اختبار طبيب
نام طبيب شهير على فراش الاحتضار، وأرسل ليدعو راعي كنيسته ليحدثه عن الولادة الجديدة، لأنه أدرك وهو قريب من عالم الخلود أن الميلاد الثاني هو الطريق الوحيد للسماء، جاء الراعي وكان
رجلاً عصرياً لا يفهم شيئاً في الروحيات، فنظر إلى الطبيب المسكين وقال له "هل تريد أن تولد من جديد؟ لا حاجة لك إلى هذا الاختبار، فأنت رجل طيب، فاضل، خدمت المرضى والمساكين، وأعطيت حسنات للفقراء، فلست في حاجة إلى هذا الاختبار القديم" أجاب الطبيب في هدوء "كلا يا حضرة الراعي العزيز، فأنا طبيب ومولد، وكم من أطفال ولدوا على هاتين اليدين، وكلما ولد طفل جديد على أرضنا، كنت أنظر إليه في حسد!! هتف الراعي "وعلى أي شيء كنت تحسد الطفل حديث الولادة؟ قال الطبيب "كنت أحسده يا راعي العزيز، وأقول له يا لك من مخلوق سعيد لأنك بلا ماض..... فلا شيء ضدك أيها الطفل في سجلات السماء.... ولا شيء ضدك في عقلك الباطن..... ولا شيء ضدك في سجلات البوليس والمحاكم..... نعم يا حضرة الراعي إن الطفل الوليد لا ماضي له، ولا شكوى ضده، ولا خطية في سجلات حياته، فأنا في حاجة إلى أن أولد من جديد ليمحو الله ماضي، ويغسل الإثم من سجلات حياتي، ويطهر قلبي وضميري، وهذا الاختبار هو معجزة لا بد أن أنالها من الله رب المعجزات، إذ لا يمكن الحصول عليه بالأعمال".
فهل تمتعت أيها القارئ بهذا الاختبار الحلو؟ هل طهر الله ماضيك بدم المسيح؟ هل تأكدت من أنك أصبحت خليقة جديدة؟!
ج- إنه ليس بالعشاء الرباني ولا بالانضمام لعضوية كنيسة
اسمع أحدهم يقول "ولكن أليس العشاء الرباني هو طريق نوال الميلاد الثاني؟" ألم يقل المسيح "من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية؟".
وأجيب هذا السائل الكريم ببضعة أسئلة أرجو أن يجيب عليها بإخلاص، وهذه الأسئلة سوف تريه في تأكيد كامل أن الميلاد الثاني لا يعطي بالتناول من عشاء الرب.
1- لو كان التناول من عشاء الرب هو طريق نوال الميلاد الثاني، فما ضرورة التبشير والوعظ والعمل الفردي، أفما كان الأجدر والأجدى أن نقنع الخطاة أن يتناولوا من عشاء الرب لينالوا الخلاص والحياة الأبدية؟!
2- لو كان عشاء الرب هو طريق نوال هذا الاختبار الحي فلماذا قال رسول الأمم "إذاً أي من أكل هذا الخبز أو شرب كأس الرب بدون استحقاق يكون مجرماً في جسد الرب ودمه" (1كو 11: 27) وما علة الإجرام إن كان التناول من عشاء الرب هو طريق الخلاص والتجديد والغفران؟!
3-لو كان عشاء الرب هو طريق نوال الاختبار فلماذا يقول الرسول "ولكن ليمتحن الإنسان نفسه وهكذا يأكل من الخبز ويشرب من الكأس" (1كو 11: 28)، والامتحان هو لمعرفة إن كنا قد قبلنا الإيمان المخلص أم لا، كما يقول في موضع آخر "جربوا أنفسكم هل أنتم في الإيمان. امتحنوا أنفسكم. أم لستم تعرفون أنفسكم أن يسوع المسيح هو فيكم إن لم تكونوا مرفوضين" (2كو 13: 5)، هل تقدر أن تخرج من الإجابة على هذه الأسئلة بالقول إن العشاء الرباني هو طريق نوال الميلاد الثاني؟.... كلا
لماذا؟ لأن عشاء الرب هو الوليمة الثمينة لأولاده المولودين منه، وهو ذكرى الفداء لأشخاص أدركوا معنى الفداء وتمتعوا به في اختبارهم الشخصي، وهو وسيلة الإخبار بموت الرب إلى أن يجيء.... فكيف يذكر الغير المولود من الله شيئاً لا علاقة له به؟ وكيف يخبر الخاطئ السائر في خطاياه عن موت الرب الذي ماته لأجل خلاص الخطاة؟ وكيف يشترك ابن إبليس على مائدة الرب قبل أن يصبح ابناً لله؟!
إن الشخص الذي ينضم إلى كنيسة ما، ويتناول من مائدة الرب قبل أن يولد الميلاد الثاني، هو شخص مجرم في جسد الرب ودمه، وهو هالك ومسكين....
في سفر الأعمال الأصحاح الثاني نجد كلمات توضح لنا هذا الحق الثمين، فنقرأ "وكان الرب كل يوم يضم إلى الكنيسة.....من؟!
هل قال الكتاب الذين يتناولون العشاء الرباني؟ كلا
هل قال الذين يعتمدون بالماء قبل الإيمان؟ كلا
يقول الكتاب المقدس في عبارة واضحة "وكان الرب كل يوم يضم إلى الكنيسة الذين يخلصون" (أعمال 2: 47)، وبعد أن كان الخطاة يخلصون وينضمون إلى الكنيسة نقرأ عنهم "وكانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز- أي العشاء الرباني- والصلوات" (أعمال 2: 42).
فالميلاد الثاني أو الخلاص يأتي أولاً، ثم تعقبه معمودية الماء، وبالميلاد الثاني يصبح الفرد عضواً في بيت الله، وبعدئذ يواظب على كسر الخبز أو التناول من عشاء الرب.
فهل وثقت من هذا الحق يا صديقي القارئ.... أطلب هذا الاختبار من الله وأذكر كلمات السيد وهي ترن في أرجاء الأرض "الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله".
2- الميلاد الثاني هو اختبار من الماء والروح:
قال المسيح لنيقوديموس "الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله" (يو 3: 5) وكثيرون يفسرون هذه الآية بأنها تشير إلى معمودية الماء، ويقولون إن معمودية الماء هي طريق نوال اختبار الميلاد الثاني.
لكن هذا التفسير يناقض كلمات الكتاب المقدس الواضحة، فبولس يكتب إلى جماعة الكورنثيين قائلاً "لأنه وإن كان لكم ربوات من المرشدين في المسيح لكن ليس آباء كثيرون. لأني أنا ولدتكم في المسيح يسوع الإنجيل" (1كو 4: 15)، ومعنى هذه الكلمات أن الكورنثيين قد نالوا اختبار الميلاد الثاني، فلو كانت المعمودية هي طريق نوال الميلاد الثاني لوجب أن يكون بولس قد عمدهم بالماء، ولكننا نقرأ كلماته في ذات الرسالة وهو يقول "أشكر الله إني لم أعمد أحداً منكم" (1كو 1: 14) وبمقارنة الآيتين معاً نجد أن بولس ينفي بصراحة أن المعمودية بالماء هي الميلاد الثاني بل يقول أكثر من ذلك "أشكرك الله إني لم أعمد أحداً منكم.... لأن المسيح لم يرسلني لأعمد بل لأبشر" (1كو 1: 14 و17)
وقد يقول قائل إذا كانت المعمودية بالماء ليست هي طريق نوال اختبار الميلاد الثاني، لأن الآية تتكلم عن ميلاد من الماء والروح وليس عن عماد بالماء والروح.... فما المعنى الذي قصده المسيح عندما قال "إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله"
وهنا نعود إلى الكلمة المقدسة ونتركها تشرح لنا نفسها بنفسها "قارنين الروحيات بالروحيات" (1كو 2: 13). وإذ نعود إلى الأصحاح الخامس والخمسين من سفر أشعياء نقرأ هذه الكلمات "لأنه كما ينزل المطر والثلج من السماء ولا يرجعان إلى هناك بل يرويان الأرض ويجعلانها "تلد" وتنبت وتعطى زرعاً للزارع وخبزاً للآكل هكذا تكون كلمتي التي تخرج من فمي لا ترجع إليّ فارغة بل تعمل ما سررت به وتنجح في ما أرسلتها له" (أش 55: 10 و11) وفي هذه الآية تحدث أشعياء فأرانا أن كلمة الله هي طريق الميلاد الثاني، وأنها تشبه الماء الذي يجعل الأرض تلد وتنبت.... وهذا الكلام يؤكده ما قاله الرسول، فبطرس يقول: "مولودين ثانية لا من زرع يفنى بل مما لا يفنى بكلمة الله الحية الباقية إلى الأبد" (1بط 1: 23).
ويعقوب يقول "شاء فولدنا بكلمة الحق لكي نكون باكورة من خلائقه" (يعقوب 1: 18)، وبولس يضع الماء والكلمة في آية واحدة فيقول "أحب المسيح أيضاً الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها لكي يقدسها مطهراً إياها بغسل الماء بالكلمة" (أفسس 5: 25 و26) ومن هذه الآيات الجلية يتبين لنا، أن الميلاد بالماء والروح يعني الميلاد بتأثير كلمة الله إذ يستخدمها روح الله في القلب، وهذا هو ذات ما قاله بولس للكورنثيين "لأني أنا ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل" (1كو 4: 15).
فهل ولدت من تأثير كلمة الله يا قارئي الكريم، هل عمل الروح القدس في قلبك بقوة الكلمة الحية الفعالة فجددك، أذكر كلمات المسيح "الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله" وثق أن هذه الكلمات لا تعني قط المعمودية بالماء، فاللص على الصليب لم يعتمد بالماء إذ لم يكن له فرصة للعماد فلو كان الميلاد الثاني هو المعمودية لوجب أن نقول إن اللص على الصليب لم يدخل السماء لأنه لم يولد الميلاد الثاني الذي هو الشرط الأساسي لدخول ملكوت الله، لكن اللص قد ولد الميلاد الثاني بتأثير كلمة المسيح ورؤيا ذبيحة الكفارية ولذلك قال له المسيح بعد أن أعترف بألوهيته "الحق أقول لك إنك اليوم تكون معي في الفردوس" (لوقا 23: 43) فأقبل الآن كلمة الله والشهادة التي شهد بها عن ابنه، ودع روح الله يستخدم هذه الكلمة في قلبك لتنال هذا الاختبار الثمين.
3- الميلاد الثاني هو اختبار يحدثه الروح القدس:
أكد المسيح لنيقوديموس ضرورة نوال الميلاد الثاني بهذه الكلمات " "المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح هو روح لا تتعجب أني قلت لك ينبغي أن تولدوا من فوق الريح تهب حيث تشاء وتسمع صوتها لكنك لا تعلم من أين تأتي ولا إلى أين تذهب. هكذا كل من ولد من الروح" (يو 3: 6 و7).
الميلاد الثاني إذاً هو عمل الروح القدس رأساً كما قال الرسول بولس "لا بأعمال في بر عملناها نحن بل بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس" (تيطس 3: 5).
وروح الله قد يستخدم أبسط الأشياء في تجديد الفرد، فقد يستخدم نبذة بسيطة، أو قصة مؤثرة، أو عظة ضعيفة، أو آية مطبوعة أو حادثة من الحوادث، وإليك قصة توضح هذه الحقيقة
- عدد الزيارات: 2883