Skip to main content

الفصل الأول: الزواج من صنع السماء - الزواج من واحدة

الصفحة 2 من 4: الزواج من واحدة

الزواج من واحدة:

(8) من البدء سمح اللّه برجل واحد لامرأة واحدة. خلق اللّه آدم وخلق له حواء (واحدة) وقد تكرر هذا الوضع بذاته لما أهلك اللّه العالم بالطوفان، فقد أمر نوحاً وامرأته وبنيه الثلاثة ونساءهم بالدخول إلى الفلك (تك 7:13). أي أن كل رجل دخل الفلك دخلت معه امرأة واحدة. ولو كان اللّه يبيح تعدد الزوجات لكان بالأَوْلى قد أباح ذلك بعد خَلْق الإنسان مباشرة لكي يعمر الأرض... ولكان قد كرر ذلك بعد ترك الفلك للإسراع بتعمير الأرض مرة أخرى بعد خرابها بالطوفان. صحيح أن اليهود أباحوا الزواج بأكثر من واحدة قبل السبي، ولكنهم بعد السبي اكتفوا بواحدة.

(9) وتقرر المسيحية بجلاء أن رجلاً واحداً لامرأة واحدة بالزواج يصبحان جسداً واحداً. وهذه القاعدة الطبيعية لا يمكن أن تتوفر في حالة رجل واحد يعاشر أكثر من إمرأة واحدة، إذ كيف يكون الرجل مع أكثر من امرأة جسداً واحداً؟ إنهم يكونون في هذه الحالة عدة أجساد!

والرجل الواحد للمرأة الواحدة أمر تتوفر فيه المعاني التي ترمز إليها المسيحية، وهي معاني الطهر والنعمة والقداسة، وما ينتج عنها من محبة ووئام وتعاون وتضحية. ولكن في حالة تعدد الزوجات تتعدد هذه المعاني، وهذا أمر مستحيل عقلاً وبداهة، لأن هذه المعاني الروحية العاطفية السامية غير قابلة للتجزئة والانقسام والتوزيع، لأنها بطبيعتها واحدة لا تنقسم، فلا يمكن للرجل أن يحب المرأة الثانية كالأولى أو كالثالثة. ولا يمكن للزوجة أن تحب ذلك الرجل ما دام له زوجات أخريات، ذات الحب الكامل الذي يتوفر في حالة انفرادها، إذ يجب أن تتجه العاطفة كاملة من الرجل الواحد للمرأة الواحدة، ومن المرأة الواحدة للرجل الواحد، وبذلك يكون أساس هذه الرابطة معنوياً وجسدياً قائماً على أساس واحد قوي دون أن يتعرض لعوامل الحقد أو الغيرة.

هذه هي الأسس الدينية والنفسية والاجتماعية التي قام عليها الزواج الأول بين آدم (الرجل الأول) وحواء (المرأة الأولى). وهي بذاتها التي يقوم عليها الزواج بين المسيحيين، لأن المسيحية أزلية، والمسيح أزلي مع الآب (ككلمته). القواعد المسيحية إذاً واحدة لا تتغير بسير الزمن أو تطور الأحوال والظروف.

لم يقل الكتاب إن اللّه خلق لآدم غير حواء... وهذه الحالة الأولى التي بدأت بها الخليقة كما جاء في الكتاب المقدس مستمرة دائمة، لأن المسيحية حق والحق واحد، وهي لذلك لا تقبل التغيير والتبديل والتعديل. ولما نجيء إلى أقوال السيد المسيح نراه يقرر ذات الشيء فيقول لليهود طالبي الطلاق: »إن الله مِنَ الْبَدْءِ خَلَقَهُمَا ذَكَراً وَأُنْثَى« أي ذكر واحد وأنثى واحدة (متى 19:4).

زواج مؤمن بمؤمنة
الصفحة
  • عدد الزيارات: 14788