Skip to main content

الملحق

شرح العبارات المشار إليها بالحروف الأبجدية

(أ)-مما تجدر الإشارة إليه أن هرون وبنيه لم توضع عليهم الملابس في وقت واحد، بل وضعت على هرون أولاً على مرأى من أبنائه، وكان ذلك رمزاً إلى أن المسيح (حتى بوصفه كابن الإنسان، رئيس الكهنة) هو متقدم في كل شيء (مزمور45: 7)، وفي الوقت نفسه هو الذي يجب أن تتجه إليه أنظار المؤمنين الحقيقيين، ليشاهدوا أمجاده التي تبعث الشبع والسرور إلى نفوسهم.

(ب)-أما هرون فقد مسح بالدهن قبل أبنائه بل وقبل عمل الكفارة أيضاً، وكان ذلك إشارة إلى أن المسيح بسبب قداسته الذاتية حل محل الروح القدس عليه (متى3: 16) قبل قيامه بالكفارة، وذلك على النقيض منا جميعاً، فإن الروح القدس لم يسكن فينا، إلا بعد تكفير المسيح عن خطايانا (أفسس1: 13). حقاً إن نعمة الله الغنية وضعتنا نحن الخطاة الذين لا نستحق سوى الهلاك الأبدي، في مركز رفقاء للمسيح بمجرد أن آمنا به إيماناً حقيقياً (عبرانيين2: 11)، لكن ينبغي ألا يفوتنا أن المسيح يجب أن يكون حتى من الناحية الناسوتية، متقدماً في كل شيء كما ذكرنا. وذلك بسبب قداسته الذاتية التي لا حد لها.

(ج)-ولكي نكون منقادين بالروح القدس، وليس بأفكارنا وعواطفنا البشرية، يجب أن نفطم أولاً نفوسنا عن محبة الذات والعالم، وأن نكون في حالة الهدوء النفسي التام- هذا من جهة. ومن جهة أخرى، يجب أن نكون في حالة الصلة الروحية بالله والطاعة الكاملة لكلمته، حتى إذا كانت تتعارض مع رغباتنا أو ميولنا الشخصية. كما أن تدريب نفوسنا على الانقياد بالروح القدس في كل صغيرة وكبيرة تصادفنا في الحياة، يهيئنا لتمييز صوته بسهولة، ويجعلنا مستعدين لتنفيذ مشيئته بكل سرعة، حتى في أدق الأمور وأقساها بالنسبة إلى طبيعتنا البشرية.

(د)-إن كلمة مزمور هنا، لا يراد بها مزمور من مزامير داود أو غيره من رجال الله، بل يراد بها صلاة منظومة أو تسبحة، لأن استعمال المزامير في العبادة عند بعض المسيحيين لم يبدأ إلا في القرن الرابع، وذلك عندما ضعفت حياتهم الروحية، ولم يجدوا نفوسهم الاستعداد الكافي للانقياد في الصلاة بالروح القدس.

وبهذه المناسبة نقول: إن مزامير داود النبي وغيره من رجال الله، وإن كانت مصدراً هاماً للتعليم والإرشاد، كما أنه من الجائز أن نقتبس منها في صلاتنا العبارات التي تتناسب مع الظروف التي نجتاز فيها في الوقت الحاضر، غير أنه يجب ألا نتخذها بحذافيرها كل حين صلاة لنا. وقد عرف قدامى الأرثوذكس هذه الحقيقة، فقالوا "الصلاة التي يرفعها المؤمنون بالروح إلى الله، هي أفضل بكثير من المزامير". وقالوا أيضاً "إننا لا نجد لأنفسنا عدداً خاصاً بنا من المزامير في كل صلاة. فإذا اعتمدنا على المزامير، نصبح تحت عبودية الأعداد، فنرتبط بها كل أيام حياتنا. ولكن ينبغي لنا في كل صلاة أن نثبت حسب الإمكان، وعلى قدر الوقت ومعونة النعمة، على كل صلاة" (حياة الصلاة الأرثوذكسية ص49و 471و 596)، الأمر الذي يدل على أنه لم تكن لديهم أي صلاة يحفظونها عن ظهر قلب، كما هو متبع عند بعض المسيحيين في الوقت الحاضر.

ويرجع السبب في تفضيل القدامى الصلاة بالروح على الصلاة بالمزامير، أن من يصلي بالمزامير كما هي، لا يصلي في الواقع بدافع من شعوره الشخصي أو من إرشاد روح الله له، بل يكرر صلاة أشخاص عاشوا في ظروف خاصة لا تتفق في معظم الأحوال مع ظروفه. لأن العبارات ("قربوا للرب أبناء الكباش" و "صوت الرب يزلزل برية قادش" و "اذكر (يا رب) رهب وبابل اللتين يعرفانني" و "اذكر يا رب داود وكل ذله" ) التي يرددها إلى الآن بعض المسيحيين في صلوات الساعات الثالثة والسادسة والتاسعة، نقلاً عن المزامير المذكورة، لا يليق أن تكون صلاة شخص مسيحي في أي عصر من العصور.

(هـ)-كلمة "طقس" هذه، ليست عربية بل معربة عن الكلمة اليونانية "تاكسيس". ومعناها "ترتيب" أو "رتبة"، ولا علاقة لهذه الكلمة في الأصل اللغوي بالعبادة على الإطلاق. والدليل على ذلك أنه جاء في أوائل كتاب تعليم اللغة القبطية: العبارة "الفافيتون إن أتاكسيس" أي "حروف الهجاء (ألف باء) بدون ترتيب". وجاء في الكتب الدينية أن دبورة لم يرتفع قلبها، بل كانت تذكر طقس النساء وتقول إن الرجل هو رأسها (حياة الصلاة الأرثوذكسية ص317، 82، 246). ومع ذلك فقد استعمل رجال الدين هذه الكلمة للدلالة على الأعمال التي يشيرون بها في صلواتهم، إلى بعض الحقائق أو الحوادث الدينية.

ومع أن الذين يتمسكون بالكهنوت الحرفي يعتزون بالطقوس، لكن من تغلغلت كلمة الله في نفوسهم، لا يعبثون، بها. فقد قالوا "إن الذين بلغوا هذه الدرجة من النقاوة، يكونون غير مفتقرين إلى ترتيب الخدمة. لكن بتحركات الروح القدس ترتفع عقولهم عن طقس الصلاة". كما قالوا "ماذا نفعل إزاء النفوس التي تحصنت وراء الطقوس والشكليات، وقبل أن تصل إلى درجة الروحانية، بردت وخمدت واستترت وراء النظام المألوف والصلوات الموضوعة!!" (حياة الصلاة الأرثوذكسية ص85و 86و 471).

(و)-أما القول (إن الكنيسة المسيحية هي إسرائيل العهد القديم، ومن ثم يجب أن تسير العبادة فيها على مثال العبادة اليهودية، بعد صبغها بصبغة مسيحية، لأن المسيح لم يأتِ لينقض الناموس بل ليكمله (متى5: 17)) فلا يجوز الأخذ به. لأنه فضلاً عن أن اليهودية شيء والمسيحية شيء آخر، فالأولى أرضية مادية بينما الثانية سماوية روحية، فإن تكميل المسيح للناموس يراد به نقل الوصايا من المفهوم الحرفي الذي اصطلح عليه اليهود، إلى المفهوم الروحي الذي قصده الله منها (انظر متى5: 21- 22). وإذا طبقنا هذا الشرح على الموضوع الذي نحن بصدده، يكون المراد بتكميل المسيح للناموس هو نقل العبادة من المظهر إلى الجوهر، ومن الرمز إلى الحقيقة، ومن أعمال الجسد إلى أعمال الروح، كما اتضح لنا مما سلف.

(ز)-كان البخور يستعمل عند المسيحيين في القرون الثلاثة الأولى لإصلاح رائحة الكهوف، التي كانوا يجتمعون للصلاة فيها. ثم استعمل عند بعضهم بعد ذلك للغرض الذي كان مستعملاً لأجله لدى اليهود قديماً. وقد عرف الأتقياء من الأرثوذكس أن البخور ليس عنصراً هاماً في العبادة. فقد قالوا "إن رائحة البخور الذكية المرتفعة إلى العلاء ترمز إلى صلوات القديسين (كتاب لماذا أنا أرثوذكسي ص41). كما قالوا "الدموع أثناء الصلاة هي علامة الحياة الطيبة. فاسكبوا الدموع أمام الله لكي تصير صلواتكم كالبخور أمامه" (حياة الصلاة الأرثوذكسية ص459)- وإذا كان الأمر كذلك، يجب أن نكون قديسين في حياتنا حتى تكون عبادتنا مقبولة أمام الله. لأنه لا فائدة من البخور إذا كانت صلواتنا غير مقبولة أمامه، ولا ضرورة لهذا البخور إذا كانت مقبولة. إذ أننا لا نعيش الآن في عهد الرموز بل في عهد الحقائق.

(ح)-كانت الشموع والسرج تستعمل عند المسيحيين في القرون الثلاثة الأولى لإضاءة الكهوف. التي كانوا يجتمعون للصلاة فيها. ثم استعملت بعد ذلك عند بعضهم رمزاً إلى نور الله أو إلى نور الإنجيل. لكن استعمالها لهذا الغرض أو ذاك لا مبرر له على الإطلاق، لأننا لا نعيش في عهد الرموز بل في عهد الحقائق كما ذكرنا. وقد عرفنا من الكتاب المقدس أن السبيل الحقيقي للتمتع بنور الله، هو نقاوة القلب والسلوك بالقداسة أمامه (متى5: 8، عبرانيين12: 14)، وأن السبيل إلى إعلان نور الإنجيل للناس، هو تطبيق تعليم الإنجيل على حياتنا، إذ بهذه الوسيلة يرى الناس أعمالنا الصالحة ويمجدوا أبانا الذي في السموات (متى5: 16)

  • عدد الزيارات: 3141