Skip to main content

الفَصلُ التاسِعُ رَجُلٌ إسمُهُ بطرُس - صِناعَةُ شخصيَّةٍ مُهِمَّة من نَكِرَة

الصفحة 2 من 3: صِناعَةُ شخصيَّةٍ مُهِمَّة من نَكِرَة

صِناعَةُ شخصيَّةٍ مُهِمَّة من نَكِرَة

بعدَ إختِبار الإنكار الرَّهِيب هذا، يُسجِّلُ يُوحنَّا إصحاحاً آخَرَ في إنجيلِه عن العلاقَةِ بينَ يسُوع وبُطرُس (يُوحنَّا 21). إنَّ يسُوعَ صُلِبَ ودُفِنَ وقام. يبدُو أنَّ بطرُس كانَ قد رجعَ إلى مهنَةِ الصيد. بإمكانِكُم أن تتَصَوَّرُوا الفَشَل وخَيبَةَ الأَمَل عندَ الرُّسُل في هذهِ المَرحَلَة. بإمكانِكُم أيضاً أن تتصوَّرُوا الشعُورَ بالذنبِ الرَّهيب الذي كانَ بُطرُس يختَبِرُهُ، لكونِهِ أنكَرَ رَبَّهُ ثلاثَ مرَّات.

عندها ظهَرَ الرَّبُّ لبُطرُس ولأُولئكَ الذين كانُوا يصطادُونَ معَهُ. وبِحُضُورِ سبعة من الرِّجال الذين كانُوا موجُودينَ في العُلِّيَّة عندما إفتَخَرَ بطرُس قائِلاً أنَّهُ لن يُنكِرَ سَيِّدَهُ، سألَهُ يسُوعُ ثلاثةَ أسئِلةٍ صعبة. بِحُضُورِ هؤُلاء الرِّجال الآخرين، دارَ حَديثٌ بينَ يسُوع وبُطرُس، وكانَ مُؤدَّى هذا الحديث:

بعدَ الغَداء، قالَ يسُوعُ لبُطرُس ما معناهُ، "يا بُطرُس، أتُحِبُّني فعلاً أكثَرَ ممَّا يُحِبُّني هؤُلاء؟" عندما سألَ يسُوعُ هذا السؤال، إستَخدَمَ كلمة Agape، التي تعني المحبَّة الكامِلة التامَّة التي يَصِفُها بُولُس في 1كُورنثُوس 13 – المحبَّة الحقيقيَّة. فأجابَ بطرُس مُستَخدِماً كلمةً أُخرى للمحبَّة، Phileo. تَصِفُ هذه الكَلِمَةُ ذلكَ النَّوع من المحبَّة الذي يعني الصداقة. فكانَ بطرُس يُجيبُ بما معناهُ، "أنتَ تعرِفُ الجوابَ على هذا السُّؤال يا رَبّ. أنتَ تعرِفُ أنَّني مُجرَّدُ صديقِكَ. أنتَ تعرِفُ قَلبِي. وأنتَ تعرِفُ أنَّني أُحِبُّكَ بمحبَّةِ (فيلِيُو). لقد إستَخدَمَ بطرُس هذه الكلمة التي تختَلِفُ عن المحبَّة الكامِلَة التامَّة الحقيقيَّة، التي تأتي من الله، وتُؤتي إلتزاماً أو تكريساً كامِلاً.

لقد أجابَ بُطرُس بصِدق. فهُوَ الآن لم يعُد يتبجَّحُ، ولكنَّهُ يعتَرِفُ. وهُوَ لا يقُولُ، "أنا أُحِبُّكَ أكثَر مِمَّا يُحِبُّكَ الآخرُون." وكأنَّ الرَّبَّ يسألُهُ، "يا بُطرُس، أتُحِبُّني بِكُلِّ قَلبِكَ وعقلِكَ ونفسِكَ وقُدرتِكَ؟" ويُجيبُ بطرُس، "أنتَ تعرِفُ الجوابَ يا رَبّ. أنتَ تعرِفُ أنَّ محبَّتي لكَ لا تتعدَّى حُدُودَ الصَّداقَة."

لم يَعُد بُطرُس مُتَكَبِّراً ولا مُتَبَجِّحاً، بل أصبَحَ مكسُوراً، ومِسكيناً في الرُّوح. ولكن هُنا يكمُنُ الشَّيءُ المُثيرُ للإهتِمام عن هذا الحِوار العَميق بينَ يسُوع وبُطرُس. فعندما إعتَرَفَ بُطرُس للرَّبِّ بأنَّ محبَّتَهُ هي فقط صداقَة، قالَ لهُ الرَّبُّ، "إرعَ غَنَمي يا بطرُس." فأنا أُريدُ شخصاً مثلَكَ يعرِفُ ماذا يعني الفشَل برِعايَةِ غَنَمي. وأنا لا أُريدُ شخصاً كَمَالِيَّاً يضَعُ مُتَطلِّبات غير واقِعيَّة على خِرافي. أُريدُ شخصاً مكسُوراً. أُريدُ شخصاً مُتواضِعاً. أُريدُ شخصاً عَطُوفاً يهتَمُّ ويرعى الناس الفاشِلين. أُريدُ شخصاً مثلَكَ ليَرعَى غنَمي يا بُطرُس."

مرَّةً ثانَية طرَحَ الرَّبُّ السُّؤال، "يا بطرُس، أَتُحِبُّني فعلاً؟" ولقد إستَخدَمَ مرَّةً ثانِيَةً كلمة "آغابِّي." فأجابَ بطرُس ثانِيَةً بكلمة "فيليُو." وكانَ جوهَرُ جواب بُطرُس، "أنتَ تعرِفُ الجوابَ على هذا السُّؤال. أنتَ تعرِفُ أنَّني مُجرَّدُ صَديقِكَ." هذه المرَّة، قالَ الرَّبُّ، "إذن، إرعَ غَنَمي يا بطرُس." وأضافَ يسُوع، "إهتَمّ بغَنَمي يا بطرُس. فأنا أُريدُ شخصاً مثلَكَ لكي يهتَمَّ بِغَنَمي."

ولِلمَرَّةِ الثالِثة، سألَ الرَّبُّ، "يا بُطرُس، أَتُحِبُّني؟" هذه المرَّة إستخدَمَ يسُوعُ كلمة "فيلِيُو." وكأنَّ يسُوعَ يسأل، "يا سِمعان بن يُونا، هل أنتَ حتَّى صَدِيقِي؟ وكأنَّهُ يسألُ، "هل تَصِلُ محبَّتُكَ حتَّى إلى مُستَوى الصداقة؟ هل تَكِنُّ لي حتَّى هذا المقدار من المحبَّة؟"

لِهذا تألَّمَ بطرُس من الطريقة التي سألَهُ بها الرَّبُّ سُؤالَهُ للمرَّةِ الثالِثة. أعتَقِدُ أنَّ صَوتَ بطرٍُس غصَّ بالعاطِفة عندما أجاب، "يا رَبّ، أنتَ تعرِفُ قلبي. أنتَ تعرِفُ كُلَّ شَيء. أنتَ تعرِفُ أنَّني أكُنُّ لكَ على الأقل هذا المِقدار من المحبَّة." وللمرَّةِ الثالِثة، عندما إعتَرَفَ بطرُس بنَوعِيَّةِ محبَّتِهِ السطحِيَّة، قالَ الرَّبُّ لهذا الرَّجُل المكسُور القلب والمُتواضِع، "إرعَ غَنَمي يا بُطرُس." إنَّ بُطرُس الذي نلتَقي بهِ هُنا هُوَ شخصٌ مكسُورٌ ومتُواضِع.

التلخيصُ والتطبيق
الصفحة
  • عدد الزيارات: 7318