الدرس الثاني والعشرون: الفادي يسوع المسيح
نعود الآن للبحث في موضوع الفائدة التي يجنيها المؤمنون من كون المسيح كاهنا أعظم. حسب تعليم كلمة الله يقدر كل مؤمن ومؤمنة بأن يقولا من أعماق القلب:
إني أستفيد من كون السيد المسيح كاهنا في هذين الأمرين:
1: بما أن المسيح وسيط لي أمام الله فإنه يُصالحني اليوم مع الله الآب وبذلك أُصبح متمتعا بسلام روحي لا يُقدر بثمن.
2: أقدر أيضا كمؤمن بكهنوت المسيح بأن أتقدم اليوم من العرش السماوي وبأن أقدم كل حياتي كذبيحة مقدسة لله الآب. وكذلك لي الامتياز العظيم بأن أتقدم من الآب متضرعا من أجل جميع الناس ليأتوا هم إلى معرفة الحق واختبار الخلاص في حياتهم.
وهذه العقيدة العملية التي يجني ثمارها المؤمن في كل يوم إنما مبنية على التعاليم الكتابية والتي نقتبس منها مايلي:
" لأن المسيح لم يدخل إلى أقداس مصنوعة بيد، أشباه الحقيقية بل إلى السماء عينها ليظهر الآن أمام وجه الله لأجلنا" (الرسالة إلى العبرانيين 10: 10و 14).
وبعد أن انتهى الرسول بولس من شرح الإنجيل في رسالته إلى رومية انتقل إلى الكلام عن تطبيق الإنجيل في الحياة وقال مناشدا أهل الإيمان:
" فأطلب إليكم أيها الأخوة برأفة الله أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله: عبادتكم العقلية. ولا تُشاكلوا هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم لتختبروا ما هي إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة" (12: 1- 2).
نأتي الآن إلى البحث في ثمار عقيدة ملكوت المسيح.
قبل كل شيء عندما أومن بالمسيح يسوع كملكي وسيد حياتي وآخذ بعين الاعتبار جميع الحقائق الكتابية المتعلقة بملكوته أشعر بأن ضميري قد تحرر وأني صرت عبدا لِفي الذي يُحبني حبا عظيما والذي يُعطيني كل ما أحتاجه للعيش في القداسة.
وكذلك أحصل على قوة تُمكنني من الانتصار على الشيطان عدوي اللدود وعلى الخطية والعالم. وأخيرا أتأكد في قرارة قلبي بأنني سأملك مع يسوع المسيح في ملكوته الأبدي ومع سائر الأبرار الخالصين.
وهذه بعض الآيات الكتابية التي تبحث في موضوعنا هذا:
كتب الرسول بولس لأهل الإيمان في غلاطية: " فاثبتوا إذن في الحرية التي قد حررنا المسيح بها ولا ترتبكوا أيضا بنير العبودية... فإنكم إنما دُعيتم للحرية أيها الاخوة غير أنه لاتُصيروا الحرية فُرصة للجسد بل بالمحبة اخدموا بعضكم بعضا" (5: 1و 13).
وكتب الرسول يعقوب في رسالته للمؤمنين مناشدا إياهم على محاربة إبليس: " فاخضعوا لله، قاموا ابليس فيهرب منكم، اقتربوا إلى الله يقترب إليكم" (5: 7و 8).
وكتب الرسول يوحنا في أواخر القرن الأول الميلادي قائلا عن موضوع الغلبة على الشيطان: " لأن كل من ولد من الله يَغلب العالم وهذه هي الغلبة التي تَغلب العالم: إيماننا. من هو الذي يَغلب العالم إلا الذي يؤمن أن يسوع هو ابن الله؟" (رسالة يوحنا الرسول الأولى 5: 4و 5).
وإذ نأتي إلى نهاية بحثنا لمعنى كلمتي يسوع ومسيح لا بد لنا من البحث في معنى كلمة مسيحي.
المؤمن بيسوع المسيح يُدعى مسيحيا ويقدر أن يقول: إنني أحمل اسم مسيحي لأني مؤمن باسم يسوع المسيح مخلص وفادي العالم ولأنه بإيماني هذا قد أصبحت عضوا من أعضاء جسد المسيح ولأنني أحظى بجميع الامتيازات الروحية التي منحها الله الآب للسيد المسيح ليمنحها بدوره لنا.
كمسيحي اعترف وأشهد باسم مخلصي وبذلك أكون مشاركا لنبوة المسيح. أقدم ذاتي كذبيحة لله وللمسيح وأصلي وأتضرع وأصلي وأتضرع من أجل إخوتي المؤمنين وأقربائي بني البشر، وبذلك أكون مشاركا لكهنوت المسيح.
كمسيحي أحارب في هذه الحياة الخطية والشيطان عن ضمير وأملك في الأبدية مع السيد المسيح ومع سائر المؤمنين.
نلاحظ من هذه التعاليم الكتابية التي استقيناها من كلمة الله أنه من المستحيل للإنسان أن يُسمي نفسه مسيحيا وأن يكون في نفس الوقت غير متمتع بحياة مسيحية وبإيمان مسيحي. المسيحي الذي هو مسيحي من الناحية النظرية فقط هو كائن غير موجود لأن المسيحية هي عقيدة وحياة ولأن السيد المسيح يتطلب من سائر الذين يُسمون أنفسهم باسمه المجيد أن يُظهروا ذلك في حياتهم اليومية. طبعا ليس هناك مؤمن بالمسيح على هذه الأرض يقدران يَدَّعي أنه أصبح كاملا في حياته ولكن مهما كانت حياته بعيدة عن الكمال لا بد له من أن يُظهر حيوية الإيمان بالفادي يسوع المسيح. وسائر تعاليم قانون الإيمان مبنية على كلمة الله ولابد لها من أن تأتي بثمار صالحة في حياة معتنقيها لأنه هي مشيئة الله أن يُظهر المسيحي والمسيحية بحياتهما إيمانهما بالفادي يسوع.
- عدد الزيارات: 3322