Skip to main content

الفَصلُ التاسِعُ رَجُلٌ إسمُهُ بطرُس

الصفحة 1 من 3

إذ نُتابِعُ دراستَنا لقِيَمِ المسيح، دَعُوننا نتأمَّلُ بالقِيمَةِ التي وضَعها يسُوعُ على رَجُلٍ إسمُهُ "بُطرُس". عندما إلتَقى يسُوعُ بِبُطرُس، كانَ إسمُهُ سِمعان. وإن كانَ هُناكَ أيُّ شَيءٍ يُمَيِّزُ سِمعان عندما إلتَقاهُ يسُوع، فهُوَ عدَم الإستِقرار أو التقلُّب. تقُولُ إحدَى ترجمات الكتاب المقدَّس، "كانَ أحدُ هؤُلاء الرِّجال أندراوُس، أخُو سِمعان بُطرُس. فذهبَ أندراوُس ووجدَ أخاهُ بُطرُس، وقالَ لهُ، "لقد وجَدنا مَسِيَّا." فجاءَ بِبطرُس إلى يسُوع. فنظرَ يسُوعُ بتمعُّنٍ إلى بُطرُس وقالَ، "أنتَ سِمعانُ إبنُ يُونا، أنتَ تُدعى بطرُس الصخرة."

لقد أعطانا يسُوعُ مِثالاً عظيماً عندما حدَّقَ بِبُطرُس، ودعاهُ صخرة. ولكن، هل كانَ بطرُس ثابِتاً كالصخر؟ كلا، لم يكُنْ كذلكَ البتَّة. ولكنَّ يسُوع لم يرَ بُطرُس فقط كما كانَ عليهِ عندما رآهُ؛ بل رآهُ كما كانَ سيُصبِحُ في المُستَقبَل. جَرِّبْ هذه النظرة على بِناءِ العلاقاتِ معَ أولادِكَ. وجرِّبْ هذا على زوجَتِكَ. وجرَّبْ هذا على الأشخاص الذين يعمَلُونَ عندَكَ، أو الذين تعمَلُ معَهُم، وعلى أيِّ شَخصٍ تبني معَهُ علاقة. حاوِلْ أن تجعلَهُم يعرِفُونَ أنَّكَ تَثِقُ بطاقتِهم وقُدرَتِهم أن يكُونُوا كما يُريدُهم اللهُ أن يكُونوا. إنَّ إعطاءَ قيمة التشجيع الإيجابِيّ لِشخصٍ ما هُوَ تعبِيرٌ عن محبَّتِكَ لهذا الشخص. إنَّ هذا النَّوع من المَحَبَّةِ هُوَ مُلهِمٌ لهُؤلاء، وهُمَ لا يستَطيعُونَ مُقاومتَهُ. هذا ما قصدَهُ بُولُس عندما قالَ لنا أنَّ "...المحبَّة تُصَدِّقُ كُلَّ شَيءٍ، ترجُو كُلَّ شَيءٍ، تحتَمِلُ كُلَّ شَيءٍ وتصبِرُ على كُلِّ شَيء،" وأنَّها لا تسقُطُ أبداً. (1كُورنثُوس 13: 7، 8)

نرى إصحاحاً آخرَ في علاقَةِ يسُوع معَ بُطرُس عندما سألَ الرَّبُّ الرُّسُلَ، "من تقُولُونَ أنِّي أنا؟" فجاءَ بطرُس بالجوابِ الصحيح، "أنتَ هُوَ المسيح، إبن الله." فأجابَ يسُوعُ بما معناهُ، "أنتَ لستَ بهذا الذَّكاء يا بُطرُس. بل أبي الذي في السماوات هُوَ أعلنَ لكَ ذلكَ." (متَّى 16: 16، 17)

ثُمَّ تابَعَ يسُوعُ القَول أنَّ إيمانَ بطرُس كانَ الصخرة التي علَيها كانَ سيبنِي كنيستَهُ. أعتَقِدُ أنَّ يسُوعَ قصدَ أن يقُول أنَّ كَنيستَهُ كانت ستُبنَى على مُعجِزَةِ كونِ إنسانٍ مثل بطرُس قد أخذَ إعلاناً مثل الذي أخذَهُ بطرُس آنذاك. بكلماتٍ أُخرى، كانَ يسُوعُ سَيبنِي كنيستَهُ على مُعجِزَةِ أنَّ اللهَ يعمَلُ أُمُوراً غَير إعتِيادِيَّة من خلالِ أشخاصٍ إعتِيادِيِّين جداً، لمُجرَّدِ أنَّهُم جعَلُوا أنفُسَهُم مُتَوفِّرِينَ لهُ. فعبرَ سَردِ الإنجيل للعلاقَةِ بينَ يسُوع وبطرُس، نرى مرَّةً بعدَ الأُخرى محبَّةَ يسُوع تُؤكِّدُ لبُطرُس بإستمرار قائِلةً، "أنتَ تستطيعُ أن تعمَلَ ذلكَ يا بُطرُس. بمُساعَدَتِي، أنتَ تستطيعُ أن تعمَلَ ذلك."

في نهايَةِ وقتِهِم معاً، عرفَ يسُوعُ أنَّ جَميعَ الرُّسُل سوفَ يتَخَلُّونَ عنهُ ويهرُبُون، قبلَ أن ينتَهي الليل، وعرفَ أنَّ بطرُس كانَ على وشكِ إنكارِهِ لهُ. هُنا نجِدُ هذه الكلمات الجميلة المُسجَّلَة عن يسُوع. وأنا مُتَيقِّنٌ أنَّ بطرُس إستطاعَ أن يرى المحبَّةَ في عَينَي الرَّب، عندما قالَ لهُ الرَّبُّ: "سِمعانُ سمعان، هُوَّذا الشَّيطانُ قد طَلَبَكُم لِكَي يُغَربِلَكُم كالحِنطة. ولكنِّي صَلَّيتُ من أجلِكَ لكَي لا يفنَى إيمانُكَ. وأنتَ متى رجعتَ [أي متى رجعتَ إليَّ] ثَبِّتْ إخوَتَك." (لُوقا 22: 31)

إذا وفَّقتَ بينَ الأناجيل الأربَعة، ستُدرِكُ أنَّ بطرُس قالَ هُنا ليسُوع، "أنا مُستَعِدٌّ أن أُسجَنَ وأمُوتَ معكَ." فأجابَ الرَّبُّ (وأعتَقِدُ أنَّهُ أجابَهُ بعينين مملُووءَتينِ بالمحبَّةِ لبُطرُس)، "أقُولُ لكَ يا بطرُس، لن يصيحَ الدِّيكُ قبلَ أن تُنكِرَ ثلاثَ مرَّاتٍ أنَّكَ تعرِفُني." قد تكُونُ على عِلمٍ أنًَّ كلماتِ يسُوع هذه كانت نُبُوَّةً، ولقد تمَّمَ بُطرُس هذه النُّبُوَّة بحذافِيرِها. فعندما أنكَرَ بطرُس للمرَّةِ الثالِثة أنَّهُ يعرِفُ يسُوع، لِلوَقتِ صاحَ الدِّيك. عندها ظهَرَ يسُوعُ معَ الجُنُودِ الرُّومان الذين كانُوا يُسيئونَ مُعامَلَتَهُم لهُ، ويُخبِرُنا لُوقا أنَّ عيني بطرُس ويسُوع إلتَقَتا. فلا عجَبَ أنَّ بطرُس خرجَ إلى الظُّلمَةِ وبكى بُكاءً مُرَّاً (لُوقا 22: 33- 34، 61- 62).

صِناعَةُ شخصيَّةٍ مُهِمَّة من نَكِرَة
الصفحة
  • عدد الزيارات: 7067