Skip to main content

الدرس الثالث والعشرون: الفادي يسوع المسيح

كنا نبحث في دروسنا السابقة عن تعليم الكتاب المختص بكلمتي: يسوع المسيح اللتين تُستعملان لدى الكلام عن الفادي الذي أرسله الله لتتميم خلاص البشرية من الخطية. وفي هذه الدروس نتبع قانون الإيمان المبني على تعاليم الكتاب المقدس. وهنا نورد ما نعترف به في هذا القانون عن السيد له المجد ونقول مع سائر المؤمنين في شتى العصور والأقاليم:

" نؤمن برب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد المولود من الآب قبل كل الدهور، إله من إله نور من نور، إله حق من غله حق، مولود غير مخلوق، مساو للآب في الجوهر، الذي به كان كل شيء"

وبما إننا تكلمنا باختصار عن كلمتي يسوع ومسيح نأتي الآن إلى الكلام عن هذه العبارة الكتابية: ابن الله الوحيد.

وهنا نبدأ بالقول أننا عندما نستعمل كلمة ابناء الله بالنسبة للمؤمنين لا نكون بذلك مشيرين إلى نفس العلاقة الكائنة بين الله الآب والابن. يَصير المؤمن ابن الله بمعنى أن الله يتبناه وينظر إليه نظرة خاصة لأن الإنسان حسب حالته الطبيعية لا يقدر أن يقول أنه ابن الله أو أن ينظر إلى الله كأبيه السماوي. وهذا التعليم شدد عليه الرسول يوحنا عندما كتب في مقدمة الإنجيل الذي يحمل اسمه قائلا: " وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنين باسمه، الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله" (1: 12و 13) وهنا يتكلم الرسول عن الذين قبلوا المسيح يسوع كلمة الله كما كشف عن ذاته بعكس الذين رفضوه.

ماذا نعني إذن بعبارة: ابن الله الوحيد؟ نفهم هذه العبارة الكتابية كما يشرحها لنا الكتاب المقدس: إن ابن الله هو أزلي، إله من إله، إنه كان قبل أن يبدأ الكون ولم يبدأ وجوده عندما تجسد من مريم العذراء. وهكذا من الخطأ الفادح أن تقاس حياة ابن الله كما تُقاس حياة بني البشر: من يوم الولادة إلى يوم الوفاة. قبل التجسد كان ابن الله موجودا وهو كلمة الله الأزلي. وعندما تجسد ابن الله دعي باسم يسوع الناصري أو يسوع المسيح وبذلك صار مثلنا في كل شيء ما عدا الخطية. وهذا الظهور التاريخي لابن الله الأزلي في طبيعة بشرية بواسطة الروح القدس ندعوه بلغة الكتاب يتجسد الابن.

وهكذا بالنسبة إلينا نحن البشر يمكن تلخيص المراحل الرئيسية لحياة ابن الله كما يلي:

أولا: قبل خليقة العالم والكون: ابن الله هو أزلي وهو مع الآب والروح القدس إله واحد وكما كتب يوحنا الرسول في مقدمة الإنجيل: في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله" (1: 1و 2)

ثانيا: عند خليقة العالم: كان الابن عاملا مع الآب في الخليقة الوارد ذكرها في افتتاحية سفر التكوين وهو السفر الأول من الكتاب المقدس. وقد كتب الرسول يوحنا:

" كل شيء به كان (أي بواسطة كلمة الله أي ابن الله) وبغيره لم يكن شيء مما كان، فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس والنور يضيء في الظلمة لم تدركه" (1: 3- 5) وورد أيضا في المقدمة للإنجيل مايلي:

" كان العالم وكُوِّن العالم به ولم يَعرفه العالم" (عد 10).

وشهد الرسول بولس في رسالته إلى أهل غلاطية عن هذا الموضوع قائلا:

" فإنه فيه- أي في ابن الله الأزلي- خُلق الكل، ما في السموات وما على الأرض، ما يثرى وما لا يرى، سواء كان عروشا أو رياسات أم سلاطين، الكل به وله قد خلق، الذي هو قبل كل شيء وفيه يقوم الكل" (1: 16و 17).

ثالثا: أثناء تاريخ العالم منذ الخليقة يعمل الابن مع الآب في الاعتناء بالخليقة وفي محاربة الخطية. وقد قال الرب يسوع المسيح لمضطهديه من اليهود بعد أن قام بمعجزة شفاء رجل مشلول في يوم السبت: " أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل" (الإنجيل حسب يوحنا 5: 17) وكذلك كان الآب يكشف عن ذاته في حقبة العهد القديم بواسطة الابن ولهذا السبب كتب الرسول بولس عن بني اسرائيل أثناء وجودهم في البرية:

" وجميعُهم شربوا سرابا واحدا لأنهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم والصخرة كانت المسيح" (الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس 10: 4).

رابعا: تجسَّد كلمة الله أي أخذ طبيعة بشرية وبواسطة هذه الحادثة العظيمة الفريدة صار ممكنا لنا أن نتمعن في الله المتجسد. وهذه بعض الآيات الكتابية التي تتطرق إلى هذا الموضوع أي تجسد كلمة الله:

" والكلمة صار جسدا وحل بيننا ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب مملوءا نعمة وحقا" (الإنجيل حسب يوحنا 1: 14).

" الذي يأتي من فوق هو فوق الجميع والذي من الأرض يتكلم. الذي يأتي نم السماء هو فوق الجميع... لأن الذي أرسله الله يتكلم بكلام الله..." (الإنجيل حسب يوحنا 3: 13).

" فنادى يسوع وقال: الذي يؤمن بي ليس يؤمن بي بل بالذي أرسلني والذي أرسلني يراني يرى الذي أرسلني" (الإنجيل حسب يوحنا 12: 44و 45).

وكتب الرسول بولس في رسالته إلى أهل كولوسي: " لأن فيه- أي في السيد المسيح- سُرَّ أن يحل كل الملء" (1: 19).

  • عدد الزيارات: 3084