Skip to main content

الدرس السابع والثلاثون: الكنيسة المسيحية ومغفرة الخطايا

لم ننته في الدرس السابق من دراستنا لموضوع الكنيسة المسيحية ولذلك نبدأ هذا الدرس بالتأمل في موضوع الكنيسة ذاكرين العبارة الأخيرة التي ترد في قانون الإيمان بخصوص الكنيسة أي الكنيسة الرسولية. ماذا نعني بكلمة رسولية؟

تُشير هذه العبارة إلى رسل المسيح الذين دعاهم للمناداة بالإنجيل ولتأسيس الكنيسة في سائر أنحاء العالم. فبما أن السيد المسيح لم يبق على الأرض بعد قيامته من الأموات بل صعد إلى السماء بعد مدة أربعين يوما طلب من التلاميذ الذين كانوا قد التصقوا به منذ بدء حياته العلنية بأن يذهبوا إلى العالم بأسره منادين بخبر الإنجيل المفرح. وكل من آمن بالإنجيل تائبا عن خطاياه كان يُصبح عضوا في كنيسة المسيح. وبما أن التلاميذ أُرسلوا مِن قِبل الرب يسوع فإننا ندعوهم بالرسل وندعو الكنيسة التي أسسوها بالكنيسة الرسولية وذلك لِفصلها عن البدع والجماعات الكاذبة التي ظهرت منذ أوائل عهد المسيحية والتي كانت لا تَعترف بالإنجيل ولا بنقاوته. وقد دعا أيضا السيد المسيح شاوول الطرسوسي للقيام بمهمة خاصة إلا وهي نشر الإنجيل بين الأمم الوثنية وصار يُسمى بعد اهتدائه باسم الرسول بولس. وفي تدبير الله الخلاصي نلاحظ أيضا أن بعض الرسل تركوا لنا كتاباتهم بشكل رسائل أُرسلت إلى الكنائس الفتية في عالم المتوسط. وقد حُفِظت هذه الرسائل لنا بعناية الكنيسة وتحت إرشاد روح الله القدوس وعُدَّت منذ العصر الأول كجزء هام من كلمة الله أي من الكتاب المقدس. في هذه الرسائل نلاحظ كيف أن رسل المسيح شرحوا وفسروا طبيعة العمل الخلاصي العظيم الذي أتمه السيد المسيح. يمكن النظر إلى الرسل تحت قيادة المسيح وبواسطة إرشاد الروح القدس كأسس الكنيسة المسيحية. ولذلك إن لم نبق على الأساس الذي وضعوه لا نكون أمناء للرب الذي دعاهم. والأساس الذي وضعوه لا نكون أمناء للرب الذي دعاهم. والأساس الذي وضعوه هو الآن قسم هام من الكتاب وليس إلا التعاليم الموحى بها من الله التي هي ذات منفعة لكل إنسان لأنها تُخبرنا عن طريقة الخلاص من الخطية وكيفية الحياة بصورة تتفق مع المشيئة الإلهية وعن الرجاء العظيم الذي لكل مؤمن أي رجوع المسيح إلى العالم لإظهار مجد ملكوته الأبدي. الكنيسة هي رسولية إذن بمعنى أنها تحيا وتعيش حسب تعاليم الرسل وتُمَجِّد رب الكنيسة وسيدها الوحيد: يسوع المسيح.

نأتي بعد هذا البحث إلى الكلام عن مغفرة الخطايا. الإنسان حسب طبيعته الحالية الساقطة لا يغفر لقريبه الإنسان أخطاءه أو زلاته. المغفرة هي فوق طاقة الإنسان الطبيعي ولكن الله ذاته يُعلن لنا في الإنجيل إنه هو تعالى يَغفر لنا خطايانا نظرا لموت يسوع المسيح الكفاري على الصليب. والله يؤكد لنا هذا الأمر المخالف لفكر بني الإنسان في كلمته ولذلك علينا أن نؤمن ونعترف بغفران الخطايا ذلك الغفران الإلهي الذي يفوق كل عقل وتصور. وهذه بعض الآيات الكتابية عن موضوع الغفران:

قال الرب بواسطة أشعياء النبي:

" هلم نتحاجج يقول الرب: إن كانت خطاياكم كالقِرْمز تَبْيَض كالثلج، إن كانت حمراء كالدودي تَصير كالصوف" (1: 18).

وقال الرسول بولس في رسالته الثانية إلى كورنثوس:

" ولكن الكل من الله الذي صالحنا لنفسه بيسوع المسيح وأعطانا خدمة المصالحة أي أن الله كان في المسيح مصالحا العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم وواضعا فينا كلمة المصالحة. إذن نسعى كسفراء عن المسيح تصالحوا مع الله. لأنه جعل الذي لم يَعرِفْ خطية خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه" (5: 18- 21).

وهكذا يقدر كل مؤمن اختبر خلاص الرب في حياته أن يقول عن موضوع الغفران أو مغفرة الخطايا: إن الله بنعمته المجانية ونظرا للثمن الذي دفعه يسوع المسيح على الصليب لن يذكر مطلقا خطاياي وطبيعتي الساقطة (التي يجب عليّ أن أكافحها في كل أيام حياتي على الأرض) بل أنه تعالى يمنحني بنعمته المجانية أيضا بر يسوع المسيح، وهكذا لن أُدان مطلقا متى ظهرت أمام العرش الإلهي.

وهذه بعض الآيات التي تُظهر حقيقة ما تقدم:

قال الله بواسطة عبده أشعياء النبي: " أنا أنا هو الماحي ذنوبك لأجل نفسي وخطاياك لا أذكرها" (43: 25).

وقال السيد المسيح:

" الحق الحق أقول لكم: إن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية ولا يأتي إلى دينونة بل قد انتقل من الموت إلى الحياة" (الإنجيل حسب يوحنا 5: 24).

" لأنه لم يُرسل الله ابنه إلى العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم. الذي يؤمن به لا يُدان والذي لا يؤمن به قد دين لأنه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد" (الإنجيل حسب يوحنا 3: 17و 18).

وهذه المغفرة لم يستحقها أي بشري ولا يقدر أن ينالها بواسطة الأعمال لأن أعمال كل إنسان ملوثة بالخطية. المسيح يسوع وحده قادر بأن يدفع ثمن الخطية التي ارتكبها الإنسان ولذلك فإن مغفرة الخطايا تُقبل بالإيمان ولا تُكتَسب بالأعمال.

وقد كتب الرسول بولس عن هذا الموضوع قائلا:

" الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله. متبررين مجانا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه لإظهار بره من أجل الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال الله" (الرسالة إلى أهل رومية 3: 23- 25).

وكذلك كتب الرسول يوحنا في رسالته الأولى قائلا:

" أكتب إليكم أيها الأولاد لأنه قد غُفرت خطاياكم من أجل اسمه" (2: 12).

  • عدد الزيارات: 4876