص 1: 12 و13 أنها تغلبت عليهم بعد حين ووضعت نيرها على رقابهم. وكل هذه الملاحظات تدلُّ على ان هذا النبي كتب سفرهُ في عهد حزقيا ملك يهوذا واشعياءَ النبي. غير أنهُ يوجد آراءٌ كثيرة من جهة الزمان الذي قام فيهِ وأرجحها أنهُ قام بين سبي إسرائيل إلى آشور بيد شلمناصر وصعود سنحاريب إلى أورشليم بعد ان صنع في مصر الحرب التي يذكرها المؤَرّخ بِروسوس قابل
اش 20: 6 مع نا 3: 8. وأما هذه المدة فكانت عصر ضيقة وارتباك لبني يهوذا لأن حلول القضاءِ الإلهي على السامرة كان مرهباً لهم. وسنحاريب كان قد أخذ جانباً من مدتهم ولم يقتنع بهِ فاضطرَّ ملكهم حزقيَّا ان يفرغ خزائنهُ وخزائن بيت الرب وينزع الذهب عن أبواب الهيكل ويدفعها إلى سنحاريب لأجل إخماد غضبهِ وكلُّ ذلك لم يجدِ نفعاً 2 مل 18: 16 و17. فأقام الله ناحوم (وتأويل اسمهِ المعزّي) لكي يعزّي يهوذا وينبئَهم بهلاك المفتكر على الرب شرَّا ص 1: 11 الخ
أما هذا السفر فهو بالعبرانيَّة قصيدة واحدة لكنها قُسِمَت إلى ثلثة اصحاحات. وهي مفتتحة بوصفٍ سامٍ لعدل الله وقدرتهِ مع طول أناتهِ ص 1: 1 إلى 8. وهي مشحونة بالفوائد والتمثيلات المتنوعة وأسلوب كتابتها يجري بغاية الحماسة. وكان القصد بها أمرين
الأول تعزية عباد الله بمواعيد إنجيليَّة مختلفة ص1
الثاني إشهار الدمار الذي كان مزمعاً ان يصيب مدينة نِيْنَوَى العظمى لأجل رجوع أهلها إلى طغيانهم القديم بعد إرسال يونان إليها ص2 وص3
وممَّا ينبئُ بهِ أيضاً هذا النبي ملاشاة قوة سنحاريب وانقلاب مملكة آشُّور معاً ص 1: 9 إلى 12. وخلاص حزقيا وموت سنحاريب ص 1: 13 إلى 15. أما خراب نِيْنَوَى فيصفهُ بغاية التدقيق ويعبّر عنهُ بأسلوبٍ جليٍّ جدّاً وبكلامٍ مخيف إلى الغاية ص2 وص3. ونتعلم من التواريخ ان هذه النبوة كملت تماماً بعد مدةٍ تنوف عن مائَة سنة وذلك في عهد نبوخذناصر الأول ملك الكلدانيين في نحو سنة 623 ق م. ومن خراب هذه المدينة العظيمة نتعلم ان الازدراءَ بنصائح الله يجلب الخطر المهلك
وهذا السفر يُفهَم أكثر إذا قُرِئَ مع سفر يونان إذ يُحسَب ضميمةً لهُ لأن النبوات في كليهما على نينوى. فهما معاً كجزءَي تاريخٍ أدبيٍّ. فإن أولهما يخبر عن عفو الله عن نِيْنَوَى من حلول أحكامهِ عليها وثانيهما يتضمن خبر إجراءِ هذه الأحكام في أوانها
مراجعة شواهد من نبوة ناحوم
ص ع |
ص ع |
1: 15 مع رو 10: 15 |
3: 4 مع رؤْ 18: 2 و3 |
الثاني عشر حَبَقُّوق
قام في نحو سنة 610 ق م. وتنبَّأَ سنين وجيزة
ليس لنا أخبارٌ في الأسفار الإلهية عن شخص هذا النبي. ولكن بما ان موضوع سفرهِ غلبة الكلدانيين على يهوذا والظاهر من ص 1: 5 و6 أنهُ كُتِب في زمانٍ وجيزٍ قبل هجومات الكلدانيين على هذه المملكة التي ابتدأَت في نحو سنة 607 ق م 2 مل 24: 1 وانتهت بخراب أورشليم وسبي الشعب الأخير إلى بابل نستنتج أنهُ بالضرورة قام في نحو سنة 610 ق م في عصر إِرْمِيَا النبي وذلك في ابتداءِ ملك يهوياقيم
إن الأمم الذين بنوعٍ خصوصي ضايقوا شعب الله هم الأدوميون والآشُّوريون والكلدانيون. فلأجل ذلك أقام الله ثلاثة أنبياءَ يقصد ان يتنبأُوا على دمار هذه الأمم خصوصاً وهم عُوْبَدْيا وهو تنبأَ على الأدوميين الذين أساءُوا إلى يهوذا وناحوم على الآشوريين الذين سبوا الأسباط العشرة وحبقُّوق على الكلدانيين الذين سبوا بقية الأسباط أي يهوذا وبنيامين
ان روح الصلوة والثقة بالله ينفح من هذا السفر على أسلوب مدهش. وهو يعبّر عن غيظ النبي من آثام بني شعبهِ والابتهال الحارّ إلى الله لأجل خيرهم. ويُختَم بصلوة متضمنة وصف عجائب الله التي صنعها لإسرائيل في الأيام السالفة. وكان القصد بها تشديد الأتقياء من اليهود بالثقة الوطيدة بالله جلَّ شأنهُ في وسط النكبات التي كانت ستكتنفهم أي خراب أورشليم وسبيهم إلى بابل. وأما سمو شان هذا النبي الذي يظهر في مكتوباتهِ والجراءَة التي يبديها نظير ناحوم الذي تقدم الكلام عليهِ فلم يسبق إلى أكثر منهما أحدٌ من الأنبياءِ
وفي هذا السفر ثلاثة اصحاحاتٍ تندرج في ثلاثة فصول
الأول يتضمن نبواتٍ بالمصائب المزمعة ان تكتنف اليهود لأجل شرورهم من الكلدانيين الأمة القاهرة العنيفة ص1
الثاني يتضمن نبواتٍ عن انقلاب الكلدانيين وإبادتهم لأجل كبريائهم وظلمهم ومعبوداتهم ص2
الثالث يتضمن صلوةً لهذا النبي منظومة قصيدةً للترنُّم بها وهي من أنفس الترنيمات. وفيها يحرّض هذا النبي اليهود الأتقياء بألطف العبارات لكي يستمرُّوا متَّكلين على إله خلاصهم. ويُظهِر قوة إيمانهِ وثقتهِ بالله على أسلوبٍ عجيب ص3
ويوجد في هذا السفر أجمل تعبير عن المبدإِ الجوهري الذي يتصف بهِ عبيد الله بالحقيقة في كل جيلٍ وهو الحيوة في الإيمان بالرب ص 3: 3 و4. (وهذه الآية مراجعة ثلاث مرات في العهد الجديد كما سترى في مراجعة الشواهد انظر أيضاً غل 2: 20 وعب ص11) وهذا المبدأُ يتكفل بمساعدتنا على التعزية والراحة في وقت الضيقة رو 5: 1 إلى 3
مراجعة شواهد من نبوة حَبَقُّوق
ص ع |
ص ع |
1: 5 مع اع 13: 41 |
2: 4 مع غل 3: 11 |
2: 4 مع رو 1: 17 |
2: 4 مع عب 10: 37 و38 |
الثالث عشر صَفَنْيَا بن كوشي
قام في ابتداءِ ملك يوشيا سنة 630 ق م
ان صفنيا هو التاسع في العدد من الأنبياءِ الصغار وتاريخ حياتهِ مجهولٌ عندنا. ولكن نتعلم من فاتحة سفرهِ أنهُ قام في أيام يوشيا ملك يهوذا وأنهُ كان ابن كوشي بن جدليا بن أَمَرْيا بن حزقيا. وبما انهُ ليس من عادة الأنبياءِ ان
يذكروا نَسَبهم بالتدقيق استنتج البعض ان حزقيا الذي تنتهي بهِ هذه السلسلة هو ملك يهوذا المشهور وإن سبب ذكر جدول نسب هذا النبي هو شرف أصلهِ. ولكن لا يمكن الحكم الجازم بهذا
والظاهر من ص 1: 4 و5 أنهُ قام في ابتداءِ ملك يوشيا قبل الاصلاحات التي أجراها هذا الملك المذكورة في 2 أي 34: 3. ولا ريب في أنهُ كان مُعِيناً لهُ على إرجاع الشعب إلى الحق واقتيادهم إلى الطاعة لله. وبناءً على ذلك يمكننا ان نعين وقت قيامهِ في نحو سنة 630 ق م
والأمر واضح ان صَفَنْيا كان معاصراً لارميا في أوائل مدة خدمتهِ. وهو يتَّفق معهُ في أسلوب كتابتهِ وقصدهِ بالنبوة وفي إعلان قرب وسرعة مجيءِ ذلك اليوم العظيم يوم الضيق والشدة والدمار والظلام أي يوم سبي يهوذا بيد الكلدانيين ص 1: 15 الخ. وهو يوبخ بصرامةٍ أبناءَ وطنهِ الشعب والرؤساءَ والكهنة والأنبياءَ على خطاياهم ويتهددهم بقصاص الله العادل. ويختم كلامهُ بمواعيد مبهجة لشعب الله ببركات إنجيلية وبتطهيرهم وارتقائهم في الأيام الأخيرة. وأما قصدهُ بنبوَّتهِ فكان ثلثة أمورٍ
الأول التهديد بأحكام الله المريعة على اليهود والملل المجاورة لهم لأجل خطاياهم
الثاني دعاؤُهم إلى التوبة
الثالث تعزية الأتقياء بمواعيد إنجيلية
وفي هذا السفر ثلثة اصحاحات تحيط بأربعة فصول
الأول تهديد اليهود بقرب مجيءِ ذلك اليوم المخيف وبتبديدهم من أجل شرورهم وعبادتهم الصنَميَّة ص1
الثاني يتضمن دعاءَ إلى التوبة ص 3: 1 إلى 3
الثالث تهديد الفلسطينيين والموآبيين والعمونيين والكوشيين الذين ساعدوا في مضايقة شعب الله أو شمتوا ببلاياهم. والأنباءُ بدمارهم ص 2: 4 الخ
الرابع نبوات بخلاص شعب الله وسعادتهم الأخيرة تحت حكم المسيح ص3
وهذا النبي يصف خراب نِيْنَوَى الذي تمَّ بالتدقيق على أسلوب عجيب ص 2: 13 الخ (قابل أيضاً ص 3: 10 مع اع 8: 27)
مراجعة شواهد من نبوة صفنيا
ص ع |
ص ع |
1: 7 و8 مع رؤْ 19: 17 إلى 19 |
3: 12 مع يع 2: 5 |
1: 11 مع يع 5: 1 |
3: 16 مع عب 12: 12 |
2: 11 مع يو 4: 21 |
|
الرابع عشر حجي
قام سنة 520 ق م
ان الأنبياءَ الآتي ذكرهم وهم حجي وزكريا وملاخي قاموا بعد رجوع اليهود من سبي بابل. ونبواتهم تنطوي على أمرين عظيمين. الأول تجديد الهيكل وإعادة نظام أمة اليهود وتقرير شرائعهم الخصوصية. والثاني البشارة بمجيءِ المسيح القريب والحصول على البركات الإنجيلية الموعود بها
ان حجي هو الأول من هؤلاءِ الأنبياءِ الثلاثة وقيل ان مولدهُ كان في بابل وأنهُ صعد إلى يهوذا مع زرُبَّابل في الرجوع الأول سنة 536 عز 3: 1 الخ. وهو قام نبيّاً في السنة الثانية لداريوس هستاسب نحو سنة 520 ق م قبل زَكَرْيا معاصرهِ بشهرين كما ترى من مقابلة عنواني سفريهما
أما الأمور الموجودة في سفر حجي فقد أُوحي إليهِ بها في مدة أربعة أشهرٍ كما يتضح من مقابلة ص 1: 1 و2: 1 و18. وجميعها كانت بخصوص العمل في بناءِ بيت الرب الذي كان قد توقَّف مدة أربع عشرة سنة بأمر الملك أَحَشْوِيروش بسبب نميمة أعداءِ اليهود كالسَمَرة وغيرهم كما نتعلم من عزرا ص4. وكان بعد زوال هذه
الموانع ان اليهود فتروا وظنوا ان وقت اتمام الهيكل لم يحضر بعدُ. فانهمكوا ببناءِ بيوتهم وتزيينها واهملوا هذا العمل العظيم بالكلية. فأقام الله النبيين حجي وزكريا لكي يوبخاهم ويحثاهم على ذلك عز 5: 1 و2. فنهض زربَّابل والي يهوذا ويشوع الكاهن ومعهما أنبياءُ الله وشرعا في البنيان عز 5: 2. والمعلوم أنهم نجحوا في ذلك لأنهم حصلوا على أمرٍ من داريوس وتمموا العمل في سنواتٍ قليلة عز ص6
وفي هذا السفر اصحاحان ينعقد منهما فصلان
الفصل الأول يذكر توقُّف اليهود وتركهم بناءَ الهيكل ثم انهاضهم لذلك بتحقيق العون الإلهي ص1
الثاني يتضمن تشجيع حجي الشعب على العمل بتحقيق مواعيد الرب لهم التي بخصوص مجيءِ المسيح ص2
وأشهر النبوات المختصة بالمسيح وملكوتهِ في هذا السفر هي
أولاً النبوة عن الهيكل الثاني أنهُ وإن يكن أحقر من الأول كثيراً من جهة بنيانهِ سيفوقهُ جدّاً من جهة مجدهِ ص 2: 7 إلى 9. وهذا قد تمَّ بتشريفهِ من مخلصنا مُشتهى كل الأمم كما يدعوهُ النبيُّ الذي فيهِ حلَّ كل ملءِ اللاهوت جسديّاً كو 2: 9 وذلك بحضورهِ وتبشيرهِ فيهِ
ثانياً النبوة بالانقلابات العظيمة التي تسبق مجيءَ المخلص الأخير الذي يرمز إليهِ النبي باسم زرُبَّابل ص 2: 20 إلى 23. وذلك عندما تخضع جميع ممالك العالم لربنا ومسيحهِ دا 2: 44 ورؤْ 11: 15. وربما كانت الإشارة في هذه النبوة أيضاً إلى انقلابات الممالك الزمنية التي حدثت قبل مجيءِ المخلص الأول أي غلبة اليونانيين على الفرس والرومانيين على اليونانيين وكذلك إبادة حكومة اليهود وخراب أورشليم المهول الذي حدث بعد صعود المسيح بزمانٍ قليل
مراجعة شواهد من نبوة حجي
ص ع |
ص ع |
1: 13 مع مت 28: 20 |
2: 6 و7 مع عب 12: 26 |
1: 13 مع رو 8: 31 |
|
الخامس عشر زَكَرْيا بن بَرَخْيا
قام سنة 520 ق م
ان زكريا هو ابن برخيا بن عِدُّو أحد الكهنة الذين صعدوا من بابل إلى أورشليم مع زربَّابل نح 12: 4 و16. وقد ذُكِر مرتين في سفر عزرا انظر عز 5: 1 و6: 14 منسوباً إلى جَدّهِ عِدُّو وربما كان سبب ذلك ان برخيا أباهُ كان قد مات حينئذٍ. وكان هذا النبي معاصراً لحجي وشريكاً لهُ في الوظيفة النبويَّة وفي القصد بنبوتهِ. إلا ان نبواتهِ أوسع من نبوات ذاك. وقد شرع في النبوة وهو فتىً ص 2: 4 بعد حجي بشهرين سنة 520 ق م
وفي هذا السفر أربعة عشر اصحاحاً تندرج في ثلاثة فصولٍ كبار
الأول يتضمن أقوالاً ورؤْياتٍ متنوعة لأجل تحريض اليهود على بناءِ هيكلهم ثانيةً وتجديد قوانينهِ الدينيَّة وبعضها يتعلق بالنظام الإلهي العتيد ان يُعطَى لهم ص1 إلى ص6. وهذا القسم يُختَم بعملٍ رمزيٍّ يُشَار بهِ إلى المسيح ككاهن وملك على كرسي داود 6: 9 إلى 15
الثاني يتضمَّن توبيخ النبي العنيف لليهود بأمر الله لأجل تلبُّسهم بالديانة وتدليسهم ثم حثَّهم على واجباتهم وإرشادهم. وكان الداعي إلى ذلك استفهامهم عن الصوم وهم منطوون على غلاتهم ص7 وص8
الثالث يتضمن نبواتٍ ورموزاً عديدة تتعلَّق بالأمور المزمعة ولا سيَّما بإتيان المسيح وامتداد ملكوتهِ الروحيّ على الأرض وبركاتهِ وأحوال شعبهِ ص9 إلى ص14
ويوجد في هذا الفصل الأخير نبواتٌ غامضة جدّاً لا يمكن حلُّها حتى تظهر أسرار الله المكنونة فيها عند إتمامها في الأيام الأخيرة. ولكن نتعلم منها جليّاً ان غلبة ملكوت الله العتيدة ان تكون هي أمر لا ريب فيهِ. وإن كل الانقلابات والاضطرابات التي تحدث في العالم وإن كانت بحسب الظاهر تعترض سياسة الله وتحول دون إتمام مقاصدهِ الإلهية سيتضح في الوقت المعيَّن أنها كانت من جملة الاستعدادات التي استخدمتها العناية الإلهية القادرة على كل شيءٍ لأجل إرجاع ممالك العالم بأسرها إلى ربّنا ومسيحهِ
ويوجد في هذا السفر تسعة أمور تستحق أشدَّ التأمُّل وهي
الأول الإشارة إلى لاهوت المسيح بقولهِ ان الرب قد أرسل لكي يأتي ويسكن في صهيون (أي الكنيسة) التي ستتَّسع في أيامهِ بانضمام الأمم إليها. فمن يستطيع ان يجحد ان ذلك هو ربنا يسوع المسيح المرسل من أبيهِ ليسكن بين شعبهِ ص 2: 10 و11 انظر أيضاً يو 1: 14
الثاني الإشارة إلى الروح القدس بأنهُ يمنح القوة لشعبهِ الضعيف ويعطي الكنيسة الغلبة على كل مضادّيها ص 4: 6 و7
الثالث النبوة بدخول المسيح إلى أورشليم راكباً على جحش ابن اتان ص 9: 9 انظر مت 21: 2 إلى 9
الرابع تعيين كميَّة المبلغ من الفضة الذي أخذهُ يهوذا أجرة تسليمهِ للمسيح وذكر شراءِ الحقل بتلك الفضة بعدما أرجعها هذا الخائن ص 11: 12 و13 انظر أيضاً مت 26: 15 و27: 3 إلى 10
الخامس النبوة بطعن اليهود جنب مخلصنا ورجوعهم إليهِ بعد حين وحزنهم المرّ على ذلك انظر ص 12: 10 مع يو 19: 34 إلى 37 ورؤْ 1: 7
السادس النبوة بامتداد الإنجيل والظروف والأحوال الممتازة التي تصحب ذلك والنجاة من جرم الخطية وسلطتها بدم الرب يسوع المسيح ص 13: 1 إلى 6 مع 1 يو 1: 7
السابع النبوة على المسيح بأنهُ يكون إلهاً وإنساناً وعن الكفارة التي يصنعها في الجسد ص 13: 7 مع في 2: 6 ويو 10: 30
الثامن النبوة بترك التلاميذ للمسيح ص 13: 7 مع مت 26: 31
التاسع النبوة بتأليف الكنيسة المسيحية من اليهود والأمم والمجد الذي تحوز عليهِ تحت رياسة الرب يسوع كوالٍ وعظيم كهنةٍ المرموز إليهِ بيشوع وزربابل ص 6: 10 إلى 15 و14: 8 و9
فيتضح مما تقدم آنفاً ان زَكَرْيا فاق جميع الأنبياء ما عدا إِشَعْيَاء في كثرة النبوَّات المتنوعة التي تشير إلى المسيح ووضوحها حتى أنهُ يذكر بعض قضايا مهمَّة بخصوص المخلص لم يرد نظيرها في نبوات أشعياءَ
مراجعة شواهد من نبوة زكريا
ص ع |
ص ع |
1: 8 مع رؤْ 6: 4 |
9: 9 مع مت 21: 4 و5 |
2: 10 مع يو 1: 14 |
9: 9 مع يو 12: 14 و15 |
3: 1 مع رو 8: 33 |
9: 11 مع عب 13: 20 |
3: 9 مع رؤْ 5: 6 |
11: 13 مع مت 27: 3 إلى 10 |
4: 10 مع رؤْ 5: 6 |
12: 10 مع يو 19: 34 إلى 37 |
6: 1 إلى 8 مع رؤْ 6: 2 إلى 4 |
12: 10 مع رؤْ 1: 7 |
6: 12 مع يو 1: 45 |
13: 7 مع مت 26: 31 |
6: 12 مع عب 3: 1 إلى 3 |
13: 7 مع مر 14: 27 |
6: 12 مع مت 16: 18 |
14: 21 مع اف 2: 19 إلى 22 |
السادس عشر ملاخي
تنبَّأَ في نحو سنة 400 ق م
ان ملاخي (وتأْويل اسمهِ ملاكي وعند البعض هو صيغة مُختصَرَة من كلمتين عبرانيتَين مركبتَين ترجمتها ملاك يهوه) هو الأخير من الأنبياء الصغار ومن كتبة أسفار العهد القديم. وبموجب اعتقاد جمهور اليهود والمسيحيين هو الأخير أيضاً من أنبياءِ العبرانيين. ويؤَيِّد هذا الرأي مضمون سفرهِ ولا سيَّما الأعداد الأخيرة التي تُرِي أنهُ لم يقم نبيٌّ بعدهُ إلى ظهور يوحنا المعمدان. ومن المُحتَمل أنهُ كان معاصراً لنحميا أو خليفةً لهُ قام بعدهُ ببرهةٍ وجيزة قابل ص 2: 10 و11 مع نح 13: 23 إلى 27 وص 3: 8 مع نح 13: 10. وليس لنا نصٌّ إلهيّ عن ظروف هذا النبيّ ولا عن ترجمة حياتهِ غير ان الأمر واضح أنهُ عاش بعد زكريا لأنهُ يشير صريحاً إلى الهيكل الثاني بكلامٍ يفيد أنهُ كان قد بُنِي ص 3: 10
ان هذا النبي يتكلم بصراحة عن محبة الله لبني يعقوب أكثر من بني عيسو ويوبخ الشعب على ذات الخطايا التي كانت تسخط نحميا الوالي الذي لم يقدر على اصلاحها تماماً. وذلك لأن اليهود بعد ما بُنِي الهيكل وانتظمت المدينة على أحسن حال صاروا أشراراً منافقين مع أنهم بقوا متمسكين بالطقوس الدينيَّة. فلأجل هذا أُقيم ملاخي ليدعوهم مرَّةً أخرى إلى التوبة ويُحيي بينهم روح الديانة الحقيقيَّة
وفي هذا السفر أربعة اصحاحات تندرج في فصلين
الفصل الأول يتضمَّن مذمَّة اليهود الكهنة والشعب. أما الكهنة فلأجل سيرتهم الدنسة وممارستهم وظيفتهم على سبيل التجارة. وأما الشعب فلأجل خطايا متنوعة من جملتها امتزاجهم مع الأمم في أمر الزيجة. ويتهدد الجميع بقصاص الله ورفضهِ لهم مصرّحاً ان الله سوف يعظم اسمهُ بين الأمم ص 1: 11 وأنهُ قد ملَّ من سيرة إسرائيل الرديَّة ص1 وص2
الثاني نبوات متنوعة عن السيد ملاك العهد بأنهُ يأتي بغتةً إلى هيكلهِ وان
النبي المبشر بقدومهِ (أي يوحنا المعمدان) مزمع ان يسبقهُ ويعدَّ طريقهُ بخدمتهِ وتبشيرهِ مؤَيَّداً بالروح والشجاعة اللذين امتاز بهما ايليا ص3 وص4 انظر أيضاً مت 11: 12 إلى 14 ولو 1: 76
وممّا ينبئُ عنهُ في هذا الفصل ان الله سيمحَصُ بني لاوي وينقيهم كالمعادن من الصدإِ. وان تقدمات يهوذا أي ذبائح قلوبهم الروحيَّة تصير مرضيةً للرب كما في أيام البطاركة ص 3: 3 و4. وهو يحث الجميع أيضاً على التوبة مبيّناً لهم ان الله ينظر إلى البارّ كخاصَّةٍ لهُ ص 3: 16 و17. وإنهُ سيصير تمييزٌ أبديٌّ بين الصديق والشرير ص 3: 18
وأعظم ما في هذا السفر هو التعبير اللذيذ الذي يختم النبي كلامهُ بهِ عن الخلاص الأكيد المزمع ان يصنعهُ المسيح عن قريب للذين يخافون اسم الرب والبركات العميمة الروحية التي يفيضها على جنس البشر. وهو يكني عن المسيح باسم شمس البرا التي تشرق والشفاءُ في أجنحتها. مورداً ذلك على أنفس أسلوبٍ لأجل سرورهم. ثم يقدم لليهود النصيحة الأخيرة المنتظرة من آخر أنبيائهم لأجل حفظ الشريعة الموسوية إلى ان يجيءَ ايليَّا النبي (أي يوحنا المعمدان الذي أتى بروح وقوة ايليا مر 11: 12) الذي قبل مجيءِ يوم الرب اليوم العظيم والمخوف يرد قلب الآباءِ على الأبناءِ وقلب الأبناءِ على آبائهم. وهكذا يُختَم كتاب النبوات بوصف ذلك الشخص الذي يفتتح الإنجيليون تاريخهم بظهورهِ
فما أعظم الفرق بين الاصحاح الأخير من ملاخي والأخير من سفر الرؤْيا فإن الأول يشير إلى ان ذلك العمل العظيم لم يكمل بعد. وإن كلَّ ما كانت قد فعلتهُ وتكلمت عنهُ الأنبياءُ والملوك كان فقط استعداداً لمجيءِ ذلك القدوس. وأما الثاني فيصرح بهِ يوحنا ان العمل المشار إليهِ قد تمَّ وكتاب الله كمل انظر رؤْ 22: 18 و19 حيث يقول لأني أشهد لكل من يسمع أقوال نبوَّة هذا الكتاب ان كان أحدٌ يزيد على هذا يزيد الله عليهِ الضَّرَبات المكتوبة في هذا الكتاب وإن كان أحد يحذف من أقوال كتاب هذه النبوة يحذف الله نصيبهُ من سفر
الحيوة ومن المدينة المقدسة ومن المكتوب في هذا الكتاب. فهذا النصُّ الإلهي يعلمنا ان لا ننتظر بعدُ إعلاناتٍ جديدة ولا ظهور المسيح أيضاً إلى انقضاءِ العالم
مراجعة شواهد من نبوة ملاخي
ص ع |
ص ع |
1: 2 إلى 4 مع رو 9: 13 |
4: 2 مع اف 5: 14 |
1: 14 مع 1 تي 6: 15 |
4: 3 مع 2 بط 1: 19 |
2: 15 مع مت 19: 4 و5 |
4: 2 مع مت 11: 14 |
3: 2 و3 مع مت 3: 10 إلى 12 |
4: 5 مع مت 17: 11 و12 |
4: 2 مع لو 1: 78 |
|
وهكذا بعد سقوط آدم بنحو ثلثة آلاف وستماية سنة خُتِمَت شهادة يسوع التي هي في العهد القديم روح النبوة بنبوة ملاخي الذي كان آخر أولئك الرجال الاطهار المدعوين رجال الله المقدسين الذين تكلموا كما كان الروح القدس يحركهم. فيجب على كل مسيحي ان يقرأَ بالفرح والشكر إتمام هذه النبوة في تبشير يوحنا المعمدان وخدمة يسوع ومعجزاتهِ مدة وجود الهيكل كما يذكر ذلك في العهد الجديد مثبتاً بأنهُ هو المسيح الحقُّ. وينبغي ان يتبصَّر كل مطالعٍ في هذه الحقائق بإيمانٍ وصلوةٍ لئلا يبيد مثل اليهود غير المؤمنين بغفلتهِ عن مثل هذا الخلاص العظيم
تتمةٌ
في ترتيب أسفار العهد القديم وأسماء كاتبيها وتاريخ كلّ واحد منها
الأول أيوب * |
كتبهُ موسى وهو في برية سيناءَ أو أيوب ذاتهُ واتَّصل إلى موسى وهو هناك. وقد وضعناهُ أولاً ليس لأن الحوادث التي يخبر عنها أقدم من الحوادث التي يخبر عنها سفر التكوين بل لأنهُ بموجب رأي الأكثرين كُتِب قبلهُ |
الثاني التكوين * |
وهو يتضمَّن تاريخ مدَّة 2369 سنة من خلق العالم إلى موت يوسف في مصر سنة 1635 ق م |
الثالث الخروج * |
وهو يتضمن تاريخ مدَّة 145 سنة من موت يوسف في مصر سنة 1635 ق م إلى إقامة خيمة الشهادة سنة 1490 ق م |
الرابع اللاويين * |
وهو يتضمن تاريخ الشهر الأول من سنة 1490 ق م وهي السنة الثانية لخروج العبرانيين من أرض مصر قابل خر 40: 6 مع عد 1: 1 |
الخامس العدد * |
وهو يشتمل على تاريخ 38 سنة و9 أشهرٍ قابل عد 1: 1 مع تث 1: 3. وذلك يمتدُّ من سنة 1490 ق م إلى سنة 1451 ق م |
السادس التثنية * |
وهو يشتمل على تاريخ الشهرين الأخيرين من خروج الإسرائيليين من مصر وهم في عربات موآب تث 1: 3. وهذه الأسفار الخمسة كتبها موسى وهو في بريَّة سيناءَ |
السابع يشوع * |
هذا السفر منسوبٌ إلى كاتبهِ يشوع بن نون وهو يشتمل على تاريخ نحو 31 سنة من موت موسى وقيام يشوع |
|
خليفة لهُ سنة 1451 إلى موت اليعازار بن هرون سنة 1420 ق م |
الثامن القضاة * |
كتبهُ صموئيل على ما يُظَنُّ. وهو يحيط بتاريخ مدة 305 سنين من موت يشوع سنة 1426 إلى موت شمشون سنة 1220 ق م |
التاسع راعوث * |
كتبهُ صموئيل على ما يُظنُّ |
العاشر صموئيل 1 * |
كتبهُ صموئيل وجاد وناثان وهو يحيط بتاريخ مدة 115 سنة من ميلاد صموئيل سنة 1171 ق م إلى موت شاول سنة 1056 ق م |
الحادي عشر صموئيل * |
وهو في الأصل جزءٌ من الأول. وهو يحيط بتاريخ 40 سنة من موت شاول وقيام داود مكانهُ سنة 1056 إلى أواخر ملك داود 2 صم 23: 1 |
الثاني عشر المزامير * |
كتبهُ داود وآساف وآخرون في أزمنة مختلفة |
الثالث عشر النشيد * |
كتبهُ سليمان في نحو سنة 1010 ق م على ما يُظنُّ |
الرابع عشر الأمثال * |
كتبهُ سليمان في نحو سنة 1000 ق م على ما يُظنُّ |
الخامس عشر الجامعة * |
كتبهُ سليمان في نحو سنة 977 ق م على ما يُظنُّ |
السادس عشر الملوك * |
كتبهُ ناثان وجاد ويعدو واشعياءُ وغيرهم. وهو يتضمن تاريخ 126 سنة من مسح سليمان ملكاً سنة 1015 ق م إلى وفاة يهوشافاط سنة 889 ق م. ويحيط بتاريخ خمسة ملوك |
السابع عشر الملوك 2 * |
هذا السفر هو في الأصل جزءٌ من سفر الملوك الأول. وهو يحيط بتاريخ مدَّة 300 سنة من |
|
وفاة يوشافاط سنة 889 ق م إلى خراب أورشليم سنة 588 ق م |
الثامن عشر والتاسع عشر سفر الأيام 1 و2 * |
كتبهما عزرا بعد الرجوع من الأسر البابلي. وهما يشتملان على مُختَصَر التواريخ المقدَّسة بترتيب الزمان من ابتداء الخليقة إلى رجوع اليهود من بابل. وذلك يحيط بمدَّة 3468 سنة |
العشرون عزرا * |
كتبهُ عزرا وهو يشتمل على تاريخ مدة نحو 80 سنة من خروج امركورش لرجوع اليهود الأول من أرض بابل سنة 536 ق م إلى رجوعهم الثاني واصلاحهم عن يد عزرا سنة 456 ق م |
الحادي والعشرون نحميا * |
كتبهُ نحميا وهو يحيط بتاريخ 12 سنة من مجيءِ نحميا من بلاد الفرس إلى أورشليم سنة 446 ق م إلى ان عاد إلى هناك ورجع إلى أورشليم ثانيةً سنة 434 ق م انظر نح 1: 1 و2: 1 و13: 6 |
الثاني والعشرون استير * |
كاتب هذا السفر مجهول. وهو يحيط بتاريخ 26 سنة على ما يُظَنُّ من سنة 521 ق م إلى سنة 495 ق م |
جدولٌ
يتضمن أسماءَ أسفار الأنبياء مُرتَّبةً بحسب زمان كتابتها وتاريخ قيامهم وأوطانهم والملوك المعاصرين لهم والبعض من النصوص الإلهية التي تشير إليهم
أسماءُ الأسفار |
سنة قيام النبي ق م |
وطنهُ |
ملوك يهوذا المعاصرون لهُ |
ملوك إسرائيل المعاصرون لهُ |
النصوص الإلهية التي تشير إليهِ |
1 يونان |
بين 865 و820 |
إسرائيل |
يوآش وامصيا وعزريَّا |
يَرَبْعام 2 |
يو 1: 1 و2 مل 14: 25 |
2 عاموس |
787 |
إسرائيل أصلاً من يهوذا |
عُزِّيَّا |
يربعام 2 |
عا 1: 1 و7: 12 إلى 15 |
3 هوشع |
786 |
إسرائيل |
عزيا ويوثام وآحاز وحزقيا |
يربعام 2 |
هو 1: 1 |
4 يوئيل |
760 |
يهوذا |
عُزْيَّا |
فَقَحْيا |
يؤ 1: 1 |
5 أشعياءُ |
759 |
يهوذا |
عزيا ويوثام وآحاز وحزقيا |
يربعام 2 وزكريا وشلوم ومنحيم وفقحيا وفقح وهوشع |
اش 1: 1 |
6 ميخا |
758 |
يهوذا |
يوثام وآحاز وحزقيا |
فقح وهوشع |
مي 1: 1 وار 26: 18 |
7 ناحوم |
713 |
يهوذا |
حزقيا |
بعد سبي إسرائيل |
نا 1: 1 |
8 صَفَنّيا |
630 |
يهوذا |
يوشيا |
بعد سبي إسرائيل |
صف 1: 1 |
9 إِرْمِيَا |
628 |
يهوذا |
يوشيا ويهواحاز ويهوياقيم ويهوياكين وصدقيا |
بعد سبي إسرائيل |
ار 1: 1 و2 و3 |
مراثى ارميا |
كتبها بعد سنة 588 ق م |
|
|
بعد سبي إسرائيل |
|
أسماء الأسفار |
سنة قيام النبي ق م |
وطنهُ |
ملوك يهوذا المعاصرون لهُ |
ملوك إسرائيل المعاصرون لهُ |
النصوص الإلهية التي تشير إليهِ |
10 حَبَقُّوق |
610 |
يهوذا |
يهوياقيم |
بعد سبي إسرائيل |
حب 1: 1 |
11 حزقيال |
595 |
بابل |
صدقيا |
بعد سبي إسرائيل |
حز 1: 1 إلى 3 |
12 عُوْبَدْيا |
587 |
يهوذا |
بعد سبي يهوذا الأخير |
بعد سبي إسرائيل |
عو 1: 1 |
13 دانيال |
560 |
بابل |
بعد سبي يهوذا الأخير |
بعد سبي إسرائيل |
دا ص1 |
14 حجي |
520 |
يهوذا |
بعد الرجوع من السبي |
بعد سبي إسرائيل |
حج 1: 1 وعز 5: 1 و2 |
15 زَكَرِيَّا |
520 |
يهوذا |
بعد الرجوع من السبي |
بعد سبي إسرائيل |
زك 1: 1 وعز 5: 1 و2 |
16 ملاخي |
400 |
يهوذا |
بعد الرجوع من السبي |
بعد سبي إسرائيل |
قابل مل 3: 10 مع زك 1: 16 |
|
|
|
|
|
|
القسم الثاني
في تفصيل أسفار العهد الجديد وفيهِ مقدمة وثلاثة فصولٍ وتتمَّة
المقدمة
في لقب العهد الجديد وتقسيم أسفارهِ وتراجم حيوة كاتبيهِ
ان لفظة عهد تُطلَق على جميع الأسفار المقدسة غير ان القسم الأخير منها خصَّهُ المسيحيون في الأجيال الأولى بهذا الاسم لأنهُ يُشعِر بإتمام مواعيد الله ونعمتهِ للخطاة التايبين. وهو يحوي التصانيف المقدسة التي خُتم فيها ميثاق الميراث السمويّ للمسيحيين بكونهم بنين وبنات لله القدير بيسوع المسيح عب 9: 15 إلى 17. وقد تحققت هذه المواعيد والعهود بموت المسيح ذبيحةً عن خطايا العالم
أما أسفار العهد الجديد فهي سبعة وعشرون سفراً. وهي تنقسم بالإجمال إلى ثلثة أنواع تاريخيَّة وتعليمية ونبويَّة. فالتاريخيَّة هي الأناجيل المنسوبة إلى متى ومرقس ولوقا ويوحنا وكذلك أعمال الرسل. والتعليمية هي الإحدى والعشرون رسالةً من الرسل إلى كثيرٍ من الكنائس وإلى أفرادٍ من المسيحيين. والنبوية هي رؤْيا يوحنا الرسول
وجميع هذه الأسفار كُتِبتَ أصلاً باللغة اليونانيَّة كما ان أسفار العهد القديم كُتبَت بالعبرانيَّة ما خلا بعض اصحاحات منها كُتبَت بالكلدانيَّة كما تقدم الكلام على كلٍّ منها في محلهِ. وقيل ان متى بما ان غايتهُ في كتابة إنجيلهِ إفادة المتنصّرين
من اليهود في فلسطين كتَبهُ أصلاً في العبرانية. ولكن بما أنهُ كان من الأول موجوداً في اليونانيَّة أيضاً زعموا أنهُ تُرجِم إليها في حياتهِ أما بقلمهِ أو بعنايتهِ في سنة 60 م
ان قارئَ أسفار العهد الجديد التي هي القاعدة الوحيدة لإيماننا وسلوكنا يليق بهِ ان يغرس في نفسهِ رسماً مختصراً عن حيوة وصفات أولئك الرجال الأطهار الذين كتبوا هذه الأسفار المقدسة بإلهام الروح القدس وأسَّسوا الكنيسة المسيحية. وهم ثمانية أنفارٍ. وهذه ترجمة حيوة كلٍّ منهم
الأول متى * ان متى الرسول والبشير كان ابن حلفى ويقال لهُ لاوي أيضاً. وكان قبل دعوتهِ إلى الرسوليَّة عشاراً يجبي الخراج للدولة الرومانية في كفرناحوم ونواحيها انظر مت 9: 9 ومر 2: 14 ولو 5: 27. وهذه الوظيفة لم يكن لها اعتبارٌ عند اليهود. وكان بعضهم يحتقرونها لأنها تُلجِئُ المنتصبين لها ان التمرُّغ في المظالم وبعضهم يأْنفون منها لكونها برهاناً على خضوعهم لسلطانٍ غريب. والظنون ان متى كان يريح بذلك أموالاً كثيرة لكنهُ بنعمة الله تركها حبّاً بالمسيح وقَبِلَ دعوتهُ حالاً وصار تابعاً أميناً لهُ وشاهداً لمعجزاتهِ من جملة تلاميذهِ الاثني عشر
وأما روح التقوى والتواضع الذي توشح بهِ هذا البشير فيظهر جليّاً ممَّا كتبهُ ولا سيَّما في تعداد أسماء الرسل ص 10: 3 إذ يذكر نفسهُ باسم متى العشَّار. ويورد خبر دعوتهِ إلى الرسوليَّة على أسلوبٍ بهِ يجذب أفكار القارئ نحو تنازل المسيح وتأثير نعمتهِ الفعالة انظر ص 9: 9 حيث يقول وفيما يسوع مجتازٌ من هناك رأى إنساناً جالساً عند مكان الجباية اسمهُ متى فقال لهُ اتبعني فقام وتبعهُ. ولا ريب أنهُ في هذا قدوةٌ حسنة للتواضع وسيرتهُ هي تحريضٌ لنا على الصلوة وطلب نعمة المسيح لكي نستطيع ان نرفع آمالنا عن هذا العالم ونترك شهواتهِ ومحبة الغنى ونتبع المخلص كما فعل هو
وما زال متى مصاحباً للرسل إلى بعد صعود المسيح. ومن هناك فصاعداً تقلُّ الأخبار عنهُ. قيل انهُ بشَّر بالإنجيل في اليهودية مدة سنين. ثم انطلق إلى
الأمم ليشهر بينهم إيمان المسيح. وسعى مجتهداً في تبشير بلاد كوش وفارس وبارثيا. ثم استُشهد أخيراً في نضبار من بلاد كوش بطعنة رمحٍ سنة 62 للمسيح. وتصانيفهُ تاريخية فقط وهي الإنجيل المدعوّ باسمهِ
الثاني مرقس * ان مرقس البشير واسمهُ بالعبرانية يوحنا اع 15: 37 هو ابن امرأَة تقيَّةٍ من أورشليم كانت أختاً لبرنابا كو 4: 10 وهي التي كان الرسل والمسيحيون الأولون يجتمعون مراراً في دارها للصلوة اع 12: 12. وقيل انهُ آمن بواسطة إنذار بطرس الرسول لأنهُ كان يدعوهُ ابناً لهُ 1 بط 5: 13. وكان مرافقاً لبولس وبرنابا في سفرهما الأول للتبشير حتى وصل إلى برجة بمفيلية ففارقهما هناك ورجع إلى أورشليم اع 12: 25 و13: 5 و13 ولذلك أبي بولس ان يقبلهُ رفيقاً لهُ في سفرهِ الثاني فانطلق مع برنابا إلى قبرس اع 15: 37 و39 وكان حينئذٍ في انطاكية ويُحتمَل أنهُ كان قد أُرسِل إلى هناك من أورشليم من قِبَل الرسل. غير أنهُ تصالح مع بولس فيما بعد وصار رفيقاً لهُ وكان يمدحهُ بأنهُ كان نافعاً وأخيراً صحب تيموثاوس إلى رومية كو 4: 10 و2 تي 4: 11 وكتب الإنجيل المدعوَّ باسمهِ
وقيل ان بطرس أرسلهُ إلى مصر ليبشر فيها باسم يسوع المسيح. وكانت أتعابهُ ناجحة في ليبية ومرموريكا وبنتابوليس. ثم عاد إلى الإسكندريَّة وهاج عليهِ فيها اضطهاداتٌ شديدة من جمهور الوثنيين في موسم عيد إلهٍ لهم يُسمَّى سيرابيس. ثم مات لشدة ما أنهكهُ من آلام العذابات الكثيرة بعد ان حُبِس ليلةً
الثالث لوقا * قيل ان لوقا البشير كان يهوديّاً دخيلاً من انطاكية وزعم بعضهم أنهُ كان من تلاميذ المسيح السبعين وليس ذلك بصحيح كما يظهر من مقدَّمة إنجيلهِ. وكان هذا الرجل صاحباً أميناً لبولس الرسول في أسفارهِ الكثيرة وأتعابهِ وآلامهِ كما يتضح من سفر أعمال الرسل ص 16: 11 و20: 5 و6 و2 تي 4: 11. وكانت صناعتهُ الطب كو 4: 14. وكتب إنجيلهُ نحو سنة 63 مسيحية
وسفر الأعمال نحو سنة 64 م. وكان عنوان هذين الكتابين إلى رجلٍ مسيحي شهير يقال لهُ ثاوفيلُس وهو مصريٌّ فيما يُقال. وقيل ان لوقا استُشهِد في حكم نيرون الملك الروماني. وهو لا يبعد عن الصواب لأنهُ كان غالباً مصاحباً لبولس الذي قضى نحبهُ هناك
الرابع يوحنا * كان هذا الرجل بشيراً ورسولاً معاً وهو ابن زَيدي الصياد مت 4: 21 من بيت صيدا مدينة في الجليل وقد دعاهُ المسيح مع أخيهِ يعقوب ليكونا من رسلهِ ولقَّبهما بابنَي الرعد مر 3: 17. وكان المسيح يحبُّ يوحنا جدّاً حتى أنهُ لما كان على الصليب أوصاهُ ان يهتمَّ بأمّهِ. ولما رحل يوحنا من اليهودية قبل خراب أورشليم سعى مجتهداً إلى الغاية في بلاد الأناضول ولا سيما في أفسس وقيل انهُ أسس كنائس برغامُس وثياتيرا وفيلادلفيا ولاودكيَّة
وفي الاضطهاد الذي كان في حكم دومبتيانوس الملك الروماني نُفي إلى جزيرة بطمُس وهناك تجلّت عليهِ مناظر الرُؤْيا وأُوحي إليهِ بكتابتها. ثم رجع من هناك إلى أفسس ولبث بها إلى سنة 100 بعد ميلاد المسيح ووقعت محبتهُ في قلوب الجميع. ولما طعن في سنّهِ مات بسلامٍ بين اخوانهِ المسيحيين. وكان قد كتب في حياتهِ الإنجيل وسفر الرؤْيا والرسائل الثلث المدعوَّة باسمهِ
الخامس بولس * كان بولس إسرائيليّاً من سبط بنيامين وكان والدهُ عبرانيين ومولدهُ في طرسوس في كيليكيَّة. وكان قبل دعوتهِ إلى الرسولية يُسمَّى بالعبرانية شاول فلما دُعي للتبشير بين الأمم سُمِّي باليونانيَّة بولس. وكان أبوهُ قد أرسلهُ إلى أورشليم ليتعلَّم السنَّة اليهودية من غمالائيل الذي كان أفضل الحكماءِ في أُمتهِ. فنجح في علمهِ نجاحاً عظيماً وكانت كل براعتهِ متجهة إلى إثبات التقليدات اليهودية الفاسدة وخراب كنيسة المسيح وملاشاة اسم ديانتهِ. ولكنهُ بينما كان يهتمُّ في اضطهاد المسيحيين ويتهدَّد تلامذة الرب بالعقوبة والقتل جدَّدت النعمة الإلهية قلبهُ فتحوَّل عن ذلك العزم ونذر كل ما لهُ من القوَّة لخدمة المسيح اع ص22. وهيهات ان يوجد شخصٌ مثل هذا قد أوقف نفسهُ بكليتها لمجد
الله وإفادة الجنس البشري. وربما ليس أحدٌ من أتباع المسيح قدَّم مثالاً صالحاً للفضائل المسيحية وتعباً بأمانةٍ مثل هذا الإناءِ المُصطفَى. وقال بعض الفضلاءِ ان التأَمُّل في توبة بولس ورسوليتهِ لا يترك عذراً لكافرٍ في رفضهِ الإيمان المسيحي
وبعد ان كان هذا الرسول الأمين وسيلةً لبركاتٍ غفيرة لكنيسة الله بتبشيرهِ وقدوتهِ وكتاباتهِ ختم صدق الإنجيل بدمهِ إذ مات شهيداً في رومية نحو سنة 66 م بأمر نيرون الملك. وقد ترك الأربع عشرة رسالة التي كتبها كنزاً ثميناً في كنيسة المسيح
السادس يعقوب * كان يعقوب هذا يُلقَّب بالأصغر تمييزاً بينهُ وبين يعقوب اخي يوحنا الذي قتلهُ هيرودس اع 12: 2 والمظنون أنهُ هو ابن حلفَى أو كلوبا لو 6: 15 واع 1: 13 ويو 19: 25. وقد يُلقَّب بالعادل لاستقامة سيرتهِ. وقيل انهُ كان أول أسقفٍ على الكنيسة المسيحية في أورشليم وكان لهُ كرامةٌ فيها وأنهُ استُشهِد في نحو سنة 62 م. وكتب هذا الرسول الرسالة المدعوَّة باسمهِ
السابع بطرس * ان بطرس كان ابن يونا وأخو اندراوس الرسول وهو من بيت صيدا وكان اسمهُ سمعان فسمَّاهُ المسيح صفا وتفسيره في اليوناني بطرس وكلاهما بمعنى حجرٍ أو صخرةٍ كنايةً عن الرسوخ في الإيمان يو 1: 40 إلى 42. وكان بطرس من أشد تلاميذ المسيح في الإيمان والغيرة إلا ان غيرتهُ في بعض الأحوال قادتهُ إلى الهَوَج الذي كان سبب سقوطهِ الشنيع في جحدهِ الرب وانتلام ذكرهِ بهِ. ولكن كانت توبتهُ بعد ذلك عظيمة وسيرتهُ وأتعابهُ تبرهن أنهُ كان من أشرف تلاميذ المسيح وأنفع رسلهِ. وقلَّ ما يذكر بالتحقيق عن هذا الخادم المفرز للإنجيل سوى ما ذكِر عنهُ في العهد الجديد إلى ان دخل الأمم كنيسة المسيح بسعيهِ اع ص15
وقيل انهُ أقام أسقفاً على رومية مقدار خمس وعشرين سنة. ولكن لا يوجد إثباتٌ صريحٌ أنهُ كان في رومية البتة ولا أنهُ كان أسقفاً على الكنيسة المسيحية فيها. ورُوي أنهُ حين قُضي عليهِ بالصلب تذكر فضيحتهُ حين جحد مخلصهُ والتمس ان
يُصلَب منكَّس الرأس كأنهُ لم يكن مستحقّاً ان يموت مثل موت سيدهِ. وهكذا كانت صورة موتهِ وذلك سنة 66 م. وكتب هذا الرسول المغبوط الرسالتين المعروفتين باسمهِ
الثامن يهوذا * هذا الرسول يُسَمى أيضاً لبَّاوس ويُلقَّب تدَّاوس وكان أخا يعقوب الصغير مت 10: 3. وقيل انهُ عند شروعهِ في خدمة الرب بشَّر بالإنجيل في اليهودية والسامرة والجليل وادوم ثم في بلاد العرب وسوريَّة وما بين النهرين وبلاد فارس وأثبت تعاليمهُ بمعجزاتٍ. لكن ليس عندنا تحقيقٌ عن المكان الذي ختم خدمتهُ فيهِ والبعض يقولون ان المجوس قتلوهُ في بلاد العجم. وكتب هذا الرسول رسالةً مختصرة معروفةً باسمهِ
الفصل الأول
في الأسفار التاريخيَّة وهي الأناجيل وسفر أعمال الرسل
ان الله بحكمتهِ أعطانا أربعة أسفار تتضمَّن تاريخ حيوة مخلصنا وسيرتهِ وأعمالهِ. وكلٌّ منها مستقلٌّ بذاتهِ يُسمَّى إنجيلاً وهو لفظٌ يونانيٌّ مُعرَّب معناهُ خبر مفرّح أو بشارة. وقد دُعي بذلك لأنهُ يخبر عن مجيءِ الرب يسوع بالجسد إلى العالم مخلَّصاً للخطاة الهالكين لو 2: 10 و11. وكاتبهُ يُسمَّى إنجيليّاً. وقد يُترجَم إنجيل ببشارة جمعها بشائر وإنجيليّ ببشيرٍ جمعهُ بُشرَاءُ
وهذه البشائر الأربع قد كُتبَت بعناية الروح القدس وإرشادهِ وكلٌّ من الإنجيليين يذكر في بشارتهِ من حوادث حيوة مخلصنا وتعاليمهِ ما كان أكثر موافقةً للغاية التي كتب لأجلها كما سيأْتي في الكلام عن كلٍّ منها بالتفصيل
أما متى ولوقا فيبتدئان بذكر حيوة مخلصنا منذ الحبل بهِ بقوة الروح القدس وولادتهِ وأما مرقس ويوحنا فيبتدئان من معموديتهِ وشروعهِ في خدمتهِ
ان الثلاثة الأولى من هذه البشائر يوجد بينها مطابقة كلية في ترتيبها وأسلوب كتابتها والحوادث المُتضمَّنة فيها كما يظهر جليّاً للقارئ النبيه من
مطالعتها وهي تتضمَّن بعض فصولٍ توجد إما في اثنتين منها فقط أو في الثلاث معاً ولكن لا توجد في غيرها البتة. ويظهر منها ان الكاتبين فضلاً عن ذكر الأمور التي شاهدوها يذكرون ما كانوا قد استفادوهُ من الذين لهم المعرفة الأكيدة بهِ. فإن متَّى مثلاً لم يكن مع المسيح حين التجلّي ولكن يذكر هذه الحادثة العجيبة كما استفادها من الذين شاهدوها وهلمَّ جرّاً
أما إنجيل يوحنا فيمتاز عن هذه الثلاثة بأسلوب كتابتهِ وعدم ذكر كثيرٍ من الأمور التي تُذكَر فيها
ويوجد بين هذه البشائر بعض فروقات وجميعها واردة من قبيل ان الواحد يذكر أحياناً ما يتركهُ الآخر وإن كلاّ منهم كان يذكر من الحوادث والظروف ما كان أكثر موافقةً للغاية التي كتب لأجلها. وهذا ممَّا يؤَيّد صدق شهادتهم ويبرهن لنا ان جميعهم كتبوا كمستقلين بأنفسهم بدون اتفاقٍ سابقٍ بينهم وغير ناظرٍ أحدهم إلى الآخر
ان الغاية الجوهرية في كتابة هذه البشائر الأربع هي ما قد تقرّر في إنجيل يوحنا 20: 31 حيث يقول وإما هذه فقد كُتِبت لتؤْمنوا ان يسوع هو المسيح ابن الله ولكي تكون لكم إذا آمنتم حيوةٌ باسمهِ. ومهما كانت غاية كلّ من الإنجيليين الخصوصيَّة فالأمر واضح ان هذه البشائر المكتوبة بإلهام الروح القدس وإرشادهِ تتضمَّن معاً من تاريخ حيوة مخلصنا وتعاليمهِ ما يكفي كنيستهُ للإيمان والعمل في كلّ الأجيال
الأول إنجيل متَّى
كُتبَ سنة 39 م في فلسطين كما يُظَنُّ
ان متى بموجب اعتقاد جمهور المسيحيين كتب إنجيلهُ قبل مرقس ولوقا ويوحنا. ومرقس ولوقا كتبا إنجيليهما قبل خراب أورشليم ولكن لا يمكن الجزم في أَيَّة سنة كتب كلٌّ منهم بعد صعود المخلص لأن ليس عندنا نصٌّ إلهي على ذلك.
والمُرجَّح عند الأكثرين ان متى كتب بعد الصعود بنحو خمس سنوات وهو في فلسطين أي في سنة 39 م
وكان قصد هذا البشير بكتابةِ إنجيلهِ ان يجهّز لأجل إفادة المؤمنين من اليهود على الخصوص كتاباً متضمناً خبراً أكيداً عن حيوة المخلص وتعاليمهِ لأجل تثبيتهم في الدين الحقيقي وحفظ قواعد الإيمان القويم من تحريف أصحاب الضلال. ولذلك تراهُ يمتاز في أسلوب كتابتهِ عن مرقس ولوقا اللذين كتبا للمتنصرّين من الأمم في رعاية ذوق اليهود واحتياجهم الخاصّ. وإنجيلهُ مشحونٌ من ذكر عوائدهم ومدنهم وأماكنهم المشهورة. وقد بيَّن بهذا القصد كيفية انتسال المسيح من نسل إبراهيم وعائلة داود بحسبما كان مقرَّراً عند عمومهم وافتتح كلامهُ بذكر تسلسلهِ من هذين الشخصين الشهيرين المعتبرين عندهم جدّاً. وهو يذكر أيضاً ولادة المخلص في بيت لحم كما تنبأَ بذلك ميخا النبي لأن معرفة هذا الأمر كانت شائعةً بينهم
ويزيد هذا البشير كثيراً عن مرقس ولوقا اللذين يتفقان معهُ خصوصاً بترصيع اخباره بنصوص الأنبياءِ وكثرة الإشارات إلى أقاويلهم التي قد تمت بها لأن ذلك كان من أقطع البراهين عند اليهود. وأيضاً بإيرادهِ أكثر منهما من أحاديث المسيح وأمثالهِ بأكثر تدقيقٍ وترتيبٍ كالوعظ على الجبل ص5 إلى ص7. والأمثال العديدة المتوالية المذكورة في ص12. ونطق المسيح بالويل للكتبة والفريسيين ثماني مراتٍ ص22 ونحو ذلك
وفي هذا الإنجيل ثمانية وعشرون إصحاحاً تندرج في خمسة فصولٍ كبار
الفصل الأول يتضمَّن تاريخ تناسل المسيح من إبراهيم وداود وبعض أمورٍ تختصُّ بمولدهِ وطفوليتهِ ص1 وص2
ويوجد في هذا الفصل أمران مشهوران. الأولى مجيءُ المجوس ليسجدوا للطفل يسوع ويقدموا لهُ القرابين بناءً على أنهُ المسيح الموعود بهِ. الثاني عناية الله الخاصَّة في خذلهِ عزم هيرودس الملك الباغي إذ كان يلتمس هلاك المخلص
وهو طفلٌ ص2
الفصل الثاني يشتمل على خبر يوحنا المعمدان واعتماد المسيح وتجربتهِ وشروعهِ علانيةً في خدمتهِ ص3 وص4
وفي هذا الفصل أمران يستحقان الذكر هنا. الأول صفة يوحنا وخدمتهُ ص2. الثاني اعتماد المسيح وتجربتهُ ص3 وص4
الفصل الثالث يتضمن الأخبار عن تعاليم المسيح وعجائبهِ إلى وقت تجلّيهِ ص5 إلى ص17
وأشهر ما في هذا الفصل خمسة أمور. الأول موعظة السيّد المسيح على الجبل ص5 إلى ص7. الثاني المعجزات التي صنعها ص8 وص9. الثالث إرسال الاثني عشر رسولاً ليبشروا بالإنجيل ص10. الرابع اعتراف الرسل بإيمانهم بالمسيح ص16. الخامس تجلي المسيح إذ ظهر موسى وايليا متحدثين بكيفية موتهِ العتيد في أورشليم فداءً لنا ص17
الفصل الرابع يتضمن مخاطبات يسوع المسيح ومعجزاتهِ العديدة منذ يوم تجليهِ إلى ما قبل صلبهِ بيومين ص18 إلى ص25
وأما الأمور المشهورة في هذا الفصل فهي ثلثة. الأول دخول المسيح إلى أورشليم ص21. الثاني نبوة المخلص بخراب أورشليم وهيكلها لأجل كفر اليهود وشرهم ص24. الثالث وصف الدينونة العامة ص25
الفصل الخامس يذكر آلام المسيح وموتهُ ثم قيامتهُ ص26 إلى ص28
وأشهر ما فيهِ خمسة أمور. الأول خيانة يهوذا الفاحشة في تسليمهِ معلمهُ ص26. الثاني سقوط بطرس وضعفهُ حيث جحد ربهُ ص26 أيضاً. الثالث جناية اليهود وبيلاطس بقضائهم على المسيح وصلبهم إياهُ ص27. الرابع ندامة يهوذا وشهادتهُ ببراءَة يسوع ص27 أيضاً. الخامس قيامة المسيح والعجائب المصاحبة لها وبراهين حقيقتها وإرسالهُ تلاميذهُ ص28
أما الأمور الشهيرة التي يذكرها متى دون غيرهِ من الإنجيليين فهي
أولاً زيارة المجوس للمسيح ص2. ثانياً نزول المسيح إلى مصر ص 2: 14. ثالثاً قتل هيرودس الصبيان في بيت لحم ص 2: 16. رابعاً مثل العشر العذارى ص 25: 1 إلى 13. خامساً حلم امرأة بيلاطس ص 27: 19. سادساً قيام كثيرٍ من القديسين عند موت المسيح وظهورهم لكثيرين ص 27: 52 و53. سابعاً إرشاءُ رؤَساء الكهنة والشيوخ الحراس الرومانيين ص 28: 12 و13
مراجعة شواهد في إنجيل متى من العهد القديم
ص ع |
ص ع |
1: 23 مع اش 7: 14 |
12: 5 مع عد 28: 9 |
2: 2 مع عد 24: 17 |
12: 7 مع هو 6: 6 |
2: 6 مع مي 5: 2 |
12: 42 مع 1 مل 10: 1 |
2: 15 مع هو 11: 1 |
12: 42 مع 2 أي 9: 1 |
2: 17 و18 مع ار 31: 15 |
13: 14 و15 مع اش 6: 9 و10 |
2: 23 مع قض 13: 5 |
13: 35 مع مز 78: 2 |
2: 23 مع 1 مل 1: 11 |
15: 7 إلى 9 مع اش 29: 13 |
3: 3 مع اش 40: 3 |
15: 3 مع اش 35: 5 و6 |
4: 4 مع تث 8: 3 |
19: 7 مع تث 24: 1 |
4: 7 مع تث 6: 16 |
21: 4 و5 مع زك 9: 9 |
4: 14 إلى 16 مع اش 9: 1 و2 |
21: 13 مع اش 56: 7 |
10: 35 مع مي 7: 6 |
21: 42 مع مز 118: 22 |
10: 36 مز 41: 9 |
22: 4 مع 1 م 9: 2 |
11: 10 مع مل 3: 1 |
22: 24 مع تث 25: 5 |
12: 3 و4 مع 1 صم 21: 1 إلى 6 |
22: 44 مع مز 110: 1 |
ص ع |
ص ع |
24: 15 مع دا 9: 27 |
27: 35 مع مز 22: 18 |
27: 9 و10 مع زك 11: 12 و13 |
27: 38 مع اش 53: 12 |
7: 34 مع مز 69: 21 |
27: 60 مع اش 53: 9 |
الثاني إنجيل مرقس
كُتِبَ سنة 61 م
قيل ان مرقس كتب إنجيلهُ في أثناء سنة 61 م بمناظرة وإرشاد بطرس الرسول رفيقهِ الخاصّ. وربما يؤَيّد هذا الرأي أي كتابتهُ بمناظرة بطرس كونهُ يترك أخباراً كثيرة عن هذا الرسول تأُول إلى كرامتهِ ممَّا يذكرهُ غيرهُ من الإنجيليين ويذكر أكثر منهم من عيوبهِ. وهذا يرجّح ان ذلك كان بإرشاد بطرس ذاتهِ لأنهُ من دأْب كَتَبَة الأسفار المقدَّسة أنهم يتجنَّبون بقدر إمكانهم مدح أنفسهم وذكر كل ما يأُول إلى ذلك. ولكنهم يذكرون عيوبهم وعيوب أصحابهم بكل بساطة وعلى أسلوبٍ نافعٍ ومفيدٍ للبشر في كلّ جيلٍ. فإن مرقس مثلاً يتغاضى عن ذكر تطويب المسيح لبطرس لأجل إقرارهِ بهِ قابل ص 8: 29 مع مت 16: 17 ولكنهُ يصرّح بتوبيخ المسيح العنيف لهُ بعد ذلك بقليلٍ لأجل نفورهِ من استماع الخبر عن آلامهِ وموتهِ ص 8: 33 ويذكر أيضاً ذنبهُ في إنكار المخلّص ص 14: 31 إلى 71
ان مرقس كتب إنجيلهُ لنفع المؤمنين من الأمم الذين كان أصل توبتهم بخدمتهِ ولذلك تراهُ يتجنَّب بقدر ما يمكن ذكر العوائد اليهوديَّة والاقتباس من أسفار العهد القديم لعدم خبرة الأمم بها وربما كان هذا السبب في تركهِ سلسلة المسيح. وذلك بعكس ما فعل متى الذي كتب لإفادة المسيحيين من اليهود كما تقدم في الكلام على إنجيلهِ. وعندما يذكر هذا البشير أي مرقس شيئاً خاصّاً باليهود يعتني جدّاً بتفسيرهِ لأجل إفادة الأمم الذين وجَّه كتابتهُ إليهم. فإنهُ أوَّل
مرة يذكر الأردن في إنجيلهِ يقدم عليهِ لفظة نهر ص 1: 5. ولفظة قربان التي كانت معروفةً جيداً في الشرق يردفها بالتفسير ص 7: 11. وكذلك يفعل عند ذكر كلمة استعداد ص 15: 42 ايدٍ دنسة ص 7: 3 و4. ونحو ذلك
أما الحوادث التي يذكرها مرقس فهي أقلُّ من التي يذكرها متى ولوقا إلا أنهُ بالإجمال يدقّق فيها أكثر منهما. مثلاً في تخبيرهِ عن إحدى المرات التي عبر فيها المسيح بحر الجليل ص4 يذكر هذه الأحوال. وكانت معهُ أيضاً سُفنٌ أخرى صغيرة. فحدث نؤُ ريحٍ عظيمٌ. وكان هو في المؤَخر على وسادةٍ نائماً. وهكذا يفعل أيضاً في تخبيرهِ عن شفاءِ المسيح المفلوج قابل ص2 مع مت ص9. والعجيبة التي فعلها في كورة الجدريين قابل ص5 مع مت ص8. وهذا يبرهن لنا ان مرقس إما شاهد هذه الأمور عياناً أو حصل على معرفتها من الذين شاهدوها ذواتهم
ويذكر هذا البشير أعجوبتين لا يذكرهما غيرهُ من الإنجيليين وهما شفاءُ الأصمّ الأَعْقَد ص 7: 31 الخ. وفتح عيني الأعمى الذي كان في بيت صيدا ص 8: 22: 24. وكذلك مثل كيفيَّة نموّ البذار الذي يشير بهِ إلى نموّ الإنجيل في العالم ص 4: 26 إلى 29
وممَّا يستحقُّ التأَمُّل فيهِ أيضاً ان مرقس يفتتح إنجيلهُ بالبشارة بالمخلص أنهُ ابن الله ويرصّع خاتمتهُ بهذا القول مَن آمن واعتمد خلص. ومن لم يؤْمن يُدَن ص 16: 16. وهو يشير بهذا الكلام الجوهريّ الكليّ الأهميَّة إلى ان كلَّ إنسانٍ يكون في يوم الدين هو المسئُول عن إيمانهِ بالمسيح
وهذا الإنجيل يُحسَب لأجل بساطة كلامهِ وما يحويهِ من الحوادث السامية أنهُ أخصر وأوضح وأعجب وأقنع تاريخٍ في العالم. وفيهِ ستة عشر اصحاحاً تندرج في ثلاثة فصولٍ كبار
الفصل الأول يتضمن خبر خدمة يوحنا المعمدان وخبر عماد المسيح وتجربتهِ ص 1: 1 إلى 13
الفصل الثاني يتضمن تعاليم المسيح وعجائبهُ من شروعهِ في خدمتهِ علانيةً
إلى زيارتهِ أورشليم في الفصح الأخير ص 1: 14 على ص 10
وفي هذا الفصل أمران مشهوران. الأول بعض أخبار تختص بيوحنا المعمدان ص6. الثاني خبر الشاب الرئيس الذي أهمل ملكوت السماء حبّاً بأموالهِ العالمية ص10
الفصل الثالث يحوي خبر دخول المسيح إلى أورشليم وأمثالهُ ومخاطباتهِ هناك ووقع الشجب عليهِ وموتهُ وقيامتهُ وإرسالهُ رسلهُ ص11 إلى ص16. ولا ريب ان هذه القضايا من أهمّ وأشهر ما يكون
مراجعة شواهد في إنجيل مرقس من العهد القديم
ص ع |
ص ع |
1: 2 مع مل 3: 1 |
9: 3 مع دا 7: 9 |
1: 3 مع اش 40: 3 |
9: 11 مع مل 4: 5 |
1: 8 مع اش 44: 3 |
11: 9 مع مز 118: 26 |
2: 25 و26 مع 1 صم 21: 6 |
12: 10 مع مز 118: 22 |
2: 25 مع خر 29: 32 و33 |
13: 26 مع دا 7: 13 و14 |
7: 35 مع اش 35: 5 و6 |
15: 28 مع اش 53: 12 |
الثالث إنجيل لوقا
كُتِبَ سنة 63 م في بلاد الروم
نتعلم من سفر أعمال الرسل ان لوقا الطبيب الحبيب كو 4: 14 كان رفيقاً لبولس في أسفارهِ. والمُرَجَّح ان سفر الأعمال كُتبَ في آخر المدَّة التي يعطينا تاريخها. ولا ريب في ان بولس كان حينئذٍ لم يزل حيّاً وبالنتيجة ان إنجيل لوقا هذا الذي كُتب قبل الأعمال كما يُرَى من مقابلة لو 1: 3 مع اع 1: 1 قد كتب في حيوة بولس وغيرهِ من الرسل. ولا يوجد سببٌ للريب في أنهُ تأَلَّف إما
بمناظرة بولس شخصيّاً وإما باطّلاعهِ واستحسانهِ. وبأن هذا الإنجيل مقبولاً عند عموم الكنائس المسيحيَّة منذ كتابتهِ كتاريخٍ صحيحٍ عن حيوة مخلصنا وتعالميهِ
ان لوقا لم يكن من الرسل الاثني عشر وهو لا يدَّعي بأنهُ قد شاهد بعينهِ الأمور التي كتبها بل يُصرِّح بأنهُ جمع كلَّ ما كتبهُ باجتهادٍ وتدقيقٍ من الذين كانوا معاينين وخُدَّاماً للكلمة ص 1: 1 إلى 4. وهذا لا ينقّص الاعتبار اللائق بإنجيلهِ لأن كلَّ ما كتبهُ قد كتبهُ بوحي الروح القدس وإرشادهِ
وهذا البشير يذكر في إنجيلهِ أكثر الأمور المذكورة في إنجيلي متى ومرقس اللذين كتبا قبلهُ ويذكر أيضاً أموراً عديدة لا تُوجَد فيهما كما سيأتي وهي تتضمَّن أخباراً عن تعاليم مخلصنا وأعمالهِ من أثمن وأنفس ما يكون. وهو يتتبَّع نَسَب المخلص ليس إلى إبراهيم فقط كما فعل متى بل إلى آدم وبهذا الأسلوب يبيّن للبشر ان يسوع ابن آدم قد أتى إلى العالم لكي يخلص نسل آدم الهالك
أما ثاوفيلس الذي كتب إليهِ لوقا هذا الإنجيل وسفر أعمال الرسل فهو من الأمم الذين اعتنقوا الديانة المسيحيَّة وقيل أنهُ كان من بلاد مصر. وكان هذا الرجل شريفاً ويدلُّ على ذلك استعمال لوقا لهُ لقب عزيز ص 1: 3 وهو لقب شرفٍ كان يُخَاطب بهِ في ذلك الوقت أولو الرُتَب السامية انظر اع 23: 26 و24: 3 و26: 25. ومع ان لوقا عنون إنجيلهُ باسم هذا الشخص الشهير لا ريب في أنهُ قد قصد بهِ إفادة الكنائس عموماً. وإن صح القول ان ثاوفيلس كان من الأمم البعيدين عن فلسطين يمكننا الاعتقاد بأن لوقا كان يفتكر بنوعٍ خصوصي في احتياجات المسيحيين من الأمم نظير رفيقهِ بولس وهذا يوافق روح إنجيلهِ. فإن الأخبار المذكورة فيهِ مثلاً التي بها تظهر بشاشة الإنجيل نحو الأمم هي مطوَّلة بنوعٍ خصوصي انظر ص 4: 25 إلى 27 و9: 51 إلى 56 و17: 15 إلى 19 ومثل السامريّ الصالح ص 10: 29 إلى 37 والرجل الذي صنع عشاءً عظيماً ص 14: 15 إلى 24
وقد لاحظ المفسرون ان لوقا كثيراً ما يُهمل ترتيب ذكر الحوادث بالنظر
إلى تاريخها معتبراً في ترتيبها العلاقة المعنويَّة الداخليَّة أكثر من علاقة ظروف الزمان الخارجيَّة. وغالباً يستأْنف أخبارهُ بعباراتٍ شائعة لا تُعيّن الوقت كقولهِ مثلاً وكان في إحدى المدن. وفي أحد الأيام دخل سفينةً. وفيما هو يصلّي على انفرادٍ. وفيما هم سائرون دخل قريةً وهلمَّ جرّاً
وأما الأمور العظيمة التي يذكرها هذا البشير دون غيرهِ من الإنجيليين فقد قسمناها إلى خمسة أقسامٍ
الأول عجائب المسيح وهي: (1) إقامتهُ ابن الأرملة في نايين ص7. (2) شفاءُ المرأة المنحنية ص13. (3) شفاءُ عشرة برص ص17
الثاني أحاديث المسيح. (1) ابتداؤُهُ بالتبشير في الناصرة ص4. (2) حديثهُ مع التلميذين المنطلقين إلى عمواس ص24
الثالث أمثال المسيح. (1) مثل السامريّ ص10. (2) مثل الغني الغبي ص12. (3) والابن الشاطر ص15. (4) ووكيل الظلم ص16. (5) والغني ولعازر ص16. (6) والأرملة وقاضي الظلم ص18. (7) الفريسي والعشار ص18. (8) والتينة غير المثمرة ص13
الرابع الحوادث المختصة بحيوة المخلص. (1) ظروف وأحوال ولادتهِ كفقر والديهِ واعتراف الملائكة بهِ وإرجاع روح النبوة إلى العالم كما ظهر في اليصابات ومريم وزكريا وحنة وسمعان ص1 وص2. (2) تلأْلؤُ تقوى المسيح في حداثتهِ ص 2: 40 إلخ. (3) طاعتهُ لوالديهِ ص 2: 51. (4) حنوهُ على الخطاة كما يتأَكّد من بكائهِ على أورشليم الشقيَّة ص 19: 41
الخامس ظروف موتهِ. (1) إرسالهُ إلى هيرودس ص 23: 5 إلى 11. (2) صلاتهُ من أجل قاتليهِ ص 23: 34. (3) غفرانهُ للّص المائت ص 23: 43 الأمر الذي بهِ أرى العالم أنهُ وهو في حالة الضعف الأشدّ قادرٌ ان يخلص إلى النهاية كلَّ الذين يتقدَّمون إلى الله عن يدهِ. ومن هذا القبيل أيضاً ذكر كيفيَّة صعودهِ إلى السماءِ
وفي هذا الإنجيل أربعة وعشرون اصحاحاً تنحصر في أربعة فصولٍ كبار
الفصل الأول يتضمن ذكر ميلاد يوحنا المعمدان والمسيح وتاريخهما من أول الأمر إلى اعتماد المخلص ص1 إلى ص3
وفي هذا الفصل أربعة أمور شهيرة. الأول ظهور الملاك جبرائيل لزكريا ثم للعذراءِ مريم ص1. الثاني ميلاد يوحنا وإطلاق لسان أبيهِ بالكلام ثانيةً ص1 أيضاً. الثالث ميلاد يسوع الذي بشَّر الملاك الرعاة بهِ ص2. الرابع حكمة يسوع في حديثهِ مع حكماء اليهود في الهيكل وهو في عمر اثنتي عشرة سنة ص2 أيضاً
الفصل الثاني يتضمن تعاليم المسيح وعجائبهُ الكثيرة في مدَّة خدمتهِ ثلث سنوات إلى ان ذهب إلى اليهودية لأَكل الفصح الأخير ص4 إلى ص9
وأشهر ما في هذا الفصل ثلثة أمور. الأول ابتداءُ محادثة يسوع في مجمع الناصرة حيث كان قد ترئَى ص4. الثاني مجيءُ تلاميذ يوحنا إلى يسوع بينما كان يصنع معجزاتٍ عديدة ص7. الثالث إخراج اللجون من إنسانٍ ص8
الفصل الثالث يتضمن تعاليم يسوع وأمثالهُ وأفعالهُ في اليهودية وأورشليم إلى ان سلمهُ يهوذا ص10 إلى ص21
وأشهر ما في هذا الفصل ثلثة أمور. الأول إرسال السبعين رسولاً ليبشروا بالإنجيل ص10. الثاني مَثَل الابن الشاطر ولعازر والفرّيسي والعشَّار ص15 إلى ص18. الثالث اهتداءُ زكَّا رئيس العشارين ص19
الفصل الرابع يتضمن أخباراً آلام المسيح وموتهِ وقيامتهِ وصعودهِ ص22 إلى ص24
مراجعة شواهد في إنجيل لوقا من العهد القديم
ص ع |
ص ع |
1: 5 مع 1 أي 24: 10 إلى 19 |
10: 9 مع 2 أي 8: 4 |
ص ع |
ص ع |
1: 32 مع 2 صم 7: 11 و12 |
9: 54 مع 2 مل 1: 1 إلى 12 |
1: 23 مع اش 9: 6 و8 |
10: 27 مع تث 6: 5 |
1: 32 مع مز 132: 11 و12 |
10: 27 مع لا 19: 18 |
1: 55 مع تك 17: 19 |
11: 31 مع 1 مل 10: 1 |
1: 79 مع اش 9: 2 |
11: 50 و51 مع 2 أي 24: 2 و21 |
2: 34 مع اش 8: 14 |
13: 6 مع اش 5: 2 |
2: 42 مع خر 23: 15 إلى 17 |
13: 35 مع مي 3: 12 |
2: 42 مع تث 16: 1 إلى 16 |
17: 26 مع تك 7 |
3: 4 مع اش 40: 3 |
17: 28 مع تك 19 |
3: 6 مع اش 53: 10 |
19: 38 مع مز 118: 26 |
4: 8 مع تث 6: 13 |
20: 17 مع مز 118: 22 |
4: 10 مع مز 91: 11 |
21: 22 مع دا 9: 26 و27 |
4: 25 مع 1 مل 17: 9 و18 |
23: 11 مع اش 53: 3 |
4: 27 مع 2 مل 5: 14 |
24: 46 مع اش 50: 6 |
7: 22 مع اش 35: 5 |
24: 46 مع اش 53: 2 الخ |
جدولٌ
يتضمن نَسَب مخلصنا يسوع المسيح بحسب الجسد كما ورد في إنجيل متى ص1 وإنجيل لوقا ص2. وسيأتي الكلام في الجزءِ الثالث من هذا الكتاب عن كيفيَّة اتفاق هذه السلسة في الإنجيلين المشار إليهما وعن كل ما يتعلَّق بذلك
انظر لوقا 3: 23 الخ |
آدم شيث انوش قينان مهللئيل يارد اخنوخ متوشالح لامك نوح سام ارفكشاد قينان شالح عابر فالج رعو سروج ناحور تارح ابرهيم اسحق يعقوب يهوذا فارص حصرون ارام عميناداب نحشون سلمون بوعز عوبيد يسى
|
انظر متى 1: 1 إلى 26 |
الرابع إنجيل يوحنا
كُتِبَ سنة 98 م في أفسس
ان يوحنا كاتب هذا الإنجيل كان أحد الرسل الثلاثة الذين اصطفاهم المسيح ليكونوا رفقاءَهُ الخصوصيين وهم بطرس ويعقوب ويوحنا. فهؤلاءِ وحدهم رُخِّص لهم في ان يعاينوا قيامة ابنة يايروس مر 5: 37. والتجلّي مت 17: 1 ومر 9: 2 ولو 9: 28. وجهادهُ في جثسيماني مت 26: 37 ومر 14: 33. وقد صار لهذا الرسول بيّناتٌ خصوصيَّة عن محبة سيدهِ لهُ وثقتهِ بهِ وذلك بتسميتهِ إياهُ تكراراً التلميذ الذي كان يسوع يحبهُ. وجلوسهِ بجانبهِ في الفصح الأخير يو 13: 23 وتوصيتهِ إياهُ وهو على الصليب ان يهتم بأمهِ يو 19: 26 و27. وإذا كان هو أحد الاثنين المذكورين في يو 1: 35 إلى 40 كما يُظَنُّ فيكون من أول الذين دعاهم الرب إلى الرسالة وعلى كل حالٍ يتضح من إنجيلهِ أنهُ تتلمذ للمسيح عند أول شروعهِ في خدمتهِ. وبناءً على ما تقدم يكون هذا الرسول فضلاً عن حصولهِ على إرشاد الروح القدس وإنارتهِ الفائقة قد حصل أيضاً على كل الصفات والفضائل والمواهب التي تؤَهّلهُ ليكون شاهداً لحيوة مخلصنا وتعاليمهِ
ان هذا الإنجيل موضوعٌ في آخر البشائر وذلك بحسب اعتقاد الأكثرين أنهُ كُتِبَ بعد خراب أورشليم وكتابة جميع أسفار العهد الجديد في أثناءِ سنة 98 م وذلك بعد رجوع يوحنا من النفي. وكان الداعي الخصوصي إلى كتابتهِ تثبيت المسيحيين الأولين في الاعتقاد بحقيقة لاهوت المسيح وناسوتهِ ودحض بعض ارتقاتٍ مفسدة قد ابتدعها بعض الملحدين في شأْن ناسوت المسيح وموتهِ وأيضاً ذكر بعض أقوال المسيح المهمَّة التي لم يذكرها غيرهُ من الإنجيليين. ونَفَس هذا الرسول الخصوصي في إنجيلهِ كما في بقية مكتوباتهِ يميزهُ القارئُ من أول وهلةٍ. وكذلك الأمور التي يتضمَّنها هذا الإنجيل هي أيضاً خصوصية به. لأنهُ قلما يذكر فيهِ من الأمور التي يذكرها غيرهُ من الإنجيليين. فهم يتكلمون أكثر منهُ عمَّا فعل
الرب في الجليل وهو يتكلم أكثر منهم عمَّا فعل في أورشليم
ومن جملة الأمور التي يتركها هذا الإنجيليّ مما يذكرهُ غيرهُ خبر ميلاد المسيح ومعموديتهِ وتجربتهِ وكثيراً من أمثالهِ وأحاديثهِ وأسفارهِ ودعوة الاثني عشر رسولاً وجميع عجائبهِ ما عدا اشباع الخمسة آلاف ص6
ومن جملة الأمور الكثيرة التي يذكرها ممَّا يتركهُ غيرهُ من الإنجيليين إرشاد يوحنا المعمدان تلاميذهُ لاتّباع يسوع ص1. وتحويل المسيح الماءَ خمراً ص2. وشفاؤُهُ ابن خادم الملك ص4. وشفاؤُهُ مريضاً في بركة بيت حسدا ص5 والأعمى في بركة سلوام ص9. وإقامتهُ لعازر من الموت ص11. وحديثهُ مع نيقوديمس ص3. ومع المرأَة السامريَّة ص4. ومع الفريسيين بخصوص لاهوتهِ ص5. وفي كفرناحوم عن ذاتهِ كخبز الحيوة ص6. ومع تلاميذهِ على مواضيع متنوعة وخصوصاً ذلك الحديث الذي خاطبهم بهِ في تلك الليلة التي أُسلم بها ص14 إلى ص16 وصلاتهُ الشفاعيَّة ص17. وظهورهُ بعد قيامتهِ لتلاميذهِ على بحر الجليل وإرجاع بطرس إلى وظيفتهِ الرسولية ص21
وأشهر ما يمتاز بهِ إنجيل يوحنا التدقيق في ذكر أحاديث وخطب المسيح التي بها يظهر لاهوتهُ ووظيفتهُ إما بالمجادلة مع أضدادهِ ص8 إلى ص12 وإما بالمحاورات السريَّة مع تلاميذهِ ص13 إلى ص17. وهكذا حكمة الله الفايقة عيَّنت للتلميذ الذي كان يسوع يحبهُ وكان إِنْسَهُ وصفيَّهُ الخاصّ مدة خدمتهِ على الأرض وظيفةَ تحضيرِ ذلك الجزء النفيس من التاريخ الإنجيليّ الذي هو بأسمى درجةٍ الذي يرشدنا إلى معرفة عمل المخلص وصفاتهِ وأقنومهِ الإلهي. وإذ كان عمل المخلص شخصيّاً هو غاية كلٍّ من الإنجيليين فالبشائر الأربع معاً تشتمل على كل ما هو ضروريّ لتعليم الكنيسة وبنيانها إلى انقضاءِ الدهر
فيا أيها القارئُ العزيز اذكر ما يقولهُ هذا البشير الحبيب في ص 20: 31 وإما هذه فقد كُتبت لُتؤْمنوا ان يسوع هو المسيح ابن الله ولكي تكون لكم إذا آمنتم حيوةٌ باسمهِ. فهذا النصُّ الشريف الإلهيّ يُؤَيّد لنا ان ما كَتبتهُ رُسُل ربنا هو
دستورٌ لإيماننا وكافٍ لخلاصنا. فعسى الله ان يهبكَ نعمتهُ بغزارة لكي تؤْمن بابنهِ الذي نزل من السماءِ لأجل خلاصنا لأن الذي يؤْمن بالابن لهُ حيوةٌ أبدية والذي لا يُؤْمن بالابن لن يرى حيوةً بل يمكث عليهِ غضب الله يو 3: 36
وفي هذا الإنجيل واحد وعشرون اصحاحاً تندرج في خمسة فصولٍ كبار
الفصل الأول يتضمن ذكر أمورٍ شَتَّى عن يوحنا المعمدان وإفعال المسيح بعد شروعهِ في خدمتهِ ص1
ومما يستحقُّ الملاحظة في هذا الفصل هو تصريح الرسول جليّاً بأن يسوع ابن الله هو خالق كل شيءٍ وانهُ تأَنس ليرفع خطايا العالم ص 1: 1 إلى 3 و14 و29
الفصل الثاني يتضمن أقوال المسيح وأعمالهُ العديدة إلى ظهورهِ الأخير في أورشليم ص2 إلى ص12
وأشهر ما في الفصل خمسة أشياءَ. الأول معجزة تحويل الماءِ خمراً ص2. الثاني حديث المخلص مع نيقوديمس ص3. الثالث اهتداءُ المرأة السامرية ص4. الرابع أقوال المسيح الحِكَمية مع اليهود ص5 إلى ص10. الخامس قصَّة لعازر وقيامتهُ العجيبة ص11
الفصل الثالث يحوي مخاطبات المسيح الوديعة مع رسلهِ قبل موتهِ ص13 إلى ص17
وأشهر ما في هذا الفصل ثلثة أمور. الأول مثال التواضع الذي قدّمهُ المسيح بغسلهِ أرجل تلاميذهِ ص13. الثاني تكرير وعدهِ بمجيءِ الروح القدس ليكون معزّياً للرسل ويعلمهم التعليم الصحيح ومعزّياً للكنيسة دائماً ص15 وص16. الثالث صلوة المخلص لأجل رسلهِ ولأجل كل مومنٍ باسمهِ ص17
الفصل الرابع يتضمن خبر تسليم المسيح والقضاءِ عليهِ وصلبهِ ص18 إلى ص19
وأشهر ما في هذا الفصل عدا المذكور في الأناجيل الأُخَر هو محبة يسوع لأمهِ واهتمامهُ بها حيث أوصى بها وهي على الصليب تلميذهُ يوحنا الذي كان يحبهُ ص19
الفصل الخامس يذكر بعض أمورٍ عن قيامة المسيح وعن محادثتهِ الأخيرة
مع تلاميذهِ
وأشهر ما في هذا الفصل أمران. الأول تنازل المسيح ورفعهُ شكوك توما الرسول ص20. الثاني حديثهُ بالتحنن مع بطرس النائب ص21
مراجعة شواهد في إنجيل يوحنا من العهد القديم
ص ع |
ص ع |
1: 1 مع 1 م 8: 22 إلى 30 |
7: 37 مع اش 55: 1 |
1: 12 مع اش 56: 5 |
7: 42 مع 1 صم 16: 1 إلى 4 |
1: 21 مع مل 4: 5 |
10: 11 مع اش 40: 11 |
1: 21 مع تث 18: 5 إلى 18 |
10: 11 مع حز 34: 12 |
1: 23 مع اش 40: 3 |
12: 13 مع مز 118: 25 و26 |
1: 45 مع تث 18: 18 |
12: 15 مع زك 9: 9 |
1: 45 مع مي 5: 2 |
12: 34 مع مز 89: 36 و37 |
3: 13 مع 1 م 30: 4 |
12: 34 مع حز 37: 25 |
4: 5 مع تك 33: 19 |
12: 34 مع دا 7: 13 و14 |
4: 5 مع يش 24: 32 |
12: 39 إلى 41 مع اش 6: 1 إلى 10 |
4: 9 مع 2 مل 17: 24 |
19: 24 مع مز 22: 18 |
4: 25 مع تك 3: 15 |
19: 28 و29 مع مز 69: 21 |
4: 25 مع تك 49: 10 |
19: 31 مع تث 21: 23 |
6: 14 مع تث 18: 15 و18 |
19: 36 مع خر 12: 46 |
6: 21 مع خر 16: 15 |
19: 37 مع مز 22: 16 و17 |
6: 45 مع اش 54: 13 |
19: 37 مع زك 12: 10 |
6: 45 مع ار 31: 34 |
21: 25 مع عا 7: 10 |
7: 35 مع اش 11: 12 |
|
جدولٌ
في إيضاح اتّفاق الإنجيليين وتعيين زمان الحوادث التي ذكروها ومكانها
ان العلماءَ قد صرفوا وقتاً طويلاً وأتعاباً جزيلة في تحضير تأليفٍ يسمونهُ اتّفاق الإنجيليين ويريدون بهِ ترتيب الحوادث المذكورة في البشائر الأربع بحسب ظروف زمانها وغايتهم بذلك ان يبينوا الاتفاق التام بين الإنجيليين الأربعة في ذكرها ويبرهنوا ان الاختلاف الذي يُرَى بينهم هو بحسب الظاهر فقط. ولا يخفى ان معرفة جميع ظروف وأحوال هذه الحوادث معرفةً تامَّة ترينا اتفاقها بعضها مع بعض وأن عجزنا في تعيين كيفية موافقتها ناتج من عدم هذه المعرفة. على ان الجهل بذلك لا يضرُّ الذي يقرأُ الأناجيل بدون محاباة لأن هذه الاختلافات التي هي بحسب الظاهر فقط تتعلَّق بالأحوال العرضية التي لا طائل تحتها وأما الحوادث الكبيرة والتعاليم الجوهرية فتتلأْلأُ بهيئةٍ واحدةٍ في الجميع
وقد اخترنا في هذا الموضوع رأي أشهر المدققين الموثوق بهم. ولا يخفى ان مخلصنا لهُ المجد لم يشرع في وظيفتهِ جهراً قيل ان بلغ من العمر ثلثين سنة ويُظَنُّ غالباً أنهُ مارسها ثلاث سنوات ونصف سنة تقريباً. وقد قسمنا كلَّ تاريخهِ إلى تسعة أقسامٍ
الأول |
من ظهور الملاك لزكريا إلى صعود المسيح إلى أورشليم وهو ابن اثنتي عشرة سنة ـ 13 سنة وستة أشهر |
الثاني |
من شروع مخلصنا في ممارسة وظيفتهِ جهراً إلى مضي اثني عشر شهراً ـ سنة واحدة |
الثالث |
من الفصح الأول بعد شروع المخلص في خدمتهِ إلى الفصح الثاني ـ سنة واحدة |
الرابع |
من الفصح الثاني إلى الفصح الثالث ـ سنة واحدة |
الخامس |
من الفصح الثالث إلى عيد المظال ـ 6 أشهر |
السادس |
من عيد المظال إلى وصول مخلصنا إلى بيت عنيا قبل الفصح الرابع بستة أيام ـ ستة أشهر إلا ستة أيام |
السابع |
من دخول المخلص جهراً إلى أورشليم إلى الفصح الرابع ـ أربعة أيام |
الثامن |
من الفصح الرابع إلى نهاية السبت اليهودي الذي يليهِ ـ يومان |
التاسع |
من قيامة مخلصنا إلى صعودهِ ـ أربعون يوماً |
فنرغب بكل حرارةٍ من مطالعيهِ ان يدرسوا الأناجيل على هذا الترتيب المذكور هنا لأنهم بهذه الواسطة يستفيدون فائدةً عظيمةً روحيَّة ويثقون أكثر ثقةٍ بصحة التاريخ الإنجيليّ
القسم الأوَّل
يتضمن خبر ميلاد مخلصنا وطفوليتهِ وهو يشتمل على تاريخ ثلث عشرة سنةً ونصف
الحوادث |
محل ذكرها في الأناجيل |
||||
|
|
إنجيل متى |
إنجيل مرقس |
إنجيل لوقا |
إنجيل يوحنا |
1 |
* مقدّمة إنجيل لوقا |
|
|
1: 1 إلى 4 |
|
2 |
* ظهور الملاك لزكريا * أورشليم |
|
|
1: 5 إلى 25 |
|
3 |
* ظهور الملاك لمريم * ناصرة |
|
|
1: 26 إلى 38 |
|
4 |
* زيارة مريم اليصابات * يوطة يش 15: 5 |
|
|
1: 39 إلى 56 |
|
5 |
* ولادة يوحنا المعمدان * يوطة. اذار |
|
|
1: 57 إلى 80 |
|
6 |
* ظهور الملاك ليوسف * ناصرة |
1: 18 إلى 25 |
|
|
|
7 |
* ولادة يسوع * بيت لحم. تشرين |
|
|
2: 1 إلى 7 |
|
8 |
* ظهور الملاك للرعاة * عند بيت لحم |
|
|
2: 8 إلى 20 |
|
9 |
* ختان يسوع وإحضارهُ إلى الهيكل * بيت لحم. أورشليم |
|
|
2: 21 إلى 38 |
|
10 |
* زيارة المجوس * أورشليم. بيت لحم |
2: 1 إلى 12 |
|
|
|
11 |
* هرب يسوع إلى مصر وقساوة هيرودس ورجوع يسوع * بيت لحم. ناصرة |
2: 13 إلى 23 |
|
2: 39 و40 |
|
12 |
* مضيّ يسوع إلى الفصح وهو ابن اثنتي عشرة سنة * أورشليم |
|
|
2: 41 إلى 52 |
|
13 |
* نسب يسوع |
1: 1 إلى 17 |
|
3: 23 إلى 38 |
|
القسم الثاني
مناداة يوحنا بخدمة المخلص وشروع المسيح في ممارسة وظيفتهِ جهراً. وهو يشتمل على تاريخ سنةٍ واحدة
14 |
* خدمة يوحنا المعمدان * البرية. الأردن |
3: 1 إلى 12 |
1: 1 إلى 8 |
3: 1 إلى 18 |
|
15 |
* معمودية يسوع * الأردن |
3: 13 إلى 17 |
1: 9 إلى 11 |
3: 21 إلى 23 |
|
الحوادث |
محل ذكرها في الأناجيل |
||||
|
|
إنجيل متى |
إنجيل مرقس |
إنجيل لوقا |
إنجيل يوحنا |
16 |
* تجربة يسوع * برية اليهودية |
4: 1 إلى 11 |
1: 12 و13 |
14: 1 إلى 13 |
|
17 |
* مقدمة إنجيل يوحنا |
|
|
|
1: 1 إلى 18 |
18 |
* شهادة يوحنا المعمدان ليسوع * بيت عبرة الأردن |
|
|
|
1: 19 إلى 34 |
19 |
* اتخاذ يسوع تلاميذ * الأردن. الجليل |
|
|
|
1: 35 إلى 51 |
20 |
* عرس قانا الجليل |
|
|
|
2: 1 إلى 12 |
القسم الثالث
يتضمن حوادث اثني عشر شهراً من الفصح الأول بعد شروع المخلص في خدمتهِ إلى الفصح الثاني
21 |
* إخراج يسوع الباعة من الهيكل في الفصح * أورشليم |
|
|
|
2: 13 إلى 25 |
22 |
* خطاب مخلصنا مع نيقوديموس * أورشليم |
|
|
|
3: 1 إلى 21 |
23 |
* بقاءُ يسوع في اليهودية وتعميدهُ وشهادة يوحنا المعمدان أيضاً لهُ |
|
|
|
3: 22 إلى 36 |
24 |
* انتقال يسوع إلى الجليل بعد ان أُلقي يوحنا في السجن |
4: 12 و14: 3 إلى 5 |
1: 14 و6: 17 إلى 20 |
4: 14 و3: 19 و20 |
4: 1 إلى 3 |
25 |
* خطاب مخلصنا مع المرأة السامرية وإيمان كثيرين من السامريين بهِ * شكيم أو نابلس |
|
|
|
4: 4 إلى 42 |
26 |
* تعليم يسوع جهراً في الجليل |
4: 17 |
1: 14 و15 |
4: 14 و15 |
4: 43 إلى 45 |
27 |
* ذهاب يسوع أيضاً إلى قانا حيث ابرأَ ابن خادم الملك الذي كان مريضاً في كفر ناحوم * قانا الجليل |
|
|
|
4: 36 إلى 54 |
الحوادث |
محل ذكرها في الأناجيل |
||||
|
|
إنجيل متى |
إنجيل مرقس |
إنجيل لوقا |
إنجيل يوحنا |
28 |
* ذهاب يسوع إلى الناصرة ورفضهم إياهُ وتوطنهُ في كفر ناحوم |
4: 13 إلى 16 |
|
4: 16 إلى 31 |
|
29 |
* دعوة سمعان بطرس واندراوس ويعقوب ويوحنا وعجيبة صيد السمك * عند كفر ناحوم |
4: 18 إلى 22 |
1: 16 إلى 20 |
5: 1 إلى 11 |
|
30 |
* إخراج روح نجس من إنسان في المجمع * كفر ناحوم |
|
1: 21 إلى 28 |
4: 31 إلى 37 |
|
31 |
* شفاءُ حماة بطرس وآخرين كثيرين * كفر ناحوم |
8: 14 إلى 17 |
1: 29 إلى 34 |
4: 38 إلى 41 |
|
32 |
* ذهاب يسوع وتلاميذهِ من كفر ناحوم وكرازنهُ في قرى الجليل |
4: 23 إلى 25 |
1: 35 إلى 39 |
4: 42 إلى 44 |
|
33 |
* تطهير الأبرص * الجليل |
8: 2 إلى 4 |
1: 40 إلى 45 |
5: 12 إلى 16 |
|
34 |
* شفاؤُهُ المفلوج * كفر ناحوم |
9: 2 إلى 8 |
2: 1 إلى 12 |
5: 17 إلى 26 |
|
35 |
* دعوة متى * كفر ناحوم |
9: 9 |
2: 13 و14 |
5: 27 و28 |
|
القسم الرابع
يتضمن ذكر حوادث اثني عشر شهراً من الفصح الثاني إلى الفصح الثالث
36 |
* بركة بيت حسدا وشفاءُ يسوع سقيماً هناك وخطابهُ لليهود * أورشليم |
|
|
|
5: 1 إلى 47 |
37 |
* قطف التلاميذ سنابل يوم السبت * ربما على الطريق إلى الجليل |
12: 1 إلى 8 |
2: 23 إلى 28 |
6: 1 إلى 5 |
|
38 |
* إبراءُ يسوع اليد اليابسة يوم السبت * الجليل |
12: 9 إلى 14 |
3: 1 إلى 6 |
6: 6 إلى 11 |
|
39 |
* انصراف يسوع إلى بحر طبرية واتباع الجموع إياهُ * بحيرة طبرية |
12: 15 إلى 21 |
3: 7 إلى 12 |
|
|
40 |
* صعود يسوع إلى الجبل وانتخابهُ الاثني عشر رسولاً واتباع جمعٍ كبير لهُ * عند كفر ناحوم |
10: 2 إلى 4 |
3: 13 إلى 19 |
6: 12 إلى 19 |
|
الحوادث |
محل ذكرها في الأناجيل |
||||
|
|
إنجيل متى |
إنجيل مرقس |
إنجيل لوقا |
إنجيل يوحنا |
41 |
* الوعظ على الجبل * قرب كفر ناحوم |
ص 5 إلى 8: 1 |
|
6: 20 إلى 49 |
|
42 |
* شفاء غلام قائد ماية * كفر ناحوم |
8: 5 إلى 13 |
|
7: 1 إلى 10 |
|
43 |
* قيام ابن الأرملة * نايين |
|
|
7: 1 إلى 17 |
|
44 |
* إرسال يوحنا المعمدان تلاميذ إلى يسوع * الجليل. ربما في كفر ناحوم |
11: 2 إلى 19 |
|
7: 18 إلى 35 |
|
45 |
* تأملات يسوع في أعمالهِ العجيبة * ربما في كفر ناحوم |
11: 20 إلى 30 |
|
|
|
46 |
* اتيان امرأة خاطئة إلى يسوع وهو جالس على الأكل مع فريسي ودهنها إياهُ بالطيب * ربما في كفر ناحوم |
|
|
7: 36 إلى 50 |
|
47 |
* جولان يسوع ثانيةً مع تلاميذهِ في الجليل |
|
|
8: 1 إلى 3 |
|
48 |
* إبراءُ يسوع مجنوناً وتجديف الكتبة والفريسيين * الجليل |
12: 22 إلى 37 |
3: 19 إلى 30 |
11: 14 و15 و17 على 23 |
|
49 |
* طلب الكتبة والفريسيين آيةً * الجليل |
12: 38 إلى 45 |
|
11: 16 و24 إلى 36 |
|
50 |
* إيضاح يسوع ان تلاميذهُ الحقيقيين هم انسباؤُهُ الأقربون * الجليل |
12: 46 إلى 50 |
3: 31 إلى 35 |
8: 19 إلى 21 |
|
51 |
* نطق يسوع بالويل على الفريسيين وغيرهم إذ كان يأكل مع الفريسي * الجليل |
|
|
11: 37 إلى 54 |
|
52 |
* تعليم يسوع تلاميذهُ والجمع * الجليل |
|
|
12: 1 إلى 59 |
|
53 |
* ذبح بعض الجليليين ومثل شجرة التين غير المثمرة * الجليل |
|
|
13: 1 إلى 9 |
|
54 |
* مثل الزارع * بحيرة الجليل. ربما |
|
|
|
|
الحوادث |
محل ذكرها في الأناجيل |
||||
|
|
إنجيل متى |
إنجيل مرقس |
إنجيل لوقا |
إنجيل يوحنا |
|
قرب كفر ناحوم |
13: 1 إلى 23 |
4: 1 إلى 25 |
8: 4 إلى 18 |
|
55 |
* مثل الزوان وأمثال أُخر * ربما قرب كفر ناحوم |
13: 24 إلى 53 |
4: 26 إلى 34 |
|
|
56 |
* أمر يسوع بعبر البحيرة وما أصابهم في الطريق وتسكين الريح * بحيرة الجليل |
8: 18 إلى 27 |
4: 35 إلى 41 |
8: 22 إلى 25 و9: 57 إلى 62 |
|
57 |
* إبراءُ يسوع مجنونين في كورة الجرجسيين * شاطي بحر الجليل الجنوبي الشرقي |
8: 28 إلى 34 و9: 1 |
5: 1 إلى 21 |
8: 26 إلى 40 |
|
58 |
* وليمة لاوي * كفر ناحوم |
9: 10 إلى 17 |
2: 15 إلى 22 |
5: 29 إلى 39 |
|
59 |
* إقامة يسوع ابنة بايروس وإبراؤُهُ نازفة دمٍ * كفر ناحوم |
9: 18 إلى 26 |
5: 22 إلى 43 |
8: 41 إلى 56 |
|
60 |
* فتحهُ أعين أعميين وإبراؤُهُ رجلاً أخرس مجنوناً * ربما في كفر ناحوم |
9: 27 إلى 34 |
|
|
|
61 |
* زيارة يسوع الناصرة ورفضهم لهُ أيضاً |
13: 54 إلى 58 |
6: 1 إلى 6 |
|
|
62 |
* جولاتهُ ثالثةً في الجليل وتدريبهُ الاثني عشر وإرسالهم * الجليل |
9: 35 إلى 38 و10: 1 و5 إلى 42 و11: 1 |
6: 6 إلى 13 |
9: 1 إلى 6 |
|
63 |
* ظنُّ هيرودس بيسوع أنهُ يوحنا المعمدان الذي كان قد قطع رأسهُ |
14: 1 و2 و6 إلى 12 |
6: 14 إلى 16 و21 إلى 29 |
9: 7 إلى 9 |
|
64 |
* رجوع الاثني عشر إلى يسوع وذهابهم معهُ إلى عبر البحيرة وإشباع المسيح خمسة آلاف * كفر ناحوم. شاطي بحر الجليل الشمالي الشرقيّ |
14: 13 إلى 21 |
6: 30 إلى 44 |
9: 10 إلى 17 |
6: 1 إلى 14 |
65 |
* مشي يسوع على الماء * بحيرة الجليل |
|
|
|
|
الحوادث |
محل ذكرها في الأناجيل |
||||
|
|
إنجيل متى |
إنجيل مرقس |
إنجيل لوقا |
إنجيل يوحنا |
|
جنيسارت |
14: 11 إلى 22 |
6: 45 إلى 56 |
6: 45 إلى 5 |
6" 15 إلى 21 |
66 |
* خطاب مخلصنا للجمع في المجمع في كفر ناحوم ورجوع كثيرين من تلاميذهِ واعتراف بطرس بإيمانهِ * كفر ناحوم |
|
|
|
6: 22 إلى 71 و7: 1 |
القسم الخامس
يتضمن حوادث ستة أشهر من الفصح الثالث إلى انتقال المسيح الأخير من الجليل في عيد المظال
67 |
* تبرير مخلصنا تلاميذهُ لأجل أكلهم بأيدٍ غير مغسولة وكلامهُ عن تقاليد الفريسيين * كفر ناحوم |
15: 1 إلى 20 |
7: 1 إلى 23 |
|
|
68 |
* شفاءُ ابنة المرأة الفينيقية * تخوم صور وصيدا |
15: 21 إلى 28 |
7: 24 إلى 30 |
|
|
69 |
* شفاءُ إنسان أصمّ أعقد وآخرين كثيرين أيضاً وإشباع أربعة آلاف * تخوم العشر المدن |
15: 29 إلى 38 |
7: 31 إلى 37 و8: 1 إلى 9 |
|
|
70 |
* طلب الفريسيين والصدوقيين آيةً أيضاً (انظر رقم 49) * قرب مجدل |
15: 39 و16: 11 إلى 4 |
8: 10 إلى 12 |
|
|
71 |
* تحذير التلاميذ من خمير الفريسيين الخ * شاطي بحيرة الجليل الشمالي الشرقي |
16: 4 إلى 12 |
8: 13 إلى 21 |
|
|
72 |
* فتح عيني أعمى * بيت صيدا |
|
8: 22 إلى 26 |
|
|
73 |
* اعتراف بطرس والآخرين أيضاً بإيمانهم بالمسيح (انظر رقم 66) * نواحي قيصرية فيلبس أي بانياس |
16: 13 إلى 20 |
8: 27 إلى 30 |
9: 18 إلى 21 |
|
الحوادث |
محل ذكرها في الأناجيل |
||||
|
|
إنجيل متى |
إنجيل مرقس |
إنجيل لوقا |
إنجيل يوحنا |
74 |
* تنبي مخلصنا عن موتهِ وقيامتهِ وامتحانات تابعيهِ * نواحي بانياس |
16: 21 إلى 28 |
8: 31 إلى 38 و9: 1 |
9: 22 إلى 27 |
|
75 |
* تجلي يسوع وخطابهُ مع تلاميذهِ وهم نازلون من الجبل * نواحي بانياس |
17: 1 إلى 13 |
9: 2 إلى 13 |
9: 28 إلى 36 |
|
76 |
* إخراجهُ روحاً أصمَّ أخرس لم يقدر التلاميذ على إخراجه * نواحي بانياس |
17: 14 إلى 21 |
9: 14 إلى 29 |
9: 37 إلى 43 |
|
77 |
* انباءُ يسوع أيضاً بموتهِ وقيامتهِ (انظر رقم 74) * الجليل |
17: 22 و23 |
9: 30 إلى 32 |
9: 43 إلى 45 |
|
78 |
* عمل يسوع العجيبة لايفاءِ الجزية * كفر ناحوم |
17: 24 إلى 27 |
9: 33 |
|
|
79 |
* مخاصمة التلاميذ على مَنْ يكون الأعظم وحثُّ يسوع على التواضع والصبر والمحبة الأخوية * كفر ناحوم |
18: 1 إلى 35 |
9: 33 إلى 50 |
9: 46 إلى 50 |
|
80 |
* تدريب السبعين تلميذاً وإرسالهم * كفر ناحوم |
|
|
10: 1 إلى 16 |
|
81 |
* صعود يسوع إلى عيد المظال (وهو انتقالهُ الأخير من الجليل) وما أصابهُ في السامرة |
|
|
9: 51 إلى 56 |
7: 2 إلى 10 |
82 |
* شفاءُ عشرة برصٍ * سامرة |
|
|
17: 11 إلى 19 |
|
القسم السادس
يتضمن حوادث ستة أشهر إلا ستة أيام من عيد المظال إلى وصول مخلصنا إلى بيت عنيا قبل الفصح الرابع بستة أيامٍ
83 |
* حضور يسوع في عيد المظال وتعليمهُ جهراً * أورشليم |
|
|
|
7: 11 إلى 53 و8: 1 |
الحوادث |
محل ذكرها في الأناجيل |
||||
|
|
إنجيل متى |
إنجيل مرقس |
إنجيل لوقا |
إنجيل يوحنا |
84 |
* قصة المرأة التي أُمسكت في زنَى * أورشليم |
|
|
|
8: 2 إلى 11 |
85 |
* تعليم ربنا أيضاً جهراً وتوبيخهُ اليهود غير المؤمنين ونجاتهُ من أيديهم * أورشليم |
|
|
|
8: 12 إلى 59 |
86 |
* جواب يسوع للناموسي. وتعريف محبة القريب. ومَثَل السامريّ الصالح * قرب أورشليم |
|
|
10: 25 إلى 37 |
|
87 |
* دخول يسوع بيت مرثا ومريم * بيت عنيا |
|
|
10: 38 إلى 42 |
|
88 |
* تعليم التلاميذ أيضاً كيف يصلون * عند أورشليم |
|
|
11: 1 إلى 13 |
|
89 |
* رجوع السبعين تلميذاً * أورشليم |
|
|
10: 17 إلى 24 |
|
90 |
* تفتيح يسوع الأعمى منذ ولادتهِ في يوم السبت. وخطابهُ على ذلك * أورشليم |
|
|
|
9: 1 إلى 41 و10: 1 إلى 21 |
91 |
* وجود يسوع في أورشليم في عيد التجديد ورجوعهُ إلى عبر الأردن * أورشليم. بيت عبرة عبر الأردن |
|
|
|
10: 22 إلى 42 |
92 |
* إقامة لعازر * بيت عنيا |
|
|
|
11: 1 إلى 46 |
93 |
* مؤَامرة قيافا على يسوع ورجوع يسوع من أورشليم * أورشليم. افرايم |
|
|
|
11: 47 إلى 54 |
94 |
* اتّباع الجموع ليسوع في عبر الأردن وشفاءُ المرأة المنحنية يوم السبت * وادي الأردن بيريا |
19: 1 و2 |
13: 10 إلى 31 |
|
|
95 |
* اجتياز يسوع في مدن وقرىً |
|
|
|
|
الحوادث |
محل ذكرها في الأناجيل |
||||
|
|
إنجيل متى |
إنجيل مرقس |
إنجيل لوقا |
إنجيل يوحنا |
|
يعلم ويسافر نحو أورشليم وتحذيرهُ من هيرودس * بيريا |
|
|
12: 22 إلى 35 |
|
96 |
* أكل مخلصنا مع أحد رؤَساءِ الفريسيين في السبت وما جرى حينئذٍ * بيريا |
|
|
14: 1 إلى 24 |
|
97 |
* كيفية اتّباع يسوع * بيريا |
|
|
14: 25 إلى 35 |
|
98 |
* مَثَل الخروف الضالّ الخ ومَثَل الابن الشاطر * بيريا |
|
|
15: 1 إلى 32 |
|
99 |
* مَثَل وكيل الظلم * بيريا |
|
|
16: 1 إلى 13 |
|
100 |
* توبيخ الفريسيين ومَثَل الغني ولعازر * بيريا |
|
|
16: 14 إلى 31 |
|
101 |
* تعليم يسوع عن الصبر والإيمان والتواضع * بيريا |
|
|
17: 1 إلى 10 |
|
102 |
* كيفية مجيءِ المسيح * بيريا |
|
|
17: 20 إلى 37 |
|
103 |
* مَثل الأرملة وقاضي الظلم ومَثَل الفريسي والعشار * بيريا |
|
|
18: 1 إلى 14 |
|
104 |
* تعليم عن الطلاق * بيريا |
19: 3 إلى 12 |
10: 2 إلى 12 |
|
|
105 |
* قبول يسوع الأولاد ومباركتهُ عليهم * بيريا |
19: 13 إلى 15 |
10: 13 إلى 16 |
18: 15 إلى 17 |
|
106 |
* قصة الشابّ الغني. ومَثَل الفعلة في الكريم * بيريا |
19: 16 إلى 30 و20: 1 إلى 16 |
10: 17 إلى 31 |
18: 18 إلى 30 |
|
107 |
* انباءُ يسوع ثالثةً بموتهِ وقيامتهِ (انظر رقم 74 و77) * بيريا |
20: 17 إلى 19 |
10: 32 إلى 34 |
18: 31 إلى 34 |
|
108 |
* طلبة يعقوب ويوحنا النفسانية * بيريا |
20: 20 إلى 28 |
10: 35 إلى 45 |
|
|
109 |
* تفتيح يسوع أعميين بقرب أريحا |
20: 29 إلى 34 |
10: 46 إلى 52 |
18: 35 إلى 43 و19: 1 |
|
الحوادث |
محل ذكرها في الأناجيل |
||||
|
|
إنجيل متى |
إنجيل مرقس |
إنجيل لوقا |
إنجيل يوحنا |
110 |
* زيارة يسوع زكا. ومَثَل العشرة الأمناء * أريحا |
|
|
19: 2 إلى 28 |
|
111 |
* وصول يسوع إلى بيت عنيا قبل الفصح بستة أيام * بيت عنيا |
|
|
|
11: 55 إلى 57 و12: 1 و9 إلى 11 |
القسم السابع
يتضمن حوادث أربعة أيامٍ من دخول مخلصنا جهراً إلى أورشليم إلى الفصح الرابع
112 |
* دخول يسوع علانيةً إلى أورشليم * بيت عنيا. أورشليم. نهار الاثنين في 11 نيسان |
21: 1 إلى 11 و14 إلى 17 |
11: 1 إلى 11 |
19: 29 إلى 44 |
12: 12 إلى 19 |
113 |
* شجرة التين غير المثمرة. وتنظيف الهيكل * بيت عنيا. أورشليم. الثلثاءَ في 12 نيسان |
21: 12 و13 و18 و19 |
11: 12 إلى 19 |
19: 45 إلى 48 و21: 37 و38 |
|
114 |
* لحظ التلاميذ ان الشجرة قد يبست * بين بيت عنيا وأورشليم. الأربعاءَ |
21: 20 إلى 22 |
11: 2 إلى 26 |
|
|
115 |
* سؤَال رؤَساء الكهنة والكتبة ليسوع عن سلطانهِ. ومَثل الابنين * أورشليم. الأربعاء |
21: 23 إلى 32 |
11: 27 إلى 33 |
20: 1 إلى 8 |
|
116 |
* مَثَل الكرَّامين الأشرار * أورشليم. الأربعاءَ |
21: 33 إلى 46 |
12: 1 إلى 12 |
20: 9 إلى 19 |
|
117 |
* مثَل عرس ابن الملك * أورشليم. الأربعاءَ |
22: 1 إلى 14 |
|
|
|
118 |
* سؤَال الفريسيين الاحتياليّ |
|
|
|
|
الحوادث |
محل ذكرها في الأناجيل |
||||
|
|
إنجيل متى |
إنجيل مرقس |
إنجيل لوقا |
إنجيل يوحنا |
|
عن الجزية لقيصر * أورشليم. الأربعاءَ |
22: 15 إلى 22 |
12: 13 إلى 17 |
20: 20 إلى 26 |
|
119 |
* سؤَال الصدوقيين الاحتياليّ عن القيامة * أورشليم. الأربعاءَ |
22: 23 إلى 33 |
12: 18 إلى 27 |
20: 27 إلى 40 |
|
120 |
* سؤَال الناموسي عن الوصية العظمى * أورشليم. الأربعاءَ |
22: 34 إلى 40 |
12: 28 إلى 34 |
|
|
121 |
* كيف يكون المسيح ابن داود * أورشليم. الأربعاءَ |
22: 41 إلى 46 |
12: 35: إلى 37 |
20: 41 إلى 44 |
|
122 |
* تحذير يسوع الجموعَ وتلاميذهُ من خبث الكتبة والفريسيين * أورشليم. الأربعاءَ |
23: 1 إلى 12 |
12: 38 و39 |
20: 45 و46 |
|
123 |
* نطقهُ بالويل للكتبة والفريسيين. ورثاؤُهُ أورشليم * أورشليم. الأربعاءَ |
23: 13 إلى 39 |
12: 40 |
20: 47 |
|
124 |
* مدح المسيح المرأَة التي ألقت فلسيْن في الخزانة * أورشليم. الأربعاءَ |
|
12: 41 إلى 44 |
21: 1 إلى 4 |
|
125 |
* رغبة أناسٍ يونانيين في ان يروا يسوع * أورشليم. الأربعاءَ |
|
|
|
12: 20 إلى 36 |
126 |
* كلام عن عدم إيمان اليهود بهِ * أورشليم. الأربعاءَ |
|
|
|
12: 37 إلى 50 |
127 |
* انباءُ يسوع بخراب الهيكل عند خروجهِ منهُ وباضطهاد تلاميذهِ * أورشليم. جبل الزيتون. الأربعاءَ |
24: 1 إلى 14 |
13: 1 إلى 13 |
21: 5 إلى 19 |
|
128 |
* علامات مجيءِ المسيح لخراب أورشليم وإنهاء النظام اليهوديّ * جبل الزيتون. الأربعاءَ |
24: 15 إلى 42 |
13: 14 إلى 37 |
21: 20 إلى 36 |
|
129 |
* كلامٌ عن يوم الدينونة وحثٌّ على السهر. ثم مَثَل العشر العذارى ومثل الخمس الوزنات * جبل الزيتون. الأربعاءَ |
24: 43 إلى 51 و25: 1 إلى 30 |
|
|
|
الحوادث |
محل ذكرها في الأناجيل |
||||
|
|
إنجيل متى |
إنجيل مرقس |
إنجيل لوقا |
إنجيل يوحنا |
130 |
* كيفية إجراءِ الدينونة * جبل الزيتون. الأربعاءَ |
25: 31 إلى 46 |
|
|
|
131 |
* اتفاق الرؤساءِ على مسك يسوع والعشاءُ في بيت عنيا وخيانة يهوذا * أورشليم. بيت عنيا. الخميس |
26: 1 إلى 16 |
14: 1 إلى 11 |
22: 1 إلى 6 |
|
132 |
* الاستعداد للفصح * بيت عنيا. أورشليم. الخميس |
26: 17 إلى 19 |
14: 12 إلى 16 |
22: 7 إلى 13 |
|
القسم الثامن
يتضمن حوادث الفصح الرابع وما احتملهُ مخلصنا إلى مساءِ السبت اليهوديّ وذلك في مدة يومين
133 |
* أكل الفصح. والمشاجرة بين الاثني عشر * أورشليم. مساءَ الجمعة |
26: 20 |
14: 17 |
22: 14 إلى 18 و24 إلى 30 |
|
134 |
* غسل يسوع اقدام تلاميذهِ * أورشليم. مساءَ الجمعة |
|
|
|
13: 1 إلى 20 |
135 |
* إشارة يسوع إلى الخائن. وخروج يهوذا * أورشليم. مساءَ الجمعة |
26: 21 إلى 25 |
14: 18 إلى 21 |
22: 21 إلى 23 |
13: 21 إلى 35 |
136 |
* انباءُ يسوع بسقوط بطرس وتشتت الاثني عشر * أورشليم. مساءَ الجمعة |
26: 31 إلى 35 |
14: 27 إلى 31 |
22: 31 إلى 38 |
13: 36 إلى 38 |
137 |
* رسم العشاء الرباني * أورشليم. مساءَ الجمعة. (انظر 1 كو 11: 23 إلى 25) |
26: 26 إلى 29 |
14: 22 إلى 25 |
22: 19 و20 |
|
138 |
* تعزية يسوع لتلاميذهِ. ووعدهُ لهم بالروح القدس * أورشليم. مساءَ الجمعة |
|
|
|
14: 1 إلى 31 |
139 |
* كون يسوع هو الكرمة الحقيقية |
|
|
|
|
الحوادث |
محل ذكرها في الأناجيل |
||||
|
|
إنجيل متى |
إنجيل مرقس |
إنجيل لوقا |
إنجيل يوحنا |
|
وانباؤُهُ ببغضة العالم لتلاميذهِ * أورشليم. مساءَ الجمعة |
|
|
|
15: 1 إلى 27 |
140 |
* انباءٌ بالاضطهاد. والوعد أيضاً بالروح القدس. وتعليمٌ عن الصلوة باسم المسيح * أورشليم. مساءَ الجمعة |
|
|
|
16: 1 إلى 33 |
141 |
* صلوة يسوع الأخيرة مع تلاميذهِ * أورشليم. مساءَ الجمعة |
|
|
|
17: 1 إلى 26 |
142 |
* اكتئاب يسوع في جشيماني * جبل الزيتون. مساءَ الجمعة |
26: 30 و36 إلى 46 |
14: 26 و32 إلى 42 |
22: 39 إلى 46 |
18: 1 |
143 |
* تسليم يسوع وأسرهُ * جبل الزيتون. مساءَ الجمعة |
26: 47 إلى 56 |
14: 43 إلى 53 |
22: 47 إلى 53 |
18: 2 إلى 12 |
144 |
* حضور يسوع أمام قيافا. وإنكار بطرس إياهُ ثلاث مرات * أورشليم. ليلة الجمعة |
26: 57 و58 و61 إلى 75 |
14: 53 و54 و66 إلى 72 |
22: 54 إلى 62 |
18: 13 إلى 18 و25 إلى 27 |
145 |
* حضور يسوع امام قيافا والمجمع وإقرارهُ بأنهُ هو المسيح والحكم عليهِ والاستهزاءُ بهِ * أورشليم. صباح الجمعة |
26: 59 إلى 68 |
14: 55 إلى 65 |
22: 63 إلى 71 |
18: 19 إلى 24 |
146 |
* إرسال المجمع ليسوع إلى بيلاطس * أورشليم. الجمعة |
27: 1 و2 و11 إلى 14 |
15: 1 إلى 5 |
23: 1 إلى 5 |
18: 28 إلى 38 |
147 |
* إحضار يسوع أمام هيرودس * أورشليم. الجمعة |
|
|
23: 6 إلى 12 |
|
148 |
* طلب بيلاطس ان يطلق يسوع وطلب اليهود إطلاق باراباس * أورشليم. الجمعة |
27: 15 إلى 26 |
15: 6 إلى 15 |
23: 13 إلى 25 |
18: 39 إلى 40 |
الحوادث |
محل ذكرها في الأناجيل |
||||
|
|
إنجيل متى |
إنجيل مرقس |
إنجيل لوقا |
إنجيل يوحنا |
149 |
* تسليم بيلاطس يسوع إلى الموت ثم جلدهُ والاستهزاءُ بهِ * أورشليم. الجمعة |
27: 26 إلى 30 |
15: 15 إلى 19 |
|
19: 1 إلى 3 |
150 |
* طلب بيلاطس أيضاً ان يطلق يسوع * أورشليم. الجمعة |
|
|
|
19: 4 إلى 16 |
151 |
* ندَم يهوذا وخنقهُ نفسهُ * أورشليم. الجمعة. (انظر اع 1: 18 و19) |
27: 3 إلى 10 |
|
|
|
152 |
* أخذ يسوع للصلب * أورشليم. الجمعة |
27: 31 إلى 34 |
15: 20 إلى 23 |
23: 26 إلى 33 |
19: 16 و17 |
153 |
* صلب يسوع * أورشليم. الجمعة |
27: 35 إلى 38 |
15: 24 إلى 28 |
23: 33 و34 و38 |
19: 18 إلى 24 |
154 |
* استهزاءُ اليهود بيسوع وهو على الصليب وتسليمهُ أمهُ ليوحنا * أورشليم. الجمعة |
27: 39 إلى 44 |
15: 29 إلى 32 |
23: 35 إلى 37 و39 إلى 43 |
19: 25 إلى 27 |
155 |
* الظلمة العمومية. وموت يسوع على الصليب * أورشليم. الجمعة |
27: 45 إلى 50 |
15: 33 إلى 37 |
23: 44 إلى 46 |
19: 28 إلى 30 |
156 |
* انشقاق حجاب الهيكل. وتفتُّح القبور. وحكم قائد المائة من جهة يسوع وحضور النساءِ عند الصليب * أورشليم. الجمعة |
27: 51 إلى 56 |
15: 38 إلى 41 |
23: 45 و47 إلى 49 |
|
157 |
* انزال يسوع عن لصليب. ودفنهُ * أورشليم. الجمعة |
27: 57 إلى 61 |
15: 42 إلى 47 |
23: 50 إلى 56 |
19: 31 إلى 42 |
158 |
* حراسة القبر * أورشليم. السبت |
27: 62 إلى 66 |
|
|
|
القسم التاسع
يتضمن حوادث أربعين يوماً منذ قيامة مخلصنا إلى صعودهِ
159 |
* صباح يوم القيامة * أورشليم. الأحد |
28: 2 إلى 4 |
16: 1 |
|
|
الحوادث |
محل ذكرها في الأناجيل |
||||
|
|
إنجيل متى |
إنجيل مرقس |
إنجيل لوقا |
إنجيل يوحنا |
160 |
* زيارة النساء للقبر. ورجوع مريم المجدلية * أورشليم. الأحد |
28: 1 |
16: 2 إلى 4 |
24: 1 إلى 3 |
20: 1 و2 |
161 |
* رؤْية النساء للملائكة في القبر * أورشليم. الأحد |
28: 5 إلى 7 |
16: 5 إلى 7 |
24: 4 إلى 8 |
|
162 |
* رجوع النساءِ إلى المدينة. وملاقاة يسوع لهنَّ * أورشليم. الأحد |
28: 8 إلى 10 |
16: 8 |
24: 9 إلى 11 |
|
163 |
* ركض بطرس ويوحنا إلى القبر * أورشليم. الأحد |
|
|
24: 12 |
20: 3 إلى 10 |
164 |
* رؤْية مريم المجدلية ليسوع عند القبر * أورشليم. الأحد |
|
16: 9 إلى 11 |
|
20: 11 إلى 18 |
165 |
* تخبير الحرَّاس لرؤَساء الكهنة بما حدث * أورشليم. الأحد |
28: 11 إلى 15 |
|
|
|
166 |
* ظهور يسوع لبطرس ثم لتلميذين منطلقين إلى عمواس * أورشليم. عمواس. الأحد. (1 كو 15: 5) |
|
16: 12 و13 |
24: 13 إلى 35 |
|
167 |
* ظهور يسوع للتلاميذ في غياب توما * أورشليم. مساءَ الاثنين الأول بعد القيامة. (انظر 1 كو 15: 5) |
|
16: 14 إلى 18 |
24: 36 إلى 49 |
20: 19 إلى 23 |
168 |
* ظهور يسوع للتلاميذ في حضور توما * أورشليم. مساءَ الاثنين الثاني بعد القيامة |
|
|
|
20: 24 إلى 29 |
169 |
* مضيُّ التلاميذ إلى الجليل وإظهار يسوع ذاتهُ لسبعة منهم على بحر طبرية * الجليل |
28: 16 |
|
|
21: 1 إلى 24 |
170 |
* ظهور يسوع للتلاميذ ولأكثر من خمسماية أخٍ على جبلٍ في الجليل. (انظر 1 كو 15: 6) |
28: 16 إلى 20 |
|
|
|
171 |
* ظهور المخلص ليعقوب. ثم لجميع |
|
|
|
|
الحوادث |
محل ذكرها في الأناجيل |
||||
|
|
إنجيل متى |
إنجيل مرقس |
إنجيل لوقا |
إنجيل يوحنا |
|
التلاميذ * أورشليم. (انظر 1 كو 15: 7 واع 1: 3 إلى 8) |
|
|
|
|
172 |
* صعود المسيح * بيت عنيا. (انظر اع 1: 9 إلى 12) |
|
16: 19 و20 |
24: 50 إلى 53 |
|
173 |
* خاتمة إنجيل يوحنا |
|
|
|
20: 30 و31 و21: 25 |
جدولٌ
يتضمن أمثال المسيح مع ذكر مكان النطق بها ومحل ذكرها في الأناجيل
الأمثال |
مكان النطق بها |
محل ذكرها |
الزارع |
كفر ناحوم |
مت 13: 1 إلى 23 |
الزوان |
// |
مت 13: 24 إلى 30 و36 إلى 43 |
نمو الزرع |
// |
مر 4: 26 إلى 29 |
حبة الخردل |
// |
مت 13: 31 و32 |
الخمير |
// |
مت 13: 33 |
الكنز المخفى |
// |
مت 13: 44 |
الدرةُ الثمينة |
// |
مت 13: 45 و46 |
الشبكة |
// |
مت 13: 47 إلى 50 |
المديونون |
// |
لو 7: 36 إلى 50 |
العبد الظالم |
// |
مت 18: 23 إلى 35 |
السامريُّ الحنون |
اريحا |
لو 10: 25 إلى 37 |
الغني الغبي |
الجليل |
لو 12: 13 إلى 21 |
العبيد |
// |
لو 12: 35 إلى 48 |
التينة |
// |
لو 13: 6 إلى 9 |
النعجة الضالة |
// |
لو 15: 3 إلى 7 |
الدرهم الزائف |
// |
لو 15: 8 إلى 10 |
الابن الضال |
// |
لو 15: 11 إلى 32 |
الوكيل |
// |
لو 16: 1 إلى 12 |
الغني ولعازر |
// |
لو 16: 19 إلى 31 |
قاضي الظلم |
اليهودية |
لو 18: 1 إلى 8 |
الأمثال |
مكان النطق بها |
محل ذكرها |
الفريسي والعشار |
اليهودية |
لو 18: 9 إلى 14 |
الفعلة في الكرم |
// |
مت 20: 1 إلى 16 |
الأمناءُ |
أريحا |
لو 19: 11 إلى 27 |
الابنان |
أورشليم |
مت 21: 28 إلى 32 |
الكرم |
// |
مت 21: 33 إلى 46 |
العرس |
// |
مت 22: 1 إلى 14 |
العذارى العشر |
// |
مت 25: 1 إلى 13 |
الوزنات |
// |
مت 25: 14 إلى 30 |
الضان والماعز |
// |
مت 25: 31 إلى 46 |
جدولٌ آخر
يتضمن أشهر أحاديث المسيح مع ذكر مكان النطق بها ومحل ذكرها في الأناجيل
الأحاديث |
محل النطق بها |
محل ذكرها |
مع نيقوديموس |
أورشليم |
يو 3: 1 إلى 21 |
مع السامرية |
سوخار |
يو 4: 1 إلى 42 |
في المجمع |
الناصرة |
لو 4: 16 إلى 32 |
على الجبل |
الجليل |
مت ص5 إلى ص7 |
وصاياهُ لرسلهِ |
// |
مت ص10 |
تهديد كورزين |
// |
مت 11: 20 إلى 24 |
عن شفاءِ رجلٍ |
أورشليم |
يو ص5 |
عن قطف السنابل |
اليهودية |
مت 12: 1 إلى 8 |
الأحاديث |
محل النطق بها |
محل ذكرها |
عن التجديف على الروح |
كفر ناحوم |
مت 12: 23 إلى 37 |
عن خبز الحيوة |
// |
يو ص6 |
عن الطهارة الباطنة |
// |
مر 7: 1 إلى 23 |
عن الغفران والتواضع |
// |
مت ص18 |
في عيد المظال |
أورشليم |
يو ص7 |
عن الزانية |
// |
يو 8: 1 إلى 11 |
عن النعجة |
// |
يو 10 |
مع الكتبة والفريسيين |
الجليل |
لو 11: 37 إلى 54 |
عن التواضع |
// |
لو 14: 7 إلى 14 |
مع الرئيس الغني |
عبر الأردن |
مت 19: 16 إلى 30 |
تهديد الفريسيين |
أورشليم |
مت ص23 |
نبوات على أورشليم |
// |
مت ص24 |
تعزية تلاميذهِ |
// |
يو 14 إلى 16 |
بقرب جثسيماني |
// |
مت 26: 31 إلى 36 |
قبل صعودهِ |
الجليل |
مت 28: 16 إلى 20 |
وإما معجزات المسيح فسيأتي الكلام عليها في الجزء الثالث من هذا الكتاب
الخامس سفر أعمال الرسل
كتبهُ لوقا الإنجيلي في نحو سنة 64 م في بلاد الروم
قد تقدَّم الكلام في مقدَّمة هذا القسم عن ترجمة لوقا كاتب هذا السفر ولكن نقول فضلاً عمَّا ذُكِر هناك ان تواضع هذا الرجل الفاضل يظهر في سفر الأعمال بنوعٍ جليٍّ من عدم ذكرهِ فيهِ شيئاً من أعمالهِ يأُول إلى مدح ذاتهِ مع أنهُ قد أُشير إليهِ فيهِ مرَّاتٍ عديدة بأنهُ كان مصاحباً لبولس. وهذا الرسول كان يمدحهُ كثيراً في رسائلهِ انظر كو 4: 14 و2 تي 4: 11. وما أحسن قول الحكيم ليمدحك الغريب لا فمك. الأجنبي لا شفتاك ام 27: 2
ان لوقا كتب هذا السفر بعد إنجيلهِ انظر ص 1: 1 وبما أنهُ كان رفيقاً لبولس في أسفارهِ كما يتضح لك جليّاً من اع 16: 1 إلى 17. وأيضاً من ص 20: 5 إلى آخر الكتاب وكو 4: 14 وفل 24 و2 تي 4: 11 لا ريب في أنه كتب هذا السفر أما تحت مناظرة وإرشاد بولس شخصيّاً وإما باطّلاعهِ التام واستصوابهِ. وقد قبلتهُ الكنائس المسيحية منذ كتابتهِ كخبرٍ أكيدٍ عن جيل الكنيسة الرسوليّ. فكل ما قلناهُ عن إنجيل لوقا يناسب غايتنا هنا فليُراجَع في محلهِ
وهذا السفر يتضمن تاريخاً عن خدمة الرسل وأعمالهم وما احتملوهُ ولذلك دُعي بهذا الاسم. وهو تذييلٌ حسنٌ للأناجيل ومقدمة ضرورية للرسائل. فإن الأناجيل تُختَم بإشاراتٍ ونبواتٍ عن أمورٍ كثيرة وبالوعد بحلول الروح القدس وهذا السفر يتضمن خبر إتمام ذلك انظر مر 16: 17 ولو 24: 47 إلى 49 ويو 14: 12 إلى 17. وإما الرسائل فهي مشحونة بالإشارات إلى الحوادث المذكورة في هذا السفر التاريخي. فالأمر واضح إذاً ان سفر الأعمال ضروري جدّاً لكل من يدرس الأناجيل والرسائل وهو أعظم دليل للقارئ في درسها وفهم معانيها
وهذا السفر يبتدئُ بذكر صعود المسيح ويمتدُّ في أخبارهِ إلى نهاية السنة
256 الجزءُ الثّاني
الثانية من سجن بولس في رومية اع 28: 30 وذلك يحيط بنحو ثلاثين سنة. والسبب الأكثر احتمالاً لانقطاع الكلام هناك هو أنهُ قد كُتِب ونُشِر في تلك السنة عينها
ان لوقا كاتب هذا السفر يخبرنا فيهِ عن أول غرس الديانة المسيحية في العالم وتأليف كنائس النصارى بين اليهود والأمم وانتشار الإنجيل في جهاتٍ عديدة من العالم وصبر بعض الرسل وجراءَتهم في البلايا التي أصابتهم بسبب الإنجيل ونجاحهم العجيب ونحو ذلك من الأمور التي هي برهانٌ على صحة ديانة المسيح وصدورها من الله. غير أنهُ لم يقدم لنا خبراً عامّاً عن كنائس المسيحيين الأُولَى ولا عن أتعاب أكثر الرسل وغرس الديانة المسيحيَّة في أكثر الطوائف الشرقيَّة في الأماكن التي قُبِلَت فيها
ومع ان هذا السفر مُعَنْوَن باسم أعمال الرسل لا يتضمَّن تاريخاً تامّاً عن أتعاب واحدٍ منهم وكم بالحري عن جميعهم. فكما ان البشائر الأربع لا تتضمن تاريخاً كاملاً عن كل أعمال ربنا المجيد وتعاليمهِ بل ذكر شخصهِ ووظيفتهِ وتأسيس النظام المسيحي الذي هو موضوعهُ الأعظم دا 9: 24 و2 كو 1: 20 و1 يو 5: 11 على أسلوبٍ مُختَصر كذلك هذا السفر يتضمن ذكر بعض أخبارٍ عن قيام ذلك النظام وتوطيدهِ في العالم. وهو يطيل الكلام نوعاً عن ذكر تلك الصفات الخصوصية التي تميزهُ عن الديانة اليهودية التي بسببها أثارت البشر على المسيحيين الأولين تلك المقاومات والاضطهادات العنيفة ولا سيما التبشير بين الأمم بغنى المسيح الذي لا يُستقصى اف 3: 8
ومن مقابلة هذا السفر مع الرسائل يتَّضح لنا حقيقة عمليَّة مهمَّة جدّاً وهيَ جودة تصرُّف المسيحيين الأولين وتقواهم ومثالهم الحسن. ولا ريب في أننا إذا قابلنا أخلاقنا مع أخلاقهم المرضيَّة وتصرفاتنا مع تصرفاتهم التي ترينا ماهية أثمار الديانة المسيحية الحقيقية نخجل من آثامنا ومن عدم انطباق سيرتنا على هذا النموذج الحسن
وفي الغاية المقصودة من هذا السفر يوجد أمران مشهوران. أولهما إظهار
إثبات النصرانية العجيب بمواهب الروح القدس ونعمتهِ على الرسل والكنائس حسب مواعيد المسيح. والثاني كشف رحمة المقاصد الإلهية بإرشادهِ الأمم إلى كنيسةٍ مطابقة لنبوات العهد القديم. وإذا اعتبرنا لوقا بمنزلة مجرَّد شاهدٍ بشري نجدهُ أولى من غيرهِ بكتابة تاريخٍ صحيحٍ عن الرسل لأنهُ كان رفيقاً لبولس في كثيرٍ من أسفارهِ وسياحاتهِ. وفضلاً عن ذلك بما أنهُ كان طبيباً مهذَّب الفكر كان لهُ استطاعةٌ ان يعلن رأياً صحيحاً عن العجائب التي صنعها بولس تلك التي عندنا براهين مقنعة على حقيقتها الإلهية من شهادتهِ الصادقة الأمينة
إن لاهوت الابن والروح القدس ووظائفها منصوصٌ عليها بكل وضوحٍ في هذا السفر. ولا ريب في ان معرفة هذه الحقائق الجوهريَّة تبهج حواس المؤْمن بالحق وتضرم تقواهُ بل تكون لهُ أيضاً ترساً يقي بهِ نفسهُ من الملحدين الذين يرشقون سهام الشكّ في كبد اليقين. ولأجل هذه الغاية قصدنا إيضاح ذلك بحسب طاقتنا وسعة هذا المختصر قاسمين الكلام عليهِ إلى قسمين
القسم الأول في لاهوت الابن مخلّصنا وربّنا يسوع المسيح ولاهوت الروح القدس
أما لاهوت الابن فيتبرهن. أولاً من تقديم استفانوس لهُ العبادة الإلهية انظر ص 7: 59 و60 حيث يقول. فكانوا يرجمون استفانوس وهو يدعو ويقول أيها الربُّ يسوع اقبل روحي. ثم جثا على ركبتيهِ وصرخ بصوتٍ عظيم يا ربُّ لا تُقِم لهم هذه الخطية. وإذ قال هذا رقد. فإن هذا الشهيد المائت المشار إليه هنا قد نُصَّ عنهُ في ع 55 و56 من هذا الاصحاح أنهُ امتلأَ من الروح القدس وتمتَّع برؤْيا العالم السماويّ ومجد الله والمخلص الذي كان هناك قائماً عن يمين العظمة الإلهيَّة. وقيل عنهُ سابقاً في ص 6: 5 و10 انهُ كان مملؤاً من الروح والحكمة الإلهيين. وهنا يُقال عنهُ أنهُ عندما كانت حجارة الاستشهاد تنهال عليهِ وشعر في نفسهِ أنهُ قد بلغ الدقيقة الأخيرة من حياتهِ ووصل إلى أمام باب الأبديَّة أسلم نفسهُ المنطلقة من هذا العالم في يدي الربّ يسوع بذات الألفاظ
والثقة اللتين أسلم بهما الرب يسوع نفسهُ وهو على الصليب في يدي الآب. وكان أيضاً يطلب الغفران لقاتليهِ من الرب يسوع كما فعل هو لهُ المجد مع قاتليهِ وهو على الصليب إذ طلب لهم الغفران من الله أبيهِ. فهل تُستودَع النفس الذاهبة من هذه الحيوة أو تُرجَى المغفرة ممَّن ليس حاضراً في كلّ مكانٍ وقادراً على كل شيءٍ وهل يقدر شهيد مائت مملؤاً من الحكمة الإلهيَّة والروح القدس المرشد الأمين نظير استفانوس ان يدعو ويصلي بغير الصواب وعيناهُ شاخصتان برؤْية الله
ثانياً من النص على ضروريَّة الصلوة باسم المسيح لأجل الخلاص ص 2: 21. ثالثاً ان حنانيا يذكر الصلوة باسمهِ كعلامة مميزة للمسيحي ص 9: 14 مع 1 كو 1: 2. رابعاً بطرس ينص على ان يسوع هو ربُّ الكل ص 10: 36 انظر أيضاً ص 14: 23 و20: 28 و22. خامساً أنهُ لأمرٌ ظاهر ان كلمة رَبّ مستعملة كثيراً في كل هذا السفر لله الآب ولله الابن بدون تمييزٍ بينهما انظر ص 10: 36 و9: 34 و35 و42 و11: 16 و20 و21 و23 و13: 2 و7 و10 إلى 12 و48
وأما برهان لاهوت الروح القدس فيتضح أولاً من مقابلة العدد الثالث والرابع من الاصحاح الخامس حيث يسمي الروح القدس الله. ثانياً ان قصاص حنانيا المهول كان لأجل إنكارهِ لطبيعة هذا الروح الإلهية ولا سيما معرفتهُ في كل شيءٍ كما ظهر في تصرفاتهِ. ثالثاً ان الأقنوم الإلهي الذي إِشَعْيَاء يسميهِ الرب اش 6: 8 و9 بولس يسميهِ في هذا السفر الروح القدس ص 28: 25
وأما النصوص على أقنوميَّة الروح فتوجد في ص 8: 29 و10: 19 و13: 2 و16: 7 و20: 28
القسم الثاني في الكلام عن وظائف الابن والروح القدس
لكي ترى الشهادات في هذا السفر على وظيفة الابن ينبغي ان تقرأَهُ بهذا القصد وأن تكتب أمامك وأنت تتلوهُ الآيات التي تفيد هذا المعنى
فأوَّل حقيقةٍ عمومية تظهر لك هي ان موضوع الرسل الأهمَّ في تبشيرهم كان يسوع المسيح كمُتمّم العهد الذي عاهد بهِ الله آباءَنا ص 3: 24. فإنهم كانوا لا يزالون كلَّ يومٍ في الهيكل وفي البيوت معلمين ومبشرين بيسوع المسيح ص 5: 42
ان يسوع المسيح كان موضوع خدْمة بولس وتبشيرهِ في كل مكان وقد شرع هذا الرسول في ذلك عند رجوعهِ إلى الإيمان. فإنهُ يقال عنهُ في ص 9: 20 وللوقت جعل يكرز بالمسيح. وبعد ذلك بنحو 28 سنة قيل (وهو الخبر الأخير عنهُ في هذا السفر) أنهُ كان كارزاً بملكوت الله ومعلماً بأمر الرب يسوع بكل مجاهرة ص 28: 31. وهكذا سعى هذا الرسول بأمانةٍ مجتهداً في إتمام الغاية العظمى التي دُعِي لأجلها أي ليحمل اسم المسيح أمام أممٍ وملوكٍ وبني إسرائيل ص 9: 15
وإذا تقدمنا إلى البحث عن وظيفة المسيح بالتفاصيل المقررة في هذا السفر نرى ان موضوع تبشير الرسل كان محيطاً بالأقسام الآتية وهي. أولاً ان الله أقام الرب يسوع مخلّصاً ص 13: 23. الثاني أنهُ ينبغي لنا ان ننظر إليهِ وحدهُ لأجل غفران خطايانا ص 2: 38 و3: 19. الثالث ولأجل تبريرنا من خطايانا أمام الله ص 13: 29. الرابع ولأجل قيامتنا إلى الحيوة الأبدية. الخامس ان كل هذه البركات مشتراة لنا بآلامهِ كما تنبَّأَت عنهُ الأنبياءُ ص 17: 3 و26: 23. وكان أخصَّ تبشيرهم عن موتهِ وقيامتهِ بناءً على ان الكنيسة مشتراة بدمهِ ص 20: 28
وليعلم القارئُ أنهُ ليس لنا في سفر الأعمال إلا قليل من أحاديث الرسل وأن مواضيع هذه الأحاديث تظهر بأكثر وضوحٍ في الرسائل ولا يسع مختصرنا هذا استيفاءَ حق هذا الموضوع الجليل. ولكن نقول فضلاً عمَّا تقدم إذا راجعنا الاصحاح الثالث والخمسين من إِشَعْيَاء الذي منهُ وعظَ فيلبسُ الحبشيَّ عن المسيح نتعلم ان التبرير يتمُّ بالإيمان بالمسيح انظر اش 53. وان المسيح سُحِق لأجل
آثامنا. وان الرب وضع عليهِ اثم جميعنا جاعلاً نفسهُ ذبيحةً عن الخطية وأنهُ يشفع في المذنبين لكونهِ حمل خطية كثيرين
ان قصة كرنيلبوس التّقيِّ هي برهانٌ قاطع على احتياج الجميع إلى معرفة المسيح. فإن هذا الرجل مع كل تعبُّدهِ وتقواهُ كان محتاجاً إلى مقابلة بطرس لكي يسمع منهُ كلاماً يخلص بهِ ص 11: 14. وممَّا يستحق الملاحظة في هذا الشأن القضايا المهمة التي اطنب بطرس في ذكرها وهي السلام بيسوع المسيح وحياتهُ وموتهُ وقيامتهُ الخ ص 10 أو شهادة جميع الأنبياءِ لهُ ان كل من يؤْمن بهِ ينال باسمهِ غفران الخطايا ص 10: 43
ونتعلم أيضاً من هذا السفر ان الخلاص يكون حظَّ الذين يؤْمنون بالمسيح فقط ص 4: 11 و12 وان هذا الخلاص هو كناية عن النجاة من سلطة الخطية ومن جرمها أيضاً ص 3: 26 و26: 18 وان الله قد رَفَّع المسيح رئيساً ومخلّصاً ليعطي التوبة وغفران الخطايا ص 5: 31 والروح القدس قابل ص 1: 4 و2: 33 مع اف 4: 8
وقد نُصَّ تكراراً في هذا السفر عن المسيح بأنهُ يكون الديان انظر ص 3: 21 و10: 42 و17: 31 حيث يقال عنهُ أنهُ قد عُيِّن من قبل الله ديَّاناً للبشر. وهو يختم عملهُ العظيم كوسيط بهذه الوظيفة
وأما وظيفة الروح القدس فتتوضح على ذات الأسلوب المتقدم آنفاً. ويجب التمييز بين قوتهِ التي ظهرت في عمل العجائب وتأثيراتهِ الاعتيادية التي معرفتها أشدُّ لزوماً لنا من الأُولى
فأول أمرٍ نذكرهُ عن وظيفة الروح هو تبكيتهُ الناس على خطاياهم في يوم عيد العنصرة وهذا كان بواسطة التبشير بمخلصٍ صُلِبَ وقام وبذلك اقتاد قاتلي المخلص أنفسهم إلى تسليم ذواتهم بالكلية لخدمتهِ
ثانياً تنويرهُ أذهان الذين آمنوا وإرشادهُ إياهم كمعلمهم. وهذا يتضح من التغيير الذي حصل في أفكار الرسل الذين بقوا إلى وقت صعود ربنا متمسكين
برجاء الملك الزمني اع 1: 6. ولكن منذ حلول الروح القدس عليهم في يوم الخمسين فصاعداً لم يتأَثروا بعدُ من هذا الوهم لو 24: 31 إلى 33 و1 بط 1: 4
ثالثاً تقديسهُ الذين آمنوا وتعزيتهم كما يتضح من حالة المسيحيين الذين ذُكِر عنهم أنهم امتلأُوا من الروح القدس. فإن كل الفضائل التي تذكر عنهم كانت كلُّها من أثمار الروح القدس. وذلك كتحريرهم من خوف الإنسان واتحادهم بعضهم مع بعض ص 4: 32. واجتهادهم على إذاعة الإنجيل ص 8: 5. وكَرَمهم ص 4: 34 و2: 45. واضطرام روح الصلوة فيهم ومحبتهم لأوامر الله ص 2: 41 الخ. وفرحهم بالمسيح في وسط العذابات الأشدّ التي كابدوها لأجل اسمهِ (قابل كل ما تقدم مع غل 5: 22)
ثم ان حكمة استفانوس في الاحتجاج عن نفسهِ وحبهُ لأعدائهِ وغيرتهُ على مجد الله وسلامة ضميرهِ عند الموت كانت بأجمعها ناتجة من امتلائهِ من الروح القدس ص 7: 55. وكذلك الفضائل المذكورة عن برنابا ابن التعزية الذي كان تلميذاً مشهوراً بأنهُ كان ممتلئاً من الروح القدس ص 11: 24. وفرح السامريين ص 8: 8. والخصي الحبشيَّ ص 8: 39. والكنيسة في انطاكية ص 13: 52. وبولس وسيلا في السجن ص 16: 25. والسجان في فيلبي عند إيمانهِ ص 16: 34. فإن كل ذلك انبثقَ من مصدرٍ واحد أي من تأْثيرات الروح القدس المعزّي. وكل الأخبار عن الذين رجعوا بالحق إلى الإيمان المسيحي المذكورة في هذا السفر هي إيضاحاتٌ ونصوصٌ على وظيفة الروح الذي من أعظم مقاصدهِ ان يمنح لكلّ نفسٍ بركات الفداءِ التي اشتراها الابن بطاعتهِ حتى الموت
فهذا السفر هو تاريخ نصرات المسيحيين الأولى وغلبة ذلك النظام الذي يمتاز عن غيرهِ بقيامهِ بقوة الروح القدس 2 كو 3: 8
فلنتذكر ترغيب ربّنا لنا في طلب ذلك الروح المبارك لو 11: 13 والبركات التي دُعينا إليها بالمعمودية ولنصعد الصلوات يوميّاً إلى الله طالبين منهُ ان يزيدنا من عطايا نعمتهِ الغنيَّة مبرهنين للعالم بتصرفاتنا ان إيماننا هو
ذلك الإيمان الذي يعمل بالمحبة
وفي هذا السفر ثمانية وعشرون اصحاحاً تندرج في ستة فصولٍ كبار
الفصل الأول يتضمن ذكر مصالح الرسل مدة عشرة أيام في أورشليم إلى عيد العنصرة ص1
ومما يُلاحَظ في هذا الفصل ثلثة أمور. الأول الظروف المتعلقة بصعود المسيح. الثاني اتفاق كنيسة النصارى الأولى في ممارسة العبادة. الثالث انتخابهم تلميذاً لائقاً ليكون رسولاً عوض يهوذا الخائن
الفصل الثاني يتضمن ذكر أول اشتهار النصرانية بأنها تبشّر بالخلاص جميع القبائل وارتفاع شأن أمّ الكنائس التي هي كنيسة أورشليم حتى إلى قتل استفانوس ص2 إلى ص7
وفي هذا الفصل عشرة أمور مشهورة. الأول تجهيز الرسل العجيب بمواهب الروح القدس للقيام بوظيفتهم الرسولية في اشهار الإنجيل بكل اللغات ص2. الثاني ازدياد الكنيسة نحو ثلثة آلاف نفس ممَّن اهتدوا إلى الإيمان بمواعظ بطرس ص2. الثالث شفاءُ الرجل المُقعَد من الولادة على يد بطرس ويوحنا ص3. الرابع ازدياد الكنيسة عدة آلاف أُخَر من المهتدين ص4.
الخامس تهديد مشورة اليهود على الرسل ص4 أيضاً. السادس كَرَم المؤمنين الأولين الناتج من تقواهم العجيبة ص4 أيضاً. السابع موت حنانيا وسفيرة امرأتهِ لأجل ريائهما وكذبهما ص5. الثامن حبس الرسل ص5 أيضاً
التاسع انتخاب الشمامسة السبعة ليديروا الأمور الزمنية المتعلقة بالكنيسة ص6. العاشر الحكم الظالم على استفانوس التقي واستشهادهُ ص7
الفصل الثالث يتضمن ذكر اضطهاد الكنيسة في أورشليم وتشتُّت التلاميذ وتأليف كنائس من المسيحيين بين الأمم ص8 إلى ص12
وفي هذا الفصل ثمانية أمور شهيرة. الأول إنشاءُ كنيسة مسيحية في السامرة ص8 أيضاً. الثالث توبة شاول
بعد ان كان مضطهداً سافكاً للدماء ص9. الرابع استعداد بطرس بواسطة رؤْيا من الله ان يقبل الأمم في كنيسة المسيح ص10. الخامس اهتداءُ كرنيليوس قائد الرومانيين إلى الإيمان بالمسيح وإقامة كنيسة مسيحية في قيصرية ص10 أيضاً. السادس استشهاد يعقوب الرسول ص12. السابع حبس بطرس ونجاتهُ على يد ملاك ص12 أيضاً. الثامن قضاءُ الله على هيرودس الملك الكافر ص12 أيضاً
الفصل الرابع يذكر أتعاب بولس وبرنابا إلى ان افترقا ص12 إلى ص15
وأشهر ما في هذا الفصل خمسة أمور. الأول تعيين بولس وبرنابا للسياحة والتبشير بالإنجيل ص13. الثاني إصابة عليم الساحر بالعمى ص13. الثالث تبشير الأمم بالإنجيل في انطاكية ص13 أيضاً. الرابع شفاءُ المُقعَد في لسترة حيث رُجِم بولس الرسول إلى ان قارب الموت. والمعجزة في كونهِ عاد إلى الحيوة ثانياً ص14. الخامس حكم الرسل والكنيسة المجتمعة في شأن الختان وما يتعلق بهِ من الطقوس اللاويَّة ص15
الفصل الخامس يتضمن خبر أتعاب بولس الرسول بين الأمم وجمعهِ منهم كنائس شتَّى مسيحية ص16 إلى ص20
وفي هذا الفصل تسعة أمور شهيرة. الأول دخول الإنجيل في أوروبا ص16. الثاني اهتداءُ ليدية والسجان إلى دين المسيح في فيلبّي وتأْسيس كنيسةٍ هناك بعد قيام القضاة والشعب على بولس وسيلا وسوءِ معاملتهم لهما ص16. الثالث إقامة كنيسةٍ أخرى في تسالونيكي ص17. الرابع التبشير بالإنجيل في أثينا ص17 أيضاً. الخامس اهتداءُ شعوبٍ كثيرة في كورنثوس وعقد كنيسةٍ فيها ص18. السادس اهتداءُ السحرة في أفسس وتأسيس كنيسةٍ فيها ص19. السابع السَجن الذي هيَّجهُ ديمتريوس الصائغ حبّاً في عبادة الآلهة ص19 أيضاً. الثامن ردُّ افتيخوس إلى الحيوة بعد ما سقط من كوَّةٍ فمات إذ كان قد نعس في أثناءِ عظة بولس الطويلة ص20. التاسع إنذار بولس الرسول بلطافةٍ وتوديعهُ لمشايخ أفسس ص20 أيضاً
الفصل السادس يذكر سَفَر بولس الرسول إلى أورشليم واضطهاد اليهود لهُ والتجاءَهُ إلى قيصر وإرسالهُ مقيداً إلى رومية ص21 إلى ص28
ويوجد في هذا الفصل ستة أمور شهيرة. الأول هيجان عداوة اليهود لاسم المسيح واحتيالهم على قتل بولس الرسول ص21. الثاني مخاطبة بولس لليهود من سلالم القلعة ص22. الثالث ردُّ بولس شكايات اليهود عن نفسهِ أمام فيلكس الحاكم الروماني ص24. الرابع محاماة بولس عن نفسهِ أمام فستوس الوالي ص25. الخامس ذكر بولس أمام اغريباس الملك قصة دخولهِ في دين المسيح وإقرار الملك بقرب اقتناعهِ ان يكون مسيحيّاً ص26. السادس سفر بولس إلى رومية وانكسار السفينة على جزيرة مالطة ووصولهُ إلى رومية والرخصة لهُ ان يقيم سنتين في بيتهِ المستأْجَر هناك مبشراً بالإنجيل مع أنهُ كان تحت قيد السجن ص27 وص28
فيتضح لك أيها القارئُ ممَّا تقدم ولا سيَّما من مطالعة هذا السفر ذاتهِ ان أكثر من ثلاثة أرباعهِ يتعلَّق بتاريخ أعمال وأتعاب الرسولين بطرس وبولس وعلى الخصوص رسول الأمم العظيم بولس. ولا ريب في ان أحد الأسباب لذلك أنهُ كان أكثر غيرةً وجدّاً من سائر الرسل وكان أيضاً الأكثر نجاحاً منهم بوجه العموم ولا سيما في تأسيس كنائس عديدة في أماكن شتَّى في العالم. وأما السبب الآخر وربما كان هو الأقوى والأخص فهو أنهُ لم يكن واحداً من الرسل الأصليين الذين تعلموا من المسيح زماناً طويلاً ولنا أخبارٌ كثيرة عنهم في البشائر الأربع بل قد دُعي إلى هذه الوظيفة بعد صعود المخلص على سبيل العجيبة وتزين حالاً بالمعرفة والمواهب التي حصلوا عليها من مصاحبة المسيح والمعاشرة معهُ زماناً طويلاً. ولذلك قد خُصِّص الجزءُ الأعظم من هذا السفر لذكر أعمالهِ والأخبار عنهُ لكي يرينا ان تعاليمهُ التي قبلها من المسيح بالإعلان هي طبق تعاليم الإنجيل والرسل الأصليين
وهذا السفر مع أنهُ لم يسرّ الحكمة الإلهيَّة ان تقدّم لنا أخباراً كثيرة عن بقية الرسل فيهِ أو في غيرهِ من الأسفار هو كافٍ ليرينا جليّاً الروح الذي
كان يحرّك المسيحيين الأولين والسلطان الإلهي الذي كان يصحب أتعابهم والاضطهادات التي كابدوها من عالمٍ مغروسٍ في الشر. فمن هذا التاريخ كان المبشرون بالإنجيل يستمدُّون تعاليم غزيرة وتقويةً وتشجيعاً في جميع الأجيال الغابرة. وسيستمدُّ منهُ ذلك أيضاً خدام المسيح من جيلٍ إلى جيل إلى انقضاءِ العالم
مراجعة شواهد في سفر الأعمال
ص ع |
ص ع |
1: 3 مع 1 كو 15: 5 |
4: 8 مع لو 12: 11 و12 |
1: 5 مع اع 2: 2 إلى 6 |
4: 25 مع مز 2: 1 و2 |
1: 5 مع مت 3: 11 |
7: 42 مع عا 5: 25 |
1: 9 مع لو 24: 51 |
7: 52 مع 2 أي 36: 16 |
1: 16 مع مز 41: 9 |
13: 34 مع اش 55: 3 |
1: 20 مع مز 109: 8 |
13: 35 مع مز 16: 10 |
2: 4 مع مز 16: 17 |
13: 41 مع اش 29: 14 |
2: 17 إلى 21 مع يؤ 2: 28 إلى 32 |
13: 47 مع اش 55: 5 |
2: 25 مع مز 16: 8 |
15: 16 مع عا 9: 11 و12 |
2: 30 مع 2 صم 7: 12 و13 |
21: 11 مع اع 21: 33 |
2: 34 و35 مع مز 110: 1 |
28: 26 مع اش 6: 9 |
3: 22 مع تث 18: 15 إلى 18 |
|
© جدولٌ تاريخيٌّ لبولس الرسول ¨
سنة م |
بولس |
حوادث معاصرة لهُ |
35 |
ذُكِر أول مرةٍ عند موت استفانوس وكان حينئذٍ شابّاً اع 7: 58 |
|
36 |
اهتدى إلى المسيح اع ص9. وهي السنة الحادية والعشرون من ملك طيباريوس |
|
37 |
كان في دمشق والعربيَّة غل 1: 17 |
في 16 آذار مات طيباريوس ملك رومية وقام مكانهُ كليغولا |
38 |
هرب من دمشق إلى أورشليم ومن هناك إلى طرسوس اع 9: 23 إلى 30 |
|
39 40 41 42 43 |
كان بولس في هذه السنين يبشر في سورية وكيليكية غل 1: 21 والرأي الأصح أنهُ في هذه المدة احتمل المصائب المذكورة في 2 كو 11: 24 إلى 26 |
في 25 ك2 مات كليغولا وقام كلوديوس. وأُعطيت اليهودية والسامرة لهيرودس اغريباس الأول المذكور في اع ص12
|
سنة م |
بولس |
حوادث معاصرة لهُ |
44 |
مجيءُ برنابا بهِ من طرسوس إلى انطاكية وإقامتهُ فيها سنةً كاملة قبل الجوع اع 11: 25 و26 |
موت هيرودس اغريباس المذكور في اع ص12 |
45 |
إرسالهُ من انطاكية إلى أورشليم مع برنابا لمساعدة الفقراء هناك اع 11: 30. (وهذه زيارتهُ الثانية لأورشليم) |
|
46 |
كان في انطاكية |
|
47 |
كان في انطاكية |
|
48 |
سفرهُ الإنجيلي الأول مع برنابا من انطاكية إلى قبرس ومن ثمَّ إلى برجة بمفيلية. ثم إلى انطاكية بيسيدية ثم إلى ايقونية ومنها إلى لسترة ودربة |
إقامة اغريباس الثاني المذكور في اع ص25 ملكاً. وكانت قصبة ولايتهِ خلقيس التي تُدعَى الآن عنجر وهي واقعة في البقاع من أعمال دمشق |
49 |
رجوعهما إلى انطاكية مارَّين على هذه الأماكن اع ص13 وص14 (وقد حدث ذلك كلهُ في مدة سنتين) |
|
50 |
حضورهُ مع برنابا إلى المجمع في أورشليم اع 15: 2 إلى 30 (وهذا سفرهُ الثالث إلى أورشليم) |
|
51 |
سفرهُ الإنجيلي الثاني من انطاكية إلى كيليكية ودربة ولسترة وفريجية وغلاطية |
|
سنة م |
بولس |
حوادث معاصرة لهُ |
|
53 |
وترواس وفيلبي وتسالونيكي وبيرية وأثينا وكورنثوس وفيها كتب رسالتهُ الأولى إلى تسالونيكي اع 15: 35 إلى 18: 1 |
|
|
53 |
كان في كورنثوس وكتب رسالتهُ الثانية إلى أهل تسالونيكي. وكانت مدة إقامتهِ في هذه المدينة سنة وستة أشهر اع 18: 11 |
تولي فيلكس على اليهودية |
|
54 |
في الربيع * سافر من كورنثوس إلى أورشليم مارّاً على كنخريا وافسس وقيصريَّة في الصيف * وصل إلى أورشليم في عيد البنديكستي (وهذا سفرهُ الرابع إلى أورشليم). ومن هناك رجع إلى انطاكية في الخريف * سفرهُ الإنجيلي الثالث إلى افسس مارّاً بغلاطية وفريجية |
أع 18: إلى 19: 1 |
موت كلوديوس وقيام نيرون مكانهُ في 13 ت 1 |
سنة م |
بولس |
حوادث معاصرة لهُ |
|
55 |
كان في افسس |
|
|
56 |
كان في افسس |
|
|
57 |
في الربيع * كتب رسالتهُ الأولى إلى كورنثوس في الصيف * توجه من افسس إلى مكدونية اع 20: 1 في الخريف * كان في مكدونية وكتب منها رسالتهُ الثانية إلى كورنثوس في الشتاء * ذهب إلى كورنثوس |
|
|
58 |
في الربيع * كتب من كورنثوس رسالتهُ إلى غلاطيَّة ورسالتهُ إلى أهل رومية اثم ذهب من كورنثوس مارّاً في فيلبي وترواس وميليتس وصور عكا وقيصرية |
أع 20: 3 إلى 21: 15 |
|
سنة م |
بولس |
حوادث معاصرة لهُ |
|
|
في الصيف * قرب عيد البنديكستي وصل إلى أورشليم حيث قُبِض عليهِ وأُرسِل إلى قيصرية |
أع 21: 17 إلى 28: 16 |
|
59 |
كان في قيصرية |
|
|
60 |
في شهر آب * أُرسل إلى رومية بأمر فستوس بعد ان بقي مسجوناً نحو سنتين في أورشليم وقيصرية اع 24: 27 في الشتاء * انكسرت فيهِ السفينة في مالطة |
عزل فيلكس وتولي فستوس مكانهُ اع 24: 27 |
|
61 |
في الربيع * وصل إلى رومية |
|
|
62 |
كان في رومية في الربيع * كتب رسائلهُ إلى فليمون وكولوسي وافسس في الخريف * كتب رسالتهُ إلى فيلبي. ورجَّح البعض أنهُ كتبها في ربيعِ سنة 63 |
خلافة البينوس لفستوس في اليهودية |
|
63 |
في الربيع * أُطلق من السجن في رومية بعد ان بقي هناك سنتين اع 28: 30 وكتب رسالتهُ إلى العبرانيين وذهب إلى مكدونية |
|
سنة م |
بولس |
حوادث معاصرة لهُ |
|
في 2: 24 وآسيا الصغرى فل 22 |
في 19 تموز حدث حريق عظيم في رومية فأُتهم بهِ المسيحيون وهاج عليهم اضطهاد شديد |
64 |
ذهب إلى أسبانيا كما يظنُّ |
|
65 |
كان في أسبانيا كما يُظنُّ |
خلافة فلوروس لالبينوس في اليهودية ابتدأَت الحرب مع اليهود التي انتهت سنة 70 بخراب أورشليم والهيكل وتبدُّد أمَّة اليهود |
66 |
في الصيف * يُظنُّ أنهُ رجع من أسبانيا إلى آسيا الصغرى 1 تي: 1: 3 |
|
67 |
في الصيف * كتب رسالتهُ الأولى إلى تيموثاوس من مكدونية 1 تي 1: 3 في الخريف * كتب رسالتهُ إلى تيطس من افسس في الشتاء * كان في نيكوبوليس تي 3: 12 |
|
68 |
في الربيع * أُلقي في السجن في رومية حيث كتب رسالتهُ الثانية إلى تيموثاوس وهي الأخيرة من رسائلهِ. وكان حينئذٍ ينتظر قرب وقت انحلالهِ بالفرح 2 تي 2: 9 و4: 6 إلى 18 |
|
|
في الصيف * في شهر أيار أو حزيران استشهد |
في نصف حزيران مات نيرون |
الفصل الثاني
في الأسفار التعليميَّة وهي الإحدى والعشرون رسالةً المنسوبة إلى بولس ويوحنا وبطرس ويعقوب ويهوذا
الرسائل جمع رِسالة وهي في الأصل الكلام الذي أُرسل إلى الغير كتابةً أو لساناً وتُطلَق أيضاً على الصيحفة التي يُكتَب فيها ذلك الكلام المُرسَل. وفي العهد الجديد تُطلَق هذه الكلمة على الأحد والعشرين سفراً المتضمنة المواعظ والتعاليم التي كتبها الرسل إلى الجهات منها إلى كنائس ومنها إلى أفرادٍ من المسيحيين. وهي تُقسَم إلى خمسة أقسامٍ منها أربع عشرة رسالة لبولس. وثلاث ليوحنا. واثنتان لبطرس. وواحدة ليعقوب. وواحدة ليهوذا
وأما من جهة مضمون هذه الرسائل وما تحويهِ من التعاليم فنقول انها تتضمن شرحاً مستطيلاً. أولاً عن صفات الله أعني الله الآب والله الابن والله الروح القدس. ثانياً عن طبيعة الإنسان وحالتهِ وواجباتهِ. وهي مشحونة بنوعٍ خصوصي من الوصايا والأوامر والتعاليم المتعلقة بواجباتنا نحو جنسنا البشري. وتتضمَّن حثّاً بليغاً على إتمام ذلك نحوهم بحسب نسبتنا إليهم كرؤَساءَ ورعايا رو ص 13 و1 بط 2: 13. ورعاة وشعب 1 و2 تيموثاوس وتيطس و1 تس 5: 12 و13 وعب 13: 7 و17. وبعولٍ ونساءٍ اف 5: 22 إلى 33 وكو 3: 18 و1 بط 3: 1. ووالدِين وأولاد اف ص6 و1 تي ص5 وتي 2: 4. وسادة وعبيد اف 6: 5 وكو 3: 22 و4: 1 وتي 2: 9 و1 بط 2: 18. ثالثاً عن عمل الخلاص العظيم للإنسان. وهي تحتوي على إيضاحاتٍ بليغة لتلك الأمور الكثيرة التي لم يستطع التلاميذ قبل موت المخلص ان يحتملوها يو 16: 12. وذلك كالتعليم عن طبيعة ملكوتهِ الروحيّ وعن موتهِ لأجل خطايانا وقيامتهِ لأجل تبريرنا. وعن ابطال الشريعة الطقسية ودعوة الأمم لكي تتَّحد مع اليهود ويصير الجميع كنيسةً واحدةً. وأخصُّ تعليمٍ يُوجَد في هذه الرسائل هو عن شخص الابن
ووظيفتهِ كوسيطنا وعن الروح القدس كمقدّسنا. والقصد في هذا التعليم الإلهي تحريضنا على اتمام واجباتنا ليس فقط نحو هذين الأقنومين الإلهيين في تقديم كلّ الاحترام لهما والكرامة والمحبة والثقة والحمد والشكر والمخافة بل أيضاً نحو جنسنا البشري كلّ صنفٍ بحسب مقامهِ ورتبتهِ
وبما انهُ لا يمكننا ان نشرح بالإطالة مضامين كل رسالةٍ بمفردها في هذا المُختَصر الذي هو كمفتاحٍ للكتاب المقدس نكتفي بإدراج ملاحظتين عموميتين هنا تمهيداً لفهم المقاصد العظمى في هذه الرسائل بوجه الإجمال
الملاحظة الأولى بخصوص صفة هذه الكتابات. فنقول ان حكمة الله غير المتناهية قد استحسنت ان تعلم البشر في هذا الجزء من كلامهِ الطاهر ليس بتآليف منتظمة على مواضيع خصوصيَّة بل بكتاباتٍ نظير مكاتيب أَوحَى بها الروح القدس إلى الرسل الذين اصطفاهم. وكان غالباً يلهمهم بها عندما تدعو إليها الأحوال الواقعة وتمسُّ الحاجة إلى كتابتها. وإما مضامينها ومعانيها الإلهية فهي متَّجهة بالكلية نحو احتياجات الذين كُتِبت إليهم بحسب مُقتضَى أحوالهم. ولذلك ينبغي لأجل إدراك المقصد الحقيقي في كل رسالةٍ معرفة كل تلك الأحوال التي يمكن الوصول إليها بنوعٍ خصوصي من الرسالة ذاتها
ولأجل هذه الغاية يجب على كل من يروم الحصول على معرفة الحق كما هو ان يتَّبع هذه الطريقة التي ذكرها أحد الفضلاءِ وهي. أنهُ كان يأخذ رسالةً ما ويقرأُها في جلسةٍ واحدة ويلاحظ بكل جهدهِ أسلوب الكاتب وغايتهُ. قال إذا استنرتُ من قراءَتها المرَّة الأولى قليلاً كنت استنير أكثر في المرَّة الثانية وكنت أداوم قراءَتها على هذا المنوال حتى أحصل على معرفة غاية الرسول العظمى الخصوصية في كتابتها وفروع خطابهِ الكبرى التي بها يتتبَّع تلك الغاية والأقيسة التي يستعملها وترتيب كل ذلك ونظامهِ. وأقرُّ بأن هذا لا يمكن الحصول عليهِ من قراءَتها مرَّةً واحدةً أو مرتين فقط بعجلةٍ بل ينبغي تكرارها مرَّةً بعد أخرى بانتباهٍ كليٍّ لمضمون الحديث بدون اكتراث البتة بالتقسيم إلى
اصحاحاتٍ واعداد. والطريقة الأكثر نفعاً هي ان يفترض القارئُ ان للرسالة موضوعاً واحداً وقصداً واحداً حتى بواسطة كثرة تلاوتها يرى فيها أموراً أخرى جلية مستقلة بذاتها. انتهى
الملاحظة الثانية بخصوص بعض ضلالاتٍ قد شاعت في عصر الرسل وأَلْقَت الكنيسة في حالة الارتباك والحيرة
فأوَّل ضلالٍ منها كان ناتجاً من الصعوبة الكلية عند اليهود المتنصّرين في تصديقهم هذين الأمرين. الأول ان النظام الموسوي المؤَسَّس بأوامر إلهية ونصوصٍ جليةً ولا سيما سنَّة الختان التي حُفِظَت بغاية التدقيق من عهد إبرهيم فصاعداً وأُعتُبِرت عند العموم كضرورية للخلاص قد انحلَّ ولم يبقَ حفظهُ بعدُ ضروريّاً على من يرجو القبول لدى الله. الثاني ان الأمم قد حصلوا بواسطة الإنجيل على ذات الحقوق التي هي لليهود. ولنا في الكتاب المقدس شواهد كثيرة العدد ترينا أهميَّة الانتباه إلى ذلك كأحد الأضاليل التي شاعت في تلك الأزمنة. ومنها ما ورد في اع 15: 1 حيث يقول وانحدر قوم من اليهودية وجعلوا يعلّمون الاخوة أنهُ ان لم تختتنوا حسب عادة موسى لا يمكنكم ان تخلصوا. أي أنهُ لا يمكن الحصول على الخلاص إلا في الكنيسة اليهودية. انظر أيضاً 2 كو 9: 3 وغل 2: 4 و5: 1 و10 إلى 12 و6: 12 وفي 3: 2 وكو 2: 4 و8 و16 وتي 1: 10 و11 و14. وبالحقيقة ان رسائِل بولس مشحونة بالإشارات إلى ذلك
الضلال الثاني هو فلسفة اليونانيين. وهذا الضلال قد تشعَّب منهُ ضلالاتٌ كثيرة وصار كأصلٍ لها وقد كان كمرض عضالٍ ومميت لأنفس الناس أكثر من سيف الاضطهاد. وأما ينبوعهُ فهو ان أناساً متربين أصلاً في أضاليل الحكمة البشرية الباطلة مُعجبِين بأنفسهم ومنتفخين بكفاءَة العقل البشري اجتهدوا في ان يغتصبوا الديانة المسيحية لكي تطابق آراءَهم ونظاماتهم العديدة. وقد أُشير إلى ذلك في 1 تي 6: 20 وتي 3: 9 وكو 2: 8. وكان أخصُّ المواضيع التي
بحث عنها هؤلاءِ هو شخص المسيح وأصل الشرفي العالم. قيل ان سيمون الساحر كان أبا هذه الهرتقة وأول من مزج هذه الآراء مع النظام المسيح. وقد دُعي تابعوهُ بالغنوسيسيين وهذا الاسم مشتقٌّ من كلمة يونانية معناها المعرفة وذلك لأنهم كانوا يدَّعون بأنهم يعرفون الله أكمل معرفةٍ. وقد تشعَّب هؤلاءِ إلى شِيَعٍ عديدة سيأْتي الكلام بالتفصيل عنها في الجزء الثالث من هذا الكتاب لأنها ليست موضوع كلامنا هنا
وقبل الشروع في ذكر هذه الرسائل بالتفصيل نقول ان جميع هذه المكتوبات الإلهية تستحق ان تُقرأَ بالانتباه الكليّ والتدقيق البليغ لأجل ما تحويهِ من الإرشادات لسلوكنا وتصرفاتنا بهذه الحيوة والأوامر المقدسة المتعلقة بالتقوى والآداب المشحونة بها ولا سيما رسائل بولس التي تُعتَبر كخزانةٍ مكنوز فيها جميع التعاليم الإنجيلية التي تُستَمدُّ منها بكلّ غنىً كما لا يخفى عن القارئِ الراغب الإفادة
فإن الرسالة إلى الرومانيين تتضمَّن تعليماً مستطيلاً عن الخطية الأصلية وشرحاً جليّاً عن طريق التبرير أمام الله. والرسالة الأولى إلى الكورنثيّين تحوي أدقَّ خبرٍ وأكملهُ عن عطايا الله الروحية الممنوحة للكنيسة. والرسالة إلى الغلاطيين تشرح بالوضوح مقصد الناموس الموسوي. والرسالتان إلى الافسسيين والكولسيين تمتازان بأنهما تشرحان بأنفس أسلوبٍ عظمة الحقوق المسيحية وفوائدها الجليلة للإنسان وتقرّران حقوق الأمم في الاشتراك بجميع بركات الإنجيل نظير اليهود تماماً بدون ان يخضعوا للناموس الموسوي. والرسالتان إلى التسالونيكيين (مضافاً إليهما ص15 من 1 كورنثوس) تحتويان على تعاليم كثيرةٍ عن الدينونة العتيدة والقيامة من الموت. والرسائل إلى تيموثاوس وتيطس مشحونة بالتعاليم المدقَّقة عن صفات قسوس الديانة المسيحيَّة وواجباتهم. والرسالة إلى العبرانيين هي شرحٌ مستطيلٌ عن معنى الكهنوت اللاويّ وغايتهِ وعن صفة كهنوت المسيح وذبيحتهِ وشفاعتهِ. فجميع هذه التعاليم التي تتضمنها
رسائِل بولس موجودة في الرسائل الأُخر إلاَّ أنها مشروحةٌ هنا على أوضح وأدقِّ أسلوبٍ
الأولى رسالة بولس إلى أهل رومية
كُتِبَتْ في مدينة كورنثوس سنة 58 أو 60 م
انهُ من مقابلة بعض أجزاءِ هذه الرسالة مع بعض الأخبار الواردة عن بولس في أسفار العهد الجديد يمكننا ان نتوصل بالتأكيد إلى معرفة المكان والزمان اللذين كُتِبَت فيهما. أما المكان الذي كُتِبَت فيهِ فهو مدينة كورنثوس لأن من جملة الذين يذكر الرسول سلامهم في خاتمة هذه الرسالة غايس مُضيّفهُ رو 16: 23 وهو أحد المسيحيين في كورنثوس الذين قد عمَّدهم 1 كو 1: 14. وهو يوصي إليهم بفيبي خادمة الكنيسة التي في كَنْخَريا وهي مينا كورنثوس الشرقيَّة رو 16: 1. ويذكر المكان الذي كان فيهِ حينما كتب هذه الرسالة باسم المدينة فقط بدون ان يصرّح باسمها الخاصّ كأنها كانت شهيرةً وبما أنها مقرونة بالذكر مع كنخريا فلا بد من أنَّهُ أراد بها مدينة كورنثوس
وأما من جهة وقت كتابتها فنقول إننا نقرأُ عن بولس في رو 15: 25 و26 أنهُ كان مزمعاً ان يحمل صدقاتٍ إلى اخوتهِ في أورشليم من مكدونية واخائية. وفي 1 كو 16: 1 إلى 6 أنهُ كان قد حثَّ سابقاً كنيسة كورنثوس في اخائية على جمع هذه الصدقات التي كان مزمعاً ان يأخذها منهم متى أتى إليهم مجتازاً بمكدونيَّة. ويتضح من 2 كو 8: 1 إلى 4 و9: 1 إلى 4 أنهُ كان أيضاً مزمعاً ان يحضر معهُ صدقاتٍ من كنائس اخائية. وبمقابلة كلّ ما أشرنا إليهِ آنفاً مع اع 19: 21. و20: 1 إلى 3. و24: 17 نجد ان هذا كان وهو آتٍ إلى أورشليم مجتازاً بمكدونية وهلاَّس في المرة الأخيرة المذكورة في سفر الأعمال. وأكثر المدقّقين يؤَرخون هذه الحادثة في سنة 58 م وبعضهم في سنة 60 م في ملك نيرون وذلك يكون تاريخ هذه الرسالة
وأما من جهة تأسيس الكنيسة أولاً في رومية فلا يوجد خبرٌ عن ذلك في العهد الجديد البتة. ولبس لنا معرفة حقيقيَّة بالذي أدخل إليها الديانة المسيحيَّة أولاً. وقد زعم بعض الأقدمين ان بولس وبطرس هما اللذان أَسَّسا الكنيسة الرومانيَّة. أما بولس فمن الواضح أنهُ لم يكن قد ذهب إلى هناك حين كتب هذه الرسالة ص 1: 1 إلى 15 و15: 23 و24 ومع ذلك كان إيمان تلك الكنيسة وقتئذٍ شائِعاً في كل العالم ص 1: 8. وبما ان بولس وآخرين من الاخوة الذين معهُ والذين من كورنثوس يسلمون على كثيرين من الاخوة الذين في رومية ولا يذكرون شيئاً عن بطرس. فالأمر واضح أنهُ لم يكن حينئذٍ هناك. وليس لهُ ذكرٌ في مكانٍ آخر من الكتاب المقدس أنهُ ذهب إلى رومية ولا لنا أساس للاعتقاد أنهُ كان هناك قبلاً ولا أنهُ توجه في ما بعد. ولا يوجد إثباتٌ مقنعٌ في التواريخ عن ذهابهِ إلى رومية أصلاً. ومن المحتمل المرجَّح ان بعض أولئك الغرباءِ في رومية من اليهود والدخلاءِ الذين قبلوا الإنجيل في أورشليم اع 2: 10 هم الذين أسَّسوا تلك الجماعة المسيحيَّة الزاهرة
وأما الذين تأَلَّفت منهم هذه الكنيسة فلنا معرفة أكيدة عنهم. ان رومية كانت في ذلك الوقت قصبة المسكونة ومركز عالم الأمم ونتعلم من مؤَلَّفات كثيرين من القدماءِ أنهُ كان فيها حينئذٍ عددٌ وافرٌ من اليهود القاطنين فلا بدَّ إذاً من ان هذه الكنيسة كانت مختلطة من يهودٍ وأمم. ويؤَيّد هذا الأمر التعاليم التي تتضمنَّها هذه الرسالة فإن الرسول يبسط الكلام فيها بكل وضوحٍ عن إنجيل المسيح ويذكر أعظم تعاليمهِ وأهمّ مباديهِ الجوهرية كترتيب الخلاص المعدّ لكلّ العالم والمقصود بهِ ان يجعل اليهود والأمم واحداً في جسدٍ واحدٍ رأسهُ المسيح
وهو يتقدَّم إلى ذلك بالأدلَّة القطعية. فإنهُ أولاً يبرهن ان اليهود والأمم جميعاً تحت الخطية ويحتاجون معاً على حدٍّ سوى إلى الخلاص بالنعمة. وأن إبراهيم أبا الإسرائيليين قد تبرَّر بالإيمان لا بأعمال الشريعة أو الطقوس الخارجيَّة.
وان كلَّ بنيهِ بحسب الجسد ينبغي ان يتبرَّروا هكذا لأن الشريعة لا تقدر ان تخلص البشر الساقطين في الخطية والفساد من قضائِها عليهم بالدينونة ولا من قوة الخطية المتملكة فيهم على ان ثمرتها هي ان تهيج الغضب. وان البرَّ الذي يهبهُ الله بالإيمان بالمسيح هو الذي يحرّر البشر من لعنة الشريعة وسلطة الخطية وينقلهم إلى حالةٍ مباركةٍ حالة التبرير والتقديس والشركة الطاهرة مع الله ويعدُّهم لنوال مواعيدهِ الأبديَّة في السماءِ
وفي سياق هذا البحث يغتنم الرسول الفرصة لكي يبيّن للإسرائيليين ان مجرّد انتسابهم بالجسد إلى إبراهيم لا يؤَهّلهم لنوال مواعيد الله التي كانت لهذا الأب الفاضل. وأما الإيمان بالمسيح فيجعل الأمم بني إبراهيم الحقيقيين وشركاءَهُ في البركات الموعود بها ص4. وبما ان التعليم عن انضمام الأمم إلى اليهود واستوائهم معهم في الحقوق الممنوحة لهم من الله ولا سيَّما التعليم عن رفض غير المؤمنين من شعب إسرائيل الذين كانوا الجزءَ الأكبر منهم كان عثرةً عظيمة لهذه الأمَّة المعجبة بذاتها خصَّص الرسول بإلهام الروح القدس ثلاثة اصحاحاتٍ البحث عن هذا الموضوع بالوضوح انظر ص9 إلى ص11. ثم بنى على كلّ ما كان قد قرَّرهُ نصائح عديدة بخصوص السلوك والتصرفات اليوميَّة توافق أحوال المسيحيين في رومية واحتياجاتهم الخصوصيَّة
وقد قال أحد العلماءِ عن هذه الرسالة انها تأْليف لا نظير لهُ في تأْليفات بني البشر وإن فضلها على أعظم تصانيف العلماءِ من اليونانيين والرومانيين كفضل نور الشمس على ضوءِ الكواكب. وذلك لشرف موضوعها وقوَّة إنشائها وصحة تركيبها وما فيها من الاكتشافات المهمَّة المشروحة فيها وهي بالحقيقة مما يفوق الوصف. وينبغي لمن أراد ان يستوضح فهم هذه الرسالة ان يعتبر أمرين
الأول حالة أعضاءِ الكنيسة الرومانية الذين كان سابقاً بعضهم وثنيين وبعضهم يهوداً فقبلوا الإنجيل مع أنهما ما زالوا متمسكين ببعض وساوسهم. فلما ادَّعى النصارى الذين من الأمم بحقوقٍ نظير حقوق نصارى اليهود لم
يرخّص لهم اليهود في ذلك ما لم يخضعوا للختان
الثاني آراءُ اليهود المنحرفة في شأن التبرير الذي أقاموا لهُ ثلثة أركان أحدها تقوى أسلافهم الفضلاءِ واستحقاقهم العظيم والعهد الذي عاهدهم الله بهِ. والثاني المعرفة التي حصلوا عليها من الله بواسطة ناموس موسى ومطالعتهم ذلك الناموس باجتهادٍ. والثالث فرائض الناموس اللاوي التي كانت بمنزلة كفَّارةٍ للخطية ولا سيما الذبيحة والختان
وفي هذه الرسالة ستة عشر اصحاحاً تنقسم إلى أربعة أجزاءٍ
الجزءُ الأول يتضمن افتتاح الرسالة ص 1: 1 إلى 15
الجزءُ الثاني يتضمن التعاليم المفيدة للخلاص ص 1: 16 إلى ص 11
وأهمُّ التعاليم المفصَّلة فيهِ يجمعها التلخيص الآتي وهو. أولاً ان جميع البشر من اليهود والأمم مذنبون أمام الله. ثانياً ان أعمال الإنسان سواءً كانت طقسية أم أدبية ليس لها قوةٌ على تبرير الخاطي أمام الله. ثالثاً ان يسوع المسيح ابن الله بواسطة الطهارة الكاملة التي كانت لطبيعتهِ البشرية وطاعتهِ القصوى في قلبهِ وسيرتهِ وذبيحة موتهِ المكفّرة صار مخلصاً لكل من يتكل عليهِ. رابعاً ان الإيمان الحقيقي بيسوع المسيح يقترن بهِ ضرورةَ تقديس النفس. وأن الأعمال الصالحة تبيّن وجود هذا الإيمان. خامساً ان إرسال ابن الله إلى هذا العالم ليفدي الخطاة بتأَنُّسهِ ويخلصهم وموهبة بركات الإنجيل للمومنين بهِ هما ثمرة محبة الله العظيمة لجنس البشر. سادساً أنهُ في الأيام الأخيرة سوف يُدعَى كل اليهود والأمم ليقبلوا إنجيل المسيح بالحق ويدخلوا كنيستهُ. وجميع هذه القواعد الإلهية معيَّنة ومبرهنة ومشروحة ومثبتة على أكمل نوعٍ في هذا الجزءِ. وترتيب الرسول للدرجات العديدة التي بها يفسر الإنجيل غريبٌ في الغاية
وأما مشتملات هذا الجزءِ فهي تندرج في أحد عشر فصلاً. الأول مجاهرة هذا الرسول بإنجيل المسيح ص 1: 16 و17. الثاني اثم جنس البشر الفاحش الذي يتضح من فساد الأمم واليهود بكفرهم ص 1: 18 إلى 32 وص 2 وص 3: 1
إلى 20. الثالث زيادة التفصيل في الحكم بأن ديانة الإنجيل الصادرة عن النعمة الإلهية ضروريةٌ لفداءِ اليهود والأمم وخلاصهم ص 3: 21 إلى 28. الرابع عمومية الخلاص بالنعمة بواسطة الإيمان حتى ان إبراهيم وداود وسائر المؤمنين خلصوا بالنعمة فقط بواسطة الإيمان إذ اهتدت أفكارهم إلى مواعيد الله بالمسيح ص 3: 29 إلى 31 وص 4. الخامس مواهب المؤمنين السامية وخبرتهم السعيدة في النعمة الإلهية ص 5: 1 إلى 11. السادس أنهُ كما ان جنس البشر مشتركٌ في الخطية والموت بسبب انتسابهم لآدم بالطبيعة كذلك يشترك جميع المؤمنين في برّ الفادي وبركات النعمة الأبدية بسبب انتسابهم بالروح للمسيح الذي هو كفيل العهد الجديد ص 5: 12 إلى 21. السابع ان رجوع الخطاة عن حال التواءِ الضمير إلى حال النعمة يُصدِر لا محالة طهارة السيرة ويبلّغهم من دون انفصالٍ إلى الحيوة الأبدية ص6. الثامن ان المؤمن ولو تأَسَّف على فساد طبيعتهِ الأصلية لا يزال مسروراً بشريعة الله حسب الإنسان الباطن بسبب النعمة الموهوبة لهُ ويرجو الخلاص التام بواسطة إيمانهِ بيسوع المسيح ويبتهج في وسط الشدائد والأحزان لتأكدهِ ان الذين يحبون الله لا يصيبهم شيءٌ إلا الخير أنفسهم ص7 وص8. التاسع إظهار عدل الله بإدخالهِ الأمم إلى كنيسة المسيح مع ان اليهود تعرضوا لذلك ص 9: 1 إلى 24. العاشر ان دعوة الأمم قد وردت بها نبوةٌ قديمة. وكذلك رذل اليهود بسبب ادّعائهم بالبر وقلة إيمانهم ص 9: 25 إلى 33 وص 10. الحادي عشر زيادة الإيضاح عن إهمال الله بعض الإسرائيليين الكفرة وإدخال بعض الأمم إلى الكنيسة. وذلك لإنشاء روح الإيمان والتواضع والشكر في جميع المؤمنين ص11
الجزءُ الثالث يتضمن نصائح للمومنين بناءً على ما قيل في الجزء التعليمي السابق ص 12 إلى ص 15: 1 إلى 14 وفيهِ فصول
الفصل الأول نصائح للمومنين ان ينذروا نفوسهم أعضاءً للمسيح في كل ما يجب عليهم من طهارة الحيوة لأجل رحمة الله لهم ص12. الفصل الثاني نصائح
في تقدمة الطاعة للولاة والحكَّام لأنهم قد أُقيموا من الله ص12. الفصل الثالث نصائح بالحلم والصبر على الاخوة الضعفاءِ في الإيمان ص14 وص15 إلى ع 7. الفصل الرابع نصائح وصلوات لكي ينالوا ويظهروا سروراً متواصلاً بالله مخلصهم لأنهم مؤمنون من الأمم ص 15: 8 إلى 14
الجزءُ الرابع ختام الرسول لرسالتهِ مشيراً إلى أمورٍ متنوعة عن أتعابهِ وتأخرهِ عن زيارة رومية وتسليمهِ على أشخاصٍ معلومين ص 15: 15 وص16
مراجعة شواهد في الرسالة إلى أهل رومية من العهد القديم
ص ع |
ص ع |
1: 17 مع حب 2: 4 |
9: 33 مع اش 8: 14 |
3: 2 مع تث 4: 7 و8 |
10: 6 و7 تث 30: 12 و13 |
3: 10 مع مز 14 و53 |
10: 11 مع اش 28: 16 |
4: 3 مع تك 15: 6 |
10: 15 مع اش 52: 7 |
4: 7 و8 مع مز 32: 1 و2 |
10: 19 مع تث 31: 21 |
4: 13 و17 مع تك 17: 4 و5 |
10: 21 مع اش 65: 2 |
5: 15 مع اش 53: 11 |
11: 3 و104 مل 19: 10 إلى 18 |
7: 15 مع غل 5: 17 |
11: 7 و8 مع اش 29: 10 |
8: 15 مع اش 56: 5 |
11: 9 و10 مع مز 69: 22 و23 |
8: 26 مع زك 12: 10 |
11: 26 مع اش 59: 20 |
8: 36 مع مز 44: 22 |
12: 19 مع تث 32: 35 |
9: 13 مع مل 1: 2 و3 |
14: 6 مع 1 كو 10: 31 |
9: 15 مع خر 33: 19 |
15: 9 مع مز 18: 49 |
9: 25 مع هو 2: 23 |
15: 12 مع اش 11: 1 إلى 10 |
9: 29 مع اش 1: 9 |
16: 26 مع 2 بط 1: 20 |
الثانية رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس
كُتِبَت في مدينة افسس سنة 57 م
كانت كورنثوس كرسيَّ مقاطعة اخائية من أعمال بلاد اليونان القديمة وأشهر مدائنها وأفضلها في عظمة البناءِ واتّساع التجارة وغنى الأهالي. وكان موقعها بين الخليجين المعروفين الآن بخليج اجينا وخليج ليبانتو أو فطرس على البرزخ الموصل القسم الجنوبي من بلاد اليونان المعروف الآن بشبه جزيرة المورة بالقسم الشمالي الكبير. وقد اكتسبت هذه المدينة النفع الجزيل من وقوعها بين فُرْضَتين وهما ليكيّم إلى الغرب منها على راس خليج ليبانتو وكنخريا إلى الشرق على راس خليج اجينا. وكان أهلها مشهورين في الغنى الجزيل والتنعم ورفاهة المعيشة والتقدُّم في الصنائع والفنون والعلم والفطنة ولذلك كانت تُدعَى نور بلاد اليونانيين وزينتها. ولكن لم تكن شهرة حذاقتهم أعظم من شهرة فسادهم وسوءِ آدابهم حتى صارت مجاهرتهم بالفواحش التي كانوا يستييحونها مثلاً سائراً بين الناس. فلمَّا تلاقى أمرهم هذا المغبوط بولس تأَلَّفت منهم يهوداً وأمماً كنيسةٌ إنجيليَّةٌ بسعيهِ واجتهادهِ بينهم في مدة سنة وستة أشهرٍ اع 18: 11. والظاهر ان هذه الكنيسة كانت كبيرةً وممتازةً بالمواهب الروحية. ولكن فساد أهل المدينة وكبرياءَ بعض معلّمي الزور أحدثت لقومٍ من المؤْمنين هناك بعض أوهامٍ ووساوس
وكان ذلك ناتجاً بنوعٍ خصوصيٍّ من المتنصّرين من الأمم الذين كانوا الجزءَ الأكبر في هذه الكنيسة انظر ص 12: 2. فإن هؤلاءِ بما أنهم كانوا قد خرجوا حديثاً من الظلمة وفساد العبادة الاصناميَّة لم يتخلَّصوا بالكليَّة من نجاسة القبائح الوثنيَّة والأميال النفسانيَّة. ولذلك اضطرمت بينهم نيران التحزُّب والجدال ودخل بينهم معلمون مُعجِبون بأنفسهم ومدَّعون بالحكمة العالمية الباطلة فسبًّبوا بتعاليمهم الافكيَّة وآرائهم الفاسدة الاستخفاف ببساطة تعاليم الرسول
بولس الإنجيليَّة والازدراءَ بدعوتهِ الرسولية. وسعوا في استئْصال ثقة كنيسة الكورنثيين بهِ وميلها إليهِ. فكثرت التشويشات بينهم ونمت العوائد المُستهجَنة في عبادتهم الجمهورية ولا سيَّما في ما يتعلَّق بخدمة العشاء الربَّاني وممارسة المواهب الروحية فضلاً عن ان بعضهم أنكر تعليم القيامة. وأخيراً كتب هؤلاءِ الكورنثيون إلى الرسول بولس يستشيرونهُ في بعض أمورٍ خارجيَّة تتعلَّق بتصرفات المسيحيين لا بحقيقة إيمانهم ولا سيما في ما يختصُّ بأمر الزيجة تحت تلك الامتحانات والضيقات التي كانوا فيها وكذلك في ما يتقدَّم للأصنام من المآكل وعن المواهب الروحانية أيضاً
وأما الرسول فعند اطلاعهِ على ضلالاتهم وغاياتهم المشار إليها آنفاً كتب إليهم هذه الرسالة قاصداً بها أمرين كبيرين. الأول إصلاح ذلك الفساد بدفع وساوسهم وترغيبهم في التمسُّك بالإنجيل وإثبات تعليم القيامة. الثاني الإجابة بحسب مفاد قواعد الإنجيل العموميَّة عن المسائل التي كانوا قد كتبوا بها إليهِ كما تقدم. وهو يستعمل لهم تارةً التوبيخ الشديد وتارةً التبكيت بالرفق واللين وأحياناً اللجاجة والعبارات القويَّة الحارَّة. وقد استغنم الفرصة للمحاماة عن نفسهِ ودحض تشكيات أعدائهِ على سبيل الإيجاز والرفق بقدر ما أمكن وذلك بخلاف ما فعل في رسالتهِ الثانية إليهم
وهذه الرسالة تتضمَّن تعاليم عديدةً جليلة وأموراً كثيرةً مهمَّةً تتضح لنا منها بأجلى بيانٍ فاعليَّة الديانة المسيحية في الكنائس الأولى الرسوليَّة إيضاحاً إجلى وأكمل مما يستفاد من سائر رسائل هذا المغبوط. والمبادي العظيمة المذكورة فيها التي استعملها لإصلاح تلك الشوائب الخصوصية التي أفسدت كنيسة الكورنثيين يومئذٍ لم تزل من جيلٍ إلى جيل علاجاً شافياً لكل كنيسةٍ يعتريها فساد التعاليم وكثرة الانشقاقات ونوراً ساطعاً لكي تستضيءَ بهِ وبواسطة النعمة الإلهية تصل إلى ميناءِ السلام والطمأنينة والنجاح
ان ضلال الكورنثيين لم يكن واضحاً كضلال الغلاطيين وذلك لأنهم
كانوا قد بنوا على الأساس الحقيقي الذي هو يسوع المسيح لكنهم أدخلوا إلى البناءِ مواد غريبةً خشباً عشباً قشّاً ص2 مما تقتضيهِ الحكمة البشرية عوضاً عن الذهب والفضة والحجارة الكريمة مما تقتضيهِ تعاليم النعمة الصحيحة كما علمهم بولس. وهذا بخلاف ما فعل الغلاطيون كما يتضح من رسالتهم. ولذلك يوجد فرقٌ عظيمٌ بين مضمون هذه الرسالة وتلك لأنهُ في رسالتهِ إلى الغلاطيين يؤَنّبهم بالسلطان الرسولي لأجل زيغانهم الصريح عن جوهر الإنجيل وإما في هذه فيجتهد ان يجردهُ من الزيادات البشرية التي طرأَت عليهِ
ولا ريب في ان هذه الرسالة كُتِبَت بعد رحيل الرسول من كورنثوس. وقد أجمع رأي الجمهور على أنها كتبت من أفسس في فصل الربيع بالقرب من يوم الخمسين كما يتضح جليّاً من ص 16: 8 وليس من فيلبي كما ظنَّ البعض والمؤَرخون المحققون يرجّحون ان ذلك كان في سنة 57 للمسيح
وفي هذه الرسالة ستة عشر اصحاحاً تندرج في ستة فصولٍ كبار
الفصل الأول يتضمن فاتحة الرسالة مع تلخيصٍ مُجمَل عن تعاليم الإنجيل ومواهبهِ بمثل ما تمسَّك بهِ أهل كورنثوس يريد بذلك تهذيبهم ص1 وص2
ويُلاحَظ في هذا الفصل أمران. الأول ذكر فرق الاعتبار الحاصل عند الناس لإنجيل الخلاص بذبيحة المسيح. وذلك ان الملحدين يعتبرونهُ أنهُ جهالةٌ والمؤمنين أنهُ قدرة الله وحكمتهُ ص1. الثاني الاحتياج الضروري إلى فاعلية الروح القدس المنيرة المقدسة في قلب الإنسان ليهيّئَهُ لقبول أشياءِ الله بالرضى التام ص2
الفصل الثاني يتضمن توبيخات ونصائح لرفع الفضائح والمفاسد التي انهمك بها بعض أعضاء الكنيسة ص3 إلى ص6
الفصل الثالث يتضمن التبصُّر في المسائل التي قدَّمها أهل كورنثوس للرسول ص7 إلى ص10
والمشهور في هذا الفصل أربعة أمور. الأول قوانين الزيجة وفاعليَّة الديانة
المسيحية في اصلاح حالة المؤمنين السياسية ص7. الثاني القول عن أكل لحوم الحيوانات التي كانت تُقرَّب للأوثان ص8. الثالث حق خُدَّام الإنجيل في الإعالة من الشعب لأجل أتعابهم ص9. الرابع إشارة الرسول إلى معاصي بني إسرائيل وقصاصهم تنبيهاً لعامَّة المسيحيين ص10
الفصل الرابع يتضمن التعليم في كيفية سجود المرأَة في الكنيسة وتناول عشية الرب بالاحتشام والاستفادة وقصد المواهب الروحية وكيفية استعمالها ص11 إلى ص14
وأشهر ما في هذا الفصل ثلثة أمور. الأول رسوم تذكار ذبيحة فادينا العظيم بالوقار والانتباه في سرّ العشاء الرباني ص11. الثاني نصائح للمؤمنين في التماس واستعمال المواهب الروحية العجيبة لأجل تثبيت كنائس المسيحيين الأُوَل ص12 وص14. الثالث فضل النعم المسيحية وهي الإيمان والرجاءُ والمحبة التي تفوق كل مواهب المعجزات ص13
الفصل الخامس يتضمن تفصيل التعليم بقيامة المؤمنين بالمسيح ص15
وأحقُّ الأمور بالإفراز في هذا الفصل أربعة. الأول البراهين العديدة عن قيامة المسيح الذي هو باكورة قيامة المؤمنين وكفيلها ع 1 إلى ع 34. الثاني كيفية قيامة المؤمنين ع 35 إلى ع 49. الثالث انقلاب صورة كل من يكون حيّاً في مجيءِ المسيح إلى صورةٍ جليلة ع 50 إلى ع 54. الرابع الفائدة الناتجة للمؤمنين من ملاحظة تعليم القيامة ع 55 إلى ع 58
الفصل السادس ختام الرسالة وفيهِ رسومٌ لمساعدة الأبرار في أورشليم بما يخصُّ المعيشة ووعدٌ بزيارتهم ومديحٌ بعض خُدَّام الإنجيل وتحياتٌ لأعضاءِ عديدة من الكنيسة ص16
مراجعة شواهد في الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس من العهد القديم
ص ع |
ص ع |
1: 19 مع اش 29: 14 |
10: 5 مع عد 14: 29 إلى 32 |
1: 20 مع اش 44: 25 |
10: 6 مع عد 11: 4 إلى 34 |
1: 30 مع ار 23: 5 و6 |
10: 7 مع خر 33: 6 |
1: 31 مع ار 9: 23 و24 |
10: 8 مع عد 25: 1 إلى 9 |
3: 11 مع اش 28: 16 |
10: 9 مع عد 21: 6 |
3: 19 مع أي 5: 13 |
10: 10 مع عد 14: 37 |
6: 2 مع دا 7: 22 |
10: 10 مع عد 16: 49 |
9: 7 مع تث 20: 6 |
10: 18 مع لا 3: 3 |
9: 9 مع تث 25: 4 |
10: 18 مع لا 7: 15 |
10: 1 مع خر 13: 21 |
10: 20 مع تث 32: 17 |
10: 1 مع خر 14: 22 |
15: 3 مع اش 53 |
10: 1 مع مز 105: 39 |
15: 4 مع مز 16: 10 |
10: 3 مع خر 16: 15 إلى 35 |
15: 54 مع اش 25: 8 |
10: 3 مع نح 9: 20 |
15: 55 مع هو 13: 14 |
10: 4 مع خر 17: 6 |
|
الثالثة رسالة بولس الثانية إلى أهل كورنثوس
كُتِبَتْ في مقاطعة مكدونية سنة 57 م
قيل ان هذه الرسالة كُتِبَت بعد الأولى بأشهرٍ قليلة من مكدونية حيث كان الرسول ساعياً في جمع إحسانٍ لأجل فقراء القديسين في أورشليم كما يتَّضح من ص8 و9: 1 إلى 4. وأما المكان الذي كُتِبَت فيهِ فلا يمكننا الجزم بهِ فالبعض
يظنون أنها كُتِبت في فيلبي وغيرهم في مكان آخر من مكدونية
وأما الأسباب التي حملت الرسول على كتابتها فإنها كما يبان هي الأخبار التي بلغتهُ من تيطس (ويُظَنُّ من تيموثاوس أيضاً 1 كو 4: 17 و16: 10) عن تأْثير رسالتهِ الأولى لأنها كانت قد أفادت في إصلاح تلك الكنيسة وهذَّبت كثيرين من ذوي الفضائح السمجة. وبما أنها حازت القبول وطابقت مرغوب القسم الأكبر من المسيحيين في كورنثوس قدَّم الرسول شكراً بليغاً لله لأجل ذلك ص 7: 6 و7. وكان يمدح طاعتهم الخالصة ويوصيهم في إرجاع مَن أخرجوهُ من بينهم إلى شركتهم ويُدقّق كثيراً في أمر الإحسان لأجل فقراء المسيحيين في أورشليم ص 8: 9. غير ان قبولهُ عند الجزءِ الأعظم من الكنيسة وتأثير كلامهِ فيهم بهذا المقدار كان سبباً لتهييج أعدائهِ ضدَّهُ وقيام بعض المعلّمين المزوّرين منهم الذين عوَّلوا على مقاومتهِ وجعلوا يلومونهُ لأجل تداخلهِ في أمورهم ناسبين لهُ الخفَّة وعدم الثبات في آرائهِ ص 1: 17. وإنهُ تكلم بتهديداتٍ لا يجترئُ ان يجريها عند ما يحضر إليهم ص 10: 9 إلى 11 واتهموهُ بأنه استرقهم بالحيلة طمعاً في الربح ص 12: 16 إلى 18. وبطرقٍ مختلفة كانوا يثلبون رسوليتهُ وسيرتهُ الطاهرة
ولذلك كتب هذه الرسالة قاصداً بها أمرين. الأول تعزية النادمين. الثاني تبرير نفسهِ من الملامة. وهو يطيل الكلام في هذه الرسالة بكل حميَّة على إيضاح طهارة سيرتهِ الرسوليَّة وكثرة أتعابهِ وشدائدهِ لأجل المسيح مشيراً في كلامهِ بحسب مُقتضَى الحال نحو أخصامهِ. ولذلك ترى الجزءَ الأعظم من هذه الرسالة مشغولاً في الكلام عن شخص الرسول وأعمالهِ
ولا ريب في ان ذلك كان بموجب استحسان حكمة الله الذي وضع عبدهُ في هذه الظروف حتى ان أمانتهُ للحق اضطرَّتهُ بغير اختيارهِ ان يشرح صفاتهِ وأعمالهُ الرسوليَّة ويبرهن عن خدمتهِ للإنجيل بكل أمانة. وبذلك جعلهُ الله مثالاً وقدوةً لخدَّامهِ في كلّ جيلٍ وأظهر الفرق بينهُ وبين أولئك الغطاريس
المتفلسفين النفسانيين الذين اجتهدوا بواسطة ادّعائهم بفخامة الحكمة الدنيويَّة ان يحدِثوا الانقسام في كنيسة المسيح ويمزّقوها إلى أحزابٍ لأجل خيرهم الذاتيّ كما لطمع في المجد العالميّ والكرامة والربح ونحو ذلك من الغايات النفسانيَّة. وأما الآن وإن يكن قد زال الداعي الخصوصيُّ إلى كتابة هذه الرسالة فلم تبرح من الكنيسة الأسباب والبواعث المشابهة لتلك ولذلك أبقى الله بعنايتهِ هذه الرسالة كنزاً ثميناً لجميع المؤمنين بالمسيح وخاصَّةً للمعلّمين بالإنجيل
وفيها ثلثة عشر اصحاحاً تندرج في خمسة فصولٍ كبار
الفصل الأول يتضمن تحيَّات الرسول إلى أهل كورنثوس ومقدمة لطيفة لأعظم مضمون الرسالة ص1
الفصل الثاني يتضمن تعليماً من الرسول للكنيسة بأن يمارسوا اللطافة والرقَّة مع النادمين ومحاماةً عن شيمتهِ الرسولية الناشئة من ارتفاع فضيلة خدمتهِ على فضيلة خدمة شريعة موسى ومن اتمامهِ فرائضها بأمانةٍ مستنداً على تعزيات الإنجيل ومواعيدهِ ص2 إلى ص3
وفي هذا الفصل أربعة أمورٍ تنبغي ملاحظتها. الأول مديح الرسول للإنجيل بأن نتيجتهُ الروح والبرّ وان الشريعة نتيجتها الموت والشجب ص3. الثاني فائدة الإنجيل في توشيح أنفس الذين يقبلونهُ باثمار الروح ص4 و5: 1 إلى 17. الثالث الخاصية المميزة لديانة الإنجيل حيث يحسب اثم البشر للمسيح كفيل العهد ويحسب برَّهُ لجميع المؤمنين بهِ بالحق 5: 18 إلى 21. الرابع نصائح للقداسة المختصة بالإنجيل ص6 و7: 1
الفصل الثالث يتضمن إنذارات بأن تُعطَى الصدقات بسخاءٍ لإعالة الاخوة الفقراء المضطهدين في اليهودية ص8 وص9
وأشهر ما في هذا الفصل حجَّة الرسول الناتجة من رحمة ربنا التي لا نظير لها إذ صار إنساناً فقيراً لكي نستغني نحن بالمجد الأبدي ص 8: 9
الفصل الرابع يتضمن محاماة الرسول عن شِيمتهِ وسلطتهِ الرسولية ص10 إلى ص12
وينبغي ان نلاحظ في هذا الفصل ثلثة أمور. الأول اعتماد الرسول على صلاح سعيهِ وعلى قدرة الله ان تعولهُ وتعينهُ على بعض الناس الأقوياءِ الذين كانت شهرتهم ورياستهم متوقفة على ابطال دعوتهِ ص11. الثاني تعداد مصائب الرسول في تكميل خدمتهِ الرسولية ص11. الثالث رؤية الفردوس التي تشرَّف بها الرسول ص12
الفصل الخامس ختم الرسالة بالنصيحة لأهل كورنثوس ان يمتحن كل واحدٍ نفسهُ ويحترس عليها. وصلواتٌ لسعادتهم الروحية مختومةٌ ببركةٍ شهيرة ص13
مراجعة شواهد في الرسالة الثانية إلى أهل كورنثوس من العهد القديم
ص ع |
ص ع |
3: 3 مع ار 31: 33 |
6: 16 مع خر 29: 45 |
3: 3 مع حز 11: 19 |
6: 16 مع لا 26: 12 |
3: 3 مع حز 36: 26 |
6: 16 مع حز 37: 26 و27 |
3: 7 مع خر 34: 1 و29 |
6: 18 مع ار 31: 1 إلى 9 |
3: 7 مع خر 34: 30 و35 |
8: 15 مع خر 16: 18 |
3: 15 مع اش 25: 7 |
12: 7 مع حز 28: 24 |
6: 2 مع اش 49: 8 |
|
الرابعة رسالة بولس إلى أهل غلاطيَّة
كُتِبَت في مدينة كورنثوس سنة 58 م
ان غلاطيَّة هي ولايةٌ في آسيَّا الصُّغرى واقعة في وسط البلاد. وقد سُمِّيَت بذلك من سكانها الأصليين الذين ارتحلوا إليها سنة 280 ق م من فرانسا التي كانت تُدعَى في ذلك الوقت عند الرومانيين واليونانيين باسم
غالة. وقد ذُكِر في اع 16: 5 و6 ان بولس وسيلا اجتازا في فِرِيجيَّة وكورة غلاطية وأن الكنائس كانت تتشدَّد في الإيمان وتزداد في العدد كلّ يوم. والظاهر من هذا ان بولس وبرنابا تلمذا أناساً من أهل غلاطية في سفرتهما الأولى المذكورة في اع ص13 فصاعداً. ويُذكَر أيضاً في اع 18: 23 ان بولس ذهب إلى هناك مرَّةً أخرى وكان يشدّد جميع التلاميذ. والمرجَّح أنهُ بعد سفرهِ هذا الأخير بوقتٍ وجيزٍ كتب إليهم هذه الرسالة انظر غل 1: 6. وكان حينئذٍ إما في أفسس حيث توجه بعد رجوعهِ من عندهم في المرة الأخيرة قابل اع 18: 23 مع اع 19: 1. أو كما يظنُّ البعض في كورنثوس حيث مضى بعد ان ترك أفسس مارّاً بمكدونية قابل اع 19: 21 و1 كو 16: 5 و8 وبموجب هذا الرأي الأخير تتَّفق هذه الرسالة في تاريخ كتابتها مع الرسالة إلى أهل رومية كما تتَّفق معها في ما تتضمنهُ من التعاليم
ان كنائس غلاطيَّة كانت في ابتدائها بحالةٍ جيدة غل 5: 7 غير أنهُ بعد انطلاق الرسول من عندهم المرة الأخيرة قام بعض المؤمنين من اليهود وصاروا يعلّمون الكنائس بالطقوس اليهوديَّة وقدَّموا لهم ذات التعليم المذكور في اع 15: 1 وهو ان لم تختتنوا حسب عادة موسى لا يمكنكم ان تخلصوا. وقد نجحوا بينهم نجاحاً عظيماً فشوَّشوا عقولهم وأزاغوا البعض منهم عن بساطة تعليم الديانة وأصول الإنجيل الجوهريَّة. ولكي يتمكَّنوا من غاياتهم جعلوا يقولون للاخوة ان بولس ليس رسول المسيح بل هو رسولٌ مبعوثٌ من كنيسة أورشليم فقط. فأُوحي إلى هذا الرسول ان يكتب إليهم هذه الرسالة لأجل مقاومة هذه الضلالة الفظيعة وترجيع التلاميذ إلى إيمانهم الأول وتثبيتهم في قاعدة تعليم الإنجيل العظمى وهي ان تبرير الخطاة أمام الله لا يمكن إلا بالإيمان ببرّ المسيح وكفَّارتهِ. وقد عبَّر الرسول عن مقاصدهِ هذه في الرسالة بطريقةٍ عجيبة يستعمل بها الرفق والعنف معاً
وفي هذه الرسالة ستة اصحاحات تندرج في ثلثة أجزاءٍ
الجزءُ الأول يتضمن تبرئَة الرسول لنفسهِ ولِمَا بشَّر بهِ من التعاليم ص1 وص2. وفي هذا الجزءِ أربعة فصول. الأول مقدمة الرسالة ص 1: 1 إلى 5. الثاني يبرهن أنهُ لم يكن رسولاً مبعوثاً من الرسل الآخرين بل من المسيح نفسهِ ولذلك ليس هو دون الرسل في الرتبة ص 1: 6 إلى 24. الثالث يبيّن أنهُ قد بشر بنفس الإنجيل الذي بشرت بهِ بقية الرسل ص 2: 1 إلى 10. الرابع يوضح ان سيرتهُ كانت مطابقة لتعليمهِ ص 2: 11 إلى 21
الجزءُ الثاني يتضمن محاماة عن تعليم التبرير مجاناً بالإيمان مبرهناً على ذلك بشهاداتٍ من العهد القديم ص 13 إلى 5: 1 إلى 12 وفي هذا الجزءِ خمسة فصول. الأول يقدم برهان التبرير بالإيمان من الميثاق الذي صنعهُ الله مع إبراهيم ص 3: 1 إلى 18. الثاني يقدم برهان هذا التعليم نفسهِ من شريعة موسى التي لم تكن لكي تبطّل الوعد لإبراهيم بل لتحرّض الناس على التمسك بالإنجيل ص 3: 19 إلى 29 وص 4: 1 إلى 7. الثالث يعاتب الغلاطيين بلطافةٍ على زيغهم عن الإنجيل ص 4: 8 إلى 20. الرابع يرينا نقصان الكنيسة اليهودية التي كنى عنها بإبراهيم وبيتهِ ص 4: 21 إلى 31. الخامس يُظهِر غباوة من يرفض الإنجيل بخضوعهِ للختان لأن ذلك يلزمهُ ان يحفظ كل الناموس الطقسي ص 5: 1 إلى 12
الجزءُ الثالث يتضمن نتائج تعاليم النعمة ونصائح متنوعة لأجل التعبُّد بقوة الروح القدس وإرشادهِ الموعود بهِ ص 5: 13 إلى 26 وص 6. وهنا نلاحظ أمرين على الخصوص. الأول النبي عن الأفعال الجسدية السمجة في الملحدين. الثاني ثمرات الروح القدس الظاهرة في أخلاق المسيحيين الأتقياءِ وسيرتهم ص 5: 13 إلى 24
مراجعة شواهد في الرسالة إلى أهل غلاطية من العهد القديم
ص ع |
ص ع |
3: 6 مع تك 15: 6 |
3: 16 مع تك 17: 7 |
3: 8 مع تك 12: 3 |
4: 4 مع دا 9: 24 |
3: 8 مع تك 18: 18 |
4: 14 مع زك 12: 8 |
3: 10 مع تث 27: 26 |
4: 24 مع تث 33: 3 |
3: 13 مع تث 21: 23 |
4: 30 مع تك 21: 10 إلى 12 |
3: 16 مع تك 12: 3 و7 |
|
الخامسة رسالة بولس إلى أهل أَفَسُس
كُتِبَتْ في مدينة رومية سنة 62 م
كانت أفسس مدينة عظيمة الشهرة في آسيا الصغرى وكانت شهرتها لأجل هيكلها العظيم المكرَّس للإِلاهة ديانا الكاذبة التي تُدعَى أيضاً ارطاميس (وهي من أشهر آلهة اليونانيين والرومانيين). فإنهُ كان مُعتَبَراً كإحدى عجائب الدنيا السبع(1). وكان أهل أفسس منعكفين إلى الغاية على عبادة الأوثان والأوهام الباطلة ومنهمكين في ارتكاب الفواحش. ومع ذلك كانت خدمة بولس بينهم ناجحة إلى الغاية بإرشاد كثيرين منهم إلى إله الحق. وكان تأْسيس الكنيسة في افسس نحو سنة 54 للمسيح بخدمة وأتعاب بولس واكيلا وبريسِكلاَّ انظر اع 18: 19 و20 و21 و26 وص 19 كلَّهُ
وهذه الرسالة كتبها إليهم بولس وهو أسير اف 3: 1 و4: 1 ومن المسلَّم أنهُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ان هيكل ارطاميس هذا كان طولهُ 450 قدماً وعرضهُ 200 قدمٍ ومشتملاً على 126 عموداً من رخامِ ارتفاع الواحد 70 قدماً. وهذا الهيكل العظيم الذي استمرَّ بناؤُهُ مدة 220 سنة حرقهُ رجل أحمق. وذلك قصداً لاشتهار اسمهِ في كل العالم. ومن هذا الحادث صار المثل الدارج بين الناس الأحمق الذي لا يقدر على اصطناع قفصٍ حقير يقدر على خراب هيكل عظيم (انظر اع 19)
كان حينئذٍ إما في قيصرية أو في رومية والأرجح أنهُ كان في رومية في مدة أسرهِ المذكور في اع 28: 30 و31 كما يظهر من مقابلة ص 6: 20 وكو 4: 3 وفل 10. وفي هذا الوقت كتب أيضاً الرسائل إلى كولوسي وفليمون وفيلبي ولا يوجد اعتراض قوي ضدّ هذا الرأي. وبموجب ذلك تكون قد كُتِبَت في سنة 62 م
ان الرسالة إلى غلاطيَّة هي على نوعٍ ما جداليَّة وأما هذه فبالعكس لأنها تتضمَّن بنوعٍ أخصَّ تأمُّلاتٍ سامية. لأن الرسول لم يبلغهُ خبرٌ عن دخول غلطٍ خصوصيٍّ بينهم لكي يدحضهُ بل لما سمع برسوخهم في الايمان ونموّهم في الفضائل اف 1: 15 كتب إليهم هذه الرسالة يكشف لهم بها عن أفكار الله الأزليَّة في أمر الفداءِ بيسوع المسيح والسرّ الذي كان مكتوماً في الأجيال السالفة عن البشر وهو قصد الله ان يجمع كل الأشياءِ في السماءِ وعلى الأرض تحت رياسة المسيح. وينقض بهِ حائط السياج المتوسّط بين اليهود والأمم صانعاً من الاثنين جسداً واحداً جديداً روحيّاً راسهُ المسيح. ثم حسب عادتهِ بورد نصائح عمليَّة يخاطب بها المسيحيين من درجات متنوعة ويختم الكلام بحثٍّ عموميٍّ لأجل الثبوت في الحق وممارسة الصلوة والسهر في الحرب المسيحي. ويوجد بين هذه الرسالة والتي إلى كولوسي اتّفاقٌ يستحقُّ الاعتبار كما سترى في كلامنا عن هذه الأخيرة
وفي هذه الرسالة ستة اصحاحات تندرج في جزءَين كبيرين
الجزءُ الأول تعليميٌّ وهو يحيط بالثلثة الاصحاحات الأولى. وفيهِ ستة فصول. الفصل الأول عنوان الرسالة ص 1: 1 و2. الثاني تقدمة الشكر لله على رحمتهِ العظيمة في إثباتهِ بركات التبنّي والفداءِ والخلاص بيسوع المسيح ص 1: 13 إلى 14. الثالث صلواتٌ لأجل المؤمنين من أهل أفسس لأنهم صاروا جزءاً من كنيسة المسيح ص 1: 15 إلى 23. الرابع مقابلة حالتهم الماضية الشقية بحالتهم الحاضرة السعيدة لكونهم قد وُلِدوا جديداً بيسوع المسيح وصاروا من أهل مدينة القديسين ومن أبناءِ الله ص 2. الخامس إعلان سرّ الرحمة
الإلهية في اجتذاب الأمم إلى كنيسة الله حسب مشيئتهِ الأزليَّة ص 3: 1 إلى 12. السادس صلوة الرسول لأجل ثبات المؤمنين في معرفة المسيح ومحبتهِ ص 3: 13: 31
الجزءُ الثاني عمليٌّ وهو يحيط بالثلثة الاصحاحات الأخيرة وفيهِ سبعة فصول. الفصل الأول نصحٌ عموميٌّ لأهل أفسس ان يسيروا سيرة مطابقة لدعوة الله لهم ص 4: 1 إلى 3. الثاني تأكيد هذا النصح من اعتبار وحدة الروح القدس وتعدُّد مواهبهِ المتنوعة لفائدة الكنيسة ص 4: 4 إلى 16. الثالث تأكيد هذا النصح أيضاً باعتبار تجديد ضمائرهم بنعمتهِ المؤَثّرة ص 4: 17 إلى 24. الرابع نصيحة في اجتناب رذائل عديدة مذكورة ومدح الفضائل المضادَّة لتلك الرذائل ص 4: 25 وص 5: 1 إلى 21. الخامس نصيحة في إتمام واجباتهم بعضاً لبعضٍ لكونهم مؤمنين ومشتركين كلهم في الفداءِ بدم المسيح وميراث السماء ص 5: 22 وص 6: 1 إلى 9. السادس النصح الأخير للمومنين بالمكافحة في الحرب الروحية متقلدين بسلاح الله ص 6: 1 إلى 20. السابع ختام الرسالة ص 6: 21 إلى 24
وينبغي ان نلاحظ في هذه الرسالة ثلثة أمور. الأول أصل خلاص الخطاة بالمسيح كما شرحهُ الرسول ص1. الثاني سرُّ رحمتهِ تعالى بإضافة الأمم إلى الكنيسة ص2. الثالث كيفية محاربة المسيحي مع أعدائهِ الروحية ص6
مراجعة شواهد في الرسالة إلى أهل أفسس من العهد القديم
ص ع |
ص ع |
1: 11 مع اش 46: 10 و11 |
4: 14 مع اش 28: 9 |
2: 12 مع حز 13: 9 |
5: 14 مع اش 60: 1 |
2: 17 مع زك 9: 10 |
6: 2 مع تث 5: 16 |
1: 20 مع اش 28: 16 |
6: 2 مع ار 35: 18 |
السادسة رسالة بولس إلى أهل فيلبي
كُتِبَتْ في رومية سنة 63 م
ان فيلبي هي أول مدينة من مقاطعة مَكِدونيَّة. وهي كُولُونيَّة أي مُرخَّص لها من قبل الدولة الرومانية بالحقوق الخصوصية التي لمدينة رومية ذاتها. وموقعها في سهلٍ متسع إلى الشمال الغربيّ من اسكلتها نيابوليس على بعد عشرة أميالٍ منها انظر اع 16: 11 و12. وهي أول مكانٍ من أوربا بُشِّر فيهِ بالإنجيل على يد رسولٍ وقد زادت شهرتها بسبب تنصُّر ليدية والسجَّان فيها اع ص16
ان لوقا يخبرنا في اع 16: 9 إلخ عن اهتداءِ الرسول بولس برؤْيا إلى مكدونية وعن عملهِ في فيلبي والاضطهاد القاسي الذي كابدهُ هناك وهذا كان سنة 51 م. ويخبرنا أيضاً في اع 20: 1 إلى 5 عن زيارة الرسول أهل مكدونية مرتين بعد ذلك. وفي المرة الأولى منهما كان مشغولاً جدّاً يجمع صدقاتٍ لأجل فقراءِ القديسين الذين في أورشليم كما نتعلم من 2 كو ص8 وص9
ان أهل مكدونية مع أنهم كانوا فقراءَ جدّاً كانوا مشهورين بغنى سخائهم 2 كو 8: 3. وكان الداعي إلى كتابة هذه الرسالة هو ان الفيلبّيين كانوا قد جمعوا مبلغاً وأرسلوهُ إلى بولس بيد أَبَفْرُودِتس اسعافاً لهُ في سجنهِ. فكتب إليهم بيد رسولهم هذا يخبرهم بوصول ما أرسلوهُ انظر ص 4: 10 إلى 19 و2: 25 الخ. وكان يمدحهم لأنهُ بعد ذهابهِ من مكدونية لم تشاركهُ كنيسةٌ واحدةٌ في حساب الأَخذ والعطاءِ الأهم وحدهم
وهذه الرسالة مكتوبةٌ بأفصح العبارات وحاوية أفضل المعاني وألطف النصائح لكل أعضاءِ كنيسة فيلبّي وروحها يدلُّ على فيض محبة الرسول المسيحيَّة الحارة. وهو يمزج بها حسب عادتهِ التعاليم الإنجيلية السامية والعبارات الفنية بالإفادة مع الاختبار المسيحيّ
ان أهل فيلبّي كانوا في ذلك الوقت منهوكين من الاضطهادات العنيفة ومحتاجين إلى التشجيع والتعزية. وكان بينهم خصوماتٌ وأحوالهم تستلزم التهذيب والحثّ على الاتّفاق. وكانوا أيضاً عُرْضةً لِحَبل المعلمين الكَذَبَة الذين كانوا يسعون في اقتيادهم إلى دين اليهود ومفتقرين إلى التحذير من مكايد هؤلاءِ والتحريض على التمسُّك بالإنجيل. فالرسول يكتب إليهم عن كل واحدةٍ من هذه القضايا برقَّة قلبٍ وإحساسٍ عميق لا نظير لهُ
والأمر واضح ان بولس كتب هذه الرسالة من رومية وهو أسيرٌ. وكان حينئذٍ منتظراً بأقرب وقتٍ انتهاءَ أمرهِ. وهو يصرّح برجائهِ الوطيد ان النهاية تكون مرضيةً عندهُ ص 1: 25 و2: 23 و24. ولا ريب ان هذا كان في مدة سجنهِ الأول المذكور في اع 28: 30 و31 لأنهُ في سجنهِ الثاني الذي كان بعد هذا لم يكن لهُ رجاءٌ بالإطلاق بل كان ينتظر الموت انظر 2 تي 2: 9 و4: 6 إلى 8. فيمكننا إذاً ان نعيّن تاريخ هذه الرسالة في مدة أسرهِ الأول بعد ان كان قد كتب الرسائل إلى أفسس وكولوسي وفليمون. وبموجب رأي أشهر المدققين كان ذلك في سنة 63 م
وفيها أربعة اصحاحات تندرج في ثمانية فصول
الفصل الأول عنوان الرسالة ص 1: 1 و2
الفصل الثاني شكر الرسول لله على ثباتهم في الإيمان وصلاتهُ لأجل تقدُّمهم في العبادة 1: 3 إلى 11
الفصل الثالث شرح نتائج حبسهِ في رومية وانتشار الإنجيل حتى في قصر الملك وإظهار رغبتهِ في إفادة الكنيسة حتى أنهُ مع كونهِ يشتهي ان ينتقل من هذا العالم ويتشرف برؤْية المسيح لم يزل يريد ان يبقى في الجسد لأجل السعي في هذه الإفادة ص 1: 12 إلى 26
الفصل الرابع نصائح لأهل فيلبي بكلام المحبة ان يمتلكوا أخلاقاً وسيرةً لائقة بالإنجيل ص 1: 27 إلى ص 2: 16
وأشهر ما في هذا الفصل هو الحجة الناتجة من محبة المسيح وتواضعهِ إذ اتخذ طبيعة الإنسان لكي يطيع الناموس من أجل الخطاة ويموت فداءً عنهم مع أنهُ مساوٍ لله الآب ص 2: 5 إلى 11
الفصل الخامس إظهار اهتمام الرسول بإفادة أهل فيلبي إذ أرسل إليهم تيموثاوس وابفرودتس ص 2: 17 إلى 30
الفصل السادس تحذيرهُ لهم من المعلمين المعاندين المتهوّدين الذين يدَّعون التبشير بالإنجيل مبيناً لهم رغبتهُ العظيمة في إنجيل المسيح والبر الذي يصدر من الله بالإيمان ص3
الفصل السابع نصائح شَتَّى بالسرور والعدالة وممارسة الصلوة ووصايا بإحراز الفضائل المزينة للمسيحيين وتعريفٌ بوصول النفقة التي تكرَّموا عليهِ بإرسالها ووعدٌ لهم بالعوض النفيس من إله عهدهِ حسب غنى مجدهِ ص 4: 1 إلى 20
الفصل الثامن خاتمة الرسالة ص 4: 21 إلى 23
مراجعة شواهد في الرسالة إلى أهل فيلبي من العهد القديم
ص ع |
ص ع |
2: 7 مع مز 22: 6 |
3: 2 مع اش 56: 10 |
3: 7 مع دا 9: 26 |
3: 8 مع ار 9: 23 و24 |
2: 10 مع اش 45: 23 |
4: 6 مع مز 55: 22 |
السابعة رسالة بولس إلى أهل كُولُوسِّي
كُتِبَتْ في مدينة رومية سنة 62 م
كانت كولوسّي إحدى المدن العظيمة في فريجية من أعمال آسيا الصغرى واقعة إلى الجنوب الغربي منها بالقرب من لاودكية وهيرابوليس ص 4: 13.
ولم نتحقق تأْسيس كنيستها بسعي أحدٍ من الرسل ولعلَّهُ كان بسعي فليمون أو ابفراس على الأرجح كما يُستنتَج من ص 1: 7 و4: 12 و13. ويظهر ممَّا قيل في ص 2: 1 ان بولس حينما كتب هذه الرسالة لم يكن قد ذهب على هناك بعدُ
وكان السبب في كتابتها حضور ابفراس خادمهم في الإنجيل إلى رومية ليستشير بولس في بعض تعاليم مستجدَّة أشهرها بينهم بعض المعلمين المزوّرين من جهة السجود للملائكة واتخاذهم إياهم وسطاءَ بين الله والناس وحفظ طقوس عديدة. فقصد الرسول بهذه الرسالة ان يبين لهم ان رجاءَ الخلاص لا يُبنَى إلا على شخص فادينا الكريم واستحقاقاتهِ التي هي كافية للجميع. وان يحذّر أهل كولوسي من وساوس أهل الباطل ويحثهم على اقتناء سيرةٍ وأخلاقٍ تطابق الديانة المسيحية
وهذه الرسالة تتفق مع الرسالة إلى أفسس في تاريخ كتابتها وفي المكان الذي كُتِبَت فيهِ. فإن كلتيهما قد أُرسلتا من رومية بيد تيخيكس حينما كان بولس مسجوناً هناك في المرَّة الأولى قابل كو 4: 7 و8 مع اف 6: 21 و22. وتتفق أيضاً معها اتفاقاً مُعتبراً في مضمونها فإنهُ يبان من اثنتيهما ان عقل الرسول كان حين كتابتهما مملؤاً من التأمُّلات بمجد وسموّ شأْن شخص المسيح. وهو يطيل الكلام على ذلك في اثنتيهما بروحٍ حارٍ شارحاً مع هذا الموضوع سرَّ النعمة الإلهية الفائق الذي كان مكتوماً من دهورٍ وأجيالٍ أي قصد الله ان يجمع كلَّ الأشياء في السماءِ وعلى الأرض في عائلة واحدة مقدسة تحت الرأس الذي هو المسيح. وهكذا ينقض حائط السياج المتوسط بين اليهود والأمم حتى لا يكون بعدَ في ملكوت الله يونانيٌّ ويهوديٌّ ختانٌ وغرلةٌ بربريٌّ سكيثيٌّ عبدٌ وحرٌّ بل المسيح الكلُّ وفي الكل كو 3: 11. وفي كلتا الرسالتين يُردِف البحث عن هذا التعليم السامي بحثٍّ ونصائح عمليَّة يخاطب بها المؤمنين من درجاتٍ وحالاتٍ متنوعة
ولكن مع هذه المشابهة المُعتَبرة يُوجَد بينهما فرقٌ واحد في البحث التعليميّ. فالرسالة إلى أفسس هي تأَمليَّة لأنهُ لم يكن هناك أغلاطٌ خصوصيَّة لكي يقاومها الرسول. والتي إلى كولوسّي نفسها جَدَليّ نوعاً لأنهم كانوا مُتعَبين من الذين
كانوا يعلمون بالطقوس اليهوديَّة وكانوا مجتهدين ان يرجّعوهم من الملءِ الذي في المسيح للاتكال على عناصر الطقوس اليهودية الضعيفة. فتتضمن هذه الرسالة من هذا القبيل ما تتضمنهُ الرسالة إلى غلاطيَّة. ولكن يوجد بينهما أيضاً فرق في أسلوب البحث لأن الموضوع الأهمّ في الرسالة إلى غلاطيَّة هو ان التبرير بالإيمان بالمسيح لا بأعمال الناموس وفي الرسالة إلى كولوسّي هو ان ملءَ النعمة من المسيح لا من عناصر الطقوس اليهودية الفقيرة. وهكذا حكمة الله حضَّرت لنا التعليم الفائق عن النعمة بطرقٍ وأساليب شتَّي تناسب احتياجات المؤمنين المتنوَّعة. وإذا صحَّ الاعتقاد بأن بعض الرسائل التي كتبها بولس إلى الأمم لم تصل إلينا كما هو المظنون فالأمر واضح ان الرسائل الموجودة بين أسفار الكتاب المقدس القانونيَّة تتضمن كلَّ ما هو ضروريٌّ لبنيان الكنيسة إلى انقضاءِ الدهر
ولا ريب في ان هذه الرسالة إذا قوبلت مع الرسالة إلى أهل أفسس يزيد حسن معانيها ويسهل فهم تعليمها المفيد
وفيها أربعة اصحاحات تندرج في ثمانية فصول
الفصل الأول مقدَّمة الرسالة ص 1: 1 و2
الفصل الثاني شكر الرسول وصلواتهُ لأجل أهل كولوسّي ص 1: 3 إلى 14
الفصل الثالث بيان مجد المسيح وفضل وساطتهِ التي جذبت الأمم إلى كنيسة الله ص 1: 15 إلى 29
الفصل الرابع التحقيق لأهل كولوسي عن همة الرسول وصلواتهُ لأجل إثباتهم وتقدمهم في معرفة المسيح ونعمة الله ص 2: 1 إلى 7
الفصل الخامس التحذير من الأوهام الفلسفية التي يتوهمها أهل الباطل والحثُّ على التمسك بتعليم المسيح الصافي الذي في شخصهِ يحلُّ ملءُ اللاهوت والذي هو راس الكنيسة وكل السلاطين السموية. وهو الذي بهِ نُسِخَت جميع الطقوس اللاوية نسخاً أبديّاً ص 2: 8 إلى 17
الفصل السادس التحذير من السجود للملائكة والتغاضي عن المسيح ص 3:
300 الجزءُ الثّاني
18 إلى 23
الفصل السابع النصيحة بأن يرغبوا في الأمور السموية ويمارسوا الفضائل المسيحية مع ذكر عدة واجباتٍ أدبية ص3 إلى ص 4: 1
الفصل الثامن نصائح وتعاليم وتحيَّات عديدة يتصل بها ختام الرسالة ص4
وأشهر ما في هذه الرسالة شهادة الرسول على لاهوت ابن الله واتخاذهِ طبيعة البشر ليصير رأس الكنيسة وفادي الخطاة ص 1: 13 إلى 22 وص 2: 9 إلى 15
مراجعة شواهد في الرسالة إلى أهل كولوسي من العهد القديم
ص ع |
ص ع |
1: 16 مع 1 كو 8: 6 |
2: 8 مع ار 29: 8 |
1: 16 مع اف 3: 9 |
2: 11 مع تث 30: 6 |
1: 16 مع عب 1: 2 |
2: 18 مع حز 13: 3 |
1: 16 مع رو 8: 38 |
4: 6 مع جا 10: 12 |
الثامنة رسالة بولس الأولى إلى أهل تَسَالُونِيْكي
كُتِبَت في مدينة كورنثوس سنة 52 م
ان تسالونيكي واسمها الآن سالونيكية هي مدينة في الروملي من أعمال برّ الترك في أوروبَّا واقعةٌ عند رأس خليج سالونيكية. وكانت قديماً قصبة القسم الثاني من مكدونيَّة إحدى أعمال مملكة اسكندر العظيم ومع أنها من مدن الأمم كانت في عصر الرسول تحتوي على عددٍ وافرٍ من الإسرائيليين فكانت تُعتَبَر كقصبةٍ لأمَّة اليهود في ملك الأمم. ولم تزل مشحونةً باليهود إلى يومنا هذا. قيل يوجد فيها الآن نحو ثلثين ألفاً منهم
وقد ذُكِر في سفر الأعمال ان بولس لما طُرِد من فيلبي باضطهادٍ عنيفٍ وإهانةٍ ذميمة توجه إلى تسالونيكي مجتازاً في امفيبوليس وأَبولونيَّة اللتين هما على الطريق إلى هناك اع 16: 19 إلى 40 و17: 1 وا تس 2: 2. وبعد ان بشر بالإنجيل برهةً وجيزة نجح في خدمتهِ بنظم كنيسةٍ فيها اع 17: 4. وأما اليهود غير المؤمنين فالتهب غضبهم لنجاحهِ واضطهدوا الكنيسة وإياهُ فهرب إلى بيرية بعد ان كان قد صرف عندهم مدَّةً قصيرةً. ولما بلغ أخصامهُ قدومهُ إلى بيريَّة وتبشيرهُ فيها تبعوهُ إلى هناك أيضاً وجعلوا يهيجون الجموع ضدَّهُ فترك بيرية ومضى إلى أثينا أع 17: 5 إلى 15 و1 تس 1: 6 و2: 14 و15 و16
ان أهل تسالونيكي قد اشتركوا مع الرسول بمقدارٍ جزيلٍ من الاضطهادات التي كابدها هو ذاتهُ وكانوا لم يزالوا مجتازين في الاضطهاد الناريّ وإذ كان هو مشتاقاً جدّاً لأن يراهم لكي يثبتهم أكثر في معرفة وإيمان الإنجيل وغير قادرٍ ان يفعل ذلك أرسل تيموثاوس من أثينا لأجل هذه الغاية عوضاً عنهُ قابل أع 17: 14 و15 مع 1 تس 3: 1 إلى 5. ولمَّا رجع تيموثاوس إليهِ وهو في كورنثوس كما سيأتي ومعهُ بشارة السرور بثباتهم في الإيمان وازديادهم بالمحبة 1 تس 3: 6 تحرك الرسول لكتابة هذه الرسالة إليهم لكي يثبتهم في حق إنجيل الخلاص ويشجّعهم على سلوكهم المسيحي بمجاهرة في وسط هذه الضيقات الشديدة. وهو يسكب بها قلبهُ أمامهم بالعبارات الحارَّة والأشواق المحبيَّة ص 2: 17 إلى ص 3: 6. وفي هذه الرسالة والتي بعدها يتكلم الرسول كثيراً عن مجيءِ الرب الثاني. ويبان من هذه الرسالة وغيرها ان كنائس مكدونيَّة كانت مشهورة بمحبتها لهُ كما كانت مشهورةً بسخائها في العطاءِ
وأما من جهة الوقت الذي كُتِبَت فيهِ هذه الرسالة فنقول اننا نرى من فاتحتها ان سلوانس وتيموثاوس كانا معهُ ومن أع 18: 5 و2 كو 1: 19 ان هذين قد ذهبا إليهِ وهو في كورنثوس. فالأمر واضح ان هذه الرسالة قد كتبها الرسول من كورنثوس مدة إقامتهِ هناك في المرة الأولى. فتكون إذاً من جهة
الوقت أُوْلَى الرسائل الموحى بها التي كتبها بولس. وأشهر الباحثين في التاريخ يعيّنون ذلك في سنة 52 م
وفي هذه الرسالة خمسة اصحاحات تندرج في ستة فصولٍ
الفصل الأول مقدمة الرسالة بالشكر لله على الفضائل السامية التي حصل عليها أهل تسالونيكي ص 1: 1 إلى 4
الفصل الثاني ذكر سرور الرسول بقبولهم الإنجيل عن رغبةٍ روحية ورجوعهم إلى الله من عبادة الأصنام وصيرورتهم مثالاً حسناً للكنائس المجاورة لهم ص 1: 5 إلى 10
الفصل الثالث احتجاج الرسول لهم ان يشهدوا لهُ بصفو الضمير وخلوص النية وصدق المحبة التي بشرهم بها هو وأصحابهُ الذين كابدوا معهُ اضطهاداتٍ كثيرة من جرى ذلك ص 2: 1 إلى 16
الفصل الرابع بيان اعتناءِ الرسول بحفظهم من غرور المجرّب وثباتهم وتقدمهم في الإيمان والطهارة ص 2: 17 وص 3 وص 4: 1 إلى 12
الفصل الخامس تعاليم معزّية عن الذين ماتوا على إيمان الإنجيل بكونهم يرقدون بالمسيح ويستريحون معهُ إلى القيامة ولذلك ينصح المؤمنين ان يستعدوا لمجيءِ الرب ص 4: 13 إلى 18
الفصل السادس مواعظ وصلوات كثيرة مطابقة لكونهم أبناءَ النور وتحريضٌ على النمو في الطهارة والمحبة الأخوية واحترام خدامهم ببشارة الإنجيل ص5
مراجعة شواهد في الرسالة الأولى إلى أهل تسالونيكي من العهد القديم
ص ع |
ص ع |
2: 16 مع تك 15: 16 |
4: 15 و16 مع 1 كو 15: 51 و52 |
3: 13 مع زك 14: 5 |
5: 8 مع اش 59: 17 |
4: 15 و16 مع 1 كو 15: 22 |
|
التاسعة رسالة بولس الثانية إلى أهل تسالونيكي
كُتِبت في مدينة كورنثوس سنة 53 م
يبان ان الرسالة الثانية إلى التسالونيكيين كُتِبَت من كورنثوس أيضاً بعد الأولى ببرهةٍ وجيزةٍ. وكان قصد الرسول الخصوصيُّ بها ان يزيل الأوهام الكاذبة التي دخلت بينهم بخصوص قرب مجيءِ الرب الثاني وانتهاءِ العالم ويوم الدينونة التي كانت سبباً لإهمال أمورهم الدنيوية زاعمين ان الاهتمام بها غير موافقٍ لتوقُّع تلك الحادثة الرهيبة. ولا ريب في ان ذلك كان مؤَسَّساً أما على سوءِ فهمهم تعاليم الرسول الشفاهيَّة أو رسالتهُ الأولى إليهم التي كانت وسيلةً عظيمة لتعزيتهم. واما على الإعلانات الافكيَّة التي كان يدّعيها بعض الأنبياءِ الكذبة. وفي دحضهِ هذه الأوهام يدرج الرسول تلك النبوة المعتبرة عن إنسان الخطية انظر ص2. ثم يعيد الحثّ الذي تقدِّم الكلام عليهِ في الرسالة الأولى لأجل تشجيعهم وثباتهم في هذه الامتحانات. ويحذّرهم من الكسل وإهمال أشغالهم اليومية متهدّداً وواعظاً الذين تهوَّروا في هذه الرذيلة بسبب تصوراتهم الباطلة بخصوص قرب مجيءِ يوم الرب
وفي هذه الرسالة ثلثة اصحاحات تندرج في سبعة فصولٍ
الفصل الأول السلام بالرب لأهل هذه الكنيسة ص 1: 1 و2
الفصل الثاني مدح نموّهم في الإيمان والمحبة والصبر على الاضطهادات المتتابعة التي أصابتهم والتشجيع لهم على احتمالها بمجيءِ المسيح الذي سوف يأتي دياناً عامّاً لهلاك الكافرين وإتمام خلاص شعبهِ ص 1: 3 إلى 10
الفصل الثالث صلوة الرسول لأجل استتمام تقديسهم ص 1: 11 و12
الفصل الرابع دفع أوهامهم من جهة دنو اليوم الأخير بكونهِ لا بدَّ ان يتقدمهُ الارتداد أولاً ويظهر إنسان الخطية ابن الهلاك ص 2: 1 إلى 12
الفصل لخامس الشكر لله على رحمتهِ في اصطفائهِ إياهم ودعوتهِ لهم إلى خلاص المسيح ومجدهِ. ثم النصيحة لهم بالرسوخ في الإيمان والصلوة لأجلهم والتماس
صلاتهم أيضاً لأجلهِ ص 3: 13 إلى 1 وص 3: 1 إلى 5
الفصل السادس مواعظ عديدة ولا سيَّما للذين لا تهذيب لهم والذين يتداخلون في ما لا يعنيهم ص 3: 6 إلى 16
الفصل السابع ختام الرسالة ص 3: 17 و18
وأشهر ما في هذه الرسالة هو النبوة بضدّ المسيح الذي يظهر بصفة إنسان الخطية وابن الهلاك وسر الاثم
مراجعة شواهد في الرسالة الثانية إلى أهل تسالونيكي من العهد القديم
ص ع |
ص ع |
1: 9 مع اش 2: 19 |
2: 9 مع تث 13: 1 |
2: 3 مع دا 7: 25 |
2: 9 مع رؤْ 19: 20 |
2: 4 مع دا 11: 36 |
2: 11 مع 1 مل 22: 22 |
2: 4 مع حز 28: 2 |
2: 11 مع حز 14: 7 إلى 9 |
العاشرة رسالة بولس الأولى إلى تِيمُوثَاوُسَ
كُتِبَت بعد سجن الرسول بولس في رومية أول مرة سنة 67 م كما يُظَنُّ
الظاهر ان تيموثاوس الإنجيلي كان مولدهُ في لسترة أو دربة في ليكأُونية من أعمال أناضول. وكان أبوهُ يونانيّاً وأما أمهُ افنيكي اليهودية وجدَّتهُ لوئيس اللتان كانتا مشهورتين لأجل إيمانهما فاهتمَّتا بتربيتهِ اهتماماً مقدّساً حتى صارت الكتب المقدسة مغروسةً في عقلهِ من صباهُ. وفي شبابهِ اهتدى إلى معرفة الحق بيسوع على يد بولس الرسول. ولما رحل بولس ثانيةً إلى دربة ولسترة وجدهُ محترماً جدّاً في كنيسة ذلك المكان فاختارهُ مرافقاً لهُ ومعيناً في أتعابهِ الإنجيلية. انظر أع 16: 1 إلى 3 و19: 22 و1 تي 1: 5 و2 تي 3: 15. ومع أنهُ كان نحيف الجسم ص 5: 23 كان قويّاً بالإيمان وغنيّاً بالمواهب الروحية 2 تي 1: 5 و3: 15 و1 كو 4: 17
وقد سامهُ بولس راعياً وهو في سن الحداثة ص 4: 12 و2 تي 1: 6 ولكنهُ خضع للختان رغبةً في حصول الاتفاق بينهُ وبين اليهود أع 16: 3. ومن ذلك الوقت شرع في مرافقة بولس الرسول في أسفارهِ مؤازراً لهُ في وظيفتهِ الرسولية ومبشراً بالإنجيل ومقرراً للكنائس الناشئة حينئذٍ وكان لا يفترق عنهُ إلا حينما يُرسَل إلى مكانٍ مخصوصٍ أع 19: 22 إلا ان بولس تركهُ في أفسس ليحافظ طهارة تعليم الإنجيل ويرتّب أمور الكنيسة هناك ص 1: 3 وبعد ذلك كتب إليهِ هذه الرسالة في أثناءِ سنة 67 للمسيح
غير أنهُ يوجد آراءٌ متنوعة من جهة تاريخ كتابتها فالبعض ينسبونها إلى وقت سفر الرسول إلى مَكِدونيَّة المذكور في أع 20: 11 وإلى سفرٍ آخر إلى مِكدونيَّة غير مذكورٍ في الكتاب المقدس حدث في مدة إقامتهِ في أفسس أع 19: 10. والبعض يعتقدون أنها كُتِبَت بعد سجن بولس الأول في رومية وبالنتيجة بعد ختام تاريخ سفر الأعمال في نحو سنة 67 م وهذا الرأي هو المرجح والمؤَيَّد بالدلائل الداخلية التي تُرَى فيها
ان هذه الرسالة إلى تيموثاوس والرسالة الثانية التي نعرف بالتأكيد ان بولس كتبها في مدة سجنهِ الأخير قرب آخر حياتهِ ورسالة تيطس تُلقَّب بالرعوية أي القسوسيَّة لأنهُ كتبها إلى الراعيين الشهيرين تيموثاوس وتيطس. ولا ريب ان كل من يدرس هذه الرسائل الثلاث بتمعُّنٍ يستدلُّ من أسلوب إنشائها ونوع الأفكار التي بها ان جميعها كُتِبَت في وقتٍ واحدٍ من حيوة الرسول. ويستدلُّ أيضاً من موضوعها أنها كتبت في عصر كانت فيهِ الكنائس مُتعَبَة من المعلمين المزوّرين. وبما ان كلا الرسالتين إلى تيموثاوس متشابهتين بهذين الاعتبارَين ولكن لا توجد مشابهة من هذا القبيل بينهما وبين الرسالة إلى أفسس نستنتج من ذلك ان هذه الأخيرة كُتِبَت في وقتٍ آخر بخلاف رأي الذين جعلوها من جهة الوقت متوسطةً بينهما
وفي هذه الرسائل الثلاث القسوسية المشار إليها آنفاً نجد النصائح المحبيَّة
من رسولٍ مُلهم من الله وناضجٍ في الاختبار المسيحي ومقترب إلى نهاية خدمتهِ يخاطب بها شابَّين قد أقامهما الروح القدس ناظرين في الكنائس. فهذه الرسائل هي كنوز علمٍ لكلّ الذين استُؤْمِنوا على خدمة المصالحة. وإذا كانوا يرجون أنهم سيقدمون في اليوم الأخير حساب وكالتهم بفرحٍ لا آنين فليدرسوا باجتهادٍ وصلوةٍ حارَّة وصايا الحكمة السموية هذه المعطاة لهم من الروح القدس بقلم بولس الشيخ وليسيروا بموجبها
وفي هذه الرسالة ستة إصحاحات تندرج في أحد عشر فصلاً
الفصل الأول مقدَّمة الرسالة ص 1: 1 و2
الفصل الثاني نصائح لتيموثاوس في شأْن الغاية التي كان قد تركهُ لأجلها في افسس ص 1: 3 إلى 14
الفصل الثالث تشجيعاتٌ لهُ مأخوذة من الإنجيل الذي نعمتهُ المجددة جعلت بولس قدوةً للناس في الشجاعة ص 1: 15 إلى 20
الفصل الرابع تعاليم عن وجوب الصلوة والشكر وموضوعهما ص 2: 1 إلى 8
الفصل الخامس إعطاءُ قانون لسلوك النساء المسيحيات ص 2: 9 إلى 15
الفصل السادس تعاليم مختصة بصفات الأساقفة والشمامسة ص3
الفصل السابع نبوة باستقبال كفرٍ شنيع بإيمان الإنجيل ص 4: 1 إلى 5
الفصل الثامن وصايا تتعلق بسيرة تيموثاوس ص 4: 6 إلى 16
الفصل التاسع ذكر قوانين تجب مراعاتها لدرجات عديدة من جماعة المسيحيين ولا سيما الأرامل ص5
الفصل العاشر تعاليم تخص العبيد والمعلمين المزورين والأرامل ص 6: 1 إلى 10
الفصل الحادي عشر وصايا وتعاليم بليغة لتيموثاوس في إقدامهِ على الحق محرّكاً لهُ بأعظم الأسباب وأشدّها تأثيراً ص 6: 11 إلى 21
ويجب على كل من يطالع هذه الرسالة ان يعتبرها من أقنع البراهين على
صفاءِ ضمير بولس الرسول واستقامتهِ وروحانيتهِ. لأنهُ لو كانت أميالهُ الباطنة لا توافق صفاتهِ الظاهرة لكان يمكن الانتقاد عليهِ بشيءٍ من ذلك في هذه الرسالة لأنهُ قد كتبها إلى صديقٍ لهُ قد شاركهُ في أعمالهِ ومارسهُ زماناً في تصرفاتهِ. وأما ما ذكر فيها من صفات الأساقفة والشمامسة وفروضهم الواجبة فهو جزيل الإفادة للمتقلدين بهذه الوظائف والذين يريدون الخير بهذه الخدمة
مراجعة شواهد في الرسالة الأولى إلى تيموثاوس
ص ع |
ص ع |
2: 1 و2 مع عز 6: 10 |
4: 1 مع رؤْ 16: 14 |
2: 1 و2 مع ار 29: 7 |
4: 16 مع حز 33: 9 |
2: 8 مع مل 1: 11 |
5: 4 مع تك 45: 10 و11 |
2: 8 مع اش 1: 15 |
5: 19 مع تث 19: 15 |
3: 6 مع اش 14: 12 |
6: 13 مع تث 32: 39 |
4: 1 مع رؤْ 9: 20 |
|
الحادية عشرة رسالة بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس
كُتِبَت في رومية سنة 68 م
ان هذه الرسالة الثانية إلى تيموثاوس كتبها بولس وهو محبوس في رومية ص 1: 8 و16 و17 و2: 9 إذ كان منتظراً أنهُ عن قريب يختم شهادتهُ بدمهِ ص 4: 6. وكان حينئذٍ قد تركهُ كثيرون من أصحابهِ وهو في وقت ضيقتهِ ص 1: 15 و4: 10 مع ان أمانة الأصحاب تختبر بنوعٍ خصوصيٍّ عند خطر الحيوة والصديق يُعرَف في وقت الضيق. وإذ كان الرسول محتاجاً إلى حضور تيموثاوس ومساعدتهِ كتب إليهِ يأمرهُ ان يأتي سريعاً ويحضر معهُ بعض الأمتعة التي كان قد تركها في ترواس ص 4: 9 و13. وإذا كان ظانّاً ان نهايتهُ قد اقتربت وغير واثقٍ أنهُ يعيش حتى يراهُ اغتنم الفرصة ليودعهُ بتقديم نصائحهِ وتشجيعاتهِ
الرسولية. فكتب إليهِ هذه الرسالة متضمنةً بعض النصائح والمواعظ والوصايا بالمواظبة على قضاءِ حقّ وظيفتهِ الإنجيلية والصبر على الاضطهادات التي علم أنها ستعرض لهُ والثبات على الجهاد اقتداءً بهِ والتعريف لهُ عما سيكون من الكفر المهلك الذي كان قد ابتدأَ حينئذٍ
ان الوصايا والأوامر التي توجد في الرسالة الأولى إلى تيموثاوس ورسالة تيطس مضمونها على الغالب إقامة المتوظفين في الكنيسة وترتيب أمور الكنائس لأنهُ كان قد سلَّمهم حقولاً خصوصية ليشتغلوا بها. وأما التي في هذه الرسالة فمضمونها حثٌّ عموميّ ودعوة إلى تيموثاوس ليترك حقلهُ ويحضر إلى رومية يعتني بهِ. ويوجد مطابقة بين هذه الرسائل الثلاث في أسلوب كتابتها ووصف الأغلاط والمعلمين الكذَبة المذكورة فيها. والمرجَّح ان تيموثاوس كان حينئذٍ في افسس. ويؤَيّد هذا الرأي ذكر السلام إلى بيت أُنيسيفورس الذي كان ساكناً في هذه المدينة قابل ص 4: 19 مع 1: 16 إلى 18. غير ان البعض استنتجوا من قول الرسول في ص 4: 12 وأما تيخيكس فقد أرسلتهُ إلى أفسس ان تيموثاوس لم يكن في ذات هذه المدينة بل في مكانٍ بالقرب منها
وبما ان هذه الرسالة كُتِبَت من بولس إلى أعزّ أحبائهِ وهي الأخيرة من رسائلهِ وقد كتبها وهو في مضايق الحبس ينتظر الموت الشنيع لا شك ان تكون مهذبةً لنا أيضاً لأنها تظهر فاعلية الإنجيل المعزّية ولو في أضيق الأحوال. وبناءً على ذلك يقول أحد الحكماءِ أنكم لو تصوَّرتم أبا تقيّاً تحت قضاءِ الموت لأجل تقواهُ ورأفتهِ نحو البشر كتب إلى ابنٍ حبيبٍ لهُ ليودُعهُ قبل ان يترك هذا العالم ويستودعهُ نصائح قبل موتهِ لشعرتم بما شعر بهِ الرسول عند كتابتهِ هذه الرسالة انتهى. فرسالة كهذه يجب ان نقرأَها بتمعُّنٍ وهيبةٍ ووقارٍ كالشهادة الأخيرة من الذي قد جاهد بنفسهِ الجهاد الحسن وأكمل سعيهُ وحفظ الإيمان التي يعلّم بها الجميع ولا سيما المبشرين بالإنجيل كيف ينبغي ان يقتدوا بهِ
وفي هذه الرسالة أربعة اصحاحات تندرج في عشرة فصول
الفصل لأول عنوان الرسالة ص 1: 1 و2
الفصل الثاني ذكر اشتياق الرسول إلى رؤْية تيموثاوس ومديح تقواهُ التي ورثها عن أُمَّهاتهِ ص 1: 3 إلى 5
الفصل الثالث مواعظ بالثبات في إيمان الإنجيل لأجل الخيرات الناتجة منهُ للبشر ص 1: 6 إلى 14
الفصل الرابع ذكر انصراف الاخوة في آسيا عن بولس وهجرهم لهُ ومدح أمانة أُنيسيفورُس 1: 15 إلى 18
الفصل الخامس نصائح عديدة لتشجيع تيموثاوس في خدمتهِ وانتظارهِ المجد المعدَّ لكل من تألم لأجل يسوع المسيح ص 2: 1 إلى 13
الفصل السادس وصايا لتيموثاوس في القيام بخدمتهِ واجتناب الأشياء التي بسببها حدث كفرٌ كثير ص 2: 14 إلى 26
الفصل السابع نبوة بالاحادة عن الإنجيل والكفر بهِ ص 3: 1 إلى 9
الفصل الثامن تنبيه لتيموثاوس على فروضهِ الإنجيلية اتباعاً للكتب المقدسة واقتداءً بمثال الرسول ص 3: 10 إلى 17 وص 4: 1 إلى 5
الفصل التاسع ذكر شعور الرسول بختام حياتهِ وانتظارهِ الموت وحصولهِ على أكليل المجد ص 4: 6 إلى 8
الفصل العاشر ختم الرسالة بتعاليم وتحيات عديدة ص 4: 9 إلى 22
مراجعات شواهد في الرسالة الثانية إلى تيموثاوس من العهد القديم
ص ع |
ص ع |
3: 8 مع خر 7: 11 |
3: 12 مت 16: 24 |
3: 9 مع خر 7: 12 |
3: 12 مت اع 14: 22 |
3: 9 مع خر 8: 18 |
3: 16 مع 2 بط 1: 20 و21 |
3: 9 مع خر 9: 11 |
|
الثانية عشرة رسالة بولس الرسول إلى تِيْطُس
كُتِبَت في أَفَسُس سنة 67 م كما يُظَنُّ
قيل ان تيطس هذا هو من انطاكية الشام. والظاهر أنهُ تتلمذ على يد بولس. ويتضح مقدار اعتبار هذا الرسول لهُ من مدحهِ إياهُ في 2 كو 8: 23. وليس لهذا الشخص ذكرٌ في سفر الأعمال ولا نعلم طول حياتهِ ولا مقدار أتعابهِ. ولكن نتعلم من الأخبار الواردة عنهُ في رسائل بولس أنهُ كان أصلاً من الأمم غل 2: 3 وأنهُ كان تيموثاوس تابعاً لبولس ومباشراً خدمة الكلمة تحت مناظرتهِ وتدبيرهِ. وكان معهُ في مجمع الرسل والمشايخ في أورشليم قابل أع ص 15 مع غل 2: 3. وقد أرسلهُ إلى كورنثوس ليعتني مجمع الإحسان من الكنيسة هناك لأجل الفقراء في أورشليم ويطلع على حقيقة أحوالها 2 كو ص 8 وص 9 و12: 18. وقد أُخبِر عنهُ في 2 تي 4: 10 بأنهُ ذهب إلى دلماطية
وليس عندنا خبرٌ عن تأسيس الكنائس في كَرِيْتَ ولكن نتعلم من هذه الرسالة ان بولس كان هناك هو وتيطس ولا ريب في ان غايتهما كانت إما تأْسيس كنائس جديدة وإما تقوية وتوسيع الكنائس التي كانت هناك قبلاً. وقد اضطرَّ بولس إلى الرجوع من هناك لأجل أسباب غير معروفة عندنا فذهب قبل تمام مقاصدهِ وترك تيطس هناك ليكمل ترتيب الأمور الناقصة ويقيم شيخوخاً في كل مدينة ص 1: 5
والظاهر ان بولس كتب هذه الرسالة بعد سجنهِ الأول بالقرب من الوقت الذي كتب فيهِ رسائل تيموثاوس. وهي تستحقُّ ان تُدعَى باسم أهل كَرِيت لأن الرسول لم يقصد بها تعليم تيطس بقدر ما قصد ان تكون لهُ دستوراً في ترتيب كنائس هذه الجزيرة
وأما المكان الذي كُتِبت فيهِ فهو غير معلوم. وقد وَهم البعض أنها كُتِبت من نيكوبوليس. ولكن نستنتج من قولهِ في ص 3: 12 بادر ان تأتي إليَّ إلى نيكوبوليس لأني عزمت ان أشتّي هناك أنهُ لو كان حينئذٍ في نيكوبوليس لكن
قد قال أشتّي هنا لا هناك. وقيل انهُ كان يوجد مدينتان بهذا الاسم إحداهما على تخم مكدونية الشرقي والثانية في مقاطعة إِبْرُس إلى الغرب من مكدونية ولكن ليس لنا سبيلٌ البتة إلى تعيين التي أشار إليها الرسول منهما. ورجح البعض أنها كتبت من أفسس سنة 67 م
وفي هذه الرسالة ثلثة اصحاحات تندرج في سبعة فصول
الفصل الأول مقدمة الرسالة ص 1: 1 إلى 4
الفصل الثاني تعليم في كيفية رسم المشايخ وذكر أسمائهم وصفاتهم ص 1: 5 إلى 9
الفصل الثالث تنبيه على وجوب الاحتراس من اليهود وأهل كريت ص 1: 10 إلى 16
الفصل الرابع نصائح تلاحظ درجات مختلفة من المؤمنين باعتبار الفداءِ والطهارة والسعادة بالمسيح ص 2
الفصل الخامس وصية في الطاعة لذوي السلطة ولطف السلوك بالإجمال ص 3: 1 إلى 7
الفصل السادس وصايا بتأْييد تعاليم النعمة كل حين لأجل الاستمرار على عمل الخير واجتناب معاندة الأراتقة ص 3: 8 إلى 11
الفصل السابع ختم الرسالة بطلبات وقوانين وتسليمات ص 3: 12 إلى 15
مراجعة شواهد في الرسالة إلى تيطس
ص ع |
ص ع |
1: 6 و7 مع 1 تي 3: 2 |
2: 14 مع 1 بط 2: 9 |
1: 14 مع اش 29: 13 |
3: 5 مع رو 3: 20 |
2: 14 مع اف 5: 2 |
3: 5 مع 2 تي 1: 9 |
2: 14 مع عب 9: 14 |
3: 5 مع حز 36: 25 |
2: 14 مع تث 7: 6 |
3: 5 مع أع 10: 45 |
2: 14 مع تث 14: 2 |
|
الثالثة عشرة رسالة بولس إلى فِلِيمُون
كُتِبَتْ في رومية سنة 62 م
ان فِلِيمون كان رجلاً مسيحيّاً ذا شهرةٍ عظيمة وتقوى سامية. والظاهر أنهُ تتلمذ على يد بولس وانهُ كان شماساً أو راعياً لكنيسة كولوسّي. وقد كتب إليهِ بولس هذه الرسالة لكي يتشفَّع إليهِ بأُنِسِيمُس عبدهِ الذي كان قد تركهُ وهرب إلى مدينة رومية. ويُستنتج من ع 18 أنهُ كان قد سلب منهُ شيئاً. غير أنهُ وهو في رومية لاذ ببولس واهتدى إلى الحق عن يدهِ
والظاهر ان هذه الرسالة كُتِبَتْ في رومية في مدة سجن الرسول أول مرةٍ كما نستنتج من ع 22 و23 وذلك في نحو سنة 62 م وأُرسلت إلى كولوسّي على يد أُنسيمس في الوقت الذي أرسلت فيهِ الرسالة إلى الكولوسيين بيد تيخيكس كو 4: 7 إلى 9 وهي تتضمن خطاباً مفيداً من الرسول بولس إلى فليمون الذي كان مستوطناً هناك كما تقرر مما تقدم آنفاً. وقد أُعتُبرَت في كل الأجيال تعليماً جليلاً عن اللياقة واللطف المسيحي
وهذه الرسالة تحوي خمسة وعشرين عدداً وهي تتضمن تعاليم كثيرة نافعة لنا غاية النفع. ومنها نستنتج سبعة أمور
الأمر الأول ان الجود على عبيد المسيح الفقراءِ من أجمل الزينة لكل مسيحي ع 4 إلى ع 7
الأمر الثاني كيفية أخلاق المسيحي مثل بولس الذي اجتهد كرماً منهُ في تسكين غضب فليمون على عبدهِ المذنب ع 8 إلى 10
الأمر الثالث تعليم ذوي الدرجات العليا في الكنيسة على المحبة والاهتمام بأنفس الناس ولو كانوا أدنى ما يكون منهم ع 8 إلى 10
الأمر الرابع ان المسيحيين أمام الله على حدّ سوى مثل أُنسيمس فإنهُ ولو كان أسيراً لفليمون لكن لما اهتدى إلى الإنجيل صار أخاً لهُ وابناً لبولس ع
10 إلى ع 16
الأمر الخامس ان الديانة ليس لها تداخلٌ في الأمور الشعوبية كما ان انسيمس لم يزل عبداً لفليمون ولو اهتدى إلى المسيح ع 11 و12 و14
الأمر السادس ان لا نيأَس من إصلاح الأشرار بل نجتهد دائماً في إرشادهم إلى الحق ع 10 إلى 18
الأمر السابع أنهُ يجب علينا ان نسامح المذنبين إلينا ونصطلح معهم إذا تابوا ع 20 و21
الرابعة عشرة الرسالة إلى العبرانيين
كُتبَت في إيطاليا سنة 63 م كما يُظَنُّ
ان كلاًّ من الثلاث عشرة رسالة السابقة مفتتحة باسم بولس كاتبها إلا هذه الرسالة إلى العبرانيين. ولا ريب في ان عدم ذكر بولس اسمهُ فيها كالكاتب يستدعي انتباهنا ويميل بنا إلى التعجب. ولكن لو فرضنا ان الكاتب كان شخصاً آخر غيرهُ لكان ذلك يسبب فينا ذات هذا الشعور. ولا بدَّ من أنهُ كان لبولس أسبابٌ كافية لذلك كما كان ليوحنا لأجل عدم ذكر اسمهِ في رسالتهِ الأولى. ولا يخفى أنهُ يوجد كثيرٌ من أسفار الكتاب المقدس ولا سيما العهد القديم التي لم يعلّق عليها اسم المؤَلف ولكن هذا لم ينكّد على قانونيَّتها
ومع أننا لا نقدر ان نعرف جميع الأسباب التي منعت الرسول عن ذكر اسمهِ في هذه الرسالة نستطيع ان نقول من المُحتمل أنهُ احتذر من تهييج أفكار المسيحيين من اليهود الذين كانوا لم يزالوا غيورين للناموس لما فيها من التعاليم عن ابطال طقوسهم وكهنوتهم وزوال فاعليَّتها وحسب ان ذكر اسمهِ فيها يكون سبباً لزيادة نفورهم من تعاليمها إياها ولا سيما لشهرتهِ في أنهُ كان يبشر دائماً بأن الفرائض الموسوية أوشكت ان تزول ويقام مكانها النظام المسيحي. ويُحتَمل أنهُ كان يرجو ان كثيرين من اليهود الذين كانوا لم يهتدوا بعدُ إلى الرب
يقرأُون هذه الرسالة فعدل عن ذكر اسمهِ فيها لئَلاَّ يكون مانعاً لهم عن قبولها ومطالعتها
والسبب الأعظم الذي يمكننا ان نقدمهُ للقارئِ هو ان هذه هي مشيئة الروح القدس المُلهِم بكتابة جميع الأسفار الإلهية الذي كما أنهُ يمنح البشر مواهب متنوعة يستعمل أيضاً وسائط متنوعة لإتمام مقاصد الله في العالم. ولا يبعد ان يكون قد استحسن عدم معرفة اسم كاتب هذه الرسالة عند أول انتشارها لأجل أسبابٍ ودواعٍ حاليَّة وليكون الالتفات الخصوصي إلى موضوعها وما تتضمَّنهُ من التعاليم الجوهرية المهمة جدّاً معرفتها للجميع بدون نظر إلى الكاتب مطلقاً. فإن فضل جميع الأسفار الإلهية يقوم بالقوة التي تتضمنها في ذاتها أي في حقيقية تعاليمها وإلهيَّتها وتأثيراتها ولو خلت من هذه لما كان يمكن ان تستمدّ شيئاً منها من مجرد انتسابها إلى أي شخصٍ كان
ان الأمر مسلّمٌ بهِ عند الجميع أنها كُتِبَت لأجل تعليم المسيحيين من اليهود ولكن نستدلُّ من التسليمات في خاتمتها وتخصيص هذه التسليمات بأشخاصٍ وذكر تيموثاوس ووعد الرسول بزيارتهِ لهم أنهُ لم يبعث بها أولاً إلى العبرانيين بوجه العموم بل إلى جمهورٍ خصوصيٍّ منهم أو إلى أشخاصٍ معلومين كان معروفاً عندهم جيداً وعن يدهم انتشرت بين الجميع. والظاهر أنهُ قد عُرِف في ما بعد بوقتٍ مناسب ان بولس هو الكاتب وعُلِّق عليها اسمهُ منذ الأجيال الأولى
ويتّضح من ص 13: 24 أنها قد كتبت من إيطاليا. وأما الوقت الذي كُتِبت فيهِ فلا نعلمهُ تماماً غير ان المرجح أنها كُتِبت إما قرب خروج الرسول من سجنهِ في رومية أوَّل مرة أو بعد خروجهِ بوقتٍ وجيزٍ في نحو سنة 63 م
ان العبرانيين الذين كُتِبَت إليهم هذه الرسالة هم المؤمنون من اليهود الذين كانوا ساكنين فلسطين ومنها يتضح حال هؤلاءِ القوم أنهم كانوا محتملين أشدَّ الآلام لأجل إيمانهم بالمسيح. فإن اليهود الكافرين كانوا مجتهدين في اجتذاب اخوتهم المؤمنين من الديانة المسيحية وزادوا على الاضطهادات والتهديدات
المريعة التعبيرات بذكر بعض القضايا المتخذة من تألُّه الديانة اليهودية مشيرين بها إلى ان شريعتهم أُنزِلت بخدمة الملائكة وأن موسى يفوق جدّاً على يسوع الناصري الذي مات على الصليب. وان عبادتهم العامة المعينة على يد موسى مشترعهم ونبيهم الكبير نفيسة بالحقيقة تظهِر لهم أنها قد صدرت من الله. وأن المسيحيين ليس لهم هيكل ولا كهنوت ولا مذبح ولا ذبائح. فأَثَّرت هذه الأقوال في المؤمنين من اليهود وأحزنت أنفسهم لأنهم كانوا لم يزالوا مائلين إلى هذه الأمور الخارجية
وأما الرسول فإنهُ أبطل براهين اليهود هذه بإظهارهِ ان الرسوم اللاوية وإن كانت من الله فإنها كانت زمنيةً فقط وظلاًّ للأشياءِ الصالحة العتيدة. ثم برهن للعبرانيين من نفس كتبهم ان يسوع الناصري هو ابن الله ظهر في طبيعةٍ بشرية. فمن حيث أنهُ إلهٌ هو أفضل جدّاً من الملائكة. ومن حيث أنهُ رسولٌ هو أفضل إلى الغاية من موسى. ومن حيث أنهُ مسيح الرب المعيَّن لنا كاهناً عظيماً بقسم الله العلي هو أجلُّ وأفضل من هرون بما لا يوصف. وأنهُ بموتهِ صنع كفارةً حقيقةً لخطايانا وكل من يتقدم إلى الله بواسطتهِ ينال بركات الخلاص الأبدي. وكان أعظم قصد الرسول بهذه الرسالة ان يبين لاهوت يسوع المسيح وناسوتهُ وفضل الإنجيل على سنن موسى. وأن يحذر اليهود المؤمنين من الكفر بسبب الاضطهاد ويحرّضهم على السلوك بالتقوى اللائقة بديانتهم المسيحية
وهذه الرسالة تُعتَبر من بعض الأوجه أنها أهمُّ أسفار العهد الجديد وهي ضميمةٌ جليلة للرسالة إلى أهل رومية لما فيها من التعاليم النفيسة المشار إليها هناك إلا أنها هنا مبرهنة من الكتب المقدسة ومشروحة على نوعٍ آخر يناسب ما تعرفهُ اليهود. وهذه الرسالة مختصر مقاصد الله من تكوين العالم إلى ميلاد المسيح. وهي لا تحوي جوهر الإنجيل فقط بل تتمة الناموس وكماله أيضاً وتقابل بين ما للأحكام الإنجيلية من العظمة والتأثير والثبات وما للأحكام اللاوية الرمزية من الصفات الدنيوية والأعمال الزمنية
وكانت هذه الرسالة في ما بعد مسليةً لليهود عن خراب هيكلهم وزوال كهنوتهم وإبطال ذبيحتهم وخراب مدينتهم أورشليم وبلادهم وإخماد اسمهم لكونها تكشف لهم هيكلاً أعظم من الأول وكهنوتاً أفضل وذبيحةً أكمل ومدينةً سمويةً أبديةً. وفيها ثلثة عشر اصحاحاً تُقسَم إلى ثلثة أجزاءٍ
الجزءُ الأول يوضح فضل الديانة المسيحية على الرسوم اللاوية ص 1 إلى ص 10: 18. وفي هذا الجزء عشرون فصلاً
الأول يبين شرف المسيح ابن الله لأنهُ وسيطهُ الذي بهِ يخاطب الناس في الإنجيل ص 1: 1 إلى 4
الثاني يبرهن من العهد القديم سمو المسيح على الملائكة بكونهم يسجدون لهُ لأنهُ ربهم وخالقهم ص 1: 5 إلى 14
الثالث يعلّم بتقديم الطاعة التامة لإنجيل المسيح فراراً من الخطر في إهمال هذا الخلاص العظيم ص 2: 1 إلى 4
الرابع يبسط براهين أخرى لسمو المسيح على الملائكة ولو كان قد اتَّضع زمناً ما على الأرض ص 2: 5 إلى 9
الخامس يبين الأسباب والفوائد المتعلقة بتجسدهِ وآلامهِ وموتهِ لكونهِ حبراً أعظم لشعبهِ ومخلصاً لهم ص 2: 10 إلى 18
السادس يوضح ويبرهن زيادة فضل المسيح على موسى ص 3: 1 إلى 6
السابع يعظ العبرانيين ويحذّرهم من ان يكفروا مثل آبائهم الذين هلكوا في البرية ص 3: 7 إلى 19 وص 4: 1 و2
الثامن يظهر فضيلة الراحة السموية المكنيّ عنها بيوم السبت وأرض كنعان ص 4: 3 إلى 11
التاسع يشدد بتعليم الرسوخ في الإيمان والصلوة باعتبار فاعلية كلمة الله ومطلق معرفة قاضينا ورأفة كاهننا الأعظم ص 4: 12 إلى 16
العاشر يثبت فضل كهنوت المسيح على كهنوت هرون لكونهِ قد رُسم كاهناً
أعظم كدرجة ملكي صادق ص 5: 1 إلى 10
الحادي عشر يعاتب العبرانيين على قلة تقدمهم في معرفة ديانة المسيح ص 5: 11 إلى 14
الثاني عشر يحثهم على التقدم في معرفة المسيح ص 6: 1 إلى 3
الثالث عشر يشبه حال الكفار بالأرض العاقر التي لا تنفع فلاحتها ص 6: 4 إلى 8
الرابع عشر يذكر رجاءَ الرسول في العبرانيين وتمنّيه لهم الاستمرار على ما هم عليهِ ص 6: 9 و10
الخامس عشر يبالغ في أمن عهد النعمة المثبت لإبراهيم بوعد الله ص 6: 11 إلى 20
السادس عشر يبين فضيلة كهنوت ملكي صادق الرمزي على كهنوت هرون ص 7: 1 إلى 10
السابع عشر يظهر ان القصد في تبديل كهنوت هرون وشريعة موسى بالعهد الجديد وكهنوت المسيح الأبدي هو الخلاص التام لكل من يأتي إلى الله بهِ ص 7: 11 إلى 28
الثامن عشر يزيد البراهين على كون كهنوت المسيح أفضل من كهنوت هرون وعلى ضرورة ابطال العهد القديم ليقوم مكانهُ عهد آخر أفضل منهُ بواسطة وسيطٍ أشرف ص 8
التاسع عشر يشرح ان الرمز بخيمة الاجتماع وأمتعتها وقوانينها قد تمَّ بعهد المسيح وكهنوتهِ وذبيحتهِ ص 9
العشرون يثبت عدم كفاية ذبائح السُنَّة وإبطالها بذبيحة المسيح التي بها ينال المؤمنون غفراناً أبديّاً ص 10: 1 إلى 18
الجزءُ الثاني يتضمن تعزيةً للعبرانيين عن اضطهادهم بعباراتٍ مستنتجة من التعاليم السابقة ص 10: 19 إلى ص 12: 1 و2. وفيهِ ثلثة فصول
الأول يذكر نصائح عديدة للعبرانيين في الإيمان والصلوة والثبات والمحبة والأفعال الصالحة محرّضاً إياهم عليها ببركات الإنجيل ومحذراً لهم من عواقب رفضهِ المخيفة ص 10: 19 إلى 39
الثاني يصف جوهر الإيمان وفضيلتهُ ونتيجتهُ وأثمارهُ في مثل الأبرار الصديقين من هابيل إلى ختام مقاصد العهد القديم ص 11
الثالث ينصح المسيحيين ان يستمروا على ما هم فيهِ بأمثال المسيح والقديسين الأولين ص 12: 1 و2
الجزءُ الثالث يتضمن نصائح عديدة للعبرانيين في إصلاح سيرتهم ص 12: 3 إلى 29 وص 13. وفيهِ ستة فصول
الأول نصيحة في ادمانهم على الإيمان والخضوع البنوي والقداسة العامة ص 12: 3 إلى 17
الثاني وصية في الالتصاق بالإنجيل وطاعتهِ باعتبار فضلهِ على ناموس موسى ص 12: 18 إلى 29
الثالث الحاحٌ عليهم بحفظ المحبة الأخوية وضيافة الغرباء والرحمة والصدقة والقناعة والاتكال على الله ص 13: 1 إلى: 6
الرابع وصيةٌ لهم بأن يتذكروا أمثلة مدبريهم الذين ماتوا لأجل ترسيخهم في تعاليم المسيح ص 13: 7 إلى 15
الخامس مشورة بالسخاءِ والطاعة للمدبرين الأمناء والصلوة من أجلهم ص 13: 16 إلى 19
السادس ختم الرسالة بصلواتٍ لأجل العبرانين ونصائح وتسليمات ص 13: 20 إلى 25
وبما ان موضوع هذه الرسالة مهمٌّ جدّاً وهي تتضمن جوهر الديانة المسيحية قد وضعنا لها تقسيماً آخر لأجل مساعدة القارئِ الراغب في فهم معانيها فنقول. ان الجزءَ التعليميَّ من هذه الرسالة يُري فضل النظام المسيحي على النظام الموسوي
من ثلثة أوجه
أولاً من فضل المسيح وسيط العهد الجديد على الملائكة الذين قد جُعِلوا كوسطاءَ عند إعطاء العهد القديم ص 1 وص 2
ان اليهود كانوا يفتخرون في نظامهم بناءً على ان الملائكة قد جُعِلت كوسطاءَ لهُ عندما أُعطيت لهم الشريعة على جبل سيناءَ حاسبين ان توسُّط الملائكة بهِ قد أكسبهُ مجداً فائقاً وكرامةً سمويَّة. أما الرسول فلا يعترض على هذا الاعتقاد ولكن يفتتح رسالتهُ هذه بالبرهان على ان المسيح وسيط العهد الجديد ورئيسهُ مُفضَّل على الملائكة باعتبار اسمهِ ورتبتهِ وسلطانهِ وقوتهِ الخالقة والأبدية ص 1. ولذلك الديانة المسيحية لها الفضل على غيرها. وبناءً على هذا يحثُّهم على الانتباه التامّ إليها والتمسُّك بها ص 2: 1 إلى 4. ويستدرك اعتراضهم على فضل المسيح على الملائكة الوارد من قبيل انهُ ذو طبيعة بشرية وهم كائنات روحية سموية بإيضاح كونهِ هو ربُّ الكون في ذات هذه الطبيعة ص 2: 5 إلى 10. وهي أيضاً التي تجعلهُ أقرب إلى تابعيهِ وذا ميل طبيعيٍّ شديدٍ نحوهم وعزازةٍ كلية لهم. وانهُ بأخذهِ هذه الطبيعة استطاع ان يقدم قربان كفَّارة عن الخطية بواسطة موتهِ على الصليب. وبما أنهُ أشبه اخوتهُ صار رئيس كهنةٍ رحيماً وأميناً في ما لله ص 2: 11 إلى 18
ثانياً من فضل المسيح رئيس النظام الجديد على موسى رئيس القديم
قد كان لليهود أفكارٌ وتصوّراتٌ سامية عن موسى مبنيَّة على اختيار الله إياهُ ليكون وسيطهم ومشترعهم. والرسول لا يلومهم على ذلك بل يقابل بين المسيح رئيس النظام الجديد وموسى رئيس القديم. ويوضح ان المسيح قد أُقيم على بيت الله كموسى وكان أميناً في ما أؤْتِمن عليهِ غير ان الكرامة الواجبة لهُ أعظم من كرامة موسى بمقدار ما لباني البيت من كرامة أكثر من البيت. وأنهُ قد أقيم على بيت الله كابنٍ وإنما موسى كان كخادم ص 3: 1 إلى 6
وكما حُرِّض الإسرائيليون قديماً على الاستماع للأوامر المسلَّمة لهم في النظام
الموسوي هكذا هو يحرّض المؤْمنين الحقيقيين بالمسيح تحريضاً بليغاً لكي يحذروا من كل عصيان لوصاياهُ ص 3: 7 إلى 19 مبيّناً وجوب الانتباه لذلك من ان الراحة التي وعد الله بها المؤْمنين في القديم وقد خسروها لأجل عدم الإيمان لم تزل مقدمةً لجميع المؤمنين بالمسيح الذين يثبتون إلى المنتهى ص 4: 1 إلى 10. ثم ينطق بتهديداتٍ مخيفة ضدَّ المرتدين ص 4: 11 إلى 3
ثالثاً من فضل المسيح كرئيس كهنة النظام الجديد وما يمارسهُ لإتمام عمل الفداء على كهنة اليهود والطقوس التي يخدمونها
وهو يفتتح الكلام أولاً بذكر المسيح كرئيس كهنةٍ رؤُوفٍ ومرتفع بالكرامة إلى أسمى درجةٍ في السموات ص 4: 14 إلى 16. ثم يشرح صفات بني لاوي المتنوعة التي كان وجودها ضروريّاً فيهم لأجل ممارسة خدمة الكهنوت. وهي أولاً ان رئيس الكهنة ينبغي لهُ ان يقدم قرابين وذبائح ص 5: 1. ثانياً ان يكون مترفقاً بالآخرين وخصوصاً لأنهُ هو محاط بالضعف وتحت طائلة الضلال ص 5: 2 و3. ثالثاً ان يكون معيَّناً لهذه الوظيفة من الله ص 5: 4. ثم يشرع في مقابلة المسيح رئيس كهنة الديانة المسيحيَّة مع كهنة اليهود في كل هذه الاعتبارات ويُري فضلهُ عليهم. مبرهناً أولاً ان المسيح قد عُيِّن من الله رئيس كهنةٍ في أعلى رتبةٍ ص 5: 5 و6. ثانياً ان الرب يسوع رئيس كهنتنا العظيم قد أُحيط بالضعف البشريّ كسائر الكهنة لكنهُ قد أُهِّل بهذا ليكون رحيماً ومترفّقاً ص 5: 7 و8. وانهُ بعد ما تألم رُفّع إلى المجد وصار رئيس كهنة على رتبة ملكي صادق ص 5: 9 و10
أما صعوبة هذا الموضوع فقد أعطت فرصةً للرسول لأجل الكلام عن الجهالة الدينيَّة التي كان بها أوليك الذين كتب إليهم ص 5: 11 و14. ولإغرائهم على التقدم في المعرفة وتحذيرهم من خطر إهمال ذلك ص 6: 1 إلى 8. وحثهم على الصبر والثبوت بطريق الحق بناءً على صدق الله في مواعيدهِ ص 6: 9 الخ. ثم يرجع إلى ملكي صادق أيضاً ويبرهن فضل كهنوتهِ على كهنوت
هرون ص 7: 1 إلى 10. ثم يتخذ ذلك مقدمةً ويستخرج بالنتيجة الضرورية فضل المسيح الذي هو كاهنٌ دائِمٌ على رتبة ملكي صادق على كهنة اليهود ص 7: 11 إلى 25. ويُرِي أيضاً ان المسيح كرئيس كهنة يفرق بأمرٍ واحدٍ جوهريٍّ عن كهنة اليهود وهو عدم احتياجهِ ذبيحةً لأجل نفسهِ كإنسانٍ خاطئٍ ومائل إلى الضلال نظير بني لاوي بل كان كاملاً وبدون خطيةٍ نعم وبحالة المجد الفائق
وأما الأمر الأهمُّ الذي قصد الرسول ان يقرّرهُ في باقي هذه الرسالة فهو ان يسوع المسيح رئيس كهنة الديانة المسيحية يكهن عن شعبهِ في السماءِ ص 8: 1 و2. وأن الكهنة اللاوبين كانوا يخدمون في هيكلٍ أرضيٍّ كان مجرد مثال الهيكل السموي ص 8: 3 إلى 5. وميثاقهُ لا يقاس بالفضل مع ميثاق الهيكل السموي الذي كان المسيح وسيطهُ ص 8: 6 إلى 13. وفرائضهُ وأدوات خدمتهِ كانت مجرَّد رموز إلى الأشياءِ السموية ص 9: 1 إلى 10. وهذه الفرائض كانت بذاتها غير كاملة لأن فاعليَّها كانت تقتصر على طهارة الجسد الخارجية. ولكن دم المسيح وسيط العهد الجديد يقدس القلب ويمنح فداءً أبديّاً وميراثاً سرمداً لكل مختاري الله في كل جيلٍ ص 9: 11 إلى 15. وبما ان دم المسيح كان لختم العهد الجديد لذلك العهد الأول مع كل ما يختصُّ بهِ خُتِمَ بالدم الذي هو علامة الموت ص 9: 6 إلى 22. وقد أوضحَ أيضاً أنهُ إذا كان المقدس العالميّ قد كُرِّس بدم الحيوانات فالمقدس السموي ينبغي ان يُطهَّر بذبائح أفضل ص 9: 23 و24. وأن الذبائح في المقدس العالمي كان ينبغي تكرارها دائماً ولكن ذبيحة المسيح عن الجميع هي كافية لإتمام الغاية التي قُدِّمت لأجلها ص 9: 24 إلى 28. وحيث لم يمكن ان تكون ذبيحة من الحيوانات كفّارة حقيقية عن الخطية ص 10: 1 إلى 4 قَدَّم المسيح نفسهُ باختيارهِ ذبيحة خطيةٍ وصنع كفَّارةً غير محدودة في قيمتها وفاعليتها ص 10: 5 إلى 18
وعلى هذا المنوال يكمّل المقابلة بين المسيح وما يمارسهُ ككاهن في الخيمة السموية وكهنة اليهود والطقوس التي يخدمونها في الخيمة الأرضية ويُرِي في
كل الاعتبارات والوجوه ان فضل الرب يسوع رئيس كهنة الديانة المسيحية على أولئك غير محدود. ثم يضيف إلى ما تقدَّم نصائح قوية ممتزجة مع إنذاراتٍ مخيفة ضدَّ الارتداد عن ديانة المسيح ص 10: 14 إلى 31. ويشرح لهم تأْثيرات الإيمان المتين من أمثلة الآباءِ والأنبياءِ وبعض القديسين المشهورين ص 11. ويضيف أيضاً نصائح وتشجيعات وتحذيرات ص 12. ثم يختم الرسالة بوصايا وتحذيرات وتنبيهات وتسليمات ص 13
مراجعة شواهد في رسالة العبرانيين من العهد القديم
ص ع |
ص ع |
1: 4 و5 مع مز 2: 1 إلى 7 |
2: 6 مع 1 كو 15: 27 |
1: 6 مع مز 97: 7 |
2: 12 مع مز 21: 22 إلى 25 |
1: 7 مع مز 104: 4 |
2: 13 مع اش 8: 18 |
1: 8 و9 مع مز 45: 6 و7 |
3: 5 مع خر 14: 31 |
1: 10 إلى 12 مع مز 102: 25 إلى 27 |
3: 5 مع عد 12: 7 |
1: 7 مع اش 34: 4 |
3: 15 مع مز 95: 7 |
1: 7 مع اش 51: 6 |
3: 17 و18 مع عد 14: 22 و29 و30 |
1: 13 مع مز 110: 1 |
5: 2 و3 لا 9: 7 إلى آخرهِ |
1: 14 مع تك 32: 1 و2 |
5: 5 مع مز 2: 7 |
1: 14 مع 2 مل 6: 17 |
5: 6 مع مز 110: 4 |
1: 14 مع دا 3: 28 |
6: 13 و14 مع تك 22: 16 و17 |
1: 14 مع اع 12: 7 |
7: 1 و2 مع تك 14: 18 و20 |
2: 2 مع عد 15: 30 و31 |
7: 27 مع لا 16: 6 إلى 11 |
2: 6 إلى 8 مع مز 8: 4 إلى 6 |
8: 5 مع خر 25: 40 |
2: 6 إلى 8 مع مز 144: 3 |
8: 18 إلى 12 مع ار 31: 31 إلى 34 |
ص ع |
ص ع |
8: 18 مع اش 54: 13 |
12: 5 و6 مع 1 م 3: 11 و12 |
8: 18 مع زك 8: 8 |
12: 12 مع اش 35: 3 |
9: 1 و2 مع خر 25 و26 |
12: 16 مع تك 25: 33 |
9: 7 مع لا 16: 2 و11 و12 |
12: 17 مع 27: 34 إلى 38 |
9: 19 مع خر 24: 6 إلى 8 |
12: 18 مع خر 19: 12 إلى 18 |
10: 4 مع مي 6: 6 و7 |
12: 26 مع حج 2: 6 |
10: 5 مع مز 40: 6 |
13: 11 مع خر 29: 14 |
10: 16 و17 مع ار 31: 33 و43 |
13: 20 مع حز 34: 23 |
10: 28 و29 مع تث 17: 2 إلى 6 |
13: 20 مع زك 9: 11 |
11 مع التكوين والخروج والقضاة |
|
إلى هنا قد تمَّ الكلام عن رسائل بولس الأربع عشرة. وأما الرسائل السبع الباقية المنسوبة إلى غيرهِ من الرسل فقد دُعِيَت منذ أجيالٍ عديدة بالكاتوليكيَّة أي الجامعة لأن أكثرها كُتِبَت إلى المتنصرين من اليهود المتفرقين في بلدانٍ شتى بوجه العموم وليس إلى كنائس أو أشخاصٍ خصوصيين كرسائل بولس
ان بعض الأشرار قد أذاعوا آراءً كثيرة فاسدة في الجيل الرسولي وكان ذلك بعضهُ ناتجاً من سوءِ فهمهم تعاليم بولس وبراهينهُ وبعضهُ من تحريف مضامين رسائلهِ. فكتب الرسل بطرس ويوحنا ويعقوب ويهوذا رسائلهم لأجل هذا الداعي بنوعٍ خصوصيّ قاصدين إيضاح تعاليم بولس والمحاماة عنهُ وتبريرهُ من التُّهم الكاذبة التي اتهمهُ بها الجهلاءُ وأصحاب الغايات النفسانية 2 بط 3: 15 الخ ومبرهنين للعالم ان الإيمان بدون أعمالٍ هو ميتٌ. على ان بولس لم يتكلم بالإطالة والتدقيق إلا عن ذلك الإيمان الإنجيليّ الحي المثمر الذي هو ذاتهُ وصفهُ بأنهُ يعمل بالمحبة انظر غل 5: 6. وأما الإيمان العاري من الأعمال
الصالحة الذي افتكر مثل هؤلاءِ أنهُ كافٍ للخلاص فقد تكلم الرسول بولس ضدَّهُ وبطرس يشير إلى ان هذا الإيمان كان تحريفاً للإيمان الصحيح الذي كان قد وصفهُ أخوهُ بولس في رسائلهِ 2 بط 3: 16. فإن بولس كان متفقاً في رأيهِ مع سائر الرسل ومتيقناً بأن الحيوة الأبدية لا يمكن الحصول عليها إلا بالإيمان الصحيح المقرَّر بالحيوة الطاهرة
الخامسة عشرة رسالة يعقوب الجامعة
كُتِبت في مدينة أورشليم سنة 61 م
إن كاتب هذه الرسالة يدعو ذاتهُ عبد الله والرب يسوع المسيح. وقد أجمع رأي جمهور العلماء الباحثين والمدققين في معرفة كتاب الله من جهة هذا الشخص. أولاً انهُ أخو الرب الذي يذكرهُ بولس كواحدٍ من الرسل غل 1: 19
ثانياً أنهُ هو قسيس كنيسة أورشليم الذي يذكرهُ لوقا في اع 12: 17 و15: 13 و21: 18. ثالثاً انهُ هو المذكور مع اخوة الرب يوسي وسمعان ويهوذا كواحد منهم مت 13: 55 ومر 6: 3. ولكن أَهو ذات يعقوب بن حلفى أحد الاثني عشر رسولاً المذكور في مت 10: 3 ومر 3: 18 ولو 6: 15 واع 1: 13 ام شخص آخر ففي ذلك بحث طويل بينهم وخلافٌ لأنهُ لا يوجد عليهِ نصٌّ إلهيٌّ
ولا نرى داعياً الآن إلى الدخول في هذا البحث وإيضاح أدلَّة كل فريقٍ منهم. ولذلك نكتفي بتقديم هذه الملاحظة إلى القاري وهي. ان المسلَّم عند الجميع كما تقرر آنفاً ان كاتب هذه الرسالة كان معدوداً في مقامٍ سامٍ في مجمع الرسل والمشيخة في أورشليم اع 15: 13 إلى 21. وقد عدَّهُ بولس مع الرسل غل 1: 19 حاسباً إياهُ بمرتبة بطرس ويوحنا المُعتَبَرَين أنهما أعمدة ذاكراً إياهُ أول الثلثة غل 2: 9 ويوجد أيضاً أقوالٌ أُخر عنهُ تطابق شهادة الكنيسة الأولى المتَّفق عليها وجميعها واردة على أسلوبٍ تجعلنا نستنتج أنهُ كان هو الشخص المعتبر في كنيسة أورشليم المذكور في اع 21: 18 وغل 2: 12. وإذ ذاك فعلى افتراض أنهُ لم يكن أحد الاثنى عشر رسولاً هذا لا ينكّد على رسالتِه من جهة أنها قانونيّةٌ
هي تستحق منَّا ذات الاعتبار الذي هو لمكتوبات الرسل
وأما من جهة تاريخ هذه الرسالة فيوجد عدة آراءٍ أيضاً. فالبعض يظنون أنها كُتِبت في أوائل جيل الكنيسة قبل مجمع أورشليم المذكور في اع ص 15. وذهب البعض إلى أنها كتبت بعد ذلك قبل خراب أورشليم بوقتٍ وجيزٍ أي في نحو سنة 61 م. وهذا الرأي الأخير هو الأكثر احتمالاً ومطابقةً لمضمونها
وأما الدليل المسند عليهِ فهو ان تعليم التبرير بالإيمان المذكور في هذه الرسالة الذي كان شائعاً بين الذين كتب إليهم هذا الرسول هو تحريفٌ على الخط المستقيم للتعليم الذي نادى بهِ بولس بكل مجاهرة. أي ان هؤلاءِ كانوا يبنون رجاءَهم على إيمانٍ عقليَّ عقيم عوضاً عن الإيمان الحي الحقيقي الذي يعمل بالمحبة ويطهر الحيوة من الخطية. والرسول يصف أهل هذا الجيل في رسالتهِ هذه بأنهم كانوا ذوي تحزُّب ونزاعٍ. ونتعلم من التواريخ ان الجيل الذي كان قبل خراب أورشليم كان فاسداً ومملؤاً من الشرور ولا سيما من الخصومة والتحزب. وبالنتيجة أنهم كانوا مُتَّصفين بذات الأوصاف التي يصف بها الرسول الذين كتب إليهم. وقد أنبأَ الرب لهُ المجد بأن نتيجة الضلال وتحريف التعليم الحقيقي الذي يظهر في الكنيسة تكون برودة المحبة من كثيرين من الذين يتبعونهُ بالاسم ورجوعهم من خدمتهِ. فبناءً على ما تقدم يترجَّح ان الذين كتب إليهم الرسول كانوا أهل الجيل المشار إليهِ هنا. وبالحقيقة ان نبوَّة المخلص الموجودة في مت 24: 10 إلى 13 تصدق بغاية التدقيق على هؤلاءِ الأعضاءِ الذين أصلهم من اليهود الذين كانوا غير مستحقين ان يكونوا في الكنيسة المسيحية كما يوصفون في هذه الرسالة والرسالة الثانية إلى بطرس ورسالة يهوذا
وأما مكان كتابتها فالأمر واضح أنهُ كان أورشليم حيث كان يعقوب مقيماً دائماً. وتُلقَّب هذه الرسالة بالجامعة لأنها لم تُكتَب إلى كنيسةٍ مخصوصة بل إلى المسيحيين من جميع أسباط إسرائيل المتشتتين في فلسطين وخارجاً عنها ص 1: 1 باعتبار ان أورشليم هي مركز الأُمة. وفيها عباراتٌ ترجع إلى المسيحيين
وأُخرى إلى الكافرين. ولذلك لم يكن عنوانها كعنوانات سائر الرسائل بل مغايراً لها. وكذلك اصطلاح كتابتها يوافق اصطلاح الأنبياء في العهد القديم أكثر من اصطلاح بعض الرسل في العهد الجديد. وهي تشبه موعظة المسيح علي الجبل بأوجهٍ شتى ولا سيَّما بروحها وكثرة المواضيع فيها التي هي عمَّا يتعلق بالسيرة والحيوة المسيحية أكثر مما هي عن الكفارة وكيفية الفداءِ. ولم يُذكَر فيها اسم ربنا يسوع المسيح إلا مرتين فقط. ولم يكن ابتداؤُها بتسليمات ولا انتهاؤُها بتبريكات رسولية كباقي الرسائل. ولا جَرَم أنها من أتمّ وأجمل وأبسط تصانيف العهد الجديد وفضيلتها ومنفعتها الهيَّتان
والمقصود بها أربعة أمور
الأول تعزية المسيحيين في مضايقهم العديدة. الثاني تصحيح آرائهم وتمكين ضمائرهم في تعليم التبرير بالإيمان المثمر. الثالث تحذير المؤمنين من التخلُّق بالخصال الردية والعوائد القبيحة التي كانت غالبة بين اليهود. الرابع تنبيه الأشرار على قرب محاسبتهم في يوم الدين. وفي هذه الرسالة خمسة اصحاحات تشتمل على ثمانية عشر فصلاً
الفصل الأول يعظ المؤمنين ان يفرحوا في المصائب ص 1: 1 إلى 4
الفصل الثاني يوصي بطلب الحكمة من الله والثقة الأكيدة بوعدهِ ص 1: 5 إلى 8
الفصل الثالث ينصح الغني والفقير من المؤمنين في احتمال البلايا وانتظار حيوةٍ أبدية بعدها ص 1: 9 إلى 12
الفصل الرابع يبين ان الخطية هي ثمرة شهوة الإنسان وأنها ليست من الله لأنهُ لا يصدر عنهُ إلا كل بركة وموهبة صالحة ص 1: 13 إلى 18
الفصل الخامس يوقظ البشر لقبول كلمة الله واستعمالها بالحلم ص 1: 19 إلى 27
الفصل السادس يحذّر من إكرام الغني واحتقار الفقير لأن ذلك ضد
ناموس المحبة ص 2: 1 إلى 9
الفصل السابع يبيّن ان تعدّي وصية واحدة يفسخ الناموس كلهُ ص 2: 10 إلى 12
الفصل الثامن يبيّن ان إيماننا ميتٌ بلا أعمالٍ ولا يقدر ان يخلص النفس ص 2: 13 إلى 26
الفصل التاسع يحذر من السلوك بالكبرياء والشرور الناتجة من عثرات اللسان غير الملجَم ص 3: 1 إلى 12
الفصل العاشر يقابل الحكمة الأرضية مع الحكمة السموية بالنظر إلى الطبيعة والنتائج ص 3: 13 إلى 18
الفصل الحادي عشر يظهر العواقب الردية الناتجة من الشهوات والأهواء الخبيثة ص 4: 1 إلى 6
الفصل الثاني عشر يعظ الناس في الخضوع لله والتوبة إليهِ ص 4: 7 إلى 10
الفصل الثالث عشر يحذرهم من الافتراءِ والمذمة والاتكال على أنفسهم ص 14: 11 إلى 17
الفصل الرابع عشر يهدد الأغنياءَ والأشرار بدينونةٍ هائلة ص 5: 1 إلى 6
الفصل الخامس عشر ينصح المؤمنين بالصبر في المُحَن والرجاء بالخلاص منها ص 5: 7 إلى 11
الفصل السادس عشر ينهاهم عن الحلف ويوصيهم بالصلوة والشكر ص 5: 12 و13
الفصل السابع عشر يوصيهم بزيارة المرضى واعتراف بعضهم لبعضٍ بالزلات ويبسط لهم فاعلية الصلوة ص 5: 14 إلى 18
الفصل الثامن عشر يحثُّهم على رد الاخوة الضالّين إلى سبيل الحق لأن ذلك أفضل الأرباح ص 5: 19 و20
مراجعة شواهد في رسالة يعقوب الرسول من العهد القديم
ص ع |
ص ع |
1: 5 مع 1 مل 3: 9 و11 و12 |
5: 11 مع مز 94: 12 |
1: 5 مع ار 29: 12 و13 |
5: 11 مع أي 1: 21 و22 |
1: 17 مع مل 3: 6 |
5: 11 مع أي 42: 10 |
2: 21 إلى 23 مع تك 15: 6 |
5: 16 مع تك 20: 17 |
2: 21 إلى 22: 9 إلى 12 |
5: 16 مع تث 9: 18 إلى 20 |
2: 21 مع اش 41: 8 |
5: 17 و18 مع 1 مل 17: 1 |
2: 25 مع يش 2: 1 |
5: 17 و18 مع 18: 42 إلى 45 |
3: 2 مع 1 مل 8: 46 |
|
السادسة عشرة رسالة بطرس الأولى
كُتِبَتْ في بابل بين سنة 63 و67 م كما يُظَنُّ
يظهر من فاتحة هذه الرسالة انها خطابٌ إلى المؤْمنين من اليهود المتغربين من شتات بنتُس وغلاطيَّة وكبدوكية وآسيا وبيثينية وهي مقاطعات في آسيا الصغرى. والمفهوم من مضمونها ان الرسول يعتبر في الكنائس المسيحيَّة المتفرقة في العالم إسرائيل الله الحقيقيّ ويحسب الذين آمنوا من شعب الله الخاص أي أُمَّة اليهود هم الأصل في الكنيسة وأن الأمم قد تطعموا فيهم بالإيمان وصاروا بني إبراهيم. ولذلك حينما يخاطبهم كشعب الله القديم يورد نصائحه على أسلوبٍ يعم المسيحيين من الأمم أيضاً كما يتضح من أماكن عديدة وخصوصاً ص 4: 3
والظاهر ان الداعي المهم إلى كتابة هذه الرسائل كان امتحان سكان هذه المقاطعات المشار إليها آنفاً بالاضطهاد الناريّ الذي أصابهم انظر ص 1: 6 و7 و2: 12 و19 و20 و3: 14 و16 و17 و4: 1 و12 إلى 19 و5: 9 و10. ولكن لا يمكننا الوصول بالتحقيق إلى زمان هذا الاضطهاد وأحوالهِ غير ان الأكثرين
ينسبونهُ إلى أواخر ملك نيرون الذي انتهى سنة 68 م ويؤَرّخون هذه الرسالة بين 63 و67 م. وأما المكان الذي كُتِبَت فيهِ فهو بابل كما يُرَى من ص 5: 13
ومن المعلوم ان قصد الرسول بهذه الرسالة تعزية المؤمنين في تجاربهم العنيفة موضحاً لهم ما يتضمنهُ الإنجيل من رجاءِ ميراثٍ لا يبلى ولا يتدنس محفوظ لهم في السماء. وهذه الرسالة تتضمن أصول ديانتنا الطاهرة مطابقة لما تحويهِ رسائل مار بولس وغيرها في العهد الجديد. وهذه الأصول تقاوم جميع أنواع سوءِ السيرة وكل الشهوات الفاسدة. وتشدد على المسيحيين ان يطلبوا تلك الفضائل والنعم التي تشبّههم بالله وتشرّف طبيعتهم الدنية
أن روح رسول الختان العظيم الحار يُضيءُّ جليّاً في هذه الرسالة والتي بعدها وهما معاً تتضمنان كنزاً عظيماً من التعليم والإنذار والتعزية وإرشاداً جليلاً لتربية التقوى في الكنيسة المسيحيَّة في جميع الأجيال وحفظها من ضلال الأردياءِ 2 بط 3: 17
وفي هذه الرسالة خمسة اصحاحات تندرج في ستة عشر فصلاً
الفصل الأول يتضمن السلام على الاخوة المختارين المطهرين المطيعين والشكر لله لأجل رحمتهِ الفائضة عليهم والبركات الغزيرة التي أنعم بها عليهم في الدنيا والآخرة ص 1: 1 إلى 5
الفصل الثاني يريهم الخير الناتج لهم من البلايا لأنها تؤَهّلهم للتمتع بالخلاص التام بيسوع المسيح ص 1: 6 إلى 12
الفصل الثالث ينصح المؤمنين بأن يكونوا أطهاراً لكونهم خدام الله ومفديين بدم ابنهِ الكريم ص 1: 13 إلى 20
الفصل الرابع يأمرهم بالمحبة الأخوية لأنهم بنو الله المولودون جديداً ص 1: 21 إلى 25
الفصل الخامس يعظهم ان يمارسوا كلمة الله لكونهم كهنة روحانيين مبنيين على المسيح حجر الزاوية المتين الذي تأسست عليهِ الكنيسة ص 2: 1 إلى 8
الفصل السادس يوضح شيمة المؤمنين من حيث أنهم بنون لله ص 2: 9 و10
الفصل السابع يلتمس من المؤمنين ان يجتنبوا شهوات الجسد ويمجدوا الله ويمارسوا ما يجب عليهم رؤَساءَ كانوا أم عبيداً ص 2: 11 إلى 18
الفصل الثامن يوصيهم بالصبر في الاضطهاد اقتداءً بالمسيح الذي بآلامهِ ننال الخلاص ص 2: 19 إلى 25
الفصل التاسع يأمر الأزواج والزوجات بقضاء الحقوق المنوطة بهم ص 3: 1 إلى 7
الفصل العاشر يوصيهم بالمودة الأخوية والتمسك بالإيمان في الاضطهادات لكي يستطيعوا ان يحاموا عن الإنجيل بنباهةٍ وحكمةٍ ص 3: 8 إلى 16
الفصل الحادي عشر يريهم ان هلاك الأقدمين بالطوفان رمزٌ عن هلاك الأشرار في يوم الدينونة وخلاص نوح وعائلتهِ في الفُلك رمزٌ عن الخلاص الذي تكنى عنهُ المعمودية بالمسيح فادينا ص 3: 17 إلى 22
الفصل الثاني عشر يوصي بمماثلة المسيح الذي فدانا بدمهِ من الاثم وبالاستعداد للدينونة المزمعة ص 4: 1 إلى 6
الفصل الثالث عشر يلجُّ على المؤمنين بممارسة السهر والصلوة والصدقة وضيافة الغرباءِ والممارسة اللائقة للمواهب الروحانية ص 4: 7 إلى 11
الفصل الرابع عشر يحرضهم على الاحتمال والثقة بالله في آلامهم المستقبلة لأجل إيمانهم بالمسيح ص 4: 12 إلى 19
الفصل الخامس عشر ينصح خدام الكنائس ان يرعوا رعية المسيح منتظرين أكليل المجد ويعظ الشعب ان يسيروا سيرةً حسنة لكي يحصلوا على الحيوة الأبدية ص 5: 1 إلى 9
الفصل السادس عشر يختم الرسالة بدعواتٍ وتحيات وتبريكات ص 5: 10 إلى 14
مراجعة شواهد في رسالة بطرس الأولى من العهد القديم
ص ع |
ص ع |
1: 7 مع اش 48: 9 و10 |
2: 9 مع تث 7: 6 |
1: 7 مع زك 13: 9 |
2: 10 مع هو 1: 9 و10 |
1: 10 و11 مع دا 2: 44 |
2: 23 و24 مع اش 53 |
1: 10 و11 مع دا 8: 13 |
3: 6 مع تك 18: 12 |
1: 10 مع حج 2: 7 |
3: 20 مع تك 7: 7 |
1: 10 مع اش 53 |
4: 11 مع ار 23: 22 |
1: 10 مع دا 9: 26 |
4: 17 مع اش 10: 12 |
1: 24 و25 مع اش 40: 6 إلى 8 |
4: 17 مع حز 9: 6 |
2: 5 مع اش 61: 6 |
5: 3 مع حز 34: 4 |
2: 6 مع اش 28: 16 |
5: 5 مع اش 57: 15 |
2: 9 مع خر 19: 5 و6 |
|
السابعة عشرة رسالة بطرس الرسول الثانية
كُتِبَت في بابل بين 64 و68 م كما يُظَنُّ
هذه الرسالة كُتِبت إلى الذين كتبت إليهم الأولى وكان ذلك بعدها بسنةٍ. والظاهر ان الرسول كتبها عند قرب موتهِ ص 1: 14. والمقصود بها على سبيل الإجمال هو إثبات التعاليم المتضمنة في الأولى. وتوطيد المؤمنين على حقيقة الإنجيل والإقرار بهِ. وتحريضهم على اتقان دعوتهم السموية. وتحذيرهم من غش المعلمين المزورين الذين يصف خصالهم وأعمالهم. ومن أعداءِ الإنجيل المرَدة الذين استهزأُوا بمجيءِ المسيح للدينونة. ونصحهم ان يستعدُّوا لذلك اليوم المهول بسيرةٍ طاهرة نقية
وفي هذه الرسالة ثلثة اصحاحات تندرج في تسعة فصول
الفصل الأول يتضمن السلام على الاخوة موضحاً لهم البركات المتواترة التي دُعُوا إليها بنعمة الله ص 1: 1 إلى 4
الفصل الثاني يوصيهم بالاجتهاد في ممارسة الواجبات المسيحية ليثبتوا بذلك دعوتهم الإنجيلية وانتخابهم ص 1: 5 إلى 11
الفصل الثالث يذكر دنو استشهادهِ سبباً خصوصيّاً لنصحهِ إياهم برقةٍ ص 1: 12 إلى 15
الفصل الرابع يوضح ما رآه وسمعهُ إثباتاً لشهادتهِ لمجد المسيح ثم وصيتهُ بالالتفات إلى كلمة الله الموحَى بها في الكتب المقدسة ص 1: 16 إلى 21
الفصل الخامس يتنبأ بمجيء المعلمين المزورين وتعاليمهم الفاسدة والقضاءِ الإلهي عليهم ص 2
الفصل السادس يحذّر المؤمنين من المستهزئين والغاشّين الذين يهزأُون بانتظار مجيءِ المسيح ص 3: 1 إلى 7
الفصل السابع يريهم سبب إبطاءِ ذلك اليوم العظيم ويصف أحوالهُ ونتائجهُ الباهظة ص 3: 8 إلى 14
الفصل الثامن يبين مطابقة تعليم بولس الرسول لتعليم هذه الرسالة ص 3: 15 و16
الفصل التاسع يختم الرسالة بتحذير المؤمنين ممَّن يضلُّونهم ونصائح لهم بالتقدم في معرفة المسيح وهداية نعمتهِ ص 3: 17 و18
وفي هذه الرسالة أمران يستحقان الاعتبار
الأول صفة المعلمين المزورين التي يوضحها الرسول وإشهار قضاء الله الهائل الذي يحلُّ بهم لا محالة كما سقطت الملائكة الشريرة وهلك العالم الأول بفسادهِ
والثاني وصف زوال السماءِ والأرض باراجيف مخيفة ص 3: 11 و12
مراجعة شواهد في رسالة بطرس الرسول الثانية من العهد القديم
ص ع |
ص ع |
1: 13 و14 مع يش 23: 14 |
3: 4 مع اش 5: 19 |
1: 16 و17 مع مت 17: 1 إلى 5 |
3: 5 و6 مع تك 1: 6 إلى 9 |
1: 21 مع 2 صم 23: 2 |
3: 5 و6 مع تك 7: 11 إلى 22 |
2: 5 مع تك 7: 1 و7 و16 و23 |
3: 10 مع مز 34: 12 |
2: 6 و7 مع تك 19: 16 و24 و25 |
3: 13 مع اش 65: 17 إلى 19 |
2: 15 و16 مع عد 22: 5 و7 |
3: 13 مع رؤْ 21 |
الثامنة عشرة رسالة يوحنا الرسول الأولى
كُتِبت في مدينة افسس سنة 98 م كما يُظَنُّ
قد ذهب الأكثرون إلى ان يوحنا كتب هذه الرسالة بعد إنجيلهِ في أواخر الجيل الأول وهذا الرأي يوافق أسلوب كتابتها ومضامينها. ويحتمل أنها كُتِبت من أفسس حيث صرف الرسول سني حياتهِ الأخيرة غير أنهُ لا يوجد نصٌّ إلهيّ على ذلك
وليس في هذه الرسالة ما يصرّح باسم يوحنا لكنها انتسبت إليهِ من قديم الزمان وأسلوب كتابتها وروحها والمشابهة الكلية بينها وبين إنجيلهِ تدلُّ على أنها تأليفهُ فضلاً عن اتفاق شهادة آباءِ الكنيسة المسيحية القدماءِ. وقد ارتاب بعضهم في تسميتها رسالةً لأنها لا تبتدئُ بتحيَّةٍ ولا تنتهي بتبريكٍ على نسق بقية الرسائل.. واحد الأساقفة اللاهوتيين يقول انها خطبةٌ حسنة في أصول الديانة المسيحية. وإذا اعتبرنا فاتحتها وعباراتها الأساسية في شأن كمال الله وفساد الإنسان وكفارة المسيح وتأملنا شرحها المفصَّل عن أعظم أسرار الديانة وطهارة وصاياها وبساطة إيراد تعاليمها والتقوى الحارة والمحبة المحضة والغيرة الجسيمة اللائحة في كل سطرٍ منها نجدها مطابقةً لصفات الرسول الذي نسبتها
إليهِِ أحاديث الكنائس المتواترة وهي التلميذ الذي كان يسوع يحبُّهُ. وكان قصد الرسول الخصوصيّ بهذه الرسالة ان يحصّن عقول المؤمنين ويؤِّمنّها من غائلة مكايد المعلمين المزورين الذين كما يظنُّ كانوا من السيرنثيين والغنوسطيين وذلك بإيضاح الحق كما هو بيسوع المسيح. وهو يذكر بها الأيام الأخيرة التي فيها خرج إلى العالم أضدادٌ كثيرون للمسيح وأنبياءُ كذبة حسب نبوة مخلصنا ورسلهِ ص 2: 18 و4: 1 إلى 3. ويشير أيضاً إلى ضلالاتٍ خصوصيَّة كانت شائعة في ذلك العصر كانكار لاهوت المسيح ص 4: 15. ومجيئهِ بالجسد ص 4: 2 و3
وهذه الرسالة تحتوي أيضاً على نصيحةٍ محبيَّة من رسولٍ شيخ لأخوتهِ بالمسيح الأحداث الذين يخاطبهم باسم البنين كأولادٍ أعزَّاءَ. وهو يطيل الكلام نوعاً على البيّنات الدالة على تلاميذ الرب بالحق التي تظهر في روحهم وسيرتهم. ويحرّض الذين استعلنوا معرفة الله بيسوع المسيح ان يسلكوا في نور المحبة والطهارة لا في ظلام الخطية ويسيروا بسيرةٍ طاهرة بعضهم مع بعضٍ ومع الآب وابنهِ يسوع المسيح ويفرحوا برجاءِ سعادة المجد الأبديّ في السماءِ
وربما لا يوجد جزءٌ نظير هذه الرسالة في الكتاب المقدس قريب المأْخذ وسهل الفهم للباحث عن الحق وطالب الديانة لكي يقتنيها. وهي كمحكٍّ لطبيعة المسيحيّ فكل من يختبر نفسهُ بها بتواضع وإنارة الروح الإلهي يعرف ذاتهُ ان كان من الله أو من العالم الموضوع في الشر.
وفي هذه الرسالة خمسة اصحاحات تندرج في ستة عشر فصلاً
الفصل الأول يوضح حقيقة لاهوت المخلص وناسوتهِ ص 1: 1 إلى 4
الفصل الثاني يبين ان الذين لهم شركةٌ مع الله يسيرون في نور الطهارة وأن الله يعفو عن النادمين المعترفين بآثامهم ويزكيهم حسب وعدهِ وبرهِ وأن الذين يقولون ان لا خطية لهم خادعون ومخدعون ص 1: 5 إلى 10
الفصل الثالث يحذر المؤمنين من الخطية ويرشد الخطاة إلى المسيح شفيعنا في السماءِ لأنهُ هو الكفارة لجميع الخطايا ص 2: 1 و2
الفصل الرابع يبين ان معرفة المسيح والشركة معهُ يجب ان يُبرهَن عليهما بالطاعة لوصاياهُ والاقتداءِ بمثالهِ والمحبة للقريب ص 2: 3 إلى 11
الفصل الخامس يحذر المؤمنين من الرغبة في حطام العالم الفانية ص 2: 12 إلى 17
الفصل السادس يحذرهم من ضلال الكفار وإنكارهم ان يسوع هو المسيح المُنتظَر ويوضح لهم ان هؤلاءِ هم المسحاءُ الكذَّابون ثم يبين لهم ان مسحة الروح القدس هي وحدها تصون الإنسان صيانةً حقيقية ص 2: 18 إلى 23
الفصل السابع ينبّه على مراعاة فاعلية الروح القدس من حيث أنها تهذب العقل تهذيباً مؤثراً وتجعل الإنسان في حالة القداسة التي بها تتبرهن الولادة الثانية ص 2: 24 إلى 29
الفصل الثامن يتعجب من محبة الله العظيمة في تبنّيهِ الخطاة وانهم حينما يشعرون بهذه النعمة يرجون مجداً أبديّاً ويجدُّون في طلب القداسة بالعزم والنية ص 3: 1 إلى 3
الفصل التاسع يبين كيفية امتياز بني الله من بني الشيطان ص2: 4 إلى 10
الفصل العاشر يوصي بحفظ المحبة الأخوية لأن ذلك دليلٌ على الولادة الثانية والثقة بالله ص 3: 11 إلى 24
الفصل الحادي عشر يحذّر من المعلمين المزورين الذين ينكرون مجيءَ المسيح متجسداً ويعلم المؤمنين كيف يفرقون بين روح الحق وروح الضلال ص 4: 1 إلى 6
الفصل الثاني عشر يبالغ في النصح بالمودة الأخوية باعتبار ان الله قد أرسل ابنهُ كفارةً لخطايانا وأن هذه المودة دليلٌ على اتحادنا بالله واطمئْناننا في ترجّي يوم الدينونة ص 4: 7 إلى 21
الفصل الثالث عشر يرينا المقارنة الكائنة بين الولادة الثانية والمحبة لله والطاعة الكاملة والغلبة على العالم ص 5: 1 إلى 5
الفصل الرابع عشر يبسط الشهادات الكثيرة التي تحقق تعاليم المسيح ويبين الاتصال الدائِم بين الإيمان الحقيقي والحيوة الأبدية ص 5: 6 إلى 13
الفصل الخامس عشر يصرّح بأن الرب دائماً حاضرٌ ليسمع الصلوات وأنهُ قد توجد خطيةٌ للموت ص 5: 14 إلى 17
الفصل السادس عشر يختم الرسالة بإظهار الفرق العظيم بين المولودين ثانياً المعلمين من الله وبين العالم الموضوع في الشرير ص 5: 18 إلى 21
مراجعة شواهد في رسالة يوحنا الأولى من العهد القديم
ص ع |
ص ع |
1: 8 مع 1 مل 8: 46 |
3: 9 مع أي 19: 26 |
1: 8 مع جا 7: 20 |
3: 9 مع مز 16: 11 |
1: 9 مع اش 55: 7 |
3: 5 مع اش 53 |
2: 2 مع رو 3: 25 |
3: 12 مع تك 4: 4 إلى 8 |
2: 19 مع تث 13: 13 |
3: 22 مع ار 29: 12 و13 |
2: 19 مع مز 41: 9 |
5: 3 مع مي 6: 8 |
2: 27 مع اش 61: 1 |
5: 16 مع أي 42: 8 |
2: 17 مع ار 31: 33 و34 |
5: 20 مع اش 9: 6 |
3: 1 مع اش 56: 5 |
5: 20 مع اش 54: 5 |
التاسعة عشرة رسالة يوحنا الرسول الثانية
كُتِبت في أفسس بعد سنة 70 م كما يُظَنُّ
الظاهر ان المرأَة التي كُتِبت إليها هذه الرسالة وهي المدعوة كيريَّة(1) المختارة كانت مسيحية معتبرة وقيل انها كانت أرملة مشهورة في الكنائس. وأما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) اعلم ان هذا الاسم كيرية كان دارجاً عند اليونانيين وهو من الأعلام المنقولة ومعناهُ في الأصل السيدة
مكان إقامتها فليس لنا عنهُ خبرٌ أكيدٌ. وليس لنا سبيل لمعرفة تاريخ كتابة هذه الرسالةُ ولا التي بعدها والمشهور ان يوحنا كتبهما بعد سنة 70 للمسيح وإن لم يكن اسمهُ ظاهراً فيها. وكان المقصود بكتابة هذه الرسالة تسلية هذه المرأَة وعائلتها وتمكينهم في تعليم المسيح الحقيقي. وفيها ثلثة عشر عدداً تندرج في خمسة فصول
الفصل الأول يسلّم تسليماتٍ رسولية على كيريَّة وبنيها ويمدح محبتهم الصادقة ع 1 إلى 3
الفصل الثاني يظهر فرحهُ برسوخهم في الإيمان ويوصيهم بالاستمرار على الطهارة والمحبة ع 4 إلى 6
الفصل الثالث يبين لهم أنهُ قد قام مضلُّون كثيرون ولذلك يجب التيقُّظ والحذر منهم والتمسك بتعليم المسيح لينالوا بذلك الثواب الأبديَّ ع 7 إلى 9
الفصل الرابع ينهاهم عن مخالطة الذين يزرعون التعاليم الفاسدة ع 10 إلى 11
الفصل الخامس يختم بهِ الرسالة ع 12 و13
فمع أننا لا نعلم شيئاً عن موطن هذه المرأَة وقصتها نستنتج بالسرور ان أولادها قد حصلوا معها على الإيمان المسيحي ببرّ إلهنا ومخلصنا يسوع وانهم بسلوكهم في الحق قد برهنوا على صحة تقواهم التي أبهجت نفس يوحنا الرسول الكريمة. وفحوى هذه الرسالة المشعرة بالحب عن إيمان هذه العائلة لا بد أنهُ يحثُّ الوالدات المسيحيات على رغبة الخلاص لبنيهم ويعلم الشبان ويستدعيهم إلى ان يقبلوا المسيح ويحبوهُ مقتدين بمثال والديهم الأتقياء
العشرون رسالة يوحنا الرسول الثالثة
كُتِبَت في أفسس بعد سنة 70 م كما يُظَنُّ
هذه الرسالة كما يُظن كُتبت إلى غايُس الكورنثي المذكور في رسالة بولس
إلى أهل رومية ص 16: 23 وفي رسالتهِ إلى أهل كورنثوس الأولى ص 1: 14. وقيل انها أُرسِلت إليهِ في أيام تناقص صحتهِ. والظاهر أنهُ كان عضواً غنيّاً من أعضاءِ كنيسة كورنثوس ومعيناً في نشر الإنجيل بهباتهِ للمبشرين المجتهدين انظر ع 6 إلى 8. وكان القصد بهذه الرسالة المديح لغايُس على تقواهُ ومعروفهِ للأخوة والغرباءِ والتحريض لهُ على ثباتهِ في الإيمان ومواظبتهِ على الرأفة والإحسان لا سيما لبعض الاخوة الذين كانوا متغربين حيث كان هو ساكناً. والظاهر ان هؤلاءِ الاخوة كانوا يجولون في العالم ليبشروا الأمم بالإنجيل مجَّاناً وكان قد أوصى بهم الكنيسة حيث كان يسكن غايُس بمكتوبٍ سابق ولكن ديوتريفس قد منع قبولهم واضطهد الذين قبلوهم وهو يحذرهُ من سجس هذا الرجل المتكبر ويوصيهِ بديمتريوس ويعدهُ بقرب زيارتهِ لهُ. وكانت كتابة هذه الرسالة بالقرب من كتابة الثانية
وفيها خمسة عشر عدداً تنطوي على خمسة فصول
الفصل الأول يصف ما عند الرسول من المحبة لغايُس ويدعو لهُ ان تصير صحة جسمهِ مثل صحة نفسهِ ع 1 و2
الفصل الثاني يمدحهُ على ما شهدت لهُ الاخوة عنهُ من الرسوخ في الإيمان والسلوك بالحق ع 3 و4
الفصل الثالث يمدح كَرَمهُ الفائق على المبشرين المحتاجين الذين تصرَّفوا بكل قوَّتهم في بث الإنجيل بين الأمم ع 5 إلى 8
الفصل الرابع يشكو من ديوتريفس بأن ظلمهُ كان مضرّاً للكنيسة ويحذرهُ من الاقتداءِ بمثالهِ ع 9 إلى 11
الفصل الخامس يوصيهِ بديمتريوس ثم يعدهُ بالزيارة لهُ ثم يختم الرسالة بتحيَّاتٍ ع 12 إلى 14
الحادية والعشرون رسالة يهوذا
كُتِبَت بين 64 و66 م كما يُظنُّ
ان يهوذا كاتب هذه الرسالة يدعو نفسهُ أخا يعقوب الذي لا بد من أنهُ كان ذلك الشخص الشهير الذي كان ذا مقامٍ سامٍ في كنيسة أورشليم وكاتب الرسالة المدعوَّة باسمهِ كما تقدَّم في الكلام عنها. وكان المقصود بهذه الرسالة تحذير المؤمنين من المعلمين المزوّرين الذين ظهروا في الكنيسة في أيام الرسل. وهو يصف بها أخلاقهم وينذر بالقضاءِ الإلهي المزمع ان يحلَّ عليهم ويحذّر المؤمنين من الإصغاءِ إلى وساوسهم والاحادة بها عن المعتقدات الإنجيلية. ويظهر لنا في هذه الرسالة شدة الغيظ الذي حرَّك قلب رجل الله هذا عند كتابتهِ عن خصال هؤلاءِ المعلمين الكذبة وأحوالهم الردية والهمة التي بها ينصح المؤمنين ان يستمرُّوا في محبة الله ويجاهدوا لأجل الإيمان الحقيقي المسلَّم مرَّة للقديسين وينتظروا رحمة ربنا يسوع المسيح للحيوة الأبدية
وفي هذه الرسالة خمسة وعشرون عدداً تنقسم إلى سبعة فصول
الفصل الأول يهدي تحيَّات عامَّة وينصح المؤمنين بغيرةٍ ان يحفظوا طهارة الإيمان الذي سُلّم مرةً للقديسين ع 1 إلى 4
الفصل الثاني يذكرهم بأمثلة مهولة من العهد القديم في انتقام الله من الإسرائيليين المَرَدة والملائكة الشريرة وأهل سدوم وعمورة الفاسقين ع 5 إلى 8
الفصل الثالث يذكر ان هؤلاءِ المعلمين المزوّرين الذين يدنّسون أجسادهم ويزدرون بالجلال الإلهي يجهزّون أنفسهم للانتقام بالظلمة الأبدية 9 إلى 13
الفصل الرابع يبرهن على أنهُ لا بد من تعذيب المنافقين بنبوة اخنوخ عن مجيءِ المسيح للدينونة ع 14 و15
الفصل الخامس يزيد في وصف هؤلاءِ الفاسدي التعاليم والآداب ع 16 إلى 19
الفصل السادس يعظ المؤمنين ان يجتهدوا في بنيان أنفسهم بواسطة فاعلية الروح القدس ع 20 و21
الفصل السابع يوصيهم بالشفقة على الذين هم في خطر الكفر والغيرة على انتشالهم منهُ ثم يختم الرسالة بتجسيد الله مخلصنا ع 22 إلى 25
ومن المحتمل ان يهوذا اقتبس خبر مخاصمة ميخائيل رئيس الملائكة لإبليس على جسد موسى ونبوة أخنوخ التي ذكرها من حديثٍ كان محفوظاً ومشهوراً بين اليهود
ومما يستحقُّ التخصيص بالذكر في هذه الرسالة التعبير بأنفس وأصرح أسلوبٍ عن تثليث أقانيم الله المبارك وتوحيد ذاتهِ الإلهيَّة. فإن يهوذا يذكر في ع 20 و21 أقانيم الله مع وظائف البعض منهم بقولهِ مصلّين في الروح القدس واحفظوا أنفسكم في محبة الله منتظرين رحمة ربنا يسوع المسيح للحيوة الأبدية. فإن قولهُ مصلّين في الروح يعني متكلين على مساعدتهِ لكم وإرشاداتهِ لعقولكم وفاعليتهِ في أنفسكم وقلوبكم ومَنْ هو الشخص الذي يستطيع ان يفعل كل هذا في أنفسنا غير الله وحدهُ. وكذلك كلامهُ عن المسيح فإنهُ نصٌّ صريح على لاهوتهِ. وهو يذكر الروح القدس أول الثلاثة وقد ورد في كلام المسيح ذكر الآب أولاً مت 28: 19 وفي كلام الرسول بولس ذكر الابن أولاً 2 كو 13: 14. ولا ريب في ان اختلاف الترتيب في هذه الأماكن هو دليلٌ بيّنٌ وبرهانُ قاطعٌ على استواءِ أقانيم الله المجيد في الجوهر والمجد والكرامة. ثم يعلن هذا الرسول في ع 24 و25 اعتقادهُ بوحدانية الله بصريح النص في قولهِ الإله الحكيم الوحيد مخلصنا الخ
مراجعة شواهد في رسالة يهوذا الرسول من العهد القديم
ع |
ع |
5 مع عد 14: 29 |
11 مع تك 4: 5 |
5 مع عد 26: 64 |
11 مع عد 16: 1 إلى 50 |
7 مع تك 19: 24 |
11 مع عد 22: 7 إلى 21 |
7 مع تث 29: 23 |
14 مع تك 5: 18 |
9 مع دا 10: 13 |
19 مع حز 14: 7 |
9 مع زك 3: 2 |
24 مع زك 3: 4 و5 |
الفصل الثالث
في السفر النبويّ الباقي وهو
رؤْيا يوحنا اللاهوتيّ
كُتِبَت في جزيرة بطمُس أو في مدينة أفسس بين سنة 90 و100 م
ان أسفار العهد الجديد التاريخية والتعليمية التي تقدَّم الكلام عليها تحتوي على نبواتٍ شتَّى وإنما امتاز سفر الرؤْيا بهذا الاسم لأن النبوة هي موضوعهُ الخصوصيُّ. وفي الكلام عنهُ نقول
أولاً ان معنى اسم هذا السفر يُذكر في أول عددٍ منهُ. وهو يُدعَى باليونانيَّة ابوكالبسيس. وقد كتبهُ يوحنا الرسول بمدَّة نفيهِ في جزيرة بَطُمس من أجل كلمة الله ومن أجل شهادة يسوع المسيح وهو يخاطب بهِ السبع الكنائس التي في آسيَّا(1) كإنسانٍ معروفٍ بينهم جيداً ص 1: 1 و4 و9 و22: 8. والتقاليد القديمة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ان قارة آسيا المشهورة تقسم إلى عدة أقسام أحدها يدعى آسيا الصغرى وهو المعروف ببرّ الأناضول. وآسيا الصغرى أيضاً تقسم إلى عدة ولايات إحداها تسمى آسيا وهي المشار إليها في هذا السفر ص 1: 4. وأما موقعها فهو في الغرب منها وهي تشتمل على بعض المقاطعات وهي ميسيا وليديا وكاريا وقسم من فريجية التي كانت لاودكية إحدى مدنهِ
تتفق تماماً مع هذه النصوص الإلهية فإنها تنسب هذه الرؤْيا إلى يوحنا وتقرر لنا أنهُ صرف الجزءَ الأخير من حياتهِ في أفسس ونُفي إلى جزيرة بَطمُس في ملك القيصر دومينيان. وأما زعم البعض أنهُ نفي إلى بطمس في ملك نيرون فهو ضعيف لا يمكن إثباتهُ. وقد أرتاب البعض في أجيال الكنيسة الأولى من جهة نسبة هذا السفر إلى أحدٍ من الرسل ولكن نتيجة الفحص المدقَّق بهذا الخصوص كانت الاعتقاد العموميّ بأنهُ إنشاءُ الرسول المحبوب بوحي روح الله القدوس. أما امتياز أسلوب إنشائهِ السامي وتأليف عباراتهِ بخصائص عديدة فناتجٌ عن سموّ مضامينهِ غير الاعتيادية وارتفاع حالة الرسول عند قبول هذه الإعلانات العجيبة
ثانياً ان تاريخ هذا السفر قد كان موضوع مباحثاتٍ جزيلة. وكان أعظم سؤَالٍ من جهتهِ أَقبل خراب أورشليم بيد الرومانيين كُتِبَ أم بعد ذلك. أما الشهادة الخارجيَّة فتؤَيّد أنهُ كُتب بعد خراب أورشليم لأنهُ بموجب هذا التاريخ يكون الرسول قد نُفِي إلى بطمس في ملك دوميتيان كما تقرر آنفاً. ودوميتيان هذا كان خليفةً لتيطس الذي تغلَّب على أورشليم وكان ملكهُ من سنة 81 م إلى سنة 96 م. وهذا المذهب يطابق شهادة الكنيسة الأولى بأن الرسول يوحنا صرف سني حياتهِ الأخيرة في ولاية اسيابين الكنائس السبع التي أرسل إليها رسائل ربنا السبع المذكورة في ص 2 وص 3. أما الزعم بأنهُ كُتِب قبل خراب أورشليم فهو ضعيفٌ لا يعوَّل عليهِ ولذلك عدلنا عن ذكرهِ هنا
ثالثاً أما من جهة تفسير هذا السفر فنقول قد تقدمت شروحٌ كثيرة عليهِ قبل غيرهِ من أسفار العهد الجديد واستُعمِلت طرقٌ عديدة ومبادئٌ متنوعة لتفسيرهِ ولكن إذا أهملنا منها جميع الطرق التي لا تلاحظ فيهِ كيفيَّة جهاد شعب المسيح إلى نهاية الزمان وغلبتهم الأخيرة على كافة أعدائه يبقى لنا مبدآن عموميان لذلك. أما الأول فتصدق عليهِ تماماً هذه التسمية أي المبدأُ العموميّ لأن الذين يقبلونهُ فقط إلى معنى الرموز المستعملة بوجه العموم بدون اعتبار علاقة
خصوصية فيها مع تاريخ الكنيسة والعالم. مثلاً الفرس الأبيض الذي ظهر عند فتح الختم الأول ص 6: 2 يشير إلى غلبة المسيح بواسطة إنجيله بوجه العموم. والفرس الأحمر الذي ظهر عند فتح الختم الثاني ص 6: 4 يشير إلى حربٍ وسفك دمٍ مقترنين مع تقدُّم الحق وقس على ذلك جميع رموز هذا السفر. لكن إذا تقدمنا إلى النبوات الأهمّ التي فيهِ كالنبوة عن الوحشين ص 13 وعن المرأة الراكبة على الوحش الأحمر ص 17 يتلاشى هذا المبدأُ بالكلية لأنهُ لا يمكن ان حوادث كليّة وعلامات خصوصية بهذا المقدار تكون فقط إشارةً إلى الاضطهاد بوجه العموم بل هي بالأحرى تشير بكل وضوحٍ وتدقيقٍ عجيبين إلى ذلك الامتزاج الخصوصي من القوة السياسيَّة والكنائسيَّة الموجود في إحدى الكنائس النصرانية
فلنتقدم إذاً إلى المفتاح الحقيقي لتفسير سفر الرؤْيا وهو المبدأُ العمومي الثاني المسمَّى بالتاريخيّ. فهذا المبدأُ يبحث بالتدقيق في تاريخ الكنيسة والعالم عن الحوادث العظيمة المُنْبَإِ عنها بهذا السفر. وأما الاعتراض عليهِ من جهة ان المفسرين يجدون بموجبهِ صعوباتٍ عظيمة وأحياناً لا يمكن حلها البتة فلا ينكّد على صحتهِ. لأن سرَّ الله لم يكمل بعدُ. ومن المُحتَمل ان الحوادث الأعظم المُنْبأَ عنها فيهِ هي وحدها التي تستطيع ان تلقي نوراً جليّاً للكشف عن كامل مقصود هذا السفر. فيجب الانتظار لإتمام جميع نبواتهِ بكل ثقةٍ ووقارٍ ولنا عربونٌ إلهيّ بأنها ستتمُّ في حينها. وهو إتمام ذلك الجزءِ منها الذي يشير إلى قيام وامتداد النور الإنجيليّ كما يظهر جليّاً لكل من يدرس هذا السفر بالتدقيق وبدون غرضٍ قاصداً ان يفهم معانيهُ ومآل نبواتهِ
وقد أجمع رأي المفسرين على ان نبوات هذا السفر غير مرتبةٍ وضعاً بالنظر إلى الزمان الذي تتمُّ فيهِ. فإن أكثرهم مثلاً يسلّمون بوجود إشارةٍ إلى أمورٍ مختصة بأحوال العالم بحسب نسبتهِ إلى شعب الله في ص 6: 1 إلى ص 11: 18
وأنهُ توجد قصة معترضة بين هذه الأمور في ص 10: 1 إلى ص 11: 13. وأيضاً بأن الكاتب يرجع في ص 12 إلى الأيام الأولى التي فيها قامت الديانة المسيحية
رابعاً يوجد أعدادٌ في هذا السفر مستعملة على سبيل اللغز كنايةً عن معانٍ خصوصية أو مداتٍ من الزمان معينة أو أسماءِ أشخاصٍ معلومين. وهذه هي أسماؤُها مع ذكر معانيها بالتفصيل
(1) العدد سبعة وهو الأكثر استعمالاً من غيرهِ من الأعداد في هذا السفر وهو مستعمل فيهِ كنايةً عن الكمال. ومن ذلك المنائر الذهبية السبع التي هي كناية عن كنائس آسيا السبع والكواكب السبعة التي هي كناية عن الملائكة السبعة التي هي لتلك الكنائس ص 1: 4 و12 و16 و20. والسبعة المصابيح النارية التي هي كناية عن سبعة أرواح الله ص 4: 5. والختوم السبعة ص 5: 1. والأبواق السبعة ص 8: 2. والرعود السبعة ص 10: 4. والضربات الأخيرة السبع ص 15: 1. والتسبيحات السبع ص 5: 12 و7: 12. وأيضاً رؤُوس الوحش المضطهِد السبعة المعبّر عنهُ بصُوَرٍ مختلفة ص 12: 3 و13: 1 و17: 3 وهلم جرّاً. ويوجد عددٌ آخر واردٌ في دانيال والرؤْيا وهو مستعمل فيهما لأجل تعيين الوقت وهو نصف السبعة ويُعبَّر عنهُ بزمانٍ وزمانين ونصف زمانٍ أي ثلاث سنواتٍ ونصف سنة ص 12: 14. ويعبَّر عنهُ أيضاً في أماكن أُخر باثنين وأربعين شهراً ص 11: 2 و13: 5. وبألف ومئَتين وستين يوماً ص 11: 3 و12: 6 انظر دا 7: 25. ومن هذا القبيل أيضاً الثلاثة الأيام ونصف اليوم التي بقي فيها الشاهدان ميتين ص 11: 9 و11
(2) العدد ستة ولهُ معنىً عميقٌ متى أُستعمِل بالنسبة إلى سبعة لكنهُ ليس كذلك إذا وقع منفرداً بدون نظر إلى علاقةٍ بينهما. فإن وجودهُ قبل السبعة متلوّاً لهُ قد جعلهُ كنايةً عن الأحكام الإلهية المهولة التي تعدُّ السبيل لإكمال سرّ الله المرموز إليهِ بالسابع. فإن كلاً من الختم السادس ص 6: 12 إلى 17 والبوق السادس ص 9: 14 إلى 21 والجام السادس ص 16: 12 إلى 16 هو
الأكثر اعتباراً مما يتقدمهُ لأنهُ ينبئُ عن حدوث الضربات المهولة المبيدة لجماهير كثيرة من الأشرار التي وإن كانت لا تقتادهم إلى التوبة تكون استعداداً وتوطئَةً لإتمام مقاصدهِ تعالى التي يشير إليها السابع. ولعلَّ ما تقدم يكون ذريعةً إلى فهم معنى العدد ست مئَة وستة وستين (المركب من رقم 6 ثلاث مراتٍ) الذي مع أنهُ يكنى بهِ عن عدد إنسانٍ معلوم بحساب الأبجدية ص 13: 18 يشير أيضاً إلى حلول ضربات الله المتضمنة بالختم السادس والبوق السادس والحام السادس على هذا الإنسان عينهِ. ألا ترى ان السادس الذي يدلُّ عليهِ رقم 6 مكرَّرٌ هنا أيضاً ثلاث مراتٍ
(3) العدد أربعة وهو الرمز الطبيعي إلى العموم ومن ذلك الأربعة الحيوانات التي حول العرش ص 4: 6 المشار بها إلى كافة جنود الله الذين يحرون أحكامهُ الإلهية في جميع الكون. والأربعة الملائكة الواقفون على أربع زوايا الأرض الممسكون أربع رياح الأرض ص 7: 1. والأربعة الملائكة المقيدون عند نهر الفرات ص 9: 14. وأما الرُّبْع والثلُث فهما مستعملان بعكس الأربعة فإنهُ يشار بهما إلى ما هو جزءِيٌّ ص 6: 8 و8: 7 إلى 12 و9: 18
(4) العدد اثنا عشر وهو كناية عن شعب الله. فإن أسباط إسرائيل كانت اثني عشر وكذلك تلاميذ المخلص. والمرأة التي هي كناية عن الكنيسة كان لها اكليلٌ من اثني عشر كوكباً ص 12: 1. وأورشليم الجديدة كان لها اثنا عشر باباً واثنا عشر ملاكاً واثنا عشر أساساً وكان قياسها مسافة اثني عشر ألف غلوةٍ من كل جهةٍ وذَرْع سورها اثنتي عشرة ذراعاً مضروبة باثني عشر وفي وسطها شجرة حيوة تصنع اثنتي عشرة ثمرة وتعطي ثمرها كل شهر من شهور السنة الاثني عشر ص 21: 12 و14 و16 و17 و22: 2. وقد يُسْتَعمل العدد اثنا عشر مع الألف الذي هو الرمز العمومي إلى الكثرة. مثلاً قد خُتم اثنا عشر ألفاً من كلٍّ من أسباط إسرائيل الاثني عشر ص 7: 4 إلى 8. وكانت جملة المفديّين اثني عشر ألفاً مضروبة باثني عشر أي مئَة وأربعة وأربعون ألفاً ص 14: 1 إلى 3
(5) العدد عشرة وهو مستعملٌ لعدد قرون الوحش المذكور في ص 12: 3 و13: 1 و17: 3. قيل أنهُ يكنى بهِ هنا عن التنويع وقيل غير ذلك
خامساً أما موضوع هذا السفر الخصوصيُّ فهو الانباءُ عن أحوال كنيسة المسيح وكل ما يحدث لها في المستقبل إلى انتهاء العالم. ولذلك يوجد فيهِ جُملٌ كثيرة غامضة جدّاً غير أنهُ نرى فيها من الوضوح ما يكفينا بمقدار ما كان في نبوات العهد القديم كافياً لليهود في المقاصد الإلهية الماضية. هذا وانهُ لا يوجد فيها نبوةٌ أغرب عن إفهامنا مما كان كثيرٌ من النبوات القديمة عند اليهود الأتقياءِ ومع ذلك كانوا يطالعون في الكتاب المقدس المحتوى عليها برجاء وضيع منتظرين بصبرٍ تعزية إسرائيل. فعلينا نحن ان نطالع كذلك نبوات هذه الرؤْيا منتظرين إتمام مقاصد الإنجيل العظيمة في تغلُّب الديانة المسيحية أخيراً على كل أباطيل العالم ونتمتع فيهِ بقداستها الفضلى
وقد اعترض قومٌ على مطالعة هذا السفر لأن بعض الناس المتكبرين غلطوا في تأويل ما فيهِ من المعضلات ولكن لا ينبغي ان نحسب غلطهم عذراً لإهمالنا ما يجب علينا. وما أحسن قول أحد المعلمين انهُ قد ظهرت غباوة بعض المؤَوِّلين في تفسيرهم هذا السفر بكونهم يتنبَّأُون عن الأزمنة والحوادث المزمعة كأنَّ الله جعلهم أنبياءَ
وقد قال أيضاً بعض الفضلاءِ ان ما تتضمنهُ هذه الرؤيا من أوصاف الله والأمور السموية وملكوت العناية الإلهية والرحمة ومجد الفادي وسعادة شعبهِ ودمار أعدائهِ كل ذلك مشروحٌ بنوعٍ عجيب خاص حتى ان الذين لا يفهمون شيئاً من معانيها النبوية الغامضة يستفيدون بقراءَتها ويتعلمون حقائق كثيرة إذا قرأُوها بتواضعٍ وإيمانٍ وتقوى
وفي هذه الرؤْيا اثنان وعشرون اصحاحاً تنقسم إلى أربعة أجزاءٍ
الجزءُ الأول المقدمة وهو يتضمن عنواناً للسبع الكنائس في أناضول وتماجيد لله ووصف الرؤْيا الجليلة رؤْيا الرب يسوع المسيح التي تشرف بها
يوحنا في منفاهُ ص 1
الجزءُ الثاني يتضمن السبع الرسائل إلى الكنائس السبع ص 2 وص 3 الرسالة الأولى إلى كنيسة أفسس ص 2: 1 إلى 7. الثانية إلى كنيسة سميرنا ص 2: 8 إلى 11. الثالثة إلى كنيسة برغاموس ص 2: 12 إلى 17. الرابعة إلى كنيسة ثياتيرا ص 2: 18 إلى 29. الخامسة إلى كنيسة سرديس ص 3: 1 إلى 6. السادسة إلى كنيسة فيلادلفيا ص 3: 7 إلى 13. السابعة إلى كنيسة لاودكية ص 3: 14 إلى 22. وهذه الرسائل تحتوي على التعاليم الأهم لكنيسة المسيح بوجه العموم في كل جيل. ولا ريب في ان قراءَتها مفيدة جدّاً لكل مسيحي
الجزءُ الثالث يصف رؤْياتٍ عديدة عجيبة مما رآهُ هذا الرسول ص 4 وص 5
الأولى العزة الإلهية جالسة على الكرسي بالمجد محتاطة بالملائكة والبيعة السموية ساجدين لها ص 4. الثانية الحَمَل الذي وحدهُ استحق فتح كتاب أوامر الله ومطالعتهُ إذ دُفِع إليهِ مختوماً. ولذلك قدَّم كل محفل الملائكة والقديسين الحمد بالترتيل لهُ وللجالس على الكرسي بالسوية ص 5
الجزءُ الرابع يتضمن بقية السفر من ص 6 إلى ص 22 وكل ذلك يتعلق بحال الكنيسة في الاعصار المستقبلة إلى كمال السعادة في عالم المجد. وهذا الجزءُ يتعلق بمدَّات كنيسة المسيح السبع التي يشرح الرسول انقلاباتها كما سيأتي
المدة الأولى فتح ختوم الكتاب السبعة ص 6 إلى ص 8: 1 التي فُتِح الأول منها فظهر فرسٌ أبيض ص 6: 1 و2 ثم الثاني فظهر فرسٌ أحمر ص 6: 3 و4 ثم الثالث فظهر فرسٌ أسود ص 6: 5 و6 ثم الرابع فظهر فرسٌ أصفر ص 6: 7 و8 ثم الخمس فظهرت أرواح الشهداءِ ص 6: 9 إلى 11 ثم السادس فظهرت أمورٌ شَتَّى ص 6: 13 إلى 17. وبعد فض هذه الخواتم نظر يوحنا وإذا لديهِ كنيسة السماءِ وعددها، 14400 نفسٍ خُتِموا على جباههم وجموعٌ لا تحصى من كل الأمم يباركون الله والحمل لأجل خلاصهم ومجدهم ص 7 ثم فُضَّ الختم السابع فعرض في السماءِ سكوتٌ عام
المدة الثانية المسبوقة بروية شفاعة المسيح هي مدة الأبواق ص 8: 2 إلى ص 10 التي هتف بها الملاك الأول ص 8: 6 و7 ثم الثاني ص 7: 8 و9 ثم الثالث ص 8: 10 و11 ثم الرابع ص 8: 12 و13 ثم الخامس ص 9: 1 إلى 12 ثم السادس ص 9: 13 إلى 21 وعند هتاف الملاك السادس رأى يوحنا منظراً غريباً وهو ملاكٌ شديد القوة أتى إليهِ بكتابٍ صغير ليكون سداً لهُ في ان يتنبّأَ بكل الشعوب ص 10
المدة الثالثة مناظر متنوعة ص 11 إلى 19. الأول قياس هيكل الله ومذبحه وعباده ص 11: 1 و2. الثاني الشاهدان المأموران بالتنبي مدة ألف ومئَتين وستين يوماً ص 11: 3 إلى 6. الثالث قيام الوحش عليهما ومقاتلتهُ لهما حيث لهما حيث يقتلهما ثم يحييان ويعرجان إلى السماءِ ص 11: 7 إلى 14. الرابع هتاف الملاك السابع بالبوق فتتبع ذلك أمورٌ نفيسة ص 11: 15 إلى 19. الخامس وصف الكنيسة بأنها امرأةٌ مكتسية بالشمس وتنكيل التنين على ابنها ص 12: 1 إلى 6. السادس غلبة ميخائيل على التنين أي الشيطان ونفيهُ وحصول الفرح الجسيم في السماءِ لأجل ذلك ص 12: 7 إلى 12. السابع اضطهاد التنين للكنيسة على الأرض ص 12: 13 إلى 17. الثامن رؤْية وحشٍ عجيب الصفات يخرج من البحر فيهب لهُ التنين سلطاناً ص 13: 1 إلى 1. التاسع ظهور وحش آخر اضطر الكل إلى السجود للتنين ص 3: 11 إلى 18. العاشر رؤية الحَمَل على جبل صهيون مع 14400 من مختاريهِ والكنيسة السموية تعيّد لأجل سعادة المؤمنين ص 4: 1 إلى 5. الحادي عشر رؤْية ملاك طائر مبشر بالإنجيل لكل الطوائف ومنادٍ بدينونة من الله على الوحش والساجدين لهُ ص 14: 6 إلى 20. الثاني عشر رؤْية ملائكة معهم جامات الضربات وفرح الكنيسة السموية بعدل الله ص 15. الثالث عشر سكب جامات غضب الله على أعدائهِ وأعداءِ كنيستهِ ص 16. الرابع عشر رؤية بابل الرمزية ص 17. الخامس عشر دمار بابل وهدمها بالكلية وشقاوة الأشرار ص 18. السادس عشر تهليل الجنود السموية
بخراب بابل ص 19: 1 إلى 10. السابع عشر انتصار المسيح على أعداءِ بيعتهِ ص 19: 11 إلى 21
المدة الرابعة يظهر فيها ملاكٌ يربط الشيطان مدة ألف سنة وفيها ترتاح الكنيسة ص 20: 1 إلى 6
المدة الخامسة يظهر فيها إطلاق الشيطان مدةً من الزمان ومقاصدهُ الباطلة في رجوعهِ إلى إثبات جبرهِ في عقول بني البشر ص 20: 7 إلى 10
المدة السادسة تعرض فيها القيامة الجامعة والدينونة العامة وشقاوة الأشرار إلى الأبد ص 20: 11 إلى 15
المدة السابعة يحدث فيها منظر أورشليم الجديدة وسعادة المؤمنين بالجلال الذي لا يوصف ص 21 و22: 1 إلى 6. وفي أثناءِ ذلك يثبت الملاك صدق جميع هذه القضايا ص 22: 7 إلى 9. ويبيّن يسوع المسيح ليوحنا ان سوف يقضي على الناس قضاءً بلا مراجعة ويعيّن من سيدخل السماءَ ومن سيُمنَع من دخولها. ثم يشدّد على الناس بقبول خلاصهِ ويتهدد بالضربات كل من يحرّف كلام هذا السفر بالزيادة أو النقصان ص 22: 10 إلى 19. ثم يختم الرسول كلامهُ بالتبريكات ص 22: 20 و21
وهذا السفر يقبل الانقسام أيضاً إلى ثلاثة أجزاءٍ
الأول يتضمَّن رؤْيا يوحنا للمسيح في المجد ص 1
الثاني الرسائل السبع من الرب يسوع إلى الكنائس السبع في آسيا الصغرى ص 2 و3
وأما الثالث وهو الباقي من هذا الكتاب فبعد ان يصف الله سبحانهُ على عرشهِ ويذكر السفر المختوم بسبعة ختوم المتضمن أحكام الله العتيدة يذكر بالتفصيل مضامين هذا السفر التي هي بخصوص حالة الكنيسة من ختام العهد الجديد إلى كمال كل الأشياءِ
قال بعضهم ان الذي يقرأُ هذا السفر برغبة قلبيَّة يمكنهُ ان يستفيد أدباً
وتهذيباً كليّاً من الترنيمات السامية المذكورة فيهِ المقدَّمة لله وللمسيح ص 4: 8 إلى 11 و5: 8 إلى 13 و7: 12 و15: 3 و4. وأن يطّلع على حقائق كثيرة نافعة من جهة تقديم العبادة لله العظيم وحدهُ دون جميع المخلوقات ص 9: 20 و14: 7 و21: 8 و22: 15. والاتكال على استحقاقات المسيح فقط لأجل غفران خطايانا وتقديس نفوسنا ص 5: 9 و7: 14 و12: 11. وانهُ ينبغي لنا ان ننتظر بالصبر ظهور المسيح وملكوتهُ ونثبت بإقرار الإيمان الحقيقي والقداسة أمام كل ما يصيبنا من الآلام ص 13: 10 و14: 12 و13 و16: 15. والجميع يمكنهم ان يتعلموا منهُ عن صفاتِ ضدِّ المسيح والعلامات الدالَّة عليهِ التي تنبغي لنا معرفتها وهي الكبرياءُ والطمع والتظاهر بالقوة والعظمة بغير الواقع ص 13: 7 و18: 4. والقساوة والروح المضطهد ص 9: 21 و11: 7 و13: 7 إلى 17 و16: 6 و18: 20 إلى 24 و19: 2. والاجتهاد على إرجاع كثيرين بالاغتصاب لا بالإقناع ومحبة الرفاهة والملذات ص 3: 2 و18: 3 إلى 14. وأن كل من يتلطَّخ بهذه الرذائل هو بعيدٌ عن روح الديانة المسيحية الحقيقي. وبكل تأكيدٍ الذي يتَّعظ بنصائح هذا الكتاب الكثيرة ويتجنَّب هذه الخطايا لا يكون قد أضاع وقتهُ في تلاوتهِ بل يوجب لنفسهِ البركات الموعود بها فيهِ للذين يحفظونهُ ص 1: 3
مراجعة شواهد في سفر الرؤْيا من العهد القديم
ص ع |
ص ع |
1: 4 مع خر 3: 14 |
1: 17 مع حز 1: 28 |
1: 7 مع دا 7: 13 |
1: 17 مع دا 10: 8 |
1: 8 مع اش 44: 6 |
2: 7 مع تك 2: 9 |
1: 12 و20 مع زك 4: 2 |
2: 14 مع عد 24: 14 |
1: 12 و20 مع حز 1: 26 |
2: 14 مع عد 25: 1 |
1: 14 و15 مع دا 7: 9 |
2: 14 مع عد 31: 16 |
ص ع |
ص ع |
2: 20 مع 1 مل 16: 31 |
12: 7 مع دا 12: 1 |
2: 20 مع 1 مل 21: 25 |
13: 1 الخ مع دا 7: 3 الخ |
3: 7 مع اش 22: 22 |
14: 8 مع اش 21: 9 |
3: 1 مع اش 55: 1 و2 |
14: 8 مع ار 51: 8 |
4: 2 و3 مع حز 1: 26 إلى 28 |
14: 11 مع اش 34: 10 |
4: 6 مع حز 1: 26 |
14: 14 مع دا 7: 13 |
5: 11 مع دا 7: 10 |
14: 20 مع اش 63: 3 |
6: 2 و4 و5 و8 مع زك 6: 2 إلى 8 |
17: 2 مع ار 51: 7 |
6: 15 مع اش 2: 19 إلى 21 |
7: 12 مع دا 7: 20 |
7: 1 مع دا 7: 2 |
19: 20 مع دا 7: 11 |
7: 14 مع اش 1: 18 |
20: 8 حز 38: 2 الخ |
7: 14 مع زك 13: 1 |
20: 11 و12 مع دا 7: 9 و10 |
10: 6 مع دا 12: 7 |
21: 1 مع اش 65: 17 |
10: 9 مع حز 3: 3 |
21: 1 مع اش 66: 22 |
11: 1 مع حز 40 |
22: 1 مع حز 47: 1 و12 |
11: 4 مع زك 4: 11 إلى 14 |
22: 17 مع اش 55: 1 |
11: 11 مع حز 37: 5 و9 و10 و14 |
|
إن خاتمة سفر الرؤْيا ترينا صفات الإنجيل وامتيازهُ عن الناموس قابل ص 22: 21 مع مل 4: 6 ويو 1: 17. وتعبّر لنا عن قصد الكتاب المقدس كلهِ الذي غايتهُ العظمى ان يهدينا إلى المسيح الذي هو الألف والياءُ البداءَة والنهاية الأول والآخر ص 22: 13. وأن يدعو الجنس البشري عموماً ليأخذوا بواسطتهِ مجَّاناً ماءَ الحيوة. أي تلك الحيوة المباركة التي عربونها حلول الروح في قلوب الذين يطلبونها ص 22: 17 ويو 7: 37 إلى 39 لأنهُ بدون طهارة
القلب لا يقدر أحد ان يعاين الله ص 21: 37
وما أعظم الفرق بين خاتمة العهد القديم والعهد الجديد. فإن خاتمة ملاخي تُشعِر بأن العمل لم يتمَّ بعد وتحثُّ اليهود على التمسُّك بالنظام الموسوي إلى ان يشرق المسيح شمس البر ويقيم مملكتهُ في هذا العالم وتحرّك فيهم الانتظار لإعلانات أُخرى بعد أي لكلماتٍ جديدة يُنطَق بها أيضاً من السماءِ. وأما خاتمة يوحنا فبالعكس إذ انها تدلُّ بكل صراحة على ان كتاب الله قانون إيماننا قد أُكمِل وتغلق الباب عن انتظار إعلانات جديدة بعد من قبل الله. وتقرّر أيضاً ان كل الوسائط لتحصيل الخلاص مع كل ما يختصُّ بذلك قد تجهَّزت تماماً. وان المسيح سيأتي أيضاً ويكمل كل مقاصدهِ من جهة هذا العالم ويجري الحكم الأخير على كل واحدٍ من بني البشر. والآن قد مضى ألف وثمانماية سنة ولم يحظَ هذا العالم بكلمة واحدة زيادةً على هذا الكتاب من المسيح. بل هو يتكلم فقط في كتابهِ الذي هو واضح بهذا المقدار حتى ان من سلك في الطريق حتى الجهَّال لا يضلُّ اش 35: 8. فطوبى للذين يصنعون وصاياهُ لكي يكون سلطانهم على شجرة الحيوة ويدخلون من الأبواب إلى المدينة رؤْ 22: 14
فيجب علينا إذاً ان نجعل هذه الأسفار الإلهية من العهد القديم والجديد في كل حين أمام عيوننا وفي أيدينا وآذاننا وأفواهنا وبنوعٍ خصوصيٍّ في قلوبنا. لأن كتاب الله هو طعام نفوسنا الروحي وقوتها السموي والذي بواسطة استماعهِ وحفظهِ نُبارَك من الله ونطهَّر من خطايانا ونتقدَّس. وهو آلة الخلاص الحقيقية للأنفس الهالكة ونورٌ للذين في الظلمة والذي وحدهُ يتكفَّل بردّ الأنفس الضالَّة إلى الله ويحكم المتواضعي القلوب للخلاص ويعزي القلوب المنكسرة وينعشها ويبهجها. فبالحقيقة انهُ جوهرةٌ ثمينةٌ وكنزٌ أثمن من الذهب والحجارة الكريمة وقوت أحلى من العسل والشهد. وبكلّ صوابٍ يُقَال عن مريم انها اختارت النصيب الصالح الذي لن ينزَع منها لأنها جلست عند قدمي يسوع لتسمع منهُ كلمات الحيوة الأبدية
فنسأل الله إلهنا الجواد وأبانا الكثير الرحمة الذي أنعم علينا بكتابهِ المقدس
الذي هو أثمن من كل الجواهر الكريمة ان يساعدنا على درسهِ بروحهِ القدوس ويطبعهُ على قلوبنا لأجل تعزيتنا وتطهيرنا وتجديدنا على شبه صورة مجدهِ ولكي يبنينا ويكملنا في المسيح ويبني في قلوبنا كل الفضائل المسيحية لأجل ابنهِ الحبيب مخلصنا أمين
تَتَّمةٌ
في ترتيب أسفار العهد الجديد وأسماءِ كاتبيها وتاريخ كتابتها
أسماءُ الأسفار |
أسماءُ كاتبيها |
مكان كتابتها |
وقت كتابتها ب م |
إنجيل متى |
متى |
فلسطين |
39 |
1 تسالونيكي |
بولس |
مدينة كورنثوس |
52 |
2 تسالونيكي |
// |
// // |
53 |
1 كورنثوس |
// |
مدينة أفسس |
57 |
2 كورنثوس |
// |
مقاطعة مكدونية |
57 |
غلاطية |
// |
مدينة كورنثوس |
58 |
رومية |
// |
// // |
58 أو 60 |
يعقوب |
يعقوب |
مدينة أورشليم |
61 |
إنجيل مرقس |
مرقس |
مجهول |
61 |
افسس |
بولس |
مدينة رومية |
62 |
كولوسّي |
// |
// // |
62 |
فليمون |
// |
// // |
62 |
فيلبي |
// |
// // |
63 |
عبرانين |
// |
إيطاليا |
63 |
إنجيل لوقا |
لوقا |
بلاد الروم |
63 |
أعمال الرسل |
// |
// // |
64 |
أسماءُ الأسفار |
أسماءُ كاتبيها |
مكان كتابتها |
وقت كتابتها ب م |
يهوذا |
يهوذا |
مجهول |
بين 64 و66 |
1 بطرس |
بطرس |
بابل |
بين 63 و67 |
2 بطرس |
// |
// |
بين 64 و68 |
1 تيموثاوس |
بولس |
مقاطعة مكدونية |
67 |
تيطس |
// |
مدينة أفسس |
67 |
2 تيموثاوس |
// |
مدينة رومية |
68 |
2 يوحنا |
يوحنا |
مدينة أفسس |
بعد 70 |
3 يوحنا |
// |
// // |
بعد 70 |
إنجيل يوحنا |
// |
// // |
بين 90 و100 |
1 يوحنا |
// |
// // |
بين 90 و100 |
رؤْيا يوحنا |
// |
بطمس أو أفسس |
بين 90 و100 |
- عدد الزيارات: 111