Skip to main content

الفصل التاسع - السبعون أسبوعاً - السبعون أسبوعاً

الصفحة 4 من 5: السبعون أسبوعاً

السبعون أسبوعاً

"سبعون أسبوعاً قضيت على شعبك وعلى مدينتك المقدسة لتكميل المعصية وتتميم الخطايا ولكفارة الإثم وليؤتى بالبر الأبدي ولختم الرؤيا والنبوة ولمسح قدوس القدوسين" (دانيال 9: 24).

نعترف بداية أن هذا النص هو من أصعب النصوص في نبوات دانيال، وإن هناك عدداً كبيراً من الشروحات لهذا النص، كل شرح يتفق مع مدرسة الشارح. ولكننا هنا سنلتزم بالنص ونسير معه خطوة خطوة.

وعلينا أن نضع في أذهاننا أن سفر دانيال ظل سفراً مختوماً إلى وقت غير بعيد كما نقرأ "أما أنت يا دانيال فأخف الكلام واختم السفر إلى وقت النهاية. كثيرون يتصفحونه والمعرفة تزداد" (دانيال 12: 4) وكما نقرأ أيضاً "فقال اذهب يا دانيال لأن الكلمات مخفية ومختومة إلى وقت النهاية" وقد بلغنا الآن وقت النهاية وعجلة النبوات بدأت تدور، ولذلك نثق أن إلهنا يعطينا فهماً أكثر لهذا السفر العميق.

"سبعون أسبوعاً قضيت على شعبك وعلى مدينتك المقدسة" وفي الأصل العبري "سبعون سبعة قضيت على شعبك وعلى مدينتك المقدسة".

ولأن النبوة تتحدث عن زمن محدد، فلنا كل الحق أن نقول أن السبعين سبعة تشير إلى حقبة زمنية خلالها سيتم القضاء الإلهي على الشعب القديم وعلى مدينة أورشليم.

كما علينا أن نضع في أذهاننا أن هذه النبوة خاصة بالشعب القديم وبمدينة أورشليم، فالحقبة الزمنية المكونة من السبعين سبعة "قضيت على شعبك وعلى مدينتك المقدسة" أي على الشعب القديم وعلى مدينة أورشليم.

والآن ما هي هذه السبعين سبعة؟

عرف الشعب القديم ثلاثة أنواع من السباعيات الزمنية:

السبعة الأولى هي أسبوع الأيام (خروج 20: 8 - 11)

السبعة الثانية هي أسبوع السنين (لاويين 25: 3 - 7)

السبعة الثالثة هي سبعة سبوت سنين (لاويين 25: 8 - 13)

فالتعبير "سبعة سبوت سنين" (لاويين 25: 8) كان معروفاً عند الشعب القديم، وهو يرينا أن السبعة كانت مفهومهم تشير إلى أسبوع سنين.

وذات الفهم نجده في سفر التكوين فالسبع بقرات التي رآها فرعون في حلمه، والسبع سنابل كانت كل منها تشير إلى سبع سنين.

وعلى هذا يمكننا القول أن السبعين سبعة التي نقلها المترجم العربي "سبعون أسبوعاً" تشير إلى سبعين أسبوع سنين أي 490 سنة يحدث خلالها للشعب القديم ولمدينة أورشليم أموراً سلبية وأخرى أيجابية.

الأمور السلبية هي (1) تكميل المعصية (2) تتميم الخطايا (3) كفارة الإثم. والأمور الإيجابية هي (4) ليؤتى بالبر الأبدي (5) ولختم الرؤيا والنبوة (6) ولمسح قدوس القدوسين.

الأمور السلبية:

(1) تكميل المعصية: هناك معنيان لهذه العبارة، المعنى الأول كبح أو ردع المعصية، فالمعصية العارية أمام عيني الله البار ستختفي بالكفارة من أمام عينيه ولا تذكر فيما بعد. أما المعنى الثاني وهو الأقرب إلى الصواب باعتبار أن النبوة تتعلق بالشعب القديم هي تكميل معصية الشعب القديم برفضهم المسيح الآتي إليهم وصلبه على الصليب. وقد قال الرب لإبراهيم عن تكميل معصية الأموريين "لأن ذنب الأموريين ليس إلى الآن كاملاً" (تكوين 15: 16).

(2) تتميم الخطايا: وكلمة تتميم ترجمتها الحرفية من العبرية "لختم الخطايا" وهي تحمل معنيين الأول: "لختم الخطايا" والتحفظ عليها إلى أ، ينال مرتكبوها عقابهم كما قال أيوب "معصيتي مختوم عليها في صرة" (أيوب 14: 17) وكما نقرأ في تثنية 32: 34 و 35 "أليس ذلك مكنوزاً عندي مختوماً عليه في خزائني. لي النقمة والجزاء. في وقت تنزل أقدامهم". والثاني: لردع الخطايا وكبحها، وهو أمر سيتم في الملك الألفي السعيد، عندما يعطي الرب لشعبه القديم قلباً جديداً وروحاً جديدة يكبح بهما جماح خطيتهم فيسلكون في فرائضه (حزقيال 36: 25 - 29)، وسيتم هذا عند المجيء الثاني للمسيح (رومية: 11: 27). ونحن نعرف أنه عندما يأتي المسيح بعد نهاية الأسبوع السبعين، الشيطان نفسه سيطرح في الهاوية، ويقمع الله الخطية فلا تعود تسيطر على سكان الأرض (أشعياء 11: 9).

(3) كفارة الإثم: كلمة كفارة تعني تغطية، كما قال الشاعر العربي "في ليلة كفر الغمام نجومها" أي ستر الغمام وغطى نجومها. لقد اعترف دانيال لله قائلاً "أخطأنا وأثمنا"، وكان رد الله عليه، إن الإثم سيغطى، والذي غطى إثم إسرائيل وآثام العالم كله هو شخص المسيح الكريم الذي قال عنه يوحنا الرسول "وهو كفارة لخطايانا. ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضاً" (1 يوحنا 2: 2). والذي قال عنه بولس الرسول "متبررين مجاناً بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح. الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه لإظهار بره لأجل الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال الله" (رومية 3: 24 و 25).

الأمور الإيجابية:

(4) ليؤتى بالبر الأبدي: هذا البر الأبدي هو بر الداخل والخارج، وهو بر مصدره الله، إنه حالة العلاقة الصحيحة مع الله، هذه الحالة التي يحصل عليها الفرد بإيمانه بالمسيح "الذي صار لنا حكمة من الله وبراً وقداسة وفداء" (1 كورنثوس 1: 30). هذا البر ليس هو البر الذاتي المكتوب عنه "وقد صرنا كلنا كنجس وكثوب عدة أعمال برنا" (أشعياء 64: 6)، ولكنه البر الذي جاء به الرب يسوع الذي قال عنه أشعياء النبي "وعبدي البار بمعرفته يبرر كثيرين وآثامهم هو يحملها" (أشعياء 53: 11) وهو البر الذي سيتمتع به الشعب القديم مستقبلاً "ها أيام تأتي يقول الرب وأقيم لداود غصن بر فيملك ملك وينجح ويجري حقاً وعدلاً في الأرض. في أيامه يخلص يهوذا ويسكن إسرائيل آمناً وهذا هو اسمه الذي يدعونه به الرب برنا" (إرميا 23: 5 و 6) – وبر المسيح بر أبدي لا يزول (أشعياء 51: 89).

(5) ولختم الرؤيا والنبوة: ظن البعض أن كلمة "ختم الرؤيا والنبوة" تعني وضع ختم الله عليها لإعلان صدقها ودقتها. ولكن المعنى الذي يحمله الأصل العبري يعني إتمام الرؤيا والنبوة للشعب القديم، وبهذا يختم عليها إذ لا تعود هناك حاجة إليها بعد أن تتم بحرفيتها.

(6) ولمسح قدوس القدوسين: اختلف مفسرو الكتاب المقدس في شرح هذه العبارة فقال بعضهم أنها تشير إلى نزول الروح القدس على المسيح بهيئة جسمية مثل حمامة إتماماً للنبوة "أحببت البر وأبغضت الإثم من أجل ذلك مسحك الله إلهك بدهن الابتهاج أكثر من رفقائك" (مزمور 45: 7) وإتماماً لنبوة أشعياء "روح السيد الرب علي لأن الرب مسحني لأبشر المساكين أرسلني لأعصب منكسري القلب لأنادي للمسبيين بالعتق وللمأسورين بالإطلاق" (أشعياء 61: 1).

وقال آخرون أن كلمة "قدوس القدوسين" يمكن ترجمتها "قدس الأقداس" وبهذا تشير إلى مسح الهيكل الألفي الذي وصفه حزقيال في سفره [اقرأ حزقيال 41: 1 – 42: 20]. وقد أمر الربموسى في القديم قائلاً "وتأخذ دهن المسحة وتمسح المسكن وكل ما فيه وتقدسه وكل آنيته ليكون مقدساً" (خروج 40: 9) ويعتقد "لاركن" أن الإشارة في هذا النص إلى مكان لا إلى شخص.

تقسم السبعين أسبوعاً
الصفحة
  • عدد الزيارات: 25631