القيامات: الصف السماوي
يقول شهود يهوه ألا قيامة حقيقية للبشر، إذ أن نفوسهم ستعود إلى العدم، وأجسادهم ستتفكك، فيجري الله يومها خلقاً جديداً للنفوس والأجساد... عندئذ، سيكون هناك صف سماوي، هؤلاء هم المختارون جسد المسيح أو عروس الخروف، وعددهم بحسب القرار الإلهي الصادر في سفر الرؤيا (144000) (رؤيا 7: 4). وأما البقية فهم من الصف الرضي، الذين بفضل الأعمال الحسنة التي يؤدونها للملكوت السماوي، فلن يكونوا من المختارين، إنما سيسكنون هذه الأرض التي ستحكمها السماء بواسطة المسيح والصف السماوي...
من مّنا لم يقرأ قول السيد الرب: (لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية). (يوحنا 3: 16).
هل هذا ممكن...؟ هل نستطيع أن نصدق هذا الزعم عن الله الفائق المحبة...؟ وهل يليق ببرّه وحقّه أن يقتصر عدد المخَلَّصين على (144000) فقط، الذي لا يقرّه المنطق السليم...؟ حاشا لله أن يقرّر هذا، وإلا فما معنى قوله: (التفتوا إليّ واخلصوا يا جميع أقاصي الأرض لأني أنا الله وليس آخر) (اشعياء 45: 22).
إن سكان السماء بحسب زعم شهود يهوه لن يزيد عن الـ (144000) المؤلفين من الرسل والأنبياء والقديسين المختارين على مرّ العصور... لكن هذا العدد المعيّن سابقاً في الكتاب، لم يكمل بعد، إذ أنه سيكمل بالبقية الصغيرة الباقية من قادرة شهود يهوه النافذين الذين هم أحياء حالياً هذه هي القيامة الأولى بحسب زعمهم، والتي دشّنها المسيح عندما جاء بطريقة غير منظورة...؟
إن شهود يهوه يعلّمون باطلاً بأن عدد سكان السماء هو فقط (144000)، فعليه يتّضح لنا أن معظمهم بلا رجاء بالنسبة إلى دخول السماء. يا لغبائهم، فلو كان هذا هو بالتحديد عدد ورثة السماء، فلماذا تابع كاتب سفر الرؤيا قائلاً: (بعد هذا نظرت وإذا جمع كثير لم يستطع أحد أن يعدّه من كل الأمم والقبائل والشعوب والألسنة واقفون أمام العرش وأمام الخروف (أي المسيح) متسربلين بثياب بيض وفي أيديهم سعف النخل وهم يصرخون بصوت عظيم قائلين: الخلاص لإلهنا الجالس على العرش وللخروف...) (رؤيا7: 9). نعم إن سكان السماء أو الحياة الأبدية مع الرب يسوع، جمع كثير لا يستطيع أحد أن يعدّه، وكم نشكر الرب لأجل هذه الآية المعزية، التي قرأناها والتي يتجنّب عمداً شهود يهوه قراءتها، لأنها تفضح وتدحض تعليمهم بهذا الخصوص.
إن الأعداد في الكتاب المقدس في معظم الأحيان هي رمزية، لا تعني ضبطاً وحصراً، بل مقصداً خفياً يريد الوحي المقدس أن يوجه انتباهنا إليه... لقد تخبّط شهود يهوه تخبّط العشواء في تفسيرهم لما كتبه الرسول يوحنا في (رؤيا7) أو بالحري أنهم في سبيل دعم تعليمهم الباطل، حوّروا الحقيقة بالحذف كما هو مشهور عنهم، وكل من يقرأ هذا الفصل من سفر الرؤيا، لا بد وأن يحكم بعدم أمانتهم في النقل، فالعدد (144000) ليس سوى عدد رمزي للمختارين من أمة اليهود، إذ أن يوحنا ذكرهم بأسماء أسباطهم في (العدد 4- 8). إن كان هذا العدد ليس برمزي، فكيف نفسّر أن عدد المختارين من اسرائيل هو فقط (144000) لا أكثر ولا أقل.
سؤال آخر نطرحه فيما يخص رمزيّة هذا العدد: ألم يكن بين هؤلاء المختارين نساء...؟ هل سارة ورفقة وراحيل وراعوث واستير الخ... هل هذه النسوة غير مختارات، لسْنَ من الصف السماوي...؟
يصنّف كاتب الرؤيا الـ (144000) بقوله: (هؤلاء هم الذين لم يتنجّسوا مع النساء لأنهم أطهار). (رؤيا 14: 4). إذاً الآية تقول حرفياً أنه ليس للنساء مكان في السماء إذا أخذنا على حرفيّتها، مع العلم بأن كل هذا النص رمزي.
ونسأل أيضاً، ألا يوجد بين النافذين من شهود يهوه المعاصرين نساء مختارات...؟
عجيب هو، كيف أن الصدف شاءت بأن يكون من عداد الـ (144000) المختارين للقيامة الأولى في لبنان بحسب زعمهم عدد لا باس به من النساء، المستأهلات للتقدّم مرة واحدة في السنة وأكل جسد الرب، مما يدحض تعليمهم الفاسد بهذا الخصوص. الكتاب المقدس يعلّمنا بأنه لن يكون هناك تمييز بين الجنسين في القيامة، النساء كالرجال سيقبلن أيضاً في الملكوت السماوي (لأنهم متى قاموا من الأموات لا يزوّجون ولا يتزوّجون بل يكونون كملائكة في السموات...) (مرقس 12: 25)...
فعلى كل ذلك، نجزم بأن العدد (144000) هو عدد رمزي، له تفسيره الخاص، وليس له أي علاقة بما يسمّونه الصف السماوي أو القيامة السماوية الأولى الخ... وبالضبط إنه يرمز إلى اليهود الذين سيؤمنون بالمسيح في الضيقة العظيمة التي ستسبق معركة هرمجدّون الشهيرة...
يقول الرسول بطرس: (سمعان بطرس عبد يسوع المسيح ورسوله إلى الذين نالوا معنا إيماناً ثميناً مساوياً لنا ببرّ إلهنا والمخلص يسوع المسيح...) (2بطرس 1: 1)، لمن يا ترى يكتب بطرس...؟ ومن هم الذين نالوا معه نفس الإيمان الثمين...؟ إنه يعني المؤمنين على مرّ الأجيال، ويثبت بطرس هنا أن إيمانهم هو بنفس مقدار إيمانه وبقية الرسل. وهل أن الله غير عادل، كي يهب حصّة مضاعفة لفريق دون فريق آخر...؟ أي أناس صف سماوي، وأناس صف أرضي، ومستوى الإيمان عند الجميع مبني على أساس واحد ألا وهو برّ المسيح، وهو لا يتجزأ أبداً...
(لأنه به (أي المسيح) لنا كلينا قدوماً في روح واحد إلى الآب فلستم بعد غرباء ونزلاء بل رعية مع القديسين وأهل بيت الله) (أفسس2: 18- 19). والسؤال هنا أين هو مسكن الله، أليس في السماء كما يقول الكتاب...؟ فجميع المؤمنين إذاً أهل ذلك البيت... فالمسيحي بالحق هو من أهل بيت الله مع جميع القديسين بدون تمييز...
وبعد سرد هذه الآيات المباركة، من يمكنه أن يصدّق بأن المختارين المخلّصين، الورثة للحياة الأبدية، الذين يؤمنون على رجاء القيامة، هم هذا العدد الضئيل من أسباط بني اسرائيل، وأن بقية الأمم، رغم تعدادهم بالمليارات، ليس لهم محل في القيامة السماوية...؟
- عدد الزيارات: 3464