الأمر بالمعمودية في بشارة متى
بعد قيامة السيد من بين الأموات، تقابل مع تلاميذه "وكلمهم قائلاً دفع إليّ سلطان في السماء وعلى الأرض فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس وعلموهم أن
يحفظوا جميع ما أوصيتكم به وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر" (مت 28: 18-20) ونلاحظ أن هذا الأمر الملكي جاء في الوضع الآتي:
المادة الأولى: اذهبوا
المادة الثانية: تلمذوا جميع الأمم.
المادة الثالثة: عمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس.
المادة الرابعة: وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به.
والختام تأكيد لرفقة الملك العظيم، ملك الملوك ورب الأرباب للمطيعين لهذا الأمر الجليل. وقد أطاع التلاميذ الأولين أمر سيدهم، فخرجوا ليكرزوا في كل مكان، وكان عملهم هو أن يتلمذوا جميع الأمم ويعمدوهم ويعلموهم.
والشرط الذي نراه هنا قبل المعمودية هو التلمذة، فقد قال السيد لتلاميذه أن يتلمذوا ثم يعمدوا. فما معنى التلمذة للمسيح؟ وهل يقدر الأطفال على إتمام مطاليب التلمذة؟ وهل يعقلوها لينفذوها؟ وإذا لم يكن في مقدورنا أن نجعل الأطفال تلاميذاً للمسيح فهل من حقنا أن نعمدهم مع أن أمر المسيح الصريح أن التلمذة تسبق العماد؟ لنرجع إلى الكتاب المقدس لنرى ما هي مطاليب التلمذة للمسيح وما معناها. فماذا يقول الكتاب عن معنى ومطاليب التلمذة.
1- التلمذة للمسيح معناها أن يكون يسوع هو الأول في الحياة فوق كل الصلات العائلية كما جاء في إنجيل (لوقا 14: 26) "إن كان أحد يأتي إليّ ولا يبغض أباه وأمه وامرأته وأولاده وإخوته حتى نفسه أيضاً فلا يقدر أن يكون لي تلميذاً".
2- التلمذة للمسيح معناها حمل الصليب وإتباع الرب "ومن لا يحمل صليبه ويأتي ورائي فلا يقدر أن يكون لي تلميذاً".
3- التلمذة للمسيح معناها وضع الرب يسوع فوق المال والممتلكات الأرضية "فكذلك كل واحد منكم لا يترك جميع أمواله لا يقدر أن يكون لي تلميذاً" (لوقا 14: 23).
4- التلمذة للمسيح تتطلب الثبوت في كلامه "فقال يسوع لليهود الذين آمنوا به إنكم إن ثبتم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي" (يو 8: 31).
5- التلمذة للمسيح تتطلب الخدمة والإثمار "بهذا يتمجد أبي أن تأتوا بثمر كثير فتكونون تلاميذي" (يو 15: 8).
6- التلمذة للمسيح تتطلب المحبة للإخوة "بهذا يعرف العالم أنكم تلاميذي إن كان لكم حب بعضاً لبعض" (يو 13: 35).
هذه الآيات الصريحة، توضح لنا معنى التلمذة للمسيح ومطاليب هذه التلمذة، وإني أسأل الضمير المخلص الخاضع للحق الإلهي هذه الأسئلة: هل يقدر الطفل الذي لا يعرف كيف يتكلم أن يضع المسيح فوق الصلات العائلية؟ وأن يحمل الصليب ويتبعه. وأن يترك جميع أمواله؟ وأن يثبت في وصايا الرب المبارك؟ وأن يحيا حياة الخدمة المثمرة وأن يحب إخوته المؤمنين وهو لا يعرف كيف يميز بين النور والظلام وبين الخير والشر! وإذا كان من المستحيل أن يصير الطفل الصغير تلميذاً للمسيح، كل هذه المعاني، أليس من الخطأ الأكبر أن نعمده إذ أن أمر المسيح الواضح "تلمذوهم" ثم "عمدوهم " فلا بد أن يصبح الشخص تلميذاً للمسيح وبعد ذلك تجري له فريضة العماد. هذا هو القانون الإلهي الذي يجب أن نطبقه على حياتنا كما هو بدون تحريف أو تبديل فهل كنت تلميذاً للمسيح بهذا المعنى يوم تعمدت؟!
- عدد الزيارات: 3298