Skip to main content

الفصل الرابع - إذلال الجبار

كما قلنا في السابق نعود فنقول إن الحوادث التاريخية المسجلة في سفر دانيال هي في ذات الوقت نبوات ترتبط بأزمنة الأمم والأيام الأخيرة.

فالإصحاح يرينا شعب الله مسبياً مبعثراً. والرب ليس الإله المعبود في الأرض لأنه لم يجلس بعد على كرسي داود أبيه.. وكيف سيذل كبرياء الحاكم العالمي القادم كما أذل كبرياء نبوخذ نصر.. وكيف سيتعامل مع كبرياء الأمم خلال الضيقة العظيمة.

بل إذا سرنا أكثر من ذلك لرأينا أن العالم خلال الضيقة العظيمة بقسميها. مبتدأ الأوجاع والضيقة في أوجها سيكون تحت حكم ملك مجنون سيقود العالم تحت حكمه إلى حالة جنون وفوضى إذ ينتشر القتل، والسحر، وعبادة الشياطين، والزنى، والقتل، والسرقة، وينحط الناس من مرتبة الإنسانية إلى درك الحيوانية. (رؤيا 9: 20) تماماً كما حدث مع نبوخذ نصر.

بل سنجد أن الحاكم العالمي القادم سيكون مقيداً بقيد من حديد أي بقوة الدولة الرومانية، ونحاس أي بفلسفات الدولة اليونانية كما يرمز إلى هاتين الدولتين في معادن التمثال الذي رآه الملك نبوخذ نصر في حلمه، وأنه سينتهي بالإذلال التام. (رؤيا 19: 19- 20).

ويجدر بنا أن نضع في أذهاننا الغرض الأصيل لما حدث للملك نبوخذ نصر. والغرض هو إعلان سيادة الله المطلقة وهيمنته الكاملة على كل من في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض كما نقرأ في الكلمات "لكي تعلم الأحياء أن العلي متسلط في مملكة الناس فيعطيها من يشاء وينصب عليها أدنى الناس" (دانيال 4: 17) وكما أقرأ الملك نبوخذ نصر بعد إذلاله الرهيب في كلماته "وعند انتهاء الأيام أنا نبوخذ نصر رفعت عيني إلى إله السماء فرجع إلى عقلي وباركت العلي وسبحت وحمدت الحي إلى الأبد الذي سلطانه سلطان أبدي وملكوته إلى دور فدور. وحسبت جميع سكان الأرض ولا يوجد من يمنع يده أو يقول له ماذا تفعل" (دانيال 4: 34- 35).

والآن إلى هذا الإصحاح الثمين وهو في مضمونه تسجيل لكلمات الملك نبوخذ نصر.

نقرأ في سفر أيوب الكلمات "لكن الله يتكلم مرة وباثنتين لا يلاحظ الإنسان. في حلم في رؤيا الليل عند سقوط سبات على الناس في النعاس على المضجع. حينئذ يكشف آذان الناس ويختم على تأديبهم. ليحول الإنسان عن عمله ويكتم الكبرياء عن الرجل. ليمنع نفسه عن الحفرة وحياته من الزوال بحربة الموت. أيضاً يؤدب بالوجع على مضجعه ومخاصمة عظامه دائمة. فتكره حياته خبزاً ونفسه الطعام الشهي. فيبلى لحمه عن العيان وتنبري عظامه فلا ترى. وتقرب نفسه إلى القبر وحيلته إلى المميتين. إن وجد عنده مرسل وسيط واحد من ألف ليعلن للإنسان استقامته. يترأف عليه ويقول أطلقه عن الهبوط إلى الحفرة قد وجدت فدية. يصير لحمه أغض من لحم الصبي ويعود إلى أيام شبابه. يصلي إلى الله فيرضى عنه ويعاين وجهه بهتاف فيرد على الإنسان بره. يغنى بين الناس فيقول قد أخطأت وعوجت المستقيم ولم أجاز عليه. فدى نفسه من العبور إلى الحفرة فترى حياتي النور. هوذا كل هذه يفعلها الله مرتين وثلاثة بالإنسان. ليرد نفسه من الحفرة ليستنير بنور الأحياء" (أيوب 33: 14- 30).

ذكرت هذا النص بكامله من سفر أيوب، لأنه ينطبق تماماً على حياة الملك نبوخذ نصر، فقد كلمه الله مرتين، الأولى حين أراه الحلم النبوي العظيم، والثانية حين شاهد بعينيه الرابع شبيه ابن الآلهة يتمشى مع الرجال الثلاثة في وسط الأتون.

لكن الملك نبوخذ نصر لم يخضع وكان لا بد أن يتعامل الله معه بأسلوب جديد.


الملك الناضر المطمئن

يبدأ الإصحاح الرابع من سفر دانيال بالكلمات "من نبوخذ نصر إلى كل الشعوب والأمم والألسنة الساكنين في الأرض كلها. ليكثر سلامكم. الآيات والعجائب التي صنعها معي الله العلي حسن عندي أن أخبر بها. آياته ما أعظمها وعجائبه ما أقواها. ملكوته ملكوت أبدي وسلطانه إلى دور فدور" (دانيال 4: 1- 3).

بهذه الكلمات بدأ نبوخذ نصر خطابه إلى شعوب الأرض، وكأنه يقول كاتب المزمور "هلم اسمعوا فأخبركم يا كل الخائفين الله بما صنع لنفسي" (مزمور 66: 16) وبعد هذه المقدمة يتحدث عن الآيات والعجائب التي صنعها الله معه، والتي سنتحدث عنها فيما يلي من حديث. ويذكر أن الله هو "الله العلي"  وهو اسم يتكرر كثيراً في سفر دانيال الذي يركز كل التركيز على سيادة الله المطلقة [اقرأ دانيال 2: 45- 4: 2- 24- 25- 34- 5: 18].

ثم يذكر أن ملكوت الله أبدي باق إلى دور فدور.

ويستطرد الملك نبوخذ نصر فيقول "أنا نبوخذ نصر قد كنت مطمئناً في بيتي وناضراً في قصري" (دانيال 4: 4).

لقد كان الملك نبوخذ نصر أعظم ملوك الإمبراطورية البابلية، جلب إلى بلاده خشب الأرز من لبنان، وغزا بجنوده الكثير من الأراضي وانتصر عليها، وأعطاه الله أرض مصر الغنية أجرة لجيشه كما نقرأ في سفر حزقيال "... أن كلام الرب كان إلي قائلاً. يا ابن آدم إن نبوخذ راصر ملك بابل استخدم جيشه خدمة شديدة على صور. كل رأس قرع وكل كتف تجردت ولم تكن له ولا لجيشه أجرة من صور لأجل خدمته التي خدم بها عليها. لذلك هكذا قال السيد الرب. هاأنذا أبذل أرض مصر لنبوخذ راصر ملك بابل فيأخذ ثروتها ويغنم غنيمتها وينهب نهبها متكون أجرة لجيشه. قد أعطيته أرض مصر لأجل شغله الذي خدم به لأنهم عملوا لأجلي يقول السيد الرب" (حزقيال 29: 17- 20).

بل إن الله أعطى للملك نبوخذ نصر سلطاناً واسعاً على الأرض كما نقرأ في سفر أرميا "هكذا قال رب الجنود.. إني أنا صنعت الأرض والإنسان والحيوان الذي على وجه الأرض بقوتي العظيمة وبذراعي الممدودة وأعطيتها لمن حسن في عيني  والآن قد دفعت كل هذه الأراضي ليد نبوخذ نصر ملك بابل عبدي وأعطيته أيضاً حيوان الحقل ليخدمه. فتخدمه كل الشعوب وابنه وابن ابنه حتى يأتي وقت أرضه فتستخدمه شعوب كثيرة وملوك عظام" (ارميا 27: 5- 7) أعطى الله لنبوخذ نصر كل هذا السلطان. وكان نبوخذ نصر بناءً من طراز فريد فبنى بابل عاصمة ملكه في أبهة وعظمة حتى أطلقوا عليها اسم "المدينة الذهبية". وبنى حدائق بابل المعلقة وهي إحدى عجائب الدنيا السبع تكريماً لزوجته سميراميس

انتهت حروبه وغزواته، وأكمل مشروعاته البنائية الضخمة، وأصبح مطمئناً في بيته وناضراً في قصره، أي متمتعاً بنضرة الصحة الكاملة.

وليس هناك أخطر من الاطمئنان المؤسس على النجاح المادي والممتلكات الأرضية. لقد كان هذا لاطمئنان إحدى الخطايا التي تسببت في حرق سدوم كما يقول الرب في سفر حزقيال "هذا كان إثم أختك سدوم الكبرياء والشبع من الخبز وسلام الاطمئنان كان لها ولبناتها ولم تشدد يد الفقير والمسكين. وتكبرن وتعلمن الرجس أمامي فنزعتهن كما رأيت" (حزقيال 16: 49- 50).

ما أكبر الفرق بين هذا الاطمئنان الزائف، وبين الاطمئنان المؤسس على الاتكال الكلي على الرب، هذا الاطمئنان العذب الذي عبر عنه داود بكلماته "الرب نوري وخلاصي ممن أخاف. الرب حصن حياتي ممن أرتعب.. إن نزل علي جيش لا يخاف قلبي. إن قامت علي حرب ففي ذلك أنا مطمئن" (مزمور 27: 1- 3).

دفع الاطمئنان الكاذب الملك نبوخذ نصر إلى الكبرياء. وليس بين الخطايا التي يتعرض لها البشر خطية أشد خطورة من الكبرياء، فهي خطية يكرهها الرب ويقاومها لأنها إعلان من الإنسان المتكبر عن استقلاله التام عن الله، وإنكار علني من جانبه لمراحم الله، وإحساسه باكتفائه الذاتي متصوراً نفسه في مرتبة الألوهية. لقد كانت الكبرياء هي خطية الشيطان التي تسببت في سقوطه المشين. والكبرياء خطية تنبع من القلب الشرير "لأنه من الداخل من قلوب الناس تخرج الأفكار الشريرة زنى فستق قتل، سرقة طمع خبث مكر عهارة عين شريرة تجديف كبرياء جهل. جميع هذه الشرور تخرج من الداخل وتنجس الإنسان" (مرقس 7: 21- 23).

والآن تعال معي لنقرأ بعض ما قاله الكتاب المقدس عن الكبرياء والمستكبرين.

"كذلك أيها الأحداث اخضعوا للشيوخ وكونوا جميعاً خاضعين بعضكم لبعض وتسربلوا بالتواضع لأن الله يقاوم المستكبرين وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة" (1 بطرس 5: 5).

"هذه.. يبغضها الرب.. وهي مكرهة نفسه. عيون متعالية" (أمثال 6: 16- 17).

"الرب حافظ الأمانة ومجاز بكثرة العامل بالكبرياء" (مزمور 31: 23).

"الكبرياء والتعظم وطريق الشر وفم الأكاذيب أبغضت" (أمثال 8: 13).

"تأتي الكبرياء فيأتي الهوان" (أمثال 11: 2).

"قبل الكسر الكبرياء وقبل السقوط تشامخ الروح" (أمثال 16: 18).

وقد حذر الرب يسوع تلاميذه من الكبرياء فقال "فمن يرفع نفسه يتضع" (متى 23: 12) (اقرأ أيضاً لوقا 14: 11- 18: 14).


الملك المنزعج الحزين

يستطرد نبوخذ نصر الملك فيقول "رأيت حلماً فروعني والأفكار على فراشي ورؤى رأسي أفزعتني. فصدر أمراً بإحضار جميع حكماء بابل قدامي ليعرفوني بتعبير الحلم. حينئذ حضر المجوس والسحرة والكلدانيون والمنجمون وقصصت الحلم عليهم فلم يعرفوني بتعبيره" (دانيال 4: 5- 7).

"ليس سلام قال إلهي للأشرار" (أشعياء 57: 21).

فطالما كان الإنسان بعيداً عن الله، لم يختبر خلاصه، ولم يذق حلاوة سلامه فإن أقل الأمور تزعجه.

فها هو الملك الأتوقراطي نبوخذ نصر يروعه حلم وتزعجه رؤى رأسه على فراشه.

أين سلطانه يريحه من الفزع؟!

وأين جيوشه تنقذه من الانزعاج؟!

وأين جلال ملكه يهبه سلام العقل؟!

كل هذه الأمور لا تعطي للإنسان راحة البال، ولا تهبه سلام العقل.

ولقد أخطأ نبوخذ نصر مرة ثانية وبدلاً من أن يلجأ إلى رجل الله من البداية أمر بإحضار المجوس والسحرة والكلدانيين والمنجمين، وقص عليهم حلمه فلم يعرفوه بتعبيره.

ومن أين لهؤلاء أن يعرفوا أفكار الله؟

لقد اعترف هؤلاء جميعهم بعجزهم عن معرفة أمور الله مرتين.. في المرة الأولى أرادوا معرفة الحلم لتعبيره، فلم يعرفوا الحلم ولا تعبيره (دانيال 2: 10) وفي المرة الثانية قص عليهم الملك حلمه ولم يعرفوه بالتعبير. (دانيال 4: 6- 7).

ليس في قدرة تلاميذ الشيطان تفسير أمور الله.

"وهكذا أيضاً أمور الله لا يعرفها أحد إلا روح الله" (1 كورنثوس 2: 11).

ويتابع الملك نبوخذ نصر حديثه فيقول "أخيراً دخل قدامي دانيال الذي اسمه بلطشاصر كاسم إلهي والذي فيه روح الآلهة القدوسين فقصصت الحلم قدامه" (دانيال 4: 8).

كان يجب أن يأمر الملك بإحضار دانيال أولاً.. لكنه لجأ إلى عرافيه وحكمائه أولاً فلما أعلنوا عجزهم التام عن تعبير حلمه لجأ أخيراً إلى رجل الله. واعترف بأن فيه روح الآلهة القدوسين. الروح القدس الذي يرشد أولاد الله إلى جميع الحق.


قضاء الساهرين القدوسين

تابع الملك نبوخذ نصر حديثه فقال لدانيال "يا بلطشاصر كبير المجوس من حيث إني أعلم أن فيك روح الآلهة القدوسين ولا يعسر عليك سر فأخبرني برؤى حمي الذي رأيته وبتعبيره. فرؤى رأسي على فراشي هي أني كنت أرى فإذا بشجرة في وسط الأرض وطولها عظيم. فكبرت الشجرة وقويت فبلغ علوها إلى السماء ومنظرها إلى أقصى الأرض. أوراقها جميلة وثمرها كثير وفيها طعام للجميع وتحتها استظل حيوان البر وفي أغصانها سكنت طيور السماء وطعم منها كل البشر. كنت أرى في رؤى رأسي على فراشي وإذا بساهر وقدوس نزل من السماء. فصرخ بشدة وقال هكذا. اقطعوا الشجرة واقبضوا أغصانها وانثروا أوراقها وابذروا ثمرها ليهرب الحيوان من تحتها والطيور من أغصانها. ولكن اتركوا ساق أصلها في الأرض وبقيد من حديد ونحاس في عشب الحقل وليبتل بندى السماء وليكن نصيبه مع الحيوان في عشب الحقل. ليتغير قلبه عن الإنسانية وليعط قلب حيوان ولتمض عليه سبعة أزمنة. هذا الأمر بقضاء الساهرين والحكم بكلمة القدوسين لكي تعلم الأحياء أن العلي متسلط في مملكة الناس فيعطيها من يشاء وينصب عليها أدنى الناس. هذا الحلم رأيته أنا نبوخذ نصر الملك. أما أنت يا بلطشاصر فبين تعبيره لأن كل حكماء مملكتي لا يستطيعون أن يعرفوني بالتعبير. أما أنت فتستطيع لأن فيك روح الآلهة القدوسين" (دانيال 4: 9 _ 18).

تعبير الحلم سيأتي فيما يلي من حديث، ولكن الذي يهمنا أن تحدث عنه هنا هو "الساهر القدوس" (دانيال 4: 13) و "قضاء الساهرين... وكلمة القدوسين" (دانيال 4: 17).

لقد أثارت هذه النصوص الكثير من الجدل بين المفسرين. فقال بعضهم أن الساهر القدوس الذي نزل من لسماء هو ملاك وبالتالي فإن الساهرين في عدد 17 هم أيضاً ملائكة واعتمدوا في تفسيرهم على كلمات سفر زكريا "فتفرح أولئك السبع.. إنما هي أعين الرب الجائلة في كل الأرض" (زكريا 4: 10) وعلى ما جاء في سفر أشعياء 62: 6 "على أسوارك يا أورشليم أقمت حراساً لا يسكتون كل النهار وكل الليل على الدوام"

ولكننا نخالف هؤلاء المفسرين ونقول أن الساهر القدوس هو الرب الذي نقرأ عنه "في كل مكان عينا الرب مراقبتين الطالحين والصالحين" (أمثال 15: 3) ونقرأ عنه أيضاً "عيناه تراقبان الأمم" (مزمور 66: 7). وهو بذاته الذي قضى وحكم على نبوخذ نصر بأن يتغير قلبه عن الإنسانية ويعطى قلب حيوان. ولا يعقل أن يصدر هذا القضاء وهذا الحكم من الملائكة إذ ليس في قدرة الملائكة أن يقضوا قضاء أو يصدروا حكماً.

ويتفق هذا التفسير مع كلمات دانيال للملك "وحيث رأى الملك ساهراً وقدوساً نزل من السماء وقال اقطعوا الشجرة وأهلكوها ولكن اتركوا ساق أصلها في الأرض... فهذا هو التعبير أيها الملك وهذا هو قضاء العلي الذي يأتي على سيدي الملك" (دانيال 4: 23 و 24).

         فالقضاء هو قضاء العلي "قضاء الساهرين" والحكم هو حكم العلي "كلمة القدوسين" (دانيال4: 17).

أما كيف يتحدث الكتاب عن الله بلغة الجمع لا بلغة المفرد فأننا نرى هذا في اسم الجلالة "الوهيم" وهو اسم جمع لله. ونجد هذا الاسم "الوهيم" في تكوين 1: 1، فالذي قضى وحكم على الملك نبوخذ نصر هو الثالوث العظيم، وفي سفر دانيال يظهر الثالوث بصورة واضحة. فنحن نرى الله الآب "القديم الأيام" (دانيال 7: 9) والله الابن "مثل ابن الإنسان" (دانيال 7: 13) والله الروح القدس ساكناً في دانيال ومعطياً إياه الحكمة والمعرفة ومرشداً له في تعبير أحلام الملك. (دانيال 4: 8 و 9 و 18).

ويعترف الملك في حديثه لدانيال بأن قدرته على تعبير الحلم مصدرها الروح القدس الذي فيه فيقول له "أما أنت فتستطيع لأنك فيك روح الآلهة القدوسين" (دانيال 4: 18).

"حينئذ تحير دانيال الذي اسمه بلطشاصر ساعة واحدة وأفزعته أفكاره. أجاب الملك وقال بلطشاصر لا يفزعك الحلم ولا تعبيره. فأجاب بلطشاصر وقال يا سيدي الحلم لمبغضيك وتعبيره لأعاديك. الشجرة التي رأيتها التي كبرت وقويت وبلغ علوها إلى السماء ومنظرها إلى كل الأرض. وأوراقها جميلة وثمرها كثير وفيها طعام للجميع وتحتها سكن حيوان البر وفي أغصانها سكنت طيور السماء. إنما هي أنت يا أيها الملك الذي كبرت وتقويت وعظمتك قد زادت وبلغت علوها إلى السماء وسلطانك إلى أقصى الأرض. وحيث رأى الملك ساهراً وقدوساً نزل من السماء وقال اقطعوا الشجرة وأهلكوها ولكن اتركوا ساق أصلها في الأرض وبقيد من حديد ونحاس في عشب الحقل وليبتل بندى السماء وليكن نصيبه مع حيوان البر حتى تمضي عليه سبعة أزمنة. فهذا هو التعبير أيها الملك وهذا هو قضاء العلي الذي سيأتي على سيدي الملك. يطردونك من بين الناس وتكون سكناك مع حيوان البر ويطعمونك العشب كالثيران ويبلونك بندى السماء فتمضي عليك سبعة أزمنة حتى تعلم أن العلي متسلط في مملكة الناس ويعطيها من يشاء. وحيث أمروا بترك ساق أصول الشجرة فإن مملكتك تثبت لك عندما تعلم أن السماء سلطن. لذلك أيها الملك فلتكن مشورتي مقبولة لديك وفارق خطاياك بالبر وآثامك بالرحمة للمساكين لعله يطال اطمئنانك" (دانيال 4: 19 _ 27).

يلخص المفسر المعروف "كيل Keil" الموقف الذي مر به دانيال فيقول "لقد عرف دانيال تعبير الحلم في الحال، ولكنه تحير وأفزعته أفكاره بسبب معرفته بما قضى به الله على الملك. ولقد أفزعته أفكاره أيضاً لأنه كان يتمنى للملك نبوخذ نصر كل خير، ولأنه كان عليه أن يخبر الملك بقضاء الله المخيف عليه"

ويقيناً أن دانيال لم يبق صامتاً ساعة واحدة بسبب معرفته لتعبير الحلم وما يعنيه للملك، بل بالأكثر لأنه أراد أن يتلقى إرشاداً سماوياً عن كيف ينقل تعبير الحلم بكلمات مناسبة يخبر بها الملك عن المصير المحزن الذي قضى به الله العلي عليه.

أحس الملك بفزع دانيال، ولعله قرأ هذا الفزع على قسمات وجهه فقال ل "لا يفزعك الحلم ولا تعبيره" (دانيال 4: 19( واستخدم دانيال كلمات حكيمة تليق بملك سيمر بمحنة رهيبة، ولم تكن الكلمات تملقاً فدانيال لم يعرف التملق بل كانت إعداداً للملك ليستمع إلى التعبير.

قال دانيال للملك "يا سيدي الحلم لمبغضيك وتعبيره لأعاديك" واستطرد يقول "الشجرة التي رأيتها التي كبرت وقويت وبلغ علوها إلى السماء ومنظرها إلى كل الأرض وأوراقها جميلة وثمرها كثير وفيها طعام للجميع وتحتها سكن حيوان البر وفي أغصانها سكنت طيور السماء. إنما هي أنت يا أيها الملك الذي كبرت وتقويت وعظمتك قد زادت وبلغت إلى السماء وسلطانك إلى أقصى الأرض" (دانيال 4: 19 _ 22).

استخدم الكتاب المقدس في أكثر من موضع الشجر كرمز للإنسان سواء كان باراً أم شريراً.

يقول داود عن الإنسان البار الذي يلهج في ناموس الرب نهاراً وليلاً "فيكون كشجرة مغروسة عند مجاري المياه. التي تعطي ثمرها في أوانه. وورقها لا يذبل. وكل ما يصنعه ينجح" (مزمور 1: 3) ويقول عن الإنسان الشرير "قد رأيت الشرير عاتياً وارفاً مثل شجرة ناضرة. عبر فإذا هو ليس بموجود والتمسته فلم يوجد" (مزمور 27: 35 و 36).

ونبوخذ نصر الملك كان مثل شجرة شارقة ناضرة أكل الجميع من ثمرها وتحتها استظل حيوان البر، وبلغ سلطانه إلى أقصى الأرض.

ويتابع دانيال تعبيره فيقول "وحيث رأى الملك ساهراً وقدوساً نزل من السماء وقال اقطعوا الشجرة وأهلكوها ولكن اتركوا ساق أصلها في الأرض وبقيد من حديد ونحاس في عشب الحقل وليبتل بندى السماء وليكن نصيبه مع حيوان البر حتى تمضي سبعة أزمنة. فهذا هو التعبير أيها الملك وهذا هو قضاء العلي الذي يأتي على سيدي الملك. يطردونك من بين الناس وتكون سكناك مع حيوان البر ويطعمونك كالثيران ويبلونك بندى السماء فتمضي عليك سبعة أزمنة حتى تعلم أن العلي متسلط في مملكة الناس ويعطيها من يشاء. وحيث أمروا بترك ساق أصول لشجرة فإن مملكتك تثبت لك عندما تعلم أن السماء سلطان. لذلك أيها الملك فلتكن مشورتي مقبولة لديك وفارق خطاياك بالبر وآثامك للمساكين لعله يطال اطمئنانك" (دانيال 4: 23 _ 27).

لقد أعلن دانيال للملك نبوخذ نصر إن الغرض الإلهي من المحنة التي سيمر بها أن يعلم أن العلي متسلط في مملكة الناس ويعطيها من يشاء. وهذا ذات ما سمعه نبوخذ نصر في حلمه "هذا الأمر بقضاء الساهرين والحكم بكلمة القدوسين لكي تعلم الأحياء أن العلي متسلط في مملكة الناس فيعطيها من يشاء وينصب عليها أدنى الناس" (دانيال 4: 17).

فغرض الله من محنة نبوخذ نصر هو أن يعلن له سيادته التامة وسلطانه المطلق على خليقته. وأن يريه أن الله يأتي بأدنى الناس ويجعله سيداً لشعبه فهو وحده صاحب السلطان المطلق. وهذا ما سجله حزقيال بكلماته "هكذا قال السيد الرب.. فتعلم جميع أشجار الحقل إني أنا الرب وضعت الشجرة الرفيعة ورفعت الشجرة الوضيعة ويبست الشجرة الخضراء وأفرخت الشجرة اليابسة. أنا الرب تكلمت وفعلت" (حزقيال 17: 22 و 24).

وعرّف دانيال الملك أن محنته ستدوم "سبعة أزمنة" (دانيال 4: 23) والزمان الكتابي هو سنة، والسبعة الأزمنة سبع سنين ويتضح هذا المفهوم مما جاء في سفر رؤيا يوحنا حيث نقرأ "والمرأة هربت إلى البرية حيث لها موضع معد من الله لكي يعولوها هناك ألفاً ومئتين وستين يوماً" (رؤيا 12: 6) أي ثلاث سنين ونصف ويعود كاتب الرؤيا فيقول "فأعطيت المرأة جناحي النسر العظيم لكي تطير إلى البرية إلى موضعها حيث تعال زماناً وزمانين ونصف زمان من وجه الحية" (رؤيا 12: 14). فالثلاث سنين ونصف عبر عنها الوحي بأنها زمان وزمانين ونصف زمان. وعلى هذا يكون الزمان سنة كاملة وتكون مدة جنون الملك نبوخذ نصر سبع سنوات.

بعد أن أنهى دانيال حديثه عن تعبير الحلم قدم للملك مشورة صالحة فقال له "فلتكن مشورتي مقبولة لديك وفارق خطاياك بالبر وآثامك بالرحمة للمساكين لعله يطال اطمئنانك" (دانيال 4: 27) هنا يقف دانيال من الملك موقف المبشر لا موقف المعبر، ويقدم له مشورة هي في مضمونها رسالة الانجيل. فهو أولاً يتعامل مع خطايا الملك بغير خوف أو تملق ويطالبه بالتوبة الحقيقية.

"فارق خطاياك" (دانيال 4: 27)

والتوبة الحقيقية هي ترك الخطية.. مفارقة الخطية "ليترك الشرير طريقه ورجل الاثم أفكاره وليتب إلى الرب فيرحمه وإلى إلهنا لأنه يكثر الغفران" (أشعياء 55: 6).

لقد ارتكب نبوخذ نصر الكثير من الخطايا والآثام في ملكه، وكان عليه أن يتوب ليهبه الله بره الصحيح.

وفي مشورة دانيال للملك نرى كيف أنه يتوسل إليه لكي يسلم حياته لله، وهو أمر يعلن عن مدى شجاعة دانيال كخادم للرب، ويدفعنا إلى تقدير خادم الرب الأمين كل التقدير.

لقد طبق دانيال كلمات بولس التي قالها تيموثاوس "اكرز بالكلمة اعكف على ذلك في وقت مناسب وغير مناسب. وبخ انتهر عظ بكل أناة وتعليم" (2 تيموثاوس 4: 2).

وأشار أن الملك استمع إلى مشورة دانيال بغير اكتراث، وأنه لم يتب، لكن دانيال نجى نفسه من دم الملك الذي أصر على طريقه الأثيم. (اقرأ حزقيال 33: 7 _ 10)


الملك المجنون

"كل هذا جاء على نبوخذ نصر الملك. ند نهاية اثني عشر شهراً كان يتمشى على قصر مملكة بابل. وأجاب الملك فقال أليست هذه بابل العظيمة التي بنيتها لبيت الملك بقوة اقتداري ولجلال مجدي. والكلمة بعد بفم الملك وقع صوت من السماء قائلاً "لك يقولون يا نبوخذ نصر الملك إن الملك قد زال عنك. ويطردونك من بين الناس وتكون سكناك مع حيوان البر ويطعمونك العشب كالثيران فتمضي عليك سبعة أزمنة حتى تعلم أن العلي متسلط غي مملكة الناس وانه يعطيها من يشاء" (دانيال 4: 28 _ 32).

"في تلك الساعة تم الأمر على نبوخذ نصر فطرد من بين الناس وأكل العشب كالثيران وابتل جسمه بندى السماء حتى طال شعره مثل النسور وأظفاره مثل الطيور" (دانيال 4: 28 _ 33).

"الكثير التوبخ المقسى عنقه بغتة يكسّر ولا شفاء" (أمثال 29: 1).

وقد وبخ الله الملك أكثر من مرة، وكلمه بالأحلام ومع ذلك لم يسمع، وكان لا بد أن يكسر.

وقد كسر الله الملك بغتة عندما ظهرت كبرياؤه واضحة، فقال في زهوه وتجبره "أليست هذه بابل العظيمة التي بنيتها لبيت الملك بقوة اقتداره؟.. وأين جلال مجده؟

لقد تغير قلبه أو بتعبير آخر تغير عقله، فالقلب والعقل مترادفان في كلمة الله، واعطى عثل حيوان.

(اقرأ جامعة 2: 1 ولوقا 2: 51) لقد ضربه الله بالجنون.. جنون من النوع الذي يسميه طب العقل

"Lycanthropy"، وهو جنون يجعل من يصاب به يتصور أنه ذئب.. وفي حالة نبوخذ نصر تصور الملك بأنه ثور. ويسجل قاموس الطب النفسي "Dictionary of Psychological Medicine" : "إن هذا النوع من الجنون يسبب الفقدان التام لشخصية المريض به واعتقاده بأنه تغير إلى حيوان.. واكتشاف هذه الحقائق يعد من أهم الاكتشافات في تاريخ علم النفس"

لقد جن الملك العظيم، ضربه الله بالجنون بسبب كبريائه "قبل الكسر الكبرياء وقبل السقوط تشامخ الروح" (أمثال 16: 18)

ولسبع سنين عاش الملك نبوخذ نصر في هذا الهوان.

من الذي قام بمهام العرش خلال مدة جنونه؟

لعل دانيال قد قام بدور كبير في إعطاء المشورة لرجال البلاط الملكي. ولعله أخبرهم عن المدة الزمنية التي سيقضيها الملك بمرضه العقلي الذي نزل به إلى مرتبة الحيوان. ويقال أن الملكة زوجة نبوخذ نصر قد لعبت دوراً هاماً خلال هذه الحقيبة من التاريخ، وكانت تحترم وتقدر مشورة دانيال كل التقدير (دانيال 5: 9 - 12)


الملك المتجدد المتزن

"وعند انتهاء الأيام أنا بنوخذ نصر رفعت عيني إلى السماء فرجع إلى عقلي وباركت العلي وسبحت وحمدت الحي إلى الأبد الذي سلطانه سلطان أبدي وملكوته إلى دور فدور. وحسبت جميع سكان الأرض كلا شيء وهو يفعل كما يشاء في جند السماء وسكان الأرض ولا يوجد من يمنع يده أو يقول له ماذا تفعل. في ذلك الوقت رجع إليّ عقلي وعاد إليّ جلال مملكتي ومجدي وبهائي وطلبني مشيري وعظمائي وتثبت على مملكتي وازدادت لي عظمة كثيرة. فالآن عدل ومن يسلك بالكبرياء فهو قادر على أن يذله" (دانيال 4: 34 - 37)

يقول الملك "وعند انتهاء الأيام أنا نبوخذ نصر رفعت عيني إلى السماء فرجع إليّ عقلي" (دانيال 4: 34)

لا شك أن الله أعطاه هذه المعرفة بكيفية ما، وعندئذ رفع عينيه إلى السماء. ورفع العينين إلى السماء يعني رفع العينين إلى الله ساكن السماء. وهذا نراه في كلمات دانيال "عندما تعلم أن السماء سلطان" (دانيال 4: 26) أو بمعنى آخر عندما تعلم أن ساكن السماء سلطان. وهو تعبير يقال حتى في لغتنا الحديثة فنحن نشير إلى الملك بقولنا "القصر الملكي" وحين يقوم نزاع بين الملك وبين حزب من الأحزاب يقال "نزاع بين القصر والحزب أياً كان اسمه".

وعندما رفع نبوخذ نصر عينيه إلى الله ساكن السماء يقول "فرجع إليّ عقلي" وهو هنا كالابن الضال الذي نقرأ عنه "فرجع إلى نفسه" (لوقا 15: 17)

وعندما يرجع الإنسان إلى عقله ويرفع عينيه إلى الله لا بد أن يبارك الله... لقد تجدد الملك نبوخذ نصر.. عرف الله الحي الحقيقي تاب عن كبريائه.

اسمعه يقول "فرجع إليّ عقلي وباركت العلي وسبحت وحمدت الحي إلى الأبد الذي سلطانه أبدي وملكوته إلى دور فدور" (دانيال 4: 34)

لقد مجد اسم الله، وسبح وحمد الإله الحقيقي وحده، وعرف يقيناً أنه صاحب السلطان الأبدي، وإن سلطانه لا يحد بحدود زمنية كسلطان الإمبراطورية البابلية التي ستعقبها الإمبراطورية الفارسية، وإنما سلطانه وملكوته إلى دور فدور.

وعرف نبوخذ نصر ما عرفه أشعياء النبي عنه بالكلمات "هوذا الأمم كنقطة من دلو وكغبار الميزان تحسب.. كل الأمم كلا شيء قدامه. ومن العدم والباطل تحسب عنده" (أشعياء 40: 15 و 17). وها هو الملك يقول "وحسبت جميع سكان الأرض كلا شيء".

وعرف الملك سيادة الله المطلقة في الكون كله.. في السماء وعلى الأرض.. وسلطانه الكامل الذي لا يقف أمامه أحد. "وهو يفعل كما يشاء في جند السماء  وسكان الأرض ولا يوجد من يمنع يده أو يقول له ماذا يفعل" (دانيال 4: 35). قديماً قال عنه أيوب "إذا خطف فمن يرده ومن يقول له ماذا تفعل" (أيوب 9: 12) وقال عنه داود "الرب في السموات ثبت كرسيه ومملكته على الكل تسود" (مزمور 103: 19)

مع عودة الملك إلى اتزانه وعقله، أعاد الله له جلال مملكته وهذا عمل نعمة الله تغفر خطايانا، وتعطينا قلباً جديداً، وفي ذات الوقت تمنحنا كل شيء بغنى للتمتع. وهكذا يقول نبوخذ نصر "عاد إلى جلال مملكتي وبهائي... وتثبت على مملكتي وازدادت لي عظمة كثيرة" (دانيال 4: 36)

كانت آخر كلمات نبوخذ نصر في خطابه التاريخي واختباره الفريد "فالآن أنا نبوخذ نصر أسبح وأعظم وأحمد ملك السماء الذي كل أعماله حق وطرقه عدل ومن يسلك بالكبرياء فهو قادر على أن يذله" (دانيال 4: 37)

خرج نبوخذ نصر من حمأته وبدأ يسبح الله، وكأنه يقول مع داود "انتظاراً انتظرت الرب فمال إليّ وسمع صراخي. وأصعدني من جب الهلاك من طين الحمأة وأقام على صخرة رجلي. ثبت خطواتي وجعل في فمي ترنيمة جديدة تسبيحة لإلهنا. كثيرون يرون ويخافون ويتوكلون على الرب" (مزمور 40: 1 - 3)

وعرف الملك ثلاث حقائق هامة عن الله.

أولاً: أن كل أعماله حق

ثانياً: أن كل طرقه عدل "عادلة وحق هي طرقك يا ملك القديسين" (رؤيا 15: 3)

ثالثاً: أن من يسلك بالكبرياء فهو قادر على أن يذله.

ويسترعي إلى انتباهنا أن نبوخذ نصر لم يصدر أمراً ملكياً في إمبراطوريته يأمر فيه رعاياه بعبادة الله.. وذلك لأنه أدرك أن اختبار الخلاص لا يوهب بالأوامر الملكية وإنما هو اختبار فردي مؤسس على الإيمان الشخصي القلبي بالإله الحي. لقد عرف أن الله العلي ليس بحاجة إلى من يقاتل عنه. كل ما فعله الملك أنه عظم الله وحمده، وافتخر بمعرفته له وهذا قصد الله في حياة كل مؤمن.

"هكذا قال الرب. لا يفتخرن الحكيم بحكمته ولا يفتخر الجبار بجبروته ولا يفتخر الغني بغناه. بل بهذا ليفتخرن المفتخر بأنه يفهم ويعرفني أني أنا الرب الصانع رحمة وقضاء وعدلاً في الأرض لأني بهذه أسر يقول الرب" (إرميا: 9: 23 و 24)

هذا ما فعله نبوخذ نصر، وإني لفي شوق للقاء الملك العظيم، حين يتلاشى الزمن وندخل في رخاب الأبدية السعيدة.

  • عدد الزيارات: 20769