الفصلُ الثالِثُ عشر الإعتِرافُ المُثَبِّت
في الأعداد الإفتِتاحِيَّة من الإصحاح الرَّابِع، يُخبِرُن يُوحنَّا كيفَ نمتَحِنُ الأرواح. فهُوَ يُحذِّرُنا من الأرواحِ الكاذِبة المَوجُودة في هذا العالم، ويُرينا كيفَ نعرِفُ الفَرقَ بينَ الأرواحِ الخيِّرَة والشرِّيرة: "كُلُّ رُوحٍ يعتَرِفُ بِيسُوعَ المسيح أنَّهُ قد جاءَ في الجسد فهُوَ من الله، وكُلُّ رُوحٍ لا يعتَرِفُ بيسُوع المسيح أنَّهُ قد جاءَ في الجسد فَلَيسَ من الله. وهذا هُوَ رُوحُ ضدّ المسيح."
ولكن كيفَ يعتَرِفُ رُوحٌ أنَّ يسُوعَ قد جاءَ في الجسد؟ يُجيبُ رسُولُ المحبَّةِ على هذا السُّؤال. عندما نُحِبُّ بعضُنا بعضاً، نعتَرِفُ أنَّ يسُوعَ المسيح قد جاءَ في الجسد. بهذه الطريقة، يُخبِرُنا يُوحنَّا أنَّنا عندما نختَبِرُ رُوحَ المسيح الذي يُحِبُّ في جسدِنا المائِت ومن خلالِه، نكُونُ قد وَجَدنا طريقَةً أُخرى بها نعرِفُ أنَّ لدينا إيمانٌ وحياةٌ أبديَّة. يُوافِقُ يُوحنَّا معَ الرسُول بُولُس أنَّ ثمرَ الرُّوح هُوَ محبَّة (غلاطية 5: 22، 23).
ثُمَّ يُعطينا عشرة أسباب لِمحبَّتِنا لِبَعضِنا البَعض (4: 7- 21). أوَّلاً، علينا أن نُحِبَّ بعضُنا بعضاً لأنَّ اللهَ محبَّة. فقط أُولئِكَ الذي تعتَرِفُ أرواحُهم بمحبَّةِ المسيح يستطيعُونَ أن يُحبُّوا، لأنَّ المحبَّةَ الحقيقيَّةَ هي من الله.
ينبَغي أن نُحِبَّ، لأنَّنا بهذه الطريقَة نستطيعُ أن نَعرِفَ التلميذ الحقيقيّ للمسيح من الذين يدَّعُونَ أنَّهُم تلاميذُ المسيح: أُولئكَ الذين يُحِبُّونَ هُم مَولُودُونَ من الله. وأولئكَ الذين لا يُحِبُّونَ لم يُولَدُوا من الله. هذا يجعَلُ من إمتِحانِ الأرواحِ أمراً في غايَةِ البَساطة.
السببُ الثالِثُ الذي يُقدِّمُهُ يُوحنَّا للمحبَّة، يظهَرُ في العدد الثامِن من الإصحاحِ الرابع. ينبَغي أن نُحِبَّ اللهَ لأنَّ اللهَ محبَّة. فالمحبَّةُ هي جَوهَرُ كيانِ الله. فإذا قُلتَ أنَّكَ مَولُودٌ من الله، ينبَغي أن تكُونَ المحبَّةُ بُرهانَ قولِكَ.
في الأعداد 10 و11، يقُولُ يُوحنَّا أنَّهُ علينا أن نُحِبَّ لأنَّنا أُعطِينا أعظَمَ مِثالٍ عنِ المحبَّة. يُشيرُ يُوحنَّا إلى موت يسُوع المسيح على الصليب ويقُول، "في هذا هي المحبَّة... إن كانَ اللهُ قد أحبَّنا هكذا ينبغي لنا أيضاً أن نُِحِبَّ بعضُنا بعضاً." فأنتَ تُظهِرُ أنَّكَ إستَوعبتَ الإنجيل عندما تُحِبُّ بمحبَّةِ آغابِّي.
نقرَأُ في 1يُوحنَّا 4: 16: "اللهُ محبَّة ومن يثبُتْ في المحبَّة يثبُتْ في اللهِ واللهُ فيه." فكِّرْ باللهِ وكأنَّهُ يُحِيطُ بِكَ، كإلهٍ مُحِبٍّ يُريدُ أن يُحِبَّ المُتَألِّمينَ من خِلالِكَ. فالمحبَّةُ هي ما هُوَ الله. اللهُ محبَّة. لهذا، إن ثبتَّ في هذه المحبَّة التي هي الله، تثبُتْ في الله واللهُ يثبُت فيكَ. عندما يحدُثُ هذا، ستَجِدُ طريقَةً أُخرى بها تستطيعُ أن تعرِفَ أنَّكَ تُؤمِن وأن لكَ حياةً أبديَّة.
يكتُبُ يُوحنَّا في العدد 17 من العدد الرابِع أنَّهُ علينا أن نُحِبَّ بعضُنا بعضاً، لأنَّنا إذا فعلنا، سيكُونُ لنا ثِقَةٌ في يومِ الدِّين في الحالَةِ الأبديَّة. وبينما تُفكِّرُونَ عنِ الدينُونة، هل تظنُّونَ أنَّكُم ستقتَرِبُونَ من كُرسِيّ المسيح بِثِقَة؟ يُخبِرُنا يُوحنَّا أنَّنا إذا كُنَّا نُحِبُّ كما ينبَغي، فسوفَ يكُونُ بإمكانِنا أن نقتَرِبَ من الدينُونَة بِثِقَة.
ويكتُبُ يُوحنَّا في العددِ السابِع عشر أنَّهُ علينا أن نُحِبَّ لأنَّهُ "كما هُوَ في هذا العالم، هكذا نحنُ في هذا العالم." فنحنُ، في هذا العالم، جوهَرُ المسيح. فإن كانَ المسيحُ فينا، وإن كانت هذه المحبَّة آغابِّي تُعلِنُ نفسَها وتُعبِّرُ عن نفسِها من خِلالِنا، فسوفَ يكُونُ هذا صحيحاً، "كما هُوَ، هكذا نحنُ أيضاً في هذا العالم."
يُخبِرُنا يُوحنَّا في العدد 18 من الإصحاحِ الرابِع من رسالتِهِ الأُولى، أنَّنا ينبَغي أن نُحِبَّ بعضُنا بعضاً، لأنَّ "المحبَّة الكامِلة تطرُدُ الخوفَ إلى خارِج." فإن أحبَبنا بشكلٍ كامِل، فسوفَ نتخلَّصُ من الخَوف. وعندما نفَهُم محبَّةَ المسيح، وخاصَّةً ماذا يعنيهِ أن نُحِبَّ اللهَ وأن نُحِبَّ أخانا، فسوفَ نفهَمُ أنَّ المحبَّةَ تطرُدُ الخوفَ إلى خارِج. نحنُ نخافُ أن نخسَرَ حياتَنا وكُلَّ ما لدينا. فإن كُنَّا نِحِبُّ اللهَ تماماً، نكُونُ قد سلَّمنا حياتنا أصلاً للهِ، ونكُونُ قد أعطيناهُ الكُلّ. فمِمَّ علينا أن نَخافَ عندها؟
ثُمَّ يُخبِرُنا يُوحنا (4: 20)، أنَّنا علينا أن نُحِبَّ بعضُنا بعضاً، لأنَّ المحبَّةَ العمُوديَّةَ للهِ والمحبَّةَ الأُفُقيَّةَ للأخّ لا ينفَصِلانِ. فالإنسانُ الذي يدَّعِي أنَّهُ يُحِبُّ اللهَ ولكنَّهُ يكرَهُ أخاهُ هُوَ كاذِبٌ. علينا أن نُحِبَّ بعضُنا بعضاً لأنَّ من يُحِبُّ اللهَ يُحِبُّ أخاهُ أيضاً.
السببُ العاشِرُ الذي لأجلِهِ علينا أن نُحِبَّ بعضُنا بعضاً هُوَ في شكلِ وصيَّة: "ولنا هذه الوصيَّة أنَّ من يُحِبُّ اللهَ يُحِبُّ أخاهُ أيضاً." بمعنى، السبب العاشِر الذي يُقدِّمُهُ يُوحنَّا لمحبَّتِنا لِبعضِنا البعض، ينبَغي أن يكُونَ السبب الوَحيد الذي يحتاجُ يُوحنَّا أن يُعطِيَنا إيَّاهُ: يسُوعُ أمرَ أن نُحِبَّ بعضُنا بعضاً.
في الإصحاحِ الخامِس، يُخبِرُنا يُوحنَّا أنَّ الإيمانَ هُوَ مِفتاحُ تأكيدِنا ويقينِنا، عندما يقُول: "الإيمانُ هُوَ الغلبة التي تغلِبُ العالم." فنحنُ نغلِبُ العالَمَ بإيمانِنا. وإن كانَ لدينا هذا الإيمانُ الغالِبُ، فهذا تثبيتٌ ليقينِنا.
في الإصحاحِ الخامِس، يُخبِرُنا يُوحنَّا أيضاً أنَّ هُناكَ في إختِبارِنا ثلاثَةُ شهاداتٍ تُعطينا يقيناً. عندما يُشيرُ يُوحنَّا إلى الماء، يعتَقِدُ البعضُ أنَّهُ يعني بذلكَ ماءَ المعمُوديَّة. فجوهَرُ المعمُوديَّة هو أنَّها تجعَلُ كونَ الإنسان تلميذاً بالسِّرِّ ليسُوع المسيح أمراً مُستحيلاً.
- عدد الزيارات: 6347