الدرس السابع والخمسون: الوصية الثالثة: احترام اسم الله المقدس
الوصية الثالثة التي أعطاها الله تعالى هي: "لا تنطق باسم الرب إلهك باطلاً، لأن الرب لا يبرئ من نطق باسمه باطلاً".
صيغت هذه الوصية في قالب سلبي وفيها دروس سلبية وأخرى إيجابية وسنبحث في تعاليمها على ضوء سائر تعاليم الكتاب.
قبل كل شيء يتطلب منا الله تعالى بألا ننطق باسمه باطلاً أي ألا نعمد إلى استعمال اسمه القدوس بطرق غير مناسبة أو في كلمات قبيحة أو منافية لشريعته الأخلاقية. وكذلك يتطلب منا في هذه الوصية بألا نعمد إلى الصمت عندما تُكسر هذه الوصية بشكل كبير من قِبل العديد من الناس. علينا أن نكون مشبعين بغيرة وحماسة مقدسة لاسم الرب إلهنا ولا نكون مشاركين للناس في كسرهم لهذه الوصية بصمتنا لدى سماعنا للمسبات واللعنات التي تنهال من أفواه الناس في كل مناسبة.
وكذلك تتطلب منا هذه الوصية بألا نستعمل اسم الخالق تعالى إلا بكل لياقة وخشوع واحترام لأننا عندما نتفوه باسمه القدوس نكون متفوهين بأعظم وأكبر اسم في الوجود. وإن كنا نُظهر احترامنا في هذه الدنيا لأسماء الملوك والرؤساء والعظماء فكم بالحري ينبغي أن نُظهر احترامنا لاسم بارينا ومخلصنا ومجددنا؟
وكما رأينا في درس سابق أن الله عندما ينهانا في وصاياه عن أمر ما إنما يكون طالباً منا بأن نقوم بعكسه أي أنه تعالى عندما يطلب منا بألا ننطق باسمه باطلاً إنما يطلب منا بل يأمرنا بأن ننطق باسمه ونعترف به في كل مناسبة ذاكرين للملأ بأننا إنما نعبد الله الواحد الحقيقي الآب والابن والروح القدس الذي ننال كل خير وبركة ولاسيما نعمة الخلاص العظيم من سلطة الخطية وطغيان إبليس الرجيم. وبما أننا نحيا دوماً في حضرة إلهنا القدوس وبما أنه عليم بكل شيء فإن كلامنا يجب أن يكون دوماً كلاماً صادقاً مبتعدين ليس فقط عن الكذب بل عن كل أمر مناوئ لروح هذه الوصية. ولذلك ينبغي ألا نلجأ إلى القسم في حالات اعتيادية عندما يكفينا القول: نعم نعم أو لا لا. يجب أن نُعلّم الناس الذين نحتك بهم في حياتنا الاجتماعية اليومية أننا إنما نتكلم بالصدق وأننا لا نبغي الغش أو الخداع ولذلك فإنه ليس علينا جلب اسم الله إلى كل جملة نتفوه بها. طبعاً هذا لا يعني أن الله يأمرنا في هذه الوصية بألا نلجأ إلى القسم بصورة مطلقة: تعليم الوصية صريح في نصها: لا تنطق باسم الرب إلهك باطلاً، وهذا يعني أنه توجد هناك حالات أو ظروف عندما يتوجب على الإنسان أن يستعين باسم الله وذلك بصورة خاصة أثناء قيامه بوظيفة شاهد في المحاكم الرسمية أو عندما يُطلب من الإنسان أن يشهد بأن ما كتبه أو صرّح به أمام سلطات حكومية هو الحقيقة بعينها. في هكذا حالات يُقسم المؤمن باسم الله ويشهد بأنه يتكلم الصدق أمام الله.
ويتوجب على كل منا أن يسأل نفسه هذه الأسئلة فيما يتعلّق بحفظ الوصية الثالثة التي تأمرنا بأن نحترم اسم الله القدوس:
أولاً: هل طردتُ من أفكاري ومن لغتي جميع الكلمات والتعابير والمفردات التي تُستعمل بشكل كبير من قبل كاسري هذه الوصية؟
ثانياً: هل أتكلم عن الله بطريقة تتفق مع إيماني به كإله قدوس خالق الكل وباري البشر ومنبع جميع الخيرات والبركات ولاسيما الخلاص والتحرير من الشر؟
ثالثاً: هل ابتعد كل الابتعاد عن انتقاد أعمال الله ونظامه في هذا الكون؟
رابعاً: هل أقرأ كلمة الله بطريقة تتفق مع كرامة الله وقداسة اسمه؟
خامساً: هل أظهر الخشوع والاحترام أثناء خدمة العبادة الجمهورية أي عندما أذهب لعبادة الله في بيته مع سائر المؤمنين وهل أُنصت بانتباه إلى تلاوة كلمته المقدسة والمناداة بالإنجيل وكأن الله يتكلم معي شخصياً معطياً إياي كل ما أنا بحاجة إليه في حياتي الروحية؟
سادساً: هل أهب للدفاع عن قداسة اسم الله عندما ينطق الناس باسمه باطلاً؟
ونظراً لأن هذه الخطية أي خطية كسر الوصية الثالثة هي شائعة جداً في أيامنا هذه يجدر بكل من نال خلاص الرب وذاق نعمة التحرير من سلطان الخطية أن يُظهر للملأ بأنه يحيا ويعمل لمجد اسم الله القدوس وأنه يحزن جداً من كل كسر لهذه الوصية وأنه يشهد بواسطة الكلمة الإلهية قائلاً ومحذراً:
لا تنطق باسم الرب إلهك باطلاً لأن الرب لا يبرئ من نطق باسمه باطلاً.
وأخيراً نأتي على ذكر بعض الآيات الكتابية المتعلقة بموضوعنا هذا:
قال الله بواسطة عبده اشعياء النبي عن موضوع اسمه:
"من أجل اسمي أُبطّئ غضبي ومن أجل فخري أمسك عنك حتى لا أقطعك. هأنذا قد نقيتك وليس بفضة، اخترتك في كور المشقة. من أجل نفسي، من أجل نفسي أفعل، لأنه كيف يدنس اسمي؟ وكرامتي لا أعطيها لآخر" (48: 9- 11).
وكذلك قال الرب بواسطة عبده النبي حزقيال عن اسمه القدوس:
"لذلك فقل لبيت إسرائيل: هكذا قال السيد الرب: ليس لأجلكم أنا صانع يا بيت إسرائيل بل لأجل اسمي القدوس الذي نجّستموه في الأمم حيث جئتم، فأقدس اسمي العظيم المنجّس في الأمم الذي نجستموه في وسطهم فتعلم الأمم أني أنا الرب يقول السيد الرب حين أتقدس فيكم قدام أعينهم" (36: 22و 23).
- عدد الزيارات: 4532