الرسالة إلى أهل رومية: إنجيل المسيح
سمى مارتن لوثر هذه الرسالة "الإنجيل الأكمل"، واعتبرها كولرج أعمق سفر في الوجود. إن هذه الرسالة مقدمة لكل الرسائل الأخرى، وتتضمن سقوط الإنسان وتبريره بالإيمان بربنا ومخلصنا يسوع المسيح.
كان الرسول بحسب ولادته يهودياً، وحسب إقامته وتجنسه رومانياً، وحسب تربيته يونانياً. من أجل ذلك كان جديراً بأن يكتب هذه الرسالة. غير أنه، فوق ما ذكر، كتبها حسب إرشاد المسيح (1: 5). ويصح لنا أن نعتبرها مبنية على هذه الآية الذهبية "إيمانك قد خلصك اذهبي بسلام". وخلاصتها مجملة في هذه الآيات المقدسة "لست استحي بإنجيل المسيح لأنه قوة الله للخلاص لكل من يؤمن لليهودي أولاً ثم لليوناني. لأن فيه معلن بر الله بإيمان لإيمان كما هو مكتوب أما البار فبالإيمان يحيا" (1: 16). لم يستح الرسول بالإنجيل لأنه اختبر قوته.
تنقسم الرسالة إلى ثلاثة أقسام: التبرير، التقديس، وتطبيقهما على الحياة اليومية.
1) التبرير بالإيمان دلالة الاقتراب إلى الله (رو 5: 1): "فإذا قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح". من آونة إلى أخرى نقرأ في هذه الرسالة عن الطريق الوحيد لنوال التبرير ألا وهو يسوع المسيح. إذ كنا بعد "ضعفاء" و "فجاراً" و "خطاة" أحبنا الله، ومات المسيح لأجلنا (5: 6 و 8 و 10). تبررنا "بالنعمة" "بدمه" "بالإيمان". ونتائج التبرير "سلام" "دخول إلى النعمة" "فرح في الله".
2) التقديس بالإيمان بالمسيح بواسطة قوة الروح الساكن فينا (8: 1 و 2): "لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع ... لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد اعتقني من ناموس الخطية والموت ". والإصحاح 6 يشرح لنا حالتنا باعتبار أننا صلبنا مع المسيح وقمنا معه لنسلك في جدة الحياة. والإصحاح 7 يرينا كيف تشتاق النفس التقية أن تتحرر من سلطان الخطية. إن "ضمير المتكلم" الوارد بكثرة في هذا الإصحاح يضمحل في الإصحاح التالي، ويحل محلها الروح كنائب قوي عن الله فينا يعلن لنا المسيح لأجل تقديسنا "فيعظم انتصارنا بالذي أحبنا".
3) تطبيق التبرير والتقديس على الحياة اليومية. تكريس القلب والحياة لخدمة الله "فاطلب إليكم أيها الإخوة برأفة الله أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله عبادتكم العقلية" (12: 1).
وبناء على هذا الطلب وعباراته الصريحة مع ماورد في الإصحاح 6 تبطل دعوى من ادعى أن التبرير بالإيمان يغري صاحبه على إطلاق عنان الشهوات. ومما يجب ملاحظته أن "رسالة التبرير بالإيمان" تنتهي كما تبتدئ بوجوب الطاعة (1: 5؛ 16: 26). وقد عرج الرسول في سياق كلامه عن موضوع الرسالة إذ تكلم عن شعب الله المختار في إصحاح 9 إلى 11 مبرهناً أنهم سقطوا جزئياً إلى حين من الدهر بسبب عدم إيمانهم وأنهم لا بد أن يؤمنوا يوماً ما وأن إيمانهم يكون أعظم بركة للعالم.
- عدد الزيارات: 3104