الفَصلُ الرابِع عشر رِسالَةُ يَهُوَّذا
في رِسالَةِ يهُوَّذا المُوحاة، نجِدُ سفراً بإصحاحٍ واحِد، يُشبِهُ إلى حدٍّ كبير الإصحاح الثاني من رسالة بطرُس الثانيَة. وينصَبُّ إهتِمامُ كاتِب هذه الرسالة القصيرة جداً على الهرطَقات أو التعاليم الكاذِبة. رَجُلٌ إسمُهُ يهُوّذا كتبَ هذه الرِّسالة. يستنتِجُ الدَّارِسُون أنَّ هذا الرَّجُل كانَ آخاً آخر للرَّبِّ يسُوع المسيح بالجسد.
يُخبِرُنا يهُوَّذا أنَّهُ خطَّطَ ليكتُبَ أُطرُوحَةً حولَ الخلاص، ولكنَّهُ غيَّرَ رأيَهُ لأنَّ بعضَ الأشخاص لم يكُونُوا يُعلِّمُونَ التعليمَ الصَّحيح. بل كانُوا يُعَلِّمُونَ أنَّهُ بما أنَّ اللهَ إلهٌ مُحِبّ، فهُوَ لن يسمَحَ بِتَأديبِ أولاده. لقد كانَ يهُوَّذا قَلِقاً على الأشخاص الذين بدُوا وكأنَّهُم ينحَرِفُونَ عن الإيمان، لأنَّهُم سمِعُوا وآمنُوا بِهذا التعليم.
ركَّزَ يهُوَّذا على الإصحاحِ الرَّابِع عشر من سفرِ العدد، حيثُ نقرَأُ أنَّ جيلاً كامِلاً من شعبِ اللهِ المُختار ماتُوا في البَرِّيَّة. إستمَرُّوا بالدَّوَرانِ في حلقاتٍ مُفرَغَةٍ لمُدَّةِ أربَعين سنَةً، لأنَّهُم لم يكُونوا يملِكُونَ الإيمان لدخُولِ كنعان. ولكنَّ اللهَ سمحَ بحالَتين إستثنائيَّتَين: كالِب ويشُوع، اللذانِ دخلا أرضَ كنعان، لأنَّهُما آمنا بالتمام وإتَّبَعا الرَّب.
ذكَّرَ يهُوَّذا المُعلِّمينَ الكَذَبَة بموتِ ذلكَ الجيل. لقد كان هؤُلاء المُعلِّمُونَ الكذَبَة يُخبِرُونَ الشعبَ أنَّهُ بإمكانِهم أن يتصرَّفُوا على هواهُم، وأنَّ اللهَ لن يعمَلَ شَيئاً حيالَ ذلكَ، وكأنَّهُ جَدٌّ عجُوزٌ. تُعلِّمُنا أسفارُ الكتابِ المقدَّس أنَّ هُناكَ وجهاً آخَر لِشخصيَّةِ الله المُحِبّ – وهوَ وجه الغضب والدينُونة – لأنَّ اللهَ هُوَ إلهٌ قُدُّوس.
مِثالٌ آخر قدَّمَهُ يهُوَّذا، وهُوَ عن الملائكة الساقِطين. كتبَ يهُوَّذا قائلاً أنَّ الملائكة الساقِطين وقعوا في حُفرَةٍ لا قعرَ لها. ولكنَّ اللهَ لم يقِف مكتُوفَ الأيدي ليتفرَّجَ على هؤلاء الملائكة الذين لم يعمَلُوا إرادَتَهُ، بدونِ أن يُحرِّكَ ساكِناً.
المثلُ الثالِث عن سدُوم وعمُورَة – أي كيفَ هلكت سدُوم وعمُورَة بالنارِ والكِبريت. شدَّدَ يهُوَّذا على دينُونَةِ اللهِ من خِلالِ هذه الأمثِلة التي يُشاركُها معَ هؤُلاء المُعلِّمين الكذَبَة والشعب الذي صدَّقَ أقوالَهُم. ولقد أخبَرَنا يهُوَّذا أنَّ هؤُلاء المُعلِّمين الكَذَبَة هُم مثل "أمواجُ بحرٍ هائجَةٌ مُزبِدَةٌ بِخِزيِهم." وهُم مثلُ "أشجارٌ خريفيَّةٌ بِلا ثمَر." وكذلكَ هُم يُشبِهُونَ "نُجُوماً تائِهة محفُوظٌ لها قتامُ الظلامِ إلى الأبد." إنَّ مَصٍيرَ النُّجوم التائِهة يُوازي مصير الملائكة الساقِطة. كانَ يهُوّذا شديدَ القَلَق على أُولئكَ الذين كانُوا فريسَةَ هذا التعليمِ الكاذِب. كتبَ يقُولُ أنَّهُ عَلَينا أن نسعى وراءَ أمثالِ هؤُلاء لإرجاعِهم. علينا أن ننتَشِلَهُم من النَّار، بدونِ أن نُحرِقَ أنفُسَنا.
يختُمُ يهُوَّذا رسالتَهُ ببعضِ التحريضات لأُولئكَ الذين كانَ يسعى لإرجاعِهم. كانت هذه تحريضاتٌ عمليَّة بسيطة عن كيفيَّةِ الثَّباتِ في الإيمان. تُعجِبُني تحريضاتُ يهُوَّذا حيثُ يقُولُ ما معناه: "تعلَّمُوا أن تُصلُّوا بِقُوَّةِ وسُلطَةِ الرُّوحِ القدُس." ثُمَّ، يُعجِبُني تحريضُهُ الآخر: "إحفَظُوا أنفُسَكُم دائماً في المجال الذي تستطيعُ محبَّةُ اللهِ أن تَصِلَكُم وتُبارِكَكُم."
لِعدَّةِ قُرُونٍ، إستَخدَمَ رُعاةُ الكنائِس هذه البَرَكة لختمِ إجتماعاتِهم: "والقادِرُ أن يحفَظَكُم غَيرَ عاثِرين ويُوقِفَكُم أمامَ مجدِهِ بِلا عَيبٍ في الإبتِهاج. الإلهُ الحَكيمُ الوَحيدُ مُخَلِّصُنا لهُ المجدُ والعَظَمَةُ والقُدرَةُ والسُّلطانُ الآنَ وإلى كُلِّ الدُّهُور آمين"(يهُوَّذا 24و25)
- عدد الزيارات: 2846