الدرس التاسع والعشرون: قيامة السيد المسيح من الأموات
عندما نعترف بإيماننا المسيحي الكتابي نقول عن السيد المسيح مايلي: تألم وقُبر وقام في اليوم الثالث كما في الكتب: أي أننا لا نعترف فقط بموته على الصليب بل بقيامته المجيدة من الأموات أيضا. وهكذا بعد أن انتهينا في درسنا السابق من تعاليم الكتاب المقدس في البحث في موضوع آلام ربه البدلي لا بد لنا من متابعة الكلام عن الإنجيل باحثين في موضوع القيامة أي قيامة السيد المسيح من الأموات والفائدة التي يجتنيها كل مؤمن من هذه القيامة.
قبل كل شيء نقول أننا بكلمات قانون الإيمان التي نعترف بها والتي نشير إلى موضوع قيامة الرب يسوع المسيح إنما نُشير إلى قيامة المخلص الحقيقية الجسدية. إننا لا نكون متكلمين عن قيامة روحية أو فكرية أو عقلية بل عن واقع جرى ووصفه لنا البشريون الملهمون بدون أن يتركوا في وصفهم أي مجال للشك. قام المسيح وقام وجسديا أي بجسد القيامة المجيد وبذلك أظهر انتصاره التام على الموت والخطية. أعلن بقيامته من الأموات المسيح يسوع ظفره النهائي على الموت وقيَّد الشيطان وأعوانه. ولذلك نسمعه له المجد وهو يقول لرسوله يوحنا قرب نهاية القرن الأول الميلادي:
" لا تخف. أنا هو الأول والآخر وكنت ميتا وها أنا حي إلى أبد الآبدين، آمين. ولي مفاتيح الهاوية والموت" (الرؤيا 1: 17و 18).
ومن المهم أن نلاحظ أن كُتَّاب الأسفار المقدسة في العهد الجديد وصفوا لنا بدقة موضوع القيامة وعلقوا عليه أهمية عظمى لأن كل شيء يتعلق بالقيامة. بدون القيامة ليس هناك مسيح حقيقي تاريخي ولا مسيحية حقيقية تاريخية. عندما صُلِب السيد المسيح حتى تلاميذه شكوا فيه وأنكره بطرس الشجاع. وهكذا يمكننا القول بأنهم لم يكونوا منتظرين قيامته ولذلك عندما وصلتهم أخبار القيامة في بادئ الأمر لم يصدقوها، وكما كتب لنا الطبيب لوقا: " فتراءى كلامهن لهم كالهذيان ولم يصدقوهن" (24: 11) ولكن عندما ظهر الرب لهم وتكلم معهم وأراهم يديه ورجليه آمنوا وسجدوا له وأخذوا منه التعليمات المتعلقة بالمناداة بإنجيل الخلاص والتحرير والإنقاذ. بدون القيامة لا نقدر مطلقا أن نفهم أو نفسر من الناحية البشرية والنفسية كيف قام تلاميذ المسيح بنشر الدعوة المسيحية. تُفَسّر القيامة وحدها كيف استطاع بطرس الذي أنكر ربه وسيده من أن يقف في اليوم الخمسين في الجموع العديدة في مدينة القدس وأن يقول عن موضوعنا هذا وبدون خوف أو وجل أو اضطراب:
" يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم كما أنتم أيضا تعلمون. هذا أخذتموه مسلَّما بمشورة الله المحتومة وعلمه السابق وبأيدي أثمة صلبتموه وقتلتموه، الذي أقامه الله ناقضا أوجاع الموت إذ لم يكن ممكنا أن يُمسك منه. لأن داود يقول فيه: كنت أرى الرب أمامي في كل حين أنه عن يميني لكي لا أتزعزع. لذلك سُرَّ قلبي وتهلل لساني حتى جسدي أيضا سيسكن على رجاء، لأنك لن تترك نفسي في الهاوية ولا تدع قدوسك يرى فسادا. عرَّفتني سُبل الحياة وستملأني سرورا مع وجهك. أيها الرجال الأخوة: يسوغ أن يقال لكم جهارا عن رئيس الآباء داود أنه مات ودُفِن وقبره عندنا حتى هذا اليوم. فإذ كان نبيا وعلم أن الله حَلَفَ له بقسم أنه من ثمرة صُلبة يُقيم المسيح حسب الجسد لِيَجلس على كرسيه، سبق فرأى وتكلم عن قيامة المسيح أنه لم تترك نفسه في الهاوية ولا رأى جسده فسادا. فيسوع هذا أقامه الله ونحن جميعا شهود لذلك. وإذ ارتفع بيمين الله وأخذ موعد الروح القدس من الآب سكب هذا الذي أنتم الآن تبصرونه وتسمعونه. لأن داود لم يَصعد إلى السموات، وهو نفسه يقول: قال الرب لربي: اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك. فليعلم يقينا جميع بيت اسرائيل أن الله جعل يسوع هذا الذي صلبتموه أنتم ربا ومسيحا" (أعمال الرسل 2: 22- 36).
وبعد مدة قصيرة من يوم الخمسين أعاد الرسول ذكر هذا الموضوع مُظهرا أهميته لدى الكنيسة الرسولية وقال بعد معجزة شفاء رجل أعرج:
" إن إله إبراهيم واسحق ويعقوب إله آبائنا مجّد فتاة يسوع الذي أسلمتموه أنتم وأنكرتموه أمام وجه بيلاطس وهو حاكم باطلاقه. ولكن أنتم أنكرتم القدوس البار وطلبتم أن يوهب لكم رجل قاتل، ورئيس الحياة قتلتموه الذي أقامه الله من الأموات ونحن شهود لذلك" (أعمال الرسل 3: 13- 15).
- عدد الزيارات: 4581