Skip to main content

الأمر بالمعمودية في بشارة مرقس

مرقس هو كاروز الديار المصرية بلا جدال، ومن العجيب أن مرقس الذي بشر بلادنا لم يعلم فيها بمعمودية الأطفال، وإنما سجل في بشارته الخالدة أمر المسيح الكريم الذي نقرأه في هذه الكلمات

"اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها من آمن واعتمد خلص ومن لم يؤمن يدن" (مرقس 16: 15 و16).

ونرى أن هذا المرسوم الملكي الكريم قد جاء في هذا الوضع.

المادة الأولى: اذهبوا إلى العالم أجمع يقابلها في متى "اذهبوا".

المادة الثانية: اكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها يقابلها في متى "تلمذوا جميع الأمم".

المادة الثالثة: من آمن يقابلها في متى "تلمذوا"

المادة الرابعة: واعتمد يقابلها في متى "عمدوهم"

والفرق الوحيد الذي يلاحظه القارئ بين ما جاء في بشارة متى وما جاء في بشارة مرقس هو أن كلمة "تلمذوا" قابلت في مرقس الكرازة والإيمان. والكرازة هي الطريق إلى الإيمان "كيف يؤمنون بمن لم يسمعوا به وكيف يسمعون بلا كارز وكيف يكرزون إن لم يرسلوا إذاً الإيمان بالخبر والخبر بالكلمة الله" (رو 10: 14، 15، 17)، والإيمان هو الطريق إلى التلمذة، أو بعبارة أدق، أن التلمذة والإيمان صنوين عزيزين، لأن المؤمن الحقيقي هو تلميذ للمسيح ولأن التلميذ الحقيقي هو مؤمن بالمسيح. فلندرس الآن معنى الإيمان، لأن الإيمان هو الشرط الذي وضعه الرب للمعمودية في قوله "من آمن واعتمد خلص" (مرقس 16: 16) فهل يعرف الطفل الصغير معنى الإيمان؟ وإذا لم يكن في مقدور الطفل أن يؤمن إيماناً قلبياً بالمسيح فهل من حقنا أن نعمده بالماء مع أن أمر المسيح في بشارة مرقس أمر يختص بالفرد ذاته لا بوالديه إذ يقول "من آمن واعتمد خلص" أي أن كل واحد يؤمن ويعتمد يخلص؟ فلنتقدم إلى مقادس الكتاب لنرى معنى الإيمان بالمسيح.

1- الإيمان بالمسيح معناه أن يصير المسيح "رباً" في حياتنا، لما جاء سجان فيلبي صارخاً للرسولين بولس وسيلا وقائلاً "يا سيدي ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص" قالا " آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص" (أعمال 16: 30 و31) وهذا يعني أن الإيمان المخلص هو أن يؤمن الفرد بالمسيح رياً ويتوج على حياته ملكاً وسيداً.

2- الإيمان بالمسيح معناه أن نختبر المسيح "مخلصاً" قال بولس للسجان "آمن بالرب يسوع" وكلمة يسوع معناها "المخلص" "فستلد ابناً وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم" (متى 1: 21) "فالمؤمن الحقيقي هو الشخص الذي يثق بقلبه في المسيح كمخلص من سلطان وعقاب الخطية، ويختبر قوة المسيح في تحريره من سلطان خطاياه.

3- الإيمان بالمسيح معناه أن نؤمن بالرب يسوع "مسيحاً" قال بولس للسجان "آمن بالرب يسوع المسيح" أي الممسوح من الله للخلاص كما قال عن نفسه "روح الرب عليّ لأنه مسحني لأبشر المساكين أرسلني لأشفى المنكسري القلوب لأنادي للمأسورين بالإطلاق وللعمى بالبصر وأرسل المنسحقين في الحرية" (لوقا 4: 18).

فهل يستطيع الطفل أن يؤمن بالمسيح، كل هذه المعاني؟ زد على هذا كله توضيح الإيمان كما جاء في رسالة العبرانيين فقد قال بولس الرسول العظيم "وأما الإيمان فهو الثقة بما يرجى والإيقان بأمور لا ترى" (عب 11: 1) فهل يدرك الطفل معنى الرجاء، ويوقن بأمور لا ترى؟! فإذا لم يكن في مقدور الطفل أن يقبل الإيمان في هذا الوضع الحقيقي، فليس في مقدورنا كذلك أن نعمده لأن أمر المسيح الجليل "من آمن واعتمد خلص".

فهل كنت مؤمناً متجدداً يوم أن اعتمدت أيها القارئ الكريم ؟! وهل تثق أن وصية الرب هي لك اليوم كما كانت للذين عاشوا في أيام القدم؟ أم أنت من القائلين أن هذه الوصايا كتبت لأناس عاشوا في غير هذا الجيل؟ أذكر أن السيد قد قال "السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول" (مت 24: 35)، فالوصايا هي بذاتها لكل عصر ولكل جيل. وإلا ففي مقدور كل وحد أن يقول أن وصية الرب "أحبوا أعداءكم" كانت لجيل غير هذا الجيل؟!

  • عدد الزيارات: 2590