Skip to main content

الشمس والقمر والنجوم خُلِقَتْ بعد الأرض والحياة النباتية

لقد كان من المفهوم دائماً أن ترتيب الحوادث في الأصحاح الأول من سفر التكوين مقصود وذو مغرى، وأن كل الآراء البديلة عن النظرة التقليدية لأسبوع الخلق الحديثة نسبياً تشترك في نكرانها لهذا الترتيب الإلهي. بينما يقولون بأن نسمح للأصحاح الافتتاحي في الكتاب المقدس أن يتحدث عن نفسه، فإن مناصري هذه الآراء البديلة في الواقع يعكسون نظام الخلق للأرض وللكون النجمي ليلائم النظرية التماثلية التي يجُمعُ عليها الفلكيون المعاصرون. من نتائج هذا القلب هو الانهيار الفاضح المأساوي لرسالة راسخة تتخلل كل العهد القديم: إن الخالق أسمى من المخلوق بشكل لا متناهٍ، بما فيه الخليقة الفلكية. ولذلك فما من جرم سماوي منظور يمكن أن يُعبد.

هذا المبدأ اللاهوتي الراسخ يؤكّده ويظهره بوضوح الحقائق الواردة في الكتاب المقدس بأن النجوم قد أتت إلى الوجود بشكل مباشر وفوري بمعزل عن مواد سابقة الوجود وذلك بمجرد كلمة نطق بها الله خالق الكون، ذلك الفريد، الكلي القدرة، الكلي العلم، القدوس، والمتعالي، إله إسرائيل والكنيسة، الذي له وحده حق العبادة. إضافة إلى ذلك - وهذه الحقيقة المهملة هي مسألة لاهوتية حاسمة- إن الانتقاص غير المحدود لدى النجوم عن إله لخلق مثبت بحقيقة أنها قد خلقت بعد خلق الأرض وخلق الحياة النباتية فيها. وعلى حدِّ قول طالب بارز في تاريخ العلوم: "قد توضّح من الأصحاح الأول من سفر التكوين أنه ما من شيء على الإطلاق، سوى الله، له أن يدّعي الألوهية؛ وحتى الشمس والقمر، التي تعتبرها الشعوب المجاورة آلهة سامية، تأخذ مكانها بين الأعشاب والحيوانات وقد جُعِلَت في خدمة البشر.[16]

إن عبادة الأوثان رائجةٌ أكثر في جيلنا وهي أقل "مصداقية" وصراحة مما كانت عليه في العالم القديم. ولذلك فإن دراسة عبادة الشمس والقمر في "مهد الحضارة" ومسحاً لشجب العهد القديم لتلك العبادة قد يبدو غير ذي صلة تماماً وبعيداً عن القارئ المعاصر. من الواضح بالنسبة للتلاميذ ذوي البصيرة أنه بينما تتغير أشكال وأهداف ومواضيع العبادة الوثنية عبر القرون، فإن الرفض الضمني لشهادة روح الله في قلب الإنسان من خلال الإعلان العام والخاص يبقى على حاله. إن أذهان المعاصرين، وعلى درجة ليست أقل من أذهان القدماء، تعي أن الخالق الذي أُعلن في الأصحاح الافتتاحي في الكتاب المقدس هو مختلف جداً في صفاته ومطالبه من البشر عن أي إله آخر يمكن أبداً أن نتخيله. وهذا هو السبب في أن فهمنا للطريقة والكرونولوجيا[17] المرتبطة بخلق الكون الفلكي لا يمكن أن تكون مسألةً سطحية أبداً، حتى بالنسبة للإنسان "المعاصر".

 

قبة مقراب هالي

قبة مقراب هالي التي تبلغ 200 بوصة (5 أمتار) على جبل بالومار. (التقط الصورة الدكتور ليستر إي. بيفر).

 

[16]- ر. هوكاس، "الدين ونشوء العلم الحديث" (غراند رابيدز: منشورات إيردمانز، 1972)، ص 8.

[17]- الكرونولوجيا: (Chronology): تقسيم الزمن إلى فترات، ودراسة الأحداث الواقعة في كل فترة. [فريق الترجمة].

  • عدد الزيارات: 6696