Skip to main content

الحياة الأبدية على هذه الأرض

بما أن الباب للدخول إلى السماء قد أغلق، إلا على القلّة الباقية من النافذين منهم، ينادي شهود يهوه بملكوت الله الأرضي المخصص للصف الأرضي، وإن الدخول إليه بسيط جداً، ليس عليك سوى اعتناق تعاليمهم، والانتساب إلى نظامهم الجديد. وهم يركّزون عقيدتهم هذه على الصلاة التي علّمها الرب يسوع لتلاميذه والقائلة: (ليأت ملكوتك، كما في السماء كذلك على الأرض...).

صحيح أن للمسيح مملكة، لكنه يصرّح بكل وضوح أنه أولاً يملك في قلوب المؤمنين الحقيقيين، الذين يصبحون رعايا ملكوته الروحي فور تجديدهم بالروح القدس الذي يحل فيها ويعطيها حياة جديدة. ثانياً، عن ملكوته العتيد أن يستعلن، يصرّح المسيح قائلاً: (مملكتي ليست من هذا العالم لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدّامي يجاهدون لكي لا أسلّم إلى اليهود...) (يوحنا 18: 36).

ومن أدرى من الرب يسوع نفسه في تحديد طريقة الدخول لملكوته...؟ (... الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله قال له نيقوديموس كيف يمكن الإنسان أن يولد وهو شيخ؟ ألعله يقدر أن يدخل بطن أمه ثانية ويولد؟ أجاب يسوع الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح هو الروح...) (يوحنا 3: 3- 6).

نعم إن دخول ملكوت الله يتم بواسطة الولادة الروحية فقط، لا باتّباع نظام شهود يهوه البشري، هذا ما معناه حلول الروح القدس على الإنسان الخاطئ بعد تصميمه القلبي على التوبة الحقيقية عن خطاياه، وقبول المسيح مخلصاً شخصياً لحياته.

العجيب في الأمر هو، كيف أن الكثيرين ينقادون وراءهم، رغم كون عقيدتهم خالية من أي رجاء، إذ أن كل ما يعدون به هو أرضي وزمني، تصوّروا أن أتباع شهود يهوه لا يدرسون مهنة الطب، على أساس أنه في ملكوتهم الموعود، لن يكون هناك مرض... بل بالحري يدرسون مهنة الهندسة على أساس أن هناك فرص عمل كثيرة في انتظارهم في ذلك الملكوت...؟ والذي بحسب زعمهم سيكون على هذه الأرض بالذات.

بالحقيقة هناك من حولنا ديانات تعد أتباعها بجنّات تجري من تحتها الأنهار، وبالحوريات بأعداد كثيرة الخ... مما هو مغرٍ جداً، ولكن أكثرهم على شك من هذا الأمر... فكم بالحري إن وجّهت أنظار الناس، كي يلقوا رجاءهم على هذه الأرض الملعونة بالذات من قبل الله نفسه، اسمعه يقول لآدم: (ملعونة الأرض بسببك... وشوكاً وحسكاً تنبت لك...) (تكوين 3: 17و 18)... أفالقي رجائي عليها، أنا الذي قرّرت أن أترك كل مباهج هذا العالم الفاني، لكي أعيش بتقوى وقداسة لمن مات عني وفداني؟ أفالله غير أمين لهذه الدرجة...؟ حاشا وكلا... وإلاّ فلماذا وعدنا قائلاً: (أنا أمضي لأعدّ لكم مكاناً وإن مضيت وأعددت لكم مكاناً آتي أيضاً وآخذكم إليّ حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضاً...) (يوحنا 14: 2- 3). نعم هذا هو المكان الذي سنقضي فيه الحياة الأبدية، والذي نطمح إليه. فبعد أن أعطيت لنا كل هذه المواعيد المباركة، أنعود ونوّجه أنظارنا نحو هذه الأرض التي ليس فيها أي شيء صالح يعزي قلوبنا ويجذبنا إليها، عجيب هذا الأمر، كيف أن شهود يهوه متعلّقون بها...؟

ومما هو جدير بالملاحظة هنا هو: أن هذا الكون الفسيح، قد استغرق خلقه من قبل الرب، ستة أيام فقط، فكم بالحري هو بهيج بما لا يقاس ذلك الملكوت الذي استغرق صنعه من قبل الرب، ما يقارب الألفي سنة، وما يزال يعدّه لنا، من حيث سيأتي عن قريب لكي يأخذنا إليه... (فنحن غير ناظرين إلى الأشياء التي ترى بل إلى التي لا ترى لأن التي ترى وقتيّة وأما التي لا ترى فأبدية...) (2كورنثوس 4: 18). (ولكننا بحسب وعده ننتظر سموات جديدة وأرضاً جديدة يسكن فيها البر...) (2بطرس 3: 13).

بالحقيقة، ما أجلى هذه الحقائق الكتابية على مسامعنا، وما أغبى شهود يهوه في نكرانها! إنهم يستندون على بعض الآيات من الكتاب المقدس، محرّفين إياها على هواهم... كاستنادهم على الآية الموجودة في (سفر الجامعة 1: 4) (دور يمضي ودور يجيء والأرض قائمة إلى الأبد...) واستنادهم أيضاً على (المزمور 37) حيث أن عبارة (يرثون الأرض) تردّدت خمس مرّات، وحجّتهم أن هذه الأرض التي تحدّث عنها المرنّم هي ذاتها القائمة إلى الأبد، والالتباس هنا هو في كلمة (إلى الأبد)، إن شهود يهوه يعرفون جيداً أن كلمة إلى الأبد تعني الكثير في الكتاب المقدس، فتارة تعني إلى أبد الآبدين، حيث لا نهاية، وتارة أخرى تعني إلى أجل محدود، كقول موسى لبني اسرائيل أن يقيموا الفصح فريضة إلى الأبد، ونسألهم هنا، إن كانت كلمة إلى الأبد تعني إلى ما لا نهاية، فلماذا لا يذبحون الفصح كل سنة كفريضة أبدية كما أمر موسى...؟ وكقول حنّة أم صموئيل النبي حين ولد ابنها: (قالت لرجلها متى فطم الصبي آتي به ليتراءى أمام الرب ويقيم هناك إلى الأبد...) (1صموئيل1: 22) والسؤال هنا أين صموئيل النبي وأين خيمة الاجتماع التي أقام فيها...؟ فإذا أردنا أن نأخذ كلمة (إلى الأبد) بحرفيّتها فالمفروض أن يكون صموئيل ما زال حيّاً حتى يومنا هذا...

إن كان لنا رجاء في هذه الدنيا، فإننا أشقى جميع الناس يقول الرسول بولس. كما أريد أن أطمئن شهود يهوه إن كان فاتهم هذا النص الكتابي عن مصير هذه الأرض، حين تحدّث لنا عنها الرسول بطرس قائلاً: (ولكن سيأتي كلص في الليل يوم الرب الذي فيه تزول السموات بضجيج وتنحل العناصر محترقة وتحترق الأرض والمصنوعات التي فيها...) (2بطرس3: 10).

إن شهود يهوه متعلّقون بل متشبّثون عن غباء بهذه الأرض بالذات وبشكل جنوني، وكما سبق وذكرنا، إنهم يحرّضون أتباعهم على دراسة الهندسة في كل المجالات، لكي يستطيعوا إعادة بناءها في المستقبل بعد أن يرثوها... آه ما أسخفهم أمام نور الله التي تقول: (لأننا نعلم أنه إن نقض بيت خيمتنا الأرضي فلنا في السموات بناء من الله بيت غير مصنوع بيد أبدي...) (2كورنثوس 5: 1).

نعم هذا هو رجاء المسيحي، إنه يؤمن بأن الرب نفسه سيصنع ويعدّ له ذلك المكان البهيج، ولكن بيديه المباركتين هذه المرّة، لا من صنع بشر...

  • عدد الزيارات: 3190