الدرس الثلاثون: ثمار قيامة الرب يسوع المسيح
علينا أن نتذكر أن الرب يسوع المسيح تجسد وتألم وقبر وقام من أجل إنجاز العمل الخلاصي الذي يهم كل بشري. وهكذا فإننا لا نأتي على ذكر موضوع القيامة إلا ونذكر موضوع الثمار التي يجتنيها المؤمنون من قيامة المسيح. فجميع هذه الدروس الكتابية ليست عبارة عن دراسات تاريخية تعليمية فقط بل إنها دروس حياتية لها علاقة بصميم حياتنا على الأرض وخاصة بحياتنا في الدهر الآتي. ولذلك لا تقدر أن نحصر اهتمامنا في التأكد من حدوث القيامة وأنها كانت قيامة حقيقية وواقعية وجسدية بل علينا أن ننتقل إلى الكلام عن النتائج العملية التي تنتج عن قيامة السيد المسيح في حياة جميع المؤمنين به إيمانا شخصيا وحقيقيا أي جميع الذين لهم إيمان خلاصي بالرب.
أولا: أظهر السيد المسيح بقيامته من الأموات إنه كان بالحقيقة ابن الله وبانتصاره على الموت والخطية كسب لنا ذلك البر الذي نتمتع به الآن نحن الذين نؤمن به ونعترف به كرب ومخلص. فلولا قيامة المسيح لما كان هناك أية قيمة لتعاليمه ولمعجزاته، إذ أنه لو مات ولم يَقُم من الأموات ولم ينتصر على الخطية والموت لكان قد أظهر بأنه لم يكن ما أكد عن نفسه أثناء وجوده على الأرض: أي عن كونه ابن الله المُرسل إلى العالم للقيام بمهمة معينة ألا وهي الانتصار على الشيطان والخطية وتحرير وفداء الناس من العبودية الروحية الغاشمة التي يرزحون تحتها. إنه من المستحيل الإيمان بيسوع المسيح إن لم يكن قد قام من الأموات. وكما قال الرسول بولس في رسالته الأولى إلى كورنثوس معلقا على قول البعض المتأثرين بالفلسفة اليونانية التي كانت تُنكر القيامة وإمكانيتها:
" إن لم يكن المسيح قد قام فباطلة كرازتنا وباطل أيضا إيمانكم... إن لم يكن المسيح قد قام فباطل إيمانكم: أنتم بعد في خطاياكم، إذن الذين رقدوا في المسيح أيضا هلكوا... ولكن الآن قد قام المسيح من الأموات وصار باكورة الراقدين" (15: 14و 17و 20).
وقيامة السيد المسيح تؤكد لنا بطريقة قطعية موضوع تجسده أي مجيئه إلى العالم وأخذه طبيعة بشرية من العذراء مريم وبواسطة الروح القدس. مات المسيح حقا عن خطايانا وقام من أجل تبريرنا. وهكذا نلاحظ مرحلتين هامتين في عمل يسوع الخلاصي: أولا موته عن خطايا المؤمنين به، وثانيا قيامته من أجل منحهم نعمة التبرير. وقد تكلم السيد له المجد أثناء خدمته على الأرض عن القسم الأول من عمله الإنقاذي الفدائي أكثر من القسم الثاني الذي تكلم بوضوح الرسل بعد أن تمت قيامة الرب. وهذا ما يفسر لنا وجود الرسائل في العهد الجديد لأن الرسائل ليست إلا عبارة عن تفاسير موحى بها من الله كُتبت لتفسير العمل الخلاصي العظيم الذي أتمه المسيح وخاصة نتائج قيامته من الأموات في حياة جميع معتنقي الإيمان به كمخلص ورب.
نأتي الآن على ذكر بعض الآيات الكتابية التي تُعلِّق على ثمار موت المسيح وقيامته في حياة المؤمنين به:
كتب الرسول بولس في رسالته إلى رومية:
" ولكن لم يُكتب من أجله وحده- أي من أجل إبراهيم الذي تبرّر بالإيمان- إنه حُسِب له بل من أجلنا نحن أيضا الذين سَيُحْسَب لنا الذين نؤمن بمن أقام يسوع ربنا من الأموات الذي أُسلِم من أجل خطايانا وأُقيم لأجل تبريرنا" (4: 23- 25).
وكتب الرسول بطرس عن الموضوع ذاته قائلا في رسالته الأولى:
" مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الأموات لميراث لا يفنى ولا يتدنَّس ولا يضمحل محفوظ في السموات لأجلكم، أنتم الذين بقوة الله محروسون بإيمان لخلاص مُستعد أن يعلن في الزمان الأخير" (1: 13).
ثانيا: إن كنا بالحقيقة قد اشتركنا مع المسيح بقيامته فإننا منذ الآن قد أُقمنا لحياة جديدة بواسطة قوة المسيح لنخدم الله ولنعيش بقداسة حسب مشيئته. فالتبرير الذي نحصل عليه نظرا لقيامة السيد المسيح من الأموات يُمَكِّننا حالا من الاستفادة من قيامة روحية ويُعطينا الإمكانية لممارسة الأعمال الصالحة عائشين حياة جديدة. ليس هناك أي شيء نظري أو خيالي إذن في عقيدة التبرير لأنها ترتكز بصورة مباشرة على حقيقة القيامة التي هي حادثة واقعية كما يشهد لذلك كتاب الله المقدس.
وهذه بعض الشواهد الكتابية:
كتب الرسول بولس في رسالته إلى رومية:
" أتجهلون أننا كل من اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته فَدُفِنَّا معه بالمعمودية للموت حتى كما أُقيم المسيح من الأموات بمجد الأب هكذا نسلك نحن أيضا في جِدة الحياة" (6: 3و 4).
وفي الرسالة إلى أهل أفسس ذكر الرسول مايلي عن قيامتنا مع المسيح:
" الله الذي هو غني في الرحمة من أجل محبته الكثيرة التي أحبنا بها ونحن أموات بالخطايا أحيانا مع المسيح" (2: 4و 5).
وفي الرسالة الثانية إلى كورنثوس نجد كلمات الرسول بولس هذه:
" إذن إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة، فالأشياء القديمة قد مضت، وهوذا أشياء جديدة قد حدثت" (5: 17).
ثالثا: إن قيامة السيد المسيح هي عربون قيامتنا نحن من الأموات في اليوم الأخير.
إن موضوع القيامة لموضوع هام بالنسبة لكل إنسان وقيامة المسيح تؤكد لنا أن هذا الأمر سيتم بقوة الله وإن قيامة المؤمنين به ستكون قيامة سعيدة بعكس قيامة الأشرار للشقاء الأبدي.
" فإن سيرتنا نحن هي في السموات التي منها أيضا ننتظر مخلصا هو الرب المسيح الذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده" (الرسالة إلى أهل فيلبي 3: 20و 21).
- عدد الزيارات: 13230