الفصلُ التاسِعُ رِسالَةُ بطرُس الأُولى - مقاطِع صعبَة من بطرُس
مقاطِع صعبَة من بطرُس
يختُمُ بطرُس رِسالتَهُ الثَّانِيَة بمُلاحظَةٍ تقُولُ أنَّ هُناكَ الكثير من الأُمُور التي كتبَها بُولُس الرَّسُول، والتي يصعُبُ فهمُها. أتصوَّرُ أن يكُونَ الرَّسُولُ بُولُس قد سألَ بطرُس عن بعضِ المقاطِع التي أوَدُّ أن أُعالِجَها الآن. أَبدَأُ بالنظَر إلى المقطَع الأكثر صُعُوبَةً في رِسالتَي بطرُس (1بطرُس 3: 17- 4: 2).
في مُجرَّدِ ثمانِيَةِ أعدادٍ فقط، أشارَ بطرُس إلى عشرة مواضيع أساسيَّة. أخبَرَنا أنَّهُ عندما ماتَ يسُوعُ من أجلِ خطايا العالم، رُغمَ أن جسدَهُ ماتَ، ولكنَّ رُوحَهُ كانت حَيَّةً، فذهبَ بالرُّوحِ وزارَ الأرواحَ التي في السجن وكرزَ لها – أرواحُ أولئكَ الذي رفضُوا أن يسمَعُوا إلى رِسالَةِ الإنجيل عندما أُتيحَت لهُم الفُرصَة، كما في أيَّامِ نُوح.
يبدُو أنَّهُ بعدَ موتِ المسيح على الصليب، وقبلَ صُعُودِهِ، قامَ بخِدمَةٍ في عالَمِ الرُّوح. بِحَسَبِ بطرُس، لقد قامَ المسيحُ بخدمَةِ تحريرٍ في عالَمِ الرُّوح. يَصِفُ هذا المقطَعُ أُمُوراً "تَشتَهي الملائكَةُ أن تطَّلِعَ عليها" بِحَسَبِ كلماتِ بطرُس، لهذا يصعُبُ الحسمُ فيها.
يقُولُ بطرُس الراعِي أنَّ نِهايَةَ كُلِّ شَيءٍ قدِ إقتَرَبَت، فعلى ضَوءِ هذا، أيُّ أُناسٍ ينبَغي أن يكُونوا. هُنا يُعطينا بطرُس مفاهِيمَ مُثيرَةً للإهتِمام حولَ المواهِبِ الرُّوحيَّة والخدمات التي تتوفَّرُ بواسِطَةِ هذه المواهِب.
بِحَسَبِ هذا الرسُول الرُّوحِي والعمَلِيّ للغايَة، مهما كانت موهِبتُكَ، فهذا يُحدِّدُ نمُوذَجَ خدمتِكَ. فإذا كانت موهِبَتُكَ هي الوعظ، عندها عِظْ. المَيلُ العام هُو أنَّكَ تُبَرهِنُ تواضُعَكَ برغبَتِكَ بأن تفعَلَ أيَّ شَيء. وهكذا فكُلُّ واحدٍ يُصبِحُ يفعَلُ كُلَّ شَيء. ولكن ليسَ هذا ما يُعلِّمُهُ الكتابُ المقدَّس. كُلُّ تعليمِ الكتاب حول المواهِبِ الرُّوحيَّة يُذكِّرُنا أنَّها مُتنوِّعَة وتُعطَى لِكُلِّ مُؤمِنٍ كما يَشاءُ الله. هذه المَواهِبُ تُعطَى من الرُّوحِ القُدُس لكَي تُمجِّدَ المسيح، ولتُشجِّعَ جسدَ المسيح. فأنتَ تخدُمُني من خِلالِ مواهِبِكَ الرُّوحِيَّة، وأنا أخدُمُكَ من خِلالِ مواهِبي الرُّوحيَّة.
إذ يُتابِعُ بُطرُس في العدد الرابِع، يُعطِي المزيدَ من النُّصح حولَ الألم. فإن كُنتَ تتألَّمُ، يقُولُ لكَ بطرُس مُجدَّداً، "لا تستَغرِبُوا البَلوى المُحرِقَة التي بينَكُم حادِثَة لأجلِ إمتِحانِكُم كأنَّهُ أصابَكُم أمرٌ غَريب." (1بطرُس 4: 12) نحنُ نظُنُّ أنَّ المشاكِلَ والآلام هَي دَخيلَةٌ على حياتِنا، وهي إضطراباتٌ وكوارِث ما كانَ يُفتَرَضُ بها أن تحدُثَ. ولا نستطيعُ أن نفهَمَ لماذا حدَثَت لنا. في مُعظَمِ أرجاءِ العالم، الناسُ هُم أكثرُ واقِعيَّةً. فهُم يعرِفُونَ أنَّ الألمَ هُوَ جزءٌ لا يتجزَّأُ من الحَياة. وبالحقيقة، الشيءُ الوحيدُ الذي يُميِّزُ بينَ شخصٍ وآخر هو ليسَ ما إذا كانُوا يتألَّمُونَ أم لا، بل كيفَ يتجاوبُونَ معَ الأَلَم.
أنتَ مسؤولٌ عن نفسَكَ. قد لا تكُونُ مسؤولاً عن كُلِّ الأشياء التي تحدُثُ لكَ، ولكنَّكَ مسؤولٌ عمَّا ستعمَلُ حيالَ مشاكِلِكَ، وعن الطريقة التي بها تتجاوَبُ معَها.
جَميعُنا لدينا عواصِفُ في حياتِنا، ولكنَّنا أيضاً لدينا نعمة وقُوَّة الله لكي نتجاوزها. أعطانا اللهُ كلمتَهُ، التي تُشكِّلُ نظامَ إيمانِنا. فعندما نُمرِّرُ عواصِفَنا من خِلالِ نظامِ إيمانِنا، من خِلالِ كلمةِ الله، يستطيعُ اللهُ أن يمنحنا الحكمةَ لنتحمَّلَ هذه المشاكِل. وبإمكانِهِ أيضاً أن يعُطيَنا النِّعمة لنُطبِّقَ هذه الحِكمة. هذا يُؤدِّي إلى ما يُسمِّيهِ بطرُس "شهادتُنا." فاللهُ يسمَحُ بالعواصِف لأنَّ اللهَ يُريدُنا أن نكُونَ شُهودَاً لهُ. بإمكانِنا أن نكُونَ شُهُوداً جَيِّدين، أو بإمكانِنا أن نكُونَ شُهُوداً ضُعفاء، ولكنَّنا جميعنا شُهُود.
بالنسبَةِ للتَّابعِ الأمين للمسيح، الألمُ هُوَ دَعوة. فلقد أخذتَ أنتَ الخلاص لأنَّ أحدَهُم تألَّمَ. وأنتَ دُعيتَ لتقتَفِيَ آثارَ خُطواتِه. لقد إتَّحدتَ معَهُ – كشَريكٍ في آلامِه. يقُولُ البعضُ أنَّ اللهَ لا يُريدُ أن يتألَّمَ شعبُهُ. ولكن هُنا، يقُولُ بطرُس صراحَةً أنَّهُ أحياناً تكُونُ إرادَةُ اللهِ ودعوتُنا كذلكَ أن نتألَّمَ. (1بطرُس 4: 19)
- عدد الزيارات: 11342