Skip to main content

الفصل الثالث عشر الحَلُّ الذي لا يسقُطُ أبداً

(1كُورنثُوس 13)

بَينَما تقرَأُونَ رسالةَ بُولُس الرَّسُول الأُولى إلى أهلِ كُورنثُوس، تأكَّدُوا من أن تقُومُوا بالملاحَظة التالِيَة، أنَّ إصحاحَ المحبَّةِ هذا يُمكِنُ أن يكُونَ حلاً رُوحيَّاً شامِلاً لكُلِّ المشاكِل التي عالَجها بُولُس في كنيسةِ كُورنثُوس حتى الآن. مثلاً، المُشكِلَة الأُولى التي كانت مُشكِلَة الإنشقاق في كنيستِهم. ماذا كانَ فعلاً في صُلبِ هذا الإنشِقاق؟ كِبرياء، إدِّعاء، أنانِيَّة، مصلحَة ذاتِيَّة، كُلُّ هذا كانَ في صُلبِ إنشِقاقِهم. بينما أعطاهُم حَلاً مُحدَّداً لهذه المُشكِلة في الإصحاحاتِ الأربَعة الأُولى من هذه الرِّسالة، عندما علَّمَ أنَّ المحبَّة وديعَة وتَتَمَحوَرُ حولَ خيرِ الآخرين، كانَ يُعطي هذه الكنيسة حَلاً شامِلاً لمُشكلَةِ إنشقاقِهم."

في الإصحاحِ الخامِس، عالَجَ بُولُس مُشكِلَةَ الأخ الذي كانت لديهِ علاقَةٌ معَ زَوجَةِ أبيه. لاحِظُوا أنَّهُ في صُلبِ حَلِّ بُولُس المُوحَى بهِ لهذه المُشكلة، نجدُ المحبَّة للمسيح، والمحَبَّةَ لكنيستِهِ، والمحبَّةَ للأخِ الساقِط. فكُلُّ تأديبٍ كَنَسِيٍّ في كَلِمَةِ اللهِ مَبنِيَّةٌ على مبدَأِ المحبَّةِ، المُصالَحة، ورَدِّ الأخِ الساقِط عن ضلالِه.

في الإصحاحِ السادس، كانُوا يُقاضُونَ بعضُهم بعضاً، فسألَ بُولُس في صُلبِ ذلكَ الحَلِّ المُحدَّد، "لماذا لا تُظلَمُونَ بالحَرِيّ؟ لماذا لا تُسلَبُونَ بالحَرِيّ، [إن كانَ هذا سيُحافِظُ على شَهادَةِ الكنيسة في مَدينَةِ كُورنثُوس؟] (1كُورنثُوس 6: 7) فكما ترون، المحبَّةُ لا تسعى وراءَ المصلحة الذَّاتِيَّة. ولا تطلُبُ ما  لِنَفسِها. فمَحَبَّةُ آغابِّي ستُكُونُ حَلاً شامِلاً سيجدُ حلاً لمُشكِلَةِ مقاضاتِهم لِبَعضِهم البَعض في محاكِمِ مَدينَةِ كُورنثُوس.

مِمَّا لا شَكَّ فيهِ أنَّ رُوحَ التعليم المُحدَّد عن الزواج في الإصحاحِ السابِع كانَ محبَّة آغابِّي. وما هُوَ السببُ المُحدَّدُ لمُعظَمِ مشاكِلِ الزواجِ عندَ المُؤمنين؟ الأنانِيَّة. وما هُوَ الحلُّ الشامِلُ للأنانِيَّة؟ محبَّةُ آغابِّي، التي هِيَ مُقدَّمَةٌ بِفصاحَةٍ في الإصحاحِ الثالِث عشرَ.

عندما عالجَ بُولُس مُشكِلَةَ أكلِ ما ذُبِحَ للأوثانِ، كتبَ يقُولُ: "العِلمُ ينفُخُ ولكنَّ المحبَّةَ تَبني." (1كُورنثُوس 8: 1) الحلُّ المُحدَّدُ الذي قدَّمَهُ بُولُس لم يكُنْ يتعلِّقُ بما إذا كانَ من الصَّوابِ أم من الخَطَأِ أن نأكُلَ هذا اللحم. كانت القَضِيَّةُ هي التَّالِية؛ كم تُحِبُّ أخاكَ الأضعَف الذي يَظُنُّ أن أكلَكَ من هذا اللحم خطأٌ؟ لقد أحَبَّ يسُوعُ الأخَ الأضعَفَ لدرَجَةِ أنَّهُ ماتَ لأجلِهِ. فهل تُحِبُّهُ كفايَةً لدرجَةِ أن تتخلَّى عن صحنٍ من اللحم من أجلهِ؟

في الإصحاحاتِ التي تُعالِجُ مواهِبَ وخدماتِ الرُّوح من خلالِ الكنيسة، مبدَأُ المَحَبَّة مُشَدَّدٌ عَلَيهِ مُجدَّداً، عندما يُعطي حُلُولَهُ المُحَدَّدَة في الإصحاحِ 12. فالمواهِبُ والخدَماتُ الرُّوحيَّةُ هي ليسَت لبُنيانِكَ أنتَ، بل لِبُنيانِ أخيكَ. تُعطَى هذه المواهِبُ الرُّوحِيَّةُ لخيرِ الأعضاءِ الآخرينَ في الجسد. في الإصحاح 14، المَفهُومُ القائِلُ بأنَّهُ يتوجَّبُ عليكَ أن تبنِيَ الأعضاءَ الآخرين في الجسد، مذكُورٌ أكثَر من أربَعينَ مرَّةً. هذا الإصحاحُ هُوَ بكامِلِهِ عن المحبَّة التي تتمحوَرُ حولَ خدمَةِ الآخرين.

حتَّى عندما تقرأُ تطبيقَ إصحاحِ القيامَة (15)، تجدُ المحبَّة. عندما تفهَمُ إنجيلَ مَوتِ وقيامَةِ يسُوع المسيح الذي خَلَّصَكَ، التَّطبيقُ هُوَ أنَّهُ عَلَيكَ أن تفيضَ في عملِ الرَّبِّ لكيَ يتمكَّنَ الآخرونَ من إختبارِ ذلكَ الخلاص. والمحَبَّةُ هي بالطَّبعِ رُوحُ جمعِ التَّقدِمة من أجلِ مُساعَدَةِ الإخوة القِدِّيسينَ المُتألِّمينَ في أُورشليم في الإصحاح 16؛ هذا أيضاً نمُوذَجٌ جَميلٌ عن الحلِّ العام الذي يُوجدُ في محبَّةِ آغابِّي في الإصحاح 13.

عَبرَ هذه الرسالة إلى الكُورنثِيِّين بكامِلِها، لديكُم حُلُولٌ مُحدَّدَة لمشاكِل مُحَدَّدة. عندما يُنهِي بُولُس نصائحَهُ التَّصحيحيَّة لِلمَشاكِلِ الجسديَّة في كَنيسةِ كُورنثُوس، وعندما يبدَأُ الإصحاح 12 بالكِتابَة: "وأمَّا من جِهَةِ المواهِبِ الرُّوحيَّة أيُّها الإخوة، فَلَستُ أُريدُ أن تجهَلُوا،" يُقدِّمُ بذلكَ حُلولاً رُوحيَّةً شامِلَةً لِمَشاكِلِهم. فإلى جانِبِ عملِ الرُّوحِ القُدُسِ، الترتيبُ الذي سينتُجُ عنهُ بُنيانُ كُلِّ شخصٍ في الكَنيسةِ، القِيامَةِ، والوَكالَةِ، كانت محبَّة آغابِّي أولويَّتَهُ وحَلَّهُ الشامل لكُلِّ المشاكِل في كنيسةِ كُورنثُوس. فهذا الإصحاحُ العَظيمُ عن المحبَّة هُوَ قلبُ الرسالة إلى أهلِ كُورنثُوس. الحلُّ الشامِلُ لكُلِّ المشاكِل في كنيسةِ كُورنثُوس نجدُهُ في هذا الإصحاحِ الرَّائع عنِ المحبَّة.

  • عدد الزيارات: 3084