Skip to main content

ينكر شهود يهوه مجيء المسيح ثانية بالجسد

ينكر شهود يهوه مجيء الرب الثاني بنفس الجسد الذي ارتفع به إلى السماء، إذ أن إحدى عقائدهم تقول أنه لم يَقمْ أصلاً بجسده كما ذكرنا سابقاً، لأنه لو حصل، لأصبح يسوع أدنى قيمة من الملائكة، يقولون وهذا هو النص الكتابي الذي يستندون عليه: (الذي هو في يمين الله (أي المسيح) إذ قد مضى إلى السماء وملائكة وسلاطين وقوات مخضعة له) (1بطرس 3: 22).

لكن الرسول بطرس، الذي أبدع بوصف مجيء المسيح الثاني، علّم أن هذا الأمر من أصعب الأمور للفهم والإدراك، فكتب محذراً إيانا من الذين سيأتون معلمين بهذا الموضوع العسر على الفهم والإدراك، والذي إن دخلنا في متاهاته وفسّرناه بحسب أس استحسان منا، أو بما يتفق مع معتقداتنا، لأصبح هلاكنا أكيداً. فبعدما كتب الرسول معلناً لنا بروح النبوة عن ذاك الحدث البهيج الذي سيتم في مستقبل الأيام، (أي مجيء الرب الثاني) لم ينسى الوحي الإلهي أن يدوّن لنا هذه الفقرة: (... كما كتب إليكم أخونا الحبيب بولس أيضاً بحسب الحكمة المعطاة له كما في الرسائل كلها أيضاً متكلماً فيها عن هذه الأمور التي فيها أشياء عسرة الفهم يحرّفها غير العلماء وغير الثابتين كباقي الكتب أيضاً لهلاك أنفسهم.) (2بطرس 3: 15- 16).

سبق ووضّحنا سابقاً بالبراهين المقنعة ومن الكتاب المقدس نفسه، إن يسوع المسيح قام من بين الأموات بالجسد، ويسوع هذا الذي ظهر للرسل والتلاميذ بطرق وأوقات شتى، وأراهم جسده الحامل آثار المسامير، كما أنه أكل وشرب معهم، ومسّه الكثيرون منهم، وخصوصاً الرسول توما متأكداً من أن له لحم وعظام، وأنه ليس روحاً فقط، كان لا بدّ أن يصعد إلى أبيه في المجد، ويجلس عن يمين عرش العظمة، وفي آخر يوم معهم وبينما هو يحدثهم... (ارتفع وهم ينظرون وأخذته سحابة عن أعينهم وفيما كانوا يشخصون إلى السماء وهو منطلق إذا رجلان قد وقفا بهم بلباس أبيض وقالا: أيها الرجال الجليليون ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء إن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقاً إلى السماء...) (أعمال1: 9- 11).

نعم إن المسيح يسوع ربنا سيعود ثانية لكي يأخذنا إليه... (هوذا يأتي على السحاب وستنظره كل عين والذين طعنوه وينوح عليه جميع قبائل الأرض...) (رؤيا1: 7). يحدد الرسول يوحنا هنا الذين سينظرونه فيقول: (الذين طعنوه)، أي أن الذين طعنوه سيتعرّفون عليه بواسطة الجروح التي سببّوها له في جسده. ويؤكد ذلك النبي زكريا المتحدث أيضاً عن مجيء الرب الثاني، حين سيسأله اليهود الذين صلبوه ويقولون له: (ما هذه الجروح في يديك...؟ فيقول: هي التي جرحت بها في بيت أحبائي...) (زكريا 13: 6).

نعم إن النبي زكريا تنبأ عن هذا الأمر، حتى قبل مجيء المسيح الأول إلى عالمنا هذا بنحو (550سنة)، ومضت حوالي الـ (2000) سنة، والرب يسوع ما زال محتفظاً بجسده المجروح وهو جالس عن يمين الله يشفع فينا، مما ينقض اعتراض شهود يهوه بقولهم: (يسوع قام مخلوقاً روحياً، إذ أنه لا يليق أن يدخل السماء بجسده المشوّه بالجروح وآثار المسامير...).

نسأل هنا: إن كان يسوع يرتضي في مجده أن تظهر علامات آلامه، دينونة للذين استهتروا بها وما زالوا، فَلِمَ تكون غيرتهم على كرامته أكثر من غيرته هو على كرامته...؟

كيف يدرك هذا الإنسان بعقله المحدود، ذلك الإله الغير محدود...؟

أترانا معلمين لله، أم علينا أن نخضع لمشيئته، إذ أنه هكذا شاءت حكمته أن يكون...؟

نعم أن الرب يسوع سيأتي ثانية، وبجسده المجروح، الذي سيكون دينونة للذين رفضوا معنى هذه الجراح، والذين رفضوا أن يعطوه كل المجد، ويعترفوا بأنه رب لمجد الله الآب...

لنسمع قول النبي اشعياء، موضحاً فكرة المسيح المتألم، الصاعد إلى السماء لكي يشفع فينا طوال السنين الماضية، ولكن دون تجاوب من قبل الكثيرين، فسينقلب ذلك الحنّان المحب، من الشفيع إلى الديّان، وهذا الجسد المجروح، سيتشوّه أكثر فأكثر، بسبب رفضهم على أن يملّكوه على عرش حياتهم، فسيبطش بهم... (من ذا الآتي من ادوم بثياب حمر من بصرة هذا البهي بملابسه المتعظم بكثرة قوته أنا المتكلم بالبر العظيم للخلاص ما بال لباسك محمر وثيابك كدائس المعصرة قد دست المعصرة وحدي ومن الشعوب لم يكن معي أحد فدستهم بغضبي ووطئتهم بغيظي فرشّ عصيرهم على ثيابي فلطّخت كل ملابسي لأن يوم النقمة في قلبي وسنة مقديّي قد أتت فنظرت ولم يكن معين وتحيّرت إذ لم يكن عاضد فخلَّصت لي ذراعي وغيظي عضدني فدستُ شعوباً بغضبي وأسكرتهم وأجريت على الأرض عصيرهم...) (اشعياء 63: 1- 6).

نعم إن الرب يسوع سيأتي عن قريب، وهو الذي تحدث لنا بإسهاب على صفحات الكتاب، عن العلامات التي ستسبق وسترافق مجيئه المبارك، كي يكون المؤمنون المخَلَّصون والمفديّون بدمه، على أتم الاستعداد لتلك المفاجأة الخطيرة التي ستذهل العالم بأسره... وإحدى هذه العلامات التي ستسبق مجيئه تقول: (ويقوم أنبياء كذبة كثيرون ويضلون كثيرين...) (متى24: 11).

نعم إن العلامة المميزة قبيل مجيء الرب هي: (روح الضلال) الذي سيقع فريسته الكثيرون وما شهود يهوه سوى تلك الآنية التي تحمل روح الضلال هذا...

لماذا ينكر شهود يهوه مجيء المسيح الثاني بالجسد...؟

الجواب بسيط جداً،... لأنهم سبق فعيّنوا عدة تواريخ لذلك المجيء، لكن الرب خيّب آمالهم لأنهم بعملهم هذا، أرادوا تكذيبه وهو الذي قال لتلاميذه منبهاً: (وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا ملائكة السموات إلا أبي وحده...) (متى24: 36)، فإخفاءً لفشلهم هذا، أطلقوا عنان هذه العقيدة (أي أن المسيح أتى بالروح، وبطريقة غير منظورة...).

فيا لوقاحتهم... إذ أنه رغم فشلهم المتكرّر، بتعيينهم عدة مواعيد لمجيء الرب في الماضي، نراهم اليوم يعيّنون موعداً جديداً وهو في (شباط 1986) (على ذمّة أحدهم...؟)، ناسين قول الرب لهم: (ملعون الإنسان الذي لا يسمع كلام هذا العهد الذي أمرت به...) (ارميا 11: 3).

إن يسوع سبق وحذّرنا بأن ذلك اليوم وتلك الساعة، فلا يعلم بهما أحد، ولا الملائكة ولا حتى هو كابن الإنسان، لا يعرف ذلك التاريخ... أيعلمون هم...؟

إن المسيحي الحقيقي، يؤمن أن المسيح قد صعد إلى السماء بجسده الممجّد، وجلس عن يمين العظمة محتفظاً بآثار المسامير، شهادة للآب على قدرته وحقّه بالشفاعة، إذ أنه أتّم كل العمل عنّا على الصليب، وأصبح قادراً أن يرثي لضعفاتنا، كما يؤكد لنا الكتاب ذلك على فم الرسول يوحنا فيقول: "يا أولادي أكتب إليكم هذا لكي لا تخطئوا وإن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار وهو كفّارة لخطايانا...) (1يوحنا2: 1- 2).

فعلى ضوء هذه الحقيقة، إني أسأل شهود يهوه هذا السؤال التحدي، بعد أن يقرأوا هذا النص الكتابي ويتمعّنوا به جيداً... يقول الرسول بولس: (لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح...) (1تيموثاوس 2: 5)... هل شفيعنا ووسيطنا الأوحد، ذلك الإنسان يسوع المسيح، الموجود بدون شك الآن عن يمين الآب يشفع فينا، هل هو روح أم جسد...؟ وليحدّدوا لنا علمياً ومنطقياً وروحياً، مما يتركب ذلك الإنسان الذي يتكلم عنه الرسول هنا...؟

  • عدد الزيارات: 3206